logo
سوء الحوكمة ينهك قطاع النقل العمومي في تونس

سوء الحوكمة ينهك قطاع النقل العمومي في تونس

Independent عربيةمنذ يوم واحد
يشهد قطاع النقل العمومي في تونس تراجعاً في الأداء مما أدى إلى تدني مستوى الخدمات، وهو انعكاس مباشر للوضعية الصعبة التي تواجهها مختلف شركات النقل العام. وأسهم اهتراء البنية التحتية والأسطول في تعميق هذا التراجع، إلى جانب إشكاليات إضافية كالاكتظاظ المروري وتهديدات تتعلق بالسلامة والأمن، وهو ما أثر سلباً على الحياة اليومية للمواطنين والنسيج الاقتصادي.
وعلى رغم تشخيص هذا الوضع من قبل حكومات متعاقبة وتقديمها وعوداً بإصلاح المؤسسات، بما في ذلك شركات النقل البري والبحري والجوي، فإن متخصصين تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" نفوا وجود مؤشرات إلى تحسن أو بوادر إنقاذ حقيقية.
ويحتاج قطاع النقل العمومي إلى إصلاحات هيكلية تلبي حاجات التونسيين، الذين هجروه لمصلحة وسائل النقل الخاصة، وهو ما يتعارض مع سياسة الانتقال الطاقي التي تشجع على النقل الجماعي للحد من استهلاك المحروقات، في انتظار الاعتماد على وسائل نقل كهربائية، وانحرف قطاع النقل عن دوره التنموي كرافد من روافد الاقتصاد.
شركات مثقلة بالخسائر والمديونية
تعاني شركات النقل البحري البري والجوي من واقع مالي كارثي نتيجة الخسائر المتراكمة والديون الثقيلة، ومن بين هذه الشركات "الخطوط الجوية التونسية" و"الشركة الوطنية للسكك الحديدية" و"شركة النقل البري بتونس"، و"ديوان البحرية التجارية والموانئ"، و"ديوان الطيران المدني والمطارات"، وتفاقم عجزها المالي سنوياً وفقاً لمعطيات وزارة المالية.
خزانة الدولة تئن تحت كلفة 21 ألف موظف
يزيد عدد الموظفين والعمال داخل هذه الشركات على 21.5 ألف، يكلفون خزانة الدولة نحو مليار دينار (344 مليون دولار) سنوياً، وتفوق ديون الشركات الست 6.5 مليار دينار (2.24 مليار دولار)، وتستأثر الخطوط الجوية التونسية بنحو ثلث هذه الديون (2.2 مليار دينار) (758 مليون دولار)، موزعة بين البنوك والمنشآت العمومية والصناديق الاجتماعية.
وتواجه الناقلة الوطنية أزمة مالية خانقة نتيجة تضخم عدد الموظفين (أكثر من 2900 موظف)، وكانت ستواجه الإفلاس لولا تدخل الدولة، وأسهم تقادم الأسطول وتقلصه في تدهور سمعة الشركة.
وعلى رغم إعلان الشركة عن تقليص ديونها خلال الربع الأول من العام وتسجيل تحسن طفيف بنسبة 1.3 في المئة مقارنة بالفترة نفسها عام 2024 (323 مليون دينار) (11.3 مليون دولار)، فقد تراجع عدد المسافرين بنسبة أربعة في المئة، وارتفع معدل تعبئة الطائرة بـ3.8 نقطة ليبلغ 74.3 في المئة بدلاً من 70.5 في المئة.
لكن في المقابل، زادت كلفة استئجار الطائرات الموقتة بـ19 في المئة، وارتفعت كلفة التأجير بأربعة في المئة نتيجة الزيادة في الأجور، على رغم تقليص عدد الموظفين بنسبة تسعة في المئة.
وأعلن وزير النقل رشيد العامري عن خطة عاجلة لإنقاذ الخطوط التونسية، تتضمن تعزيز الأسطول عبر شراء ثلاث طائرات جديدة وصيانة الطائرات الحالية. وأكد قدرة الشركة على سداد ديونها الخارجية بحلول نهاية عام 2025، على أن تسوى لاحقاً الديون الداخلية، مشيراً إلى عرض قريب لمخطط هيكلة.
"نقل تونس" من أبرز المتضررين
تعد شركة "نقل تونس" من أكثر شركات النقل البري خسارة، إلى جانب شركة "النقل بين المدن"، وتغطي نحو 80 في المئة من النقل العمومي المنتظم، وتعاني صعوبات في توفير السيولة اللازمة للوفاء بتعهداتها المالية، إذ بلغت ديونها نحو ملياري دينار (689 مليون دولار).
ويغطي الدعم السنوي الذي ترصده الدولة بالكاد مستحقات الأعوان البالغ عددهم 7350، وأسهمت الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات وقطع الغيار في تعميق أزمتها المالية.
ومن أبرز أسباب التدهور الفارق بين مؤشرات الاستغلال وعدم الترفيع في التعريفة، بسبب سياسة الحفاظ على المقدرة الشرائية. وبلغ المفعول المالي لتجميد التعريفة نحو 700 مليون دينار (241.3 مليون دولار) بين عامي 2011 و2020.
وزادت الأعباء بمعدل سنوي يناهز 5.3 في المئة، بسبب ارتفاع كتلة الأجور بمعدل سنوي بلغ 8.2 في المئة بين عامي 2010 و2022، إذ تمثل الأجور نحو 69.3 في المئة من مجموع الأعباء.
الأسطول يتآكل والإنتاجية تتراجع
أدى تراجع عدد الأسطول إلى انخفاض المداخيل المباشرة، في حين أسهم التأخير في إنجاز برامج التجديد إلى استنزاف الحافلات الجديدة بسبب الاستغلال المفرط، إذ أنجز 81 في المئة من المسافات بواسطة 32 في المئة فقط من الحافلات.
وتسلمت شركة "نقل تونس" منذ أسبوع 85 حافلة مستعملة من أصل 165، كهبة من مؤسسة فرنسية، بعد تسلمها الدفعة الأولى خلال الـ14 من أبريل (نيسان) الماضي.
معدل عمر الأسطول بين 12 و44 سنة
أدى تأخر برامج الاقتناءات إلى تقادم الأسطول، إذ بلغ معدل عمر الحافلات 12 سنة وسبعة أشهر، وعربات المترو 27 سنة و11 شهراً، وعربات المترو الخفيف بالضاحية الشمالية 44 سنة و11 شهراً، مما يفسر تزايد الأعطاب.
وتراجع عدد الحافلات المتجولة من 744 عام 2010 إلى 437 عام 2022، وانخفض عدد عربات المترو من 118 إلى 57 خلال الفترة نفسها، وفق مؤشرات شركة "نقل تونس".
في حين بلغت ديون "الشركة التونسية للسكك الحديدية" مليار دينار (344 مليون دولار)، وأكد الوزير رشيد العامري أن الوزارة تعمل على إنقاذها عبر برنامج لتطوير النقل الحديدي.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار إلى أن السياسة الوطنية للتنقل الحضري ترتكز على الحوكمة وإيجاد آليات تمويل، وكشف عن استكمال صيانة ثماني عربات مترو وإعادتها إلى الخدمة، إضافة إلى إعادة 12 عربة أخرى.
ويجري العمل على إعادة استغلال 20 عربة مترو خارج الخدمة، بهدف الوصول إلى استغلال نحو 50 في المئة من الأسطول المتكون من 189 عربة، في حين لا تشغل سوى 42 عربة فقط حالياً.
تجميد التعريفة عمق العجز
أكد المتخصص في النقل المستدام رياض حاج طيب أن تجميد تعريفة النقل بين عامي 2010 و2023 عمق من العجز المالي، بسبب ارتفاع كلفة المحروقات والصيانة.
وأشار إلى أن أزمة النقل العمومي بدأت منذ ثمانينيات القرن الماضي بسبب الفساد وسوء الإدارة، واعتبر أن ملف الخطوط الجوية التونسية يمثل مثالاً صارخاً على الفساد، إذ أغرقت الشركة بالموظفين على حساب حجم الأسطول وجودته، مما أدى إلى الإفلاس وتوقف الاستثمار وغرق المؤسسات في الديون.
النقل البحري ليس أفضل حالاً
في السياق ذاته، قال الاقتصادي جاسم كمون إن "الشركة التونسية للملاحة" تعاني أسطولاً قديماً وفائضاً في الموظفين واعتماداً مفرطاً على الدعم العمومي، مؤكداً أن "الجدوى الاقتصادية في قطاع النقل مجرد وهم".
وأضاف أن أسعار التذاكر منخفضة عمداً وأقل بكثير من الكلفة الحقيقية للخدمة، وتغطي إيرادات "الشركة الوطنية للسكك الحديدية" من الركاب نحو 35 في المئة فقط من الكلفة.
وأشار إلى أن كل محاولة لرفع الأسعار تقابل بردود فعل سلبية مما يعوق الإصلاح، خلال وقت تتصاعد فيه كلفة التشغيل بسبب تضخم الأجور وارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار، علاوة على أن أجور موظفي شركة "نقل تونس" تمثل 73.4 في المئة من الإيرادات عام 2022، مقارنة بـ52 في المئة عام 2010، ويعمق تأخير اعتماد التذاكر الإلكترونية ظاهرة التحايل والتجاوزات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية.. وخام برنت يسجل 68 دولارًا للبرميل
أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية.. وخام برنت يسجل 68 دولارًا للبرميل

رواتب السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • رواتب السعودية

أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية.. وخام برنت يسجل 68 دولارًا للبرميل

نشر في: 5 يوليو، 2025 - بواسطة: خالد العلي حقق خام برنت وخام غرب تكساس، مكاسب أسبوعية، إذ زاد برنت 0.8% عن سعر تسوية يوم الجمعة الماضي، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنحو 1.5%. ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 50 سنتًا بما يعادل 0.7% عند التسوية إلى 68.30 دولار للبرميل، وانخفض أيضًا خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 50 سنتًا أو 0.75% إلى 66.50 دولار. وتراجعت العقود الآجلة للنفط قليلاً في جلسة الجمعة وسط تعاملات محدودة بسبب عطلة في الولايات المتحدة، وفي وقت تترقب فيه السوق اجتماع تحالف أوبك+ اليوم السبت واحتمال أن تقرر الدول الأعضاء زيادة الإنتاج. المصدر: عاجل

بيوت الخبرة ترى أن السعر المستهدف لسهم هو 3 دولار. .. سعره الحالي
بيوت الخبرة ترى أن السعر المستهدف لسهم هو 3 دولار. .. سعره الحالي

رواتب السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • رواتب السعودية

بيوت الخبرة ترى أن السعر المستهدف لسهم هو 3 دولار. .. سعره الحالي

نشر في: 5 يوليو، 2025 - بواسطة: خالد العلي بيوت الخبرة ترى أن السعر المستهدف لسهم ..لوسيد هو 3 دولار. .. سعره الحالي: 2.16 دولار. أسباب تدعم النمو: 1.. الدعم القوي من الـ PIF, حريص على نجاح الشركة. 2.. سيولة مالية مقبولة 3.. تقنيات متقدمة في البطاريات ونظام الدفع الكهربائي 4.. الطلب على مركبات الشركة جيد أكبر المخاطر و السلبيات: .. الشركة غير قادرة على الانتاج و لا تستطيع الالتزام بوعودها بخصوص كمية الانتاج لأسباب لوجستية و صناعية. المصدر :عبد الله الخميس | منصة x

أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية.. وخام برنت يسجل 68 دولارًا للبرميل
أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية.. وخام برنت يسجل 68 دولارًا للبرميل

صحيفة عاجل

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة عاجل

أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية.. وخام برنت يسجل 68 دولارًا للبرميل

حقق خام برنت وخام غرب تكساس، مكاسب أسبوعية، إذ زاد برنت 0.8% عن سعر تسوية يوم الجمعة الماضي، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنحو 1.5%. ونزلت العقود الآجلة لخام برنت 50 سنتًا بما يعادل 0.7% عند التسوية إلى 68.30 دولار للبرميل، وانخفض أيضًا خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 50 سنتًا أو 0.75% إلى 66.50 دولار. وتراجعت العقود الآجلة للنفط قليلاً في جلسة الجمعة وسط تعاملات محدودة بسبب عطلة في الولايات المتحدة، وفي وقت تترقب فيه السوق اجتماع تحالف أوبك+ اليوم السبت واحتمال أن تقرر الدول الأعضاء زيادة الإنتاج.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store