logo
هل تؤدي ظاهرة وقوع الفتيات في حب "ChatGPT" إلى مرض عقلي؟

هل تؤدي ظاهرة وقوع الفتيات في حب "ChatGPT" إلى مرض عقلي؟

ليبانون 24٢٨-٠٤-٢٠٢٥

كشف الدكتور جمال فرويز ، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس ، عن تفاصيل ظاهرة جديدة بدأت تظهر بين بعض الفتيات، تتمثل في الإفصاح عن مشاعر حب تجاه تطبيق الذكاء الاصطناعي"ChatGPT"، موضحاً أسبابها النفسية وخطرها المحتمل.
وخلال تصريحات تلفزيونية، أوضح فرويز أن تكوين الشخصية الإنسانية يعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية: الخبرات الحياتية، والتربية، والعوامل الوراثية، مشدداً على أن التربية تُعد العامل الأكثر تأثيراً في تشكيل الشخصية، وتحدث غالباً في الفترة العمرية الحساسة بين سن 4 سنوات و14 سنة.
وأشار فرويز إلى أن غياب دور الأب في حياة الفتاة، باعتباره المصدر الأساسي للعاطفة والشعور بالأمان، قد يدفع بعض الفتيات إلى البحث عن بدائل لهذا الإشباع العاطفي في مصادر غير واقعية، مثل الإنترنت أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومنها "شات جي بي تي"، موضحاً أن التطبيق يقدم إجابات نموذجية ومهذبة، ما يجعله أكثر تقبلاً من بعض الأشخاص المحيطين بهن في البيئة الواقعية.
وأضاف أستاذ الطب النفسي أن تعامل بعض الفتيات مع "شات جي بي تي" وكأنه كائن حقيقي يعبر لهن عن الاهتمام والاحتواء، يمثل خروجاً عن الإطار الطبيعي للعلاقات الاجتماعية، لكنه أوضح في الوقت نفسه أن هذا السلوك لا يصل إلى حد الإصابة بمرض عقلي في أغلب الحالات.
وأكد فرويز أن مثل هذه التصرفات ترتبط في الأساس بخلل في العلاقات الاجتماعية والتربوية الحقيقية أكثر مما ترتبط باضطرابات مرضية خطيرة، مشدداً على أهمية تعزيز العلاقات الأسرية وإشباع الاحتياجات العاطفية بشكل صحي ومتوازن خلال مراحل الطفولة والمراهقة للوقاية من مثل هذه الظواهر

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هذا "الاصطناعي": ذكاء أَم ببغاء؟
هذا "الاصطناعي": ذكاء أَم ببغاء؟

النهار

timeمنذ 2 أيام

  • النهار

هذا "الاصطناعي": ذكاء أَم ببغاء؟

في منتصف الشهر الأَول من هذه السنة صدر في باريس كتاب IA : grand remplacement ou complémentarité? "الذكاء الاصطناعي: بديل أَم تَكامُل؟"، للفيلسوف الفرنسي Luc Ferry (74 سنة، وزير التربية في فرنسا 2002-2004). ما إِن صدر الكتاب وتهافت عليه القراء، حتى طلب الناشر Éditions de l'observatoire من الفيلسوف ترجمة كتابه إِلى الإِنكليزية لانتشار عالَمي أَوسع. أَخذ المؤَلف يَعمل على الترجمة بدقَّة وتُؤَدَة تناسبان القاموس التقْني في الكتاب. ولم يمضِ أُسبوعان حتى اتصل الناشر بالمؤَلف: "لا داعٍ لتُكملَ العمل الدؤُوب على الترجمة. كتابكَ بات جاهزًا بالإِنكليزية في ترجمة الذكاء الاصطناعي Chat GPT...". لم يعُد مهمًّا ماذا جرى بعدذاك. المهم أَنَّ هذا الوحش الإِلكتروني العصري آخذٌ في التهام كلِّ نص في سياقٍ باردٍ خارجَ كل سياق مبتكَر. بحثتُ عن تفصيل عبارة Chat GPT فإذا هي Chat Generative Pretrained Transformer ما معناه التقريبي: "المحادثة بواسطة مُحَوِّلٍ توليديٍّ مُسْبَقِ التدريب". أَي أَن هذا "المحوِّل" يحتوي مادةً سَبَق تخزينُها فيه وتدريبُه عليها، وتاليًا سيَقوم بأَيِّ جوابٍ أَو أَيِّ ترجمةٍ أَو أَيِّ بحث، حصرًا من ضمْن هذا المخزون الذي في ذاكرته الصناعية. هذا يعني تلقائيًّا أَنه يجيب بَبَّغائيًّا بكلام عامٍّ حفِظَه ويردِّدُه، لا يُدرك معناه، ولا الفروقات التي تجعل الكلمةَ في سياقٍ مختلفةَ المعنى عنها في سياقٍ آخر. خطورةُ اللجوء إِلى هذا "الـمُحوِّل" الببَّغائي: أَنه بات ملجأَ الكثيرين في العالم، "يَستنطقونه" ويَركُنون إِلى أَجوبته، فيُوقعُهم ضحايا بَبَّغائيَّته المعلَّبة الباردة التي ليس فيها أَيُّ إِبداع. من هنا خطأُ تسميته "الذكاء الاصطناعي". فالذكاء لا يكون إِلَّا للإِنسان، ولا يمكن تجييرُه للآلة مهما بلغَت تكنولوجياها من تطوُّر صناعيّ يُنتجُ ما لا يمكن أَن يحلَّ مكان الذكاء البشري. من جوانب خطورته أَيضًا: وقوعُ الباحثين الأَكاديميين وطلَّاب الماسترز والدكتوراه والمدارس (تلامذةً ومعلِّمين) في الركون إِلى ببَّغاء اصطناعي لكتابة بحثٍ أَو أُطروحةٍ أَو ترجمةِ نصٍّ أَو كتابٍ، لأَنَّ هذا البَبَّغاء أَعمى أَصَمُّ مكبَّلٌ بخزَّان معلوماته فقط، ولا فرصةَ له أَن يَخرج عنه ولا بكلمةٍ واحدة كي يميِّز الفَرق في المعنى بين سياقٍ وسياق. قد يصحِّح خطأً لغويًّا في نصٍّ، وقد يجيب عن باقة أَسئلة، لكنه لن يُفيدَ بالأَكثر جديةً وعمقًا ومسؤُوليةً، ولن يستطيع أَن يُنْشئَ نصًّا شعريًّا أَو نثريًّا فيه نبضُ إِبداع. لذا لا يمكن أَن يكون مبدعًا وخلَّاقًا ومبتكِرًا ومجدِّدًا. فالإِبداع والخلْق والابتكار والتجديد من سِماتِ الإِنسان الذي يؤَكّد العلْمُ أَنه حتى اليوم، وعلى الرغم من أَشواط ابتكاراته، لم يَستخدم في دماغه إِلا جُزءًا ضئيلًا من قدْرته على البَدع والابتكار. أَعرف كثيرين اعتمدوا في كتابة أَبحاثهم أَو ترجماتهم على ذاك "المحوِّل الببغائي"، فوقعوا في فضيحة أَخطاء جسيمة، لأَن في النصوص الأَصلية شِياتٍ (جمع شِيَة: الفرق البسيط بين سياق وآخر) لم يلْحَظْها مخزونه الاصطناعي المعلَّب سلَفًا. ثمة كسالى يعتمدون على هذا "المحوّل" في البحث الجدِّيِّ الدقيقِ الدؤُوب، واجدين أَنَّ هذا البَبَّغاء يُسرِّع العمل البحثيّ أَو المترجَم عوضَ التأَنِّي المضْني في التأْليف والبحث عن مصادر ومَراجع ووثائق. لكنَّ هذا الاجتياح الآلي الإِلكتروني يبقى محدودًا مهما اتَّسع، لأَن الإِبداعَ عملٌ إِنسانيٌّ دماغيٌّ مبتكِرٌ خلَّاقٌ سبَّاقٌ رائد. وهذه جميعُها لا يمكن أَن تُركَن إِلى "روبوت" ولا إِلى... بَبَّغاء.

الجنوب العالمي ينضم إلى سباق ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعي
الجنوب العالمي ينضم إلى سباق ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعي

شبكة النبأ

timeمنذ 2 أيام

  • شبكة النبأ

الجنوب العالمي ينضم إلى سباق ابتكار أدوات الذكاء الاصطناعي

في خضم سباق عالي المخاطر للتسلُح بأدوات الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، أخذت شرارة ثورة مماثلة تتبلور في بقاع أخرى. فمن كيب تاون إلى بنغالور، ومن القاهرة إلى الرياض، عكف باحثون ومهندسون ومؤسسات عامة على تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي منتجة محليًا، لا تتحدث فحسب لغات تلك المناطق، بل تتبنى رؤاها الإقليمية وأبعادها الثقافية... بقلم: سيبسيسو بييلا، وعمرو راجح، وشاكور راثر شرع باحثون على امتداد إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط في تصميم نماذج ذكاء اصطناعي تراعي اللغات المحلية والاختلافات الثقافية، على الطريق إلى تحقيق الاستقلال الرقمي. في خضم سباق عالي المخاطر للتسلُح بأدوات الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، أخذت شرارة ثورة مماثلة تتبلور في بقاع أخرى. فمن كيب تاون إلى بنغالور، ومن القاهرة إلى الرياض، عكف باحثون ومهندسون ومؤسسات عامة على تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي منتجة محليًا، لا تتحدث فحسب لغات تلك المناطق، بل تتبنى رؤاها الإقليمية وأبعادها الثقافية. ركزت السردية السائدة في مجال أنظمة الذكاء الاصطناعي منذ أوائل هذا العقد على عدد من الشركات الأمريكية المنتجة لهذه الأنظمة مثل شركة «أوبن إيه آي» Open AI ونظامها «جي بي تي» GPT، وشركة «جوجل» ونظامها «جيميناي» Gemini، وشركة «ميتا» Meta ونظامها «لاما» LLaMa، وشركة «أنثروبيك» Anthropic ونظامها «كلود» Claude. لكن في الوقت الذي تنافست فيه هذه الشركات لبناء أنظمة ذكاء اصطناعي أكبر وأقوى أداء، في أوائل عام 2025، سلكت هذه السردية منعطفًا جديدًا، مع إطلاق الشركة الصينية «ديب سيك» Deep Seek لنماذج لغوية كبيرة تنافس نظيرتها الأمريكية بقدر أقل من المتطلبات الحوسبية. واليوم، من كافة ربوع الجنوب العالمي، يتزايد عدد الباحثين الذين انبروا للتصدي لفكرة احتكار هاتين القوتين العظمتين للريادة التقنية في هذا الحقل. فأخذ علماء ومؤسسات من دول مثل الهند وجنوب إفريقيا والإمارات والسعودية في تبني منظور جديد يغير قواعد اللعبة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي. لم ينصب اهتمام هذه الأطراف الجديدة على توسعة انتشار هذه النماذج، وإنما على تصميمها لتلبي احتياجات المستخدم المحلي بلغته، مع الأخذ في الاعتبار واقعه الاجتماعي والاقتصادي. في هذا الإطار، يقول بينجامين روزمان، وهو أستاذ في جامعة فيتفاترسراند في مدينة جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، وأحد كبار مطوري نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي «إنكوبال إم» InkubalM، المُدرب على خمس لغات إفريقية: "حرصًا على استفادة الكوكب بأسره من نماذج الذكاء الاصطناعي، أتمنى أن تتسع دائرة النقاش لتشمل أصواتًا متنوعة ومتزايدة". ذكاء اصطناعي لا يولد في وادي السليكون! تؤدي نماذج القوالب اللغوية الكبيرة مهامها بالتدرُب على فهم فيض شاسع من النصوص على الإنترنت. ومع أن الإصدارات الأحدث من نظام «جي بي تي»، أو «جيميناي»، أو «لاما» تتميز بإجادتها للغات متعددة، فالقدر الهائل الذي تنطوي عليه مجموعات البيانات التي تتدرب عليها هذه الأنظمة من السياقات الغربية أو المواد الصادرة باللغة الإنجليزية يضفي انحيازًا على مخرجاتها. ويعني هذا لمتحدثي الهندية والعربية والسواحيلية والخوسية وعدد لا حصر له من اللغات، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي لن تقع فحسب في أخطاء في القواعد النحوية وفي بناء الجمل، بل قد تخطئ فهم مغزى النص تمامًا. في ذلك الصدد، تقول جانكي ناوالي، وهي عالمة لغة في مختبر «إيه آي فور بْهارات» AI4Bharat التابع للمعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس (تشيناي): "في حال اللغات الهندية، لا تبلي نماذج القوالب اللغوية الكبيرة المُدربة على بيانات باللغة الإنجليزية بلاءً حسنًا. فبعض الفروق الثقافية الدقيقة، والاختلافات بين اللهجات، والنصوص العامية تضفي صعوبة على ترجمة هذه اللغات وفهمها". من هنا، يعمل فريق ناوالي على تصميم مجموعات بيانات والإشراف على تدرُب أنظمة الذكاء الاصطناعي عليها، ووضع معايير لتقييم أداء هذه الأنظمة في ما يسميه المتخصصون بـ"اللغات محدودة الموارد"، أي التي لا تتوفر لها مجموعات بيانات رقمية محكمة من أجل استخدامها في عمليات تعلُم الآلة. غير أن المشكلة ليست قاصرة على قواعد النحو أو المفردات اللغوية. فحسبما يفيد فوكوسي ماريفاتي، وهو أستاذ علوم حاسوب في جامعة بريتوريا في جنوب إفريقيا: "كثيرًا ما يكمن المعنى بين السطور. على سبيل المثال، في اللغة الخوسية، تحمل الكلمات معاني محددة، لكن مدلولها الضمني هو ما يهم حقًا". يشارك ماريفاتي في قيادة اتحاد باسم «ماساكاني إن إل بي» Masakhane NLP، وهو اتحاد إفريقي يضم باحثين في مجال الذكاء الاصطناعي، نجح مؤخرًا في تطوير مجموعة معايير محكمة باسم «أفروبنش» AFROBENCH لتقييم إجادة النماذج اللغوية الكبيرة لـ64 لغة إفريقية في 15 مهمة. وأسفرت نتائج أبحاث الفريق، التي نُشرت في مسودة بحثية مارس الماضي، عن قصور جسيم في أداء هذه الأنظمة في جميع اللغات الإفريقية تقريبًا، مقارنة بالإنجليزية، لا سيما في حال النماذج مفتوحة المصدر. ونجد المخاوف ذاتها إزاء كفاءة هذه الأنظمة في البلدان الناطقة بلغة الضاد. فيقول مكي حبيبي، أستاذ علم الروبوتات في الجامعة الأمريكية في القاهرة: "إذا هيمنت الإنجليزية على عملية تدريب الذكاء الاصطناعي، ستخضع أجوبته لفلترة تعتمد عدسة المنظور الغربي لا العربي". وقد خلصت مسودة بحثية نشرتها شركة الذكاء الاصطناعي التونسية «كلاسترلاب» Clusterlab في عام 2024 إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي متعددة اللغات تفشل في التعبير عن ما يرتبط بلغة الضاد من تراكيب لغوية ثرية وأطر ثقافية، لا سيما في السياقات التي تزخر باللهجات. الحكومات: طرف جديد في المعادلة يخوض العديد من دول الجنوب العالمي هذا الرهان لاعتبارات جيوسياسية، وليس لغوية فقط. فالاعتماد على البِنى التحتية الغربية أو الصينية في مجال الذكاء الاصطناعي من شأنه إضعاف السيادة المعلوماتية والتقنية وتقويض السيطرة على السرديات الوطنية. لذا، أخذت بعض حكومات دول الجنوب العالمي في تكريس جانب من طاقاتها لإنتاج نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها. على سبيل المثال، صممت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) نموذج «علّام» ALLaM، الموجّه بالدرجة الأولى للعالم العربي، وهو يرتكز على نموذج «لاما-2» لشركة «ميتا». وقد أثري بما يزيد على 540 مليار وحدة بيانات نصية عربية يشار إليها باسم التوكن. كذلك دعًّمت الإمارات العربية المتحدة عدة مبادرات مماثلة، منها مبادرة «جيس» Jais، وهو نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر يتحدث العربية والإنجليزية، صممته جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركة تصنيع الرقاقات الحوسبية «سيريبراس سيستمز» Cerebras Systems، وشركة «إنسبشن» Inception الكائنة في مدينة أبوظبي. ويركز مشروع آخر برعاية الإمارات العربية المتحدة باسم «نور» Noor على التطبيقات التعليمية والإسلامية. أما في قطر، فقد طور باحثون من جامعة حمد بن خليفة، ومعهد قطر لبحوث الحوسبة منصة «فنار»Fanar والنموذجين المرتبطين بها «فنار ستار» Fanar Star، و«فنار برايم» Fanar Prime. ومقاربة تقسيم وتحليل النصوص في نموذج «فنار»، الذي دُرب على تريليونات من وحدات التوكن، صُممت خصيصًا لتعكس ثراء تراكيب الكلمات والجمل العربية بالمعاني. أيضًا برزت الهند كمركز رئيس لعمليات توطين أنظمة الذكاء الاصطناعي. إذ دشنت حكومة البلد عام 2024 مبادرة بشراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة 235 كرور (26 مليون يورو)، باسم «بْهارات جِن» BharatGen، تهدف إلى تصميم نماذج أساس (نوع من نماذج الذكاء الاصطناعي) تراعي التنوع الثقافي واللغوي الشاسع الذي تزخر به الهند. ويقود المشروع المعهد الهندي للتكنولوجيا في مومباي، بمشاركة من منظمات تابعة له في المدن الهندية حيدر أباد، وماندي وكنبور، وإندور ومدراس (تشيناي). ومن رحم المبادرة، خرج إلى النور أول منتج لها، وهو نموذج «إي-فيكراي» e-vikrAI القادر على استحداث توصيفات للمنتجات ومقترحات بأسعارها بناء على صورها بالعديد من لغات الهند. وانضمت إلى الركب عدة شركات ناشئة، مثل شركة «كروتريم» Krutrim التابعة لمجموعة «أولا» Ola، وشركة «كوروفر» CoRover، مبتكرة نموذج الذكاء الاصطناعي «بْهارات جي بي تي» BharatGPT. بينما أزاح المختبر الهندي التابع لشركة جوجل الستار عن نموذج «موريل» MuRIL، وهو نموذج لغوي كبير مُدرب حصريًا على اللغات الهندية. وقد تلقت مبادرة الحكومة الهندية أكثر من 180 مقترحًا من باحثين محليين وشركات ناشئة تطرح خططًا لتصميم بنية تحتية على مستوى البلاد لأنظمة الذكاء الاصطناعي والنماذج اللغوية الكبيرة. ووقع الاختيار على شركة «إيه آي سارفام» AI Sarvam الكائنة في بنغالور لبناء أول نموذج لغوي كبير هندي يحقق للبلد "سيادتها"، ويُزمع أن يتمتع بالطلاقة في عدة لغات هندية. أما في إفريقيا، فقد انطلق جانب كبير من هذا الزخم من قاعدة شعبية. على سبيل المثال، خلق اتحاد «ماساكاني إن إل بي» وحركة «ديب ليرنينج إندابا» Deep Learning Indaba – وهي حركة أكاديمية إفريقية – ثقافة بحثية لا مركزية عبر القارة. ومن هنا، انبثقت شركة « ليلابا إيه آي» Lelapa AI الكائنة في مدينة جوهانسبرج، والتي أطلقت نموذج الذكاء الاصطناعي «إنكوبال إم» في سبتمبر من عام 2024. وينتمي هذا النموذج إلى فئة "النماذج اللغوية الصغيرة" (SLM)، ويركز على خمس لغات إفريقية واسعة الانتشار، هي: السواحيلية، ولغة شعوب الهوسا، وشعوب اليوروبا ولغة الزولو واللغة الخوسية. وعنه يقول روزمان: "يقدم هذا النموذج باستخدام 0.4 مليار معامِل فقط أداءً مضاه لنماذج أكبر". وجدير بالذكر أن كفاءة النموذج وحجمه الصغير صُمما ليناسبا البنية التحتية الإفريقية على ما يعتريها من قصور، إلى جانب خدمة تطبيقات واقعية". مثال آخر على نماذج الذكاء الاصطناعي الإفريقية، هو نموذج «أوليزالاما» UlizaLlama، الذي طورته مؤسسة «جاكاراندا هيلث» Jacaranda Health الكينية من 7 مليارات معامِل لدعم النساء الحوامل وحديثات العهد بالأمومة بنظام ذكاء اصطناعي يتحدث اللغات الإفريقية الخمس سالفة الذكر. والمشهد البحثي الهندي يضج بحيوية مماثلة. فنجد أن مختبر «إيه آي فور بْهارات» التابع للمعهد الهندي للتكنولوجيا في مدراس قد أصدر مؤخرًا نموذج «إنديك ترانس 2» IndicTrans 2، الذي يدعم الترجمة من وإلى 22 لغة من لغات الهند الرسمية. كذلك أصدرت الشركة الناشئة «سارفام إيه آي» أول منتجاتها من النماذج اللغوية الكبيرة العام الماضي وهو يدعم 10 من لغات الهند الرئيسة. وفي الوقت الحالي، تطور شركة «كيسان إيه آي» KissanAI، التي شارك في تأسيسها براتيك ديساي أدوات ذكاء اصطناعي توليدي لإرشاد الزُراع بلغتهم الأم. معضلة البيانات غير أن تصميم نماذج لغوية كبيرة للغات التي لا تحظى بتمثيل كاف تواجهه عقبات جسام. وعلى رأس هذه التحديات، تأتي ندرة البيانات اللازمة لتدريب هذه النماذج. وهو ما يؤكده تاباس كومار ميشرا، الأستاذ من المعهد الوطني للتكنولوجيا في مدينة روركيلا شرق الهند، قائلًا: "حتى مجموعات البيانات الهندية تُعد ضئيلة مقارنة بنظيرتها الصادرة باللغة الإنجليزية. من هنا، يُستبعد أن يحقق تدريب هذه النماذج من الصفر كفاءة الأداء ذاتها التي تتمتع بها النماذج المُدربة على بيانات بالإنجليزية". ويؤيده في الرأي روزمان، الذي يضيف: "لا يصلح التدريب على مجموعات البيانات الضخمة كنموذج عمل يُحتذى به في حال اللغات الإفريقية. فببساطة لا يتوفر هذا القدر من البيانات التدريبية". وعليه، يبذل مع فريقه جهودًا رائده في مقاربات بديلة، منها اتباع إطار العمل المعروف باسم «إسيثو» Esethu، وهو بروتوكول يقضي بجمع مجموعات بيانات على نحو أخلاقي من خطاب الناطقين باللغات التي لا تحظى بتمثيل كاف، ثم توزيع العائد للنهوض بتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي المخصصة لدعم هذه اللغات. وقد استخدمت المرحلة التجريبية من المشروع نصوصًا مكتوبة لخطاب متحدثين بالخوسية، تُكمِّله بيانات وصفية، بهدف تصميم تطبيقات صوتية. وفي العالم العربي، انطلقت جهود مماثلة. فمثلًا، تُعد مجموعة بيانات شركة «كلاستر لاب» المؤلفة من 101 مليار كلمة عربية الأكبر على الإطلاق من نوعها، وهي مستقاة بدقة ومنقحة من شبكة الويب لدعم تدريب نماذج موجهة بالدرجة الأولى للعالم العربي. ضريبة الانتشار المحدود لكن برغم كل هذا الابتكار، تبقى هناك عقبات كؤود على الناحية العملية. فيقول ديساي، مؤسس شركة «كيسان إيه آي»: "العائد على هذه الاستثمارات منخفض". ورغم عِظم حجم سوق النماذج اللغوية الإقليمية، من يتمتعون بالقدرة الشرائية في هذه السوق يعتمدون إلى اليوم على الإنجليزية". وفي الوقت الذي تستقطب فيه شركات التقنيات الغربية بعضًا من ألمع العقول على مستوى العالم، ومنهم العديد من الهنود والأفارقة، كثيرًا ما يصطدم الباحثون في بلدان الجنوب العالمي بتحديات ممثلة في ضعف التمويل وعدم موثوقية البِنى التحتية الحوسبية في هذه البلدان، وغياب الأطر القانونية الواضحة الحاكمة لاستخدام البيانات وخصوصية المستخدمين". وهو ما يشدد عليه حبيب قائلًا: "تبقى مشكلة غياب التمويل المستدام، وقلة المتخصصين، وعدم التكامُل بالدرجة الكافية مع المنظومات التعليمية والحكومية. وكل هذا لا بُد له أن يتغير". رؤية جديدة للذكاء الاصطناعي إلا أنه برغم العقبات، فلا شك أن رؤية جديدة ومختلفة لأنظمة الذكاء الاصطناعي آخذة في التبلور في الجنوب العالمي. وهي تنحاز إلى الفائدة العملية قبل اعتبارات الوجاهة، وإلى تمكين وإعطاء صوت للمجتمعات المحلية قبل الارتماء في أحضان شركات تفتقر إلى الشفافية. ختامًا، تقول ناوالي: "ثمة اهتمام أكبر بحل مشكلات فعلية من واقع الأشخاص". بعبارة أخرى، عوضًا عن السعي وراء اقتناص أرفع الدرجات على مؤشر معايير ما، يستهدف باحثو الجنوب العالمي ابتكار أدوات تمت بصلة للواقع؛ للمزارعين والطلاب وأصحاب الشركات الصغيرة. ولا غنى عن الشفافية هنا. في ذلك الصدد، يقول ماريفاتي: "تزعم بعض الشركات أن نماذجها مفتوحة المصدر، لكنها لا تفصح إلا عن معامِلات هذه النماذج، وليس البيانات في حد ذاتها. أما في حال نموذج «إنكوبال إم»، فنحن نفصح عن المعاملات والبيانات. إذ نسعى إلى تمكين الآخرين من البناء على ما حققناه، وتحسينه". وفي سباق عالمي، لا يعتد في كثير من الأحيان إلا بسرعة معالجة البيانات ووحدات التوكِن، قد تبدو هذه الجهود متواضعة. لكن بالنسبة لمليارات الأشخاص ممن يتحدثون لغات لا تحظى بموارد كافية في بيانات نماذج الذكاء الاصطناعي الغربية، ترسم هذه الجهود مستقبلًا نملك فيه صوتًا في خطابنا مع هذه الأدوات.

الذكاء الاصطناعي كأداة لتدريب الشباب على التفكير النقدي والمهارات العليا
الذكاء الاصطناعي كأداة لتدريب الشباب على التفكير النقدي والمهارات العليا

الديار

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الديار

الذكاء الاصطناعي كأداة لتدريب الشباب على التفكير النقدي والمهارات العليا

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في عصر الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، لم يعد التعليم مجرد نقل للمعلومات، بل أصبح عملية معقدة تهدف إلى بناء شخصية مفكرة، مبدعة، قادرة على التفاعل مع العالم وتحليل تحدياته. ومن بين المهارات الأساسية التي يحتاجها الشباب اليوم، تبرز مهارات التفكير العليا، وعلى رأسها التفكير النقدي، التحليلي، الإبداعي، والتعاوني. وفي هذا السياق، يشكل الذكاء الاصطناعي فرصة ذهبية لدعم هذه المهارات بشكل عملي وتفاعلي. مقدمة: الذكاء الاصطناعي والتفكير العميق في التعليم يشير الذكاء الاصطناعي إلى أنظمة كومبيوتر قادرة على محاكاة التفكير البشري واتخاذ القرارات والتفاعل مع اللغة. ومع تطور هذا المجال، ظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي، القادر على إنتاج محتوى جديد مثل النصوص والصور والأفكار. ومن أبرز أدواته اليوم: ChatGPT وDALL·E و Copilot، التي لم تعد تكتفي بالإجابة، بل تفتح مجالات للحوار والتحليل والإبداع. لكن القيمة الحقيقية لهذه الأدوات في التعليم تكمن في فن طرح الأسئلة، المعروف بهندسة الموجهات (Prompt Engineering)، وهي مهارة جوهرية لتوليد استجابات غنية وفعالة. من خلال تعليم الطلاب كيفية صياغة أسئلة تحليلية، ومتخيلة، ومتعددة الزوايا، يتعلمون قيادة الحوار وتوسيع وتعميق فهمهم. كما يجب توعيتهم بأن الذكاء الاصطناعي ليس معصومًا من الخطأ، إذ قد يعكس انحيازات أو يقدم معلومات غير دقيقة. لذا، فإن التفاعل النقدي، والتحقق من الإجابات وتحليلها وتحدّيها، واستخدام الذكاء الاصطناعي كأداة دعم وليس بديلاً عن التفكير، يمثل الأساس لبناء تعليم أكثر وعيًا وعمقًا. أولًا: تنمية التفكير النقدي والتحليلي باستخدام الذكاء الاصطناعي يتيح الذكاء الاصطناعي أدوات تفاعلية قادرة على توليد محتوى، تحليل أسئلة، وتقديم سيناريوهات تعليمية تساعد المتعلم على التفكير بعمق. التفكير النقدي ليس مجرد التشكيك، بل هو القدرة على طرح الأسئلة الصائبة، وتحليل المعطيات، واستخلاص استنتاجات قائمة على الأدلة. أمثلة عملية: - يمكن للطلاب استخدام برامج المحادثة الذكية مثل ChatGPT لتحليل مقال علمي أو اقتصادي، وطلب تفسير وجهات النظر المختلفة فيه، ومناقشة مدى مصداقية كل منها. - في مادة اللغة العربية، يمكن تدريب الطلاب على طرح أسئلة نقدية حول القواعد النحوية، مثل: ما الغرض من وجود استثناءات في قاعدة "جمع المذكر السالم"؟ هل هناك منطق دلالي وراء هذه القواعد؟ - في الفلسفة، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإثارة نقاش حول مفارقة فلسفية، ثم مقارنة مواقف الفلاسفة التاريخيين وتحليل أوجه الاتفاق والاختلاف. ثانيًا: تعزيز مهارات إصلاح الأخطاء والتعلم الذاتي يُعد تحليل الخطأ وتصحيحه من أقوى آليات بناء الفهم العميق. وهنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي في مساعدة المتعلم على اكتشاف أخطائه بنفسه، من خلال تقديم تغذية راجعة فورية وتفسيرية. أمثلة عملية: - عند كتابة نصوص باللغة الإنكليزية، يمكن للطلاب استخدام أدوات ذكية لتحديد الأخطاء النحوية والإملائية، مع شرح السبب وطريقة التصحيح. - في مادة الرياضيات، يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي تقديم تحليل مفصل لطريقة حل الطالب، وتحديد الخطوة التي حدث فيها الخطأ، واقتراح خطوات بديلة صحيحة. - في المشاريع الجماعية، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم مراجعة لمضمون العرض التقديمي للطلاب، مع إبراز الثُغر المنطقية والبيانية. ثالثًا: توسيع دائرة المعرفة وتنمية مهارات البحث والاستقصاء واحدة من أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي هي قدرته على الوصول إلى كم هائل من المعلومات وتنظيمها، ما يفتح المجال أمام المتعلمين لتوسيع آفاقهم المعرفية خارج حدود المقرر. أمثلة عملية: - يمكن تكليف الطلاب بإجراء بحث حول "أثر الذكاء الاصطناعي في سوق العمل"، باستخدام أدوات بحث ذكية تولد لهم ملخصات، وروابط موثوقة، وتحليلات مقارنة. - في مادة التاريخ، يستطيع الطلاب محاورة نموذج ذكاء اصطناعي يمثل شخصية تاريخية مثل نابليون أو ابن خلدون، واستنتاج تصوراتهم حول قضايا معينة. - في علوم الأحياء، يمكن للطلاب استخدام أدوات توليد الخرائط الذهنية لربط مفاهيم مثل الوراثة، والطفرات، والانتقاء الطبيعي بطريقة بصرية وتفاعلية. رابعًا: تنمية مهارات التفكير الإبداعي والتجريبي الإبداع لا يقتصر على الفنون، بل هو القدرة على إنتاج حلول جديدة ومبتكرة للمشكلات. والذكاء الاصطناعي، إن أُحسن توجيهه، يمكن أن يكون محفزًا هائلًا لهذا النوع من التفكير. أمثلة عملية: - في مادة العلوم، يمكن للطلاب تصميم تجارب افتراضية باستخدام تطبيقات محاكاة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ثم تعديل المتغيرات واستخلاص النتائج. - في التربية الفنية أو التصميم، يمكنهم استخدام أدوات توليد الصور والأشكال لتطوير أفكار فنية أصلية انطلاقًا من وصف لفظي. - في ريادة الأعمال، يستطيع الطلاب بناء نماذج أولية لأفكارهم التجارية على منصات ذكاء اصطناعي، وتحليل جدواها في السوق. خامسًا: بناء روح التعاون والتواصل الجماعي المدعوم بالتكنولوجيا لم تعد الفصول الدراسية تعتمد على التعلّم الفردي فحسب، بل بات العمل الجماعي مهارة لا غنى عنها. وهنا يسهم الذكاء الاصطناعي في خلق بيئات تعاونية ذكية تُحفز على التواصل الفعّال. أمثلة عملية: - استخدام تطبيقات تشاركية (مثل Google Docs مدعمة بالذكاء الاصطناعي) لكتابة تقارير جماعية، مع متابعة تطور العمل والتوزيع العادل للمهام. - في الأنشطة الصفية، يمكن للطلاب العمل ضمن فرق لتحليل قضية بيئية معقدة بمساعدة روبوت محادثة، ثم تقديم عرض جماعي لنتائجهم. - يمكن تنظيم مسابقات مناظرات بين فرق الطلاب، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد الحجج المضادة وتدريب كل فريق على الردود المنطقية. سادسًا: التقويم الذاتي والتكويني المعتمد على الذكاء الاصطناعي التقويم لم يعد مجرد اختبار نهائي، بل هو عملية مستمرة لفهم مدى تحقق الأهداف التعليمية. والذكاء الاصطناعي يوفر أدوات دقيقة ومرنة لذلك. أمثلة عملية: - إعداد نماذج تقويم إلكترونية تفاعلية تُحلل إجابات الطلاب، وتقدم لهم تغذية راجعة مفصلة حول نقاط القوة والضعف. - بناء اختبارات تكيفية تتغير أسئلتها وفقًا لأداء الطالب، مما يعزز من شعور التحدي والتقدم الشخصي. - استخدام تقارير تحليل أداء الطلاب لتخصيص خطط دعم فردية لكل طالب وفقًا لاحتياجاته. سابعًا: تمكين المعلم كميسر ومرشد ومبتكر رغم تطور التكنولوجيا، يظل المعلم هو حجر الأساس في العملية التعليمية. دور الذكاء الاصطناعي هو تمكين المعلم، وليس استبداله. أمثلة عملية: - استخدام أدوات تحليل الأداء لتحديد نقاط صعوبة الطلاب، وتصميم تدخلات تعليمية مخصصة. - تطوير أنشطة تعلّمية قائمة على تحديات حقيقية، بمساعدة أدوات ذكية تسهل تخطيط المحتوى. - إنشاء مجتمعات تعلم إلكترونية يتبادل فيها المعلمون الخبرات والموارد والأنشطة المصممة بمساعدة الذكاء الاصطناعي. خاتمة: نحو تعليم تحويلي لعصر جديد الذكاء الاصطناعي ليس هدفًا قائمًا بذاته، بل هو وسيلة استراتيجية لإعادة تشكيل مفهوم التعليم من جذوره. لم يعد كافيًا أن ننقل المعلومات أو ندرّب الطلاب على الحفظ والاستظهار، بل بات من الضروري أن نعلّمهم كيف يفكرون، وكيف يسألون، وكيف يصنعون المعرفة بأنفسهم. في هذا السياق، يشكّل الذكاء الاصطناعي التوليدي أداةً ثورية تساعدنا على بناء بيئات تعلّم أكثر تفاعلًا، أكثر تخصيصًا، وأكثر قدرة على التكيف مع احتياجات كل طالب. إن تدريب الشباب على التفكير النقدي، والتحليلي، والإبداعي، لم يعد ترفًا فكريًا، بل هو متطلب أساسي لبناء مجتمعات قادرة على الفهم العميق، والتعامل مع المعلومات بوعي، والتمييز بين الحقيقة والتضليل، والمشاركة الفاعلة في عالم معقّد وسريع التحوّل. ومن خلال تعزيز مهارات "هندسة الأسئلة" ومهارات التعامل الواعي مع أدوات الذكاء الاصطناعي، نرسّخ ثقافة التعليم القائم على الحوار، وعلى الشك البنّاء، وعلى التجريب المستمر. لكن هذه النقلة النوعية تتطلب دورًا جديدًا للمعلم، لا كمصدر أساسي ووحيد للمعرفة، بل كقائد للتفكير، ومرشد للتعلّم، وملهم للطلاب، وميسّر لحوارات الذكاء والمعنى. كما تستوجب إعادة تصميم المناهج، وتوفير البنية التحتية الرقمية، وتدريب المعلمين والطلاب على الاستخدام الأخلاقي والمسؤول لهذه التقنيات. نحن على أعتاب عصر جديد من التعليم، لا مكان فيه للطرق التقليدية الصمّاء. بل هو عصر التحوّل نحو تعليم حيّ وتفاعلي، يستثمر الذكاء الاصطناعي لتعزيز الذكاء الإنساني، ويمنح كل طالب صوتًا، وفضاءً للتفكير، وأداةً لصياغة مستقبله. إن الاستثمار في هذا النوع من التعليم هو استثمار في الإنسان، في وعيه، في حريته، وفي قدرته على بناء مجتمع وعالم أكثر عدالة ومعنى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store