
خيبة أمل لرائدين عالقين في محطة الفضاء الدولية
العربيةأرجئ الأربعاء بسبب مشكلة فنية إطلاق مهمة مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية عبر مركبة فضائية تابعة لشركة سبايس إكس المملوكة لإيلون ماسك كان من المفترض أن تعيد إلى الأرض رائدي فضاء أميركيين عالقين في الفضاء منذ تسعة أشهر.
وكان مقررا أن تنطلق الرحلة في الساعة 19,48 بالتوقيت المحلّي (23,48 بتوقيت غرينيتش) من قاعدة كاب كانافيرال بولاية فلوريدا، لكنّ المهمة ألغيت قبل 45 دقيقة من الموعد المحدّد بسبب مشكلة فنية.
وقالت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إنّه "بينما كنّا نجري كل الفحوصات (قبل الإطلاق)، لاحظنا وجود مشكلة في النظام الهيدروليكي لذراع التثبيت"، مطمئنة في الوقت ذاته إلى أنّ "كل شيء كان على ما يرام مع الصاروخ والمركبة الفضائية نفسها".
ولم يتم الإعلان في الحال عن موعد إطلاق جديد للمهمة، لكنّ هيئة تنظيم الطيران الأميركية قالت إن نوافذ إطلاق جديدة ستُفتح يومي الخميس والجمعة.
ولو سارت المهمة كما كان مخططا لها لتمكّن رائدا الفضاء العالقان من العودة إلى الأرض بحلول الأحد.وكان رائد الفضاء بوتش ويلمور وزميلته سوني وليامز وصلا إلى محطة الفضاء الدولية في حزيران/يونيو بمركبة الفضاء "ستارلاينر" التابعة لشركة بوينغ. وكان من المفترض أن يبقيا في المختبر المداري لثمانية أيام، لكن مشكلات فنية واجهتها المركبة الفضائية دفعت وكالة "ناسا" إلى تغيير خططها.
وقد أخذت المهمة في الأسابيع الماضية منحى سياسيا مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة، إذ يتهم الرئيس الجمهوري وحليفه المقرب إيلون ماسك إدارة الرئيس السابق جو بايدن بترك رائدي الفضاء لمصيرهما.
وكان الملياردير كُلّف من جانب وكالة ناسا بإعادتهما منذ صيف عام 2024، لكنه أكد أخيرا أنه كان بإمكانه إنقاذهما منذ فترة طويلة، من دون تحديد الطريقة.
عمليات مداورةوأرسلت شركته "سبايس إكس" التي تنفذ منذ سنوات مهمات لنقل الطواقم من محطة الفضاء الدولية وإليها، مركبة فضائية إلى هناك في نهاية أيلول/سبتمبر وعلى متنها رائدا فضاء فقط - بدلا من أربعة كما كان مخططا في البداية - من أجل إفساح المجال لعودة بوتش ويلمور وسوني وليامز.
ومن أجل العودة إلى الأرض، ينتظر رائدا الفضاء وصول المهمة التالية، كرو-10 (Crew-10) التي من المقرر أن تنطلق الأربعاء.
ويتكون الطاقم الجديد من رائدتي فضاء من وكالة ناسا، آن ماكلين ونيكول آيرز، ورائد الفضاء الياباني تاكويا أونيشي، ورائد الفضاء الروسي كيريل بيسكوف.
ومن المقرر أن يجري الرواد الأربعة سلسلة تجارب علمية وعروض تكنولوجية على متن محطة الفضاء الدولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


دفاع العرب
منذ ساعة واحدة
- دفاع العرب
تعرف إلى أقوى 10 مقاتلات في العالم من حيث التسليح
في سماء المعارك الحديثة، تتنافس الطائرات المقاتلة على تحقيق التفوق الجوي والقدرة على تنفيذ ضربات دقيقة. وبينما تلعب السرعة والتخفي دورًا حاسمًا، تظل القوة النارية الهائلة سمة مميزة لبعض الطائرات التي صُممت لتكون ترسانات طائرة بحق. يستعرض هذا التقرير أبرز 10 مقاتلات نفاثة تتصدر المشهد العالمي بفضل قدراتها الاستيعابية الاستثنائية للأسلحة والذخائر، مما يجعها أدوات قوية في أي صراع جوي أو عملية عسكرية. 10 مقاتلات نفاثة ذات تسليح ثقيل 1. بوينغ إف-15 إي إكس إيغل II الحمولة: 29,500 رطل / 13,381 كجم تتربع إف-15 إي إكس إيغل II على عرش المقاتلات الأكثر تسليحًا دون منازع. هذه ليست مجرد إحياء للطائرة الكلاسيكية إف-15، بل تحول كامل إلى منصة أسلحة حديثة قادرة على حمل ما يقارب 15 طنًا! مقاتلة 'إف-15 إي أكس' الأمريكية الصنع صممت بوينغ طائرة إف-15 إي إكس بفلسفة لا تعتذر عن قوتها: انسَ التخفي، وتمسك بالقوة النارية الساحقة! تتميز الطائرة بـ 22 نقطة تعليق قادرة على حمل كل شيء من صواريخ جو-جو AIM-120 أمرام إلى قنابل ضخمة خارقة للتحصينات. يضمن هيكلها المفتوح لأنظمة المهام التوافق مع أسلحة الجيل التالي وحاضنات الحرب الإلكترونية. عند اقترانها بمقاتلات شبحية مثل إف-22 أو إف-35، تصبح إف-15 إي إكس بمثابة 'شاحنة صواريخ' مثالية، تطلق وابلًا من الصواريخ على أهداف تحددها نظيراتها الأكثر تخفيًا. 2. تشنغدو جي-20 التنين العظيم الحمولة: 24,000 رطل / 10,886 كجم تُمثل جي-20، الرد الصيني على مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية، مزيجًا من التخفي والقوة النارية المذهلة. بخلاف المقاتلات الغربية المُحسّنة للقدرة على المناورة في القتال القريب، تركز جي-20 على الاشتباك بعيد المدى والمدى الاستشعاري. يعكس تصميمها استراتيجية الصين للسيطرة على المجال الجوي الشاسع فوق غرب المحيط الهادئ. تتميز الطائرة بخزائن أسلحة داخلية للحفاظ على خصائص التخفي، بالإضافة إلى نقاط تعليق خارجية لمهام الحمولة القصوى. بفضل تسليحها بصواريخ PL-15 بعيدة المدى وصواريخ PL-10 قصيرة المدى، تستطيع جي-20 الاشتباك مع أهداف متعددة بينما تظل غير مرئية إلى حد كبير لرادارات العدو. 3. سوخوي سو-57 الحمولة: 22,000 رطل / 9,979 كجم تجمع المقاتلة الروسية الرائدة من الجيل الخامس بين التخفي، والقدرة على المناورة، والقوة النارية المدمرة. تتميز سو-57 بتكوين أسلحة مبتكر مع خليتين رئيسيتين كبيرتين للأسلحة بين المحركين وخلايا أصغر جانبية بالقرب من جذور الأجنحة. يسمح هذا التصميم بحمل ذخائر متنوعة داخليًا مع الحفاظ على خصائص التخفي. مقاتلة 'سو-57' الشبحية الروسية في القتال جو-جو، يمكنها نشر 4 صواريخ بعيدة المدى في الخزائن الرئيسية وصواريخ R-74M2 قصيرة المدى في الخزائن الجانبية. تستطيع الطائرة أيضًا حمل قنابل موجهة بدقة، وصواريخ كروز، ومعدات حرب إلكترونية. توفر محركاتها ذات الدفع الموجّه قدرة استثنائية على المناورة، مما يجعلها قاتلة في سيناريوهات القتال بعيدة المدى والقريبة المدى على حد سواء. 4. داسو رافال الحمولة: 20,900 رطل / 9,500 كجم تُمثل رافال الفرنسية قمة تصميم المقاتلات 'متعددة المهام'، القادرة على التحول بسلاسة بين القتال جو-جو ومهام الضربات العميقة في طلعة جوية واحدة. ما يميز رافال ليس فقط قدرتها الاستيعابية الرائعة للحمولة، بل أيضًا قدراتها الاستثنائية في دمج الأسلحة. يمكن للطائرة نشر صواريخ كروز النووية، وصواريخ جو-جو ميتيور بعيدة المدى، وصواريخ كروز سكالب، وقنابل موجهة بدقة. ينسق نظام دمج المستشعرات المتقدم هذه الأسلحة المتنوعة من خلال أحد أكثر أنظمة القتال تطوراً في أي مقاتلة غير شبحية. توفر 14 نقطة تعليق في رافال مرونة استثنائية لتخطيط المهام. 5. يوروفايتر تايفون الحمولة: 20,000 رطل / 9,000 كجم صُممت يوروفايتر تايفون في الأصل كمقاتلة تفوق جوي، لكنها تطورت لتصبح منصة متعددة المهام هائلة. يمكن لنقاط التعليق الـ 13 استيعاب مجموعة واسعة من الأسلحة، من صواريخ جو-جو AIM-120 أمرام وميتيور إلى قنابل بافواي الموجهة بدقة وصواريخ ستورم شادو كروز. تمنح قدرة تايفون على المناورة المستمرة بسرعات عالية مزايا فريدة في الاشتباكات بعيدة المدى. أضافت التحديثات الأخيرة قدرات محسّنة للحرب الإلكترونية وأنظمة هجوم أرضي مطورة، مما يجعلها فعالة بشكل متزايد في البيئات المتنازع عليها. يوفر رادارها القوي يورورادار كابتور-إم قدرات ممتازة في الكشف والتتبع. 6. لوكهيد مارتن إف-35 لايتنينغ II الحمولة: 18,000 رطل / 8,200 كجم تُعطي إف-35 لايتنينغ II الأولوية للدقة والقدرة على البقاء على قيد الحياة على حساب القوة النارية الخام. في وضع التخفي، يمكنها حمل 5,700 رطل داخليًا عبر أربع محطات أسلحة، مما يحافظ على بصمتها الرادارية المنخفضة. عندما لا يكون التخفي ضروريًا، يمكن لـ 6 نقاط تعليق خارجية استيعاب 15,000 رطل إضافية من الذخائر. تكمن القوة الحقيقية لطائرة إف-35 في قدراتها على دمج المستشعرات والربط الشبكي. يسمح رادارها المتقدم وأنظمتها الكهروضوئية وروابط البيانات لها بالعمل كعقدة استشعار أمامية، ومشاركة معلومات الاستهداف مع منصات أخرى. هذا يجعلها فعالة بشكل خاص عند اقترانها بمقاتلات ذات تسليح ثقيل مثل إف-15 إي إكس أو المنصات البحرية. 7. ميتسوبيشي إف-2 الحمولة: 17,824 رطل / 8,085 كجم غالبًا ما تُطلق عليها اسم 'سوبر إف-16'، طائرة إف-2 اليابانية مُحسّنة خصيصًا لعمليات الدفاع البحري. كانت الطائرة من أوائل المقاتلات العملياتية التي تتميز بتقنية رادار إيسا (AESA)، مما يوفر قدرات متقدمة في التتبع والاستهداف. يسمح لها تصميم جناحها الأكبر وهيكلها المقوى بحمل حمولة أكبر من سابقتها إف-16. تستطيع إف-2 حمل صواريخ ASM-1 و ASM-2 المضادة للسفن، وصواريخ AAM-4 متوسطة المدى جو-جو، وقنابل متنوعة موجهة بدقة. تم تصميم قدراتها لتلبية المتطلبات الجغرافية الفريدة لليابان، مما يوفر قدرة ضربة بعيدة المدى فوق المحيط الهادئ. تعزز المواد المركبة في الطائرة وإلكترونيات الطيران المتقدمة من مداها وقدرتها على البقاء. 8. بوينغ إف/إيه-18 إي/إف سوبر هورنيت الحمولة: 17,750 رطل / 8,050 كجم تُعتبر سوبر هورنيت العمود الفقري للطيران البحري الأمريكي، وقد صُممت منذ البداية للعمليات البحرية. يمكن لنقاط التعليق الـ 11 استيعاب حمولة متنوعة من الأسلحة، بما في ذلك صواريخ AIM-120 أمرام، وصواريخ هاربون المضادة للسفن، وصواريخ HARM المضادة للإشعاع، وقنابل متنوعة موجهة بدقة. يسمح تصميم الطائرة المتين لها بالإقلاع بحمولات ثقيلة من الذخائر والعودة للهبوط على حاملات الطائرات بأسلحة غير مستهلكة. عززت ترقيات بلوك III الأخيرة خصائصها الشبحية، ومددت عمر هيكل الطائرة إلى 10,000 ساعة، وحسّنت أنظمة قمرة القيادة. طائرة إف/أ-إف18 سوبر هورنيت 9. سوخوي سو-30 الحمولة: 17,673 رطل / 8,016 كجم تُمثل سو-30 العضو الأكثر تنوعًا في عائلة فلانكر، وقد تم تصديرها إلى دول متعددة بما في ذلك الهند والصين وماليزيا والجزائر. تتفوق هذه المقاتلة ذات المقعدين والمدى الطويل في المهام الممتدة، وهي قادرة على تنفيذ عمليات جو-جو وضربات في آن واحد عبر نقاط تعليقها الـ 12. بتسليحها بصواريخ R-77 متوسطة المدى، وصواريخ R-73 قصيرة المدى، وذخائر متنوعة موجهة بدقة، يمكن لسو-30 الاشتباك مع أنواع متعددة من التهديدات. يقلل وجود طيار ثانٍ من عبء العمل على الطيار أثناء المهام المعقدة، بينما تعمل قدرة التزود بالوقود في الجو على تمديد المدى العملياتي. مقاتلة سو-30 جزائرية 10. سوخوي سو-35 إس الحمولة: 17,632 رطل / 8,000 كجم تُمثل سو-35 إس التطور النهائي لتصميم فلانكر، وهي أكثر المقاتلات الروسية غير الشبحية تطوراً. على الرغم من التشابه الخارجي مع سو-27، إلا أنها تتميز بضوابط طيران معاد تصميمها بالكامل، وأنظمة رادار متقدمة، ومحركات ذات دفع موجّه توفر قدرة استثنائية على المناورة. تستطيع الطائرة حمل صواريخ R-77M متوسطة المدى، وصواريخ R-74M قصيرة المدى، وصواريخ Kh-31 المضادة للإشعاع، وصواريخ Kh-59 كروز بعيدة المدى عبر نقاط تعليقها الـ 12. أظهرت الخبرة القتالية في سوريا فعاليتها في أدوار القتال جو-جو والضربات الدقيقة على حد سواء. واقع الحمولة القصوى نادرًا ما تعمل هذه المقاتلات بأقصى حمولة لها خلال المهام الفعلية. عادة ما يتم الاحتفاظ بتكوينات 'وضع الوحش' – التي تحمل أقصى قدر من الأسلحة – لمهام ضربة محددة أو عروض. تتطلب متطلبات المهمة واعتبارات الوقود واحتياجات المدى والمواقف التكتيكية عادةً حمولات أخف وزناً وأكثر تخصصًا تعمل على تحسين أداء الطائرة لتحقيق أهداف محددة.


النهار
١٥-٠٤-٢٠٢٥
- النهار
طيف كوبريك يخيّم على حاضرنا أكثر من أي وقت
كلّ ما استشفّه ستانلي كوبريك (1928 – 1999) في أفلامه، يتحقّق أمام أعيننا، حقيقةً بعد أخرى، مشهداً بعد مشهد. وحده، المتابع المشغوف بالسينما والمراقب النهم لأحوال العالم، يدرك كم كان هذا المخرج، المأخوذ بالشرط الإنساني، سابقاً لعصره، وكم حملت رؤاه من نبوءات لم تكن مجرّد خيال سينمائي، بل إشارات مبكرة لعالم ينزلق نحو المصير الذي تصوّره. ما كان يُناقَش في العقود الماضية كفرضيات في أعماله، صار اليوم وقائع نعيشها وننخرط فيها. كوبريك لم يكن مخرجاً فحسب، إنما هو مفكّر تنويري رؤيوي وفيلسوف امتحنته الأيام، ثبت حضوره في الوعي والوجدان. أفلامه، بقدر ما هي فتوحات بصرية وجمالية، هي أيضاً كنوز فكرية وبحوث ميتافيزيقية تُعيدنا إلى جوهر الأسئلة الكبرى. لكن مهلاً، لم يكن كوبريك عرّافاً يتنبأ بالمستقبل من ضباب الغيب، ولا ساحراً يقرأ الطالع، بل كان عقلاً نقدياً نيّراً، يمتلك قدرة استثنائية على التحليل والتركيب، يستقرئ الحاضر بذكاء ويربط بين معطياته السياسية والاقتصادية والفلسفية والعاطفية. نبؤاته لم تنبع من وحي أو خيال جامح، ولكن من قراءة عميقة لميكانيزمات السلطة والمجتمع والتكنولوجيا، ومن فهم دقيق للإنسان في صراعه مع ذاته ومع العالم من حوله. لقد رأى مبكراً إلى أين يمكن أن تمضي الأمور. تحت رحمة الآلة لنأخذ مثال الذكاء الاصطناعي في "2001، أوديسّا الفضاء". الآلة هال، التي تنطق وتُبدي مشاعر وتواجه مخترعها ككائن مستقل له إرادته ومنطقه وسلوكه، لم تكن مجرّد ابتكار خيالي، بل هي سؤال مبكر ومرعب: هل يمكن التكنولوجيا أن تنتزع من الإنسان إرادته؟ سؤالٌ طرحه المعلّم قبل أكثر من نصف قرن، وهو اليوم من أكثر ما يؤرقّنا في ضوء ابتكارات مثل "تشات جي بي تي" و"أليكسا". إلى أين يمكن أن يصل التطوّر؟ وهل سنصبح أسرى أدوات صنعناها بأيدينا؟ الخوف من فقدان السيطرة على التكنولوجيا لم يعد فكرة سوريالية، بل هاجس معاصر. أما الرحلات السياحية إلى الفضاء التي كان علماً خيالاً في الفيلم، فأصبحت خدمة مدفوعة الثمن تقدّمها شركات عدة مثل "سبايس إكس" و"بلو أوريجين" وغيرهما. في رؤياه الطليعية التي تتوقّع صعود الوحشية وانتشار الفوضى من داخل أكثر المجتمعات تحضّراً وتنظيماً، ألمح كوبريك إلى أن اتساع قدرات العقل يقابله ضمور في جوانب أخرى، وانغلاق على الذات شبيه بما يعيشه روّاد الفضاء في عزلتهم. هال ليست شريرة بطبعها، لكنها انعكاس لصراع المصالح البشرية، فتغدو الطرف الثالث الذي يتدخّل حين يعجز البشر عن التفاهم. أما الشاشات التي تتيح لرواد الفضاء التواصل بعضهم مع بعض، فأصبحت في أيدي الجميع، للأفضل… والأسوأ! صناعة إنسان متحضّر دعونا نُعيد النظر أيضاً في "البرتقالة الآلية"، الفيلم الذي أخرجه كوبريك قبل أكثر من نصف قرن، وأثار عاصفة من الجدال عند صدوره، حدّ انه قرر سحبه من الصالات البريطانية بعد اتهام جهات له بالتحريض على العنف. يحكي الفيلم عن محاولة "إصلاح" شخصية أليكس، الشاب الذي سكنه العنف وتجذّر فيه، عبر التسلل إلى وعيه وإعادة برمجته نفسياً وسلوكياً، ليصبح كائناً "أفضل" يمكن اعادته بأمان إلى حضن المجتمع المتحضّر. كان هذا أحدث ابتكارات مجتمع مهووس بالتربية السلوكية. اليوم، ألا يبدو هذا التدخّل مشابهاً لما تفعله بنا وسائل التواصل الاجتماعي؟ معايير المجتمع، القيود، الحظر، الرقابة، وحتى ثقافة الـ"ووك" والصواب السياسي — كلها أدوات تضغط لتصنيع نموذج إنسان "خيّر" ظاهرياً، حتى لو كان ذلك على حساب الحقيقة والحرية الفردية، مما أدّى في الكثير من الأحيان إلى نتائج عكسية. طرح كوبريك سؤالاً معقّداً: هل من الأفضل أن نختار الشر بإرادتنا، أم أن يُفرض علينا الخير قسراً؟ الأمر محسوم عند الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو الذي يعتبر ان الإنسان طيب إلى ان يفسده المجتمع. لكن في العالم الافتراضي، تبدو الأمور أقرب إلى الخيار الثاني، أي انه من الأفضل ان يُفرض علينا الخير بالقوة. فنحن نعيش اليوم في مناخ من الإحراج الجماعي، حيث كثيرون يقولون عكس ما يؤمنون به خوفاً من العزل أو الخسارة أو الإلغاء. هكذا يتكرر كابوس كوبريك: عالم يجرّ الإنسان إلى الطاعة والتطويع باسم "التحضّر" والأخلاق، وهو ما كان المخرج يخشاه قبل نصف قرن. رجال يدمّرون العالم هل يمكن رجلًا واحداً أن يتحكّم بمصير البشرية، وأن يُشعل حرباً كونية بكبسة زر؟ سؤالٌ بدا أقرب إلى الكوميديا العبثية حين طرحه كوبريك في "دكتور ستراينجلاف"، حيث سخر بذكاء من فكرة أن العالم قد يُفنى نتيجة نزوة أو جنون جنرال. لكن ما كان آنذاك مادة للتهكّم، أصبح اليوم واقعاً مرعباً مع بروز زعماء تغذيهم النزعة الفردية وشهوة السلطة، أمثال ترامب وكيم جونغ أون وبوتين، ومعهم أنظمة لا تقلّ وحشيةً كالنظام الإيراني وإسرائيل. في هذا الفيلم، حمّل كوبريك "الرجولة الفائضة"، نوعاً ما المسؤولية. ذلك المفهوم الذي لم يكن رائجاً حينها، لكن يبدو انه تنبّه إلى خطره المبكر. الرجال الذين تحكمهم عضلاتهم قبل عقولهم، قد يدفعون العالم إلى الهاوية، مدفوعين بفائض من التهور والغرور، لا تقل خطورته عن الأسلحة النووية الفتّاكة، الرمز الأبدي لنزعة البشر إلى التدمير الذاتي. الخطر النووي لا يزال موضوع تجاذب وقضية وجود لا سيما بين الولايات المتحدة والصين وروسيا. نظرية كوبريك ان قرارات عبثية يتكفّل بها بعض الرجال، قد تحملنا إلى عواقب وخيمة وصولاً إلى 'القيامة'، لا تزال صالحة أكثر من أي زمن مضى. برمجة الكائن وتدجينه على سيرة الحروب، ماذا يكشف لنا "فول ميتال جاكيت"، أحد أهم الأفلام عن الحرب، سوى أن المعركة الأكثر وحشيةً لا تُخاض في ساحات القتال، بل تبدأ قبل ذلك بكثير، في مرحلة الإعداد؟ كوبريك يخصّص نحو نصف الفيلم لما يشبه ورشة تفكيك الإنسان، ثم إعادة تركيبه على هيئة آلة قتل باردة. التدريب هنا ليس مجرّد تمرين بدني، بل عملية ممنهجة لتجريد الفرد من عواطفه وهويته، كي يُعاد تشكيله جندياً لا يرى إلا الهدف، ولا يعرف إلا الطاعة. هذا ليس تفصيلاً عابراً، بل جوهر الخطاب: الحرب الحقيقية تُخاض في الروح، قبل أن تُخاض في الميدان. وما قدّمه كوبريك في هذا الفيلم كان بمثابة مسودة مبكرة لما سيشهده العالم لاحقاً، من محاولات برمجة الإنسان وتدجينه، عبر المؤسسات والبيروقراطية والتلاعب بالاقتصاد، حيث تتم قولبة الأفراد وتوجيه عقولهم لخدمة أنظمة لا تكتفي بالسيطرة على الجسد، بل تتسلل إلى الداخل، حيث تنشأ المعارك الأكثر صمتاً… والأكثر فتكاً. وهم الصعود الاجتماعي وكيف يمكن أن نشاهد "باري ليندون" من دون أن نلتفت إلى أوجه الشبه بين الشاب الإيرلندي المغمور، ردموند باري، الذي صعد سلّم المجتمع بانتهازية مكشوفة، وبين ما تتيحه اليوم وسائط التواصل الاجتماعي من تلميع للسطحية وتكريس للانتهازية عبر ظاهرة "المؤثرين"؟ هؤلاء، تماماً مثل باري، يتوهّمون أنهم يخترقون كوكباً كان حكراً على النخبة والمشاهير، بينما هم في الواقع وقود لمنظومة لا ترحم: تستهلكهم بسرعة، تستنزفهم حتى آخر ومضة، ثم تلقي بهم على الهامش. ففي عالم النفاق اللامع، كما في القصور التي دارت فيها وقائع فيلم كوبريك، مَن يتوهم أنه في طريق الصعود، كثيراً ما ينتهي مسحوقاً تحت ثقل لعبة أكبر منه. لأن النخبة، في كلّ زمان ومكان، تعرف كيف تحمي امتيازاتها وتصون مصالحها… وتقصي الطارئين عنها بلطف مميت. مجتمعات سرية تيمة النخبة، بما تحمله من سلطة وغموض واستعلاء، هي أيضاً جوهر "أيز وايد شات"، آخر أفلام المعلّم. ما يمكن اعتباره في المستوى الأول انه مجرد قصّة تخبّط زوجين، هو في عمقه رحلة داخل العالم السفلي للسلطة المتخفية خلف الأقنعة. هل للنخب الاجتماعية والأقطاب السياسية صلات خفية بعيدة من أعين العامة وعلمهم؟ سؤال بدا في وقت من الأوقات من مخلّفات نظرية المؤامرة، لكن بات مقنعاً أكثر فأكثر في السنوات الأخيرة. يجب ألا ننسى ان واحداً في المئة من سكّان العالم يملكون نصف ثرواته. حفل التنكّر ليس مجرد مشهد بصري مدهش، بل استعارة لطبقة تحجب وجهها خلف الطقوس، وتمارس سلطتها من وراء ستار من الغموض والإبهار. الدكتور بيل، الذي يظن أنه يسيطر على مجريات ليلته، ينزلق تدريجاً إلى فضاء سري (أشبه بما كُشف لاحقاً في فضيحة جفري إبستين)، أي إلى عالم منغلق لا ينتمي إليه، رغم وهم المعرفة والسيطرة الذي يحمله في داخله. بيل أشبه بكثيرين منّا، في حاضرنا: نعتقد أننا نُمسك بخيوط العالم لأن المعلومات متاحة بنقرة، بينما الحقائق الأعمق تبقى في الظلّ، خلف ظهرنا، حيث تتشكّل القرارات الكبرى وتُصاغ مصائر لا نعرف عنها الكثير. وحش الأفضل والأسوأ الإنسان عند كوبريك هو الكائن المتناقض بامتياز: الأعظم والأحطّ، الأقوى والأكثر هشاشةً، القادر على ارتكاب أسمى الأفعال وأحقرها في الآن ذاته. كما قال الناقد ميشال سيمان ذات مرة: "الكائن في سينما كوبريك، تسعون في المئة وحش، وعشرة في المئة جائزة نوبل. والوحش دائماً متأهّب للانقضاض. لا أحد في منأى منه". الإنسان عند كوبريك هو الكائن المتناقض بامتياز. خطاب كوبريك لا لبس فيه: حين تُبنى الأنظمة على حساب القيم، تصبح الكارثة حتمية. انها مسألة وقت. من التطور البشري، إلى الرغبة فإلى العقيدة، ظلّ هاجسه واحداً: أن لا نسلّم مبتكراتنا إلى سلطة تتجاوز إنسانيتنا، فنُختزَل إلى أقلّ ممّا نحن عليه. كوبريك هو الرؤيوي الذي لم يصف فقط ما أصبحنا عليه، بل استشرف ما يمكن أن نصير إليه، عبر تشريحه العميق لآليات النفس البشرية، وتحذيره ممّا ينتظرنا حين نطلق لها العنان بلا ضوابط. لم يكن أول مَن قرأ الإنسان على هذا النحو، فقد سبقه فلاسفة من أفلاطون إلى روسو، لكنه الوحيد الذي بثّ تلك الرؤية على الشاشة بلغة بصرية مذهلة، تنقش في الذاكرة وتحفر في وعي الثقافة الشعبية بلقطات أيقونية - وعندما أقول "أيقونية"، أعنيها فعلاً، بعيداً من استخدامها المبتذل. ببرودته الأسطورية التي تمسّ الجليد، لم يعكس حالنا، بل عرّى ما رفضنا دائماً أن نراه في دواخلنا.


النهار
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- النهار
ست نساء يحلّقن بالتاريخ إلى الفضاء منذ 1963: بدت الأرض هادئة (فيديو)
دخلت ست نساء من المشاهير التاريخ بعد انطلاقهنّ إلى الفضاء، اليوم الاثنين، في أوّل رحلة فضائيّة نسائيّة بالكامل منذ عام 1963، بتنظيم من شركة "Blue Origin" التابعة لمؤسّس "أمازون" جيف بيزوس. The Blue Origin all-female crew, including Katy Perry, have launched into Space. — Pop Base (@PopBase) April 14, 2025 انطلق الطاقم النسائي على متن صاروخ مستقلّ من صنع شركة "بلو أورجين" (Blue Origin)، ضمّ نجمة البوب كايتي بيري، والصحافيتين غايل كينغ ولورين سانشيز، إلى جانب العالمة السابقة في وكالة "ناسا" عائشة بوي، والناشطة أماندا نغوين، والمنتجة السينمائية كريان فلين. وقد وصلن جميعاً إلى غربي تكساس قبل أيام، حيث خضن برنامجاً تدريبياً، وتجهّزن ببزّاتهنّ الفضائية، استعداداً لخوض هذه المغامرة التاريخية نحو الفضاء. Katy Perry and the NS-31 Blue Origin mission crew in training for the journey to space. — Katy Perry Today (@todaykatyp) April 14, 2025 قبّلت كايتي بيري الأرض وحملت وردة في الهواء أثناء عودتها من رحلتها الفضائية، وكشفت عن نيتها كتابة أغنية مستوحاة من هذه التجربة، فيما غنّت "يا له من عالم رائع" أثناء وجودها في الفضاء. وقالت بيري: "إنه أعلى ارتفاع وهو استسلام للمجهول. لا يمكنني أن أوصي بهذه التجربة أكثر من ذلك". Katy Perry has exited the Blue Origin capsule after a trip to space — Lunar Surfer (@TheLunarSurfer) April 14, 2025 وقالت خطيبة بيزوس، لورين سانشيز، في مقابلة أجريت معها بعد الرحلة: "ليست لديّ كلمات تصف ذلك"، كاشفة أنّهنّ تمكّنّ من رؤية القمر. وأضافت: "بدت الأرض هادئة جداً". حلّقت المركبة في الفضاء لمدة أربع دقائق تقريباً قبل أن تطفو عائدة إلى الأرض، واستغرقت الرحلة بأكملها ما يزيد قليلاً عن 10 دقائق. المركبة، التي استقلّتها السيدات الستّ إلى المدار، هي "بلو أوريجين" - "نيو شيبرد" الجديدة، التي ركبها 48 شخصاً آخر في 10 رحلات فضائية بشرية سابقة من منشأة الشركة في غربي تكساس. وكانت أوّل رحلة لـ "نيو شيبرد" في يوليو/تموز 2021 بطاقم يضمّ الملياردير بيزوس. Jeff Bezos opens the hatch so the all-female space crew, including Katy Perry, Gayle King and his fiancée Lauren Sanchez, can exit, after traveling to space aboard Blue Origin rocket. April 14, 2025 وتتألف "نيو شيبرد" من صاروخ وكبسولة طاقم، وهي مجهّزة بنوافذ كبيرة يمكن لركابها التحديق إلى الخارج في خلال الرحلة الفضائية.