logo
غزّة في القلب والأردن في الموقف: حين يصبح الثبات هدفًا للذباب الإلكتروني

غزّة في القلب والأردن في الموقف: حين يصبح الثبات هدفًا للذباب الإلكتروني

عمون٢٤-٠٧-٢٠٢٥
في مشهد إقليمي تتناقص فيه الأصوات الصادقة، وتتعدد الوجوه خلف الأقنعة الرقمية، يثبت الأردن مرة تلو الأخرى أن المواقف لا تُقاس بالضجيج، ولا تُشترى بالمواقف الطارئة، ولا تُخضعها معادلات المصالح المتقلبة. منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، لم يتردد الأردن في الإعلان الواضح، الحازم، والعلني عن موقفه الراسخ، الذي لم يكن يومًا رد فعل، بل امتدادًا لتاريخ طويل من الالتزام السياسي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وبشكل خاص تجاه غزة المحاصَرة.
يقود جلالة الملك عبد الله الثاني حفظة الله ورعاه، هذا الموقف بشجاعة سياسية نادرة، في عالم تتراجع فيه الدبلوماسية أمام الابتزاز، وتذوب فيه المبادئ تحت ضغط التوازنات الدولية. الملك لم يكتفِ بالإدانات، بل خاض معركة دبلوماسية شرسة في كل منبر دولي، مطالبًا بوقف إطلاق النار، وبتحقيق العدالة للفلسطينيين، ومنددًا بجرائم الحرب التي تُرتكب يوميًا بحق المدنيين، وبخاصة الأطفال والنساء في غزة.
ولم يكن هذا الحراك السياسي منفصلًا عن الفعل الميداني، فقد تحوّل الأردن، بقيادة جلالة الملك وبدعم من القوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، إلى مركز إغاثة إنساني رئيسي، من خلال عشرات الإنزالات الجوية التي نفذها سلاح الجو الملكي لإيصال المساعدات الطبية والغذائية إلى قلب غزة، متحديًا تعقيدات المشهد الميداني وتهديدات الاحتلال، في مشهد يعكس عمق الالتزام، لا مجرد استعراض رمزي.
هذه الإنزالات، التي تواصلت على مدار أشهر، لم تكن فقط دعمًا ماديًا، بل كانت تعبيرًا ملموسًا عن أن الأردن لا يقف على الحياد حين يتعلق الأمر بالكرامة والعدالة. لكن هذا الموقف الصلب لم يمر دون استهداف، وكما هو متوقع في زمن الفوضى المعلوماتية، تسللت إلى الفضاء الرقمي حملات منسقة من الذباب الإلكتروني والأبواق الناعقه، تحاول التشويش على الموقف الأردني، وتعمل وفق أجندات مشبوهة على بث رسائل تشكيك وتخوين، والترويج لروايات خادعة تُظهر الأردن وكأنه غائب أو متخاذل.
والمفارقة أن هذه الحملات لا تستند إلى أي حقائق، بل تُبنى على تحريف الوقائع، واستغلال المشاعر الشعبية الصادقة لنقلها من مسارها الطبيعي إلى مسارات مشبوهة تخدم في النهاية مشروعًا واحداً وهو إضعاف الجبهة الداخلية الأردنية، والطعن في ثقة الأردنيين بمواقف دولتهم.
إن الذباب الإلكتروني ليس ظاهرة عفوية، بل هو أداة في حرب معلوماتية تستهدف الدول المستقرة، وتحاول تفكيك المجتمعات من داخلها، عبر زرع بذور الشك والانقسام والتشكيك في كل جهد وطني. في الحالة الأردنية، هذا الذباب يختار لحظات التلاحم بين الدولة والشعب ليضرب، لأنه يدرك أن تماسُك الموقف الشعبي والرسمي هو مصدر قوة يصعب اختراقه. لذلك، يصبح كل فعل أردني إيجابي لغزة مادة للهجوم، وكل موقف أخلاقي نقطة استهداف، في مشهد يكشف حجم الانزعاج من وجود دولة ما زالت تُبقي على تمسكها بضميرها الوطني والقومي.
ورغم كل هذه المحاولات، فإن الأردن لا يحتاج إلى شهادة من أحد، تاريخه، دم شهدائه، إنجازاته في الميدان، وحضوره السياسي، كلها تنطق نيابة عنه. وهو حين يتحرك من أجل غزة، لا يفعل ذلك من باب الاستعراض أو المنافسة، بل من موقع الأصالة والالتزام. فغزة ليست عبئًا على الأردن، بل شقيقة الدم والمصير. والذين يظنون أنهم قادرون على النيل من هذه العلاقة عبر تغريدات مسمومة أو مقاطع مركبة، لا يعرفون أن هذا الرباط التاريخي أقوى من أن يُخدش.
إن محاولات استهداف الأردن في هذا التوقيت بالذات تكشف أن مواقفه تؤلم، وأن صلابته تُزعج، وأن استقلالية قراره تثير امتعاض من اعتادوا على تحويل الشعوب إلى أدوات في بازار الولاءات. لكن الأردن لن يغيّر بوصلته، لأنه ببساطة لا يقف في معسكر المصالح المتقلبة، بل في معسكر العدالة والإنسانية والمبدأ.
سيبقى الأردنيون، بقيادتهم وجيشهم ومجتمعهم، سندًا لفلسطين، وعمقًا لغزة، ودرعًا لأمن هذا الإقليم الهشّ. وسيمضي الذباب الإلكتروني، مهما علا صوته، إلى حيث تمضي الحملات الفاشلة: في غياهب النسيان، لأن الأوطان التي بنيت على الموقف لا تزعزعها الشائعات، ولا تخترقها الأكاذيب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محاور عربية ووطنية في لقاء الملك مع نخبة من الإعلاميين
محاور عربية ووطنية في لقاء الملك مع نخبة من الإعلاميين

عمون

timeمنذ 4 ساعات

  • عمون

محاور عربية ووطنية في لقاء الملك مع نخبة من الإعلاميين

في وقتٍ يعاني فيه العالم ودول الإقليم بشكل خاص من الحروب والأهوال والتحديات وعدم الاستقرار، وانفلات غريزة القتل والدمار واستعمال الحصار الجائر ومنع الغذاء والدواء عن المدنيين، أطل جلالة الملك حفظه الله ورعاه برسائل محملة بكل معاني العروبة والوطنية والإنسانية، رسائل تعبر عن رابط الدم والتاريخ، والتي حملها الأردن استجابةً لكل نداء ممن طلب العون من أشقائنا، باعتباره واجبًا لا يجوز التأخر فيه. جاء ذلك خلال لقاء جلالته بنخبة من الشخصيات الإعلامية، حيث أكد خلال هذا اللقاء أن الأردن سيبقى السند الأكبر والأقرب للأهل في غزة وعموم الأهل في فلسطين، وسيستمر بتقديم كل ما يستطيع انطلاقًا من واجبه تجاه أشقائنا. كما شدد جلالته من خلال الاتصالات واللقاءات التي قادها مع قادة العالم للضغط من أجل إنهاء الحرب وزيادة المساعدات الإنسانية، وهذا ما تحقق بجهود جلالته من قيام دول عديدة بمشاركة الأردن في إنزال المساعدات الجوية، بجانب المساعدات البرية. ونُذكّر هنا أن جلالة الملك قاد بنفسه كسر الحصار عن غزة بالإنزال الجوي حينما فرضت إسرائيل حصارًا بريًا على قطاع غزة، مخاطرًا بنفسه، تزامنًا مع قيام ولي العهد الأمين بمرافقة مستشفى ميداني مع طواقم طبية أردنية عبر معبر رفح، وقيام سمو الأميرة سلمى بهذا الواجب الوطني. ولجلالة الملكة دورها الكبير في أقوى مرافعة تاريخية وسياسية ووطنية عن القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب الفلسطيني مع وكالة C.N.N، مما كان له أثر كبير من حيث المضمون والهدف. ولأن صمود الشعب الفلسطيني على أرضه مرتبط بقوة الأردن، شدد جلالته على الاهتمام بجوانب التنمية وتعزيز الاقتصاد لتحقيق مستقبل آمن ومريح للمواطنين، وأن المضي قدمًا في البناء والعطاء لا يعني عدم الشعور بالألم والحزن لما يحصل مع أهلنا في غزة، وأن قوة الأردن هي قوة لفلسطين ولجميع أشقائنا. ولأن الرأي والرأي الآخر هما من ثوابت الديمقراطية الأردنية وهما قوة للدولة، ركز جلالته على حسن الخطاب والكلمة الطيبة بعيدًا عن الاتهام، والتي من شأنها ترسيخ معاني المحبة ووحدة الصف في وقت يتطلب منا أن تكون رسالتنا وبوصلتنا هي حماية الوطن ووحدة الأردنيين وتماسكهم ومناعة الجبهة الداخلية، لأنها هي السند المنيع أمام كل التحديات. لقد كانت رسائل جلالة الملك بما تحمله من عمق المعاني العروبية والوطنية والأخلاقية والإنسانية، وما يحمله من إرث ديني وتاريخي بُنيت عليه أمجاد أمتنا، حيث يسعى دومًا بقيادته الحكيمة أن يكون الأردن في طليعة شعوب العالم وأن يبقى السند للأهل في فلسطين ولجميع أشقائنا العرب.

فتح: نرفض تطاول حماس على الأردن ومصر
فتح: نرفض تطاول حماس على الأردن ومصر

جفرا نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • جفرا نيوز

فتح: نرفض تطاول حماس على الأردن ومصر

جفرا نيوز - عبّرت حركة فتح، الجمعة، عن رفضها القاطع للتصريحات العدائية والتطاول السياسي والإعلامي الصادر عن بعض قيادات حركة حماس تجاه كل من الأردن ومصر. وأكّدت حركة فتح في بيان، أن هذه التصريحات لا تمثل موقف الشعب الفلسطيني، ولا تخدم قضيته الوطنية العادلة، بل تسيء إلى علاقاتنا العربية الأصيلة، وتُضعف الإجماع القومي الداعم لنضالنا المشروع. وقالت، لقد كانت مصر والأردن على الدوام سندا حقيقيا لشعبنا الفلسطيني في مختلف مراحل نضاله، منذ نكبة عام 1948؛ مرورا بكل المحطات الوطنية المفصلية، وقد قدّمتا تضحيات جسامًا، واحتضنتا ملايين الفلسطينيين، ودافعتا عن حقنا في الحرية والاستقلال في المحافل الدولية كافة. وأكّدت أن أي إساءة للدولتين لا تخدم سوى الأجندات الانقسامية والمشاريع الخارجية التي تسعى لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتشتيت وحدة الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية، وإن الحركة تميز جيدا بين الاختلاف السياسي الداخلي المشروع، وبين المساس بعلاقاتنا مع الدول العربية التي لطالما كانت صمام أمان للقضية الفلسطينية والمصير الوطني. وجددت تقدير الدور الكبير والمستمر لمصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في دعم جهود وحدة الصف العربي والمنعة الفلسطينية، ورفع الحصار عن أهلنا في قطاع غزة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل كافة. كما حيّت الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، على دوره التاريخي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودعمه الثابت لحل الدولتين، وحق شعبنا في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967. ورفضت فتح ارتهان تنظيم الإخوان الخارج عن إرادة الأمة وأمنها القومي ارتهانا جليا لقوى خارجية تسعى لإصدار شهادة براءة لذمة الاحتلال من خلال التنكر لدور كل من مصر والأردن، وكيل الاتهامات لأي من الحليفين الأوثق والأقرب لشعبنا جغرافيا. ودعت إلى احترام وتقدير دور الدول العربية التي تقف معنا وقفتها مع نفسها بما يشمل الجهود المقدرة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج والمغرب العربي؛ وهي عمقنا الحضاري والقومي الذي لن تسمح فتح بقلقلة عرى ارتباطنا به أو انفصام عنه يندرج لا قدر الله في استحقاق اصطفافات مشبوهة لا تنتج سوى الخسران والخراب. ودعت حركة فتح جميع القوى الفلسطينية إلى تحكيم العقل، والتوقف عن الخطاب التحريضي، والالتزام بالمسؤولية الوطنية الجامعة، واحترام العلاقات التاريخية مع العمق العربي الأصيل: "فلسطين بحاجة إلى وحدة وطنية حقيقية، لا إلى تصفية حسابات تُسعد خصومنا وتخذل أحلام شعبنا".

تهنئة وتبريك للدكتور علي الشروقي بمناسبة الترفيع إلى الدرجة الخاصة في المجلس القضائي الأردني
تهنئة وتبريك للدكتور علي الشروقي بمناسبة الترفيع إلى الدرجة الخاصة في المجلس القضائي الأردني

صراحة نيوز

timeمنذ 7 ساعات

  • صراحة نيوز

تهنئة وتبريك للدكتور علي الشروقي بمناسبة الترفيع إلى الدرجة الخاصة في المجلس القضائي الأردني

'یَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡ وَٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَـٰتࣲۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ﴾ [المجادلة ١١] صراحة نيوز – بأسمى ايات التهنئة والتبريك يتقدم أبناء وبنات المرحوم الحاج صالح محمد الشروقي وأبنائهم وعائلاتهم بالتهنئة من اخيهم 'القاضي المسمى للعمل لدى محكمة الشرطة' الدكتور علي صالح محمد الشروقي ، بمناسبة الترفيع إلى الدرجة الخاصة في المجلس القضائي الأردني ، وهو استحقاق يليق بمسيرتكم الطويلة والمشرّفة في خدمة العدالة. فخورون بكم دائمًا، ونسأل الله أن يجعل هذه الترقية عونًا لكم على أداء الأمانة ومواصلة طريقكم بثبات ورفعة، في ظل سيد البلاد ملكنا وقائدنا عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني حفظهما الله تعالى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store