logo
فنان يرفع علم فلسطين في عرض مسرحي في دار الأوبرا الملكية ببريطانيا

فنان يرفع علم فلسطين في عرض مسرحي في دار الأوبرا الملكية ببريطانيا

الجزيرةمنذ يوم واحد
رفع أحد الفنانين علم فلسطين على خشبة مسرح دار الأوبرا الملكية في لندن، خلال التحية الختامية بعد العرض الأخير من أوبرا "تروفاتور"، في اختتام الموسم الفني.
وتُظهر الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي الفنان، وهو يحمل العلم أمام صدره، بينما كان المغنون الرئيسيون يتلقّون تصفيقات الجمهور.
وفي لحظة لافتة، حاول أحد الأشخاص من خلف الكواليس سحب العلم منه، إلا أن الفنان تمسّك به وأعاده إلى مكانه
وجاء في بيان صادر عن دار الأوبرا الملكية: "رفع العلم كان تصرفًا فرديًا وغير مصرح به من الفنان. لم تحظ هذه الخطوة بموافقة فرقة الباليه أو إدارة الأوبرا الملكية، وتُعد سلوكًا غير لائق تمامًا".
وامتنعت الدار عن الإدلاء بأي تعليق، ما إذا كان الفنان سيخضع لإجراءات تأديبية، بينما لا تزال هويته غير معروفة حتى الآن.
وقد أثارت الحادثة تفاعلا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء على من رأى في ما فعله الفنان خطوة شجاعة ومعبّرة، ومَن اعتبره تجاوزا لحدود التعبير داخل فضاء فني مخصص للأداء المسرحي.
ويأتي هذا التحرك في سياق سلسلة من الاحتجاجات التي نفذها فنانون وموسيقيون في المساحات الفنية، لتسليط الضوء على ارتفاع أعداد الضحايا في قطاع غزة جراء الحرب الإسرائيلية المستمرة. وكانت فرقة الهيب هوب الأيرلندية" "Kneecap" ني كاب" قد حققت معها الشرطة بسبب تصريحاتها في مهرجان غلاستنبري، قبل أن تقرر السلطات عدم اتخاذ "أي إجراء إضافي".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"بالييوود" و"غزة وود".. حملة إسرائيلية تروج روايات مضللة لإنكار المجاعة في غزة
"بالييوود" و"غزة وود".. حملة إسرائيلية تروج روايات مضللة لإنكار المجاعة في غزة

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

"بالييوود" و"غزة وود".. حملة إسرائيلية تروج روايات مضللة لإنكار المجاعة في غزة

في الوقت الذي يشهد فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخه، وسط حصار خانق وتجويع ممنهج ضد أكثر من 2.4 مليون إنسان، تشن منصات موالية للاحتلال الإسرائيلي حملة تضليل رقمي منظمة، تهدف إلى قلب الرواية، والتشكيك في حقيقة التجويع، وتصدير صورة معكوسة عن الواقع اليومي في غزة. في هذا التقرير ترصد وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة هذه الحملة، وتعرض طبيعة الشبكات التي تروج لها، ومن يقف خلفها. مشاهد لأطعمة فاخرة بدأت الحملة مع مطلع يوليو/تموز الجاري، وانطلقت عبر منصة "إكس"، وتقودها حسابات مشبوهة روجت لمقاطع تظهر أطعمة فاخرة، وحلويات ومشروبات وهدايا وأدوات تجميل في مناطق محدودة من قطاع غزة، في محاولة لتعميم صورة زائفة توحي بأن الوضع المعيشي في القطاع طبيعي، وأن لا وجود لمجاعة. الحسابات ذاتها أعادت نشر المقاطع مرارا، متجاهلة بشكل ممنهج التقارير الموثقة والشهادات الحية التي تؤكد معاناة مئات الآلاف من سكان غزة من الجوع الحاد ونقص الغذاء، لا سيما في المناطق التي تعاني حصارا مزدوجا بين القصف وأوامر الإخلاء. تزامن ذلك مع تصاعد تفاعل وسوم محددة، وتكرار لافت لسرديات موحدة بين الحسابات ذاتها، مما أثار تساؤلات عن أهداف الحملة، وطبيعة الشبكات الرقمية التي تقف خلفها، ودورها في محاولات التضليل الممنهجة لتشويه الواقع الإنساني في غزة. "بالييوود" و"غزة وود" في موازاة بث مقاطع الطعام الفاخر، صعّدت منصات موالية للاحتلال الإسرائيلي من حملة التضليل الرقمي، مستخدمة خطابا ساخرا يستهدف تشويه صورة الضحايا الفلسطينيين والتقليل من حجم الكارثة الإنسانية في غزة. فقد نشطت حسابات إسرائيلية في ترويج مصطلحين ساخرين هما "بالييوود" (دمج بين فلسطين وهوليود) و"غزة وود"، في إشارة إلى مزاعم التمثيل والفبركة، في محاولة لتجريد مشاهد المعاناة من صدقها، والتقليل من حجم الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، بهدف تضييق دائرة التعاطف العالمي. ضمن هذه الحملة، زعم أحد مستخدمي أن سيدة فلسطينية ظهرت في مقابلة إعلامية تشتكي من الجوع بينما كانت تحمل هاتفًا من نوع "آيفون" يفوق ثمنه ألف دولار أميركي، في إيحاء ساخر يتنافى مع شكواها. غير أن التدقيق أظهر أن السيدة كانت تحمل هاتفا من طراز "ريدمي A9" المنخفض التكلفة، وليس آيفون كما ادعى الناشر. كذلك انتشر مقطع مصور يوثق مائدة طعام كبيرة في غزة، قُدم على أنه حديث لتكذيب روايات المجاعة. لكن التحقق أظهر أن الفيديو قديم ونشر قبل أشهر، وأعيد تدويره ضمن الحملة الحالية. View this post on Instagram A post shared by فلسطينFREE🇵🇸 (@ ومع تضاؤل قدرة هذه الحسابات على إيجاد مشاهد حديثة يمكن التلاعب بها، لجأت إلى أساليب سخرية مباشرة، من خلال صور وتعليقات ساخرة تحوّل المجاعة إلى مادة ترفيهية، في تجاهل فجّ للكارثة الإنسانية المتفاقمة. حملة منظمة لم تكن حملة التضليل الرقمي التي رافقت الحديث عن المجاعة في غزة عشوائية، بل أظهرت مؤشرات واضحة على التنسيق المسبق، إذ خصصت ما لا يقل عن 5 حسابات عبر منصة "إكس" محتواها اليومي لنشر مقاطع فيديو تظهر أطعمة متنوعة ومشاهد من كافيهات ومطاعم في مدينة دير البلح وسط القطاع، في محاولة لتقديم صورة مغايرة للواقع، توحي بأن الإمدادات الغذائية وفيرة، وأن الحياة المعيشية لم تتأثر بالحرب. إعلان ويقف في صدارة هذه الحملة حساب (imshin@) الذي لعب دورا محوريا في تضخيم الرواية التضليلية، مدعوما بشبكة من الحسابات يتابعها عشرات الآلاف، ومن أبرزها حساب (GAZAWOOD1@) الذي نشر مقاطع من داخل مطعم محلي تعرض تقديم عصائر وحلويات، وكتب تحتها: "تم تصوير هذا اليوم في دير البلح"، موجها اتهاما إلى الإعلام الفلسطيني بتجاهل هذه المشاهد و"إسكات" صوت المطاعم. كما رصدت منشورات من الحساب ذاته تسخر من مشاهد لصحفيين غزيين وهم يشربون الماء والملح، في إشارة مباشرة إلى حالات الجوع والعطش التي وثقتها تقارير محلية ودولية. لكن التدقيق في ادعاءات هذه الحسابات كشف عن تناقض فاضح، إذ نشر المطعم ذاته عبر حسابه في "إنستغرام" تنويها قبل أيام قال فيه: "في الوقت الذي وقفنا فيه أمام أنفسنا وأمام الله إلى جانب أهلنا وأبناء شعبنا بتوفير كل الأصناف بسعر التكلفة، نعتذر اليوم السبت عن استقبالكم لعدم توفر المواد الخام للأصناف". View this post on Instagram A post shared by Rayhana Sweets salt (@rayhanasweetsalt) وسم مضلل وسردية منسقة ضمن الحملة الرقمية الممنهجة لتزييف الواقع في قطاع غزة، نشط وسم #TheGazaYouDontSee كأحد أبرز الأدوات التي اعتمدتها الحسابات الموالية للاحتلال الإسرائيلي، لترويج سردية مضادة تنكر وجود المجاعة، وتتهم الفلسطينيين بفبركة المشهد الإنساني. وقد رصدت "سند" تداول هذا الوسم بلغات متعددة، أبرزها الإنجليزية واليابانية، عبر منشورات ركزت على مهاجمة حركة حماس، والتشكيك في التقارير الحقوقية والإنسانية، مدّعية أن المجاعة "أكذوبة" صاغها الإعلام العربي والإسلامي لتأليب الرأي العام العالمي. من يقف وراء الحملة؟ وفي إطار رصد موسع، أظهر تحليل شبكي أجرته "سند" لعينة مكونة من ألفي تغريدة، نشرت على الوسم خلال يومي 1 و2 يوليو/تموز 2025، وجود نمط من التنسيق بين مجموعات رقمية متداخلة هدفت إلى تشويه صورة الوضع الإنساني في غزة، عبر بث روايات موحدة تفيد بأن "لا وجود لمجاعة" أو أن "المعاناة مبالغ فيها ومفبركة". وتكرّر في منشورات تلك الحسابات استهداف وكالة "الأونروا" بشكل لافت، سواء من خلال الردود أو أو الإشارات المباشرة (المنشن)، في محاولة لتصويرها كجهة منحازة أو متواطئة في "خداع" المجتمع الدولي. وأظهر التحليل الشبكي الذي أجرته "سند" للبنية الرقمية للحملة أن الحساب الإسرائيلي (imshin) شكّل محور التفاعل الأبرز، حيث تصدّر ما يعرف بـ"العقدة المركزية" (Central Node) التي تدور حولها باقي الحسابات المروجة، في دلالة واضحة على مركزية الخطاب ومصدره. ووفق خوارزميات التحليل، تبيّن أن أكثر من 74% من الحسابات المشاركة في الوسم تعود إلى مجموعة مركزية واحدة تدور في فلك هذا الحساب، مما يعكس درجة عالية من الاصطفاف والتنسيق في إنتاج المحتوى وتكرار السرديات. وفي تحليل تقاطعي أوسع شمل الحسابات الثلاثة (imshin@ – GAZAWOOD1 – osint613)، ظهر ترابط ملموس في التوقيت والمحتوى وحجم التفاعل، فقد شكل كل واحد منها مجتمعا فرعيا متماسكا يرتبط بباقي الحسابات عبر ما يعرف بالحسابات "الجسرية" (Bridge Accounts)، وهي حسابات تسهل انتقال الرواية بين المجموعات وتضمن إعادة تدويرها بشكل منسّق. رواية واحدة و3 أساليب وبرز حساب (GAZAWOOD1) بين أبرز المشاركين في الحملة، من خلال نشر مقاطع فيديو ساخرة تُنكر المجاعة وتتهكّم على التقارير الحقوقية، مستخدما لغة مزدوجة تجمع بين الطرافة السوداء والنفي المبطن للكارثة. في السياق ذاته، نشط حساب (TrollAndoVoy) ضمن مجموعة فرعية موازية، تشارك المحتوى ذاته، بينما برز حساب (tantemay) -الذي يزعم انتماءه إلى الدانمارك- كأحد أكثر الحسابات الأوروبية نشاطا في دعم السردية الإسرائيلية، من خلال تكرار منشورات تهاجم منظمات حقوق الإنسان، وتطعن في مصداقية التقارير الدولية عن الوضع في غزة، بلغة ساخرة أو ذات طابع استعلائي تجاه الضحايا. وإلى جانب هذه الحسابات، أظهر التحليل وجود نمط تكراري في اللغة والتوقيت والأسلوب، مما يرجح أن الحملة ليست مجرد تفاعلات فردية، بل نتاج شبكة منظمة تهدف إلى طمس الرواية الحقوقية، وتشويه المعاناة الفلسطينية، وخلق حالة من الشك الممنهج لدى الرأي العام الدولي.

القدس في السينما المغربية.. حين تقتحم الكاميرا أسوار الوجدان
القدس في السينما المغربية.. حين تقتحم الكاميرا أسوار الوجدان

الجزيرة

timeمنذ 13 ساعات

  • الجزيرة

القدس في السينما المغربية.. حين تقتحم الكاميرا أسوار الوجدان

مراكش – في زمن تنكمش فيه الشاشة العربية عن تناول القضايا المصيرية، يأتي حضور القدس الشريف في السينما المغربية ليكرس واقعا يواجه الكثير من التحديات. في المغرب ، لم تنتج السينما المحلية سوى ثلاثة أفلام تناولت المدينة المقدسة بشكل مباشر، أحدها قصير وروائي هو "القدس، أبنادم" لمصطفى الشعبي، والثاني والثالث وثائقيان بعنوان "الأقصى يسكن الأقصى" لعبد الرحمن لعوان، و"القدس باب المغاربة" للراحل عبد الله المصباحي. يبدو الأمر أنه لا يتعلق بعدد محدود من العناوين فحسب، بل بتجربة إبداعية تضع القدس في قلب انشغال مغربي يتجاوز البعد السياسي أو الديني، لينفذ إلى الذاكرة والوجدان. وتأتي العودة إلى تناول هذه الأفلام في سياق وعي شعبي مغربي شديد الحساسية تجاه فلسطين والقدس، ليطرح السؤال الأهم، كيف عبرت الصورة عن مكان بعيد مكانيا، وقريب رمزيا؟ وكيف تُستحضر المدينة المقدسة في فضاء سينمائي مغربي؟ هذا هو الرهان الذي خاضه المخرجون الثلاثة، كل بطريقته. يقول الناقد السينمائي مصطفى الطالب للجزيرة نت "الفيلم القصير "القدس، أبنادم" اختار الاشتغال على الرمز من خلال حكاية شبابية مرتبطة بكرة القدم، بينما انخرط الفيلمان الوثائقيان في تثبيت الحقائق والذاكرة". ويضيف، "أهمية الأفلام تكمن في تكاملها، فالروائي يشعر، والوثائقي يُقنع، وكلاهما يكرس رمزية القدس قضية حية في الوعي المغربي". فكرة وجدانية ليست السينما أداة للتمثيل فحسب، بل كثيرا ما تكون تعبيرا عن سؤال داخلي، هذا ما يعبّر عنه المخرج عبد الرحمن لعوان وهو يسترجع بدايات مشروعه الوثائقي. يقول للجزيرة نت "تولد عندي هذا التساؤل متزامنا مع اهتمامي بالإخراج السينمائي، ما هو السر وراء ارتباط المغاربة بأرض فلسطين وبقضاياها وهم أبعد الشعوب العربية غربا عنها؟" هذا السؤال تحول إلى فكرة، والفكرة إلى فيلم، والفيلم إلى تجربة وجدان. أما مصطفى الشعبي، مخرج "القدس، أبنادم"، فقد انطلق من إحساس مختلف، نابع من شعور بالقهر الرمزي والخذلان. في لقاء منشور له، يقول إن الفيلم اشتغل على "حالة الغيرة التي تحرك فتيان الحي حين يكتشفون قمصانا تحمل عبارة القدس عاصمة الكيان فيهاجمونها بالحجارة". ليست مجرد لقطة رمزية، بل تعبير عن غريزة المقاومة الكامنة حتى في أبناء الأحياء الشعبية المغربية. بينما يؤكد عز الدين شلح، رئيس مهرجان القدس الدولي، للجزيرة نت، أن مثل هذه المبادرات السينمائية تحتاج دافعا شخصيا قويا، "المشكلة أن هذا النوع من الدوافع غير متوفر دائما، خاصة عندما لا يكون السيناريست أو المخرج على تماس مباشر مع واقع المدينة". لكن يبدو أن الوجدان المغربي، برمزيته العالية، يخلق هذا التماس من بعيد. اللغة والرمز حين تغيب القدرة على التصوير داخل القدس، تحضر الصورة الرمزية بديلا إبداعيا. اختار الشعبي في فيلمه "القدس، أبنادم" أن يحول ملعبا إلى جبهة، ولقطة إلى خطاب. يرى الناقد مصطفى الطالب أن قوة الفيلم تكمن في توظيفه للرمز، حيث "قام الفتيان بضرب الفريق الحامل لعبارات الاحتلال بالحجارة"، في مشهد يختصر الانتفاضة في لقطة، ويجعل من الطفل المغربي شبيها لطفل الحجارة الفلسطيني. ويضيف "عنوان الفيلم نفسه يختزن قوة تحذيرية، "أبنادم" بالدارجة المغربية هي نداء واستفاقة، إنها القدس، احذر، لا تكن غافلا عنها، فهنا لا يتعلق الأمر برسالة مباشرة، بل بتحفيز وعي الجمهور عبر مشهدية مألوفة في السياق المغربي (كرة القدم) من أجل حمله نحو سؤال أكبر. في المقابل، يتحدث لعوان عن خصوصية اللغة السينمائية في الشريط الوثائقي، "ما يميز قوة الشريط الوثائقي هو تكثيفه لمعطيات ومعانٍ وحقائق قد لا يجد الفرد من الزمن ما يكفي لقراءتها في المراجع". ويضيف "بهذا المعنى، تصبح الصورة وسيلة للاختزال المكثف، وتحمل مضمونا تاريخيا وثقافيا يبث دون تنظير". استنهاض الوعي لا تخضع اللغة في الأفلام الثلاثة لتقنية جمالية محضة، بل تخدم غاية أعمق، واستنهاض الوعي، وتحريك الساكن الرمزي تجاه مدينة تُسرق في كل مشهد إخباري. يتخذ الحكي في "القدس، أبنادم" طابعا تخييليا رمزيا، بينما يعتمد الشريطان الوثائقيان على التوثيق الصارم، هذا التباين لا يعكس تفاوتا في القوة السينمائية، بل تنوعا في أدوات التأثير. يقول مصطفى الطالب "الفيلم القصير اشتغل على الرمز، بينما أبرز الفيلم الوثائقي دور الشريط في التعاطي مع القضايا المصيرية من خلال الغوص في الذاكرة الجماعية". ويضيف "في فيلم الشعبي، الحكاية تُبنى من خلال مشاهد صامتة تقريبا، يتحدث فيها الفعل لا الحوار. حجر يرمى في وجه قميص يحمل جريمة رمزية، وطفل يتحول إلى حامل لقضية. إنه سرد شعبي، مباشر لكنه كثيف المعنى". أما لعوان، فاعتمد على أرشيف وشهادات من طينة الدكتور عبد الهادي التازي وسعيد الحسن وغيرهما. يقول لعوان "لقد شهدت معطيات الشريط يتحدث بها شباب ومثقفون ودعاة بعد ما كانت محدودة التداول". هنا يتحول الوثائقي إلى قناة لنقل الذاكرة من النخبة إلى الجمهور، ومن النص إلى الصورة. الفيلم الروائي والفيلم الوثائقي، رغم اختلاف بنيتهما، يلتقيان في نقطة واحدة، وإعادة صياغة حكاية القدس بلسان مغربي، يعبر عن انخراط وجداني حقيقي في صراع بعيد جغرافيا، لكنه قريب رمزيا وثقافيا. قوة الصورة الرمزية كيف يمكن استحضار القدس في فيلم مغربي؟ الإجابة قد تكون بصرية، ذهنية، أو كلاهما. في "القدس، أبنادم"، لا تظهر المدينة المقدسة أبدا، لكنّ كلّ مشهد فيها يحتوي على رمز أو صدى. ملعب الحي يصبح ساحة مقاومة، والقمصان أداة خطاب، والحجارة امتداد لذاكرة الانتفاضة. يرى الطالب أن هذا الاشتغال غير المباشر يخدم الفكرة أكثر من محاكاة الواقع، لأن الصورة الرمزية تمتلك قوة الإيحاء التي تعوض غياب الموقع الفعلي. لا يصور الفيلم القدس، لكنه يجعلها تحضر نداء واستفزازا لوعي المتفرج. في المقابل، اختار المصباحي ولعوان أن يستحضرا القدس من خلال شهادات ومشاهد وثائقية، الأول من خلال التصوير في القدس، والثاني اعتمد على أرشيف ومقابلات ومقاطع من داخل المغرب. يقول لعوان للجزيرة نت "احتضان المغرب للجنة القدس ولبيت مال القدس، ووجود باب المغاربة، كلها مؤشرات جعلتني أرى أن القدس تسكن في الوعي المغربي، ولو لم أزرها فعليا". الفيلم يبرهن أن المكان قد لا يكون شرطا للتصوير، طالما أن الفضاء الحي هو الذاكرة والموقف. بهذا المعنى، تصبح القدس في السينما المغربية فضاء داخليا أكثر منه جغرافيا، تستدعى عبر التاريخ الرموز والشهادات، ويُعاد تشكيلها على الشاشة بصريا من داخل أحياء مغربية. رهان يستحق العناء أن تنجز فيلما عن القدس من المغرب ليس فقط تحديا فنيا، بل مغامرة إنتاجية محفوفة بالعقبات. يتحدث لعوان عن صعوبات البداية، "لم يكن استصدار الترخيص من المركز السينمائي المغربي سهلا، مما يدل على أهمية الأعمال السينمائية المحددة الهدف". لم تكن تلك العقبة الأخيرة، لكن الشريط الوثائقي وجد لاحقا صدى واسعا في المهرجانات والمؤسسات، مما أثبت أن الرهان يستحق العناء. أما الناقد مصطفى الطالب، فيرى أن ضعف الإمكانيات لم يمنع الشعبي من إبداع فيلم رمزي قوي، "لو كانت له إمكانيات كبيرة لكان الفيلم أقوى، لكنه رغم ذلك استطاع التذكير بالقضية". هذا ما يعكسه الواقع العربي الأوسع، كما يقول عز الدين شلح "الإنتاج الذاتي يتطلب خطة تسويقية، والدعم الحكومي شبه منعدم، مع الأسف، لا يوجد اهتمام كافٍ يجعل قضية القدس أولوية في تمويل الأفلام". تغيب القدس عن السينما ليس لأن المخرجين لا يهتمون، بل لأن الصناعة السينمائية لا تضعها ضمن أولوياتها. وبين غياب الدعم وصعوبة التسويق، تظل أفلام مثل "القدس، أبنادم" و"الأقصى يسكن الأقصى" بمثابة استثناء نبيل، وصوت فردي في صمت جماعي.

"اختراع الكتب.. اللامتناهي في بَرْدِيَّة" كتاب يولد من رحم الدهشة
"اختراع الكتب.. اللامتناهي في بَرْدِيَّة" كتاب يولد من رحم الدهشة

الجزيرة

timeمنذ 21 ساعات

  • الجزيرة

"اختراع الكتب.. اللامتناهي في بَرْدِيَّة" كتاب يولد من رحم الدهشة

ماذا لو لم يكن لدينا كتب اليوم؟ وماذا لو لم تُخترع الكتب أصلًا؟ تخيل عالما بلا مكتبات، ولا كتب، ولا روايات، وبلا سطور تحفظ أصوات من رحلوا. ماذا كان سيبقى منّا حينها؟ وماذا كنا سنعرف عن النابغة، وعن الجاحظ، وعن الثورات، وعن قصص الحب والوفاء؟ ومن الذي قرر أن يخترع الكتابة، وأن يصنع من الكلمات سدًّا في مواجهة النسيان؟ في كتاب "اختراع الكتب.. اللامتناهي في بَرديَّة"، تفتح لنا إيريني باييخو نافذة غير معتادة على تاريخ الكتاب، لا كما اعتدنا أن نقرأه في المراجع، بل كما يُروى في الأساطير، وهذا الكتاب ليس كتابًا عن الكتب فحسب، إنما عن الإنسان الذي لا يتوقف عن السرد والحكاية والطموح. في زمن تتسارع فيه الخطى وتحيط بنا الشاشات، لا يعود فعل القراءة مجرّد عادة، بل مقاومة رفيعة. ومن بين مئات الكتب التي تتناول تاريخ الكتابة والقراءة، يبرز كتاب "اختراع الكتب.. اللامتناهي في بَردِيَّة" للكاتبة الإسبانية إيريني باييخو بوصفه عملاً استثنائيًّا يعيد إلينا الأنفاس الأُوَل للكتب. وهو لا يقدم سردًا تاريخيًّا جافًّا، بل يسرد حكاية نابضة بالحياة، تسير بخطى شاعرية خلال العصور، وتتحدث عن الكتب كما لو كانت مخلوقات حيّة لها قدر ومصير، والكتاب في نظر المؤلفة عالم متّسعٌ لا تنضب معانيه، ومن هنا جاء العنوان "اللامتناهي في برديّة". وُصف هذا العمل بأنه "أنشودة في حب الكتب"، ولم يكن هذا الوصف مجازًا، بل هو حقيقة تجلت في أكثر من 50 طبعة بالإسبانية، وجوائز أدبية مرموقة حازها، كل ذلك لأنه لامس شيئًا عميقًا في الوعي الإنساني؛ إذ إنَّ باييخو كتبت عن الكتب، ومن أجلها، وبها. ونسخته العربية صدرت عن دار الآداب بترجمة مارك جمال. وإيريني باييخو كاتبة وأكاديمية إسبانية وُلدت في سرقسطة عام 1979، متخصصة في فقه اللغة الكلاسيكية والأدب اليوناني واللاتيني القديم. تمتاز كتاباتها بمزج فريد بين السرد الأدبي والتأمل الفلسفي، وتُعرف بقدرتها على إحياء التاريخ الثقافي بلغة إنسانية جذابة. مكتبة الإسكندرية حيث بدأت الرحلة تنطلق الكاتبة من مكتبة الإسكندرية، لا بوصفها مكانًا فحسب، بل رمزًا ومهدًا لفكرة الكتاب بوصفه موطنًا رمزيًا للمنفيين، كما تقول: "خلقت موطنًا من الورقِ لمَن لا موطن لهم". هناك حيث تعايشت الكلمات وتماهت، انطلقت رحلة البحث عن الكتب، تلك التي قادها فرسان بطليموس في مغامرة تكاد تشبه الأسطورة. في مقدمتها، تسرد باييخو المشهد بتصوير حيّ: "فرسان يمتطون صهوات خيولهم جاؤوا من اليونان… الخطر يطاردهم من كلِّ جانب… عمَّ يبحثون؟ عن الكتب؛ إذ زوَّدهم حاكم مصر بطليموس بمبالغ كبيرة من المال، وأمرهم بعبور البحر للحصول على جميع كتب الأرض من أجل مكتبته العظيمة في الإسكندرية". هكذا تبدأ الرحلة، لا من حبرٍ على ورق، بل من مغامرة تتقاطع فيها السياسة بالثقافة، والقوة بالمعرفة. تعود بنا باييخو إلى أزمنة ما قبل الأبجدية، إلى الألواح الطينية في بلاد الرافدين، ومكتبات الفراعنة، ومدونات الفينيقيين، وأكاديميات اليونان، ومكتبات روما، وترسم تطور الكتاب من رقوق الجلد، إلى ورق القصب، فالورق المصنَّع، وصولاً إلى الكتاب الرقمي، مرورًا بكل تحولاته: من اللفائف إلى الصفحات، ومن النحت إلى الحبر، ومن الهمس إلى التوثيق. لكنها لا تكتفي بالسرد الموضوعي، بل تضفي على كل مرحلة بُعدًا شعوريًّا، وتُلبس الوقائع لَبوس الأسطورة، فيغدو كل تحول في شكل الكتاب مشحونًا بالمعنى، كأن لكل مادة ذاكرة. من أبرز ما يميّز هذا العمل اهتمامه بمن لم يروِ التاريخ أسماءهم؛ مثل الرواة الشفويين، والنُسّاخ، والرهبان، والعبيد، والبائعين، والمترجمين، والمعتقلين، والأطفال الذين حملوا الكتب خلسة، والأسرى الذين نسخوها في المنافي. وهؤلاء هم أبطال الحكاية الحقيقيون في نظر باييخو، فهي لا تتوقف عند أعلام الفكر وحكّام المعرفة، بل تبحث عن أولئك الذين حموا الكتب في اللحظات الفارقة من التاريخ، وأولئك الذين أنقذوها وحفظوها، وبذلك فالكاتبة لا تسرد حكاية "اختراع الكتب" فحسب، بل حكاية اختراع طرائق حفظها أيضًا. الكتاب -كما يصفه النقاد- ليس مما يُقرأ على عجل، بل هو كتاب يفرض إيقاعه ونظمه، كتاب لا تُقلب صفحاته كما تُقلب شاشة هاتف، بل يُصغي القارئ لنَفَسه حتى ينسجم مع نغمه. وهذا ما يحدث مع "اللامتناهي في بردية"، فما إن يفتح القارئ صفحاته حتى يجد نفسه قد أُلزِم بسرده وقواعده الخاصة، فعليه تارة أن يتوقف ويتأمل، وتارة أن يتذكر طفولته الأولى مع الكتب، ويعيد تعريف علاقته بالكلمات. مصير الكتب في العالم الرقمي لا تُغفِل باييخو التحوّلات التي تشهدها الكتب في عصر الرقمنة، بل تتأمل بعمق في مصير الحرف أمام الشاشة، ولا تستطيع أن تخفي قلقها: "مواعيد زوال الأشياء تقترب أكثر فأكثر… أجهزتنا تطلب منَّا دائمًا تحديث التطبيقات والبرامج، وإن لم نتنبه ونستيقظ، فسيأخذ العالم منّا زمام المبادرة". ومع ذلك فهي لا تستسلم لليأس، بل تُذكّرنا بأن "من الخطأ الاعتقاد بأن كل حداثة تمحو التقليد، لقد جاء الهاتف المحمول تقليدًا للوح الطين في بلاد ما بين النهرين، وفي شاشات هواتفنا نفكك النصوص كما هي الحال في لفائف البردي القديمة"، وأن التكنولوجيا ليست خصمًا للتقاليد، إنما امتداد لها. تقول باييخو: "لطالما كانت القراءةُ ارتحالًا، سَفَرًا، رحيلًا في سبيلِ العثور على الذات". في هذا الكتاب، تعيد الكاتبة للقراءة مكانتها الأصلية، لا بوصفها فعلا ثقافيا فحسب، بل حاجة روحية؛ ففي عالم يفيض بالمعلومات ويشحّ فيه المعنى، تصرّ باييخو على أن الكتاب لا يُقرأ فقط، بل يقرؤنا، ويعيدنا إلى ذواتنا، ويمنحنا أفقًا لا يحدّه زمان ولا يأسره مكان. إيريني باييخو كاتبة تحوّلت إلى ظاهرة منذ صدور الكتاب تحوّل إلى ظاهرة عالمية؛ تُرجم إلى أكثر من 40 لغة، وحاز جوائز كبرى، ونال إشادة واسعة من رموز الثقافة العالمية الذين رأوا أنه ليس كتابًا فحسب بل تجربة تفيض بالسحر والمعنى، فعلى سبيل المثال وصفت صحيفة لوموند الفرنسية الكتاب بأنه "أنشودة حب عظيمة موجهة إلى الكتب". وأدرجته ذا إيكونوميست ضمن أفضل كتب الثقافة والأفكار لعام 2022، مبرزةً مهارة باييخو في تحويل التاريخ إلى سرد حي، بوصفه عملا أنيقا ينبض بالذكريات الشخصية ويُكتب بأسلوب معاصر آسِر. وأشاد الروائي الكبير ماريو بارغاس يوسا به بعبارات مفعمة بالتقدير، قائلاً: "الحب للكتب والقراءة هو الأجواء التي تنبض بها صفحات هذه التحفة". كذلك لاقت الكاتبة إشادة من أدباء ونقاد آخرين مثل ألبرتو مانغيل فقد وصفه بأنه "بحث ساحر"، وغير هذا كثير. ولم يكن هذا النجاح صدفة، فالكاتبة فضلا عن كونها حكّاءة بارعة، أستاذة فقه اللغة في جامعتي سرقسطة وفلورنسا، وتملك خلفية واسعة في الفلسفة والتاريخ والآداب، لكنها تعرف كيف تُقدّم كل ذلك بلغة دافئة شفافة لا تنفر القارئ بل تحتضنه. "اختراع الكتب.. اللامتناهي في بردية" ليس محض عرضٍ لتاريخ طويل، بل إحياء لحكاية إنسانية ضاربة جذورها في عمق التاريخ والإنسان. إنه سيرة للكتاب، وهو قبل كل شيء سيرة للإنسان القارئ، الإنسان الذي قاوم النسيان بالحرف، وحمل في قلبه المكتبة التي لم تُبْنَ بعد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store