logo
أميركا تجرّب المجرَّب: مجازفة بأمن «الحلفاء»

أميركا تجرّب المجرَّب: مجازفة بأمن «الحلفاء»

لم يغب عن بال القيادة السياسية في اليمن، عند اتخاذ قرار معاودة استهداف الأصول الإسرائيلية في البحر الأحمر، ردات الفعل الأميركية – البريطانية على صنعاء، بالنيابة عن الكيان الإسرائيلي، خلال الجولة الأولى من الحرب على غزة، وأن الأمر ذاته سيتكرّر في الجولة الثانية. وإذا صحّت التقارير الأميركية عن أن الغارات التي نُفّذت بطائرات مقاتلة وطائرات من دون طيار، أقلعت من قواعد مختلفة في المنطقة، إلى جانب طائرات مقاتلة من حاملة الطائرات «هاري ترومان»، وأن الضربات ليست حدثاً ليوم واحد، بل قد تستمر لأيام، وربما لأسابيع، فإن ذلك يستدعي من الجانب اليمني الرد على الأماكن التي أقلعت منها المقاتلات الأميركية، ما يعني أن الحرب ستتوسّع لتطال العواصم المشاركة في العدوان.
إذ ليس من المعقول أن تشارك دول الجوار بمطاراتها في الضربات أو تسهّل العمليات اللوجستية الأميركية، وتقف صنعاء متفرّجة، من دون أن تبادر إلى الرد على مصادر النيران. وإذا كانت بعض دول الخليج تعتقد أن علاقاتها المقبولة مع إيران، ستوفّر لها طوق أمان حيال الجانب اليمني، ففي هذا تقدير خطأ، بالنظر إلى ما يتمتّع به الأخير من استقلالية في القرار تجاه طهران.
ورغم أن الضربات الجوية الأميركية على صنعاء، شبيهة بتلك التي وجهتها إدارة الرئيس السابق، جو بايدن، فقد ركزت الدعاية الأميركية المرافقة للعدوان على القول إن إدارة ترامب لن تكرّر أخطاء الماضي، وإن الأخير يحاول إظهار اختلافه عن الإدارة السابقة، وهو ما عبّر عنه على منصات التواصل الاجتماعي بالقول إن «رد جو بايدن كان ضعيفاً بشكل مثير للشفقة. لذا واصل الحوثيون المتهورون هجماتهم… لقد مر أكثر من عام منذ أن أبحرت سفينة تجارية تحمل العلم الأميركي بسلام عبر قناة السويس أو البحر الأحمر أو خليج عدن».
إلا أن مطلعين قالوا إنه لا فرق بين ضربات الإدارتين الحالية والسابقة؛ إذ أفادت تقارير أميركية بأن الدفعة الأولى من غارات ليل السبت – الأحد وُجّهت إلى ستة أهداف عسكرية ومدنية في صنعاء، ثم تلتها في وقت لاحق ضربات أخرى، فضلاً عن قصف أهداف مدنية في محافظة صعدة ومحافظات إضافية، ليصل العدد الإجمالي إلى 40 غارة، تماماً كما فعلت القوات الأميركية في بداية الهجوم على اليمن فجر 12 كانون الثاني 2024، حين شنّت عدواناً على محافظات يمنية عدة، ضد 60 هدفاً في 16 منطقة، في الدفعة الأولى.
صنعاء تحاول استخدام خلايا وقود الهيدروجين لتشغيل أنظمتها غير المأهولة
وادّعت واشنطن، وقتذاك، أن الغارات استهدفت مراكز قيادة وسيطرة ومخازن ذخيرة وأنظمة إطلاق ومنشآت تصنيع وأنظمة رادار خاصة بالدفاع الجوي، وتم خلالها إطلاق أكثر من 100 صاروخ موجه بدقة واستخدام طائرات وصواريخ «توماهوك» أطلقت من السفن والغواصات.
وعليه، شكّكت وسائل الإعلام الأميركية في جدوى الضربات الجديدة، وقالت إنه من غير الواضح كيف يمكن لحملة القصف المتجدّدة ضد «أنصار الله» أن تنجح، في حين فشلت إلى حد كبير الجهود العسكرية السابقة التي قادتها الولايات المتحدة. ورغم أن إسرائيل اضطرت إلى الدخول مباشرة إلى جانب الأميركيين والبريطانيين في الجولة الأولى، إلا أن العدوان لم يحقّق النتائج المطلوبة وقتذاك، حيث كانت لصنعاء الكلمة الأخيرة.
وهذا ما أشارت إليه صحيفة «جيروزاليم بوست» العبرية، بالقول إن «الحوثيين أثبتوا قدرتهم على الصمود في وجه غارات شنتها عشرات الطائرات، وأرادت إسرائيل عبرها استعراض قدراتها على توجيه ضربات بعيدة المدى، ولكن هذه الأخيرة أظهرت أيضاً محدودية تأثير استخدام الطائرات والذخائر الدقيقة». ودعت الصحيفة الولايات المتحدة إلى أن تتعلّم الدرس من ذلك.
وخلافاً لما توحي به تحذيرات ترامب من أنه لن يتسامح مع هجوم «أنصار الله» على السفن الأميركية، وتهديداته إياهم باستخدام القوة المميتة الساحقة حتى تحقيق الهدف، فإن خبراء وكتاباً يحذّرون من أن حركة «أنصار الله» تبقى شوكة يصعب سحقها كونها تخفي أسلحتها في الكهوف، ولديها قدراتٌ هائلةٌ بنتها منذ عام 2015، وهي مدعومة من إيران، وقد وسّعت مدى صواريخها الباليستية وطائراتها المُسيّرة. وإذا كان جوهر عقيدة ترامب هو اتباع سياسات مختلفة عن الإدارة السابقة، إلا أن إشكالية الخواء الاستخباراتي في اليمن، والتي واجهت فريق بايدن، لم يتمكّن فريق ترامب من حلّها بعد.
ومن جهة أخرى، فإن الإدارة الأميركية السابقة، في أثناء تخطيطها للعدوان على اليمن، كانت أمام خيارات وسيناريوات صعبة منها حصر النزاع في غزة، والعمل على منع تمدّده إلى مناطق أخرى، والغرق في الرمال اليمنية عن طريق الزج بقواتها البرية فيها. وأما إدارة ترامب، وخلافاً لما نقلته بعض وسائل الإعلام الأميركية من عدم خوفها من توسع الصراع، فنقلت قناة «سي إن إن» عن مصدر مطلع فيها، أنه لا غزو أو توغلاً برياً في اليمن، ولكن ستكون هناك سلسلة هجمات إستراتيجية موجهة ومستمرة، في ما يعدّ عملياً تكراراً للهجمات الأميركية السابقة.
وتأتي الضربات على اليمن في الوقت الذي تشير فيه تقارير جديدة إلى أن حركة «أنصار الله» تواصل العمل على تقنية الطائرات المسيّرة البعيدة المدى. وبحسب «منظمة أبحاث تسليح الصراعات» البريطانية، فإن «محقّقيها الميدانيين اكتشفوا أدلة على أن قوات الحوثيين في اليمن، تحاول استخدام خلايا وقود الهيدروجين لتشغيل أنظمتها غير المأهولة. وفي حال نجاح هذه التجربة، فإنها ستمثّل تصعيداً كبيراً في قدراتهم، ما يُمكّن المركبات غير المأهولة – سواء أكانت جوية أم برية أم بحرية – من حمل حمولات أكبر والسفر لمسافات أطول بكثير مما تسمح به مصادر الطاقة التقليدية».
كما أشارت المنظمة إلى أن هذه «أول محاولة لاستخدام وقود الهيدروجين في أنظمة غير مأهولة من قبل أي جهة مسلحة غير حكومية، على مستوى العالم». وكانت قد ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «أنصار الله» أغضبت ترامب بعد أن أطلقت صاروخ أرض – جو على طائرة «إف – 16» أميركية كانت تحلّق فوق البحر الأحمر، فضلاً عن اختفاء طائرة مسيرة أميركية من طراز «إم كيو – 9 ريبر» فوق البحر الأحمر، في اليوم نفسه الذي أصدرت فيه الحركة بياناً أعلنت فيه إسقاطها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مطار صنعاء الدولي يزف بشرى سارة برحلات إضافية إلى هذه الدولة العربية الجديدة ..
مطار صنعاء الدولي يزف بشرى سارة برحلات إضافية إلى هذه الدولة العربية الجديدة ..

اليمن الآن

timeمنذ 32 دقائق

  • اليمن الآن

مطار صنعاء الدولي يزف بشرى سارة برحلات إضافية إلى هذه الدولة العربية الجديدة ..

أعلنت حكومة صنعاء عن استعداداتها لبدء تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء الدولي، الذي تم إعادة فتحه مؤخراً. آ وفي هذا السياق، أوضح وزير النقل والأشغال العامة في حكومة صنعاء، محمد عياش قحيم، في تدوينة له على إكس: "سفر حجاج بيت الله من مطار صنعاء إلى جدة مباشرة عبر الخطوط الجوية اليمنية بإذن الله تعالى". آ آ يُذكر أن مطار صنعاء الدولي قد استأنف عملياته يوم السبت، حيث جرى تسيير 4 رحلات من وإلى الأردن نقلت حوالي 575 مسافراً، وذلك بعد إعادة المطار إلى الخدمة بعد تعرضه لأكثر من 30 غارة. هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود المبذولة لتسهيل سفر الحجاج وتعزيز التنقل الجوي.

الزُبيدي : ذكرى فك الارتباط جاءت لتؤكد ان شعبنا الجنوبي ماض وبكل عزم لإستعادة دولته
الزُبيدي : ذكرى فك الارتباط جاءت لتؤكد ان شعبنا الجنوبي ماض وبكل عزم لإستعادة دولته

اليمن الآن

timeمنذ 34 دقائق

  • اليمن الآن

الزُبيدي : ذكرى فك الارتباط جاءت لتؤكد ان شعبنا الجنوبي ماض وبكل عزم لإستعادة دولته

الزُبيدي : ذكرى فك الارتباط جاءت لتؤكد ان شعبنا الجنوبي ماض وبكل عزم لإستعادة دولته قال اللواء الركن /محمد قاسم الزبيدي قائد الوية الحماية الرئاسية بأن ذكرى فك الارتباط الـ31 ، تُجسّد إرادة شعبنا الجنوبي العظيم في تقرير مصيره والدفاع عن هويته وحقوقه المشروعة. وإن هذه الذكرى ليست مجرد حدث عابر في سجل التاريخ، بل هي محطةٌ فارقة أعادت لشعب الجنوب كرامته، وأكدت تمسكه بحقه وبأراضه ورفضه للاحتلال والتعسف والاستغلال . وأضاف بأن ذكرى فك الارتباط كانت ردّاً طبيعياً على سنوات من الظلم والاستبعاد، وإعلاناً صريحاً بأن شعب الجنوب لن يقبل بأن يُمسخ تاريخه أو يُهدر دم أبنائه. لقد أثبتت هذه الذكرى أن الجنوبيين قادرون على صنع قرارهم الوطني بكل عزة، وأنهم ماضون نحو بناء مستقبلٍ يليق بتضحيات شهدائنا الأبرار، الذين رووا بدمائهم الزكية تراب هذا الوطن. وأردف قائد الوية الحماية الرئاسية : إننا ونحن نستذكر هذه المناسبة العظيمة، نرى بوضوحٍ كيف أصبح واقع الجنوب مختلفاً عما كان عليه بالأمس. لقد تحوّل الجنوب من واقع التهميش والصراعات المُفتعلة إلى ساحةٍ للعمل الوطني الجاد ، حيث تُبنى قواته المسلحة الباسلة ، وتُعاد هيبة الدولة، ويُصارع أبناؤه من أجل استقرارٍ دائم وعدالةٍ تنصف كل مواطن. موكدا بأن ألوية الحماية الرئاسية جنباً إلى جنب مع كل أبناء الوطن الجنوب ، تواصل ترسيخ الأمن وحماية مكتسبات شعبنا، مؤمنين بأن السلام الحقيقي يبدأ باحترام إرادة شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته كاملة السيادة بحدودها المتعارف عليها قبل 1990م . مختتما تصريحة :" ندرك أن الطريق ما زال طويلاً، لكننا نؤكد أن إنجازات اليوم تُثبت أن الجنوب قادرٌ على تجاوز التحديات. لقد أصبحت العاصمة عدن، وعموم المحافظات الجنوب ، رمزاً للصمود والتضحية، وشاهداً على إصرار شعبنا على ألا يعود إلى زمن الاستبداد والاحتلال. إن ذكرى فك الارتباط تذكيرٌ لنا بأننا أمةٌ لا تُهزم، وأن مستقبل الجنوب سيكون بإذن الله أفضل مما مضى، طالما ظلّت إرادتنا موحدةً وصوتنا عالياً بالحق." تحيةً لشهدائنا الأبطال، وتحيةً لكل من يقف على ثغور هذا الوطن مدافعاً عن أرضه وكرامته. المجد والخلود لشهداء الجنوب الابرار

شاهد: الكلمة الكاملة للرئيس العليمي في الذكرى 35 للوحدة اليمنية
شاهد: الكلمة الكاملة للرئيس العليمي في الذكرى 35 للوحدة اليمنية

اليمن الآن

timeمنذ 34 دقائق

  • اليمن الآن

شاهد: الكلمة الكاملة للرئيس العليمي في الذكرى 35 للوحدة اليمنية

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور رشاد محمد العليمي، مساء اليوم الأربعاء، أن الوحدة الوطنية التي ينشدها اليمنيون اليوم يجب أن تكون وحدة قائمة على الدولة والمؤسسات والعدالة وتكافؤ الفرص، لا على المليشيا والإقصاء والهيمنة، مشددًا على أن القضية الجنوبية تمثل جوهر أي تسوية سياسية عادلة، ولا يمكن حلها عبر تسويات شكلية، بل من خلال إنصاف كامل وضمانات تتيح لأبناء الجنوب تقرير مركزهم السياسي والاقتصادي، والثقافي، بما يعزز مبدأ الشراكة في السلطة والثروة، وفقا للمرجعيات الوطنية، والإقليمية، والدولية. وفي خطاب وجّهه إلى الشعب اليمني في الداخل والخارج، بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لعيد الوحدة اليمنية 22 مايو 1990، وطالعه "المشهد اليمني"، جدّد العليمي التأكيد على التزام المجلس والحكومة بالعمل من أجل بناء دولة مدنية حديثة، تقوم على حماية النظام الجمهوري، وترسيخ التعددية، وبناء وحدة متكافئة عادلة، مؤكدًا أن هذه المرتكزات الثلاثة تمثل خلاصة النضال اليمني وضمانة المستقبل. وتوقف رئيس مجلس القيادة الرئاسي عند التحديات التي تواجه اليمن، وأبرزها انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وما ترتب عليه من معاناة اقتصادية وإنسانية وأمنية، داعيًا إلى رص الصفوف وتوحيد الخطاب الوطني والإعلامي في مواجهة هذا التهديد الوجودي. كما أشاد العليمي بالدور الريادي لأبناء الجنوب في صناعة الوحدة، مؤكدًا أن عدن لم تكن فقط منارة تحرر من الاستعمار والإمامة، بل أصبحت اليوم قاعدة لانطلاق مشروع مقاومة الإمامة الحوثية الجديدة، وملاذًا آمنًا لملايين اليمنيين النازحين من مناطق سيطرة المليشيات. وفي سياق الإصلاحات، أكد العليمي أن المجلس والحكومة شرعوا في خطوات عملية لمعالجة آثار الحرب وتعزيز اللامركزية وتفعيل القضاء، والتعامل مع الاحتجاجات بوعي ومسؤولية، دون قمع أو تجاهل، مشيرًا إلى تحقيق إنجازات في تفعيل أحكام القضاء وردع الجريمة، ودعم المؤسسات الأمنية والعسكرية. كما أعرب عن الشكر للدعم المستمر من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، والتزام المجلس والحكومة باستكمال مشاريع الكهرباء والخدمات الأساسية، وبما يحقق انفراجة قريبة في الوضع المعيشي. وفي ختام خطابه، شدد العليمي على أن وحدة اليمنيين هي السبيل الوحيد للنجاة، داعيًا لتحويل ذكرى الوحدة إلى محطة لتجديد العهد، واستنهاض المبادرات الوطنية، في مواجهة التهديدات القائمة، وفي مقدمتها المشروع الحوثي الإيراني. فيما يلي نص الكلمة الكامل لفخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، بمناسبة الذكرى 35 للوحدة اليمنية: بسم الله الرحمن الرحيم يا أبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج،، يا أبطال قواتنا المسلحة والامن البواسل في ميادين العزة والكرامة،، أيتها المواطنات الصامدات في دروب التضحية والعطاء،، أحييكم جميعا بتحية الجمهورية، والحرية في الذكرى الخامسة والثلاثين لليوم الوطني الثاني والعشرين من مايو، الذي جاء تتويجاً لمسيرة نضالية عظيمة، امتدت من وهج سبتمبر المجيد، إلى شعلة أكتوبر الخالدة، حتى لحظة الميلاد العظيم للجمهورية اليمنية. لقد كانت الروح الجنوبية سبّاقة إلى الحلم الوحدوي، نشأةً وفكرًا، وكفاحًا، فكان النشيد جنوبياً، والراية جنوبية، والمبادرة جنوبيّة بامتياز، في مشهد تاريخي يعكس صدق النوايا، ونبل المقاصد. ونحن، إذ نتذكر هذا السبق، فإننا نتفهم اليوم تمامًا متغيرات المزاج الشعبي تحت ضغط مظالم الماضي، والإقصاء، والتهميش، والمركزية المفرطة. ومع ذلك، يثبت الجنوب، أنه لم ولن يكن يوماً طرفاً عارضاً في المعادلة الوطنية، بل كان وما يزال منارةً للتنوير، ومهداً للدولة المدنية، ودرعها الصلب، ومستقرًّا للملايين من أهلنا النازحين من جحيم الكهنوت الحوثي، الذين وجدوا في عدن، وغيرها من المحافظات الجنوبية، ملاذهم الآمن، وفرص العيش الكريم. وكما كانت عدن عاصمة لقوى التحرر من الاستعمار والامامة القديمة، ها هي اليوم ترسخ موقعها كقاعدة انطلاق لدحر مشروع الامامة الجديدة، وداعميها، والذود عن النظام الجمهوري، وأهدافه الخالدة. أيها الاخوة المواطنون والمواطنات،، ان الاحتفاء بهذا اليوم المجيد هو وفاء لكل من ضحّى من أجل مشروع دولة قوية، كما انه اعتراف متجدد بالأخطاء، والتزام قاطع بتصحيح المسار. ولهذا نؤكد من جديد أن القضية الجنوبية تمثل جوهر أي تسوية سياسية عادلة، وأن معالجتها لن تتحقق من خلال تسويات شكلية، بل بالإنصاف الكامل، والضمانات الكافية التي تُمكن أبناء الجنوب من صياغة مستقبلهم، وتقرير مركزهم السياسي والاقتصادي، والثقافي، بما يعزز مبدأ الشراكة في السلطة والثروة، وفقا للمرجعيات الوطنية، والإقليمية، والدولية. لقد أثبتت التجارب المريرة لاسيما عقب انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، أن بناء اليمن الحديث لا يمكن أن يتم إلا بتحقيق ثلاثة شروط رئيسية: حماية النظام الجمهوري، وترسيخ التعددية، وبناء وحدة متكافئة تقوم على العدل والمساواة، لا على الهيمنة، والإقصاء. ان هذه الأركان الثلاثة تمثل خلاصة التاريخ النضالي لشعبنا العظيم، كما انها تمثل ضمانة الحاضر، والمستقبل لبناء دولة العدالة، والمواطنة المتساوية.. الدولة التي تكفل لمواطنيها تكافؤ الفرص وتمنحهم الحق في تقرير مستقبلهم، وتصون هويتهم الوطنية و القومية.. الدولة التي تؤمن بمبادئ حسن الجوار، وتحترم المواثيق والمعاهدات، وقواعد الشرعية الدولية، كعضو فاعل في حاضنتها الخليجية، والعربية. أيها المواطنون ايتها المواطنات في كل مكان،، إن الوحدة الوطنية التي ننشدها اليوم ليست شعارًا، بل ممارسة واقعية، تتجسد في مؤسسات عادلة، وسلطات مستقلة، ودولة مدنية تُدار بالحكم الرشيد، وتكافؤ الفرص. إنها وحدة تقف نقيضاً لمشاريع الإمامة الكهنوتية، وثقافة الموت، والكراهية، والعنصرية. وقد شرعنا بالفعل في خطوات جادة لتصحيح المسار، بدءًا بتعزيز استقلال السلطات، وتفعيل اجهزة انفاذ القانون، ومعالجة بعض آثار حرب صيف 1994، وتوسيع اللامركزية المالية والادارية، وفقاً للدستور، ومرجعيات المرحلة الانتقالية. ونحن اليوم لا نطرح وعوداً، بل نتحدث عن إجراءات ملموسة، وخيارات مفتوحة، نحرص على ادارتها بحكمة ومسؤولية، بعيداً عن ردود الفعل، وبما يحفظ وحدة الصف الوطني، ويعيد الاعتبار للدولة كضامن حقيقي للحقوق، والحريات العامة. أيها الشعب العظيم،، بينما نُحيي هذه الذكرى، وسط معاناتكم المؤلمة، نؤكد لكم العهد الا نغفل لحظة واحدة عن معركتكم المصيرية في استئصال جذر المشكلة المتمثل بالمشروع الحوثي الامامي، كتهديد وجودي لنظامنا الجمهوري، وأمن بلدنا، ونسيجه الاجتماعي، وهويته العربية، والثقافية، ومصالحه الإقليمية، والدولية. إن هذه الجماعة الارهابية، التي تزايد باسم الوحدة، والسيادة، هي من تغلق الطرقات، وتحاصر المدن، وتستنزف العملة الوطنية، وتُعيد إنتاج التمييز، والفوارق بين الطبقات، وفرض واقع الانفصال بالقوة، والنهب والجبايات، وتذهب بمزيد من مغامراتها الطائشة الى استدعاء التدخلات الخارجية، وتصدير الفوضى خدمة لأجندة إيران ومشروعها التوسعي. يا أبناء شعبنا الأبي،، لقد عملت مع إخواني في مجلس القيادة الرئاسي خلال السنوات الماضية، على استلهام روح الوحدة الوطنية وتحويلها إلى واقع عملي، من خلال تعزيز التوافق، ودعم الشراكة، وتمكين الحكم المحلي، والتشديد على مركزية القضية الجنوبية. ورغم التحديات الهائلة، وأزمة الموارد، التي فاقمتها هجمات المليشيات الحوثية الإرهابية على موانئ تصدير النفط، وسفن الشحن البحري، لم نتخل يوماً عن مسؤولياتنا، ولم نقمع احتجاجاً سلمياً، بل نظرنا إلى أصواتكم - وفي مقدمتها تظاهرات النساء الملهمات في عدن وغيرها من المحافظات- كحافز صادق لتسريع وتيرة العمل، وتخفيف المعاناة بالشراكة مع اشقائنا في تحالف دعم الشرعية، وشركائنا الدوليين. وهنا نُجدد التزامنا بمواصلة الإصلاحات في مجالات الكهرباء، والطاقة، والخدمات الأساسية، استكمالًا لما أُنجز خلال السنوات الاخيرة، بدعم كريم من أشقائنا في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين لم يترددوا يومًا في مساندة بلدنا، ودعم استقراره، والوقوف إلى جانب قيادته السياسية، وشعبه الصابر. وسنحرص في هذا السياق مع رئيس الوزراء، والحكومة على تحديد أولويات المرحلة، بالتركيز على الاستحقاقات الاقتصادية، والخدمية، التي ستشهد خلال الأيام المقبلة انفراجة بعون الله تعالى. كما نوجه الحكومة، والسلطات المحلية باتخاذ كافة الإجراءات لردع الخارجين على النظام والقانون، وتعزيز دور الأجهزة المعنية في إقامة العدل، والانصاف العاجل للمظلومين. وهنا يجدر التذكير بالتحسن المستمر في أداء السلطة القضائية خلال الفترة الماضية، حيث تم توقيع أكثر من 150 حكم قضائي بات في قضايا جنائية جسيمة، بعد نحو عشر سنوات من التوقف عن إمضاء هذا النوع من العقوبات الرادعة. يأتي ذلك جنبا الى جنب مع تعزيز جاهزية قواتنا المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، لخوض معركة الخلاص، في حال استمرت المليشيات الحوثية الإرهابية برفض الاستجابة للإرادة الشعبية، وقرارات الشرعية الدولية ومساعي حقن الدماء، وانهاء المعاناة. ايتها الاخوات المواطنات، أيها الاخوة المواطنون،، هذه هي الوحدة الوطنية التي نؤمن بها اليوم: وحدة من أجل الدولة لا المليشيا، وحدة من أجل الجمهورية لا الإمامة، وحدة من أجل المواطنة والشراكة والتنوع لا الهيمنة، والإقصاء. فلنجعل من هذه الذكرى محطة للمبادرات الخلاقة، وتجديد العهد، وتوحيد الخطاب الإعلامي لكافة مكونات الشرعية، والارتقاء إلى مستوى التهديد المحدق بالجميع دون استثناء. الرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار، الشفاء العاجل لجرحانا الأبطال، الحرية للمعتقلين والمختطفين، عاشت الجمهورية اليمنية، دولة مدنية، عادلة، ومتجددة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store