logo
ذوبان الأنهار الجليدية يهدد نظما بيئية فريدة

ذوبان الأنهار الجليدية يهدد نظما بيئية فريدة

الجزيرةمنذ 2 أيام

تذوب الأنهار الجليدية بسرعة أكبر من أي وقت مضى في التاريخ المسجل، وتمتد العواقب إلى ما هو أبعد من مجرد اختفاء الجليد الشهير، إلى تهديد النظم البيئية والتنوع البيولوجي الحساس على الكوكب.
وجمعت مراجعة حديثة أكثر من 160 دراسة عبر فريق دولي يضم باحثين من جامعة ولونغونغ الأسترالية وهيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي، مسلطة الضوء على أزمة التنوع البيولوجي الوشيكة في بعض البيئات الأكثر تخصصا وفرادة على وجه الأرض.
وحذّرت الأبحاث من أن فقدان النظم البيئية الجليدية يُحدث تأثيرات سلبية على مستوى الكوكب، تشمل الجليد والمياه والأرض، والكائنات الحية التي لا تُحصى والتي تعتمد عليها.
وتشير التقديرات إلى أن الأنهار الجليدية نفسها آخذة في التقلص بشدة، وأنه بحلول منتصف القرن سيفقد العالم ما يقرب من ثلث الكتلة الجليدية الحالية. ومع تدفق المياه الذائبة إلى الأنهار والمحيطات، تفقد الأنظمة الفيزيائية والبيولوجية توازنها الراسخ.
وقالت شارون روبنسون المؤلفة المشاركة في الدراسة إن "الأنهار الجليدية هي واحدة من الأدوات الأكثر قيمة التي نملكها لفهم صحة كوكبنا، فهي تستضيف تنوعا بيولوجيا فريدا يمتد عبر أزمنة متعددة، لكنها تتراجع مع ارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي، مما يهدد الأنواع المتخصصة ووظائف النظام البيئي والاستقرار".
وتظهر الدراسة أن الحصائر الميكروبية، والطحالب، والحشرات المتكيفة مع البرد، والفقاريات القوية التي تم صقلها على مدى آلاف السنين والتي ازدهرت في بيئات شديدة البرودة فقيرة بالمغذيات تواجه الآن انكماش الموائل أو الاختفاء التام.
وتشير روبنسون إلى أن "تراجع الأنهار الجليدية يُحدث تغييرات في التنوع البيولوجي ووظائف النظم البيئية في عدد لا يُحصى من الموائل المختلفة، إذ تحتوي النظم البيئية الجليدية حول العالم على آلاف الكائنات الحية الدقيقة والنباتات واللافقاريات والفقاريات".
وتؤكد الدراسة أن ذوبان الجليد، يهيئ الصخور العارية والرواسب كموائل جديدة للحياة. وغالبا ما تزدهر الأنواع الرائدة على المدى القصير، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة، تتفوق الأنواع العامة (الوافدة) على الأنواع المتخصصة (الأصلية) التي كانت تُعرّف هذه النظم البيئية في الأنهار الجليدية.
وبذلك تفقد النظم البيئية الجليدية -حسب الدراسة- تنوعها البيولوجي الفريد بمرور الوقت حيث تحل الأنواع العامة والغازية تدريجيا محل الميكروبات والكائنات الحية المتخصصة والرائدة.
وتؤكد روبنسون أن هذا التحول البيئي يؤدي إلى تآكل التنوع البيولوجي العالمي بشكل دائم، فإلى جانب فقدان الموائل المحلية، يُعيد الذوبان المتسارع تشكيل النظام الهيدرولوجي الإقليمي فعادة ما تعمل الأنهار الجليدية كخزانات بطيئة الجريان، تُغذي الأنهار خلال مواسم الجفاف، وتُساعد المجتمعات المحلية على مواجهة الجفاف.
وفي المقابل، يؤدي الذوبان السريع للثلوج إلى إرسال موجات من المياه العذبة التي تؤدي إلى تعطيل النظم البيئية، ورفع مستويات سطح البحر، وتهديد إمدادات المياه.
وبما أن 75% من المياه العذبة على الأرض مُخزَّنة في الأنهار الجليدية، فإن التراجع السريع سيؤدي إلى اختفاء أو اضطراب كبير في العديد من النظم البيئية والأنواع المائية. ويشمل ذلك إمدادات الغذاء، ومناطق البحث عن الطعام، وأماكن التزاوج، وقد يؤدي إلى انقراضات محلية حسب الدراسة.
كما أن مستقبل الثدييات التي تستخدم الأنهار الجليدية ملاجئ أو أماكن للتعشيش غير مؤكد. إذ قد تتآكل الوظائف المميزة للأنهار الجليدية، مما يؤدي إلى آثار طويلة الأمد على النظام البيئي الحساس للكوكب.
ويمكن أن تؤدي التغيرات في تدفق المياه الذائبة أيضا إلى تغيير تيارات المحيطات وأنماط الطقس بعيدا عن الجليد، مما يربط تراجع الأنهار الجليدية بالأحداث المناخية المتطرفة وانهيار مصايد الأسماك في جميع أنحاء العالم.
وقد دفع الاعتراف بهذه التأثيرات بعيدة المدى الأمم المتحدة إلى إعلان عام 2025 السنة الدولية للحفاظ على الأنهار الجليدية، وتهدف المبادرة إلى زيادة الوعي حول دور الأنهار الجليدية في تنظيم المناخ، والدورة الهيدرولوجية، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وتشكل الأنهار الجليدية رموزا ذائبة للتغير الكوكبي، ولكنها أيضا أنظمة بيئية حية تعج بالكائنات الحية التي لا توجد في أي مكان آخر، ومع تراجع الجليد فإن ذلك يؤدي إلى إحداث تأثير الدومينو، من فقدان الأنواع إلى تحولات الطقس مما يؤكد الحاجة إلى حماية الغلاف الجليدي لتلافي كارثة بيئية ومناخية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشرية
التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشرية

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

التنوع البيولوجي بين مخاطر التغير المناخي والأنشطة البشرية

على مدى العقود القليلة الماضية، عانى التنوع البيولوجي العالمي من أزمة، وبينما يحتفل العالم باليوم الدولي للتنوع البيولوجي في 22 مايو/أيار تحت شعار "الانسجام مع الطبيعة والتنمية المستدامة"، تبرز تحذيرات من فقدان نظم بيئية كثيرة فاقم من المخاطر على الكوكب. وتشير منظمة الأمم المتحدة إلى أن الاتجاهات الراهنة السلبية في ما يتصل بالتنوع البيولوجي والنُظُم البيئية تُقوّض التقدم المُحرز في نحو 80% من الأهداف التي تم تقييمها ضمن 8 من أهداف التنمية المستدامة. وتؤكد تقارير المنظمة، أن ثلاثة أرباع النُظُم البيئية الأرضية ونحو 66% من النُظُم البحرية طالها التغيير الجسيم بفعل النشاط البشري، كما أن ما يقارب مليون نوع من الحيوانات والنباتات يواجه خطر الانقراض. ويُظهر تقرير الكوكب الحي الصادر عن الصندوق العالمي للحياة البريّة، أن أعداد الحيوانات البرية تراجعت بمعدل 69% منذ العام 1970، وخصوصا في المناطق الاستوائية. وأدرج الصندوق العالمي للحياة البرية أكثر من 150 ألف نوع على القائمة الحمراء للأنواع المهدّدة بالانقراض، منها أكثر من 42 ألفا معرضة لخطر الانقراض في البريّة. كما يؤكد تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة، أن ما يقارب من ثلث مخزونات الأسماك يتعرض للصيد الجائر، وأن ثلث أنواع الأسماك في المياه العذبة التي تم تقييمها تعتبر مهددة بالانقراض. ويشمل ذلك أيضا 26% من سلالات الماشية. نظام حيوي غالبا ما يُفهم التنوع البيولوجي بوصفه تنوعا في الكائنات النباتية والحيوانية والكائنات الدقيقة، من العوالق إلى الشعاب المرجانية، لكنه يشمل أيضا الفروق الجينية داخل كل نوع، كما هو الحال بين أصناف المحاصيل وسلالات الماشية، إضافة إلى تنوع النُظُم البيئية من البحيرات والغابات والصحارى والأراضي الزراعية، حيث تتشابك أنماط الحياة وتتفاعل بين الإنسان والنبات والحيوان. يؤثر التغير المناخي بشكل كبير على التنوع البيولوجي، لكن الأنشطة البشرية التي يعمقها النمو السكاني وطغيان النزعة الاستهلاكية والتنافس على الموارد على حساب الطبيعة النمو السكاني فاقمت التعدي على النظم البيئية، ما تسبب في تدهور تنوعها البيولوجي الغني وتوازنها الدقيق، مما حد بدوره من قدرتها على تقديم خدمات حيوية للبشرية. يعتمد كل جزء في النظام البيئي على الآخرين مثل لعبة تركيب الصور المقطوعة، ويعتمد أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بشكل معتدل أو كبير، على الطبيعة وخدماتها وتنوعها. من الغابات إلى المحيطات، فالتنوع البيولوجي هو أساس وجود الإنسان واستمراره. كما تعتمد أنظمتنا الغذائية على غنى الطبيعة. يعتمد أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية العالمية على الملقحات، مما يُسهم بمئات المليارات في الإنتاج الزراعي سنويًا، وسيكون للتغيير في درجة حرارة النظام البيئي تأثيرات قاسية على أشياء أخرى، مثل النباتات والحيوانات التي يمكن أن تنمو وتعيش هناك. مخاطر وتحديات ويعاني التنوع البيولوجي من عدة مخاطر رئيسية، محكومة بالأنشطة البشرية ومنها استخراج الوقود الأحفوريّ واستخدامه و بالتغيرات المناخية الناجمة أيضا عن الغازات الدفيئة التي تطلق في الغلاف الجوي وأدت إلى الاحترار العالمي، ومن أبرز هذه المخاطر: ارتفاع درجة حرارة الأرض وتغير أنماط هطول الأمطار وارتفاع مستوى سطح البحر والتصحر والجفاف. الاستغلال المفرط لموارد الطبيعة وتدمير الموائل وقطع الغابات التي تضم تنوعا بيئيا فريدا ومتشابكا. التلوث البيئي بما يشمل التلوث الكيميائي وانتشار البلاستيك والتلوث الضوضائي. الصيد الجائر والتجارة غير المشروعة في الأنواع. الأنواع الغازية بسبب التغيرات المناخية أو الأنشطة البشرية والتي تقضي على الأنواع الأصلية. ورغم أن التغير المناخي يفاقم التدهور البيئي ويقضي على الأنواع. يعتبر التنوع البيولوجي ضروريا للحد من تغير المناخ، فعندما تنتج الأنشطة البشرية غازات الدفيئة، يبقى نحو نصف الانبعاثات في الغلاف الجوي، بينما تمتص الأرض والمحيطات النصف الآخر، وتصبح هذه النظم البيئية، والتنوع البيولوجي الذي تحتويه، بالوعة طبيعية للكربون توفر ما يسمى بالحلول القائمة على الطبيعة لتغير المناخ. وفي إطار الحد من التدهور في الأنواع والحفاظ على التنوع البيولوجي وضعت الأمم المتحدة في ديسمبر /كانون الأول 2022، خطة عالمية تعيد صياغة علاقة البشر بالطبيعة، باعتماد "إطار كونمينغ – مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي" الذي وضع 23 هدفا لعام 2030 و5 أهداف عالمية لعام 2050 من أجل وقف التدهور البيئي وعكس مساره خلال 25 عاما. ومن هذه الأهداف التي يتعين تحقيقها في إطار العمل العالمي، استعادة 20% من النظم البيئية المتدهورة، والحد من دخول أو استقرار الأنواع الغريبة الغازية بنسبة 50%. ورغم عوامل القلق من تدهور التنوع البيولوجي تبرز نقاط إيجابية، منها العمل الدولي المشترك والاستغلال الواسع للتكنولوجيا في كشف مواطن الضرر وتلافيها.

ذوبان الأنهار الجليدية يهدد نظما بيئية فريدة
ذوبان الأنهار الجليدية يهدد نظما بيئية فريدة

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

ذوبان الأنهار الجليدية يهدد نظما بيئية فريدة

تذوب الأنهار الجليدية بسرعة أكبر من أي وقت مضى في التاريخ المسجل، وتمتد العواقب إلى ما هو أبعد من مجرد اختفاء الجليد الشهير، إلى تهديد النظم البيئية والتنوع البيولوجي الحساس على الكوكب. وجمعت مراجعة حديثة أكثر من 160 دراسة عبر فريق دولي يضم باحثين من جامعة ولونغونغ الأسترالية وهيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي، مسلطة الضوء على أزمة التنوع البيولوجي الوشيكة في بعض البيئات الأكثر تخصصا وفرادة على وجه الأرض. وحذّرت الأبحاث من أن فقدان النظم البيئية الجليدية يُحدث تأثيرات سلبية على مستوى الكوكب، تشمل الجليد والمياه والأرض، والكائنات الحية التي لا تُحصى والتي تعتمد عليها. وتشير التقديرات إلى أن الأنهار الجليدية نفسها آخذة في التقلص بشدة، وأنه بحلول منتصف القرن سيفقد العالم ما يقرب من ثلث الكتلة الجليدية الحالية. ومع تدفق المياه الذائبة إلى الأنهار والمحيطات، تفقد الأنظمة الفيزيائية والبيولوجية توازنها الراسخ. وقالت شارون روبنسون المؤلفة المشاركة في الدراسة إن "الأنهار الجليدية هي واحدة من الأدوات الأكثر قيمة التي نملكها لفهم صحة كوكبنا، فهي تستضيف تنوعا بيولوجيا فريدا يمتد عبر أزمنة متعددة، لكنها تتراجع مع ارتفاع درجة حرارة المناخ العالمي، مما يهدد الأنواع المتخصصة ووظائف النظام البيئي والاستقرار". وتظهر الدراسة أن الحصائر الميكروبية، والطحالب، والحشرات المتكيفة مع البرد، والفقاريات القوية التي تم صقلها على مدى آلاف السنين والتي ازدهرت في بيئات شديدة البرودة فقيرة بالمغذيات تواجه الآن انكماش الموائل أو الاختفاء التام. وتشير روبنسون إلى أن "تراجع الأنهار الجليدية يُحدث تغييرات في التنوع البيولوجي ووظائف النظم البيئية في عدد لا يُحصى من الموائل المختلفة، إذ تحتوي النظم البيئية الجليدية حول العالم على آلاف الكائنات الحية الدقيقة والنباتات واللافقاريات والفقاريات". وتؤكد الدراسة أن ذوبان الجليد، يهيئ الصخور العارية والرواسب كموائل جديدة للحياة. وغالبا ما تزدهر الأنواع الرائدة على المدى القصير، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة، تتفوق الأنواع العامة (الوافدة) على الأنواع المتخصصة (الأصلية) التي كانت تُعرّف هذه النظم البيئية في الأنهار الجليدية. وبذلك تفقد النظم البيئية الجليدية -حسب الدراسة- تنوعها البيولوجي الفريد بمرور الوقت حيث تحل الأنواع العامة والغازية تدريجيا محل الميكروبات والكائنات الحية المتخصصة والرائدة. وتؤكد روبنسون أن هذا التحول البيئي يؤدي إلى تآكل التنوع البيولوجي العالمي بشكل دائم، فإلى جانب فقدان الموائل المحلية، يُعيد الذوبان المتسارع تشكيل النظام الهيدرولوجي الإقليمي فعادة ما تعمل الأنهار الجليدية كخزانات بطيئة الجريان، تُغذي الأنهار خلال مواسم الجفاف، وتُساعد المجتمعات المحلية على مواجهة الجفاف. وفي المقابل، يؤدي الذوبان السريع للثلوج إلى إرسال موجات من المياه العذبة التي تؤدي إلى تعطيل النظم البيئية، ورفع مستويات سطح البحر، وتهديد إمدادات المياه. وبما أن 75% من المياه العذبة على الأرض مُخزَّنة في الأنهار الجليدية، فإن التراجع السريع سيؤدي إلى اختفاء أو اضطراب كبير في العديد من النظم البيئية والأنواع المائية. ويشمل ذلك إمدادات الغذاء، ومناطق البحث عن الطعام، وأماكن التزاوج، وقد يؤدي إلى انقراضات محلية حسب الدراسة. كما أن مستقبل الثدييات التي تستخدم الأنهار الجليدية ملاجئ أو أماكن للتعشيش غير مؤكد. إذ قد تتآكل الوظائف المميزة للأنهار الجليدية، مما يؤدي إلى آثار طويلة الأمد على النظام البيئي الحساس للكوكب. ويمكن أن تؤدي التغيرات في تدفق المياه الذائبة أيضا إلى تغيير تيارات المحيطات وأنماط الطقس بعيدا عن الجليد، مما يربط تراجع الأنهار الجليدية بالأحداث المناخية المتطرفة وانهيار مصايد الأسماك في جميع أنحاء العالم. وقد دفع الاعتراف بهذه التأثيرات بعيدة المدى الأمم المتحدة إلى إعلان عام 2025 السنة الدولية للحفاظ على الأنهار الجليدية، وتهدف المبادرة إلى زيادة الوعي حول دور الأنهار الجليدية في تنظيم المناخ، والدورة الهيدرولوجية، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وتشكل الأنهار الجليدية رموزا ذائبة للتغير الكوكبي، ولكنها أيضا أنظمة بيئية حية تعج بالكائنات الحية التي لا توجد في أي مكان آخر، ومع تراجع الجليد فإن ذلك يؤدي إلى إحداث تأثير الدومينو، من فقدان الأنواع إلى تحولات الطقس مما يؤكد الحاجة إلى حماية الغلاف الجليدي لتلافي كارثة بيئية ومناخية.

دراسة: ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي لهجرة داخلية كارثية
دراسة: ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي لهجرة داخلية كارثية

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

دراسة: ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤدي لهجرة داخلية كارثية

حذّرت دراسة جديدة من أن ارتفاع مستوى سطح البحر سيصبح غير قابل للسيطرة عند ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية فقط، وسيؤدي إلى "هجرة داخلية كارثية". وقد يتحقق هذا السيناريو، حتى لو استمر متوسط ارتفاع درجة الحرارة خلال العقد الماضي، البالغ 1.2 درجة مئوية في المستقبل. وخلصت الدراسة الجديدة، المنشورة في مجلة "اتصالات الأرض والبيئة"، إلى أن "استمرار فقدان كتلة الصفائح الجليدية يشكل تهديدا وجوديا لسكان المناطق الساحلية في العالم" بناء على تحليل بيانات تخص فترات دافئة تعود إلى ما قبل 3 ملايين سنة، وملاحظات ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر في العقود الأخيرة، ونماذج المناخ. وتضاعف فقدان الجليد من الصفائح الجليدية العملاقة في غرينلاند والقطب الجنوبي 4 مرات منذ تسعينيات القرن العشرين بسبب أزمة المناخ، وهو الآن المحرك الرئيسي لارتفاع مستوى سطح البحر. وحسب دراسة حديثة، فإن الغطاء الجليدي في غرينلاند يفقد في المتوسط 30 مليون طن من الجليد كل ساعة جراء الاحتباس الحراري وأزمة المناخ، وهو ما يزيد بنسبة 20% عما كان يعتقد سابقًا. ويعمل المجتمع الدولي على إبقاء ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون 1.5 درجة مئوية، لكن التحليل الجديد وجد أنه حتى لو خفِّضت انبعاثات الوقود الأحفوري بسرعة لتحقيقه، فإن مستويات سطح البحر سترتفع بمقدار سنتيمتر واحد سنويا بحلول نهاية القرن، وهو معدل أسرع من قدرة بناء الدول لدفاعاتها الساحلية. ويتجه العالم نحو ارتفاع درجة حرارة الأرض بما يتراوح بين 2.5 و2.9 درجة مئوية، وهو ما سيتجاوز بالتأكيد نقاط التحول التي ستؤدي إلى انهيار الصفائح الجليدية في غرينلاند وغرب القارة القطبية الجنوبية، وسيؤدي ذوبان هذه الصفائح الجليدية إلى ارتفاع "خطر للغاية" في مستوى سطح البحر بمقدار 12 مترا. ويعيش اليوم نحو 230 مليون شخص على ارتفاع متر واحد فوق مستوى سطح البحر الحالي، ويعيش مليار شخص على ارتفاع 10 أمتار فوق مستوى سطح البحر. وتيرة متسارعة وتشير الدراسة إلى أنه حتى وإن ارتفع مستوى سطح البحر بمقدار 20 سنتيمترا فقط بحلول عام 2050، فإنه سيؤدي إلى أضرار فيضانات عالمية لا تقل قيمة أضرارها عن تريليون دولار سنويًا في أكبر 136 مدينة ساحلية في العالم، مما سيترك تأثيرات هائلة على حياة الناس وسبل عيشهم. ومع ذلك، أكد العلماء أن كل جزء من الدرجة من الاحتباس الحراري العالمي الذي يمكن تجنبه من خلال العمل المناخي لا يزال مهما، لأنه يبطئ ارتفاع مستوى سطح البحر ويمنح مزيدا من الوقت للاستعداد، مما يقلل من المعاناة الإنسانية. يعد ارتفاع مستوى سطح البحر أكبر الآثار طويلة المدى لأزمة المناخ، وقد أظهرت الأبحاث في السنوات الأخيرة أنه يحدث بوتيرة أسرع بكثير من التقديرات السابقة. وكان ينظر إلى حد 1.5 درجة مئوية كوسيلة لتجنب أسوأ عواقب الاحتباس الحراري، لكن الأبحاث الجديدة تظهر أن هذا لا ينطبق على ارتفاع مستوى سطح البحر. ويرى الباحثون أنه من الصعب تقدير درجة حرارة "الحد الآمن" للصفائح الجليدية، ولكن من المرجح أن تكون درجة مئوية واحدة أو أقل. وأضافوا أن ارتفاع مستوى سطح البحر بما لا يقل عن متر إلى مترين أصبح أمرا لا مفر منه. وقال البروفيسور جوناثان بامبر من جامعة بريستول بالمملكة المتحدة والمشارك في الدراسة: "ما نعنيه بالحد الآمن هو الحد الذي يسمح بمستوى معين من التكيف، بدلًا من الهجرة الداخلية الكارثية والهجرة القسرية، والحد الآمن هو حوالي سنتيمتر واحد سنويا من ارتفاع مستوى سطح البحر". وحسب بامبر إذا وصل الأمر إلى هذا الحد، فسيصبح أي نوع من التكيف صعبا للغاية، وسنشهد هجرة هائلة على نطاقات لم نشهدها من قبل في الحضارة الحديثة، مشيرا إلى أن الدول النامية مثل بنغلاديش ستكون أسوأ حالا بكثير من الدول الغنية ذات الخبرة في كبح الأمواج، مثل هولندا. أسوأ السيناريوهات من جهته، قال البروفيسور كريس ستوكس من جامعة دورهام والمؤلف الرئيسي للدراسة: "بدأنا نشهد بعض أسوأ السيناريوهات تتحقق أمام أعيننا تقريبا. فمع ارتفاع درجة الحرارة الحالي بمقدار 1.2 درجة مئوية، يتسارع ارتفاع مستوى سطح البحر بمعدلات، إذا استمرت، ستصبح عصية على الإدارة تقريبا قبل نهاية هذا القرن". وبلغ متوسط درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية لأول مرة عام 2024. ولكن الهدف الدولي يقاس بمتوسط 20 عاما، لذا لا يعتبر أنه تم تجاوزه بعد. من جانبها، قالت البروفيسورة أندريا داتون من جامعة ويسكونسن ماديسون، التي شاركت في الدراسة إن "الأدلة المستمدة من فترات الدفء الماضية تشير إلى أنه يمكن توقع ارتفاع مستوى سطح البحر عدة أمتار عندما تصل درجة الحرارة المتوسطة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أو أعلى". حتى لو استطاعت البشرية إعادة الكوكب إلى درجة حرارته قبل عصر الصناعة بإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، فسيستغرق الأمر مئات إلى آلاف السنين حتى تتعافى الصفائح الجليدية. ووفقا للباحثين، إن هذا يعني أن الأراضي المفقودة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر وزحفه على السواحل ستبقى كذلك لفترة طويلة، ربما حتى تدخل الأرض العصر الجليدي التالي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store