
انطلاق النسخة الثانية من مبادرة بلد الفن 2025 في جدة التاريخية
تحت شعار "حكايا في ذاكرة المكان"، أطلقت وزارة الثقافة، فعاليات النسخة الثانية من مبادرة "بلد الفن"، التي تتضمن سلسلة من المعارض الفنية المقامة في منطقة جدة التاريخية، وتستمر حتى 15 يونيو المقبل.
وتقدم تلك المبادرة تجربة فنية متكاملة تستكشف علاقة المكان بالذاكرة، وتُعيد تقديم التراث المحلي من خلال أنماط بصرية معاصرة تستحضر القصص اليومية التي شكّلت هوية المنطقة عبر العصور.
مبادرة "بلد الفن"
ويتضمن برنامج فعاليات"بلد الفن" في نسخته الثانية معرضًا تذكاريًا للفنان الراحل هشام بنجابي، تحت عنوان "ذاكرة المدينة، والناس، والوطن"، يُقام في "نصيف بوتيك"، ويحتفي بإرثه الفني من خلال عرض أرشيفات صوتية وبصرية ومقتنيات خاصة تُعرض لأول مرة، توثّق مسيرته الفنية وعلاقته بجدة كمدينة وذاكرة.
كما سيشهد "نصيف بوتيك" إقامة معرض تذكاري للفنانة الراحلة صفية بن زقر يتناول تاريخ المنطقة عبر صور وأرشيفات ومقتنيات تسلّط الضوء على الذاكرة الاجتماعية والمعمارية لجدة.
وتضم الفعاليات أيضًا معرضًا فوتوغرافيًا بعنوان "نسيج زمني" في بيت برغوتة، يُسلّط الضوء على الحِرف والذاكرة البصرية، إلى جانب معرض تجريبي للحرف اليدوية والخط العربي بأساليب تفاعلية معاصرة، يُقام في بيت فاطمة نوارة، بالإضافة إلى معرض الإقامة الفنية بعنوان "سرديات الحِرفة" في بيت شعيب.
معارض متنوعة من قلب جدة التاريخية
تنوّع المعارض في فعاليات مبادرة "بلد الفن" يعكس توجهًا إبداعيًا جديدًا لسرد الحكاية المحلية من قلب جدة التاريخية ، من خلال تقاطع المواد الأرشيفية، والأعمال التركيبية، والصور المعاصرة داخل فضاءات تستجيب لهوية المكان وتستدعي تاريخه بوصفه مصدر إلهام حيّ.
وقد صُممت تلك المعارض بأسلوب يتيح للزوار استكشاف الأعمال الفنية عبر مسارات متعددة داخل المنطقة، مما يمنح كل تجربة طابعًا شخصيًا قائمًا على التفاعل البصري والانغماس في السرد المكاني.
التقاء بين الموروث الشفهي والتعبيرات الإبداعية المعاصرة
ويبرز شعار "حكايا في ذاكرة المكان"، الطابع السردي لتجارب أهالي جدة التاريخية، ويستحضر القصص المتوارثة بوصفها مكونات أساسية للهوية الثقافية للمنطقة، في التقاء بين الموروث الشفهي والتعبيرات الإبداعية المعاصرة.
جدير بالذكر أن مبادرة "بلد الفن" تأتي ضمن جهود وزارة الثقافة لإعادة إحياء جدة التاريخية كمركز للإنتاج الثقافي، وتعزيز التفاعل المجتمعي مع الإرث المعماري والإنساني للمنطقة، إلى جانب تحفيز الإبداع وتنمية الاقتصاد الثقافي المحلي من خلال دعم المواهب وتوفير منصات عرض مستدامة داخل النطاق التاريخي، بما يحقق مستهدفات رؤية 2030 في ترسيخ مكانة المملكة على خارطة الثقافة العالمية، وتطوير منصات ثقافية متجددة داخل مواقعها التراثية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة سيدتي
منذ ساعة واحدة
- مجلة سيدتي
من الرياض: الشيف دانيال بولود يوجه رسالة حب لروح والده جوليان
قصص النجاح تحتاج دوماً لمصدر إلهام ، وبالنسبة لدانيال بولود، أحد أشهر الطهاة في العالم، كان والده "جوليان" دوماً ملهماً له، وحمله في قلبه حتى بعد سنوات من وفاته؛ ليخلد ذكراه اليوم بمشروع جديد يحمل اسمه، في قلب العاصمة السعودية الرياض، النابضة بالحياة كما وصفها بولود. الشيف الفرنسي الذي بدأت رحلته مع الطهي منذ كان في الرابعة عشرة من عمره، حمل إرث أسرته العريق، وجال العالم بإبداعاته؛ ليصبح اليوم مالكاً لأكثر من 22 مطعماً في أكبر المدن العالمية. ومع ذلك يؤكد أن طبقه المفضل لم يتم صنعه بعدُ. «سيدتي» التقت الشيف دانيال بولود ، خلال تواجده في الرياض لمتابعة تحضيرات إطلاق ركن "جوليان" الخاص، تحت سقف كافيه بولود في فندق الفورسيزونز. جوهرة في قلب الرياض باعتزاز وسعادة غامرة، رحّب بنا دانيال بولود في "جوليان"، واصفاً إياه بأنه "جوهرة" مختبئة في قلب العاصمة السعودية، ويتاح للجميع اكتشافها قريباً. هذه "الجوهرة" هي الأولى من نوعها ضمن مشاريع الشيف الكثيرة، وأتت فكرتها من دون تخطيط مسبق؛ حيث إن المساحة التي تقام فيها داخل كافيه بولود كان مخططاً أن تكون مجرد غرفة خاصة أو مساحة للاستقبال. ويقول الشيف: "في لحظة ما ونحن نجهز المكان ونضع التصميم، وجدنا أنه سيكون مكاناً مثالياً لتجرِبة طعام فريدة من نوعها، إنه مطعم داخل مطعم داخل فندق، وهو تجرِبة حصرية؛ بحيث يتسع فقط لعشرة أشخاص، ويقدم قائمة طعام وعصائر مميزة جداً. ولأنه مميز، كان لا بد له من اسم مميز؛ لذلك اخترنا اسم جوليان، على اسم والدي، الرجل الذي يعشق الطعام الجيد، وكذلك اسم ولدي أيضاً". ويحز في نفس دانيال أنه لم تكن لديه الفرصة لإخبار والده عن هذا المشروع قبل وفاته؛ لأن الفكرة لم تكن قد تبلورت بعدُ، لكنه يعبّر عن سعادته لتمكن والده من عيش حياة طويلة، وأنه كان لديه الوقت للتواجد بقربه وعيش أجمل اللحظات معه. ويشير الشيف هنا إلى أن كافيه بولود كانت موجودة في 1890 أو 1895، لكن تم إغلاقها في الستينيات من القرن الماضي (1960)، وأضاف: "والدي وقبله جدي، نشآ في أرجائها؛ لذا أردت أن أعيد إحياءها وافتتحت كافيه بولود وباتت لها فروع مختلفة في العالم، وكل فرع منها له قائمة الطعام الخاصة به، والتي تناسب المجتمع المحلي، وكذلك في مطاعمي الأخرى. أما جوليان فهو القصة الجديدة التي أكتبها كرسالة حب لذكرى والدي". تحوُّل مبهر في السعودية معلومة جديدة شاركنا بها الشيف دانيال بولود عن بداياته؛ إذ إنه في بداية مسيرته، عمل لمدة خمسة أشهر كطاهٍ لدى عائلة سعودية مقيمة في جنوب فرنسا. وعن ذلك قال لنا: "اكتشفت حينها بالطبع القهوة السعودية التي كنت أعدّها يومياً للعائلة، بالإضافة إلى العديد من النكهات التي كان يقدمها طاهيهم الخاص السعودي، وقد تعلمت من الطاهي السعودي بعض الأطباق، أما أنا فمهمتي كانت أن أطهو أطباقاً أوروبية وفرنسية بشكل خاص". عند سؤالنا للشيف عن اختيار الرياض كمحطة أولى لهذه التجرِبة، أكد لنا أنه منبهر بما يحدث فيها، وقال: "أنا أعرف الرياض منذ زمن، كنت هنا قبل ثلاث سنوات، ولطالما كنت منبهراً بما يحدث هنا، والتطور الذي تشهده المملكة العربية السعودية وما يحدث في الرياض بالطبع". وأضاف: "لذا أنا فخور بوجودي هنا، وفخور جداً بعملي مع فورسيزونز؛ لأنه بالتأكيد واحد من أفضل الفنادق في العالم، إن لم يكن الأفضل، وفورسيزونز الرياض مكان مميز جداً في برج المملكة الشهير، وأعتقد أنهم كانوا أول من تواجدوا هنا كعلامة تجارية عالمية؛ لذا يُعَد مقهى بولود في فورسيزونز الوجهة المثالية لزوار الرياض". وبعد هذا الحديث، كان لا بد أن نسأل الشيف عن رأيه بالمطبخ السعودي؛ فقال: "أعرف المطبخ السعودي جيداً، بالأمس تناولتُ لحم الضأن مع الأرز، لا أعرف اسمه بالتحديد في السعودية، البعض قالوا لي إن اسمه "قوزي"، كان طبقاً كبيراً من لحم الضأن الشهي المطبوخ مع الأرز وبعض التوابل، وعادةً ما يتم تقديمه في المناسبات، وكان لذيذاً جداً. كذلك كنت بضيافة عائلةٍ قدّمت لي الطعام السعودي، وهناك بعض الأطباق حلوة المذاق؛ فهم يحبون الحلويات".وأوضح الشيف بولود أنه مهتم بالتعرُّف إلى ثقافة المملكة، وأنه يحاول خلال زياراته إليها فهم السوق فيها بشكل أفضل؛ فقال: "ذهبتُ إلى السوق هنا في الرياض، وحاولتُ الاطلاع على جميع المكونات الموجودة هناك، سواء في السوق أو في المحال التجارية أو في المطاعم المختلفة، وهذه إحدى الطرق للتعرُّف إلى الثقافة؛ أيْ عبْر الذهاب إلى المطاعم المحلية والتحدث مع الضيف أو الزبون". وتابع: "كذلك فإن الشعب السعودي يسافر كثيراً، ويزور أمريكا وأوروبا فرنسا وبريطانيا؛ لذا أعتقد أنه من الرائع أن نأتي نحن أيضاً إلى هنا، وأن نُعرّفهم قليلاً على بلادنا. بالنسبة لي، ما أقدمه في مقهى بولود، هو لمسات من فرنسا، ولمسات من أمريكا، تتجسد في تجرِبة فريدة في مطعم في الرياض". أدرك دانيال بولود شغفه بإعداد الطعام منذ سن مبكر؛ أيْ خلال فترة المراهقة؛ حيث بدأ يتدرب في بلدته في مطعمين في الوقت ذاته وفي موقعين مختلفين؛ فكان يذهب لعمله ويعود بالحافلة. وتوالت نجاحاته بعدها ليصبح اليوم مؤسساً ومالكاً للعديد من المطاعم الفاخرة. وبصفته أحد أشهر الطهاة في العالم، ومن الحائزين على جوائز عالمية، منها مثلاً جائزة أفضل صاحب مطعم، سألنا الشيف حول مَن هو أفضل شيف في العالم؛ فأشار إلى أن: "هناك مجموعة كبيرة من الطهاة وليس طاهياً واحداً فقط، وكلّ طاهٍ يتميز في نطاق إبداعاته، لكن هناك بعض الطهاة الأذكياء، والذين باتت لديهم سلسلة مطاعم خاصة ويتوسعون بشكل كبير". ومازحنا الشيف هنا بالسؤال عن المنافسة بينه وبين زوجته على المطبخ؛ فقال: "زوجتي لا تغار أبداً من تواجدي في المطبخ، وهي سعيدة أنني أطهو لها كلّ هذا الطعام الرائع، فيما يمكنها التفرغ للاهتمام بالأطفال والاستمتاع بالسفر". وعن نصيحته للطهاة الصاعدين، أشار بولود: "أنا متأكد من أن العديد من الشباب في السعودية اليوم يحلمون بأن يصبحوا طهاة يوماً ما، وأعتقد أن أول ما يجب عليهم فعله هو الالتحاق بمدرسة جيدة، ثم إيجاد مرشد جيد للعمل معه؛ ليعلمهم أساسيات الضيافة وعمل المطاعم، وأهمية الاهتمام بالمكونات، والاهتمام بالموظفين، والاهتمام بالفريق، والاهتمام بالمعدات، والاهتمام بكلّ شيء". وختم بالقول: "كما تعلمون، الطهي رحلة مذهلة، ويمكنك السفر حول العالم والطهي في أيّ مكان، ولكن إذا كنت ستبقى في بلدك؛ فحاول أن تسعى لتكون من بين الأفضل، وأن تمثل مطبخك بأفضل طريقة ممكنة". مخاطبة الحواس خلال استضافة إعلامية خاصة للإحاطة بهذه التجرِبة الجديدة، أخذنا الشيف دانيال وفريق الطهاة في "جوليان" في رحلة غامرة تحاكي كافة الأحاسيس، تعرّفنا فيها على الطعام الفرنسي بطريقة مختلفة؛ إذ تمازجت المكونات الآتية من مدينة ليون الفرنسية، مع مكونات عالمية مختلفة، ومكونات محلية كتمور المدينة المنورة، ولحم الحمام والخضار والتوابل المحلية، وتكامل المذاق مع طرق التقديم المبتكرة في أوعية زجاجية مضاءة وأطباق تقديم مميزة، وأوانٍ ذهبية برّاقة. الشيف بولود حدّثنا عن قائمته المميزة التي ابتكرها مع فريق الطهي الخاص بالمطعم والذي يقوده الشيف تييري، وقال: "تبدأ الفقرة الأولى بثلاث لقيمات صغيرة: واحدة بالفطر، وأخرى مع السلمون وصلصة الجاجيك (Tzatziki)، وأخرى بنكهة جبن البوراتا مع الخبز والفجل المقرمش، تماماً كما في ليون؛ حيث نقدّم الفجل مع الفاصوليا الطازجة، ثم ننتقل بعدها إلى تجرِبة الكافيار والكركند وزهرة القنطريون العنبري، وهي عبارة عن طبق مقبلات رائع ولافت للنظر في وعاء زجاجي مميز، ثم سمك الهاماتشي "الذيل الأصفر" مع الشمندر والفجل والملفوف الأحمر، مع قليل من الخل، لإكمال سلسلة المذاق". وتابع تعداد الأطباق قائلاً: "هذا كان الطبق الثاني، يليه رافيولي بالأعشاب الصغيرة وجبنة الريكوتا، ويُقدّم مع صلصة الشرمولة والقليل من الخضار، ثم يأتي طبق سمك الدوفر سول مع الكوسا والجرجير، يليه السكواب (الزغاليل/ صغار الحمام) المحلية المشوية مع إكليل الجبل، ويُقدّم مع تمور المدينة المنورة، ثم نختتم الطبق باللحم البقري المشوي على الفحم، مع فطر الغوشنة (الموريل) والحمص المقلي، ونكمل القائمة بالآيس كريم بجبن سانت مارسيلين، التي تأتي من منطقتي في ليون بفرنسا مع مربى الزبيب المجفف. وبعد ذلك، نقدّم الميرانج المحشو بالمانجا والباشن فروت، وكريمة فاشران مزينة بالباشن فروت. في الختام، ستكون هناك نكهات مكثفة من الشوكولاتة، ولا ننسى كعكة مادلين طبعاً". وخلال الأمسية الإعلامية كانت هناك لمسة جميلة من الشيف الفرنسي الذي لم يرضَ أن يستثنى أحداً من الحضور من عيش تلك التجرِبة الغامرة؛ فكان أن تم تخصيص بعض الأطباق البديلة التي تناسب أنظمة غذائية مختلفة للحضور؛ فكانت هناك أطباق نباتية عديدة للأشخاص النباتيين، وأطباق خالية من مسببات الحساسية لمن يعانون من هذا الأمر. ولكن لم يؤكد الشيف إذا ما كانت هذه الأطباق ستكون حاضرة لاحقاً بعد الافتتاح الرسمي، أم سيتم الالتزام فقط بالقائمة الرئيسية التي ستكون معلومة وواضحة للجميع. تعرفوا أكثر على الشيف دانيال بولود: نشأ الشيف بولود في مزرعة عائلته في سان بيير دي شانديو، وهي قرية صغيرة ليست بعيدة عن ليون، وكان غارقاً في تقاليد الطهي الفرنسية وعجائب المكونات الطازجة منذ سن مبكر. في سن الخامسة عشرة، التحق بأول تدريب له في مطعم الشيف جيرارد ناندرون الحائز على نجمتي ميشلان، والذي يحمل نفس اسمه في ليون، وفي سن السابعة عشرة تم تكريمه كأحد المرشحين النهائيين لأفضل متدرب في الطهي في فرنسا. منذ وصوله إلى نيويورك عام 1982، أثبت الشيف بولود نفسه كواحد من أبرز خبراء الطهي في أمريكا. بعد عمله كطاهٍ تنفيذي في مطعم لو سيرك الشهير في مدينة نيويورك، بدأ الشيف بولود في إبهار الأذواق في الجانب الشرقي العلوي من مانهاتن بمفرده، بافتتاح مطعمه الرائد دانيال الحائز على نجمتي ميشلان عام 1993، ثم افتتاح مقهى بولود نيويورك عام 1998. يمتلك كافيه بولود حالياً مواقع في بالم بيتش وتورنتو وجزر الباهاما، بالإضافة إلى نيويورك.


مجلة سيدتي
منذ ساعة واحدة
- مجلة سيدتي
ماريه قليجخاني: حيث تتقاطع الذاكرة بالحرفة والروح بالفن في تصميم المجوهرات
في عالم المجوهرات ؛ حيث تتحدث الأحجار بلغتها الخاصة، تبرز المصممة ماريه قليجخاني Mariyeh Ghelichkhani كصوت فني متفرّد، يجمع بين الحنين، التأمل، والابتكار. لم تكن رحلتها نحو صياغة الذهب مجرد مسار مهني، بل كانت استعادة لحوار صامت مع والدها الراحل، صائغ الذهب وصاحب الأثر الأعمق في تكوين رؤيتها. من ورش الطفولة التي غمرتها رائحة المعادن، إلى المزادات التي كشفت لها أسرار الجمال النادر، تشكّلت ذائقتها البصرية، وتبلورت علاقة خاصة مع الأحجار التي لا تختارها فقط كخامات، بل كرفاق رحلات روحية وفنية. سافرت بين مدن وثقافات، وتوغلت في فلسفات الحياة والطبيعة، حتى صارت تصاميمها مرآة لعوالم داخلية. تأمل، يوجا، ذكريات عائلية، وحديث خفي مع الكون – كل هذا يتجلى في قطعها التي تتجاوز كونها زينة؛ لتصبح رموزاً وتحولات. في هذا اللقاء، نغوص مع ماريه Mariyeh في عمق الإلهام، مراحل الخلق، وما وراء بريق المعادن؛ لنكتشف كيف تصوغ الجمال من الذاكرة، وتحوّل التجربة إلى فن يلامس الروح. إرث والدك يبدو أن له تأثيراً عميقاً.. كيف يستمر حضوره في توجيه مسيرتك الإبداعية اليوم؟ يستمر إرث والدي في التأثير بشكل كبير على عملي الإبداعي. كان يولي أهمية كبيرة للحرفية والدقة، وهذه المبادئ أصبحت ركائز في عملي. القيم التي تعلمتها إلى جانبه تشكّل أساساً متيناً لكل ما أصممه، وتدفعني إلى تكريم ذكراه من خلال جودة وإبداع تصاميمي. وجوده لا يزال مصدر إلهام دائماً، يشجعني على التمسك بالمستوى العالي الذي مثّله طوال حياته. نشأتِ محاطة بالأحجار النادرة والمجوهرات العتيقة، ما أول قطعة وقعت في حبها ولماذا؟ أتذكر أن والدي اشترى خاتماً رائعاً من مزاد في "كريستيز" أو "سوذبيز" كان يضم ماسة باغيت كبيرة، تزن حوالي 15 قيراطاً أو أكثر، مرصعة في إطار مستطيل بارز على جانب من خاتم مربع الشكل. سحرني تفرّد هذا الخاتم؛ إذ كان مختلفاً تماماً عن الألماس الدائري التقليدي الذي اعتدت رؤيته. شكله الفريد ترك في نفسي أثراً دائماً، وأدركت لاحقاً أنه أثّر كثيراً في ذوقي. أصبحت أميل بشكل خاص إلى أشكال الباغيت، الزمرد، والوسادة أي شكل يعيدني إلى ذلك الانطباع الأول من طفولتي. عشتِ في مدن ذات ثقافات غنية.. كيف أثّرت هذه التجارب العالمية على جمالية وفلسفة تصاميمك؟ أثرت تلك التجارب الثقافية المتنوعة بشكل كبير على رؤيتي الفنية؛ إذ أطلعتني على مجموعة واسعة من الأساليب و التقاليد. هذا التنوع ألهمني بإدماج تأثيرات متعددة في عملي، مما يعزز الابتكار والإبداع. ويتجلى هذا الانعكاس في الأسلوب التجريدي الذي يطغى على العديد من تصاميمي؛ حيث أستخدمه لاستكشاف مفاهيم ومشاعر تتجاوز التصميم التقليدي، وتثري رحلتي الفنية. بدأتِ رحلتك في صياغة الذهب كوسيلة لإعادة التواصل مع والدك الراحل. ما اللحظة الأكثر تأثيراً في هذا المسار؟ إحدى اللحظات العاطفية العميقة كانت عندما قمت بإذابة قطعة من النحاس لصنع سلك، هذا الفعل أعاد إليّ ذكريات حية لما امتصصته دون وعي في ورشة والدي. بدأت أتذكر المصطلحات التقنية وأساليب تثبيت الأحجار ، وكأن كل خطوة كنت أقوم بها تحمل معنى خاصاً، تُعيد إليّ شعور الترابط مع والدي وإرثه، وتؤكد لي مدى حضوره المستمر في عملي حتى اليوم. تستلهمين من الطبيعة والروحانيات في العديد من تصاميمك كيف تؤثر ممارسات مثل اليوغا والتأمل على قطعك؟ كل تصاميمي مستوحاة من الحياة ذاتها من كل ما يحيط بنا. نميل إلى اعتبار الفن موهبة فطرية فقط، لكنني وجدت أن اليقظة الذهنية، التأمل، والتركيز يمكن أن تلعب دوراً محورياً في تنشيط وتناغم طاقاتنا ومواهبنا الداخلية. على مر السنوات، طورت قدرتي على التخيل، مما ساعدني على تصور التصاميم بوضوح قبل تحويلها إلى رسومات على الورق. خاتم "Hayat" مثلاً وُلد من سنوات من التصور، مستوحى من ذكرى حوض ماء في منزل والدي الصيفي. وعندما رأيت حجر أكوامارين غير منتظم الشكل، انكشفت إمكانيته أمامي فوراً. قلادة "Cosmos" نشأت من تجربة تأمل عميقة، رغبت خلالها في تجسيد التفاصيل الدقيقة لكوننا الواسع. تصميم "Serpent's Embrace" يصوّر برعم وردة يتفتح ليصبح أفعى، ويجسد هذا التحول الرحلة الروحية التي يخوضها كل إنسان. رأس الأفعى يعكس هشاشة الزهرة، ما يرمز إلى التوازن الدقيق بين القوة والحكمة والمرونة التي تتمتع بها المرأة، كما أحرص في كل تصميم على دمج الرمزية، الصورة، والمعنى العميق. ما مراحل عملية التصميم من الفكرة وحتى الإنجاز، خاصة عندما تعملين مع أحجار لها معنى خاص؟ عادة ما تبدأ تصاميمي بالأحجار نفسها. ألوانها وجمالها الطبيعي يوجّهان الإلهام. "الحجر هو الرسالة"، وكل حجر يحمل تصميمه في داخله. أنقل هذه الرؤية إلى رسومات أولية، ثم أبدأ بتطوير الفكرة خلال مراحل متعددة، إلى أن تتحول إلى قطعة ملموسة. تشمل العملية عدة خطوات مثل البرد، والتثبيت، والتلميع، حسب متطلبات كل تصميم. بعض الأحجار تتطلب حرصاً خاصاً أثناء التثبيت، ومن المهم أن تتكامل بشكل مثالي مع التصميم من حيث الجمال والوظيفة. كل خطوة تُخطط بعناية لإبراز تفرد الحجر، مع الحفاظ على سلامة التصميم وجودته. يُقال إن مجوهراتك تتحدى الحدود التقليدية.. كيف توازنين بين الحرفية التقليدية والرغبة في الابتكار؟ أعمل دائماً على تحقيق توازن بين الحرفية التقليدية والرغبة في التجديد. أقدّر التقنيات التقليدية بعمق، وأراها جزءاً لا يتجزأ من إرثي، لكنني في الوقت ذاته أتبنى الابتكار لأعبّر عن رؤيتي الخاصة. أدمج الأساليب القديمة بالعناصر المعاصرة، لإنتاج قطع تكرّم الماضي وتواكب المستقبل في آنٍ واحد. عندما يرتدي أحدهم قطعة من مجوهراتك، ما الذي تأملين أن يشعر به أو يختبره؟ آمل أن يشعر الشخص الذي يرتدي إحدى قطعي بارتباط حقيقي مع القطعة نفسها، ومع ذاته، ومع رحلته الخاصة. أطمح لأن تثير مجوهراتي مشاعر صادقة، وتلامس جمال التجارب الفردية، وتنشر التوازن والبهجة والتناغم في نفس مرتديها. ما خططك المستقبلية؟ أطمح إلى الاستمرار في تطوير مهارتي، واستكشاف خامات وأساليب جديدة. أتصور توسيع علامتي التجارية ، مع الحفاظ على صدقي الفني وتوسيع نطاق التعبير الإبداعي الخاص بي. تابعي أيضاً: منى بن برّاده.. مزيج فريد من التراث الإماراتي والابتكار العصري


الشرق الأوسط
منذ 4 ساعات
- الشرق الأوسط
سليم سحاب لاستعادة تراث فرقة رضا والفن الشعبي في مصر
يعيد المايسترو سليم سحاب تسجيل الموسيقى التراثية لفرقة رضا للفنون الشعبية، والفرقة القومية للفنون الشعبية، خلال الأيام المقبلة، عبر قيادة أوركسترا موسيقى متكامل، مهمته إعادة تسجيل الموسيقى القديمة المستخدمة في عروض الفرقتين. وخلال لقائه مع وزير الثقافة المصري، أحمد فؤاد هنو، جرى بحث عدد من المشروعات الموسيقية والغنائية التي تستهدف اكتشاف وتدريب المواهب الشابة، والحفاظ على التراث المصري، مع تطوير العروض الموسيقية والاستعراضية التي يتم تقديمها عبر عدة جهات تابعة للوزارة، من بينها «دار الأوبرا المصرية»، وفق بيان للوزارة، الخميس. ويتولى سليم سحاب مسؤولية إعادة تسجيل الأرشيف الموسيقي الخاص بالفرقتين في إطار استراتيجية الوزارة لإحياء الفنون التراثية وتطوير العروض الموسيقية والاستعراضية، مع الاتفاق على تقديم عدد من عروض المسرح الغنائي على مسارح الأوبرا، ضمن خطة تستهدف تقديم «محتوى فني راق يعزز الذائقة العامة»، وفق بيان الوزارة. وُلد سليم سحاب في فلسطين عام 1941، وعاش فيها حتى عمر 5 سنوات، ثم اتجهت أسرته إلى وطنها الأصلي لبنان، وبدأ حياته الموسيقية في لبنان باحثاً وكاتباً، ثم أسس عام 1980 الفرقة اللبنانية للموسيقى العربية، وسافر إلى مصر عام 1988 وأسس الفرقة القومية العربية للموسيقى عام 1989 ثم كورال أطفال الأوبرا وكورال مصر، وهو يحمل الجنسيتين اللبنانية والمصرية. وزير الثقافة بعد لقاء سليم سحاب (وزارة الثقافة المصرية) من جانبها، أكدت مديرة فرقة رضا للفنون الشعبية الدكتورة إيناس عبد العزيز، أن «الخطوات الأولى بدأت بالفعل، وأن العمل على تسجيل الموسيقى القديمة الخاصة بالفرقة سيتم باستخدام فرقة أوركسترا كاملة تحت إشراف سليم سحاب»، وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الخطوة ستسمح بتحقيق مستوى أعلى من الجودة الموسيقية، بما ينعكس على أداء الراقصين والراقصات، خصوصاً في ظل سعي الفرقة إلى تطوير عروضها دون الإخلال بطابعها المميز». وأوضحت إيناس أن «خطة التطوير تشمل استقبال عناصر جديدة من الراقصين، وتدريبهم ضمن برنامج مكثف يهدف إلى إعداد جيل جديد قادر على الحفاظ على مستوى الأداء المطلوب، مع التجديد في أساليب العرض والحركة»، لافتة إلى أن «تلك الخطوات ستبدأ خلال أيام، وأن التسجيلات الموسيقية ستتم في أقرب وقت، ضمن جدول زمني يجري العمل على إعداده». وتُعد «فرقة رضا» من أهم الفرق الاستعراضية العربية وأشهرها، وتخصّصت في تقديم الرقصات والتابلوهات والأغاني الشعبية منذ تأسيها عام على يد الأخوين علي رضا ومحمود رضا، اللذين كانا السبب في اكتشاف كثير من المواهب الفنية، وسبق أن نظّمت وزارة الثقافة المصرية في عام 2019 احتفالية ممتدة على مدى أسبوع بمناسبة مرور 60 عاماً على تأسيس الفرقة. جانب من عرض سابق لفرقة رضا (وزارة الثقافة) ورأى أستاذ النقد الموسيقي بأكاديمية الفنون، الدكتور أشرف عبد الرحمن، أن «هذه الخطوة تأخرت كثيراً لوجود العديد من الألحان الموسيقية القديمة التي لم تعد صالحة لتقديم رقصات عليها أو استخدامها في العروض التي تقدم، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي الكبير في الآلات الموسيقية بما سيضع المتفرج والمستمع للتراث الشعبي في أجواء مختلفة». وأضاف عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن «تراث الفرقتين الموسيقي كبير جداً ويزخر بالعديد من الألحان التي ربما لم تعد تقدم في الوقت الحالي، مع تراجع الزخم الذي صاحب فرقة رضا وعروضها في الخارج أو بالعروض المشتركة التي كانت تقدمها بشكل مكثف في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي». وقدّمت الفرقة على مدى تاريخها آلاف العروض الفنية والحفلات في مصر والعديد من المسارح العالمية في دول أجنبية. لكن مديرة الفرقة تؤكد استمرارهم في العمل على تقديم تجارب مختلفة، ومن بينها عرض سيجري تقديمه بعد عطلة عيد الأضحى على خشبة المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية، وهو عرض مشترك بين فرقة رضا وفرقة فنون شعبية من روسيا.