
أخبار العالم : في مصر، هل أطاحت المخابرات المركزية بالملك فاروق في يوليو 1952؟
نافذة على العالم - صدر الصورة، APIC/RETIRED
التعليق على الصورة،
خرج الملك فاروق من مصر إلى إيطاليا بعد الإطاحة به عام 1952
Article Information Author, علي هاشم Role, بي بي سي
قبل 2 ساعة
قد يبدو السؤال مريباً بالنسبة لأنصار الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، الرجل الأقوى في حركة الضباط الأحرار التي غيّرت وجه مصر إلى الأبد في ذلك اليوم الشهير من شهر يوليو/ تموز 1952.
لكن كتاباً صدر في لندن قدّم في إطار سرده لقصة التنافس الأمريكي البريطاني على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، قصة علاقة الجاسوس الأمريكي الشهير كيم روزفلت مع الضبّاط الأحرار، وكيف التقى بمجموعة منهم في قبرص.
كان ذلك قبل أشهر من الإطاحة بالملك فاروق، الذي لطالما كان يردد قبل رحلته الأخيرة من الإسكندرية إلى إيطاليا بعد الانقلاب عليه "أن ملوك العالم لن يبقى منهم سوى ملوك ورق الكوتشينة الأربعة وملك بريطانيا".
كل ما تحتاج معرفته عن أبرز التطورات في منطقة الشرق الأوسط يصلك لحظة بلحظة عبر قناتنا على واتساب (اضغط هنا).
الكتاب الذي ألّفه المؤرخ البريطاني الشاب جيمس بار بعنوان "Lords of the Deserts" (سادة الصحراء) يرسم خريطة معقدة للمنطقة العربية وإيران خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات وصولاً إلى أوائل الستينيات.
ويسلط بار الضوء من خلال الوثائق البريطانية والأمريكية التي بحث فيها خلال تأليفه الكتاب، على صراع النفط بين أرامكو السعودية-الأمريكية وشركة النفط البريطانية الإيرانية، وكيف ورّطت لندن حليفتها وخصمها في آن واحد، واشنطن، في عملية "أجاكس" الشهيرة التي أطاحت برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق وثبّتت حكم شاه إيران آنذاك، محمد رضا بهلوي، عام 1953.
صدر الصورة، BETTMANN
التعليق على الصورة،
استولى الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر على السلطة دون مقاومة تذكر
إذاعة صوت العرب
ويحضر عبد الناصر بقوة في صفحات الكتاب، فقد ظهر أولاً كحليف لواشنطن وخصماً للندن، ثم عدواً لكلتيهما. ويتضمن الكتاب شرحاً مع سرد لقصص من تلك المرحلة عن لعبة المساومة التي احترفها الزعيم المصري الراحل بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، وكيف عوضته الأخيرة عن صفقة سلاح بتقديم هدية، هي إذاعة "صوت العرب" التي استخدمت لبث الدعاية السياسية لنظامه إلى المنطقة بأسرها مترافقة مع أغنيات أم كلثوم.
من القصص التي يرويها الكتاب كيف التقى الجاسوس روزفلت وضابط وكالة الإستخبارات الأمريكية الآخر مايلز كوبلاند بعبد الناصر في بيته من أجل تخفيف حدة التوتر مع إسرائيل، وبينما هما في طور الحديث مع مضيفهما، جاء خبر زيارة السفير البريطاني في القاهرة للزعيم، وهنا اضطر الرجلان للصعود إلى الطابق العلوي، ومازح كوبلاند شريكه روزفلت بالقول: "سيكون من الممتع أن نرى ردة فعل السفير البريطاني ونحن نقاطع جمال عبد الناصر لنقول له إن المرطبات في الأعلى قد نفدت".
ومن بين ما يذكره بار في كتابه، أن اللمسات الأخيرة للانقلاب الأمريكي البريطاني على رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق وضعت في فندق سان جورج على الساحل الغربي للعاصمة اللبنانية بيروت، كذلك هوية من شاركوا في الانقلاب، وكيف جرى التدبير له وما سبقه من مفاوضات حول الاتفاقية الإيرانية البريطانية حول حصص النفط، وقول أحد رؤساء شركة النفط الإيرانية البريطانية لدى سؤاله عما يمكن التنازل عنه للإيرانيين: "إذا ما أعطيتم الإيرانيين شبراً فهم سيأخذون ميلاً".
تأسيس إسرائيل
في الفصول الأولى يعود بار إلى مرحلة التأسيس لإسرائيل، وتأثير الانتخابات الداخلية في أمريكا على القرار النهائي بشأن دعم قيام دولة لليهود. في هذا الإطار ينقل الكاتب نوعاً من التردد البريطاني للمضي قدماً بوعد بلفور كما هو، وهو أمر عززه تقرير أمني وصل إلى الوزير البريطاني المقيم ريتشارد كايسي حول تصالح جماعة الهاغانا اليهودية مع العصابات الأخرى تمهيداً لتأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين التاريخية.
هذا الأمر دفع بكايسي لتحذير لندن في عام 1943 من أن المنطقة مُقدمة على صراع عنيف لم تشهده من قبل بمجرد أن تنتهي الحرب العالمية، أو ربما بعد ذلك بأشهر قليلة.
سعى كايسي لتوحيد الجهود الأمريكية البريطانية للخروج ببيان موحد يؤكد رفض تبني خطة ديفيد بن غوريون لدولة أمر واقع، وهو أمر كاد أن يحصل لولا تلكؤ رئيس الوزراء البريطاني، ونستون تشرتشل، ووزير خارجيته، أنتوني إيدن، اللذين لم يرغبا بذلك.
وبعد أن أقنع كل من الوزير البريطاني المقيم تشرشل وإيدن بضرورة إصدار بيان مشترك، جرى الاتفاق مع الأمريكيين على ذلك، وحُدّد يوم 27 تموز/ يوليو لذلك، لكن حماس مسؤولي البلدين خفت لحظة الإعلان المقرر، وضاعت جهود كايسي التي امتدت ستة أشهر سدى.
صدر الصورة، BETTMANN
التعليق على الصورة،
كانت الولايات المتحدة تحاول أن تسد الفراغ الذي تركته بريطانيا في الشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الثانية
تداخل أحداث المنطقة
وكما كان الملك فاروق متيقناً في البداية من أن حكمه سيأتي إلى نهايته في لحظة ما قريباً، فإن بريطانيا بدت بدورها متحسبة لانتهاء الدور، مما أجج صراعها مع الولايات المتحدة، ودفع مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط، وندل ولكي، للقول "إن الزمن الاستعماري أصبح من الماضي".
في تلك المرحلة بدت بريطانيا، بحسب الكتاب، كمن يصارع القدر لا سيما مع الترابط الذي بدا جلياً بين تأميم مصدق في إيران للنفط في العام 1951 وطلبه خروج الموظفين البريطانيين من ميناء عابدان الإيراني، وتحرك البرلمان المصري لتعديل اتفاقية 1936، حيث عبّر تشرشل عن الوضع بالقول إن أزمة السويس هي "لقيطة الحالة الإيرانية".
في فصل تحت عنوان "التخلص من عبد الناصر" يوصّف بار حالة الحنق التي وصل إليها رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن إلى حد طلبه من الوزير أنتوني نوتينغ بصيغة واضحة اغتيال عبد الناصر لا مجرد عزله أو محاصرته.
ويشرح الكاتب أهمية قناة السويس بالنسبة لبريطانيا، حيث ينقل عن إيدن قوله عنها في العام 1929 "إنها حلقة وصل في الدفاع عن الإمبراطورية وبوابتها الخلفية"، ولذلك فإن خسارتها ستكون كارثة بالنسبة للبريطانيين، وهو ما كان بالنسبة لعبد الناصر هدفاً.
لكن عبد الناصر لم يكن خصماً للبريطانيين فقط، بل للكثيرين من جيرانه العرب، يروي الكتاب كيف نصح رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد نظيره البريطاني إيدن خلال زيارة إلى 10 دواننغ ستريت في لندن بضرب عبد الناصر. قال السعيد: "اضربه، اضربه بقوة الآن وإلا سيفوت الأوان، وعندما يصبح وحيداً سيجهز علينا جميعاً".
لكن نوري السعيد لن يطيل المكوث، إذ إن ضابطاً في الجيش العراقي، هو عبد الكريم قاسم، سيطيح به وبالنظام الملكي في انقلاب عسكري في 14 يوليو/تموز 1958. وبحسب بار فإن هذا الانقلاب شكل أيضاً ضربة أخرى للندن بعد تأميم قناة السويس قبل عامين.
صدر الصورة، RONALD STARTUP
التعليق على الصورة،
التقى عبد الناصر بضباط المخابرات المركزية الأمريكية في منزله
يستعرض الكتاب أيضاً محاولة انقلاب سعودية فاشلة في سوريا ضد عبد الناصر، كانت واشنطن قد حذرت الرياض من مخاطرها. يروي بار في فصل بعنوان "عام الثورات" كيف أن وزير داخلية الجمهورية العربية المتحدة، عبد الحميد السرّاج، كشف لعبد الناصر تلقيه مليوني جنيه إسترليني مقابل تنفيذه انقلاباً على الوحدة المصرية السورية، مع وعد بدفع مليونين إضافيين في حال إغتيال عبد الناصر.
وفي واشنطن كان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يتحدث بأسف عن تحذيره للسعوديين، خاصة وأن المحاولة شكّلت ضربة لواشنطن التي تأثرت بشكل سلبي بحكم علاقتها مع الرياض، وهو الأمر الذي أدى لاحقاً إلى تقدم ولي العهد، الأمير فيصل، لتولي أمور البلاد.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 4 ساعات
- بوابة الأهرام
قناة السويس.. أمل مصر الدائم «1»
بدعوة من السيد الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، شاركت فى الاحتفال السنوى بمناسبة مرور 69 عاما على إعلان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر تأميم قناة السويس، وكذا بمناسبة مرور 156 عاماً على افتتاح القناة، التى شارك فى حفرها أكثر من مليون مصرى، استشهد منهم أكثر من 120 ألف شهيد خلال عملية الحفر، التى امتدت لنحو عشرة أعوام. شارك فى الاحتفال السيد وزير الرى والموارد المائية، والسادة محافظو مدن القناة، وعدد من السادة الملحقين العسكريين فى مصر، ورجال الإعلام، وابناء هيئة قناة السويس، بالإضافة إلى نجل الرئيس الراحل عبدالناصر. كما نعلم، فقناة السويس هى ذلك الممر المائى، الصناعى، الذى يمر من شمال مصر على البحر المتوسط جنوبا إلى البحر الأحمر، لتفصل بذلك بين قارتى آسيا وإفريقيا، إلا أن ما قد لا يعلمه البعض، أن أول من فكر فى شق قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، هو الملك سنوسرت الثالث، من الأسرة الثانية عشرة، حيث كان يستخدم فرع النيل من البحر الأبيض المتوسط حتى الزقازيق، ومنها حفر قناة إلى البحيرات المُرة على البحر الأحمر، والتى مازالت آثارها باقية حتى الآن. وفى عهد بطليموس الثانى، عام 285 ق.م، تم التغلب على الصعوبات، وأُعيد حفر قناة السويس وتشغيل الملاحة فيها. ثم فى عهد الرومان، قام الامبراطور تراجان بحفر قناة جديدة عام 98 ميلادية، بدأت من القاهرة حتى العباسية، مروراً بالفرع القديم فى الزقازيق. وبعد ذلك بعدة قرون، فى عام 641 ميلادية، أعاد عمرو بن العاص الملاحة بالقناة، وأطلق عليها اسم «قناة أمير المؤمنين»، إلا أن الخليفة عمر بن الخطاب أمر بردمها، خوفاً من طغيان البحر الأحمر على مصر. تؤكد تلك الشواهد التاريخية، أن المصريين القدماء، هم أصحاب فكرة حفر قناة تصل بين البحرين الأحمر والمتوسط، وليس فرديناند ديليسبس، كما أشاع بعض المستشرقين، فى محاولة لتغيير التاريخ، لمنح فرنسا الحق فى الاستحواذ على معظم دخل قناة السويس، وإعطاء مصر ما لا يتجاوز 15%، فقط، منه. أما التاريخ الحديث للقناة فبدأ بصدور فرمان الامتياز الأول، فى 30 نوفمبر 1854، والذى منح فرديناند ديليسبس حق إنشاء شركة لحفر قناة السويس. وفى المادة الثانية من الفرمان، نُص على أن تختص الحكومة المصرية بتعيين مدير للشركة. على أن تكون مدة الامتياز 99 سنة، تبدأ من تاريخ افتتاح القناة. أما المادة الخامسة فنصت على حصول الحكومة المصرية على 15%، فقط، من صافى الأرباح!! فهل يُعقل أن تُحفر القناة بأيادٍ مصرية، وعلى أرض مصرية، وتُبذل فيها أرواح المصريين الغالية، ثم تحصل مصر على تلك النسبة؟! وفى 17 نوفمبر 1869، اجتمع العالم ليشهد احتفالا أسطوريا بافتتاح قناة السويس، بحضور 6000 مدعو، منهم الإمبراطورة أوجينى، زوجة الإمبراطور الفرنسى نابليون الثالث، وملوك أوروبا، وافتتحها الخديو إسماعيل، وأنفق على الاحتفال ما يقارب نصف مليون جنيه. كان من أهم ما نظم السيطرة على حركة الملاحة فى قناة السويس، هى اتفاقية القسطنطينية، المُوقعة فى 29 أكتوبر 1888، بين المملكة المتحدة، والإمبراطوريات الألمانية، والنمساوية، والمجرية، والروسية، والدولة العثمانية، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، والتى اعترفت بسيادة مصر على القناة، مع ضمان حرية الملاحة لجميع الدول، بشرط حظر الملاحة على سفن نقل العبيد والمخدرات، والتزام الدول بالامتناع عن أى عمل عسكرى ضد القناة، حتى فى أوقات الحروب. وهكذا، ظلت القناة تدر دخلا ضخما، لا تحصل مصر منه إلا على حصة ضئيلة للغاية، حتى جاء قرار التأميم فى 26 يوليو 1956، الذى أعلنه جمال عبدالناصر، فى خطاب تاريخى، من الإسكندرية، ونجحت مصر فى تسديد التعويضات للمساهمين كاملة، قبل موعدها. كان قرار التأميم قد جاء ردا على سياسات الدول الكبرى، والبنك الدولى، الذى رفض تمويل بناء السد العالى فى مصر، وكان قرار التأميم سببا فى شن إنجلترا وفرنسا وإسرائيل عدوانهم الثلاثى، الذى فشل أمام صمود الشعب المصرى، وبالأخص شعب بورسعيد. استمرت قناة السويس، منذ ذلك اليوم، تحت الإدارة المصرية، وشهدت تطورات كبيرة، أوضحها الفريق أسامة ربيع خلال كلمته فى الاحتفال، استندت إلى خمسة اتجاهات؛ أولها تطوير المجرى الملاحى، وتطوير الأسطول البحرى، وتعظيم الاستفادة من الأصول، وتنويع مصادر الدخل، والتحول الرقمى، وأخيراً الاستدامة. وقد شهدنا، بالفعل، عمليات تطوير المجرى الملاحى، عمقا، واتساعا، وازدواجا، كما اطلعنا على جهود توطين الصناعات البحرية، والاتجاه نحو التحول الرقمى، فعند افتتاح القناة كانت باتجاه واحد، وبعد التأميم تم تنفيذ ازدواج بطول 27 كيلومترا، وصل، اليوم، إلى 99 كيلومترا، أما العمق فكان عند الافتتاح 6.8 متر، بما يتيح مرور السفن بحمولة 5000 طن، زاد بعد التأميم، على 10.6 متر، ليتيح مرور سفن بحمولة 27.7 ألف طن. أما حاليا، وبعد مراحل التطوير الجديدة، أصبح العمق 24 مترا، بما يسمح بمرور السفن العملاقة التى تصل حمولتها إلى 240 ألف طن. لقد تم التطوير بقرار من الرئيس عبدالفتاح السيسى، فور توليه الرئاسة، ودعوته الشعب المصرى للاكتتاب فى المشروع، فشهدنا ملحمة وطنية، تكاتف فيها الشعب لتدبير الموارد، فى بضعة أيام، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة من تطوير قناة السويس، الذى قضى على فكرة إسرائيل بإنشاء قناة بن جوريون، التى كانت تستهدف من ورائها تعطيل قناة السويس. وهكذا، فقناة السويس مصرية خالصة ... فكرة، وتنفيذا، وتمويلا وتطويرا ... ولنا فى الأسبوع المقبل بقية عن التطوير الحالى للقناة.


بوابة الأهرام
منذ 4 ساعات
- بوابة الأهرام
نقطة توازن جديدة
يقترب الوضع فى الشرق الأوسط من الوصول إلى نقطة توازن تصلح أساسا لتأسيس جديد للكفاح من أجل الحق الفلسطينى والاستقرار الإقليمي. حققت إسرائيل انتصارات عسكرية ذات قيمة استراتيجية كبيرة خلال الفترة التالية للسابع من أكتوبر 2023. استعادت إسرائيل قوة الردع بعد الضرر البالغ الذى ألحقه بها السابع من أكتوبر. لكن انتصارات إسرائيل العسكرية أقل من أن تجبر الخصوم على التسليم بالهزيمة والانصياع للإرادة الإسرائيلية. حققت إسرائيل تسيدا استراتجيا فى الشرق الأوسط، وأصبحت تتمتع بمستوى غير مسبوق من حرية العمل فى سماوات الشرق الأوسط وداخل كثير من دوله، من إيران ولبنان وسوريا شرقا وشمالا وصولا إلى اليمن جنوبا. غير أن صعود إسرائيل العسكرى والاستراتيجى قابله وصولها إلى درجة خانقة من العزلة الدولية، وقابله أيضا سقوط أخلاقى غير مسبوق. هذه بعض من عناصر الصورة المعقدة فى منطقتنا، وهى صورة تنطوى على قدر من التوازن يمكن البناء عليه لمواصلة العمل لاستعادة الحق الفلسطينى واستعادة الاستقرار إلى المنطقة. فى السابع من أكتوبر أظهر العالم تعاطفا كبيرا مع إسرائيل بعد أن فقدت 1200 قتيل وأكثر من 250 أسيرا. السابع من أكتوبر الإسرائيلى يشبه الحادى عشر من سبتمبر الأمريكى. وقف العالم الغربى كله وراء إسرائيل، بالضبط كما سبق له الوقوف وراء الولايات المتحدة. هذا هو التعويض الذى يمنحه الرأى العام للضحية المغدور، وهو تعويض مشروط بالتزام الحس الإنسانى والمبادئ الإنسانية. فى العراق جاوز الأمريكيون حدود التصرف المقبول إنسانيا وسياسيا، فتحول التعاطف معهم إلى اشمئزاز. شيء من هذا يحدث مع إسرائيل فى غزة الآن. فى مراحلها الأولى بدت الحرب التى شنتها إسرائيل ردا على السابع من أكتوبر عادلة. لقد تغيرت هذه النظرة كثيرا الآن، ولم يبق فى العالم سوى قليلين مازالوا يعتبرون حرب إسرائيل فى غزة عادلة وأخلاقية. فى دول أوروبا الغربية الرئيسية انخفضت نسبة أصحاب النظرة الإيجابية لإسرائيل إلى 21%، فى مقابل 70% يرونها بشكل سلبى. هناك 12% من الأوروبيين مازالوا يعتبرون أن إسرائيل تتصرف بشكل سليم تماما فى غزة، فى مقابل 34.5% يرون أن حرب إسرائيل فى غزة كانت مقبولة فى البداية، لكنها انحرفت بعد ذلك؛ بالإضافة إلى 18% من الأوروبيين الذين يرون أن حرب إسرائيل فى غزة كانت خطأ منذ البداية. تأكيد التفوق الأخلاقى، وتحويله إلى رصيد سياسى، يستلزم التشبث بصورة الضحية المضطهد، وتجنب التحول إلى جلاد، والتزام موقف وسطى معتدل، بدلا من ملاحقة أهداف الحد الأقصى التى تقود إلى خسار أخلاقية، وبالتالى سياسية. لقد خسرت إسرائيل التعاطف الذى أكسبها إياه السابع من أكتوبر، وتحولت إلى طريدة مرفوضة من المجتمع الدولي. يتجسد هذا فى الانتقاد المتزايد لإسرائيل، وفى التأييد المتسارع لحل الدولتين. التعاطف الذى خسرته إسرائيل أصبح من نصيب غزة والفلسطينيين. المتابع للاحتجاجات المناصرة لغزة وفلسطين، وللتغطية الإعلامية ومقالات الرأى التى تنشرها أكبر الصحف العالمية، يدرك أن العالم يمر بمنعطف نادر. منذ الحرب العالمية الثانية ونحن نعيش فى عالم مثلت فيه المحرقة اليهودية نقطة ارتكاز أخلاقية. لقد تمت صياغة الكثير من القوانين وقواعد العمل الدولى الإنسانى بعد الحرب العالمية الثانية بناء على خبرة المحرقة؛ فقواعد اللجوء وتجريم إبادة الجنس البشرى ومنع التمييز العنصرى، وكثير غيرها، تم صوغها لمنع تكرار المحرقة. حولت الحركة الصهيونية العذابات التى فرضها النازيون على اليهود إلى رصيد وظفته إلى الحد الأقصى، واستطاعت تقديم قضية الدولة اليهودية ليس كطموح سياسى لليهود، لكن كحل أخلاقى ومخرج من مأزق إنسانى تم فرضه على البشرية. ما يحدث الآن أمام أعيننا فى غزة هو ظهور نقطة ارتكاز ومرجعية أخلاقية جديدة على المستوى العالمي. هذا هو ما تمثله غزة فى عالم اليوم. مشاهد الجثث، والأطراف المقطوعة، ومئات آلاف الفلسطينيين المجبرين على النزوح المتكرر سيرا على الأقدام، حاملين ما بقى لهم من متاع قليل، ومشهد التزاحم على مراكز توزيع الطعام، ومشهد الأطفال شديدى النحول الذين برزت عظامهم من سوء التغذية، كل هذا على خلفية جبال ركام المبانى المدمرة، وأصوات المتعصبين الصهاينة المطالبين بطرد الفلسطينيين من أرضهم؛ هذه المشاهد المروعة تؤسس لنقطة ارتكاز أخلاقية جديدة للإنسانية والمجتمع الدولى. المهمة المباشرة هى تحويل هذا الرصيد الكبير من التعاطف إلى رصيد سياسى يسهم فى إعادة الحق الفلسطينى، بالضبط كما نجحت إسرائيل فى الماضى فى تحويل الرصيد الأخلاقى والتعاطف الإنسانى إلى حقائق سياسية صلبة. ما يتكون أمام أعيننا الآن هو موقف يتجه للتوازن، تضاف فيه غزة إلى المحرقة اليهودية، لتشكل المأساتان معا مرتكزا أخلاقيا وإنسانيا متوازنا للإنسانية والمجتمع الدولي. مقتلة غزة لا تزيح ولا تلغى المحرقة، لكنها تقف إلى جانبها، وتشكل معها أساسا لإنسانية أكثر عدالة، لا تتجاوب مع مأساة شعب بخلق مأساة جديدة لشعب آخر. يربح الفلسطينيون إذا وضعوا مأساتهم ضمن سردية إنسانية تتسع لتشمل مآسى شعوب أخرى، بما فيها أعداؤهم، ولو تجنبوا الدخول فى منافسة حول أى الجريمتين أكثر وحشية. ما أتحدث عنه هنا هو الخطاب والسردية الأكثر فاعلية فى التواصل مع المجتمع الدولى من أجل استثمار سياسى ناجح لمقتلة غزة، وحتى لا تضيع هذه التضحيات الغالية بغير عائد.


أهل مصر
منذ 4 ساعات
- أهل مصر
غانا.. مصرع وزيري الدفاع والبيئة في تحطم طائرة
أفادت تقارير إعلامية بمصرع وزيري الدفاع والبيئة بالحكومة الغانية في حادث تحطم مروحية. وفي وقت سابق؛ أعلن وزير خارجية غانا، صمويل أوكودزيتو أبلاكوا، أن بلاده أغلقت سفارتها في واشنطن مؤقتًا؛ في ظل تحقيق في عملية احتيال مزعومة تتعلق بالتأشيرات. وصرح وزير خارجية غانا، بأن السفارة ستُغلق؛ عقب "النتائج المُدمرة" التي توصل إليها فريق التدقيق الذي شكّله للتحقيق في مزاعم فساد في البعثة الدبلوماسية في واشنطن، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية 'بي بي سي' . وأضاف البيان أن الإغلاق سيستمر "لبضعة أيام" ريثما يتم الانتهاء من "إعادة الهيكلة وإصلاح الأنظمة". ووفقًا لـ"أبلاكوا"، يُزعم تورط موظف محلي و"متعاونين" في عملية "احتيال" قاموا من خلالها بسحب أموال من طالبي التأشيرات وجوازات السفر، وكان المخطط عبارة عن إنشاء رابط غير مصرح به على موقع السفارة الإلكتروني؛ لإعادة توجيه طالبي التأشيرات وجوازات السفر إلى شركة خاصة، حيث فُرضت عليهم رسوم إضافية مقابل خدمات متعددة، دون علم وزارة الخارجية. وأضاف أبلاكوا أن الموظف "احتفظ بكامل العائدات" في حسابه الخاص، وأن المخطط مستمر منذ 5 سنوات. وفرضت الشركة الخاصة على طالبي التأشيرات، رسومًا غير معتمدة، تراوحت بين 30 دولارًا أمريكيًا (22 جنيهًا إسترلينيًا) و60 دولارًا أمريكيًا. وأضاف أبلاكوا: "تم الإبلاغ عن هذا السلوك إلى النائب العام لاحتمال مقاضاته واسترداد الأموال التي تم الحصول عليها من خلال مخططات احتيالية". ونتيجة لذلك، "تم استدعاء موظفي وزارة الخارجية الغانية في واشنطن إلى ديارهم"، و"تم إيقاف جميع الموظفين المحليين في السفارة"، على حد قوله. وتابع: "ستواصل حكومة الرئيس جون ماهاما التزامها بعدم التسامح مطلقًا مع الفساد، وتضارب المصالح الصارخ، والإساءة الصارخة للسلطة".