logo
مكاسب المملكة العربية السعودية من زيارة الرئيس ترامب عام 2025

مكاسب المملكة العربية السعودية من زيارة الرئيس ترامب عام 2025

العربيةمنذ 6 ساعات

لم تكن زيارة الرئيس دونالد ترامب إلى الرياض كأول محطة خارجية له في ولايته الثانية مجرد خطوة بروتوكولية، بل كانت رسالة سياسية واضحة. فقد شكّلت هذه الزيارة تأكيداً قوياً على مكانة المملكة المتزايدة في النظام الدولي، وإشارة صريحة بأن واشنطن لا تزال تعتبر السعودية ركيزة أساسية للاستقرار والنفوذ في المنطقة. كما أن الزيارة جاءت محمّلة بفوائد ملموسة، أعادت إحياء الشراكات القديمة وأرست إطاراً عملياً جديداً للتعاون الثنائي القائم على المصالح المشتركة والتوافق الاستراتيجي.
شراكة استراتيجية متجددة
خلافاً لما يردده البعض في الإعلام الغربي، فإن العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة ليست علاقة 'بيع وشراء' كما يصورها البعض. بل هي علاقة تمتد لعقود من التنسيق الاستراتيجي في مجالات الأمن الطاقي، والاستقرار الإقليمي، ومكافحة الإرهاب. وقد ساهمت زيارة ترامب في إعادة ضبط هذه العلاقة ضمن سياق عالمي جديد يتسم بتعدد الأقطاب. باختياره الرياض كنقطة انطلاق لجولاته الخارجية، اعترف ترامب بدور المملكة الحيوي في التأثير على الديناميكيات الإقليمية والأسواق العالمية.
هذه الزيارة تعكس أيضاً إدراكاً واضحاً للتغيير العميق الذي طرأ على المملكة. فلم تعد السعودية دولة ريعية تقليدية، بل أصبحت لاعباً إصلاحياً نشطاً، يحدد مصالحه بثقة ووضوح. رؤية 2030، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، غيّرت مسار البلاد بشكل جذري، من الاعتماد الكامل على النفط إلى اقتصاد متنوع وأكثر تنافسية. وقد جاءت زيارة ترامب، بمرافقة وفود اقتصادية وعسكرية رفيعة المستوى، لتؤكد أن الولايات المتحدة ترى في السعودية شريكاً حقيقياً، لا تابعاً.
الريادة في الذكاء الاصطناعي وثقة اقتصادية متصاعدة
من أبرز النتائج المستقبلية للزيارة تسليط الضوء على الذكاء الاصطناعي بوصفه مجالاً استراتيجياً. فقد تم الإعلان عن شراكة رائدة بين شركة AMD والمملكة لتزويدها بشرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة، دعماً للبنية التحتية الرقمية المتنامية بسرعة في البلاد. هذه الخطوة تضع السعودية في طليعة سباق الذكاء الاصطناعي عالمياً، وتؤكد نيتها في الانتقال من دور المستخدم للتكنولوجيا إلى دور الريادة في صناعتها وتطويرها.
الشراكة مع AMD ليست مجرد اتفاق تقني، بل جزء من بناء منظومة متكاملة تشمل مراكز بيانات، وبرامج تدريب للمواهب المحلية، ومؤسسات بحثية، ومحاور ابتكار إقليمية. وبهذا، تثبت السعودية أنها ليست فقط ممولاً عالمياً، بل وجهة جاذبة للاستثمار في أحدث التقنيات.
وقد ترافقت هذه المبادرات مع اتفاقيات استثمارية واسعة شملت قطاعات مثل أشباه الموصلات، والهيدروجين الأخضر، والتقنيات المالية، والبنية التحتية السياحية. هذه الاتفاقيات تعكس نضوج العلاقة الاقتصادية، حيث تتدفق رؤوس الأموال في الاتجاهين، وتُرى السعودية بشكل متزايد كوجهة استثمارية صاعدة لا تقل أهمية عن دورها كمستثمر عالمي.
التعاون الدفاعي والاستقلالية الاستراتيجية
الشق الأمني من الزيارة لم يقل أهمية، بل شهد تأكيداً على التعاون الدفاعي، مع تركيز أكبر على تمكين السعودية من الاعتماد على قدراتها الذاتية. وتم الإعلان عن اتفاقيات تشمل نقل التكنولوجيا، والإنتاج المشترك، وتسهيل إجراءات التوريد. السعودية اليوم لا تشتري السلاح فقط، بل تبني قدراتها الوطنية وتستثمر في تطوير بنيتها التحتية الدفاعية.
هذا النهج يأتي في إطار استراتيجية سعودية أوسع تهدف إلى تعزيز الردع في بيئة إقليمية متقلبة، مع تقليل الاعتماد على الشركاء الخارجيين. إدارة ترامب أبدت تفهماً لهذا التوجه، وتعمل على مواءمة سياساتها الدفاعية مع هذا الواقع الجديد، ما يعزز الشراكة دون المساس بالسيادة السعودية.
الدبلوماسية الإقليمية وتعزيز الدور القيادي
توقيت الزيارة، وسط تحولات إقليمية ملحوظة، منح السعودية زخماً دبلوماسياً إضافياً. وجود ترامب في الرياض أكد مجدداً دور المملكة كمركز ثقل سياسي في الشرق الأوسط. في وقت تعمل فيه الدبلوماسية السعودية على تهدئة النزاعات، وفتح قنوات الحوار، وتوسيع التعاون الإقليمي، جاءت موافقة الرئيس الأميركي على طلب ولي العهد بشأن تخفيف العقوبات على سوريا لتبرز مرة أخرى مدى تأثير السعودية في صياغة الأجندة الإقليمية بالتنسيق مع واشنطن.
كما ساهمت الزيارة في تعزيز التنسيق بين البلدين بشأن الملفات الأمنية، بما فيها الملف الإيراني، وأمن الممرات البحرية، ومواجهة التهديدات غير النظامية. المملكة لا تزال تسعى للحلول السلمية، لكنها ترفض التفريط في احتياجاتها الأمنية الأساسية. وجاءت الزيارة لتعزز هذا التوازن.
مكاسب معنوية وصورة دولية جديدة
بعيداً عن الأرقام والاتفاقيات، حملت الزيارة بعداً رمزياً عميقاً. فقد جاءت في وقت تشهد فيه السعودية حملة انتقادات في بعض الأوساط الغربية، خصوصاً بشأن الإصلاحات الداخلية والدور الإقليمي. إلا أن الاستقبال الرسمي الحافل لترامب كان رسالة مضادة قوية: المملكة ليست معزولة، بل شريك فاعل في النظام العالمي الجديد.
صورة السعودية في الخارج تتغير. لم تعد مجرد مصدر للنفط، بل مركز طموح وإبداع ونهضة ثقافية. واستضافة رئيس أكبر قوة عالمية في الرياض كانت دليلاً على مكانة المملكة الجديدة كفاعل رئيسي في رسم مستقبل المنطقة.
الخلاصة
في المحصلة، حصلت السعودية من زيارة ترامب على ما كانت تسعى إليه: تأكيد قيمتها الاستراتيجية، ومصداقية اقتصادية، ومنصة لتقديم نفسها للعالم كدولة واثقة تمضي نحو المستقبل. لم تكن الزيارة تكراراً لحقبة ماضية، بل تجسيداً لشراكة معاد تشكيلها بين دولتين مستقلتين تربطهما مصالح متقاطعة. وفي عالم يعاد تشكيله عبر التنافس الدولي وإعادة توزيع النفوذ، خرجت السعودية من الزيارة ليس كطرف تابع، بل كحليف وازن لا غنى عنه.
نقلاً عن "عرب نيوز"

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أول تعليق من وزير الخارجية القطري على هدية الطائرة الممنوحة لترامب
أول تعليق من وزير الخارجية القطري على هدية الطائرة الممنوحة لترامب

المرصد

timeمنذ 25 دقائق

  • المرصد

أول تعليق من وزير الخارجية القطري على هدية الطائرة الممنوحة لترامب

أول تعليق من وزير الخارجية القطري على هدية الطائرة الممنوحة لترامب صحيفة المرصد: علّق رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على الجدل المثار بشأن منح قطر طائرة "بوينغ 747-8" كهدية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤكدًا أن "الأمر طبيعي يحدث بين الحلفاء". وأوضح آل ثاني، خلال مشاركته في منتدى اقتصادي عُقد اليوم الثلاثاء في العاصمة القطرية الدوحة، أن "الطائرة تمثل معاملة بين وزارتي الدفاع في البلدين، وتتم بشفافية تامة وبشكل قانوني للغاية". وأضاف: "لا أعرف لماذا يعتقد البعض أن هذه الهدية تُعدّ رشوة أو محاولة من قطر لشراء النفوذ في الإدارة الأمريكية، لا أرى سببًا وجيهًا لذلك".

رغم الأسعار القياسية .. واردات الصين من الذهب تسجل أعلى مستوياتها في 11 شهرًا
رغم الأسعار القياسية .. واردات الصين من الذهب تسجل أعلى مستوياتها في 11 شهرًا

أرقام

timeمنذ 38 دقائق

  • أرقام

رغم الأسعار القياسية .. واردات الصين من الذهب تسجل أعلى مستوياتها في 11 شهرًا

ارتفعت واردات الصين من الذهب إلى أعلى مستوياتها فيما يقرب من عام خلال أبريل، على الرغم من المستويات القياسية التي سجلها المعدن الأصفر عند 3500 دولار للأوقية، وسط عدم اليقين الذي تشكله سياسات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". وحسب بيانات الجمارك الصادرة الثلاثاء، ارتفعت واردات الصين من الذهب بنسبة 73% في أبريل مقارنة بالشهر السابق لتصل إلى 127.5 طن متري، وهو المستوى الأعلى في إحدى عشر شهرًا. وذلك مع بحث المستثمرين في الصين عن الملاذات الآمنة كأداة للتحوط من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. أما عن البلاتين، فبلغت واردات الصين – أكبر مستهلك في العالم – منه 11.5 طن خلال أبريل، مع زيادة الطلب على المعدن المستخدم في المحولات الحفازة ومعدات المختبرات، وغيرها.

ارتفاع أسهم أوروبا وسط ترقب لسياسات أمريكا التجارية
ارتفاع أسهم أوروبا وسط ترقب لسياسات أمريكا التجارية

الوئام

timeمنذ 40 دقائق

  • الوئام

ارتفاع أسهم أوروبا وسط ترقب لسياسات أمريكا التجارية

سجلت مؤشرات الأسهم الأوروبية ارتفاعًا طفيفًا خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، مدعومة بمكاسب قطاعي المرافق والاتصالات، في ظل حالة من الحذر تسود الأسواق قبيل الكشف عن مستجدات السياسة الجمركية الأمريكية، والتي أثارت مخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي. وارتفع المؤشر الأوروبي 'ستوكس 600' بنسبة 0.2% بحلول الساعة 07:25 بتوقيت غرينتش، ليبقى قريبًا من أعلى مستوياته في سبعة أسابيع، في وقت يترقب فيه المستثمرون أي مؤشرات على توجهات واشنطن في ملف الرسوم التجارية. وجاءت أكبر المكاسب من قطاع المرافق، الذي صعد بنسبة 1.1% مدفوعًا بارتفاع سهم شركة 'EDP Renovaveis' البرتغالية بنسبة 3.5%، بعد أن رفع بنك 'دويتشه' توصيته تجاه السهم من 'احتفاظ' إلى 'شراء'. كما قفزت أسهم شركات الطاقة المتجددة، إذ ارتفع سهم 'أورستد' الدنماركية بنسبة لافتة بلغت 13.3%، و'فيستاس ويند' بنسبة 4%، عقب تراجع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أمر بوقف مشروع ضخم لطاقة الرياح قبالة سواحل نيويورك. وجاء هذا الأداء وسط أجواء أكثر هدوءًا في الأسواق، بعد الصدمة التي أحدثها خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من قبل وكالة 'موديز' الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تراجع شهية المخاطرة. في سياق متصل، يترقب المستثمرون احتمال عودة التعريفات الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين مع بداية يوليو المقبل، ما يضيف طبقة من الترقب على المشهد الاقتصادي العالمي. أما على صعيد نتائج الشركات، فقد تراجع سهم شركة 'سلمار' النرويجية المتخصصة في تربية السلمون بنسبة 4%، بعد إعلان أرباح فصلية دون التوقعات. في المقابل، سجلت أسهم عدة شركات بريطانية ارتفاعات ملحوظة بعد إعلان نتائج إيجابية، من بينها سلسلة مطاعم 'غريغز'، وشركة 'SSP Group' المالكة لمتاجر 'أبر كراست'، وشركة التوزيع 'ديبلُوما'، حيث تراوحت المكاسب بين 3.7% و14.5%. ومع استمرار حالة الترقب، يبقى تركيز الأسواق موجّهًا نحو التطورات الأمريكية التي قد تعيد رسم خريطة التجارة العالمية خلال الأشهر المقبلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store