
لوموند تحذر من المعايير المزدوجة حول الإسلام بفرنسا
تناولت بعض الصحف الفرنسية الجريمة التي وقعت في أحد المساجد من زاويتين متقاربتين، بحيث ركزت "لوموند" على خطر المعايير المزدوجة، في حين أوردت "لوفيغارو" خبر نصيحة محامي عائلة الضحية لها بعدم مقابلة وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو مطلقا.
وذكرت "لوموند" -في افتتاحيتها- بأن استعجال وزير الداخلية بالظهور في نانت بعد مقتل طالبة مدرسة ثانوية بسكين يتناقض مع غيابه -بصفته مسؤولا عن الشؤون الدينية- عن مسرح جريمة قتل شاب مالي على يد عنصر معاد للمسلمين.
وقالت الصحيفة إن خطاب "المعايير المزدوجة" قوي للغاية بحيث لا يمكن استخدامه باستخفاف في السياسة ولا القضايا الاجتماعية، موضحة أنه حاضر فيما يتصل بالطريقة التي تفاعل بها الزعماء السياسيون وخاصة وزير الداخلية، بعد طعن الشاب المالي المسلم أبو بكر سيسيه (22 عاما) بمسجد خديجة في لا غراند كومب بمنطقة غارد.
ونصحت "لوموند" وسائل الإعلام والسياسيين بالحذر في تعليقاتهم المباشرة بعد وقوع مثل هذه الجريمة، لأن تحديد ملابساتها ودوافعها قد يستغرق وقتا طويلا، وذكّرت بظهور ريتايو -الذي يتنافس مع لوران ووكيز على رئاسة حزب الجمهوريين – في نانت بعد ساعات قليلة من مقتل طالبة في المدرسة الثانوية وإلقائه اللوم دون حكمة على "الوحشية" و"المجتمع الذي أراد تفكيك السلطة".
وعلقت الصحيفة بأن مثل هذا التفسير العلني قبل أي تحقيق، والتسرع في استغلال المأساة سياسيا، لا يليق بوزير هو المسؤول عن النظام العام، وأكدت أنه يتناقض مع غيابه -بصفته مسؤولا عن الشؤون الدينية- عن مسجد لا غراند كومب.
ويضاف إلى ذلك أن وزير الداخلية -رغم إدانة رئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون"للعنصرية والكراهية على أساس الدين" وتنديد رئيس الوزراء فرانسوا بايرو"بالإهانة المعادية للإسلام"- اكتفى بوصف جريمة القتل بأنها "مروعة" ولم يذهب إلى منطقة غارد إلا بعد 3 أيام.
وذكرت الصحيفة بأن المسلمين -كجميع سكان هذا البلد- لهم الحق في الحماية، وفي أن يحصلوا على التعاطف من السلطات عندما يكون ذلك مناسبا، ومع ذلك فإن ملايين الفرنسيين من أصل أو ديانة إسلامية يؤخذون رهائن ويستخدمون في معارك سياسية تميل إلى الخلط بين الإسلام والإسلاموية.
وختمت "لوموند" افتتاحيتها بأن المعنى العميق للعلمانية هو التوفيق بين الحياة الجماعية والحرية الدينية، وأنها لا تستطيع أن تتسامح مع الكراهية ضد أتباع دين ما، ولا مع أدنى موقف يميل إلى المنافسة بين الضحايا.
أجد ذلك غير محترم
ومن جانبها، قالت "لوفيغارو" إن وزير الداخلية دعا عائلة سيسيه إلى لقائه غدا الاثنين، ولكن محامي العائلة ياسين بوزرو -الذي فاجأته الدعوة- اعتبر أن الوزير "أهان العائلة أمام فرنسا كلها" مطالبا بعدم الاستجابة للدعوة مطلقا.
وأشار بوزرو إلى أنه نصح أقارب الضحية "بعدم الذهاب إلى مقابلة وزير أساء إليهم بهذه الطريقة أمام كل فرنسا" وذلك بعد أن تحدث ريتايو للصحافة عن الضحية باعتباره كان "في وضع غير نظامي" واعتبار أن عائلته يصعب العثور عليها لتفرقها في أفريقيا.
وعلق المحامي -حسب تقرير إيما فران للصحيفة- بأن على وزير الداخلية استقبال العائلة المثبتة قانونيا، وقال "أنصح موكلي بشدة بعدم التوجه إلى وزير وصف سيسيه بأنه شخص في وضع غير قانوني. أجد ذلك غير محترم".
وكان أفراد العائلة الذين دعوا إلى البرلمان من قبل عدد من النواب قالوا إن "ريتايو رفض الاجتماع معنا" ولكن الوزير قال إنه لم يتلق أي طلب من عائلة أبوبكر سيسي للقاء "وأنا رهن إشارتهم، لكنني لا أقبل أن تستغل هذه المواضيع الخطيرة والمؤلمة من قِبل جهات أو جمعيات تستفيد من محنة عائلة".
وبعد مرور أسبوع على مقتل سيسيه، أعلن المدعي العام بمدينة نيم أنه "لا يوجد دليل يشير إلى أنه التقى بمهاجمه" وأكد أنه "في هذه المرحلة لا يوجد أي وصف إرهابي" ولكن محامييْ العائلة تقدما بشكوى مدنية بتهمة "القتل بدافع إرهابي".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار قطر
منذ 14 ساعات
- أخبار قطر
استضافة 1000 حاج وحاجة من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى في فلسطين
بداية الحديث عن قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بضيافة 1000 حاج وحاجة من ذوي الشهداء والأسرى والجرحى من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق لأداء مناسك الحج لهذا العام 1446هـ، يأتي هذا القرار ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد. وقد رفع معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ شكره وتقديره للملك سلمان وولي العهد على هذه البادرة الكريمة التي تعكس اهتمام المملكة وقيادتها بأهمية دعم أبناء الشعب الفلسطيني وتعزيز الأخوة الإسلامية. في سياق متصل، أكد الشيخ آل الشيخ على أهمية البرنامج الذي استضاف منذ بدايته أكثر من 64 ألف حاج وحاجة من مختلف دول العالم، مؤكدًا على جهود قيادة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين وتعزيز مكانتها كقلب للعالم الإسلامي. كما بدأت الوزارة بوضع خطة تنفيذية لتقديم التسهيلات والخدمات للحجاج الفلسطينيين بدءًا من مغادرتهم بلادهم وحتى عودتهم بعد أداء المناسك، وهذا يعكس الحرص المستمر على تيسير أداء مناسك الحج لهؤلاء الحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة. في الختام، ندعو الله أن يجزي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده على دعمهما السخي للأشقاء في فلسطين، ونسأل الله أن يديم على المملكة نعمة الأمن والنماء والاستقرار، وهذا يعكس الاهتمام الكبير بقضايا الأمة الإسلامية.


الجزيرة
منذ 6 أيام
- الجزيرة
صحف عالمية: دول الخليج شركاء رئيسيون خلال ولاية ترامب الثانية
سلطت الصحف والمواقع العالمية الضوء على الجولة الخليجية للرئيس الأميركي دونالد ترامب ، وعلى التوتر الحاصل في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، في ضوء رغبة واشنطن بإنهاء حرب غزة ومعارضة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لذلك. وذكر موقع "برايت بارت" الأميركي أن ترامب يقوم بأول زيارة خارجية رئيسية له في ولايته الجديدة، وقال إن "دول الخليج وضعت نفسها شركاء دبلوماسيين رئيسيين خلال ولاية ترامب الثانية". وأضاف الموقع أن الدوحة لا تزال وسيطا رئيسيا في المفاوضات بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، بينما سهّلت السعودية المحادثات بشأن الحرب في أوكرانيا. وفي موضوع العلاقات بين واشنطن وتل أبيب، قال مراسل صحيفة "لوموند" الفرنسية في القدس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي منزعج من مبادرات ترامب بشأن غزة واليمن وإيران. ويوضح الكاتب بأن ترحيب ترامب بإطلاق سراح الأسير الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، وتصريحه للمرة الأولى بوضوح بأنه يريد إنهاء الحرب في غزة، يتناقض جذريا مع مخطط الحكومة الإسرائيلية الذي يتضمن تدمير ما تبقى من غزة، وهو ليس التباين الوحيد بين ترامب ونتنياهو، وفق الكاتب. ويُعلق المقال بأن "الأرض على ما يبدو تتحرك تحت أقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي بدأ نجمه يتلاشى في واشنطن". ورأت افتتاحية صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أنه يجب على إسرائيل أن تتمسك بما سمته طوق النجاة الذي ألقاه ترامب وتُنهي الحرب على غزة. وتابعت "لا ينبغي اعتبار تحركات الرئيس الأميركي الأخيرة في الشرق الأوسط صفعة لإسرائيل، بل دعوة أخيرة لها لوقف عملية "عربات جدعون" المخطط لها في قطاع غزة، قبل أن تنطلق تلك العربات على طريق سيقودها إلى كارثة، برعاية زعيم فاشل لم يعد ينظر يمينا ولا يسارا، وهو بنيامين نتنياهو". تحول جذري وفي موضوع سوريا، اعتبر موقع "أكسيوس" الإخباري الأميركي إعلان الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة سترفع العقوبات عن سوريا لمنحها فرصة جديدة "تحولا جذريا في السياسة الأميركية تجاه سوريا، بعد أقل من 6 أشهر على انهيار نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، إذ شلّت العقوبات الاقتصاد السوري ودفعت البلاد إلى حافة الإفلاس". وفي صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، سلط مقال للكاتب رينو جيرارد الضوء على أسلوب الرئيس الأميركي، وقال "على الرغم مما يقوله العديد من المعلقين، فإن ترامب ليس مجنونا، بل زعيم عملي بطريقته، وأسلوبه يتلخص -سواء في مناقشة دبلوماسية أو تجارية- في طلب الكثير، ثم التفاوض، ويمكن للصين أن تشهد على ذلك". ورأى الكاتب أن من السابق لأوانه تقييم السياسة الخارجية لترامب، وفي الأمور المالية لا بد من الانتظار لمدة عام على الأقل قبل الحكم على تأثيره في أكبر اقتصاد بالعالم.


الجزيرة
١١-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
ميديا بارت: أصول الشر المسمى إسلاموفوبيا
قدمت ردود الفعل السياسية والإعلامية على اغتيال أبو بكر سيسيه مثالا واضحا على حالة الإنكار التي تعيشها فرنسا، ومن ثم فلا بد -عند تقاطع الإرث الاستعماري وفشل الليبرالية الجديدة- من محاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا بوصفها إحدى صور رفض المساواة. بهذه المقدمة افتتح موقع ميديا بارت مقالا مطولا -بقلم كارين فوتو- قالت فيه إن الإسلاموفوبيا لم تظهر في فرنسا مع طعن أبو بكر سيسيه صباح الجمعة 25 أبريل/نيسان الماضي، في مسجد لاغران كومب بمنطقة غارد، بل إن فرنسا تعيش تجربة مروعة من عواقب نفوذها، ليس في الفضاء السياسي والإعلامي فحسب، بل في أعلى مستويات الدولة. وقد أظهرت تعليقات المهاجم الصريحة المسيئة للمسلمين أمام الكاميرا جمود السلطة التنفيذية وخواء شعارات الجمهورية والعالمية التي تنادي بها، إذ لم تقم الحكومة حتى بالحد الأدنى أمام مأساة تستهدف شعبا جعلت منه هدفا سياسيا، وإن كان تم فتح تحقيق قضائي بتهمة "القتل العمد على أساس العرق أو الدين". ونبه الموقع إلى أن رد الفعل المتأخر من وزير الداخلية المسؤول عن الشؤون الدينية برونو ريتايو، واختياره الذهاب إلى مقاطعة أليس بدلا من المسجد، وعدم قدرته على ذكر اسم الشاب المالي، وعدم رغبته في مقابلة الأسرة، لا يمكن اعتبارها إلا علامة على عدم الاحترام والازدراء للمسلمين الذين يعيشون في فرنسا. وذكّرت الكاتبة بأن المسلمين يمثلون 10% من سكان المناطق الحضرية، وأنهم ضحايا للتحيز بعد الغجر، ولكن قبل الصينيين واليهود والسود، حسب اللجنة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان، رغم أن دينهم يحتل المرتبة الأولى في البلاد، قبل الكاثوليكية واليهودية والبروتستانتية. مصطلح لا يزال محل نزاع وبالإضافة إلى إخفاقات ريتايو في أعقاب اغتيال أبو بكر سيسيه، كانت هناك سلسلة من الاختلالات السياسية والمؤسسية -حسب الموقع- مثل تأخر محافظ غارد 4 أيام عن مكان الحادث، وغياب ممثلي السلطات العامة عن المسيرة الصامتة، والخلافات حول الوقوف دقيقة صمت في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ. غير أن جذور الإسلاموفوبيا وجدت تعبيرها الأكثر إثارة للقلق خارج هذه المؤسسات، حيث كان الجدل داخل الفضاء السياسي والإعلامي حول استخدام مصطلح "الإسلاموفوبيا"، علما أنه مصطلح مقبول منذ عقدين من الزمن بإجماع العلماء والمنظمات الدولية. ومن ثم، فإن رفض تسمية واقع اجتماعي ما -حسب الكاتبة- هو طريقة لإخفائه اجتماعيا وسياسيا، أو حتى إنكار وجوده، وهو يعني -على أقل تقدير- عدم الاعتراف بحجمه أو تأثيره، بحيث إن النقاش العام يمنع من التوصل إلى تشخيص يتناسب مع المشكلة وتوفير الردود السياسية المناسبة. يقول المفكر رضا ضياء إبراهيمي -في مقال بعنوان "الأصول الفرنسية لإنكار الإسلاموفوبيا"- إنه ليس من قبيل المصادفة أن يكون هذا الإنكار فرنسيا، لأنه ينبع من تاريخنا الاستعماري، إذ تعمل السلطات برفضها قبول الماضي على منع أي تعويض، وبذلك تنتهك الحاضر وتقسم المجتمع وتدمره. ويشير مصطلح الإسلاموفوبيا الذي يعني حرفيا "الخوف من الإسلام" إلى الطريقة التي يتم بها استخدام العداء لهذا الدين للتغطية على رفض المسلمين، يقول عالم الاجتماع عبد المالك الصياد "إن الإسلام له دور مماثل لدور لون البشرة، فهو كالمشجب الذي نعلق عليه كل تحيز وكل وصمة وكل عنصرية". وبما أن انتقاد الأديان يقع ضمن حرية التعبير، فقد تم النظر إلى الإسلاموفوبيا باعتبارها طريقة "محترمة" لوصم الأقلية، رغم أنها -مثل معاداة السامية وجميع أشكال العنصرية الأخرى- جريمة وليست رأيا. نشوء مشكلة المسلمين وذكّرت الكاتبة بأن اغتيال أبو بكر سيسيه كان تتويجا لعملية طويلة من بناء "مشكلة إسلامية" ذات تأثير في تشكيل نظرة المجتمع الفرنسي لمواطنيه المسلمين، يقول نوربرت إلياس إن "الاستياء ينشأ عندما تكون مجموعة هامشية أدنى اجتماعيا ومحتقرة على وشك المطالبة بالمساواة القانونية والاجتماعية". وعليه، يكون هناك تسامح مع المجموعات الهامشية المكروهة ما دامت لا تسعى إلى الهروب من الدونية الاجتماعية التي وضعت فيها، ومنذ ثمانينيات القرن الـ20، عندما ظهرت أعراضه الأولى، ارتبط رفض المسلمين ارتباطا وثيقا بآثار الليبرالية الجديدة ومسألة ما بعد الاستعمار، أي المسألة الاجتماعية والمسألة العنصرية. وعندما أضرب العمال المهاجرون في شركة سيتروين وفي شركة تالبوت عام 1982، بدعم من النقابات، سرعان ما وجدوا أن أفعالهم أصبحت غير شرعية، على أساس أن مطالبهم الاجتماعية التقليدية تضاف إلى مطلب مكان للصلاة، كما حدث عام 1976 في رينو. وعام 1989، أُطلقت المرحلة الثانية من الصاروخ المعادي للإسلام مع "قضية الحجاب" الأولى في مجلة كريل، وذلك في سياق فتوى المرشد الإيراني الأعلى وقتها آية الله الخميني ضد سلمان رشدي بعد نشر كتابه "آيات شيطانية". وفي وقت قضية الحجاب، كان لا بد من إجبار المسلمين على دفع ثمن هذا التدخل في المجال العام، ويترجم عالم الاجتماع بيير بورديو ما يجب فهمه بشأن ما كان يحدث في كريل، قائلا إن "السؤال إذا ما كان يجب علينا أن نقبل ارتداء ما يسمى بالحجاب الإسلامي في المدرسة أم لا يحجب السؤال الكامن، وهو هل يجب علينا أن نقبل المهاجرين من أصل شمال أفريقي في فرنسا أم لا؟". وكما يتبين من الحلقات المؤسسة لإضرابات العمال ثم إضرابات كريل، فإن بناء "مشكلة إسلامية" ليس مسؤولية اليمين المتطرف الفرنسي وحده، رغم تنظيره منذ ستينيات القرن الـ20 لوجود اختلاف عربي وإسلامي على أساس فكرة أن الإسلام غير متوافق مع "تقاليدنا الفرنسية". وقود اليمين المتطرف ورأت الكاتبة أن التمثيلات السلبية للإسلام المنتشرة الآن على نطاق واسع في المجتمع الفرنسي تم نقلها في المقام الأول من خلال الخطاب السياسي وقوانين الدولة وتأطير وسائل الإعلام، وعبر الانقسامات الحزبية، حيث عملت التصريحات الصادمة والعناوين الرئيسية التي تحمل وصمة العار بشكل أكثر فعالية على تهميش المسلمين. ومن المناقشة حول الهوية الوطنية التي أطلقها الرئيس السابق نيكولا ساركوزي إلى قانون الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون بشأن الانفصال، فرضت السلطات العامة المسلمين بوصفهم شخصية الأقلية بامتياز، ومن دون تسميتهم على وجه التحديد، انتهى بهم الأمر إلى صورة لمجموعة تم تشكيلها باعتبارها "عدوا داخليا"، و"متطرفة محتملة"، وهم بالتالي فئة من الأشخاص غير المرغوب فيهم، ومن المبرر أن نسعى للتخلص منهم حفاظا على تماسك الأمة. وهذا العنف في وصف المسلمين بأنهم غير فرنسيين لا يمكن -حسب الكاتبة- إلا أن يذكرنا بالوحشية التي أجبرت بها الإدارة الاستعمارية النساء الجزائريات على خلع حجابهن من أجل تصويرهن أو إجبارهن على إظهار ارتباطهن بفرنسا. وبالإضافة إلى عجز السلطات عن هضم الاستقلال، فإن الفشل الواضح لليبرالية الجديدة، دفع الأحزاب الحاكمة إلى الاستيلاء على الموضوعات المفضلة لدى اليمين المتطرف، لقناعتهم بأنهم لن يتمكنوا من البقاء في السلطة إلا من خلال إغراء ناخبي الجبهة الوطنية. وخلصت كارين فوتو إلى أن هواجس اليمين المتطرف تتسلل إلى المجتمع بشكل عميق بسبب وسائل الإعلام والنخب السياسية، ويتطلب عكس هذا المسار الاتفاق على تسمية الإسلاموفوبيا، ثم مواجهة التاريخ الاستعماري، وإعادة تأسيس "جمهورية غير قابلة للتجزئة، علمانية وديمقراطية واجتماعية" تستحق هذا الاسم لأنها تضمن "المساواة أمام القانون لجميع المواطنين دون تمييز على أساس الأصل أو العرق أو الدين".