
"جرش" يحتضن مشاريع إنتاجية صغيرة تعبق برائحة التراث
اضافة اعلان
جرش- للمرة الثامنة على التوالي، تشارك وحدة تمكين المرأة في مهرجان جرش للثقافة والفنون، من خلال بلدية جرش الكبرى التي تعمل جاهدة على دعم سيدات المجتمع المحلي وتطوير وتنمية مواهبهن في المشاريع الخاصة التي تمولها الوحدة وتشرف على عملها بشكل مباشر، ولا يقل عددها عن 120 مشروعا من داخل محافظة جرش وممثلين من مختلف محافظات المملكة.وتعتبر السيدات المشاركات في المهرجان، أنه من أفضل وأكبر الفرص التسويقية التي توفر لهن العرض والموقع والحضور الكبير والتشبيك مع الجهات المصدرة والمنتجة، فضلا عن فرصة تسويق المنتجات بأسعار مناسبة، وشهرة المنتج على المستوى المحلي والعربي والدولي من خلال الجهات الإعلامية المتخصصة والعالمية التي تغطي فعاليات المهرجان.وتعيل هذه المشاريع الأسر التي تقوم عليها من خلال الإنتاج والتسويق، وتختلف الأنماط الإنتاجية وفق موهبة وقدرات كل سيدة، فمنهن من تنتج الأطعمة بمختلف أنواعها وأبرزها المربيات والمخللات ومنتجات الألبان والأعشاب الطبية والمقدوس والمجمدات، وأخريات يعملن في الإكسسوارات وصناعة الصابون ومواد التجميل وصناعة الملابس التراثية والحرف والفنون، والمهن المختلفة كالرسم على الخشب والرسم على الزجاج والنحت وإعادة التدوير، ومنهن من يصنعن المواد الغذائية داخل الموقع مباشرة.وتعتبر المنتجة جمانا الكردي، أن مهرجان جرش من أكبر وأضخم المهرجانات التي تتيح لهن الفرصة لعرض وتسويق المنتجات التي تتخصص فيها كل سيدة، فضلا عن ان المهرجان يفتح لهن فرصة التشبيك مع منتجين ومصدرين وإعلاميين لعرض هذه المنتجات على مستوى محلي وعربي وعالمي.وأوضحت أنها تحرص على المشاركة في المهرجان منذ سنوات طويلة، لما يتمتع به المهرجان من حضور كبير وقوي وتسويق عالمي وشهرة تستقطب زوار من مختلف دول العالم لحضور برنامج إحتفالات ضخم، فضلا عن مدة المهرجان وهي مدة مناسبة لتنفيذ خطة متكاملة في تسويق المنتج الجرشي.بدورها أكدت المشاركة مريم فريحات، أنها تحرص منذ عدة سنوات على المشاركة في المهرجان لضمان تسويق جزء كبير من منتوجاتها الغذائية التي تتخصص فيها، لاسيما وأن المهرجان فرصة تسويقية مناسبة لعرض منتجاتهم وبيعها بأسعار مناسبة، والتخلص من حالة الكساد التي تمر بها المنتجات نظرا للظروف السياسية والإقتصادية التي تؤثر على الإقليم وإنعاكساتها السلبية على قطاع السياحة، لاسيما وان المنتجين والحرفيين يعتمدون على السياحة في تسويق منتجاتهم.وأشارت فريحات أن أهم مطالب منتجين جرش هو تسويق مشاركتهم بالمهرجان وزيادة عدد طاولات العرض لهم وتوفير تجهيزات مناسبة في الموقع مثل غازات وأفران مجهزة لضمان تجهيز الطعام والحلوى الشعبية داخل الموقع دون التأثير على طبيعة حجارة الموقع الأثري.وتعتقد أن مشاركة مشاريع تمكين المرآة في مهرجان جرش بمثابة دعم مباشر لهذه المشاريع وضمان تسويق منتجها وتطويره وتحديثه، خاصة وأن عدد زوار المهرجان تراجع في السنوات الأخيرة والإقبال على ما تبقى منها متواضع، مقارنة بحجم زوار مهرجان جرش والسمعة التي يتمتع بها المهرجان.أما المنتجة أم حمزه قوقزه، فهي تحرص منذ عشرات السنينن على المشاركة في فعاليات المهرجان ويساعدها 7 من أفراد أسرتها في صناعة المعجنات والفطائر والحلوى الشعبية مثل الزلابية والإقراص، والتي تعدها أمام الزوار مباشرة وتقدم ساخنة لهم مع الحرص على تجهيز الشاي على الحطب.وعادة في أيام المهرجان يصطف الزوار على الدور أمام طاولة الستينية أم حمزة لتذوق المنتجات التي تعد بدقة وحرفية عالية وجودة ونظافة وإتقان، حتى يكتسب منتجها شعبية كبيرة وتسويق واسع، نظرا لطبيعة العرض وطريقة الإنتاج التي تعيد الزوار إلى زمن الطفولة وتسترجع ذكريات بعيدة كانت تحرص الجدات والأمهات على إعدادها قبل سنوات طويلة.بدورها تقوم بلدية جرش الكبرى بضمان مشاركة السيدات المنتجات الجرشيات في المهرجان وتقدم لهن كافة أشكال الدعم الفني واللوجستي وتقدم الخدمات كافة اللازمة لهن داخل الموقع، إلى جانب تعريفهن بطريقة التسويق والتواصل والتشبيك مع مختلف فئات زوار المهرجان والاستفادة من مدة المهرجان في تسويق المنتج الجرشي عربيا وعالميا.وتهدف وحدة تمكين المرأة إلى دعم مشاريع السيدات الصغيرة التي تدار من داخل المنازل وتوفر مصادر رزق ثابتة لهذه الأسر وتدعمها ماديا ومعنويا وتشرف عليها، وتحاول البلدية تطويرها على الدوام لضمان استمراريتها، لا سيما أن هذه المشاريع نافذة مهنية حرفية يتم العمل فيها بدقة وحب وإبداع وفن مميز يليق بالإرث التراثي والأثرية والتاريخي والسياحي لمدينة جرش.وتشارك وحدة تمكين المرأة في بلدية جرش الكبرى بحوالي 120 طاولة عرض مبدئيا ويشاركهم حرفيين ومهنيين من مختلف محافظات المملكة، تتنوع وفق منتجات كل مشروع في مهرجان جرش للثقافة والفنون في نسخته الـ39، والوحدة تشارك في المهرجان للسنة الثامنة على التوالي، وستقوم السيدات هذا العام بعرض منتوجاتهن الغذائية ومشغولاتهن من الحرف اليدوية والتراثية والتقليدية، والمطابخ التي صنعت من قبل أعضاء تمكين المرأة. وتهدف هذه المشاريع إلى تحقيق الأثر الاقتصادي على سيدات المجتمع المحلي المشاركات في البازار وعائلاتهن، وتحقيق مكاسب ربحية من خلال بيع المنتجات مباشرة لزوار المهرجان، وبذلك يتم تحقيق فرصة الاستقلال المالي للنساء وتطوير مهاراتهن الحرفية وزيادة المشاركة الاقتصادية لهن في سوق العمل.ويعد المهرجان فرصة للسيدات لعرض منتجاتهن في البازار الذي يقع في الساحة الرئيسية في مدينة جرش، ويتوجه إليه الزوار عند دخول الموقع لتذوق المنتجات الجرشية، وخاصة الغذائية منها، التي تتميز بها محافظة جرش ويطلبها الزوار من كل صوب وحدب، خاصة المغتربين الذين يحرصون على شراء المونة الجرشية.واعتاد زوار المهرجان على وجود السيدات المنتجات في كل زوايا المهرجان، وتحت الأعمدة وبجانب الأحجار الأثرية الكبيرة، ومنهن من يعددن الطعام والحلوى الشعبية ومنهن من يجدن صنع الملابس والاكسسوارات التراثية التي لا يمكن إيجادها إلا في أروقة المهرجان سنويا، فضلا عن التسوق مباشرة من دون وساطة من داخل الموقع بأسعار رمزية بالكاد تغطي تكاليف العمل، إلا أن الهدف هو تسويق المنتج الجرشي عربيا وعالميا حتى يبقى الإنتاج تراثا وثقافة وحضارة ترتبط بالمدينة الأثرية وبالمهرجان ارتباطا وثيقا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 2 ساعات
- رؤيا نيوز
'السياحة' والمفتاح الضائع
جميعنا يعرف أن الأردن يمتلك مقومات سياحية فريدة، من مواقع أثرية وتاريخية وطبيعية ومناخ معتدل، مدعومة باستقرار سياسي واقتصادي وأمني، ولكن علينا في المقابل ورغم هذا الغنى، أن نعترف بأن القطاع السياحي لدينا ما زال يفتقد عنصر الترفيه الحيوي، الذي يبحث عنه الزوار أيضاً، فهل هناك من يقرع جرس الترفيه؟ ولماذا تنشط المزاودات عليه دائماً؟ أولاً، لنتفق على أن السياحة ترتبط بأمزجة الزائرين، فمنهم من يحب زيارة المواقع التاريخية، أو الأماكن الطبيعية النادرة، أو يسعى للعلاج، أو للاستمتاع بطقس مميز، غير أن جزءاً كبيراً من هؤلاء يبحثون أيضاً عن الترفيه، من حفلات ومهرجانات وكرنفالات ومعارض، وهي العناصر التي لا تزال غائبة عن المشهد السياحي لدينا، وما زال مفتاحها مفقوداً. ولنأخذ العقبة مثالاً، فبالرغم من توفر الفنادق الفاخرة وبرك السباحة والبحر والشمس الدافئة، فإن الزائرين لا يجدون ما يملؤون أوقات فراغهم بعد غروب شمسها، وهذا ما يجعلنا نخسر 'ميزة تنافسية' أمام دول مجاورة طورت هذا النوع من السياحة ووضعت الترفيه في صدارة مشهدها السياحي. ولا يمكن أن نتحدث عن هذا النقص دون أن نقر بأن القطاع السياحي الأردني، رغم هذا النقص، يحقق مؤشرات أداء قوية ومتصاعدة، فقد ارتفع عدد الزوار إلى 3.29 مليون زائر في النصف الأول من 2025، بنسبة نمو 18٪، وبلغ الدخل السياحي 2.167 مليار دينار بزيادة 16٪، هذه الأرقام تؤكد أن الرؤية الاقتصادية للقطاع بدأت تؤتي أكلها. هذه النجاحات، رغم أهميتها، لا تكتمل دون تطوير البعد الترفيهي في التجربة السياحية بالمملكة، فالسائح الذي يزور البترا أو وادي رم أو البحر الميت، يبحث أيضاً، بعد أن تجول في هذه المواقع وتمتع بأجوائها، عن مهرجان موسيقي، وعرض فني، وتجربة تسوق نابضة، و فعالية ترفيهية وشبابية وحماسية تترك انطباعاً دائماً لديه وتشجعه على العودة. خلاصة القول، رغم كل الاستراتيجيات والخطط الهادفة إلى جعل الأردن وجهة سياحية مميزة، إلا أن 'الترفيه' لا يزال الغائب الأكبر عن هذه الجهود، وهو الغائب الذي لا يحتاج الى بنية صلبة بقدر ما يحتاج إلى إرادة مرنة وخيال واسع، والشراكة بين القطاعين، والابتعاد عن المزاودات وخلط الحابل بالنابل، فهل آن الأوان لقرع جرس 'سياحة الترفيه' والبحث عن المفتاح الضائع؟.


الغد
منذ 2 ساعات
- الغد
منتدون يناقشون "فلسطين في الشعر العربي القديم"
عزيزة علي اضافة اعلان عمان– في ندوة أدبية نظمها مركز "تعلم واعلم" للأبحاث والدراسات بعنوان "فلسطين في الشعر العربي القديم"، قدم الدكتور عبد الحميد المعيني قراءة معمقة في حضور فلسطين في القصيدة العربية القديمة، متتبعا صورها الجمالية ورموزها التاريخية، من الجاهلية حتى العصور الإسلامية.واستعرض المعيني نماذج شعرية من المتنبي، والبحتري، وعدي بن الرقاع، مسلطا الضوء على سردية شعرية فلسطينية تستحق التأمل والتوثيق.وتحدث المحاضر في الندوة، التي أدارها الدكتور أحمد ماضي، أول من أمس، وأقيمت في رابطة الكتاب الأردنيين، عن كتابه "فلسطين في الشعر العربي القديم"، الذي يعمل على تأليفه وجمع مواده في خطوات متتابعة ومترابطة، ويعد جزءا من مشروع "ديوان الإبداع الشعري الفلسطيني: جمعا وتوثيقا".ويتناول الكتاب موضوع المكان والإنسان في الشعر العربي، من حيث المضامين والرؤية والجماليات، كما يطرح ملاحظات وتساؤلات تتصل بتجليات القضية الفلسطينية في الشعر العربي عبر العصور. وأوضح المعيني أن هذا العمل يأتي ضمن مشروع السردية الشعرية الفلسطينية، التي نسجت عبر سنوات طويلة دفاعا عن فلسطين وقضيتها.ويقدم الكتاب شواهد شعرية من قصائد عدد من كبار الشعراء العرب، منها قصائد المتنبي التي تناول فيها طبرية وبحيرتها، وقصائد البحتري التي تناول فيها مدينة يافا وأسطولها البحري، إضافة إلى القصائد التي عبر فيها عن القدس والمسجد الأقصى المبارك.ويضم كتاب "ديوان الإبداع الشعري النقدي الفلسطيني القديم" مجموعة غنية من النصوص، تشمل أكثر من 100 شاعر وشاعرة، وما يزيد على 200 قصيدة ونص شعري، وتغطي 30 موقعا فلسطينيا بارزا. كما يحتوي على أكثر من خمسة آلاف بيت من الشعر، إضافة إلى توثيق مئات الشخصيات من شعراء وعلماء وفقهاء وغيرهم، ممن ارتبطت أعمالهم بالقضية الفلسطينية ومكانتها في الوجدان العربي.وأضاف المحاضر أن هذا الكتاب يمثل بداية صحيحة وصالحة لتوثيق الإرث الشعري في فلسطين، رغم ضياع جانب كبير من هذا الشعر الذي ضل طريقه ولم يصل إلينا. وأوضح أن الشعراء الذين تضمهم هذه الدراسة، ينقسمون إلى فئتين: الوافدون مثل المتنبي، البحتري، الفرزدق وغيرهم، والمقيمون من أهل فلسطين، مثل عدي بن الرقاع العاملي، الذي يعد من أبرز الشعراء والنقاد الذين أنبتتهم بيئة الشام في العهد الأموي.كما تناول المحاضر سيرة الشاعر التهامي أبو الحسن علي بن محمد، خطيب الرملة وشاعرها، والشاعر إبراهيم الغزي الذي عبر في شعره عن "غزة الشموخ، والبطولات، التصدي، التحدي، الشهداء، الجرحى، الأسرى، الحنين واليقين". وكذلك تناول شخصية إبراهيم بن أبي عبلة المقدسي، الشاعر والعالم، والفقيه رجاء بن حيوة الكندي، الذي عرف بسيد أهل فلسطين ومستشار الخلفاء الأمويين.ورأى المحاضر أن هؤلاء الشعراء، سواء من الوافدين أو من أبناء فلسطين، أحبوا هذه الأرض، وأقبلوا عليها، وتنقلوا بين مدنها وقراها، وأقاموا فيها، وسجلوا لها في أشعارهم لوحات فنية بديعة. وبذلك، فقد زادوا فلسطين عشقا وألقا، كما زادتهم هي بهاء وتألقا.وعن موضوعات هذا الشعر وجمالياته، أوضح الدكتور المعيني، أن الكتاب يتناول حقبة زمنية تمتد على مدى ستة قرون، من العصر الجاهلي حتى الحروب الصليبية، متتبعا التحولات الشعرية والفكرية خلال هذه الفترة.وأشار إلى أن الكتاب يعالج موضوعات شعرية جديدة لم يسلط عليها الضوء من قبل، مثل: "شعر المدينة ويشمل، مدن العواصم، المدن العرائس، المدن الساحلية وغيرها. شعر البحر والنهر والسواحل والأغوار. شعر المال، ودور سك النقود. شعر التجارة والصناعة والأسواق".وبين أن هذه الموضوعات وغيرها ترسم ملامح المشهد الشعري والنقدي والثقافي والحضاري لفلسطين، مؤكدا أن هذا التنوع يبرز ثراء الشعر الفلسطيني وعمق تفاعله مع محيطه.وقال المحاضر إن الكتاب يكشف عن ظواهر أدبية وفنية مهمة، من أبرزها أن "فلسطين كانت وما تزال بلاد الإبداع الشعري والنقدي في عصورها القديمة"، وأنه من حقها أن تعد موطنا شعريا وبيئة نقدية متكاملة، لها أدبها وشعرها ونقدها وتاريخها الأدبي، تماما كما هو الحال في بلدان عربية عريقة مثل مصر، والعراق، وسورية.ورأى الدكتور المعيني أن فلسطين كانت وما تزال المعبر الرئيس، والموقع المتوسط، والشريان الحيوي للمواصلات والتجارة والعلم والثقافة بين البلاد العربية، قديما وحديثا. ودعا إلى إعادة النظر والتنظير في قراءة تاريخ الشعر العربي القديم عموما، والشعر الفلسطيني خصوصا، مع ضرورة دراسة حيوات الشعراء والنقاد والأدباء، ممن تركوا بصمات واضحة في هذا الإرث الثقافي الرفيع.ثم تحدث المحاضر عن القصيدة العمودية الفلسطينية، مشيرا إلى أنها حظيت باهتمام كبير داخل فلسطين، حيث رددت اسم "فلسطين" وكررته أكثر من عشرين مرة، في تعبير شعري مقصود ذي أبعاد ودلالات عميقة. وأوضح أن لهذا التكرار أثر فني وجماليا ونقديا، إذ ساهم في رسم معالم الصناعة الشعرية الفلسطينية ولوحاتها الإبداعية، كما ساهم في نشر النظرية النقدية الأخلاقية التي برزت في العصر الأموي.وتطرق الدكتور المعيني إلى مشروع "السردية الشعرية الفلسطينية"، موضحًا أنه أنجز حتى الآن أربعة كتب ضمن هذا المشروع، هي: "القدس والقصيدة العمودية: جدل الاسم وجمال الدلالة"، "القدس ترسم صورتها في شعر سعد الدين شاهين: الدلالات والجماليات"، "فلسطين تنسج نهار السنين الستين في شعر حبيب الصايغ: جمال الرؤية"، "فلسطين في الشعر العربي القديم: قراءة في المكان والإنسان".وبين المحاضر أن هذه السردية الشعرية تقدم الشواهد والشهود، والوثائق الأدبية والتاريخية التي تؤكد الوجود الفلسطيني المتجذر، وتظهر الحدود الحادة التي تفصل بلاد الوطن العربي أوطاني، وتثبت الحقوق الفلسطينية في مختلف مناحي الحياة.وأشار إلى أن هذه السردية تمثل ردا أدبيا وثقافيا قويا على رواية الأعداء المحتلين، وتساهم في تفنيد شتات الأنباء والدعاوى الزائفة، وتواجه محاولات طمس الحقائق وإخفاء المدونات الصحيحة والصالحة، التي توثق تاريخ فلسطين وأصالتها وهويتها الحضارية.وأشار الدكتور المعيني إلى بعض القراءات الشعرية المهمة التي تناولها في كتابه، ومن بينها قصائد البحتري، وخاصة قصيدته الفائية في مدينة يافا، وقصيدته الرائية التي خص بها أسطولها البحري.وأوضح أن يافا – بما تحمله من دلالات الحسن والجودة والجمال – كانت بمثابة قافية جمالية تتردد في شعر البحتري، خاصة في مقدماته الغزلية، التي أبرزت حنينا جارفا وشوقا غامرا إلى فتاة تدعى سعدى. ورأى المعيني أن هذه "الحسناء" قد تكون في رمزية شعرية إشارة إلى مدينة يافا نفسها، فاتنة الشاعر، أو ربما إحدى نسائها الجميلات، اللائي مثلن رموزا للجمال والفتنة في وعي الشاعر ووجدانه.وفي هذه القصائد، تتجلى اللحظة الجمالية المقارنة بين حركة الخيول المسرعة في اختراق البر، وبين السفن المندفعة في اختراق أمواج البحر، في صورة بلاغية مذهلة، يعبر عنها البحتري في قوله: "دوافع في اختراق البر موعدها / مدافع البحر من بيروت أو يافا".وتظهر هذه الأبيات كيف احتضنت الصورة الشعرية الصنع البلاغي الرشيق، عبر التشبيه المركب، والإيقاع الحركي الزمني، مع توظيف مفردات شعرية عذبة، وحروف ذهبية الصياغة منحت يافا الجمال والدلال في مشهد شعري أخّاذ.أما القصيدة الرائية للبحتري، فقد وصفها المعيني بأنها بارعة الصورة، ولوحتها الشعرية آسرة الجمال، ساحرة اللغة، عازفة على أوتار الإيقاع، رحبة في معانيها ومبانيها. ويرى أن هذه القصيدة ترسم مشهدا لأسطول بحري فلسطيني قاتل الروم على طول سواحل فلسطين ولبنان وسورية، ويحتمل أن كثيرا من جنود هذا الأسطول كانوا فلسطينيين تمرسوا في الحروب البحرية وصناعة السفن الحربية.وتصور القصيدة معركة بحرية حاسمة في القرن الثالث الهجري، يذكر فيها القبطان أحمد، قائد الأسطول، ومركبه الميمون، والسفن والبوارج والملاحون المحاربون، إضافة إلى أسلحة المعركة وقذائف "الرمانة" شديدة الاحتراق، في مشهد شعري مدهش يجمع بين الإبداع الفني والتوثيق التاريخي.استعرض الدكتور المعيني مجموعة من الشواهد الشعرية المميزة، من أبرزها ما قاله البحتري في وصف الأسطول البحري، في إحدى أروع قصائده الرائية، التي تجسد مشهدا حربيا بحريا نابضا بالحركة والصوت والصورة. ومن أبيات هذه القصيدة:"غدوتُ على الميمونِ صبحًا، وإنّما / غدا المركبُ الميمونُ تحتَ المُظفّرِ/إذا زمجرَ النوتيُّ فوقَ علاتهِ / رأيتَ خطيبًا في ذؤابةِ منبرِوحولكَ ركّابونَ للهولِ عاقروا / كؤوسَ الردى من دارعينَ وحُسرِ/كأنّ ضجيجَ البحرِ بينَ رماحِهم / إذا اختلفتْ ترجيعَ عودٍ مُجرجرِ".وفي سياق آخر، تحدث المعيني عن المتنبي في طبرية، مركزا على ما وصفه بـ"الثلاثيات الشعرية"، إذ قال المتنبي في إحدى قصائده: "وردُ إذا وردَ البحيرةَ شاربًا / وردُ الفراتِ زئيرهُ والنّيلا". مبينا أن هذه القصيدة تميزت بمصطلح "الثلاثيات" الذي تتجلى فيه: "الأسود الثلاثة: الأسد (رمز القوة)، الورد (رمز الجمال)، وحاكم طبرية بدر بن عمار (رمز السلطة). العواصم الثلاث: بغداد، القاهرة، وطبرية. البحار الثلاثة: الفرات، النيل، وبحيرة طبرية.ومن أبيات المتنبي الأخرى التي وصف فيها بحيرة طبرية": "لولادك لم أتركِ البحيرةَ والغورُ / دفيءٌ وماؤهُ شيمُكأنّها في نهارها قمرٌ / حفّ به من جنّاتها ظُلمُ"، مشيرا إلى أن المتنبي أقام في فلسطين أكثر من عشر سنوات، أي ما يعادل ثلث حياته الشعرية والفنية، وتنقل بين طبرية والسواحل الفلسطينية، كما تردد على مدينة الرملة، حاضرة فلسطين في ذلك الزمان.ورغم ذلك، قال المعيني بأسى "إن الباحثين كتبوا كثيرًا عن القصائد الحمدانيات والكافوريات والبغداديات، لكن لم يكتب أحد عن "القصائد الفلسطينيات"، متسائلا: لماذا؟ مع أن هذه القصائد تزيد على الثلاثين قصيدة، وتشكل عيون شعر المتنبي في المديح والوصف والفخر.وعبر المحاضر عن قناعته قائلا: "أرى أن المتنبي كان فلسطيني الهوى، والهواء، والماء، والانتماء، والميناء، والطبيعة الخضراء".وخلص المعيني إلى أن الشاعر الفلسطيني الأصل عدي بن الرقاع العاملي، الذي نشأ في بيئة الشام زمن الدولة الأموية، ويعد الشاعر الوحيد الذي أطلق على القدس تسمية وردت في القرآن الكريم، وهي "الواد المقدس"، حيث قال مخاطبا الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز "على منبر الوادي المقدّس كلّهُ / يروحُ بقولٍ ثابتٍ مُتكلمِ".


رؤيا نيوز
منذ 3 ساعات
- رؤيا نيوز
رئيس قطر للسياحة يشيد بمتحف الأردن وبمستواه المتقدم وتنوع معروضاته
زار رئيس قطر للسياحة سعد بن علي الخرجي، والرئيس التنفيذي لشركة 'زوروا قطر' عبدالعزيز المولوي، والوفد المرافق، اليوم الأربعاء، متحف الأردن، وذلك ضمن برنامج الزيارة الرسمية للوفد القطري إلى المملكة، بدعوة من وزارة السياحة والآثار. ورافقت وزيرة السياحة والآثار لينا عناب، الوفد الضيف خلال الزيارة، حيث قدم مدير عام المتحف المهندس إيهاب عمارين، إيجازاً شاملاً حول المتحف وأقسامه والمقتنيات التي يضمها. وأعرب رئيس قطر للسياحة الخرجي، وأعضاء الوفد عن إعجابهم الشديد بالمستوى المتقدم لمتحف الأردن، وبالأساليب المتنوعة في عرض المقتنيات، التي تتيح للزائر خوض تجربة ثقافية ومعرفية متميزة، وتروي بشكل معاصر قصص الإبداع والتاريخ الأردني. وجال الوفد في أرجاء المتحف، مستعرضاً أبرز محطاته التي توثّق تاريخ الأردن منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، عبر عرض تفاعلي وحديث يُبرز تطور الإنسان والحضارات على أرض الأردن.