
الريع المسلح: كيف يمكن تفكيك الميليشيات فعلا!؟ 2
وقد راج في الخطاب السياسي والإعلامي مصطلح 'تفكيك الميليشيات' كحل سحري، لكن المقالات والتحليلات التي تتناول هذا الشعار غالبًا ما تكتفي بوصف المعضلة، دون الغوص في آليات بقائها أو فهم منطق ديمومتها.
تشوش الرؤية… واضطراب الإجراء
ولهذا، فإن أي مقاربة جادة لفهم الظاهرة لا بد أن تنطلق من تحليل 'الاقتصاد السياسي للميليشيات' باعتباره البعد الأكثر حسمًا في تفسير استمراريتها وامتناعها عن الزوال.
فالميليشيات الليبية لم تعد عبئا أمنيا على الدولة فقط، بل أصبحت مشروعا اقتصاديا قائمًا بذاته، يدر ارباحاً ضخمة على قادتها وشركائهم في أجهزة الدولة الرسمية، وعلى شبكات أوسع تمتد أذرعها إلى الإقليم والخارج.
إنها ليست مجرد قوة عسكرية، بل باتت تشتغل بمنطق الشركات، وتخوض صراعات النفوذ من أجل حماية استثماراتها، وإعادة توطينها ضمن بنى الدولة نفسها.
وهذا ما يفسّر فشل كل مبادرات التفكيك السابقة، التي تجاهلت أن المطلوب ليس فقط نزع السلاح، بل تفكيك البنى الاقتصادية التي تمنح هذه الكيانات أسباب الحياة.
أول ما يجب فهمه هو أن هذه الميليشيات تعمل ضمن شبكات معقدة من المصالح، تبدأ من القيادات الميدانية، مرورا بموظفين مدنيين ومسؤولين في المؤسسات الرسمية، وصولا إلى رجال أعمال، وسماسرة دوليين، وشركات نقل وموانئ ومصارف.
هناك من يربح من استمرار الفوضى، بل إن بعض هؤلاء الفاعلين باتت مصلحتهم في الإبقاء على الوضع كما هو، لأنهم تحولوا من مستفيدين إلى شركاء في صناعة القرار، بشكل مباشر أو غير مباشر.
اقتصاد الحماية
لا يمكن إذا الحديث عن 'حل أمني' دون تفكيك هذه الشبكات التي لا تعمل فقط داخل ليبيا، بل تمتد إلى الخارج عبر التهريب، والمصارف، والتحويلات، والاعتمادات المصرفية، وصفقات السلاح، وغسيل الأموال.
الجانب الآخر يتمثل في ما يمكن تسميته 'اقتصاديات الحماية'، وهي آلية قامت بها الميليشيات لتعويض غياب الدولة وتقديم نفسها كبديل عنها.
فبدل أن تكون مجرد جماعات مسلحة تسعى للبقاء، باتت تفرض رسوم حماية على الشركات، وتؤمّن طرق النقل، وتدير الموانئ والمطارات، وتتحكم في توزيع الوقود، وحتى في إصدار التصاريح الرسمية. بل باتت ادارات هذه الشركات نفسها، من هذه القوى المسلحة أو محسوبة عليها مباشرة.
وبذلك تحولت من عنصر عبثي إلى فاعل 'منظم'، يتقن منطق السوق ويحسن التفاوض، ويفاوض على نصيبه من الكعكة مع الدولة لا ضدها.
في الواقع، كثير من هذه الميليشيات لم تعد على هامش الدولة، بل أصبحت الدولة نفسها في بعض المناطق، وهذا ما يجعلها أكثر تعقيدًا من مجرد مجموعات مسلحة يمكن تفكيكها بضغطة زر.
أما على مستوى التمويل، فالصورة أكثر خطورة. فالميليشيات اليوم لا تعتمد فقط على الدعم المحلي، بل صارت تمتلك منظومة تمويل متنوعة تشمل عائدات النفط، والتهريب، والجباية غير الرسمية، بل وحتى الاستثمار في القطاعات الشرعية مثل العقارات والتجارة والسياحة.
الاقتصاد…. كلمة السر!!
كما تستخدم أدوات غسيل الأموال لتحويل الأموال القذرة إلى مشاريع نظيفة، مما يعقّد عملية تتبّع الأموال، ويمنحها شرعية زائفة في عيون المجتمع المحلي والدولي.
بل إن بعض الميليشيات تمكّنت من بناء واجهات تجارية محترفة تدير الفنادق وشركات الصرافة والمقاولات، بما يجعل التفريق بين المسلّح والتاجر أمرًا شبه مستحيل.
كل هذه العناصر تؤكد أن استمرار الميليشيات ليس فقط نتيجة لانهيار الدولة، بل لأنه بات بديلا عن الدولة، أو نموذجًا منافسًا لها.
وبالتالي، فإن أي محاولة لمعالجة هذا الوضع يجب أن تبدأ بتفكيك البنية الاقتصادية التي تمنح هذه الكيانات مقومات البقاء.
لا يمكن تفكيك الميليشيا إذا بقيت أرباحها قائمة، وشبكات تمويلها آمنة، وعلاقاتها الاقتصادية محمية. التفكيك يبدأ من الاقتصاد، لا من السلاح، ومن المحاسبة المالية لا من الحسم العسكري.
ومن هنا تأتي أهمية هذا المحور باعتباره الجواب الحقيقي على السؤال الكبير الذي يطرحه المقال: إذا كان تفكيك الميليشيات وهمًا، فما هو البديل؟
البديل هو تفكيك شبكات المصالح التي تقوم عليها هذه الجماعات، واستهداف البنية الاقتصادية التي تمكّنها، وفرض رقابة صارمة على الاعتمادات والتحويلات والأسواق، وتجفيف منابع تمويلها، وربط الإصلاح الأمني بالإصلاح الاقتصادي، لا التعامل معهما كملفين منفصلين.
الاقتصاد السياسي للميليشيات هو المفتاح الذي يمكن أن يحول الخطاب من مجرد صرخة تحذير إلى خريطة طريق حقيقية، تتعامل مع الظاهرة في عمقها، وتفهم أسباب نشأتها وآليات بقائها، وتطرح مسارات عملية لتفكيكها.
فلا حرية بدون أمن، ولا أمن بدون اقتصاد، ولا دولة بدون كسر منظومة الريع المسلح التي تحكم ليبيا من خلف الستار.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الساعة 24
منذ 13 دقائق
- الساعة 24
حمزة: معدلات الجريمة بطرابلس آخذة في الصعود
قال أحمد حمزة، الناشط الحقوقي، إن معدلات الجريمة والجريمة المنظمة في مدينة طرابلس وضواحيها الشرقية والغربية آخذة في الصعود جراء حالة الانفلات الأمني وغياب الأمن والاستقرار وغياب دور وزارة الداخلية في مقاومة الجريمة والخد منها وضمان حماية المواطنين وممتلكاتهم، وتورط جهات تابعة للوزارة في بعضاً من هذه الجرائم كجهاز الأمن العام والتمركزات الأمنية والذي تورط في سلسلة من جرائم السطو المسلح والسرقات خلال هذه الفترة في مناطق متفرقة من مدينة طرابلس وساهم في ارتفاع معدلات الجريمة، فضلاً عنّ إستغلال الخارجين عن القانون لحالة الفراغ الأمني والفوضي التي تمر بها مدينة طرابلس خلال هذه المدة للقيام بإعمالهم الأجرامية الآثمة. أضاف حمزة في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك اليوم الخميس 'هذا الوضع الأمني بالغ الخطورة والسوء أثر سلباً على حياة وأمن وسلامة المواطنين والمقيمين وممتلكاتهم وفاقم من معاناتهم الإنسانيّة والمعيشيّة، وهو ما يستدعي ان تتحمل الحكومة مسؤولياتها تجاه أمن وسلامة المواطنين والمقيمين وممتلكاتهم والحد من هذه الجرائم والانتهاكات ووقفها ومحاسبة المسؤولين عنها والعمل بسرعة على إصلاح قطاع الأمن واعادة ضبطة الأمن في مدينة طرابلس وضواحيها'.


عين ليبيا
منذ 13 دقائق
- عين ليبيا
قيس سعيد: المحاسبة حق مشروع والطريق مسدود أمام من يسعى لإعادة الوصاية على تونس
استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد، رئيسة الحكومة سارة الزعفراني في قصر قرطاج، حيث ناقش معها عددًا من الملفات المتعلقة بسير المرافق العمومية والوضع العام في البلاد. وفي تصريحات نقلها موقع 'تونس سكوب'، شدد سعيد على أن الشعب التونسي اليوم أمام خيارين: إما الاستمرار في دائرة الأنانية والمصالح الشخصية، وهي طريق مسدودة، أو استعادة روح الترابط الوطني التي ظهرت عام 2011، والمبنية على التكافل والتآزر. وأشار الرئيس إلى أن قيم التضامن ضرورية في مواجهة الأزمات، مؤكدًا أن الشعب التونسي يواصل توجيه 'الصفعات' إلى من وصفهم بـ'الخونة والعملاء وأذنابهم'. وأضاف أن 'الطريق مسدود لكل من يسعى لإعادة فرض الوصاية على تونس'، وأن الدولة مطالبة برفع المعاناة عن المواطنين وضمان حياة كريمة لهم. كما جدد قيس سعيد تأكيده على أن المحاسبة حق مشروع، وأن الشعب سيسترد كامل حقوقه، محذرًا من أن أي محاولة لفرض أجندات خارجية أو تغيير المسار الوطني ستؤول إلى الفشل. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد الجدل السياسي بعد صدور أحكام قضائية في 19 أبريل الماضي بحق عشرات من المعارضين والناشطين ورجال الأعمال، تراوحت بين 13 و66 عامًا سجنًا، ضمن ما يُعرف بقضية 'التآمر على أمن الدولة'. وبحسب وكالة 'تونس إفريقيا' الرسمية، فإن القضية تضم قرابة 40 متهمًا من أبرز الشخصيات السياسية والاقتصادية، من بينهم عصام الشابي، غازي الشواشي، جوهر بن مبارك، عبد الحميد الجلاصي، وكمال الطيف، وتعود القضية إلى حملة اعتقالات نفذتها السلطات في 2023، بتهم تتعلق بتشكيل خلية إرهابية ومحاولة الانقلاب على الحكم، إضافة إلى قضايا فساد مالي. ورغم الانتقادات التي تواجهه من المعارضة ومنظمات حقوقية تتهمه باستخدام القضاء لتصفية خصومه السياسيين، يؤكد سعيد أن القضاء مستقل، وأن الإجراءات الجارية تندرج ضمن حماية أمن الدولة من تهديدات داخلية وخارجية. وتُعد هذه القضية من أبرز محطات التحول في المشهد السياسي التونسي، حيث يرى مراقبون أنها تعكس بوضوح التوجهات الجديدة التي يقودها الرئيس سعيد منذ بدء الحملة الأمنية عام 2023.


عين ليبيا
منذ 13 دقائق
- عين ليبيا
إغاثة غزة عبر السماء.. الإمارات وفرنسا وألمانيا والأردن وبلجيكا تدعم إسقاط المساعدات
أفادت وسائل الإعلام في قطاع غزة، أن 22 شخصاً قُتلوا جراء سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت مناطق متفرقة من القطاع منذ فجر اليوم الخميس، وسط تصاعد الهجمات العسكرية واستمرار القصف الجوي. وذكر مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس، أن ستة أشخاص لقوا مصرعهم في قصف نفذته طائرة مسيرة إسرائيلية استهدف خيمة للنازحين في منطقة المواصي، الواقعة غربي المدينة. كما تم انتشال جثمانين من تحت الأنقاض في بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، بينما أصيب عدد من المواطنين جراء إطلاق نار إسرائيلي على تجمع لمنتظري المساعدات الإنسانية في منطقة السودانية شمال قطاع غزة. من جانبه، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن مستشفى الأمل التابع له في خان يونس لا يشمله قرار الإخلاء الأخير الصادر عن الجيش الإسرائيلي، بحسب ما أبلغتهم به اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وأكد الهلال الأحمر أن المستشفى يواصل تقديم خدماته الطبية والإنسانية كالمعتاد، مشددًا على أن الطواقم الطبية والإدارية مستمرة في أداء واجبها رغم التحديات الأمنية والظروف الميدانية الصعبة. وفي سياق متصل، أعلن السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، عن خطة أمريكية جديدة لتوسيع عمليات توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، في إطار جهود متصاعدة لتحسين إيصال الإغاثة للسكان المحاصرين. ووفقًا للخطة، ستعمل الولايات المتحدة على تمويل إنشاء 16 نقطة توزيع إضافية للمساعدات داخل القطاع، تضاف إلى أربع نقاط قائمة حاليًا، مما يسهل على المدنيين الوصول إلى الإمدادات الغذائية والطبية بشكل منتظم وآمن. يتزامن الإعلان الأمريكي مع نية إسرائيل تعزيز عمليات توزيع المساعدات، سواء من خلال تمويل ما يسمى بـ'مؤسسة غزة الإنسانية'، أو عبر السماح للدول الأجنبية بإرسال الإمدادات مباشرة إلى داخل القطاع. ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مصدر مطّلع أن الإدارة الأمريكية تعتزم زيادة كمية المساعدات بشكل كبير، في ظل ضغوط دولية متزايدة لمعالجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة. وفي السياق ذاته، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن سلاح الجو نفذ خلال الساعات الماضية عملية إسقاط لـ107 حزم مساعدات غذائية داخل غزة، بدعم وتنسيق من خمس دول، هي: الإمارات العربية المتحدة، الأردن، ألمانيا، بلجيكا، وفرنسا. وأشار البيان إلى أن العمليات تأتي تنفيذًا لتوجيهات سياسية وبقيادة منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (COGAT)، وبالتعاون مع عدة جهات دولية. وكانت أولى عمليات الإسقاط الجوي قد بدأت يوم الجمعة الماضي، حيث تم إسقاط 126 منصة تحتوي على مواد غذائية وطبية بالتنسيق مع كل من فرنسا، وألمانيا، وإسبانيا. برنامج الأغذية العالمي يحذر: نصف مليون شخص في غزة على شفا المجاعة أكد برنامج الأغذية العالمي أن نصف مليون شخص في قطاع غزة يواجهون خطر المجاعة، مع تعرض أكثر من 320 ألف طفل لخطر سوء التغذية الحاد. وأشار البرنامج في بيان اليوم الخميس إلى أن ثلث سكان القطاع على الأقل يقضون أياماً بدون طعام. وأكد البرنامج أن الطريقة الوحيدة لإيصال الغذاء بشكل واسع هي عبر الطرق البرية، مشدداً على أن الإنزال الجوي لا يكفي لمواجهة الأزمة الغذائية المتفاقمة. من جهة أخرى، أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن القطاع استقبل الأربعاء فقط 84 شاحنة مساعدات، وسط استمرار الحصار وتقييد دخول الإمدادات، مع تعرض غالبية الشاحنات للنهب والسطو بسبب حالة الفوضى الأمنية. ويحتاج قطاع غزة يومياً إلى نحو 600 شاحنة إغاثة ووقود لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان، في ظل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه. وتواصل إسرائيل تشديد إغلاق المعابر منذ مارس الماضي، مما تسبب في تفاقم المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات كارثية. 'هيومن رايتس ووتش': إسرائيل قصفت أكثر من 500 مدرسة تؤوي نازحين في غزة منذ أكتوبر 2023 اتهمت منظمة 'هيومن رايتس ووتش' السلطات الإسرائيلية بتنفيذ أكثر من 500 غارة جوية استهدفت مدارس تؤوي نازحين فلسطينيين في قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، محذّرة من أن هذه الهجمات تندرج ضمن أعمال قد ترقى إلى جرائم حرب وتفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع. وفي بيان صادر عنها اليوم الخميس، أكدت المنظمة أن الغارات الإسرائيلية شملت هجمات عشوائية وغير قانونية، استخدمت خلالها ذخائر أمريكية الصنع، ما أسفر عن مقتل مئات المدنيين، وتدمير أو إلحاق أضرار جسيمة بجميع مدارس غزة تقريبًا. وأضاف البيان أن هذه الهجمات حرمت مئات الآلاف من المدنيين من الوصول الآمن إلى الملاجئ، كما أنها ستؤدي إلى تعطيل التعليم في غزة لسنوات طويلة، بسبب الحاجة لإعادة إعمار المؤسسات التعليمية بالكامل. وأوضحت 'هيومن رايتس ووتش' أن الغارات على المدارس تأتي في سياق هجوم عسكري إسرائيلي أوسع يستهدف البنية التحتية المدنية، ويتسبب في تشريد مئات الآلاف من السكان، في ظل وضع إنساني متردٍ أصلاً. ودعت المنظمة الحكومات الداعمة لإسرائيل، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى فرض حظر فوري على تصدير الأسلحة المستخدمة في هجمات 'غير قانونية'، واتخاذ خطوات حازمة لتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وقال جيري سيمبسون، المدير المساعد لقسم الأزمات والنزاعات والأسلحة في 'هيومن رايتس ووتش': 'الهجمات على المدارس التي تأوي العائلات النازحة تكشف حجم المجازر التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة. على المجتمع الدولي ألا يغض الطرف عن هذه الانتهاكات المروعة'. ووثّقت المنظمة هجمات محددة، من بينها قصف مدرسة 'خديجة للبنات' في دير البلح بتاريخ 27 يوليو 2024، والذي أسفر عن مقتل 15 شخصاً، وهجوم آخر على مدرسة 'الزيتون' في مدينة غزة في 21 سبتمبر 2024، أدى إلى مقتل 34 شخصاً على الأقل. وأكدت المنظمة أنها لم تجد أي دليل على وجود أهداف عسكرية في محيط المدرستين. واعتمدت التحقيقات على تحليل صور الأقمار الصناعية، ومقاطع الفيديو، وبيانات من وسائل التواصل الاجتماعي، فيما لم تُصدر السلطات الإسرائيلية أي تعليق رسمي على هذه الهجمات. ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن ما لا يقل عن 10 مدارس تحولت إلى ملاجئ تم استهدافها خلال الفترة ما بين 1 و10 يوليو 2025، ما أدى إلى مقتل 59 شخصاً وتشريد عشرات العائلات. من جهتها، أعلنت وكالة 'الأونروا' أن نحو مليون نازح لجأوا إلى المدارس وسط العمليات العسكرية، وأنه حتى 18 يوليو، تم توثيق مقتل 836 نازحًا داخل المدارس، إضافة إلى إصابة 2527 آخرين. وبحسب أحدث تقييم من مجموعة التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن 97% من المباني المدرسية في غزة (547 من أصل 564) تعرضت لأضرار متفاوتة، بينها 518 مدرسة تضررت بشكل مباشر وتتطلب إعادة بناء كاملة أو ترميمات كبيرة لتكون صالحة للعمل مجددًا.