
الصين توجه طلابها نحو التعليم المهني لملء شواغر المصانع
يتخرج كل صيف ملايين الشباب الصينيين من شبكة واسعة من الجامعات المحلية التي تقدّم برامج تعليمية تمتد لأربع سنوات. لكن في السنوات الأخيرة، بات كثير من هؤلاء الخريجين يواجهون صعوبات في العثور على وظائف تتناسب مع مؤهلاتهم، ما دفع بعضهم للعمل في مجالات مثل توصيل الطلبات أو البث المباشر عبر الإنترنت، بل إن بعضهم عاد للعيش مع ذويهم الذين يدفعون لهم مقابل أداء أعمال منزلية، وكأنما تحولت البنوّة إلى "وظيفة".
في المقابل، لا تزال ملايين الوظائف شاغرة في قطاعات حيوية مثل التصنيع، وتقنية المعلومات، والرعاية الصحية، في ظلّ نقص في الكفاءات المؤهلة. وقال دان وانغ، مدير مكتب مجموعة "أوراسيا" في الصين: "يمكن أتمتة الوظائف التصنيعية البسيطة، لكن هناك نقصاً حاداً في العمال المهرة القادرين على برمجة الأكواد أو تشغيل الآلات".
نقص في العمالة المهنية الماهرة
أمام هذا الاختلال في سوق العمل، يدعو مسؤولون صينيون، في مقدمتهم الرئيس شي جين بينغ، الشباب إلى إعادة النظر في المسار الأكاديمي التقليدي، والاتجاه بدلاً من ذلك إلى الكليات المهنية التي تستغرق الدراسة فيها ثلاث سنوات، ويكتسب خلالها الطلاب مهارات عملية تؤهلهم للعمل في مجالات مثل تشغيل الآلات، والهندسة الروبوتية، والتمريض، إضافة إلى مجموعة واسعة من الوظائف الفنية الأخرى.
وتزداد حاجة شي إلى قوى عاملة ماهرة قادرة على تشغيل المصانع، في وقت يتنامى فيه الاستياء الشعبي مع ارتفاع معدل بطالة الشباب إلى واحد من كل ستة، بحسب الإحصاءات الأخيرة. ووفقاً لموقع التوظيف "جاوبين" (Zhaopin)، لم يحصل سوى 45% من خريجي الجامعات في عام 2024 على عروض عمل بحلول أبريل، وهو الموعد الذي تنتهي فيه عادة حملات التوظيف الجامعية. في المقابل، بلغت نسبة التوظيف بين خريجي الكليات المهنية 57%، إذ ترتبط هذه المؤسسات غالباً بشراكات مع شركات تتيح برامج تدريب وفرص توظيف مباشرة.
ويرى كالفن لام، المحلل في "بانثيون ماكرو ايكونوميكس" (Pantheon Macroeconomics) أن "هناك فجوة هيكلية بين سوق العمل والنظام التعليمي... والخريجون الجدد لا يرغبون في العودة إلى المصانع".
وصمة اجتماعية
يخضع طلاب الصف التاسع في الصين لامتحان حاسم يحدد مسارهم التعليمي، إما أكاديمي يُهيّئ لاختبارات القبول الجامعي، أو مهني يُركّز على التدريب العملي تمهيداً للالتحاق بالكليات المهنية.
وفي إطار مساعيها لتعزيز مكانة التعليم المهني، شددت الحكومة الصينية قبل ثلاث سنوات على ضرورة تحقيق تكافؤ الفرص بين المسارين من حيث استكمال التعليم والحصول على الوظائف. غير أن الواقع لا يزال مختلفاً، إذ تشترط العديد من الشركات امتلاك شهادة جامعية لشغل المناصب الرفيعة، ما يعزز التفاوت بين المسارين.
وتضم الجامعات الصينية نحو 20 مليون طالب موزعين على 1300 جامعة، في حين يبلغ عدد الطلاب في الكليات المهنية نحو 17 مليوناً، يدرسون في أكثر من 1500 مؤسسة. وتسعى بكين إلى توسيع شبكة الكليات المهنية، وجعلها "رائدة عالمياً" بحلول عام 2035.
من حيث التكلفة، لا يختلف المساران كثيراً، إذ تبلغ الرسوم السنوية في المدارس الحكومية حوالي 6000 يوان (ما يعادل 827 دولاراً)، فيما يدفع الطلاب عادةً ضعف هذا المبلغ أو أكثر في المؤسسات التعليمية الخاصة. ورغم ذلك، ما يزال إقناع الأسر بإرسال أبنائهم إلى الكليات المهنية أمراً صعباً، في ظل الصورة النمطية التي تُصوّر التعليم المهني على أنه خيار من لم يحققوا درجات عالية.
على امتداد آلاف السنين، كان الهدف من التعليم في الصين هو اجتياز الامتحان الإمبراطوري للظفر بوظيفة في الخدمة المدنية. أما اليوم، فيمضي الطلاب الطامحون للالتحاق بالجامعات سنواتهم في المرحلة الثانوية استعداداً لاجتياز اختبار "غاوكاو" (gaokao)، وهو امتحان قبول جامعي مرهق يمتد لعدة أيام.
ويُتاح للطلاب أصحاب الدرجات المرتفعة دخول أبرز الجامعات في البلاد، في حين يتجه أصحاب المعدلات الأدنى إلى جامعات أقل تصنيفاً أو إلى الكليات المهنية.
تفضيل الشهادات الجامعية
تبرز أيضاً قضية الفروقات في الدخل، إذ بلغ متوسط الدخل الشهري لحاملي شهادة البكالوريوس بعد ثلاث سنوات من التخرج نحو 10,168 يوان (ما يعادل 1400 دولار أميركي) في عام 2023، أي أعلى بنحو الثلث مقارنةً بدخل خريجي الكليات المهنية، بحسب بيانات شركة "مايكوس" (Mycos) الاستشارية المتخصصة في التعليم.
وقال لي روييوان، مدير مدرسة "هاندان لينغتشوانغ" (Handan Lingchuang) الثانوية المهنية في مقاطعة خيبي شمال الصين: "يعتقد معظم الأهل أن المدرسة الجيدة هي التي تجبر الطلاب على الاستيقاظ في السادسة صباحاً والدراسة حتى الحادية عشرة ليلاً. وعندما أخبرهم أنه يمكن للطلاب اللعب في المدرسة أو ممارسة هواياتهم، يشعرون بالقلق".
الرئيس شي جين بينغ، الذي أشرف خلال التسعينات على مدرسة مهنية أثناء توليه منصب أمين الحزب في مدينة فوجو، يُشيد بالتعليم المهني في محاولة لاستقطاب مزيد من الطلاب إلى هذا المسار. إذ يصف الحرفيين بأنهم "ركيزة" الأمة، ويؤكد على أهمية رفع مكانة المدارس المهنية وتعزيز جاذبيتها.
ومع ذلك، فإن تغيير النظرة المجتمعية تجاه هذا النوع من التعليم لا يزال بطيئاً. ففي عام 2021، اقترحت الحكومة دمج بعض المؤسسات الربحية التي تمنح شهادات بكالوريوس مع مدارس مهنية، ما أثار موجة احتجاجات بين طلاب الجامعات. وفي إحدى الجامعات بمدينة نانجينغ، احتجز طلاب غاضبون عميد الجامعة لمدة 30 ساعة، خشية أن يؤدي الدمج إلى التقليل من قيمة شهاداتهم، قبل أن تتدخل الشرطة وتضع حداً للحادثة.
بعض الاستثناءات
رغم التحديات، نجحت بعض المدارس المهنية في ترسيخ مكانة مرموقة على مستوى البلاد، تضاهي مكانة أبرز الجامعات التي تقدم برامج أكاديمية تمتد لأربع سنوات. من بين هذه المؤسسات، تبرز جامعة شنجن التقنية الواقعة شمال الحدود مع هونغ كونغ، والتي يُشار إليها غالباً بلقب "تسنغهوا الصغيرة"، في إشارة إلى جامعة "تسنغهوا" العريقة التي تخرّج منها عدد من كبار قادة الصين، بمن فيهم الرئيس شي جين بينغ.
ويُعزى جزء من نجاح جامعة شنجن التقنية إلى علاقاتها الوثيقة مع شركات محلية كبرى مثل "هواوي تكنولوجيز"، إضافة إلى سمعتها في دعم ريادة الأعمال بين طلابها، ما جذب حتى أولئك القادرين على الالتحاق بأعرق الجامعات الصينية.
زوي تشين، وهي طالبة في الجامعة، قالت إنها تعيد النظر في خططها للحصول على درجة الماجستير، مضيفة: "الطلاب هنا يؤسسون الشركات، والأساتذة ينفذون مشاريع بحثية خاصة بهم. أدركت أنني لا أحتاج إلى شهادة متقدمة لتحقيق نوع الحياة التي أطمح إليها".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
طبق الفاكهة في مصر "لذيذ" كطعم المستحيل
يفخر المصريون دوماً بمذاق الفاكهة التي تخرج من أرضهم، واتساع المساحات المزروعة منها، ومن ثم حجم المعروض كان يضمن دوماً أن تكون الأسعار في المتناول، حتى لو شهدت بعض الأصناف ارتفاعاً في ثمنها إلا أنه عادة ما يكون موقتاً، أو تتوافر بدائل قريبة جداً منها في الجودة، لكن منذ بداية الربيع الحالي يتساءل عموم المواطنين عن تصاعد أسعار الفاكهة بصورة غير مسبوقة مقارنة بثبات سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار منذ ما يقارب العام ونصف العام. وقد جرت العادة أن تكون اللحوم، باعتبارها الطعام الأكثر شعبية ودلالة على الرفاهية بين مختلف الشرائح الطبقية، هي الأعلى ثمناً، فهي طعام مقدر لدى المصريين، وكذلك يتفهم كثر ارتفاع سعرها، حيث يراوح ما بين 360 جنيهاً (7 دولارات) و800 جنيه (16 دولاراً) للكيلو الواحد. لكن أخيراً باتت أسعار بعض الفاكهة المزروعة محلياً تضاهي أسعار "سيد الطعام"، ففي بعض المتاجر يباع كيلو العنب الواحد بـ230 جنيهاً (4.6 دولار)، وفي حين كان يتفهم البعض ارتفاع بعض أسعار الفاكهة المستوردة وغير الشائعة، إلا أنه حينما يتعلق الأمر بالأصناف الأساسية جداً والأكثر انتشاراً وشعبية والمنتجة محلياً، فإن الأمر يسبب ضيقاً شديداً لدى غالبية الأسر التي كانت ترى في وفرة الفاكهة في المطبخ نوعاً من المسرات الغذائية التي باتت شحيحة هذه الأيام في ظل اختفاء كثير من بنود الرفاهية في هذا الجانب، فالتلذذ بطبق الفاكهة المتنوع حتى مع اختفاء بنود غذائية كثيرة بالنسبة إلى محدودي الدخل، كان تعويضاً متاحاً لكثيرين، ولكنه الآن أصبح يدخل موازنة المنزل في شريحة مختلفة تماماً، وبات شراء هذا البند في حاجة إلى تفكير وحكمة، فما السبب؟ الفاكهة تنافس اللحوم مع قرب حلول عيد الأضحى، يفكر كثر في كيفية تدبير نفقات شراء اللحوم، ولكن في كل الأحوال فإن كيلوغرامات عدة من اللحم ستكفي العائلة المتوسطة لفترة من الوقت، إذ إن الوجبة الواحدة عادة تحتاج إلى كيلو واحد، في حين أن الوضع مختلف تماماً مع الفاكهة، فالأسرة في حاجة إلى كيلوغرامات عدة تستهلك على مدى يومين على الأكثر، بخاصة مع ارتفاع حرارة الصيف والرغبة في تناول الفاكهة الباردة والعصائر الطازجة المعدة منزلياً، وبحسبة بسيطة ستضاهي أسعارها سعر طبق اللحم الذي كان ينظر إليه على أنه ملك المائدة المدلل. لا تنتشر بكثرة ثقافة شراء أطباق الفاكهة المقطعة بين الأسر في مصر، إنه خيار يصلح أكثر للمشاوير الفردية القصيرة، ومن ثم فعادات تناول الفاكهة في العائلات المتوسطة والكبيرة عادة ترتبط بشراء كميات منها، من دون الشعور بأنها تضغط على الموازنة. لكن أخيراً الفاكهة التي كانت تشتهر برخص ثمنها مثل الجوافة والخوخ والموز والتفاح المحلي، توصف بأنها غالية الثمن، وأقل سعر للكيلو في هذه القائمة لم يعد يقل عن الـ50 جنيهاً أي نحو واحد دولار، وهو مبلغ لا يتوافق أبداً مع الحد الأدنى للأجور وهو 7 آلاف جنيه (140 دولاراً)، فشراء نوعين أو ثلاثة من الفاكهة لأسرة متوسطة العدد يقترب من 1000 جنيه أي ما يعادل 20 دولاراً، وبتكرار هذا الأمر مرة أسبوعياً في الأقل سيلتهم 80 دولاراً من الراتب الشهري، أي أكثر من النصف، لهذا ستلجأ العائلات للاقتصاد في هذا البند قدر الإمكان، فلم يعد الإنفاق الأعلى في موازنة الطعام مخصصاً دوماً للحوم والطيور والأسماك، وهذا الخلل في توزيع الإنفاق الشهري جعل كثيرين يشعرون بأن شيئاً ما حدث. المناخ وتأخر الحصاد من جهته يحاول نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة بالغرفة التجارية حاتم نجيب، تفسير هذه الطفرة في الأسعار بأن الموسم لا يزال في بدايته. مشيراً إلى أنه بحلول منتصف يونيو (حزيران) المقبل، ستشهد أسعار الفاكهة استقراراً معقولاً، لأن الأمر مرتبط هذه الأيام بقلة المعروض نظراً إلى أن إنتاج المحاصيل لم يظهر بكل قوته حتى الآن. مقارنة بالأعوام القليلة السابقة، فإنه في الفترة نفسها كان ثمة وفرة المحاصيل سواء من الخضراوات الموسمية أو فاكهة الصيف، وحتى لو كان هناك ارتفاع في الأسعار فإنه عادة يكون من نصيب المانغو، التي لم تظهر بشائرها الجديدة بالأسواق حتى الآن، وموقتاً للغاية، وليس بهذه النسبة، فما الجديد هذه المرة؟ يواصل نائب رئيس شعبة الخضراوات والفاكهة، قائلاً "بالطبع هناك عوامل أخرى أثرت في ما يجري، وبينها التغيرات المناخية والعوامل الجوية التي أدت بدورها لترحيل المواعيد المتعلقة بالعمليات الأساسية التي تجري على المحاصيل والمزروعات، ومن ثم يتأخر القطاف والحصاد، إضافة إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج". وتحدث نجيب بصورة خاصة عن بعض الثمار والفاكهة التي صدمت أسعارها المواطن هذا الموسم، "بالنسبة إلى ارتفاع أسعار الجوافة فسببه أن غالبية المحصول الموجود بالأسواق متعلق بنهاية الموسم الشتوي، والسوق ستصبح أكثر توازناً مع انتشار محصول الصيف، أما بالنسبة إلى الليمون فالسبب هو فقدان 50 في المئة من إنتاجه هذا الموسم تأثراً بإصابته بالموجة الصمغية، لكن بصورة عامة فإن باقي الفاكهة سليمة وعالية الإنتاجية ومزارعها بخير". ازدهار الإنتاج ولكن قبل أيام، ومن خلال تصريحات تلفزيونية تحدث أستاذ إدارة الأراضي والمياه بمركز البحوث الزراعية علي إسماعيل، حول مشروع "مستقبل مصر الزراعي" الذي انطلق عام 2017 كمبادرة استراتيجية تعد نواة لـ"الدلتا الجديدة"، مستهدفاً استصلاح 2.2 مليون فدان، إضافة إلى إقامة مشروعات لزيادة الإنتاج الحيواني عليها، حيث تم إنجاز نحو 800 ألف فدان منها بالاعتماد على مصادر مياه متنوعة بينها الجوفية، بغرض تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل وكذلك الأمن الغذائي، حيث تجاوزت المساحة المزروعة في البلاد 10 ملايين فدان، مقابل 115 مليون نسمة إجمالي التعداد السكاني، هذا الازدهار الزراعي، الحالي والمستقبلي، حيث من المقرر أن تصل أهداف المشروع الزراعي الحديث إلى استصلاح وزراعة أكثر من 4 ملايين فدان إضافية، لماذا لم يترجم حتى الآن إلى انخفاض في أسعار الفاكهة في السوق المحلية أو في الأقل استقرارها؟ اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يلفت الباحث بمركز البحوث الزراعية (معهد بحوث المحاصيل الحقلية) محمد طه زلمه، إلى أن فتح باب تصدير المحاصيل على مصراعيه أحد الأسباب المهمة للفجوة الكبيرة الحاصلة. لافتاً إلى أن الإنتاج المحلي كبير، ولكن هناك ما يشبه حال تعطيش للسوق. واستناداً إلى قانون العرض والطلب فكلما قل المعروض زادت الأسعار، لافتاً إلى أن الحاجة إلى العملة الصعبة والدولار أحد أسباب التوسع في التصدير، مما يؤثر في استقرار الأسعار محلياً، إضافة إلى أن القوة الشرائية لعموم الناس لا تتناسب مع مستوى هذه الأسعار، فحتى البطيخ، وهو الفاكهة الشعبية الرخيصة الثمن التي كانت تمتلئ بها البيوت المصرية طوال أيام الصيف، باتت أسعار الواحدة المتوسطة الحجم منها تبدأ من 150 جنيهاً (3 دولارات)، وهو رقم ليس هيناً على أصحاب الدخل القليل. طفرة التصدير والأسعار قبل نحو ثلاثة أسابيع أعلن مجلس الوزراء المصري، أن هناك طفرة غير مسبوقة في الصادرات المصرية الزراعية بفضل الاتجاه الرسمي لفتح أسواق خارجية جديدة والعمل على تحسين جودة المحاصيل، مع زيادة الطاقات الإنتاجية لهذا القطاع، حيث زادت بنسبة 7.9 في المئة عام 2024 مقارنة بعام 2023. ووفق متخصصين فهذه النسبة من المتوقع أن تكون أكبر كثيراً هذا العام، حيث صدرت مصر من زراعاتها بما يزيد على الـ4 مليارات دولار العام الماضي، وجاءت الفاكهة على رأس المحاصيل المصدرة، حيث زادت صادراتها بنسبة تتجاوز الـ92 في المئة، وفق بيان مجلس الوزراء. النتيجة بدت ملحوظة بصورة كبيرة بالنسبة إلى بائعي الفاكهة الصغار بصورة خاصة، ممن يوجدون في الأحياء السكنية، وبينهم رجب علوان الذي يعمل في هذا المجال منذ أن كان طفلاً، وبعد أن تجاوز الـ50 لا يزال مصراً على مهنته على رغم الصعاب. يشرح الوضع بالقول، "كل يوم وآخر تقل نسبة الفاكهة والخضراوات التي أدور بها على سيارتي في الشوارع، لأنني من الأساس أشتريها بسعر كبير جداً، وأخشى عليها من أن تتلف فالخسارة حينها ستكون كبيرة، ومن ناحية أخرى فالبيع لم يعد كما في السابق، ومن يشتري ثلاثة كيلوغرامات من أصناف عدة، أصبح يكتفي بصنف واحد يشتري منه كيلو أو حتى نصفه". عادات تناول الفاكهة من الصعب أن تتغير بين ليلة وضحاها، ومن ثم تحريك الأسعار المهول بالنسبة إلى كثير من العائلات هو أمر ضاغط للغاية، خصوصاً في العائلات التي لديها أطفال صغار متطلباتهم الغذائية ينبغي أن تلبي من جميع مصادرها الطبيعية، وبينهم أسرة نهال علاء الدين، التي تحاول أن تتكيف مع ما يحدث بأن تذهب إلى بائعي الفاكهة الذين يسمحون لها بأن تشتري حبتين أو ثلاثاً من كل نوع فاكهة، ويتم ميزان كل الأصناف معاً وحساب متوسط سعر الكيلوغرام لتدفع على هذا الأساس، فهي من ناحية لم تحرم طفليها الصغيرين من التنوع الغذائي، وكذلك لم تضطر إلى دفع كثير من المال. لكن هذه الخيارات لا تتوافر إلا لدى متاجر بعينها، واللافت أن الأسعار باتت مرتفعة بالنسبة إلى المواطن العادي الذي يشتري طعامه من الباعة في الأسواق أو من المتجولين، أو من يفترشون بعرباتهم في أماكن ثابتة، ولكن الحقيقة أن أسعار الفاكهة في سلاسل المتاجر الكبرى، أصبحت أضعاف ما يبيع به هؤلاء، حيث كانت تعتمد عليها بعض الأسر التي تصنف متوسطة، ولا تجد غضاضة في إنفاق بضعة جنيهات زيادة على السعر الشائع في سبيل السرعة والإنجاز والراحة في التعامل، ولكن هذا الفارق بات متسعاً بصورة لا يمكن لكثيرين من هذه الطبقة تحمله. البائعون يعانون أيضاً بالعودة إلى رجب الذي يتجول في منطقة قريبة من وسط القاهرة، يقول إن لديه زبائن من ربات البيوت يتعاملون معه منذ أعوام، ويتصلون ليسألوه يومياً عن الأسعار أملاً في انخفاضها، ولكن العكس هو ما يحدث. مشيراً إلى أن طبيعة معداته ومستوى تجارته لا يسمح له بأن يبيع أقل من نصف كيلوغرام. ويوضح أن ارتفاع الأسعار والإحجام عن الشراء بوفرة مثلما كان يحدث في الماضي انعكس بصورة كبيرة على دخله، لضعف البيع من ناحية، ومصاريف التشغيل أيضاً من انتقالات وغيرها، "في بعض الأوقات أبيع الفاكهة بنفس السعر الذي اشتريتها به، من دون أن أكسب جنيهاً واحداً، لأن السعر يكون كبيراً بالفعل ولا أعرف ماذا أقول لزبائني، وإذا توقفت عن جلب الأصناف الغالية فسأخسر مهنتي لأن المشتري يهمه أن يجد تنوعاً". بعض البائعين يعانون في مهنتهم لهذا السبب وباتوا مهددين بتركها جبراً. يحكي محمد منصور الذي يسكن في الجيزة غرب القاهرة، تحديداً مدينة "حدائق أكتوبر"، "اعتدت شراء الفاكهة من بائع متجول يفترش أحد الأرصفة، لكن لم أجد له أثراً منذ فترة على رغم ظهور فاكهة الصيف المتعددة. في البدء ظننت أنه مريض أو أن الجهاز المسؤول عن المنطقة أجبره على ترك المكان باعتبار أن وجوده غير شرعي. لكن بعد أيام من الغياب فوجئت به يفترش الرصيف وأمامه مجموعة متنوعة من الفاكهة القليلة". يقول التاجر الذي يسكن بمحافظة الفيوم ويأتي إلى الجيزة لبيع الفاكهة يومياً "وجدت ارتفاعاً كبيراً في أسعار الفاكهة يقابله ركود في البيع ومن ثم تفسد البضاعة، فقررت أن أظل في بيتي بعض الأيام أملاً في أن تعود الأسعار إلى طبيعتها، لكن ما حدث أنها زادت بصورة مبالغ فيها، فقررت العودة إلى العمل بدلاً من البقاء في المنزل عاطلاً". وبسؤاله لماذا ارتفعت أسعار الفاكهة؟ يجبب التاجر الذي يبيع بضاعته فوق عربة متجولة على حوافها سباطات من الموز تبدل لون بعضها من الأصفر إلى الأسود، "لا أعلم. أشتري الفاكهة من سوق الجملة (أحد الأسواق المعروفة بمحافظة الجيزة التي تشتهر بأن أسعارها أقل) بأسعار مبالغ فيها، وحينما أستفسر عن السبب لا أجد إجابة من كبار التجار، ويكون الرد: هكذا أصبحت الأسعار". ويضيف "الصيف الماضي كانت الأسعار في المتناول، وحركة البيع والشراء كانت أفضل، الآن فاكهة العنب زادت أسعارها فوق الـ100 جنيه (دولارين) بعدما كانت 25 جنيهاً (نصف دولار)، والموز وصل إلى 45 جنيهاً (نحو 90 سنتاً) بعدما كان سعره لا يتجاوز الـ12 جنيهاً، وكذلك باقي الفاكهة من المشمش والبرقوق وخلافه". هل ثمة انفراجة؟ على ذكر الأسواق، فإن بعض المواطنين يحاولون الاستفادة من فرق الأسعار والشراء من الأسواق الكبيرة، سواء أسواق الجملة أو القطاعي، وتوفير المال، ولكن نظراً إلى عدم توافر هذه الأسواق في كثير من المحيطات السكنية الكبيرة، يجد كثر أن المجهود وكلف الطريق سيجعلان الفارق السعري متقارباً، ولهذا فهي تكون حلاً مفيداً للقريبين منها فحسب، وتضطر أكثرية المتضررين من بورصة أسعار الفاكهة المتصاعدة إلى التأقلم وتكييف أوضاعهم، أملاً في أن تحمل الأسابيع القليلة المقبلة انفراجة. لكن الباحث بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية محمد طه زلمه، لا يتوقع أن تنخفض الأسعار بصورة مناسبة على المدى القريب، موضحاً "على رغم التغيرات المناخية وتأثيراتها الضارة التي تزداد عاماً بعد آخر، فإن هذا لم ينعكس هذا الموسم في الأقل على الإنتاجية، إذ لا تزال مرتفعة في غالبية الأصناف، بينما تتركز أسباب ارتفاعات الأسعار المتتالية في كلف مستلزمات الإنتاج والتخزين، وبينها الأسمدة والمبيدات التي يستعين بها المزارعون لمكافحة آثار التغيرات المناخية على ثمارهم وأشجارهم، إضافة إلى ارتفاع أسعار إيجار الأراضي الزراعية نفسها، فالمزارع أصبح يدفع سنوياً ما نسبته 50 في المئة في الأقل زيادة في الإيجار، وكذلك هناك زيادة دورية ومتكررة في أسعار الكهرباء والبنزين الذي يؤدي بدوره بصورة مباشرة إلى ارتفاع كلف شحن وانتقال المحاصيل، وكما قلنا من قبل، هناك أزمة في المعروض نظراً إلى زيادة معدلات التصدير، فهذه العوامل مجتمعة تشير إلى أن تحرك الأسعار إيجاباً ناحية الانخفاض لن يكون منتظراً خلال هذا الموسم بالشكل المتوقع".


حضرموت نت
منذ 10 ساعات
- حضرموت نت
إتاوات على الحجاج اليمنيين تزيد مشقة السفر
تصاعدت شكاوى اليمنيين من فرض 'إتاوات' عليهم من الجهات المعنية بالسّفر، خلال إجراءات التفويج لقضاء فريضة الحج، وهو ما دعا شركة الخطوط الجوية اليمنية إلى استنكار هذه الممارسات، مؤكدة أنها ستقف بحزم تجاه أي تجاوزات ومخالفات تتعلق بفرض عمولات غير مسموح بها من وكالات السفر تحديداً. وتحدث مواطنون عن تعرّضهم للابتزاز من الجهات المعنية بالسفر والأحوال الشخصية سواءً السلطات الرسمية أو الشركات والوكالات التابعة للقطاع الخاص. وتتراوح المبالغ التي تفرضها الشركات الخاصة بالسفر والعمرة بين 1500 و2000 ريال سعودي (بين 400 و533 دولاراً) في مناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً، وقد تصل إلى أقل من نصفها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وفق مواطنين تحدثوا إلى 'العربي الجديد'. وقال المواطن ماجد الحيدري، لـ'العربي الجديد'، إن تكلفة تأدية فريضة الحج، وصلت إلى مبلغ كبير يتجاوز عشرة آلاف ريال سعودي، في حين أشار المواطن ياسين عمر لـ'العربي الجديد'، إلى أن السفر في اليمن أصبح أمراً شاقاً للغاية ومكلفاً كثيراً لأي غرض كان، وذلك بدءاً من الحصول على جواز السفر أو تجديده، إلى حجز تذاكر السفر والإقامة، إذ يمرُّ المسافر بسلسلة طويلة من عمليات الدفع المالية التي قد تدفع البعض للاقتراض أو بيع ما لديه من مدّخرات وممتلكات لأجل ذلك. ويتحدث مواطنون عن صعوبات شديدة يواجهونها في سفرهم لتأدية فريضة الحج أو غيرها من أغراض السفر الضرورية، إذ تسود فوضى ناتجة عن الضغط أو الإهمال تؤدي إلى طلب مبالغ إضافية لاستكمال إجراءات سفرهم، فيما يتحدث مسافرون عن عمليات تحايل في بيع التذاكر التي تصل أسعارها إلى مبالغ كبيرة تتجاوز 600 دولار، إذ يفاجأ مسافرون عند إجراءات السفر بالمطارات أن تذاكرهم قد جرى بيعها لمسافرين آخرين، ويكون المبرّر في ذلك التأخر عن موعد الوصول إلى المطار، الأمر الذي يؤدي إلى دفع مبالغ إضافية لا تقل عن 150 دولاراً. ويشير المحلل الاقتصادي فؤاد نعمان، في حديث لـ'العربي الجديد'، إلى وجود أعمال 'سمسرة' في هذا القطاع المهم الذي 'تحوّل إلى أداة نهب'، متحدثاً عن وصول أساليب 'السمسرة' إلى التحايل على المواطنين، وبيعهم جواز السفر بمبالغ طائلة وبالعملات الصعبة التي قد تتجاوز 100 دولار وأكثر، في حين لم يكن يكلف الحصول على جواز السفر سوى مبالغ رمزية للغاية، إضافة إلى تحويل مختلف منافذ وإجراءات السفر إلى منافذ جبائية لنهب المواطنين المضطرين للدفع بسبب الوضع الراهن في اليمن.


Independent عربية
منذ 10 ساعات
- Independent عربية
شركات الطاقة الأميركية تخفض استثماراتها في الاستكشاف والإنتاج
منذ تولي إدارة الرئيس دونالد ترمب السلطة في الولايات المتحدة مطلع هذا العام اتخذت إجراءات عدة لتغيير سياسة التحول في مجال الطاقة من الوقود الأحفوري إلى الطاقة الخضراء المتجددة، وأصدر ترمب أكثر من قرار منها إلغاء الإعفاءات الضريبية لمشروعات الطاقة النظيفة وإلغاء القيود التي فرضتها الإدارة السابقة للرئيس جو بايدن على تخصيص الأراضي الفيدرالية لاستكشاف وإنتاج النفط، وحظر توسيع خطوط الغاز وتصديره. وأعلن ترمب وفريقه حتى خلال الحملة الانتخابية عام 2024 أن الهدف المرجو لتلك الإدارة هو هيمنة الولايات المتحدة على سوق النفط والغاز العالمية بزيادة الإنتاج، ففي آخر أعوام إدارة بايدن أصبحت أميركا أكبر منتج للنفط في العالم بمستوى إنتاج بلغ العام الماضي أكثر من 13 مليون برميل يومياً في المتوسط، وأصبحت الولايات المتحدة من بين كبار مصدري النفط في العالم، بعدما كانت مستورداً صافياً له من قبل، بمعدل تصدير يزيد على 4 ملايين برميل يومياً. وكثيراً ما كرر ترمب أن إدارته ستزيد إنتاج أميركا النفطي بمقدار 4 ملايين برميل يومياً خلال فترة رئاسته، بينما قدر فريقه الاقتصادي تلك الزيادة بمقدار 3 ملايين برميل يومياً، ذلك خلال وقت يريد فيه ترمب أن تنخفض أسعار النفط إلى مستوى 50 دولاراً للبرميل، إلا أن الأمر ليس بيد الإدارة الأميركية تماماً، فقطاع النفط تحكمه شركات كبرى خاصة تضع سياساتها المستقبلية على أساس مصالح مساهميها، وليس بحسب خطط وسياسات الإدارة في واشنطن. الأسعار والاستثمار على عكس الأهداف الرسمية للسياسة النفطية تراجع استثمار شركات الاستكشاف والإنتاج في قطاع النفط داخل الولايات المتحدة العام الماضي بنسبة واحد في المئة، بحسب ما كشفه تقرير مفصل لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" العالمية للتصنيف الائتماني صدر نهاية الأسبوع، وتوقع أن ينخفض استثمار تلك الشركات العام الحالي ما بين خمسة و10 في المئة نتيجة هبوط أسعار النفط. ويُرجع التقرير أسباب انخفاض الاستثمار الرأسمالي لشركات الاستكشاف والإنتاج في قطاع النفط والغاز داخل الولايات المتحدة إلى "الاضطراب الاقتصادي العالمي، وتذبذب أسعار النفط بشدة والالتزام بالانضباط المالي ومكاسب رفع الكفاءة". يقدر تقرير المؤسسة أن إجمال الإنتاج من النفط والغاز للعام الحالي لن يتأثر بتراجع نشاط الشركات سوى بمقدار قليل، بسبب معدلات الإنتاج خلال الربع الأول من العام ومكاسب رفع الكفاءة المستمرة، مضيفاً "لكننا نتوقع تأثيراً واضحاً على معدلات الإنتاج خلال العام المقبل إذا استمر انخفاض معدلات الإنفاق الرأسمالي". وسيكون ذلك أكثر وضوحاً في قطاع النفط أكثر من قطاع الغاز، إذ يقول واضعو التقرير إنهم يعتقدون أن "منتجي النفط الأميركيين سيخفضون الإنفاق (على الاستكشاف والإنتاج) أكثر فأكثر إذا انخفض سعر خام 'وسيط غرب تكساس' (الخام الأميركي الخفيف) إلى مستوى 50 دولاراً للبرميل". وزادت شركات الطاقة الأميركية الإنفاق الرأسمالي ما بعد أزمة وباء كورونا، وتحديداً خلال عامي 2022 و2023 بصورة واضحة، لكنها بدأت تتراجع عن ذلك العام الماضي لينخفض معدل الإنفاق على توسيع الأنشطة عن مستويات عام 2023. وبحسب التقرير، كان التراجع العام الماضي نتيجة عوامل عدة إضافة إلى وجود فائض سيولة لدى الشركات تمكنها من توزيع الأرباح على مساهميها. وفي ظل متوسط سعر 75 دولاراً للبرميل من الخام الأميركي تستطيع الشركات موازنة الإنفاق الرأسمالي ولو بقدر ضئيل، مع توزيع عائد على أسهمها وتأمين سيولة للطوارئ. استراتيجيات الشركات مع انخفاض أسعار النفط إلى متوسط 60 دولاراً لخام وسيط غرب تكساس هذا العام، خفضت الشركات إنفاقها الرأسمالي على توسيع نشاط الاستكشاف والإنتاج. ويشرح التقرير كيف أن "منتجي النفط الأميركيين لم يخفضوا الإنفاق الرأسمالي لأن مشروعاتهم ليست مجدية اقتصادياً عند سعر 60 دولاراً للبرميل، بل لأنهم يريدون الحفاظ على معدلات الإنفاق أقل من مستويات انسياب العائدات والاستمرار في توزيع العائد على حملة الأسهم وإعادة شراء أسهم الشركات". وبحسب الخطط الاستراتيجية للشركات التي استعرضها تقرير "ستاندرد أند بورز"، تظهر موازنات الشركات خفضاً في الإنفاق الرأسمالي بما يصل إلى ما بين نسبة خمسة وسبعة في المئة، لكن التقرير يتوقع ارتفاع هذه النسب إلى 10 في المئة إذا استمر متوسط سعر الخام الأميركي يدور عند مستوى 60 دولاراً للبرميل، ويمكن أن تخفض الشركات إنفاقها على توسيع النشاط أكثر من ذلك إذا انخفض متوسط السعر عن هذا المعدل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويلاحظ التقرير أن الشركات التي أعلنت، خلال إفصاحها الدوري للربع الأول من هذا العام، خفضاً واضحاً في الإنفاق الرأسمالي هي شركات إنتاج النفط، مع انخفاض أسعاره بنحو 20 في المئة هذا العام. ومن المتوقع الإعلان عن مزيد من خفض الإنفاق الرأسمالي خلال موسم الإفصاح التالي بعد أسابيع، إلا أن التقرير يتوقع استمرار معدلات الإنتاج مستقرة، من دون نقص واضح لتلك الشركات خلال هذا العام على رغم خفض الإنفاق الرأسمالي بنسبة الـ10 في المئة المقدرة. هذا بالنسبة إلى شركات إنتاج النفط، أما شركات إنتاج الغاز الطبيعي فيتوقع أن تزيد من إنفاقها الرأسمالي هذا العام والعام المقبل في ظل توقعات ارتفاع الطلب، وبخاصة على الغاز الطبيعي المسال نتيجة زيادة توليد الطاقة لسد حاجات مراكز تشغيل البيانات وعمليات الذكاء الاصطناعي، طبقاً لتقديرات "غلوبال كوموديتي إنسايتس" وسيزيد الطلب على الغاز الطبيعي المسال بمقدار 6 مليارات قدم مكعبة يومياً خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2024 إلى مارس (آذار) 2026. وتقدر "غلوبال" تضاعف الطلب خلال عام 2029 ليصل إلى 25.7 مليار قدم مكعبة يومياً، أي بزيادة بنسبة 25 في المئة على الطلب الأميركي حالياً. إنتاج الغاز لذا يقدر التقرير أن تزيد شركات إنتاج الغاز الإنفاق الاستثماري على نشاطات الاستكشاف والإنتاج بنسبة ستة في المئة، بما يعني زيادة الإنتاج بنسبة خمسة في المئة، ويتوقع أن تشهد أسعار الغاز الطبيعي المسال ارتفاعاً خلال نهاية هذا العام وبداية العام المقبل. وعلى عكس التقديرات والتوقعات للولايات المتحدة، يرى تقرير "ستاندرد أند بورز" أن الإنفاق الاستثماري على مشروعات الاستكشاف والإنتاج في كندا سيرتفع بالنسبة إلى شركات النفط ويتراجع بالنسبة إلى شركات الغاز الطبيعي، إذ تواصل شركات النفط الكندية زيادة الإنفاق الرأسمالي منذ عام 2020 ويتوقع أن يستمر هذا التوجه للعام الحالي. وتستفيد الشركات من تقليص فارق السعر للخام الكندي عن الخامات القياسية بما يزيد العائدات والأرباح. أما بالنسبة إلى الغاز الطبيعي، تظل الأسعار ضعيفة، وبخاصة في حوض شركة "ألبرتا إنرجي"، لذا يتوقع أن يركز المنتجون أكثر على المكثفات السائلة. وعلى رغم بدء تشغيل المرحلة الأولى من مشروع الغاز الطبيعي المسال الكندي هذا الصيف، فإن التقرير لا يتوقع زيادة كبيرة في الطلب. ويخلص التقرير إلى أن شركات النفط والغاز في كندا ستزيد إنفاقها الرأسمالي بصورة مجمعة هذا العام بنسبة ثلاثة في المئة، ويعد ذلك تراجعاً واضحاً عن الزيادة خلال العام الماضي التي بلغت تسعة في المئة، وتترجم هذه الزيادة في الإنفاق إلى زيادة في إنتاج النفط والغاز الطبيعي بنسبة خمسة في المئة تقريباً.