logo
سياسات ترامب تعزز هيمنة الصين بمجال الطاقة الخضراء

سياسات ترامب تعزز هيمنة الصين بمجال الطاقة الخضراء

الجزيرة٠٥-٠٥-٢٠٢٥

تشير تقديرات سوق الطاقة الخضراء إلى أن الصين أخذت في السنوات الأخيرة زمام المبادرة العالمية في تصنيع تكنولوجيا الطاقة المتجددة، فهي تصنع وتستخدم وتصدر المزيد من الألواح الشمسية وطواحين الهواء والمركبات الكهربائية مقارنة ببقية دول العالم مجتمعة.
وتسيطر الصين حاليا على أكثر من 80% من سلسلة توريد الألواح الشمسية عالميا والتي يمكن إنتاجها بتكلفة أقل من منافسيها، وفقا لوكالة الطاقة الدولية، وفي المقابل تعرقل سياسات ترامب المتعلقة بالمناخ، المنافسة مع الصين.
وقد تسهم الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات إلى جانب دعم التصنيع، في حماية صناعة الطاقة الشمسية الأميركية، لكن الصين يبدو أنها أخذت قصب السبق في هذه الصناعة ووسعت الفجوة مع منافسيه بما في ذلك الولايات المتحدة.
وتصنع الشركات الصينية الألواح الشمسية بتكلفة تتراوح بين 16 إلى 19 سنتا للواط الواحد، في حين تواجه الشركات الأميركية تكاليف تبلغ نحو 28 سنتا، وفقا لتقديرات عام 2024.
وفيما تحتاج البلدان النامية إلى كميات هائلة من معدات الطاقة المتجددة ضمن مساعيها لتنمية اقتصاداتها دون تفاقم تغير المناخ، باتت الصين المورد المفضل لهذه البلدان، بما فيها البلدان الحليفة للولايات المتحدة.
وتشير تقديرات جامعة غريفيث في أستراليا إلى أن صفقات الاستثمار والبناء في مجال الطاقة الصينية في البلدان التي وقّعت على سياسة الرئيس الصيني التجارية والبنية الأساسية، مبادرة الحزام والطريق، اقتربت من 40 مليار دولار العام الماضي، منها 11.8 مليار دولار ذهبت إلى مجال الطاقة الخضراء.
تستخدم بكين الآن خبراتها في مجال التكنولوجيا الخضراء لكسب نقاط ضد ترامب المُشكك في تغير المناخ. وبعد جولة الرئيس شي جين بينغ في فيتنام وماليزيا وكمبوديا أعلنت وزارة الخارجية الصينية أن "بعض" الدول (في إشارة إلى الولايات المتحدة) ترفع تكاليف الطاقة المتجددة عالميا، بينما "تعمل بكين مع جميع الأطراف لاستخدام الوسائل الخضراء لتعزيز التنمية".
صعود صيني وشكوك أميركية
وفي حين تواجه الدول الثلاث تعريفات جمركية أميركية تتراوح بين 46 و49% وعد الرئيس الصيني بتحقيق "التنمية الخضراء" في جميع أنحاء المنطقة من خلال صفقات البنية الأساسية، بينما حاولت إدارة ترامب منع الصين من استخدام جنوب شرق آسيا كمركز تصنيع وتصدير لتقنياتها الخضراء المتجهة إلى الولايات المتحدة.
وفي أبريل/نيسان فرضت وزارة التجارة الأميركية رسوما جمركية تصل إلى 3500% على مُصنعي الألواح الشمسية الصينيين في الدول الثلاث التي زارها شي، وهي فيتنام وكمبوديا وماليزيا بالإضافة إلى تايلاند، بعد أن قضت بتلقيهم دعما من الحكومة الصينية.
وكان الرئيس دونالد ترامب قد خفض في وقت سابق التمويل الدولي للمناخ، والذي ارتفع خلال إدارة بايدن من 1.5 مليار دولار في عام 2021 إلى 11 مليار دولار في عام 2024، كما أنه أنهى فعليا عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في تعزيز الطاقة المتجددة في العالم النامي.
وقال مسؤول كبير سابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لنيويورك تايمز لنقاش أمر سياسي حساس: "إذا لم تكن الولايات المتحدة بديلا، فلن يكون هناك خيار أمام دول المنطقة سوى المزيد من الترابط والتكامل" مع الصين.
وأضاف المسؤول السابق أن إنهاء المساعدات الإنمائية الأميركية للتكنولوجيا الخضراء "يترك المجال بلا منافسة على الإطلاق للصين، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المعضلة التي تواجه بلدانا مثل الفلبين" حسب تقديره.
وفي الفلبين، أعادت التوترات المتصاعدة مع بكين بشأن الجزر المتنازع عليها إحياء الجدل حول امتلاك شركة صينية حكومية حصة 40% في شبكة الكهرباء الوطنية. كما خضعت سدود الطاقة الكهرومائية المدعومة من الصين للتدقيق بسبب مزاعم بأن العقود تُفضّل الشركاء الصينيين.
وقد أدى هذا الحذر إلى توقف بعض صفقات البنية الأساسية التي تم توقيعها مع الصين في عهد سلف ماركوس، رودريغو دوتيرتي، لكن الشركات الصينية لا تزال تشارك في العديد من مشاريع الطاقة المتجددة في البلاد.
الخيار الصعب
ويقر النائب في البرلمان الفلبيني وين غاتشاليان بأن الموردين الصينيين لا يزالون أساسيين لتركيب الألواح الشمسية وتوربينات الرياح قائلا "ليس أمامنا خيار سوى شراء ألواحنا الشمسية من الصين، فهي الأرخص في العالم".
وتستخدم مزارع الرياح التي تبنيها شركة "ألترنيرجي" (Alternergy) حاليا توربينات بقوة 8 ميغاواط من إنتاج شركة "إنفيجن" (Envision) التي يقع مقرها في شنغهاي، وستكون هذه المزارع هي الكبرى التي يتم تركيبها في الفلبين. ويشكل تسليم التوربينات الشهر الماضي علامة فارقة في خطة التوسع الطموحة للشركة الصينية الخاصة خارج الصين.
وقال جيري ماجبانوا، رئيس شركة "ألترنيرجي" للطاقة المتجددة ومقرها مانيلا لواشنطن بوست "نرى أنهم يكثفون نشاطهم ليس فقط في السوق الفلبينية، بل في أسواق دولية أخرى أيضا. لقد أرادوا أن يتدخلوا بقوة ويقودوا جهود المصنّعين الصينيين هنا".
واستثمرت الصين ما يقارب من 680 مليار دولار في تصنيع التكنولوجيا النظيفة حتى عام 2024، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. وهذا يعادل تقريبا إجمالي استثمارات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعين.
وفي أغلب التقنيات ومكونات الطاقة الخضراء، تشكل الصين أكثر من نصف الإنتاج العالمي، وقد نمت هذه الحصة من عام 2021 إلى عام 2023.
وتقول سامانثا كاستر، مديرة تحليل السياسات في "إيد داتا"، -وهي مجموعة بحثية تابعة لجامعة ويليام وماري في فرجينيا-، "لا تحتاج الصين إلى فعل أي شيء لتحقيق النصر". وأضافت أن بكين سعت بإصرار إلى "زرع بذور الشك في أن الولايات المتحدة ليست شريكًا اقتصاديا وأمنيا موثوقا به، وللأسف، يرى الناس الآن أن الولايات المتحدة تُعزز هذه الشكوك".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصا لتخفيف بعض العقوبات على سوريا
وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصا لتخفيف بعض العقوبات على سوريا

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

وزارة الخزانة الأميركية تصدر ترخيصا لتخفيف بعض العقوبات على سوريا

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية إصدار ترخيص عام لتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا، في حين وعد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بـ"مزيد من النجاحات". وقال بيان للوزارة إن الترخيص العام بشأن سوريا يوفر إعفاء فوريا للعقوبات بما يتماشى مع إعلان ترامب وقف جميع العقوبات على دمشق. كما أن الترخيص يسمح بالمعاملات المحظورة ويرفع بشكل فعّال العقوبات وسيتيح تمكين الاستثمار ونشاط القطاع الخاص بما يتوافق مع إستراتيجية الرئيس "أميركا أولا". وقالت الوزارة إن قراراتها تمنح إعفاءات بموجب "قانون قيصر"، ما يمكّن شركاء الولايات المتحدة والحلفاء ودول المنطقة من إطلاق العنان لإمكانيات سوريا بشكل أكبر. وذكر البيان أن الولايات المتحدة ملتزمة بدعم سوريا مستقرة وموحدة وتعيش في سلام داخلي ومع جيرانها، مضيفا أن تمديد تخفيف العقوبات الأميركية جاء ليشمل الحكومة السورية الجديدة على أساس التزامها بعدم توفير ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية وضمان حماية الأقليات. الخطوة الأولى وكانت وكالة أسوشيتد برس قد نقلت عن مسؤولين أميركيين أن من المتوقع أن تبدأ الخطوة الأولى من خطوات إعفاء سوريا من العقوبات الجمعة أو الثلاثاء. وقالت الوكالة إن مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقترحون إعفاء سوريا من العقوبات 6 أشهر ضمن خطوات رفعها نهائيا كما تعهد ترامب، وإن المسؤولين يؤيدون توسيع قواعد وزارة الخزانة بشأن ما يمكن للشركات الأجنبية عمله بسوريا. في السياق ذاته، قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني "نعد شعبنا بمزيد من النجاحات في الأشهر المقبلة بعد القرارات المتتالية برفع العقوبات". وأضاف قائلا إن "سوريا تستحق مكانة عظيمة وبلدا مزدهرا وتمثيلا يليق بها على الساحة الدولية". وكان الرئيس الأميركي أعلن رفع العقوبات عن سوريا، ورحبت وزارة الخارجية السورية بقرار ترامب، واعتبرته "خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري". وتطالب السلطات الجديدة في دمشق، منذ توليها الحكم، المجتمع الدولي برفع العقوبات المفروضة على قطاعات ومؤسسات رئيسية في البلاد منذ اندلاع الثورة عام 2011، وتعتبرها خطوة أساسية لتعافي الاقتصاد والشروع في مرحلة إعادة الإعمار.

ترامب يهدد آبل برسم جمركي 25% ما لم تصنع هواتفها بأميركا
ترامب يهدد آبل برسم جمركي 25% ما لم تصنع هواتفها بأميركا

الجزيرة

timeمنذ 11 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يهدد آبل برسم جمركي 25% ما لم تصنع هواتفها بأميركا

هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الجمعة شركة آبل بفرض رسم جمركي قدره 25% ما لم تقم بتصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة. وقال ترامب في منشور على منصته تروث سوشيال "لقد أبلغت تيم كوك منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن يتم تصنيع هواتف آيفون.. في الولايات المتحدة ، وليس في الهند أو في أي مكان آخر. وإذا لم يحصل ذلك، سيتوجب على آبل دفع رسم جمركي قدره 25% على الأقل للولايات المتحدة". وانخفضت أسهم آبل 2.5% في تعاملات ما قبل فتح السوق على خلفية تحذير ترامب، مما أدى إلى انخفاض العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأميركية. وأثارت الرسوم الجمركية واسعة النطاق، التي فرضها ترامب على كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة فوضى في التجارة والأسواق العالمية. وتتوافق تصريحاته الجمعة مع تلك التي أدلى بها الأسبوع الماضي أثناء زيارته للخليج عندما حض آبل على نقل تصنيع هواتف آيفون إلى الولايات المتحدة. وقال ترامب في 15 مايو/أيار "كانت لدي مشكلة صغيرة مع تيم كوك"، وأكد أنه قال للرئيس التنفيذي لآبل "لسنا مهتمين بأن تقوموا بالتصنيع في الهند.. نريدكم أن تصنّعوا هنا وسوف يقومون بزيادة إنتاجهم في الولايات المتحدة". ولدى عرض أرباح الشركة للربع الأول من العام في مطلع مايو/أيار الحالي، قال كوك إنه يتوقع أن تكون "الهند بلد المنشأ لغالبية أجهزة آيفون التي يتم بيعها في الولايات المتحدة". وحذّر من الآثار غير الواضحة للرسوم الجمركية الأميركية البالغة 145% على السلع المستوردة من الصين رغم الإعفاء المؤقت لسلع عالية التقنية مثل الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. ورغم أن الهواتف الذكية المكتملة البناء معفاة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، فإن المكونات التي تدخل في تركيب أجهزة آبل ليست كلها مستثناة من الرسوم. وتتوقع شركة آبل أن تبلغ تكلفة الرسوم الجمركية الأميركية 900 مليون دولار في الربع الحالي من العام، رغم أن تأثيرها كان "محدودا" في مطلع هذا العام، وفقا لكوك. ويحاول ترامب عبر فرض رسوم جمركية على الواردات دعم الإنتاج المحلي ودفع الشركات الأميركية إلى العودة إلى البلاد لتوفير الوظائف. لكن تقريرا وول ستريت جورنال قال إن التحدي اليوم لا يكمن في إنشاء مصانع، بل في العثور على من يرغب بالعمل فيها، فإعادة الوظائف لا تعني بالضرورة إعادة العمال. ويضيف التقرير أنه في وقت تُدفع فيه السياسة الاقتصادية الأميركية مجددا نحو إعادة "عصر الصناعة"، وتُفرض الرسوم الجمركية على الواردات من أجل تشجيع الإنتاج المحلي، تبرز معضلة جوهرية: هل هناك ما يكفي من الأميركيين الراغبين في العمل داخل المصانع؟

هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟
هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

هل تمهّد "صداقة" ترامب الطريق أمام أردوغان لرفع عقوبات كاتسا؟

إسطنبول- يراهن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على "علاقته الشخصية" بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لرفع العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا عبر العقوبات (كاتسا). وأعرب أردوغان -في تصريحات أدلى بها لصحفيين رافقوه في رحلة عودته من العاصمة الألبانية تيرانا، بعد مشاركته في قمة المجموعة السياسية الأوروبية- عن اعتقاده أن القيود المفروضة على قطاع الصناعات الدفاعية التركية بموجب قانون كاتسا، سيتم التغلب عليها قريبا بفضل نهج الرئيس ترامب، الذي وصفه بـ"الأكثر انفتاحا وإيجابية". وأشار الرئيس التركي إلى أنه يستطيع القول بوضوح، إن هناك تخفيفا للعقوبات الأميركية، وإنه ناقش الأمر مع ترامب ومع السفير الأميركي الجديد في أنقرة توم باراك. وفي السياق، وافقت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي على صفقة -لا تزال بحاجة إلى مصادقة الكونغرس- ببيع صواريخ بقيمة 304 ملايين دولار إلى تركيا، في وقت يسعى فيه البلدان الحليفان في " الناتو" إلى تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية المشتركة. فُرضت عقوبات كاتسا على تركيا في ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد شراء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية " إس 400" بقيمة 2.5 مليار دولار في 2017، رغم تحذيرات واشنطن المتكررة من أن هذه الصفقة ستعرض أمن التكنولوجيا العسكرية الأميركية للخطر وتوفر تمويلا كبيرا لقطاع الدفاع الروسي. وتستند العقوبات إلى قانون "مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات" الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 2017، والذي يفرض عقوبات على الدول التي تجري "صفقات كبيرة" مع قطاع الدفاع الروسي. وشملت العقوبات رئاسة الصناعات الدفاعية التركية وبعض مسؤوليها، بمن فيهم إسماعيل دمير، الرئيس السابق لمؤسسة الصناعات الدفاعية التركية. وتضمنت العقوبات حظر تراخيص التصدير الأميركية وتجميد أصول المسؤولين وفرض قيود على التأشيرات وحظر القروض من المؤسسات المالية الأميركية. كما أدت الصفقة إلى إقصاء تركيا من برنامج مقاتلات " إف-35". منذ فرض العقوبات، سعت تركيا جاهدة إلى رفعها عبر قنوات دبلوماسية متعددة. وفي أحدث محاولاتها، كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أبريل/نيسان الماضي عن استعداد بلاده لشراء معدات عسكرية أميركية بقيمة تصل إلى 20 مليار دولار إذا رفعت واشنطن العقوبات المرتبطة بمنظومة الدفاع الروسية. كما أشار فيدان إلى أن أنقرة تأمل في استعادة 6 طائرات إف-35، كانت مخصصة للقوات الجوية التركية، لكنها احتُجزت في مستودع أميركي منذ طرد تركيا من البرنامج. ويرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أنه لا يمكن تجاهل الدور الشخصي للرئيس التركي أردوغان في الدفع نحو رفع العقوبات الأميركية، لا سيما في ظل ما وصفه بـ"العلاقة الخاصة والمباشرة" التي تجمعه بالرئيس الأميركي ترامب. ويشير أوزغور في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التواصل الشخصي بين الزعيمين أسهم في فتح قنوات تفاوض غير تقليدية خارج الأطر البيروقراطية المعتادة، مما أتاح مرونة أكبر في مواقف واشنطن. مع ذلك، يؤكد أوزغور، أن الرهان على هذه العلاقة لا يكفي بمفرده لتحقيق اختراق كامل في ملف العقوبات، ويرى أن رفعها يتطلب تهيئة مناخ إقليمي ودولي مواتٍ. وهو ما نجحت به أنقرة في السنوات الأخيرة في إعادة تقديم نفسها طرفا محوريا في قضايا تتداخل مع أولويات واشنطن، من الحرب في أوكرانيا وأمن الطاقة، إلى ملفات الشرق الأوسط المعقدة مثل إيران وسوريا. تأثير العقوبات أثّرت عقوبات كاتسا تأثيرا عميقا على قطاع الدفاع التركي والاقتصاد أكثر مما كان متوقعا في البداية. فقد كشف تقرير لشركة لوكهيد مارتن الأميركية في يناير/كانون الثاني الماضي، أن العقوبات عطلت بشدة عملياتها في تركيا، خاصة برنامج المروحيات التركي، الذي كان يهدف إلى إنتاج 109 مروحيات للاستخدام المحلي، و109 أخرى للتصدير، بقيمة إجمالية تُقدر بـ1.5 مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن الشركة واجهت صعوبات في الحصول على تراخيص التصدير والتصاريح اللازمة للوفاء بالتزاماتها التعاقدية، مما أدى إلى تأخيرات كبيرة واضطرارها لإعلان القوة القاهرة وتعليق العمليات جزئيا ابتداء من أكتوبر/تشرين الأول 2024. وأوضحت الشركة أن العقوبات أعاقت حصولها على التراخيص التصديرية اللازمة لمواصلة العمل في مشروع إنتاج المروحيات "تي 70" بالتعاون مع الصناعات الجوية التركية وشركاء محليين آخرين مثل أسيلسان. كما أثّر حظر تراخيص إعادة التصدير من تركيا إلى دول ثالثة على 35% من صادرات صناعة الدفاع التركية التي تحتوي على أنظمة فرعية أميركية. وتعطلت صفقات تصدير كبيرة، مثل عقد بقيمة 1.5 مليار دولار مع باكستان لتوريد 30 مروحية "تي 129″، بسبب عدم قدرة شركة هانيويل على الحصول على ترخيص تصدير للمحركات. قلق إسرائيلي لا تقتصر التحديات التي تعيق مساعي تركيا لرفع عقوبات كاتسا على الاعتبارات القانونية داخل واشنطن، بل تمتد إلى ضغوط حلفاء إقليميين -وعلى رأسهم إسرائيل- التي تخشى من تداعيات إعادة دمج تركيا في برامج السلاح الأميركية المتقدمة، خصوصا صفقة مقاتلات "إف-35". فبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، عبّرت القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب عن "قلق بالغ" إزاء احتمالات بيع هذه الطائرات الشبح لأنقرة، والتي ترى فيها تهديدا مباشرا لتفوقها العسكري النوعي في المنطقة. كما كشفت وسائل إعلام أميركية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مارس ضغوطا مباشرة على وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لوقف أي تحرك محتمل لإعادة فتح ملف المقاتلات مع تركيا. رغم ذلك، أشارت قناة "فوكس نيوز"، في تقرير نشرته بتاريخ 21 مارس/آذار الماضي، إلى أن الرئيس ترامب أبدى انفتاحا على بحث إعادة بيع "إف-35" إلى تركيا، إذا تم التوصل إلى صيغة تضمن تعطيل منظومة "إس 400" الروسية التي لا تزال بحوزة أنقرة. وأفادت القناة، أن ترامب طلب من فريقه إعداد دراسة عن "سبل إعفاء تركيا من العقوبات المفروضة بموجب كاتسا"، تمهيدا لإعادة تقييم الصفقة. View this post on Instagram A post shared by الجزيرة (@aljazeera) من جانبه، يرى المحلل السياسي مراد تورال أن إسرائيل، رغم امتلاكها أدوات ضغط مؤثرة داخل الولايات المتحدة بنفوذها في الكونغرس ولوبيات داعمة، لا تضمن بالضرورة أن تنسجم واشنطن تماما مع رؤيتها، خاصة في ظل إدارة الرئيس ترامب الحالية، التي تظهر استعدادا واضحا لاتخاذ قرارات تتعارض مع مصالح تل أبيب إذا اقتضت الضرورات الجيوسياسية ذلك. ويشير تورال في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا التوجه بدا جليا في مباركة إدارة ترامب للدور التركي في سوريا ورفع العقوبات عن سوريا بوساطة تركية، وهي أمور تزعج تل أبيب. وعليه، فإن تورال يعتبر أن الاعتراض الإسرائيلي قد يبطئ التقدم في هذا الملف، لكنه لن يمنع تطوره إذا ارتأت واشنطن أن استعادة تركيا إلى دائرة التعاون الدفاعي يصب في مصلحتها الإستراتيجية الأوسع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store