logo
كواليس صناعة الطعام الصحي .. استثمار في الجسد أم تجارة رابحة للشركات؟

كواليس صناعة الطعام الصحي .. استثمار في الجسد أم تجارة رابحة للشركات؟

أرقام٢٣-٠٧-٢٠٢٥
في أحد أركان حي "سوهو" الأنيق في نيويورك، جلس شاب ثلاثيني يتصفح قائمة الطعام في مطعم عضوي شهير، باحثًا عن وجبة "صحية" بعد حصته الصباحية في النادي الرياضي. اختار هذا الشاب سلطة "الكوينوا بالأفوكادو" مع شرائح السلمون المدخن، ومشروب توت عضوي، وقالب بروتين بالحبة السوداء للتحلية ليدفع فاتورة تجاوزت 60 دولارًا أمريكيًا.
نفس هذا الشاب تناول الغداء في مطعم يقدّم "أطعمة صحية طازجة"، واختار هذه المرة طبق رئيسي من صدر بط عضوي مطهو، مع وجبة تحلية خالية من السكر، ولكن أنفق هذه المرة نحو 122 دولارًا.
ورغم أن المكونات تبدو خفيفة على المعدة، فإنها ثقيلة على الجيب، إذ يتطلب الأمر من مثل هذا الشاب أكثر من 200 دولار يوميًا ليحصل على وجبات صحية من المطاعم التي توفر تلك النوعية من الطعام.
بالطبع هناك من يلجأ إلى الطهي تلك المنتجات في المنزل من أجل تقليص الفاتورة، لكن تظل كلفتها أعلى من نظيرتها التقليدية، فهناك ملايين حول العالم من مختلف الأعمار مثل هذا الشاب يسعون لتناول الأكل الصحي الخالي من المواد الضارة.
فهل تُعد هذه الأطعمة فعلًا صحية بما يكفي لتبرير هذا السعر؟ أم أن الأمر يتعلق بالتسويق وجني الأرباح عبر الترويج لطعام يظن مشتريه أنه يقدم نمط حياة أكثر صحة.
أرقام ضخمة لصناعة الغذاء الصحي
في عصر أصبح مهووسًا بالصحة وطول العمر، تحولت منتجات الطعام الصحي من عناصر هامشية في متاجر متخصصة إلى منتجات حاضرة بقوة في الأسواق الاستهلاكية العالمية.
وخلف هذه الوجبات الصحية والتغليف الأنيق، تدور صناعة ضخمة تقدَّر قيمتها عالميًا بنحو تريليون دولار في عام 2024، مع توقعات نمو تصل لنحو 50% بحلول 2030.
وجاءت تلك الأرقام الضخمة مدفوعة بزيادة الإقبال على المنتجات المعلبة تحت لافتات مثل "عضوي"، "خالي من الجلوتين"، "دون سكر مضاف".
ويغذي هذا النمو تغيّر سلوك المستهلكين، إذ كشفت بيانات شركة ماكينزي أن 79% من المستهلكين يعتبرون الصحة والعافية أمرًا مهمًا في حياتهم، مع التركيز على التغذية النشطة والأكل الصحي كأولوية قصوى.
وليس الأفراد وحدهم من ينساقون وراء تلك اللافتات، بل أيضًا المؤسسات الصحية والمدارس وشركات التأمين، التي تروّج لبرامج غذائية تعتمد على ما يُعرف بـ"الأطعمة الوظيفية" التي يُفترض أنها تقي من الأمراض وتُعزز الطاقة والتركيز.
وتتصدر أمريكا الشمالية وأوروبا السوق، بينما يشهد الطلب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ نموًا سريعًا نتيجة زيادة الوعي الصحي.
وساهم المؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي والمشاهير في دفع منتجات مثل رقائق الكيل، وحليب اللوز، ومكملات الكولاجين إلى الواجهة.
ثمن العافية.. هوامش ربح عالية
رغم ما يبدو من فوائد صحية مغرية، فإن عالم الأطعمة "الصحية" يخفي خلفه اقتصادًا مزدهرًا قائمًا على هوامش ربح لافتة وأسعار تفوق بكثير المنتجات الغذائية التقليدية.
وأظهرت دراسة صادرة عن كلية هارفارد للصحة العامة أن تناول الأطعمة الصحية يكلف الفرد، في المتوسط، 1.50 دولار إضافيًا يوميًا مقارنة بالأطعمة الأقل صحية، أي نحو 550 دولارًا سنويًا للشخص الواحد.
حجم الاستثمارات المتوقعة في قطاع الأغذية الصحية خلال السنوات الخمس المقبلة
ووفقًا لبيانات شركة آيبيس وورلد لأبحاث السوق، فإن هامش الربح في بعض منتجات الأغذية الصحية يمكن أن يتجاوز 35%، مقارنة بهوامش تتراوح بين 10 و15% فقط في المنتجات التقليدية.
على سبيل المثال، تُباع عبوة من بسكويت الشوفان العضوي بسعر يصل إلى 6 دولارات، في حين أن تكلفة تصنيعها لا تتجاوز 1.2 دولار فقط.
ويرجع الخبراء ارتفاع سعر الغذاء الصحي غالبًا إلى الغلاف الأنيق والعبارات التسويقية مثل "طبيعي 100%"، التي تُضفي إحساسًا بأن المستهلك يدفع ثمن "صحته" لا مجرد منتج غذائي.
هذه الربحية المرتفعة دفعت شركات الأغذية العملاقة إلى دخول هذا القطاع بقوة، فقد استحوذت شركة نسله على علامة فايتيل بروتينز المتخصصة في مكملات الكولاجين.
في حين تمتلك يونيليفير علامة سير كنسينجتونز الشهيرة بمنتجاتها النباتية والنظيفة.
كما وسّعت دانون الفرنسية استثماراتها في المنتجات العضوية واللبن النباتي، إدراكًا منها أن المستهلك مستعد لدفع المزيد مقابل ما يُسوّق له على أنه "الخيار الأفضل لصحة المستقبل".
هل تحقق هذه المنتجات وعودها الصحية؟
رغم أن العديد من منتجات الطعام الصحي تحتوي على عناصر مفيدة مثل مضادات الأكسدة والألياف والبروتينات النباتية، إلا أن الخبراء يحذرون من أن الكثير من تلك المنتجات لا تستند إلى أسس علمية قوية.
كما أشارت مراجعات علمية نُشرت في مجلة بريتش ميديكال إلى أن كثيرًا من هذه الادعاءات تفتقر إلى دليل علمي قاطع، وأن الفارق الصحي بين بعض المنتجات "العضوية" وتلك التقليدية قد لا يكون مؤثرًا كما يُعتقد.
وفي مراجعة نُشرت عام 2023 في المجلة نفسها، تبين أن أكثر من 60% من المنتجات التي تُسوّق على أنها "صحية" أو "طبيعية" في الولايات المتحدة تحتوي على نسب مرتفعة من السكر أو الصوديوم أو الدهون المشبعة.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور "مارك هوبكنز"، أستاذ علوم التغذية في جامعة ليدز: "هناك تضخيم كبير في التسويق الغذائي، فمجرد كون الطعام باهظ الثمن ولا يحتوي على إضافات صناعية لا يعني بالضرورة أنه أكثر صحة أو فاعلية".
وأضاف أنه أحيانًا تكون حبة فاكهة من السوق الشعبي أغنى بالفيتامينات من عصير فائق الجودة مستورد."
من جانبها تقول الدكتورة "ماريون نيستل"، أستاذة التغذية في جامعة نيويورك: "غالبًا ما تكون الادعاءات الصحية على عبوات المنتجات الغذائية أكثر ارتباطًا بالتسويق".
وأوضحت أن النظام الغذائي الصحي الحقيقي يجب أن يعتمد على الأطعمة الكاملة مثل الفواكه والخضروات والبقوليات والحبوب، لا على مساحيق أو ألواح غذائية مصنّعة تُسوّق على أنها "أطعمة خارقة".
يستحق الثمن
في المقابل لا يرى البعض أن الطعام الصحي مجرد تغليف فاخر وتسويق ذكي، إذ أن التفاصيل أكثر تعقيدًا.
فإنتاج الطعام العضوي، مثلاً، لا يقتصر فقط على زراعة "دون مبيدات"، بل يتطلب دورات زراعية أطول، مراقبة صارمة للجودة، وتكاليف لوجستية أعلى لتفادي التلوث المتبادل مع الأطعمة التقليدية.
كما أن لحوم الأبقار أو الدواجن العضوية تتطلب أعلافًا طبيعية وبيئة تربية خاصة، مما يعني استثمارات أكبر لكل كيلوغرام من المنتج.
وبحسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) فإن كلفة إنتاج الغذاء العضوي قد تزيد بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالإنتاج التقليدي، وهو ما ينعكس مباشرة على الأسعار النهائية.
من منظور آخر، ينظر بعض الخبراء إلى الطعام الصحي باعتباره استثمارًا طويل الأمد في الصحة، وليس كسلعة استهلاكية فقط.
إذ تشير دراسة منشورة في مجلة بابليك هيلث نيوترشن إلى أن النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة يقلل من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب وبعض أنواع السرطان بنسبة تصل إلى 30%.
بمعنى آخر، ما يدفعه الشخص اليوم على وجبة خالية من الزيوت المهدرجة أو السكر المكرر، قد يوفر عليه آلاف الدولارات من نفقات العلاج لاحقًا.
كما تلتزم بعض الشركات بشهادات معتمدة مثل يو إس دي إيه أورجانيك، ما يعني رقابة صارمة من جهات مستقلة، هذا المستوى من الالتزام بالجودة والسلامة يُبرر من وجهة نظرهم التكلفة المرتفعة.
كما يدفع المستهلك أحيانًا أيضًا ثمن الابتكار والتطوير العلمي، فمنتجات مثل بدائل اللحوم النباتية أو الزبادي الغني بالبروبيوتيك تستند إلى أبحاث طويلة ومعقدة لتوفير طعام شهي وبديل صحي بمذاق وقوام مقنعين.
وتُخصص الشركات الناشئة في هذا المجال ملايين الدولارات سنويًا لتطوير هذه المنتجات، ما ينعكس بدوره على سعر المنتج النهائي.
المستهلكون في مرمى النيران
في نهاية المطاف يجد المستهلكون الحريصون على صحتهم أنفسهم في حيرة وسط هذا الزخم، فالكثير منهم يشترون هذه المنتجات معتقدين أنهم يتخذون قرارات صحية، لكن الخط الفاصل بين العلم والتسويق أصبح مشوشًا.
تقول آنا لورانس، مديرة تسويق تبلغ من العمر 32 عامًا إنها تنفق نحو 400 دولار شهريًا على المنتجات الصحية، لذا فهي تريد أن تتجنب الإصابة بالأمراض، وتنام بشكل أفضل، وبالتالي الحصول صحة أفضل، لكنها تشعر أحيانًا أنها تدفع "مقابل التغليف والوعود فقط".
ويمكن لمنتجات الطعام الصحي أن تساهم في نمط حياة متوازن إذا تم اختيارها بعناية، لكن النمو السريع في هذه الصناعة جعل التسويق يتفوق على الحقائق العلمية في كثير من الأحيان.
لذلك، من المهم أن يكون المستهلك واعيًا، يقرأ الملصقات بدقة، ويعتمد على مصادر موثوقة بدلاً من الانجراف وراء الكلمات الرنانة أو توجهات المشاهير.
فالصحة لا تُشترى فقط من أرفف المتاجر الراقية، بل تُبنى بالمعرفة، والاعتدال، والاختيارات الذكية ليست بالضرورة المكلفة.
المصادر: أرقام- جراند فيو ريسرش- شركة ماكينزي- كلية هارفارد للصحة العامة- المجلة الطبية البريطانية- هيئة الغذاء والدواء الأمريكية- هيئة سلامة الأغذية الأوروبية- شركة آي بي آي إس وورلد للأبحاث- بابليك هيلث نيوترشن
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دراسة: فحوصات سرطان القولون تعزز الكشف المبكر وتنقذ الأرواح
دراسة: فحوصات سرطان القولون تعزز الكشف المبكر وتنقذ الأرواح

عكاظ

timeمنذ 34 دقائق

  • عكاظ

دراسة: فحوصات سرطان القولون تعزز الكشف المبكر وتنقذ الأرواح

شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في فحوصات سرطان القولون والمستقيم بين البالغين في أواخر الأربعينيات، مدفوعة بتغييرات كبيرة في الإرشادات الوطنية للفحص المبكر، ففي عام 2018، خفّضت الجمعية الأمريكية للسرطان (ACS) سن الفحص الموصى به إلى 45 عاماً بدلاً من 50، وتبعتها هيئة الخدمات الوقائية الأمريكية في 2021، مما دفع شركات التأمين والأطباء إلى تبني هذه التوصية للكشف المبكر عن هذا المرض الخطير. وبحسب موقع «only my health»، أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية زيادة بنسبة 62% في فحوصات سرطان القولون بين الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 45 و49 عاماً من 2019 إلى 2023. وتوصلت الدراسة إلى أن التشخيص المبكر لسرطان القولون في مراحله الأولى ارتفع بنسبة 50% خلال عام واحد (2021-2022)، مما سهّل العلاج وحسّن النتائج بشكل كبير. ويُعد سرطان القولون الآن السبب الرئيسي لوفيات السرطان بين الرجال دون سن الـ50، إذ كان المرضى في الأربعينيات يُشخصون في مراحل متقدمة عند ظهور الأعراض، مما يحد من خيارات العلاج. لكن توسيع نطاق الفحص قلّل هذا الاتجاه من خلال اكتشاف السلائل ما قبل السرطانية، التي يمكن إزالتها جراحياً لمنع تطورها إلى سرطان. وقدمت الدراسة عدة نصائح للوقاية من سرطان القولون، وهي: - إجراء الفحص عند سن 45: استشر طبيبك إذا كنت في سن 45 أو أكثر، أو مبكراً إذا كان لديك تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان أو السلائل. - اتباع نظام غذائي غني بالألياف: تناول الحبوب الكاملة، الفواكه، والخضروات للحفاظ على صحة القولون. - تقليل الكحول وتجنب التدخين: كلاهما يزيد من مخاطر الإصابة. - ممارسة الرياضة بانتظام: النشاط البدني يقلل المخاطر ويعزز صحة الجهاز الهضمي. - معرفة التاريخ العائلي: إذا كان أحد الأقرباء مصاباً، قد تحتاج إلى فحوصات متكررة. وتؤكد الإرشادات المحدثة أهمية الفحص المبكر، إذ يمكن لاختبار بسيط أن يُحدث فارقاً بين الكشف المبكر أو تفاقم المرض. ويحث الخبراء الأشخاص في منتصف الأربعينيات على عدم انتظار ظهور الأعراض، والتواصل مع الأطباء لإجراء الفحوصات اللازمة، مما يساهم في إنقاذ المزيد من الأرواح. أخبار ذات صلة

دراسة حديثة: منتجات الألبان تقي من السرطان وأمراض القلب والسُكري
دراسة حديثة: منتجات الألبان تقي من السرطان وأمراض القلب والسُكري

الرجل

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرجل

دراسة حديثة: منتجات الألبان تقي من السرطان وأمراض القلب والسُكري

كشفت دراسة حديثة أُجريت في جامعة فلوريدا الأمريكية عن فوائد صحية كبيرة لمنتجات الألبان في الوقاية من عدد من الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسُكري، بالإضافة إلى أنواع معينة من السرطان مثل سرطان القولون والبروستاتا والمثانة والثدي. ووفقاً للدراسة التي نشرت في دورية "Clinical Nutrition" الأوروبية المتخصصة في التغذية، فإن الزبادي ومنتجات الألبان المختمرة مثل الكفير كانت الأكثر فاعلية من حيث الفوائد الصحية، حيث أظهرت الأدلة أن الاستهلاك المنتظم لهذه المنتجات يرتبط بتقليل ملحوظ لمخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. ولفت الباحثون إلى أن الزبادي والكفير لا يُعتبران فقط مصدرًا جيدًا للبروبيوتيك الذي يعزز صحة الأمعاء، بل يحتويان أيضًا على العديد من العناصر الغذائية مثل الفيتامينات والمعادن التي تعزز صحة القلب وتقوي الجهاز المناعي. وأضافوا أن تناول هذه المنتجات يساعد في تحسين التوازن البكتيري في الجهاز الهضمي ويعزز قدرة الجسم على مقاومة الالتهابات. وأشارت النتائج إلى أن الجبن جاء في المركز الثاني من حيث الفعالية، مع نتائج واعدة وإن كانت متباينة في بعض الدراسات، في حين كان تأثير الحليب محايداً في غالبية الحالات، على الرغم من وجود بعض المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى تقليل خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. العلاقة بين الألبان والمخاطر الصحية ووجدت الدراسة أن استهلاك الحليب يمكن أن يساعد في تقليل بعض المؤشرات الحيوية المرتبطة بالالتهابات، مما يُعزز الصحة العامة، وبينما كانت الفوائد الصحية للحليب محدودة في بعض الحالات، إلا أنه ظل جزءًا مهمًا من النظام الغذائي بشكل عام. ورغم قلة الدراسات التي تناولت العلاقة بين استهلاك منتجات الألبان والمخاطر الصحية مثل سرطان الكبد والمبيض، إلا أن الباحثين أكدوا أن هذه النتائج تشير إلى علاقة ارتباطية وليست سبباً مباشراً، وأوصت الدراسة بضرورة توخي الحذر عند تفسير هذه النتائج وعدم استخدامها كدليل ثابت ضد استهلاك الألبان. وعلى الرغم من هذه التحفظات، أظهرت العديد من الدراسات أن المنتجات المختمرة توفر فوائد صحية كبيرة مقارنة بالمنتجات الأخرى. وأخيراً، خلصت الدراسة إلى التوصية بأن يُدرج منتجات الألبان كجزء من النظام الغذائي المتوازن. ويفضل استهلاك حصتين إلى 3 حصص يومياً لتعظيم الفوائد الصحية، خاصة عندما يتم دمجها مع الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن والبروتينات النباتية. كما أضاف الباحثون أنه من المهم اختيار المنتجات منخفضة الدهون للحصول على الفوائد الصحية دون المخاطرة بالاستهلاك الزائد للدهون المشبعة. وبذلك، تُعد منتجات الألبان خيارًا غذائيًا ممتازًا يعزز الصحة العامة ويحمي من الأمراض المزمنة.

لأول مرة.. مريض بالتصلب الجانبي الضموري يتحكم في "آيباد" بمجرد التفكير
لأول مرة.. مريض بالتصلب الجانبي الضموري يتحكم في "آيباد" بمجرد التفكير

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

لأول مرة.. مريض بالتصلب الجانبي الضموري يتحكم في "آيباد" بمجرد التفكير

تمكَّن مريض بالتصلب الجانبي الضموري من التحكم بجهاز آيباد باستخدام التفكير فقط، دون الحاجة إلى لمس الشاشة أو إصدار أي صوت أو حتى تحريك عينيه، وذلك في "أول عرض علني من نوعه" لهذه التقنية التي تحققت بفضل تعاون بين شركتَي "أبل" و"ساينكرون" (Synchron). ونشرت شركة "ساينكرون"، الرائدة في مجال واجهات الدماغ-الحاسوب (BCI)، مقطعاً مصوراً يعرض مارك جاكسون، وهو مصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وأحد المشاركين في أول تجربة سريرية وافقت عليها إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) تحت اسم COMMAND، وقد خضع في عام 2023 لزرع جهاز Stentrode، يزرع داخل الأوعية الدموية لتسجيل أو تحفيز نشاط الدماغ دون الحاجة إلى جراحة دماغية مفتوحة. وتتيح هذه التقنية تحويل الأفكار إلى أوامر رقمية، حيث يمكن للمريض التنقل في شاشة iPad الرئيسية، وكتابة النصوص، وفتح التطبيقات باستخدام التفكير فقط، دون الحاجة إلى استخدام اليدين أو الصوت أو حتى العينين. يأتي هذا الإنجاز بعد إعلان أبل في مايو عن بروتوكول إدخال جديد خاص بواجهات الدماغ-الحاسوب (BCI HID)، والذي يتيح لأنظمة التشغيل التابعة لها استخدام إشارات الدماغ كوسيلة إدخال أصلية لأول مرة. وقال المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Synchron توم أوكسلي: "هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها العالم تحكماً مباشراً بجهاز من أبل عبر التفكير فقط. تجربة مارك تُمثّل إنجازاً تقنياً، ولمحة عن مستقبل التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا، حيث يصبح الإدخال المعرفي وسيلة تحكم رئيسية". من جانبه، قال مدير قسم علوم الأعصاب والخوارزميات في الشركة بيتر يو: "مارك (جاكسون) لا يستطيع تحريك يديه، لكنه لا يزال قادراً على التفكير في تلك الحركات. هذا يعني أن دماغه لا يزال يرسل الإشارات إلى جسده. ومن خلال واجهات الدماغ-الحاسوب، يمكننا التقاط تلك الإشارات وتحويلها عبر نموذج تعلم آلي إلى تحكم رقمي بالأجهزة". وأضاف يو أن هذه التقنية توسّع من إمكانيات التفاعل مع الأجهزة الرقمية، ما يجعلها أكثر سهولة للأشخاص المصابين بالشلل، مشيراً إلى أن "التحكم في BCI يعني القدرة على التحكم بأي جهاز رقمي، وهذه خطوة كبيرة نحو مستقبل تصبح فيه واجهات الدماغ-الحاسوب شائعة في التحكم بالأجهزة". كيف يمكن التحكم في آيباد بمجرد التفكير؟ يتم التحكم بجهاز آيباد من خلال ميزة Switch Control المخصصة لتسهيل الوصول ضمن نظام تشغيل iPadOS، بالتكامل مع الشريحة العصبية Stentrode المزروعة داخل وعاء دموي يقع أعلى القشرة الحركية للدماغ. وتعمل هذه الشريحة على التقاط الإشارات العصبية المرتبطة بنية الحركة، ثم تُرسلها لاسلكياً إلى وحدة خارجية تعمل على فك ترميز الإشارات، ليتكامل عملها مباشرة مع نظام التشغيل عبر بروتوكول BCI HID. ويتيح هذا البروتوكول الجديد تواصلاً دائرياً مغلقاً بين أجهزة أبل وتقنيات شركة ساينكرون، حيث يتم تبادل المعلومات بين النظام والشريحة بشكل ديناميكي في الوقت الفعلي، ما يمكّن الجهاز من فهم محتوى الشاشة وسياق التفاعل بصورة متطورة، وبالتالي تعزيز الاستجابة والدقة في تنفيذ الأوامر. شراكة ممتدة تجدر الإشارة إلى أن التعاون بين أبل وساينكرون بدأ منذ عام 2024 من خلال مشاريع تجريبية لاختبار تقنيات التحكم الدماغي على نظارات الواقع المختلط Vision Pro، حيث تمكن مارك آنذاك من تشغيل الجهاز عبر التفكير فقط. ومع مرور الوقت، توسعت الشراكة لتشمل أجهزة آيفون وآيباد، حيث تم دمج الدعم التقني داخل إطار العمل الخاص بخدمات الوصول في أنظمة أبل، ومن المتوقع أن يتم توسيع هذا الدعم ليشمل مزيداً من أجهزة الشركة بحلول نهاية عام 2025. وبحسب شركة ساينكرون، فقد تم حتى الآن زرع جهاز Stentrode لدى 10 مرضى في الولايات المتحدة وأستراليا، ضمن إطار موافقة استثنائية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لتجربة الأجهزة الطبية الجديدة. وعلى عكس جهاز "نيورالينك" (Neuralink) التابع للملياردير إيلون ماسك، والذي يعتمد على جراحة مباشرة وزرع أقطاب كهربائية في أنسجة الدماغ، فإن تقنية Stentrode لا تتطلب فتح الجمجمة أو إجراء عمليات جراحية عميقة، بل يتم زرعها عبر قسطرة تدخل من خلال الوريد الوداجي، ما يجعل العملية أكثر أماناً وأقل توغلاً. وتفتح هذه التكنولوجيا آفاقاً واسعة أمام المصابين بأمراض عصبية أو إصابات تمنعهم من استخدام أطرافهم، مثل مرضى ALS أو المصابين بالشلل نتيجة السكتات الدماغية أو إصابات العمود الفقري، إذ تتيح لهم هذه التقنية القدرة على التفاعل مع الأجهزة الرقمية والاستفادة منها كما يفعل المستخدمون العاديون، ولكن من خلال العقل فقط. وتعمل "ساينكرون" على تطوير استخدامات أكثر تقدماً لتقنية Stentrode، إذ تستعد حالياً للانتقال إلى مرحلة التجارب السريرية الموسعة التي تمهد لإطلاقها التجاري خلال عام 2026. وفي هذا السياق، دخلت "ساينكرون" في شراكات تقنية مع شركات عالمية مثل "إنفيديا" (Nvidia)، مستفيدة من منصات الحوسبة المتقدمة مثل Holoscan وOmniverse، وذلك بهدف تطوير نموذج معرفي ذكي قادر على فهم الإشارات العصبية وتحليل السياقات السلوكية للمستخدم. كما تسعى أبل إلى فتح بروتوكول BCI HID أمام مطوري الطرف الثالث، ما سيمكنهم من تطوير تطبيقات جديدة تعمل كلياً من خلال التفكير، ويُمثّل ذلك تغييراً جوهرياً في مفهوم التفاعل البشري مع الأجهزة، إذ يتحول العقل إلى جهاز إدخال مباشر وفعّال، إلى جانب الوسائل التقليدية كاللمس والصوت. وقد ساهم الدعم المالي من مستثمرين كبار في وادي السيليكون مثل "بيل جيتس" و"جيف بيزوس"، في تعزيز موقف ساينكرون على الساحة الدولية، إذ تحولت من شركة ناشئة أسترالية إلى فاعل رئيسي في مجال التكنولوجيا العصبية. من المتوقع أن تُمثّل هذه التقنية البداية لعصر جديد من الحوسبة الذهنية، حيث تصبح النوايا العقلية جزءاً من اللغة الرقمية المستخدمة في التفاعل مع العالم الافتراضي، في خطوة تمهد لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والآلة، وتفتح المجال أمام إمكانات لا حدود لها في مجالات الطب والتكنولوجيا والمساعدة الحركية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store