
صفقات قوية تعيد تشكيل قواعد اللعبة في سوق السندات
إيلين كار
انتعش سوق سندات «الخردة» عالية المخاطر مجدداً بقوة، ليجعل من شهر مايو أكثر الشهور نشاطاً من حيث إصدارات السندات ذات العائد المرتفع منذ بداية العام. وقد توالت الإصدارات بوتيرة متسارعة جعلت من الصعب التقاط الأنفاس بين الواحدة والأخرى.
وسندات الخردة هي نوع من السندات التي تصدرها الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض، ويُطلق عليها مصطلح «خردة» لأنها تمثل خطراً أكبر بالنسبة للمستثمرين مقارنة بالسندات ذات التصنيف الائتماني الأعلى.
ورغم أن هذه الطفرة تمثل خبراً ساراً لمستثمري الائتمان، إلا أنها تحمل جانباً سلبياً يستدعي القلق مجدداً بشأن ممارسات «إدارة الالتزامات»، وهي أشكال من إعادة هيكلة الديون تتيح لدائن ما أن يطيح بآخر ويحتل مكانه، فقد يشتري أحد المستثمرين سندات شركة مثقلة بالديون، أو حصة من قرضها، استناداً إلى الضمانات والتعهدات الممنوحة ضمن الاتفاق، لكن يتم لاحقاً إعادة هيكلة الدين - غالباً مع جمع تمويلات جديدة - ليتقدم دائن آخر ويحتل موقع أولوية السداد. وهكذا يجد الدائن الأصلي نفسه عاجزاً فيما تُنتزع مكانته القانونية من بين يديه.
وقد باتت هذه الظاهرة تُعرف بـ«عنف الدائنين» ضد بعضهم البعض، وهي آخذة في الانتشار. ووفقاً لبنك «باركليز»، فقد شكلت عمليات مبادلة الديون المتعثرة، وهي قريبة وظيفياً من ممارسات إدارة الالتزامات، أكثر من 40% من حالات التعثر عن السداد في الشركات خلال العقد الماضي.
وخلال السنوات الأخيرة، شهدت شركات مثل «جي كرو» و«سيرتا سيمونز» و«نييمان ماركوس» ممارسات إدارة الالتزامات. وقال مايكل غاتو، الشريك في شركة «سيلفر بوينت كابيتال» ومؤلف كتاب «دليل مستثمر الائتمان»: «حين تتحول أسماء الشركات إلى أفعال، فاعلم أن هناك اتجاهاً جديداً آخذاً في الظهور».
وظهرت في المقابل بعض المحاولات لتعزيز حماية حقوق الدائنين في اتفاقيات الدين. فعلى سبيل المثال، تضمن إصدار سندات عالية العائد بقيمة 1.65 مليار دولار العام الماضي من شركة التسويق والطباعة «آرآر دونيلي» مجموعة من التعهدات التي من شأنها أن تجعل من الصعب على صفقات الديون المستقبلية تفضيل بعض الدائنين على حساب آخرين.
لكن موجة الإصدارات الأخيرة في سوق السندات عالية المخاطر لم تسفر عن ترسيخ ما يُعرف ببند «شرط دونيلي» أو أي نوع مشابه من آليات الحماية، فكثيراً ما يتنازل الدائنون عن الحماية الهيكلية مقابل فائدة إضافية طفيفة.
ومع تقلص أسواق السندات عالية العائد والقروض المشتركة بسبب المنافسة المتزايدة من المقرضين المباشرين، لا يزال عالم الائتمان يشهد واقعاً تهيمن فيه مصلحة البائع، ما يعني أن الثغرات الموجودة في الوثائق، التي تسهل عمليات إدارة الالتزامات، ليست خللاً في العملية، بل جزءاً أساسياً منها. وإذا خصصت وقتاً كافياً للتدقيق في وثائق إصدار معين، فقد تكتشف بنوداً صادمة تتيح للشركة، مثلاً، نقل حقوق الملكية الفكرية إلى خارج متناول الدائنين.
لكن من يستطيع تحمل هذا العبء في ظل وتيرة الإصدارات المتسارعة؟ الجواب: شركات الاستثمار التي تضم وحدات متخصصة في «الفرص الخاصة»، وهي التسمية الحديثة لما كان يُعرف سابقاً - من دون أي تزيين تسويقي - بمستثمري الديون المتعثرة. وقد قال لي أحد هؤلاء المختصين بسخرية إن هذا الوصف يُستخدم بشكل خاطئ لوصف المستثمرين أنفسهم، لا الديون التي يشترونها.
تنقسم شركات التمويل بالاستدانة بشكل متزايد بين جهات تملك فرقاً متخصصة تستغل الثغرات القانونية في اتفاقيات الائتمان، وأخرى تفتقر إلى هذه الميزة. وهذه المجموعة الثانية تكتفي بالتحليل الائتماني التقليدي، لكنها غالباً ما تفتقر إلى الموارد والمهارات الكافية لاكتشاف الثغرات والصياغات المهملة في الوثائق. ويُعزى ضعف التوثيق جزئياً أيضاً إلى خلل في هيكل أدوات الاستثمار المعروفة باسم التزامات القروض المضمونة التي شهدت نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة.
ووفقاً لبحث أجرته «جي بي مورغان»، فإن ما يقرب من ثلثي القروض المجمعة على نطاق واسع تُشترى عند إصدارها من قبل التزامات القروض المضمونة. ويقسم التزام القروض المضمونة النموذجي إلى شرائح متباينة من حيث مستوى المخاطر.
وتشير تقديرات «جي بي مورغان» إلى أن الشرائح المصنفة بدرجة AAA من قبل وكالات التصنيف الائتماني تشكل 60% أو أكثر من الصفقة الواحدة في المتوسط، ما يعني أن الجهات التي تشتري هذه الشريحة تتحمل مخاطر ائتمانية من الدرجة الاستثمارية. أما الشرائح الأخرى فتنطوي على مستويات أعلى من المخاطر.
ورغم أنه من التبسيط المفرط القول إن غالبية القروض المصنفة عالية المخاطر تحتفظ بها جهات تستثمر في شرائح تصنيفها AAA، إلا أن هذه النتيجة تتحقق فعلياً في نهاية المطاف. وفي حين يوظف مديرو التزامات القروض المضمونة محللي ائتمان، نادراً ما يتوفر لديهم الوقت أو الخبرة الكافية للتعمق في دراسة الوثائق التي تتولى إعدادها مجموعات الحالات الخاصة.
وقد لا يمثل ذلك مشكلة طالما يواصل المُصدر أداءه المتوقع، لكن حين تبدأ الأمور في التدهور، يتبدل محور الاهتمام. ومن البديهي القول إن الوثائق الجيدة لا يمكن أن تجعل من صفقة ائتمانية سيئة صفقة ناجحة، لكن الوثائق السيئة قادرة على تحويل صفقة سيئة إلى صفقة كارثية.
ويتمتع المديرون في الشركات الكبرى التي تضم مجموعات «الحالات الخاصة» بمزايا تتجاوز مجرد القدرة على تحليل الوثائق، فهذه الفرق يمكنها تنبيه المديرين عندما تصبح مسألة معينة «مثيرة للاهتمام»، إذا جاز التعبير، ما يمنحهم فرصة البيع المبكر. وإذا شاركت تلك الفرق في عملية إدارة الالتزامات، فإن أي مراكز متداخلة يتم الاحتفاظ بها عبر «التزامات القروض المضمونة» سيتم تضمينها على الأرجح في أي صفقات.
وكان القول المأثور في أسواق الدخل الثابت: «لا يمكن طردك من العمل بسبب الاستثمار في بيمكو». واليوم، أصبح الأمر مشابهاً مع مديري الائتمان الأكثر تخصصاً، إذ ستواصل المنصات الكبرى في قطاع الائتمان نموها، نظراً لما تمنحه مواردها التحليلية من قدرة تنافسية متقدمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
تراجع صادرات الصين إلى الولايات المتحدة
سجلت الصادرات الصينية، في مايو 2025، تباطؤاً فاق التوقعات بحسب أرقام رسمية نشرت، أمس، مع تراجع حركة التصدير إلى الولايات المتحدة، متأثرة بالحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وتراجعت الواردات بنسبة أكبر من التوقعات، فيما تواصل الانكماش الاقتصادي، للشهر الرابع على التوالي، نتيجة تراجع إنفاق الأسر، وبحسب إحصاءات الجمارك الصينية، فإن نمو الصادرات في مايو لم يتجاوز 4.8% بمعدل سنوي، وهي نسبة أدنى بكثير من توقعات خبراء اقتصاد استجوبتهم وكالة «بلومبرغ» وترقبوا زيادة بنسبة 6%، وتواجه القوة الاقتصادية الثانية في العالم، منذ أزمة وباء «كوفيد-19»، ضغوطاً انكماشيّة ناجمة بصورة أساسية عن أزمة في القطاع العقاري.


البيان
منذ 5 ساعات
- البيان
«بيتكوين» فوق مستوى 106 آلاف دولار
تباين أداء أسعار العملات المشفرة خلال تعاملات، أمس، مع ترقب محادثات التجارة الثنائية بين الولايات المتحدة والصين. وارتفعت البيتكوين بنسبة 0.2% إلى 106.542 دولاراً، خلال التداولات، وتستحوذ على نحو 63.8% من إجمالي قيمة سوق العملات المشفرة. بينما هبطت ثاني أكبر العملات المشفرة من حيث القيمة السوقية الإيثيريوم بنسبة 1.1% عند 2506.72 دولارات، في حين انخفضت الريبل بنحو 1.25% لتتداول عند 2.2533 دولار. وتبلغ القيمة السوقية العالمية للعملات المشفرة 3.3 تريليونات دولار، في حين بلغ إجمالي حجم التداولات خلال الـ24 ساعة الماضية 89.13 مليار دولار، وارتفعت القيمة السوقية لـ«بيتكوين» إلى أكثر من تريليوني دولار، وفقاً لبيانات «كوين ماركت كاب». وتتوقع شركة «بيرنشتاين ريسيرش» أن يصل الطلب المؤسسي على بيتكوين إلى 330 مليار دولار بحلول عام 2029، مع احتمال أن تستحوذ شركة «استراتيجي» على 124 مليار دولار من هذه القيمة. وفي تطور مهم داخل القطاع، تقدمت منصة تداول العملات المشفرة Gemini بطلب سري إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) لطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي في الولايات المتحدة. ويقود هذه الخطوة التوأم تايلر، وكاميرون وينكلفوس، مؤسسا المنصة. ولم تكشف الشركة عن عدد الأسهم أو نطاق السعر المستهدف، حيث قدمت مسودة التسجيل بشكل سري في خطوة تعكس استعدادها للطرح في الأسواق العامة، في وقت يتزايد فيه اهتمام المستثمرين المؤسسيين بالعملات الرقمية، وتتحسن البيئة التنظيمية نسبياً، خاصة بعد الموافقات الأخيرة على صناديق المؤشرات الفورية (ETF) المرتبطة ببيتكوين.


البيان
منذ 5 ساعات
- البيان
«وارنر براذرز» تعتزم تقسيم أعمالها.. والسهم يقفز 13 %
ارتفع سهم «وارنر براذرز ديسكفري» خلال تعاملات، أمس، عقب إعلان الشركة عن خطط لفصل أنشطة الاستوديوهات ومنصات البث عن الخدمات التلفزيونية التقليدية بحلول منتصف العام المقبل. وصعد السهم المدرج في «ناسداك» بنسبة 10.9% إلى 10.89 دولارات خلال التداولات، مقلصاً مكاسبه بعد صعوده 13% في وقت سابق. وأعلنت «وارنر براذرز ديسكفري» عزمها تقسيم أعمالها إلى شركتين لفصل أنشطة الاستوديوهات ومنصات البث عن الخدمات التلفزيونية التقليدية التي تشهد تراجعاً، إذ تسعى الشركة المالكة لشبكة «إتش.بي.أو» وشبكة «سي.إن.إن» إلى تعزيز قدرتها التنافسية في عصر المنصات الرقمية. وستمنح إعادة الهيكلة وحدة البث التابعة لوارنر براذرز ديسكفري فرصة أكبر للتوسع من خلال إنتاج محتوى ناجح دون أن تتأثر بتراجع الخدمات التلفزيونية التقليدية. وستجري عملية هيكلة الشركة، التي تأسست نتيجة دمج «وارنر ميديا» مع «ديسكفري» في عام 2022، كصفقة معفاة من الضرائب ومن المتوقع اكتمالها بحلول منتصف 2026.