logo
مشاهِد "وادي الحراش" تحبس أنفاس الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي

مشاهِد "وادي الحراش" تحبس أنفاس الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي

شفق نيوزمنذ 14 ساعات
قضى عدد كبير من الجزائريين ليل الجمعة وهم يتابعون في حزن مشاهد انتشال ضحايا حادث مأساوي من قاع نهر وادي الحراش في العاصمة الجزائر.
وكانت حافلة نقل عام قد انحرفت فوق جسر يمرّ فوق نهر وادي الحراش قبل أن تسقط في المجرى المائي، مساء الجمعة، ما أدى إلى مقتل 18 شخصا وإصابة 23 آخرين بينهم حالتان حرجتان.
وجاء رد الفعل الرسمي سريعاً، بإعلان الحداد الوطني مع تنكيس الرايات ليوم واحد ابتداءً من مساء الجمعة بقرار من رئاسة الجمهورية التي وصفت الحادث بالكارثة، مؤكدة وقوف الدولة إلى جانب الأسر المتضررة.
كما هرعت فرق الدفاع المدني إلى مكان الحادث، حيث عملت 25 سيارة إسعاف و16 غطاساً وشاحنتا تدخُّل و4 زوارق مطاطية وفرقة البحث والتدخل، في الأماكن الوعرة.
وانتقل وفد رسميّ رفيع المستوى -ضمّ ممثلين عن الرئاسة ووزراء الداخلية والنقل والري، فضلاً عن مسؤولين من الحماية المدنية ووالي العاصمة- إلى مكان الحادث، لمتابعة عمليات الإنقاذ عن كثب وتوفير كل الإمكانات لإسعاف المصابين.
الحادث، الذي تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهده بشكل مباشر، لقي تفاعلاً كبيراً في أوساط الجزائريين، والمتسائلين عن حال وسائل النقل العام في البلاد.
وأثار الحادث موجة من الانتقادات، إذ رأى البعض أن ما وقع في وادي الحراش "ليس حادثا عرضياً" وإنما هو "نتيجة مباشرة لسنوات من التسيّب وغياب الرقابة" على حدّ تعبيرهم:
ورغم أن معظم المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص الحادث فاضتْ بالتعاطف مع ذوي الضحايا، إلا أنّ جانباً كبيراً منها أشاد بصور ومواقف دالّة "على معاني "الشهامة والبطولة" التي أظهرها شباب ألقوا بأنفسهم في المياه لإنقاذ ركاب الحافلة، رغم أنهم ليسوا من جهات الإنقاذ.
ولم يتوقف الأمر عند حدّ الإشادة، بل طالب البعض بتوفير الفحوصات والعلاج العاجل لهؤلاء المواطنين، وحتى "إرسالهم للخارج إذا استدعى الأمر، فحماية مَن أنقذوا الناس واجب وطني وأخلاقي".
ويمتد نهر وادي الحراش على طول 67 كيلو متراً إلى الشرق من الجزائر العاصمة، قبل أن يصبّ مياهه في البحر الأبيض المتوسط، ويعد وادي الحراش النهر الأهمّ والأكثر تدفقاً في البلاد.
حزمة من القرارات
من جهتها، اتخذت السلطات الجزائرية المعنية حزمة من القرارات، على أثر الحادث؛ فأعلنت الرئاسة تخصيص منحة مالية قدرها 100 مليون سنتيم (حوالي 8 آلاف دولار) لكل عائلة من عائلات الضحايا.
وأفاد بيان لوزارة النقل يوم السبت بأن "التحقيقات في حوادث المرور التي تؤدي إلى وفيات ستشمل من الآن فصاعداً مدارس تعليم القيادة لمعرفة كيفيات منح الرُخَص".
الوزارة أيضاً أعلنت "سحْب كل حافلات نقل المسافرين المتهالكة والتي تزيد مدة خدمتها على 30 سنة، وذلك في مُهلة لا تتجاوز ستة أشهر".
كما أعلنت الوزارة عن الدفع بأكثر من 84 ألف حافلة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وزارة الداخلية بدورها، أعلنت عن فتح تحقيق عاجل في أسباب الحادث، في الوقت الذي عزا فيه وزير الداخلية إبراهيم مراد معظم حوادث السير إلى عدم تحكّم السائقين في الحافلات والمركبات.
وتشير إحصائية كشفت عنها المديرية العامة للحماية المدنية في الجزائر، يوم الثلاثاء الماضي، إلى وفاة 50 شخصا وإصابة 2,180 آخرين بجروح في 1,637 حادثاً مرورياً سُجّلت عبر عدة ولايات من الوطن خلال الفترة من الثالث وحتى التاسع من أغسطس/آب الجاري.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مشاهِد "وادي الحراش" تحبس أنفاس الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي
مشاهِد "وادي الحراش" تحبس أنفاس الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي

شفق نيوز

timeمنذ 14 ساعات

  • شفق نيوز

مشاهِد "وادي الحراش" تحبس أنفاس الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي

قضى عدد كبير من الجزائريين ليل الجمعة وهم يتابعون في حزن مشاهد انتشال ضحايا حادث مأساوي من قاع نهر وادي الحراش في العاصمة الجزائر. وكانت حافلة نقل عام قد انحرفت فوق جسر يمرّ فوق نهر وادي الحراش قبل أن تسقط في المجرى المائي، مساء الجمعة، ما أدى إلى مقتل 18 شخصا وإصابة 23 آخرين بينهم حالتان حرجتان. وجاء رد الفعل الرسمي سريعاً، بإعلان الحداد الوطني مع تنكيس الرايات ليوم واحد ابتداءً من مساء الجمعة بقرار من رئاسة الجمهورية التي وصفت الحادث بالكارثة، مؤكدة وقوف الدولة إلى جانب الأسر المتضررة. كما هرعت فرق الدفاع المدني إلى مكان الحادث، حيث عملت 25 سيارة إسعاف و16 غطاساً وشاحنتا تدخُّل و4 زوارق مطاطية وفرقة البحث والتدخل، في الأماكن الوعرة. وانتقل وفد رسميّ رفيع المستوى -ضمّ ممثلين عن الرئاسة ووزراء الداخلية والنقل والري، فضلاً عن مسؤولين من الحماية المدنية ووالي العاصمة- إلى مكان الحادث، لمتابعة عمليات الإنقاذ عن كثب وتوفير كل الإمكانات لإسعاف المصابين. الحادث، الذي تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مشاهده بشكل مباشر، لقي تفاعلاً كبيراً في أوساط الجزائريين، والمتسائلين عن حال وسائل النقل العام في البلاد. وأثار الحادث موجة من الانتقادات، إذ رأى البعض أن ما وقع في وادي الحراش "ليس حادثا عرضياً" وإنما هو "نتيجة مباشرة لسنوات من التسيّب وغياب الرقابة" على حدّ تعبيرهم: ورغم أن معظم المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص الحادث فاضتْ بالتعاطف مع ذوي الضحايا، إلا أنّ جانباً كبيراً منها أشاد بصور ومواقف دالّة "على معاني "الشهامة والبطولة" التي أظهرها شباب ألقوا بأنفسهم في المياه لإنقاذ ركاب الحافلة، رغم أنهم ليسوا من جهات الإنقاذ. ولم يتوقف الأمر عند حدّ الإشادة، بل طالب البعض بتوفير الفحوصات والعلاج العاجل لهؤلاء المواطنين، وحتى "إرسالهم للخارج إذا استدعى الأمر، فحماية مَن أنقذوا الناس واجب وطني وأخلاقي". ويمتد نهر وادي الحراش على طول 67 كيلو متراً إلى الشرق من الجزائر العاصمة، قبل أن يصبّ مياهه في البحر الأبيض المتوسط، ويعد وادي الحراش النهر الأهمّ والأكثر تدفقاً في البلاد. حزمة من القرارات من جهتها، اتخذت السلطات الجزائرية المعنية حزمة من القرارات، على أثر الحادث؛ فأعلنت الرئاسة تخصيص منحة مالية قدرها 100 مليون سنتيم (حوالي 8 آلاف دولار) لكل عائلة من عائلات الضحايا. وأفاد بيان لوزارة النقل يوم السبت بأن "التحقيقات في حوادث المرور التي تؤدي إلى وفيات ستشمل من الآن فصاعداً مدارس تعليم القيادة لمعرفة كيفيات منح الرُخَص". الوزارة أيضاً أعلنت "سحْب كل حافلات نقل المسافرين المتهالكة والتي تزيد مدة خدمتها على 30 سنة، وذلك في مُهلة لا تتجاوز ستة أشهر". كما أعلنت الوزارة عن الدفع بأكثر من 84 ألف حافلة خلال الأشهر القليلة المقبلة. وزارة الداخلية بدورها، أعلنت عن فتح تحقيق عاجل في أسباب الحادث، في الوقت الذي عزا فيه وزير الداخلية إبراهيم مراد معظم حوادث السير إلى عدم تحكّم السائقين في الحافلات والمركبات. وتشير إحصائية كشفت عنها المديرية العامة للحماية المدنية في الجزائر، يوم الثلاثاء الماضي، إلى وفاة 50 شخصا وإصابة 2,180 آخرين بجروح في 1,637 حادثاً مرورياً سُجّلت عبر عدة ولايات من الوطن خلال الفترة من الثالث وحتى التاسع من أغسطس/آب الجاري.

سطو خاطف على متجر مجوهرات في سياتل.. 2 مليون دولار في 90 ثانية (فيديو)
سطو خاطف على متجر مجوهرات في سياتل.. 2 مليون دولار في 90 ثانية (فيديو)

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

سطو خاطف على متجر مجوهرات في سياتل.. 2 مليون دولار في 90 ثانية (فيديو)

أعلنت الشرطة الأميركية، يوم السبت، أن أربعة لصوص نفذوا عملية سطو جريئة على متجر مجوهرات في مدينة سياتل، نهبوا خلالها ألماساً وساعات فاخرة وذهباً بقيمة تقدر بنحو 2 مليون دولار، وذلك في أقل من 90 ثانية ظهر الخميس. وأظهرت كاميرات المراقبة لحظة تحطيم المشتبه بهم المقنعين الباب الأمامي الزجاجي للمتجر بمطارق قبل أن ينهبوا ست واجهات عرض، إحداها تضم ساعات رولكس تقدر قيمتها بـ750 ألف دولار، بحسب بيان الشرطة. وذكرت السلطات أن أحد المشتبه بهم هدد العمال برذاذ للدببة ومسدس صاعق، لكن لم يصب أحد خلال العملية، فيما فرّ المنفذون بسيارة قبل وصول دوريات الشرطة التي باشرت البحث عنهم من دون أن تتمكن من إلقاء القبض عليهم. وقال جوش ميناش، نائب رئيس المتجر المملوك لعائلة، في تصريح هاتفي الجمعة: "لقد أصبنا بصدمة كموظفين.. سنغلق لفترة من الوقت"، مشيراً إلى أن العمال انتهوا من تنظيف الزجاج المكسور ويعملون حالياً على إحصاء الخسائر. Cops are still looking for the violent streets thugs who ransacked Menashe and Sons in West Seattle, snatching watches and jewelry worth $2 million. Meanwhile, Mayor Bruce Harrell says crime is down in the city. — Jonathan Choe (@choeshow) August 16, 2025

الجماعات الإسلامية بين المراوغة والتنظيم: قراءة في صعودها السياسي
الجماعات الإسلامية بين المراوغة والتنظيم: قراءة في صعودها السياسي

الحركات الإسلامية

timeمنذ 2 أيام

  • الحركات الإسلامية

الجماعات الإسلامية بين المراوغة والتنظيم: قراءة في صعودها السياسي

في ظل التحولات السياسية العاصفة التي شهدتها المنطقة العربية خلال العقدين الأخيرين، ومع صعود تيارات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية إلى واجهة المشهد في أكثر من بلد، يبرز سؤال جوهري حول أسباب هيمنة هذه القوى على مسارات التغيير، وعجز التيارات الأخرى، بما فيها اليسارية والليبرالية، عن منافستها في الميدانين السياسي والاجتماعي. في هذا الحوار، نستضيف الباحث المصري صبحي نايل المتخصص في الفلسفة والفكر العربي والإسلامي المعاصر، وصاحب كتاب "استراتيجيات التأويل وأصول العنف الديني في الفكر الإسلامي المعاصر"، للحديث عن المشهد السوري، وديناميات صعود الجماعات الإسلامية، ودور النخبة في صياغة مستقبل المنطقة، وأين يجب أن يبدأ التغيير. ما رأيك فيما حدث في سوريا من إسقاط النظام الحاكم من قبل الإسلاميين بقيادة تنظيم إسلامي " جبهة تحرير الشام " المعروفة بجبهة النصرة الإرهابية _ ثورة أكملها الإسلاميين وفشل في تحقيقها اليساريين كيف ترى ذلك؟ المعطيات العلنية لم حدث في سوريا لا توفر ما يمكن أن يُبنى عليه رؤية واضحة، ففي ظرف أيام سقط نظام الأسد وأصبحت سوريا تحت سيطرة جبهة تحرير الشام. ولا يمكن أن ننكر فرحتنا جميعا بسقوط الأسد، فكان نظام الأسد نظام مجرم بلا شك، فصنع بشعبه ما لم تصنعه دول الاحتلال والاستعمار، وحكم البلاد من نار، ولكن في الوقت عينه استمراره منذ انتفاضات عام 2011، وسقوطه في غضون أيام في نهاية عام 2024، وخروج أحمد الشرع من قائمة الإرهابيين المطلوبين، وإلغاء الخارجية الأمريكية المكافأة التي أعلنتها لمن يدلي بمعلومات عنه وكانت تبلغ 10 ملاين دولار، توضح أن ما حدث في سوريا كان باتفاق أمريكي واضح مع هيئة تحرير الشام.وعن فشل اليساريين فإن الحال في سوريا لم يكن يسمح بانتصار من لا يحمل السلاح، والحرب الأهلية السورية التي راح ضحيتها الآلاف وتهجر بسببها الملاين خير شاهد على ذلك، وكما ذكرت فإن جبهة تحرير الشام هي جبهة النصرة سابقًا المعروفة بنشاطها المسلح مما جعلك تصفها بالإرهابية، واليساريين لم يملكوا التنظيم ولا السلاح الذي تملكه جبهة تحرير الشام، لذا آلت الأمور في يدها، فضلا عما يعرفه الإسلام السياسي والجهادي من المراوغة التي لا تمانع من اتفاقه مع أي دولة ما كانت، ومساعيه الدائمة للسلطة ولا يمانع إذا أودى بالدولة في حرب شاملة في سبيل وصوله للسلطة، ولنا في السودان خير مثال على ذلك. ولا أريد أ تفهم إجابتي بوصفها تنزيها لليساريين ولكنها اعترافًا بقوة التنظيم، والقدرة على المراوغة اللتان تعرفهما الجماعات الإسلامية، وما يعرف عن الجماعات الإسلامية والجهادية تنظيميتها الشديدة، والسرية كذلك، وتفتقد التيارات اليسارية ما تملكه الجماعات الإسلامية من قوة تنظيمية، وقدرة على المراوغة. في أغلب محاولات التغيير في العالم العربي كانت التنظيمات الإسلامية تتصدر المشهد بالمبادرات والتحركات ماذا يعني هذا؟ كما قلت لك تكمن قوة الجماعات الإسلامية في تنظيمها، وعملها السري كذلك، فهي بارعة في العمل السري إلى ذلك الحد الذي يربكها حين تعمل بشكل علني، ولنا في الإخوان المسلمين في مصر خير مثال على ذلك؛ فقد نجحوا في الاستمرار كتنظيم سري منذ فترة عبد الناصر حتى تسنت لهم الفرصة في الظهور مرة أخرى إثر انتفاضات المصريين في الخامس والعشرين من يناير عام 2011، وتقلدوا السلطة وتعاملوا مع الدولة بمنطق العشيرة، وأربكهم وجودهم العلني وفشلوا فيه. ووجودهم السري وقوتهم التنظيمية يمكنوهم من الحضور فور توفر أي فرصة من الفراغ السياسي، ولا مانع عندها من الاستهلاك الديني داخل المجتمعات، لتبني خطابها بوصفه خطاب دفاع عن الدين، وعن الأرض المفتقدة والمحتلة (فلسطين) وهو خطاب له شعبيته في ظل حالة الانهزام الحضاري التي تعانيه منطقة الشرق الأوسط، تجاه المجتمعات الأوروبية الأمريكية. وتبني الجماعات الإسلامية نفسها من خلال الثغرات التي تتركها الدولة، لتحضر عندما تغيب الدولة في صورة جمعيات خيرية ومنظمات مدنية، وتصنع لنفسها شبكة إدارية داخل الدولة، وشعبية موازية لشعبية الدولة، لتستغلها في معاركها السياسية، حال إمكانية وجود مثل هذه المعارك. ولا يمكن أن نغفل عن براعة التنظيمات الإسلامية في استغلالها لحالات الاستبداد السياسي لتقدم نفسها بوصفها البديل لمثل هذه النظم الفاسدة المستبدة، وتعرض نفسها بوصفها البديل الأصيل المناضل الذي يقف أمام الهيمنة الأمريكية، وتستخدم في ذلك الخطاب الديني وتمد صلاحيتها لتعلن أن خطابها يمثل الخطاب الإلهي، وأن ما تقدمه هو نظام الحكم الإلهي مقابل نظام الحكم البشري، وهو اتهام ضمني لمن لا يقف معهم بالكفر، وهو اتهام نجحت هذه التنظيمات في السيطرة على المجتمعات من خلاله، إلى حد أن الخطابات النخبوية أصبحت تتوخى الحذر وعدم التصادم معهم، وذلك لم يحمله هذا الاتهام من نفي اجتماعي وعدم القبول داخل الأطر الاجتماعية، فضلا عن العقوبات القانونية. وعلينا ان ننتبه لم يملكه الخطاب الديني من تأثير قوي في المجتمعات العربية الإسلامية، خاصة أنه صاغ هويته من خلال الميزة الدينية، ورأى أن وجوده كمسلم يعني تفوقًا على الغرب المتقدم، وصاغ كل ما يدور بوصفه مؤامرة تقام له خصيصًا. ومن ثم يكون خطاب الجماعات الإسلامية بما يحمله من استغلال للبعد العقائدي، وإعلانه النضال في الوقت الذي تحتاج فيه المجتمعات العربية لأي وجود ندي، خطابًا مسيطرًا على الشارع العربي، ويرى فيه خطاب يمثله بما يشعر به من تهديد وانهزام دائمين أمام السيطرة الحضارية والسياسية للمجتمعات والحكومات الأوروأمريكية. من يقود إدارة المستقبل؟ ومن أين يجب أن يبدأ التغيير؟ هذا السؤال على قدر عموميته تكون أهميته، ومن الجيد إنني أنهيت منذ أيام المفهوم العاشر والأخير من سلسلة المفاهيم المكونة للعقل العربي المعاصر، وكان بعنوان مفهوم المستقبل: الانحصار في النموذج والمصير المحتوم، وأوضحت فيه عمل العقل العربي بمبدأ المصير المحتوم الذي لا فرار منه سواء كانت الحداثة الأوروبية، أو ما يقدمه من صورة للماضي يُطالب الواقع بالمثول إليها والسعي نحو فرضها على المستقبل. والسؤال عمن يقود إدارة المستقبل أظن أن الإجابة عادة ما تكون النخبة، فالنخبة هي المعنية بتحديد أزمات الواقع ومشكلاته، ومحاولة إعادة صياغة الواقع بصورة أفضل تحل مشكلاته وأزماته، والنخبة العربية وضعت لنفسها حد الشرح والاستهلاك فقط، فتنتظر ما تنتجه الحضارة المُسيطرة لتستهلكه، حتى على مستوى الأفكار.وحال الجامعات مؤسف ومُضحك ومُبكي، يتم استيراد نمط الاختبارات من السياقات الأوروبية والأمريكية بصورة شكلانية تفقدها طبيعتها، ولا يتم الانتباه لطرق التدريس وعدم أهلية أساتذة الجامعات لمكانتهم، وعدم أهلية تقاليد البحث العلمي للبحث العلمي، فأضحينا نرى البحث العلمي شرح للنظريات الأوروبية ليس إلا. ومن المُضحك التقليد العلمي المُتبع الآن في السياق العربي وهو البحث عن أي كاتب، فيلسوف، عالم غير عربي لم يكتب فيه أحد ليكون موضوعًا لرسالة دكتوراه أو ماجستير، وأصبح عدم وجود أي كتابات سابقة عنه هو ما يعطي للبحث جودته وأصالته، دون الانتباه لم يقدمه البحث من إضافة، وطريقة تناوله وقوة منطقه، وهذا ما ينتج أبحاثًا كثيرة من حيث الكم، خالية من حيث الكيف، وهذا ما أشار إليه قبل ذلك طيب تزيني. وفشل النخبة في أنتاج نمط معرفي واقعي ينطلق من الواقع ومشكلاته، ويعمل على سد احتياجات الواقع، يُخلي الوعي الجمعي للخطابات الدينية التي تعمل على بناء الوعي وفق مصالحها، فتسيطر جماعات الإسلام السياسي والجماعات الجهادية على الشارع وتقود الوعي، وتُعلن نفسها حارسة على الوعي، وهذا ما ظهر عند إعلان تأسيس مؤسسة تكوين الفكر العربي في مصر، وتصويرها كمؤسسة داعية للإلحاد، وخرج رد الفعل العنيف عليها وحملات التشويه من مشاركتها في صياغة الوعي الجمعي، وهو ما يُقلق الجماعات الإسلامية، ويخرج الوعي من سيطرتها. من أين يبدأ التغييـر؟ أي تغيير هو تغيير في بنية الوعي، وإذا كان الحديث عن التغيير جادًا فإنه يبدأ من المؤسسات العلمية والمعرفية المسؤولة عن بناء الوعي، ومن النخبة، فالنخبة العربية تكتفي بلوم الشعوب وربما إهانتها واتهامها؛ فمن يزعمون انطلاقهم من الخطاب الإسلامي ورجال الدين يتهمون المجتمعات العربية بالفسوق والفجور، ويطالبونهم بالخضوع لخطابهم وقيادتهم باسم الدين والقيادة الروحية التي تضمن لهم صلاح الدنيا والآخرة. وحال المُجددين ورجال الحداثة لا يختلف كثيرًا؛ فهم أيضا يتهمون المجتمعات العربية بالتخلف وعدم أهليتهم للحضارة والعقلانية، وبنفس المنطق يطالبونهم بالخضوع لخطابهم وقيادتهم، ولكن هنا باسم العقل والمنطق والحضارة، والصورة لا تختلف في الطرفين عن بعضهما، فكلاهما ينتج خطاب إنشائي يعلن نفسه كمسؤول عن الواقع وإدارته، ويقدمه في صورة نضالية تجعل المجتمع مدان له، ولا ينظر لرؤيته واحتمالية أهليتها لهذا الواقع الذي يرفضها. لذا أصر على أن التغيير يبدأ بالنخبة التي تكون الوعي، والتي تعلن نفسها كمسؤولة عنه وعن قيادة المجتمع، والاهتمام بالمؤسسات العلمية والإنتاج المعرفي، وكيفيته وليس الاهتمام الكمي فقط. وأعرف أن كلامي هذا يحمل من النظري أكثر منه للعملي، ولكن أظن أن هذا هو دوري أشكلة الرؤى والانطلاق من الواقع، والجزء التطبيقي العملي هو من صميم عمل المؤسسات التي أهدف أن ترى دورها ومهمتها، ومستقبلها كذلك. إصلاح التعليم في الدول التي ظهر فيها التطرف هل يكون (الإصلاح) مفتاح التغيير نحو الحل؟ الإصلاح في عمومه يكون من التعليم، فالعملية التعليمية هي المسؤولة عن بناء الوعي، وتحديد الأفق في المجتمع، فالمنظومة التعليمية التي تعمل بمبدأ المُعلم العارف الذي يملك كافة الإجابة على كافة الأسئلة، وتعامل الطالب كوعاء يجب أن يحفظ ما يُقدم إليه، تنتج عقولًا عاجزة عن الاستقلال في حاجة دائمة إلى مرشد، وتكون سهلة الانقياد، فقد تربت عليه. أما المنظومات التعليمية التي تفهم العملية التعليمية بوصفها عملية بنائية يشارك فيها الطالب رأيه، ويقلب الإمكانات والأسئلة ويساهم في صياغتها، فإنها تنتج عقولًا غير سهلة الانقياد دائمة التساؤل وتسعى عادة نحو الاستقلال. وللأسف الشديد فإن المنظومات التعليمية في البلدان العربية والإسلامية تعمل على الحفظ، وتتعامل مع العملية التعليمية كما يتعامل عامل توصيل الطلبات، أو البريد، ليحمل المُعلم طردًا مكلف بتوصيله إلى الطالب، لذلك نجد أن المُعلم لا يُمانع أن يغني ويرقص غاية أن يحفظ الطالب المعلومة. والعملية التعليمية في مجتمعاتنا اليوم لا تهدف لشيء غير اجتياز الامتحان، ومن ثم فهي تنتج ممتحنين جيدين ورائعين، ولكنها عاجز عن إنتاج كوادر تغطي احتياجاتها، وفقدت الشهادات العلمية قيمتها لأنها لم تعد تعبر عن أهلية صاحبها للتفكير.لذلك أؤكد القول بأن إصلاح التعليم هو الطريق نحو الحل، وبناء أفق متعدد الرؤى منفتح على الجميع، والإصلاح هنا يعني الإصلاح الكيفي ودخول الطالب ضمن المعادلة التعليمية، ليكون له دور ويربى على إمكانية الخروج عن الأطر وإنتاج ما هو جديد، والخروج من دور المُتلقي التائه الذي في حاجة دائمة إلى الإرشاد، لأن مثل هذه الذهنية سهلة الانقياد لخطاب التطرف، وذلك لبراعته في لعب دور المُرشد.والمؤسسات التعليمية لا يمكنها أن تنتج الإبداع، بيد أن براعتها تكمن في احترامه، ومؤسساتنا التعليمية تقدس الإتباع والخضوع، وهي أمور تحتاج الثقافة الإسلامية والعربية مراجعتها. إلى أي حد تجد الخطاب السائد حاليا خطاب عقل؟ في الواقع لا أستطيع أن اتهم الخطاب السائد حاليًا أو ابرأه في الوقت نفسه، ولا أستطيع أن انفي انتمائي إلى هذا الخطاب، فأنا مصري عربي أنطلق من مشكلات وأزمات ومجتمع، ومن أفق هذا الخطاب، وأصر دائمًا على الحاجة إلى النقد والمراجعة الدائمين، فالنقد هو ما يضمن سلامة البناء، والمُراجعة هي ما تُعيد بوصلة أي خطاب، وللأسف الشديد الخطاب المعاصر يحركه الدفاع أكثر مما يحركه أي شيء آخر، ويسعى للحضور الندي أمام الحضارة المُسيطر، ويعمل على استهلاك التراث والحداثة ليثبت حضوره الندي بأي شكلٍ ما كان.وحالة الانهزام الحضاري والسياسي التي يعيشها الواقع العربي تمكن الخطابات الأصولية من الحضور القوي في المجتمعات العربية، فبعد أحداث السابع من أكتوبر نشطت الجماعات الأصولية بصورة ملحوظة، مُستغلة في ذلك المسألة الفلسطينية، والضغط من خلالها على المجتمعات، واتهام الحكومات بالتواطؤ والعمالة، وهي ثغرة وجدت فيها إمكانية الحضور من جديد. وتحضر الجماعات الأصولية عادة من طريق المشروع الندي المناهض للحضارة السائدة، والرافض للاستبداد الأمريكي وحالة الهيمنة الدائمة. وهذه الصورة من الخطاب المُهدد الذي يقف عند حدود الإنشائية ولا يتجاوز إطارها إلى الدور البنائي، والانطلاق من مشكلات الواقع وأزماته، تنشغل بالتأكيد على فكرتها أكثر من دراستها، والبحث عن أبعادها الواقعية وإمكانية حضورها الفعلي، ومن ثم فهو لا يعبر عن الواقع ولا يعد ذي نفع على المجتمع، بل ربما يمثل عقبة أمامه. في ظل ما يجري من أحداث متسارعة في العالم العربي هل يمكننا تحديد رؤية للمستقبل القريب والبعيد؟ في ظني المُستقبل القريب أو البعيد بالنسبة للشرق الأوسط معروف؛ فهذه المجتمعات تقف موضع المفعول به، وأقصى ما تتمناه أن تختار سيدًا أفضل من الآخر، يؤسفني أن أجد مسألة الحضور الفعلي والمساهمة في بناء الحضارة أبعد من الأفق العربي المعاصر. والواقع فإن الدور السلبي لمجتمعات ودول الشرق الأوسط يجعل حاضرها مثل ماضيها، مثل مستقبلها، يجعل حلم الوحدة العربية حلمًا يتلاشى كل يوم عن الآخر، ومسألة الحضور الحضاري تبعد كل يوم عن الآخر، وتقف هذه المجتمعات في موقف المُستهلك للحضارة ولا تتعداه، ومن ثم فإننا لا ننتظر منها شيء.صحيح أن الأحداث متسارعة وتوضح تهالك الدول العربية، ولكنها لا تُحدث تغييرًا فعليًا ما لم تكن إرادة عربية لذلك، وكما ذكرت تقف الإرادة العربية عند تحديد من تتبعه. ولا أنتظر تغييرًا فعليًا في العالم العربي ما لم يكن هناك تغيير في بنية الوعي، وينطلق التغيير في بنية الوعي، من تحديد الوعي العربي وكيفية عمله، وكيف يمكن تغييره وما الذي يحتاجه، وهو لا يحتاج لشيء في رؤيتي أكثر من الاستقلال. من سقوط بغداد 2003 إلى سقوط دمشق 2024 كيف تقرأ ما حدث؟ لا أرى أن وصف السقوط لم حدث في سوريا دقيق بم يكفي، وكذا أيضا لا أرى وصف التحرير دقيق بم يكفي، فكلاهما في نظري لا يصفون حالة الوضع السوري، فالوضع السوري انتقل من وضع لوضعٍ مشابه على نفس المستوى، ولكن بمرجعية مُختلفة. لا ننكر أن الأسد كان طاغية قتل الآلاف من شعبه وشرد الملايين من أجل تشبثه بالسلطة، وساعدته إيران على ذلك لم بينهما من مرجعية شيعية واحدة. ولا تحمل جبهة تحرير الشام رؤية مختلفة، ولكنها تحمل مرجعية مختلفة، فهي لا تقبل بتعدد الأحزاب والسلطات، وترى منطق السيادة ولكن بمرجعية سنية، وهذا ما ظهر من إعلانهم عودة دولة بني أمية. وتظهر الصورة الندية والمشابهة للنظامي الأسد والشرع فيما حدث مع العلويين والمسيحيين كذلك، وما حدث من هدم تمثال الشهداء في حلب، ونزع السيف من تمثال صلاح الدين تمهيدًا لهدمه، وهو أمر مفهوم وليس جديد على الإدارة الحالية صاحبة المرجعية الجهادية، التي ترى في الفن خطيئة دينية، وترى في التماثيل أصناما كتلك التي كانت في شبه الجزيرة العربية في الجاهلية.والمُشكل الرئيس في السياق العربي هو عدم إيمانه بتعدد الرؤى، ويرى الأمور عادة من ثنائية الحق والباطل، وكذا هو الوضع السياسي عادة؛ فلا يوجد إيمان بضرورة التعددية الحزبية ومنطق تبادل السلطة، وعدم الاستبداد بالسلطة، لذا تأتي السلطة عادة معلنة نفسها بوصفها الحق والسيادة والوطنية، وترفض أي رؤى مختلفة وتتهمها بعدم الوطنية، وفي حال الإسلام السياسي تتهمها بعدم الإيمان. وينعكس هذا على الوضع السياسي العربي، فعندما تسمح الظروف بوجود فراغ سياسي يمكن أن تتم من خلاله تجربة سياسية جديدة، يظهر الفريق الآخر وفي حالنا يكون الإسلام السياسي كما نرى، ويعلن نفسه بوصفه البديل الوحيد والند للسلطة السابقة التي يرفضها المجتمع. ونجح الإسلام السياسي في أن يطرح نفسه بديلًا فور وجود مساحة للتداول السلطة، ويرجع هذا في ظني إلى سرية عمله وتنظيمه، وربما اتفاقاته مع السلطة الحاكمة في العديد من الأحيان. والسقوط الفعلي لسوريا كان بوجود الأسد بعد قتل شعبه وتهجيره علنًا، فمن أجل شخص واحد طاغية تشرد شعب بأكمله، ولا يعنى هذا أن دخول الشرع قصر الرئاسة تحريرًا لسوريا، فهو انتقال على نفس المستوى ولكن مختلف الاتجاه. وأقول بكل وضوح أني لستُ مطمئنًا على المستقبل السوري، أو العربي، فكلاهما ينحدر نحو الجهل،والتعصب، والتطرف، والاستبداد.وصحيح أننا لا يمكن ان نحكم على التجربة السورية وهي في طور النشء بعد، ولكن لنا تجارب مع الإسلام السياسي في المنطقة العربية، ومراوغته وأساليبه المعتادة للحفاظ على السلطة والسعي لها، ويرى البعض أن ما حدث فتح الباب على الممكن الذي لم يكن مفتوحًا في عصر الأسد، ولكني أتوقع وأخشى أن يُغلق عما قريب مع الإدارة الحالية، ومن كل قلبي أتمنى ان يخطئ توقعي. وعن رؤيتي للوضع من سقوط بغداد 2003 إلى تولي التيارات الإسلامية السلطة في دمشق 2024، فإنني أرى أن الوضع العربي يزداد سوءً يومًا بعد الآخر، وتصرف أمريكا في الشرق الأوسط كمالكة له ليس جديدًا، بل إن دول الشرق الأوسط تسعى جاهدة نحو التحالف مع الوليات المتحدة الأمريكية، ولا أرى في الاتفاق الأمريكي مع الشرع على خروج الأسد والصعود مكانه جديدًا على المجتمعات العربية، فهذا ما نراه كل يوم في العالم العربي. ولا يمكن ان ننكر الضعف الملحوظ للدول العربية، خاصة السياسي، فالوضع العربي اليوم في حالة عجز وضياع عن سابقه. وأقول وأكرر أنه لا جديد وأقول وأكرر أنه لا جديد من حيث المواقف ورد الفعل، وبنية الوعي للأسف الشديد، فسقوط العراق 2003 وتولي الشرع السلطة 2024 باتفاق أمريكي حدثان لا يختلفان في منطقهما، من حيث السيطرة الأمريكية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store