
نبيل أبوالياسين: استقالة 'غوتيريش' ورؤساء هيئات الأمم المتحدة أشرف لهم من العجز
نبيل أبوالياسين: استقالة 'غوتيريش' ورؤساء هيئات الأمم المتحدة أشرف لهم من العجز
ما يقرب من عامين، والعالم يشاهد على الهواء مباشرة، ومن كل زاوية، أبشع جريمة إبادة جماعية لم يشهدها التاريخ الحديث أو القديم، وهي جريمة لا تكتمل فصولها إلا بشراكة واضحة من الولايات المتحدة الأمريكية، يعقبها تجويع ممنهج لمليوني فلسطيني، وفي خضم هذا المشهد المروع، لا يملك الأمين العام للأمم المتحدة وجميع رؤساء الهيئات التابعة لها سوى التنديدات والشجب والتصريحات الواهية التي تفتقر لأدنى درجات الفعل، أليس من حقنا أن نتساءل: إذا كانت الأمم المتحدة عاجزة عن حماية الشعوب، وتشاهد كما يشاهد العالم بأسره وأن أكبر دولة في العالم 'أمريكا' لا تكترث بقراراتها وتعرقل تحقيق العدالة الدولية، فلماذا يستمر هؤلاء في مناصبهم؟، ولماذا لا يتقدمون باستقالاتهم أمام العالم لحفظ ما تبقى من كرامتهم؟.
عجز أم تواطؤ؟ سؤال يطارد ضمير العالم
منذ عشرين شهرًا، تتوالى فصول المأساة في غزة، وسط صمت مطبق إلا من تصريحات خجولة ومخزية من الأمين العام للأمم المتحدة 'أنطونيو غوتيريش' الذي يدعو إسرائيل إلى التحلي بـ'الرحمة' في حرب غزة وإنهاء 'التدمير المنهجي' للنظام الصحي، بينما الواقع على الأرض يتجاوز كل حدود الرحمة، والحديث عن 'المرحلة الأكثر قسوة' وتجويع العائلات وحرمانها من الأساسيات يكشف عن عجزٍ مريع، أو ربما تواطؤ، من مؤسسة يُفترض أنها صمام أمان الشعوب، ولماذا لا تتحول هذه الدعوات إلى أفعال حاسمة تنهي هذا الكابوس؟.
خطط الأمم المتحدة… على الورق فقط؟
تتحدث الأمم المتحدة عن خطة 'مفصلة ومبدئية' للمساعدات من خمس مراحل لغزة، من ضمان إيصال المساعدات إلى فحصها ونقلها وتوزيعها، وغوتيريش يؤكد أن لديهم الكوادر وشبكات التوزيع والأنظمة والعلاقات المجتمعية اللازمة للعمل، وأن الإمدادات ببساطة تنتظر 'الإذن بكل بساطة'!، لكن الواقع المرير يقول إن إسرائيل تتسبب في تأخيرات غير ضرورية وتفرض حصصًا وتمنع وصول المواد الأساسية، فما قيمة الخطط المرسومة على الورق إذا كانت العقبات هائلة، وحياة موظفي الأمم المتحدة أنفسهم في خطر، ولا تزال المساعدات بالكاد تصل؟.
من الخطاب إلى العمل: لماذا لا تكفي الإدانات؟
تقارير الأمم المتحدة نفسها تشير إلى استشهاد أكثر من 18 ألف طفل فلسطيني منذ عام 2023، بينما تُحجب 75% من المساعدات الإنسانية بفعل القيود الإسرائيلية، ورغم قرارات مجلس الأمن المتتالية لوقف إطلاق النار، فإن استخدام الولايات المتحدة لحق النقض 'الفيتو' أربع مرات يعكس تواطؤًا دوليًا فاضحًا، وإن عجز المنظمة عن تنفيذ مبادئها لا سيما مع استمرار القصف اليومي المروع يطرح تساؤلاتٍ وجودية حادة: هل يكفي مجرد إدانة 'الدمار المنهجي' بينما تُنتهك اتفاقيات جنيف علنًا ودون رادع؟، والمطلوب اليوم ليس استقالاتٍ رمزية فحسب، بل آلية تنفيذ حقيقية تُترجم الكلمات إلى حماية فعّالة ومُطبقة على الأرض.
الرحمة والتدمير المنهجي …تناقض فاضح
يدعو رئيس منظمة الصحة العالمية 'تيدروس أدهانوم غيبريسوس' إسرائيل للتحلي بـ'الرحمة' ووقف 'التدمير المنهجي' للنظام الصحي، ولكن هل تليق هذه الكلمات بكيان دولي يرى بعينه إبادة جماعية تجري على قدم وساق؟ 'الرحمة' في سياق 'التدمير المنهجي' هي مجرد سخرية مريرة، لقد سئمنا من هذه التصريحات الباهتة التي لا تقدم ولا تؤخر، والشرف، كل الشرف، أن تُعلن استقالة جماعية بدلاً من أن تكونوا أداة للصمت وتصنُّع العجز أمام هذه الإبادة الجماعية.
إبادة جماعية بتمويل وتغطية دولية
الإبادة التي تُرتكب في غزة ليست إبادة نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة فحسب؛ إنها إبادة 'بايدن وهاريس'، وإبادة 'ترامب وفانس'، وإبادة 'كير ستارمر وديفيد لامي'، إنها إبادة الأمين العام للأمم المتحدة وجميع رؤساء هيئاتها، وإبادة الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت 'ساتيا ناديلا'، بل وإبادة وسائل الإعلام الرئيسية الغربية التي صمتت طويلاً. لقد لُطخت صفحات الجرائد بدماء الأطفال الذين سقطوا تحت القصف في غزة، لكن الغرب وإعلامهم يقرؤونها بيضاء ناصعة، وهنا نذكرهم: ماذا فعلتم خلال الإبادة الجماعية في غزة؟ هذا السؤال يطاردكم جميعًا، ويظل بلا إجابة شافية.
صحوة متأخرة… تغطية للمؤخرة؟
الآن، وبعد أن نفذت إسرائيل 'حلها النهائي' في غزة، وبعد أن تحولت غزة إلى مقابر جماعية وأنقاض، يبدأ المد في التحول ببطء، والآن، وبعد أن لم تحاول إسرائيل والولايات المتحدة حتى التظاهر بأنهما لا تعتزمان إفراغ غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين، بدأت بعض الانتقادات في التدفق 'الغارديان' و'الإندبندنت' تتحدثان عن الإبادة في غزة بعد صمت دام عشرين شهراً!، هذه الصحوة المتأخرة، هذا النقد الذي نراه الآن، هو ببساطة تمرين في تغطية المؤخرة، وإنه مجرد معارضة أدائية، لكي يستطيع السياسيون والشخصيات الإعلامية المسؤولة عن تمكين وتبرير هذا الرعب لمدة عامين أن يقولوا لاحقاً: انظروا! لقد قلت شيئاً! ولم أقف متفرجًا!' ولكن هذا قليل جداً، ومتأخر جداً، لن يُعيد الطفلة هند رجب، ولن يُعيد بناء المستشفيات، ولن يُعيد أطراف الأطفال المبتورة، ودم غزة يلطخ أياديكم، فمتى تفيقون من سباتكم الأبدي؟.
وفي ختام مقالي، الذي سيبقى دليل إدانة صارخ على الضمائر المتغيبة عمدًا أمام أبشع جريمة يشهدها عصرنا، لقد سئمنا هذه التصريحات الباهتة عن 'الرحمة' و'التدمير المنهجي' من الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء هيئاتها!، الأفضل لكم إعلان استقالة جماعية بدلاً من أن تكونوا أداة للصمت وتصنُّع العجز أمام الإبادة، دم غزة يلطخ أياديكم، فمتى تفيقون من سباتكم؟!، إن هذه الإبادة ليست حصرًا على نتنياهو وحكومته المتطرفة؛ بل هي إبادة 'بايدن وهاريس'، و'ترامب وفانس'، و'كير ستارمر وديفيد لامي' إنها إبادة الأمين العام للأمم المتحدة وجميع رؤساء هيئاتها، بل وحتى الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، ووسائل الإعلام الغربية الكبرى التي صمتت طويلاً، ماذا فعلتم خلال الإبادة الجماعية في غزة؟ هذا السؤال سيبقى يطاردكم، وصمتكم لن يُنسى!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
«أونروا»: اقتحام إسرائيليين مقر الوكالة بالقدس انتهاك واستفزاز
رام الله (وكالات) دان مدير شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» في الضفة الغربية، رولاند فريدريش، أمس، اقتحام إسرائيليين مقر الوكالة الأممية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، واعتبره «انتهاكاً واستفزازاً غير قانوني». وقال فريدريش في منشور على منصة إكس: «قرابة منتصف نهار أمس الأول، دخلت مجموعة من الإسرائيليين بقيادة عضو في الكنيست، برفقة وسائل إعلام إسرائيلية، دون تصريح، إلى مقر الأونروا في الشيخ جراح بالقدس الشرقية»، مضيفاً «يُمثل هذا الدخول غير المصرح به انتهاكاً آخر لالتزامات إسرائيل، كدولة عضو في الأمم المتحدة، بحماية منشآتها وتسهيل العمل الإنساني»، كما شدد على إدانة «الأونروا» لهذا الاستفزاز غير القانوني. ولفت إلى أن المقر تعرض خلال الأشهر الماضية لمضايقات شديدة عقب دخول القانونين الصادرين عن «الكنيست» ضد «الأونروا» حيز التنفيذ في يناير 2025، ما اضطر الوكالة الأممية إلى إخلاء مقرها وسحب موظفيها الدوليين احتجاجاً على ذلك، وفق قوله. في السياق، اقتحمت القوات الإسرائيلية، أمس، عدداً من مدن الضفة الغربية وداهمت محلات صرافة. وأفادت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا» بـ «اقتحام قوات الاحتلال مدن جنين، ونابلس، وطوباس، وقلقيلية»، مشيرة إلى مداهمة عدد من محلات الصرافة.


البوابة
منذ 5 ساعات
- البوابة
سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا: الاعتراف بفلسطين خطوة نحو تنفيذ حل الدولتين وإحياء السلام
أعلنت كل من سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وإيرلندا، عن تجديد وتعزيز الالتزام الدولي بتنفيذ حل الدولتين، وبالمبدأ القائل بأن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتصلة جغرافيًا، ذات الحدود المعترف بها دوليًا، والتي تضم غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية، هي وحدها القادرة على تلبية التطلعات الوطنية المشروعة واحتياجات السلام والأمن لكل من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. جاء ذلك في البيان المشترك لكل من سلوفينيا واسبانيا والنرويج وايرلندا بمناسبة مرور عام علي الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين وفي إطار مجموعة "مدريد+"، التابعة للاجتماع نشرته الخارجية السلوفينية علي موقع توتير ( اكس ). وأكدت الدول الأربع، أن هذا الالتزام له تأثير لا يمكن إنكاره على الديناميكيات الدولية المتعلقة بالصراع في غزة، مما خلق زخمًا لتنفيذ حل الدولتين، مشيرين إلي أنه بعد سنوات عديدة من الركود، فإن تنفيذ حل الدولتين والاعتراف بفلسطين ليس صحيحًا من الناحية الأخلاقية فحسب، بل أنتج أيضًا الزخم اللازم لإحياء روح تنفيذ حل الدولتين. وأشار البيان إلى موافقة المجتمع الدولي في الأمم المتحدة في سبتمبر 2024، على إقامة التحالف العالمي لتنفيذ حل الدولتين وبهذه الروح، سعت اجتماعاته جاهدةً إلى تحقيق واقع الدولتين، موضحا أن هذا الزخم تبلور ذروته في 10 ديسمبر عام 2024 بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد المؤتمر رفيع المستوي حول قضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين. وأكدت الدول الأربع، التزامها، إلى جانب جميع الدول المشاركة في اجتماع "مدريد +: من أجل تنفيذ حل الدولتين"، بالانخراط بشكل فعال في عمل التحالف العالمي وضمان مشاركة فعّالة في المؤتمر الرفيع المستوي، مضيفين أن الاعتراف خطوةٌ أخرى نحو تطبيق حل الدولتين، وندعو جميع أعضاء المجتمع الدولي إلى اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيقه، بما في ذلك الاعتراف الفردي بفلسطين وإسرائيل من قِبَل من لم يفعلوا ذلك بعد، وعضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ودعم اتفاقٍ بين الطرفين، مع اعترافٍ متبادلٍ بينهما في نهاية المطاف. وأشارت إلى أن مسئولية إحلال السلام في المنطقة تقع علي عاتق الطرفين، ولكن على المجتمع الدولي التزامٌ بتغيير الديناميكيات الجارية على الأرض والتي خلقت دوامةً لا نهاية لها من العنف والدمار.


الاتحاد
منذ 6 ساعات
- الاتحاد
الهند وأفغانستان.. علاقات تتحسن
الهند وأفغانستان.. علاقات تتحسن لطالما ارتبطت نيودلهي بعلاقات وثيقة مع الحكومات المتعاقبة في أفغانستان، لكنها قلصت تلك العلاقات بعد وصول حركة «طالبان» إلى الحكم في كابول. وقد علّقت جميع خدمات استخراج التأشيرات للأفغان، وأغلقت السفارة والقنصليات التابعة لها بعد تغيير النظام، كما ألغت جميع التأشيرات الممنوحة سابقاً، وذلك لدواعٍ أمنية. ومع ذلك، حافظت على بعض الروابط، وأعادت فتح سفارتها في كابول بطاقم محدود بعد إغلاقها المؤقت إثر مغادرة القوات الأميركية. واقتصرت على إصدار تأشيرات إلكترونية طارئة، لمصلحة المرضى ذوي الحالات الحرجة الذين كانوا في أمسّ الحاجة إلى العلاج الطبي.وفي مؤشر على تحسن العلاقات بين الهند وأفغانستان، قررت الهند مؤخراً استئناف منح التأشيرات لعدة فئات من المواطنين الأفغان. ويأتي استئناف منح التأشيرات لرجال الأعمال والفنانين بعد انقطاع دام خمس سنوات. ولم تُعِد الهند فتح قنصليتيها في مزار الشريف وقندهار بعد، واللتين أُغلقتا عام 2021، وكانت قد أغلقت قنصليتيها الأخريين في جلال آباد وهيرات قبل ذلك، ولم تُعِد فتح أي منها حتى الآن. ورغم أن الهند لا تعترف رسمياً بحركة «طالبان»، فإن الروابط المتزايدة بينها وبين الحركة تشير إلى قبول لوجود الأخيرة في السلطة في أفغانستان. ففي أبريل الماضي، أرسلت نيودلهي دبلوماسياً هندياً رفيع المستوى للقاء وزير الخارجية الأفغاني بالإنابة في كابول لمناقشة مخاوف ومطالب معينة، من بينها طلب «طالبان» تسهيل سفر الطلاب والمرضى الأفغان إلى الهند لتلقي العلاج والدراسة. وجاء قرار إعادة منح التأشيرات بعد مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الهندي «س. جايشانكار» والقائم بأعمال وزير الخارجية الأفغاني «أمير خان متقي». وفي بيان صدر مؤخراً أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أكدت الهند أنها تتابع الوضع في أفغانستان عن كثب وتجري محادثات مستمرة مع مسؤولي «طالبان»، إلى جانب التركيز على قضايا مثل الأمن وتأشيرات الطلاب وتسهيل دخول منظمات الإغاثة الإنسانية. ولطالما كانت هناك روابط قوية بين الشعبين الهندي والأفغاني، حيث تحظى الموسيقى والأفلام الهندية بشعبية واسعة، إلى جانب العلاقات التجارية بين البلدين. وقبل عودة «طالبان» إلى الحكم، أدت الهند دوراً مهماً في جهود إعادة الإعمار في أفغانستان، حيث استثمرت أكثر من ثلاثة مليارات دولار أميركي، في ظل الحماية التي وفرتها القوات الأميركية. وشيدت نيودلهي مدارس وطرقاً وسدوداً ومبانٍ حكومية مهمة، وكانت مساهمتها كبيرة في دعم الاقتصاد الأفغاني. ومن بين المشاريع التي أنجزتها، الطريق البالغ طوله 218 كيلومتراً من «زرنج» إلى «ديلآرام» في جنوب غرب أفغانستان للسماح بحركة البضائع والخدمات. كما مكان مبنى البرلمان الأفغاني في كابول، ومشروع سد «سلمة» لتوليد الطاقة في ولاية هرات مساهمة هندية في هذا البلد الذي مزقته الحرب. وإلى ذلك فقد بدأت الهند دعماً أمنياً، وإن بشكل محدود، من خلال تزويد أفغانستان بطائرات هليكوبتر وأجهزة رادار. وهي الآن تعمل على تطوير ميناء تشابهار في إيران، والذي من شأنه أن يوفر طريقاً بديلاً للوصول إلى أفغانستان بعيداً عن الأراضي الباكستانية، ما يعزز استمرار التعاون الهندي الأفغاني. لكن على مر السنين، كانت العلاقة بين الهند و«طالبان» متباعدة. ففي الفترة من 1996 إلى 2001، عندما كانت «طالبان» في السلطة، لم تكن الحكومة الهندية تقيم أي علاقات مع الحركة. وسبق أن دعمت الهندُ الحكومةَ المدعومةَ من الاتحاد السوفييتي، برئاسة محمد نجيب الله، ثم دعمت «التحالف الشمالي» المناهض لـ«طالبان» في بداية الألفية. ومنذ عودة «طالبان» إلى الحكم، أخذت الهند تزيد من تواصلها مع الحركة ببطء، لكن بثبات. ورغم أنها واصلت تقديم المساعدات الإنسانية بعد عودة «طالبان» إلى السلطة، فقد أوقفت جميع المساعدات المتعلقة بتنفيذ مشاريع البنية التحتية.من الواضح أن انخراط الهند مع «طالبان» آخذ في التزايد، خاصة أن الحركة أيضاً تبدي رغبةً متزايدة في التواصل مع نيودلهي، كما تسعى إلى تحقيق اعتراف دولي أوسع، وإلى إقامة علاقات مع المجتمع الدولي. وبالنسبة لأفغانستان، فإن الهند، باعتبارها واحدةً من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، تمثل فرصة اقتصادية مهمة. وتسعى «طالبان» إلى جذب الاستثمارات الهندية واستئناف الأنشطة الاقتصادية المشتركة. كما تحرص على تعزيز علاقاتها التجارية، وأحد الخيارات المطروحة أمامها هو استخدام ميناء تشابهار الإيراني كمركز عبور للصادرات الهندية إلى أفغانستان. كما تهتم الشركات الهندية بمناجم أفغانستان وأحجارها الكريمة، ومواردها المحتملة من النفط والغاز. وما من شك في أن العلاقات بين الهند وأفغانستان تتجه نحو التطبيع، ومن الواضح أيضاً أن هناك اهتماماً مشتركاً من كلا الطرفين لتعزيز العلاقات، رغم التاريخ المعقد الذي جمعهما في الماضي. *رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي.