
تراجع الدعم الخارجي يرغم «حزب الله» على ترشيد الإنفاق
وتأتي هذه الخطوات في سياق تراجع الدعم المالي الخارجي، وتزايد الضغوط الاقتصادية، ما فرض مقاربة مختلفة في إدارة الموارد، سواء على المستوى التنظيمي أو الاجتماعي والسياسي.
المحلل السياسي علي الأمين، قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الحزب «يدرك تماماً أن ما يقارب 80 في المائة من مبرر وجوده حالياً يعود إلى قدرته المالية، وقدرته على دفع الرواتب وتقديم الخدمات، وبالتالي فإن أي تراجع في هذه القدرة يشكّل تهديداً وجودياً له». وأضاف أن «الحزب بات يتعامل مع هذا التراجع بوصفه مسألة حياة أو موت، لذلك بدأ بإعادة هيكلة أولوياته المالية بما يضمن استمرار صموده التنظيمي».
تتركّز الأولوية اليوم، حسب الأمين، «على الدائرة التنظيمية الصلبة، وتحديداً الجناح الأمني والعسكري، إلى جانب المحازبين الأساسيين المنضوين في الهيكل الداخلي، أي من يشكّلون العمود الفقري للحزب».
وفيما يواصل «الحزب » تسديد المستحقات الكاملة لفئات تعتبر مركزية في بنيته العقائدية، مثل الجرحى وعائلات مَن قتلوا في الميدان، يشير الأمين إلى أن «هؤلاء لا تزال مستحقاتهم تُصرف بشكل منتظم وكامل، لأنهم يُمثّلون رمزاً معنوياً وعقائدياً يصعب المساس به، ولأن أيّ تخفيض بحقهم من شأنه أن يثير ارتباكاً داخل القاعدة الحزبية».
مناصرون لـ«حزب الله» خلال مسيرة احتجاجية على قرار الحكومة بسحب السلاح في ضاحية بيروت الجنوبية (إ.ب.أ)
في المقابل، بدأت تظهر مؤشرات على تقليص حجم الدعم الموجّه إلى الحلقة الأوسع من المؤيدين والمناصرين غير المنتمين تنظيمياً. ويوضح الأمين أن «الحزب بدأ فعلياً بتقليص حجم الإنفاق على الحلقة الأوسع من المؤيدين والمناصرين غير المنظمين، ممن يشاركون في نشاطات عامة أو مهمات محدودة دون أن يكون لهم موقع رسمي داخل الهيكل الحزبي. هؤلاء كانوا يتقاضون رواتب تتراوح أحياناً بين 500 و600 دولار، لكن الحزب بدأ بتطبيق سياسة فرز وترشيد، وقد طلب في بعض القرى تقليص عدد المستفيدين إلى النصف، عبر مراجعة داخلية لتحديد الأكثر فاعلية أو ارتباطاً بالحزب».
ويضيف أن «هناك إشارات واضحة على أن بعض فئات الضمان الاجتماعي التي كان الحزب يغطيها جزئياً، مثل أقساط المدارس أو الجامعات، بدأت تتقلص أو تُربط بشروط أكثر صرامة. لكن حتى اللحظة، لم تظهر مؤشرات حاسمة على أن الدائرة التنظيمية الصلبة تأثرت مالياً، وهو ما يدل على وجود محاولات للحفاظ على البنية العقائدية والوظيفية رغم الضغوط».
ويختم الأمين قائلاً: «(حزب الله) لم يعد قادراً على الحفاظ على ذات الامتداد المالي الذي كان يميّزه قبل الأزمة، وقد أصبح أكثر انتقائية في الصرف، وهو ما يعكس إدراكه لحجم التحدي وخطورة المسّ بموارده المالية. ما يجري اليوم ليس أزمة مؤقتة، بل مسار انحداري يتطلب منه إعادة تعريف أولوياته حفاظاً على الحد الأدنى من تماسكه الداخلي».
من بين الإجراءات التي طُبقت هذا الشهر، اقتطاع 200 دولار من رواتب الموظفين المتفرغين تحت بند مساهمة تعليمية. ووفق مصادر مطلعة، شمل هذا القرار الآلاف من العاملين في مختلف القطاعات التابعة لـ«الحزب». وقد أُبلغ المتفرغون بهذه الخطوة عبر إشعار داخلي مختصر من دون شرح تفصيلي.
كما أوقفت قيادة «الحزب»، وفق المصادر نفسها، صرف «بدل خارج الحدود» للعناصر الذين كانوا في سوريا وعادوا مؤخراً. وكان هذا البدل يشكّل دعماً شهرياً أساسياً لهذه العناصر.
ضمن السياسة المالية الجديدة، علمت «الشرق الأوسط» أن «الحزب» أوقف دعماً مالياً شهرياً كانت تتلقاه جهة سياسية حليفة بقيمة تقارب 200 ألف دولار سنوياً.
وحسب مصادر متابعة، جاء هذا القرار على خلفية «ضغوط مالية داخلية»، بالإضافة إلى مراجعة سياسية اعتبرت أن استمرار التمويل لا يحقق مردوداً فعلياً في المرحلة الراهنة. وأشارت المصادر إلى أن «التمويل السياسي بات يخضع بدوره لمعادلة الربح والخسارة، بعد أن كان يُعتمد كجزء من سياسة التوسّع والتثبيت».
وترى المصادر أن هذه الإجراءات، «تُظهر تحولاً تدريجياً في نهج إدارة الموارد داخل (الحزب) الذي يوازن بين استمرار العمل التنظيمي وضبط الإنفاق، في وقت تتطلب فيه التحديات الميدانية والسياسية مرونة كبيرة في التعامل مع الموارد».
لبنانيون يتفقدون الدمار الناتج عن قصف إسرائيلي استهدف الضاحية الجنوبية في شهر يونيو الماضي (أ.ب)
مع العلم أن ملف إعادة الإعمار يشكل عبئاً بدوره بالنسبة إلى «حزب الله» الذي لا يملك الأموال للتعويض ويضع هذا الأمر في سلّم أولوياته ويرمي الكرة بشأنه عند الدولة اللبنانية، وهو ما يعبّر عنه مسؤولوه في كلّ تصريحاته لعلمهم بأن بناء المنازل في الجنوب والضاحية يعد الشغل الشاغل للعائلات، ومن شأنه أن ينعكس سلباً على علاقته ببيئته وعلى الانتخابات النيابية التي يفترض إنجازها العام المقبل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 11 دقائق
- الشرق الأوسط
ترمب: ينبغي السماح بدخول الصحافيين إلى غزة
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الخميس)، إنه يرغب في رؤية الصحافيين يدخلون إلى قطاع غزة للاطلاع على الجهود الإنسانية. ولم تسمح إسرائيل للمراسلين الأجانب بدخول غزة منذ بدء حربها في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلا إذا رافقهم الجيش الإسرائيلي، وفقاً لـ«رويترز». وأضاف ترمب للصحافيين في المكتب البيضاوي: «أود أن أشهد حدوث ذلك. بالتأكيد... سأوافق بشدة على ذهاب الصحافيين. وهو موقف خطير للغاية، مثلما تعلمون، إذا كنتم صحافيين، لكنني أود أن أشهد ذلك».


الشرق السعودية
منذ 11 دقائق
- الشرق السعودية
إيران أمام خيار صعب بعد ضربات أميركا وإسرائيل.. الدبلوماسية أم التحدي؟
تقف النخبة الدينية في إيران، التي ضعفت بفعل الحرب والجمود الدبلوماسي عند مفترق طرق؛ إما أن تتحدى الضغوط التي تُمارس عليها لوقف النشاط النووي، والمخاطرة بمزيد من الهجمات الإسرائيلية والأميركية، أو الرضوخ، والمجازفة بحدوث انقسامات في القيادة. في الوقت الراهن "تركز المؤسسة الحاكمة في إيران على البقاء أكثر من التركيز على استراتيجية سياسية طويلة الأمد"، كما تقول "رويترز". وأنهى وقف إطلاق نار حرباً استمرت 12 يوماً في يونيو، بدأت بغارات جوية إسرائيلية تلاها قصف أميركي لثلاثة مواقع نووية إيرانية تحت الأرض، باستخدام قذائف خارقة للتحصينات. الحرب بين إيران وإسرائيل وأعلن الطرفان الانتصار، لكن الحرب كشفت عن نقاط ضعف عسكرية، وهزّت صورة الردع التي حافظت عليها إيران التي تعتبر عدو إسرائيل اللدود في المنطقة. وقالت ثلاثة مصادر إيرانية مطلعة، لـ"رويترز" إن المؤسسة السياسية الإيرانية ترى الآن أن المفاوضات مع الولايات المتحدة، بهدف إنهاء خلاف مستمر منذ عقود بشأن طموحات طهران النووية، هي السبيل الوحيد لتجنب المزيد من التصعيد، والخطر على وجودها. وأدى قصف أهداف نووية وعسكرية إيرانية والذي حصد أرواح كبار قادة الحرس الثوري وعلماء نوويين، إلى حدوث صدمة في طهران، كونه جاء قبل يوم واحد فقط من جولة سادسة كانت مقررة من المحادثات مع واشنطن. وفي حين اتهمت طهران، واشنطن، "بخيانة الدبلوماسية"، ألقى بعض المشرعين من المحافظين، وبعض القادة العسكريين باللوم على المسؤولين الذين دافعوا عن الدبلوماسية، معتبرين أن الحوار تبين أنه "فخ استراتيجي" شتت انتباه القوات المسلحة. ومع ذلك، قال أحد المصادر السياسية المطلعة، الذي طلب كغيره عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الأمر، إن القيادة تميل الآن نحو المحادثات لأنها "رأت تكلفة المواجهة العسكرية". استئناف المحادثات مع أميركا وقال الرئيس مسعود بيزشكيان، الأحد، إن استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة "لا يعني أننا ننوي الاستسلام"، مخاطباً بذلك المحافظين الرافضين لمزيد من الجهد الدبلوماسي بشأن الملف النووي بعد الحرب. وأضاف: "لا تريدون إجراء محادثات؟ إذن ماذا تريدون أن تفعلوا؟ هل تريدون العودة إلى الحرب؟". وانتقد بعض المحافظين تصريحاته، ومنهم القائد بالحرس الثوري عزيز غضنفري الذي أوضح أن السياسة الخارجية تتطلب التروي، وأن التصريحات المتهورة قد تكون لها عواقب وخيمة. وفي نهاية المطاف، فإن المرشد الإيراني علي خامنئي هو صاحب القول الفصل، وقالت المصادر المطلعة إنه توصل هو وهيكل السلطة الدينية إلى توافق في الآراء على استئناف المفاوضات النووية، معتبراً إياها ضرورية لبقاء إيران. ولم ترد وزارة الخارجية الإيرانية بعد على طلبات التعليق. قوى مؤثرة وضغوط خارجية وكرر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تأكيدهما مراراً أنهما لن يترددا في ضرب إيران مرة أخرى إذا استأنفت عمليات تخصيب اليورانيوم، التي يمكن استخدامها في تطوير أسلحة نووية. وفي الأسبوع الماضي، حذر ترمب من أنه إذا استأنفت إيران تخصيب اليورانيوم رغم القصف الذي استهدف مصانعها الرئيسية في يونيو "سنعود (للضرب) مرة أخرى"، وردت طهران متعهدة بـ"الرد بقوة". ومع ذلك، تخشى طهران من أن تؤدي أي ضربات في المستقبل إلى شل التنسيق السياسي والعسكري، ولذلك شكَّلت مجلساً للدفاع لضمان استمرارية القيادة، حتى لو اضطر خامنئي، البالغ من العمر 87 عاماً، إلى الانتقال إلى مخبأ بعيد لتجنب الاغتيال. وقال أليكس فاتانكا، مدير برنامج إيران بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، إنه إذا سعت إيران إلى إعادة بناء قدراتها النووية سريعاً دون الحصول على ضمانات دبلوماسية أو أمنية، "فإن الضربة الأميركية الإسرائيلية لن تكون ممكنة فحسب، بل ستكون حتمية". وأضاف: "العودة للمحادثات يمكن أن توفر لطهران متنفساً ثميناً ومجالاً للتحسن الاقتصادي، ولكن إذا لم تحصل على استجابة سريعة من الولايات المتحدة، فإنها تخاطر برد فعل متشدد، وزيادة الانقسامات بين النخبة واتهامات جديدة بالخضوع". تخصيب اليورانيوم وتصر طهران على حقها في تخصيب اليورانيوم كجزء مما تؤكد أنه برنامج سلمي للطاقة النووية، بينما تطالب إدارة ترمب بوقفه بالكامل، وهي نقطة الخلاف الرئيسية في الجمود الدبلوماسي الراهن. وتلوح في الأفق عقوبات جديدة من الأمم المتحدة بموجب ما تُسمى آلية "إعادة فرض العقوبات"، التي دفعت بها قوى الترويكا الأوروبية، كتهديد إضافي إذا رفضت طهران العودة إلى المفاوضات أو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق يمكن التحقق منه للحد من نشاطها النووي. وهددت طهران بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، لكن مصادر مطلعة تقول إن هذا أسلوب ضغط، وليس خطة واقعية، لأن الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي من شأنه أن ينذر بسباق تسليح إيراني لامتلاك قنابل نووية، ويؤدي لتدخل أميركي وإسرائيلي. وقال دبلوماسي غربي رفيع المستوى إن حكام إيران "معرضون للخطر أكثر من أي وقت مضى، وأي تحدٍ هو مقامرة قد تأتي بنتائج عكسية مع تصاعد الاضطرابات الداخلية، وضعف قوة الردع، وفي ظل تحييد إسرائيل لوكلاء إيران من الفصائل المسلحة في الحروب الدائرة بالشرق الأوسط منذ عام 2023". قلق متزايد بين الإيرانيين ويسود بين الإيرانيين العاديين شعور بالقلق نتيجة الحرب، والعزلة الدولية، ويزداد الأمر تعقيداً بسبب إحساس متنامٍ بفشل الحكومة؛ فالاقتصاد القائم على النفط، والمتعثر أساساً بسبب العقوبات، وسوء إدارة الدولة، يواجه ضغوطاً متزايدة، بحسب "رويترز". ويعاني البلد الذي يبلغ عدد سكانه 87 مليون نسمة من انقطاع التيار الكهربائي يومياً في أنحاء البلاد، مما يجبر الكثير من الشركات على تقليص حجم عملياتها. وانحسر منسوب المياه في الخزانات إلى مستويات قياسية منخفضة، مما دفع الحكومة إلى التحذير من "حالة طوارئ وطنية للمياه" تلوح في الأفق. ووقف كثير من الإيرانيين، حتى المعارضين للحكام الشيعة، إلى جانب البلاد خلال حرب يونيو، لكنهم يواجهون الآن فقدان مصادر دخلهم، وقمعاً متزايداً. وقال علي رضا (43 عاماً)، وهو تاجر أثاث في طهران، إنه يفكر في تقليص حجم تجارته، ونقل أسرته خارج العاصمة، وسط مخاوف من تعرضها لمزيد من الهجمات الجوية. وأضاف: "هذا نتيجة 40 عاماً من السياسات الفاشلة"، في إشارة إلى "الثورة الإيرانية" عام 1979 التي أطاحت بنظام الشاه المدعوم من الغرب. وتابع: "نحن بلد غني بالموارد، ومع ذلك يفتقر الناس لإمدادات الماء والكهرباء.. عملائي لا يملكون المال، وعملي ينهار". وكرر ما لا يقل عن 20 شخصاً في أنحاء إيران، أجريت معهم مقابلات عبر الهاتف، ما قاله علي رضا، وهو أنهم يفقدون الثقة في قدرة المؤسسة الحاكمة على الحكم الرشيد على الرغم من أن معظمهم لا يريدون حرباً أخرى. وعلى الرغم من حالة الاستياء الكبيرة، لم تندلع احتجاجات واسعة النطاق، وبدلاً من ذلك، شددت السلطات الإجراءات الأمنية، وكثَّفت الضغط على النشطاء المؤيدين للديمقراطية، وسرّعت وتيرة عمليات الإعدام، وقمعت شبكات تجسس تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، مما أثار المخاوف من اتساع نطاق المراقبة والقمع، وفق "رويترز". ومع ذلك، عاد المعتدلون المهمشون إلى الظهور في وسائل الإعلام الحكومية بعد سنوات من الإقصاء، ويرى بعض المحللين أن هذه الخطوة تهدف إلى تهدئة القلق الشعبي، وإرسال إشارة بإمكانية الإصلاح من الداخل، دون "تغيير النظام" الذي من شأنه أن يغير السياسات الأساسية.


الموقع بوست
منذ 12 دقائق
- الموقع بوست
استعراض جماعة الحوثي أمام منزل الشيخ الأحمر بصنعاء.. هل تكريس لقوتها أم انعكاس يفضح خوفها ورعبها؟
في واقعة استفزازية، أشعل عرضًا عسكريًا نفذته جماعة الحوثي، أمس الأربعاء، أمام منزل الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، أحد أبرز زعماء القبائل اليمنية ورئيس مجلس النواب الأسبق، في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء، موجة استنكار واستياء واسعين بين أوساط اليمنيين. وتداول ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع فيديو توثق لحظة الاستعراض، ما أثار جدلًا واسعًا حول توقيته ودلالاته، خصوصًا أنه جاء بعد يومين من لقاء جمع في القاهرة العميد طارق صالح واللواء هاشم الأحمر وكهلان مجاهد أبو شوارب، خلال مناسبة زفاف لنجل صالح والقاضي ودويد، وهو اللقاء الأول من نوعه منذ أحداث 2011. وتوالت ردود فعل اليمنيين حول العرض العسكري للحوثيين، منهم من اعتبرها رسالة سياسية واجتماعية تتجاوز مجرد الاستعراض العسكري، بينما يرى آخرون أن تلك العرض يعكس مدى الخوف والرعب التي تحيط بهذه الجماعة. وتعليقا على ذلك قال عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين الشيخ سلطان السامعي، إن "ما جرى صباح أمس من استعراض عسكري أمام منزل الشيخ حمير الأحمر في منطقة الحصبة بأمانة العاصمة يُعد تصرفًا استفزازيًا مرفوضًا". وأضاف السامعي "لا يليق بعاقل أن يقبله في إطار النظام، ونؤكد لهؤلاء: "ما هكذا تُورد الإبل". من جانبه قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية (المعترف بها دوليا) معمر الإرياني، إن "هذه العروض الاستعراضية البائسة لا تخفي حقيقة أن جماعة الحوثي حالة طارئة وغريبة عن النسيج الوطني، وأنها مهما حاولت العبث بالهوية الجامعة أو الانتقام من رموزها، ستظل مجرد سحابة عابرة في سماء تاريخ صنعه الأبطال من كل ارجاء اليمن بتضحياتهم ودمائهم، وأن يوم هذه المليشيا قريب، وساعتهم آتية، وسيلحقون بأسلافهم في مزبلة التاريخ، والجمهورية وأهلها باقين ما بقيت الجبال في مكانها". وأضاف "في مشهد يكشف حجم الأحقاد المتجذرة التي تحملها هذه الجماعة ضد القوى الجمهورية ورموزها الوطنية، التقطت إحدى كاميرات المراقبة قيام عناصر الحوثي بتنظيم استعراض عسكري أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله، مرددين الصرخة الخمينية في تصرف استفزازي يفتقر لأبسط قيم الاحترام، ويعكس ذهنية عدائية مريضة. من جهته اعتبر الإعلامي بشير الحارثي، استعراض الحوثي المليشاوي أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر واستفزاز شيخ مشايخ حاشد حمير الأحمر ليس قوة بل دليل ضعف وخوف تكشف هشاشته. وقال "هو استفزاز متعمد ليس للشيخ حمير وآل الأحمر بل لقبيلة حاشد وكل قبائل اليمن حاشدي وبكيلي ومذحجي وإهانة لرموزها ومشايخها بعد أن أمتهن كرامتها وسفك دماء أبنائها". وأضاف "لكن ما يحاول تجاهله الحوثي أن الكرامة إذا جُرحت اشتعلت وأن ساعة الحساب قادمة وفاتورة الانتقام والدم ثقيلة، وثقيلة جدًا، واليمني لا ينسى ولا يترك حقه والتاريخ شاهد". الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر، علق بالقول "العرض العسكري أمام بيت الشيخ عبدالله مشهد كاريكاتوري لسلطة خائفة". وقال "يخرج علينا الحوثي بعرض عسكري أمام بوابة منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر في الحصبة لا، ليس استعراضا للقوة، بل لضعف صاخب، وخوف جلي، يقفز على عتبة بيت لم يسجد إلا لله، ولم يُقايض مواقفه الجمهورية لا بالدولار ولا بالصرخة". وأضاف "يحدث ذلك في لحظة تُكتبُ فيها فصول الهوان بمداد الوقاحة، ويختلط فيها صوت البندقية برعشة الفزع. على إنه مشهد لا يُشبه الدول، ولا حتى يشبه العصابات. إنه مسرح عبثي من إنتاج "جماعة تحكم ولا تملك"، وتخاف من كل ظلٍ، حتى ولو كان ظلا جمهوريا عمره قرون". وتابع "والشاهد إن عبدالملك الحوثي، بكل ما أوتي من فُصام وارتباك، أراد إيصال رسالة. لكنه لم يرسلها بطائرات أو خطابات، بل أرسلها بطابور عسكري في زقاق ضيق لا يسع حتى ذكريات مجلس الشيخ عبدالله، ناهيك عن جنرالاته من ورق. أي أراد أن يقول شيئا، ففضحه الفعل قبل أن يُفهم القول. الرسالة؟ "نخاف من هذا البيت. ونتمنى كسره لأننا لا نتحمله". وزاد أبو النصر "أي عُقدة يحملها هؤلاء من بيت الأحمر؟ أهو الحضور؟ التاريخ؟ الوقوف مع الدولة في زمن اختبأ فيه آخرون خلف أعمدة الخراب؟ أم هو الحنين إلى زمن الخنوع والعبيد، الذي لم يكن لهذا البيت فيه نصيب؟ وبيت الأحمر، وخصوصا حمير وصادق وهاشم، ليسوا ملائكة، لكنهم وقفوا يوم انقسمت البلاد، وقالوا: "لا" في زمن الـ"نعم" الخانعة. واليوم، يدفعون الثمن. تماما كما دفعت حاشد، وكما دفع اليمنيون الصادقون". وأردف "تذكرون في زفاف ال عفاش، صافح هاشم الأحمر طارق. فعلٌ عادي، يُكافأ عليه في دولة، ويُعاقب عليه في سلالة. فجن جنونهم، وكشروا عن أسنانهم المهترئة، وأصدروا أوامر بمنع خروج الشيخ حمير من بيته "إلا للضرورة القصوى". وكأننا في حكاية كافكاوية، فيما المنطق يُصلب على باب الحصبة، والعقل يُنفى إلى جبال مران". وختم أبو النصر مقاله بالقول "يا حوثي، هل تظن أن استعراضك في وجه بيت الشيخ عبدالله يُخيف من تشرب الصلابة من مجلس والده؟ أم تظن أن محمد العماد، بصراخه الهستيري عن عدد سيارات حمير، سيعيد ترتيب الجغرافيا؟ الأرض أرضنا، والبيوت بيوتنا، والتاريخ لا يُعيد نفسه إلا على شكل مهزلة، وأنتم الآن المهزلة بعينها". الخبير في شؤون الجماعات المسلحة عدنان الجبرني قال إن موجة التحريض الحوثية لم تعد تقتصر على الخصوم السياسيين في المدن، بل انتقلت بشكل واضح نحو القبائل ورموزها التقليدية، خصوصًا بعد لقاءات المؤتمر الشعبي العام وما تلاها من نشاط للسامعي. واضاف الحوثيون وجهوا رسائل مباشرة إلى الشيخ حمير بن عبدالله الأحمر، شيخ مشايخ حاشد، والشيخ ناجي الشايف، شيخ مشايخ بكيل، إلى جانب مشايخ آخرين، باعتبار أن أي نشاط اجتماعي اعتيادي، وفق أعراف القبائل المتجذرة منذ قرون، سواء أكان لحل المشكلات أو للقيام بالواجبات الاجتماعية مثل العزاء وحضور الأفراح، يُعد خرقًا لتوجيهات قياداتها و"خيانة لقضية فلسطين". ويرى الجبرني أن هذه التصرفات وصلت إلى حد تنفيذ الجماعة، يوم أمس، وقفة مسلحة أمام منزل الشيخ حمير الأحمر، في إشارة واضحة إلى تصعيد الضغط والتهديد الموجه ضده شخصيًا وضد رموز حاشد. واعتبر أن هذه الممارسات الاستفزازية تهدف إلى كسر الحضور القبلي التقليدي للأسرة وإظهار قدرة الجماعة على فرض هيمنتها الميدانية، رغم الصمود الرمزي والسياسي للشيخ حمير الأحمر وعائلته. رضوان الهمداني، كتب مخاطبا الحوثي بالقول: كيف تقول إنك دولة عظمى وبتهدد الشرق والغرب، وآخر شيء تبكر تعمل عرض عسكري امام منزل حمير الأحمر؟ وأضاف "انت لو دولة بتتصل لحمير بالتلفون وسيحضر غصبا عنه لأي قسم شرطة"، مردفا "الله والمصيبة الذي نحن فيها، لا فلحنا في انقلابات، ولا فلحنا نكون شرعية، ولا قدرنا نكون جمهورية ولا ملكية مثل خلق الله". ابراهيم عسقين، المستشار الإعلامي لمحافظ إب كتب "استفزاز حقير من الحوثيين اليوم بإقامة عرض عسكري أمام منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رداً على لقاء هاشم الاحمر بطارق صالح قبل يومين في القاهرة". وقال "هذا الاستفزاز دليل واضح بأن الحوثيين يتغذون سياسياً على فُرقة أطراف 2011 ويؤلمهم جداً أن يتفقوا أو يلتقوا على طاولة واحدة". الناشط عفيف البراشي قال "عرض المليشيا أمام بيت الشيخ الأحمر استعراض للخوف أمام بيت المجد، وأضاف "لم يكن المشهد استعراض قوة، بقدر ما كان اعترافًا صامتًا بالخوف. فالمتغلب الواثق لا يحشد البنادق أمام الأبواب المغلقة، ولا يستعرض عضلاته عند عتبة التاريخ، إلا إذا كان هذا التاريخ يؤرقه ويلاحقه". وتابع "منذ أن خرجت المليشيا من كهوف صعدة وسارت باتجاه العاصمة، كان بيت الأحمر أول ما تسعى للنيل منه في كل مدينة تطأها الخمري، حوث، خمر، عمران..الخ، لأنها تعرف أنه بيت اليمن حين كانت القبيلة درعًا لكرامة الوطن والمواطن، والكلمة فيه ميثاقًا، والموقف سيفًا. بيتٌ خرجت منه مواقف هزّت القصور، وساندت الدولة في أعتى الحروب، ووقفت بوجه الظلم والمؤامرات". واستدرك "يظن الحوثي أن صفوف مقاتليه وهدير محركاته تكفي لطمس هذه الذاكرة، لكنه يجهل أن الذاكرة ليست في الحجارة، بل في قلوب الرجال الذين أنجبهم هذا البيت، وفي تاريخٍ لا يزول بزخرفة الرايات وبريق الشعارات". واستطرد "وقفوا أمام بيت الأحمر كمن يقف أمام مرآة تكشف عجزه؛ فالعرض كان رسالة للعالم، لكنه كان أيضًا رسالة لأنفسهم: كم يخافوا من هذا الاسم، ويخافوا من هذا الإرث الذي لطالما حاولوا وغيرهم طمسه"، مضيفا "إنه عرض خوف لا عرض قوة، وبيت الأحمر سيظل شاهدًا لا تهزه مواكب السلاح، ولا تطفئ نوره مواكب الظلام".