
أخبار العالم : رأي.. إردام أوزان يكتب لـCNN: الشرع يحتاج إلى الشرعية أكثر من الأمن
الأربعاء 26 مارس 2025 09:30 مساءً
نافذة على العالم - هذا المقال بقلم الدبلوماسي التركي إردام أوزان*، سفير أنقرة السابق لدى الأردن، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر على حكم أحمد الشرع، لم يعد السؤال المطروح هو قدرته على الاستيلاء على السلطة، بل قدرته على الحكم. بدا صعوده السريع، الذي سهّله تقدم "هيئة تحرير الشام" العسكري نحو دمشق في ديسمبر/كانون الأول، وكأنه نقطة تحول في سوريا. لكن الاحتفالات تراجعت أمام الصعوبات الاقتصادية والتشرذم الداخلي، وتزايد التساؤلات حول رؤيته لقيادة بلد عانى طويلًا من الديكتاتورية وحكم أمراء الحرب.
تواجه الإدارة الجديدة تحديات جمة. فالاقتصاد، الذي نهبه نظام البعث لعقود، وما تبعه من عقوبات، أعاق بشدة قدرة السوريين على العيش يوميًا. يتراوح راتب الموظف الحكومي اليوم بين 10 و50 دولارًا، بينما تحتاج أسرة مكونة من أربعة أفراد إلى 680 دولارًا كحد أدنى لتلبية احتياجاتها الأساسية.
لا يقتصر التحدي الأكبر الذي يواجهه الشرع على فرض سيطرته فحسب، بل يتلخص في إثبات اختلاف حكمه عمن سبقه. كان من المفترض أن يُحدث انتقاله من قائد مسلح إلى قائد مدني، والذي تجلى بخلعه زيه القتالي وتبنيه خطابًا شاملًا، نقلة نوعية. إلا أن الإجراءات التي تلت ذلك، بما في ذلك مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد على عجل، والذي تضمن بيانًا مُعدًّا مسبقًا، وإعلانًا دستوريًا يُحاكي النصوص الاستبدادية السابقة، اعتبرها الكثيرون نهجًا هشًا واستعراضيًا للحكم، بدلًا من أن تكون جهدًا صادقًا للإصلاح.
ويظل السؤال الأكبر قائما حول كيف يمكن لحركة مسلحة جهادية سابقة تعتمد على مقاتلين أجانب ومزيج من الجماعات المجزأة أن تشكل حلا للقضايا السورية الملحة.
يُبرز الاتفاق الأخير بين الحكومة المؤقتة و"قوات سوريا الديمقراطية" (SDF) بعض التناقضات. فبينما يبدو أن الاتفاق يُدمج مقاتلي "قسد" في إطار عسكري موحد، إلا أن غموض شروطه يثير تساؤلات أكثر من الإجابات. فهل سيتم استيعاب قوات "قسد"، أو دمجها، أم ستعمل كهياكل موازية تحت سلطة الشرع؟ في غياب الوضوح، يُخاطر هذا الاتفاق بتعميق الانقسام السوري بدلًا من حلّه.
بالنسبة للشرع، قد يكون الاتفاق أداة مهمة لتوسيع سلطته في الشمال الشرقي، وهو ثلثٌ متنازعٌ عليه من الأراضي. أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية، فيمكن اعتباره وثيقة تاريخية تضمن الحقوق الدستورية للأكراد، وتؤكد أنها الممثل الشرعي للمجتمع الكردي. وبناءً على المفاوضات المقبلة، قد يكون كلا التصورين مضللاً، مما يُؤجج المزيد من المواجهات ويُهدد التماسك الاجتماعي الهش في سوريا.
قد يهمك أيضاً
إلى جانب الأمن وترسيخ السلطة، لا يزال النسيج الاجتماعي السوري ممزقًا بشدة. سنوات من الهندسة الديموغرافية في ظل نظام الأسد، إلى جانب التوترات الطائفية والعرقية، جعلت أقليات مثل العلويين والأكراد والتركمان والدروز وغيرهم يتساءلون عن مكانتهم في النظام الجديد. أحداث اللاذقية التي وقعت في وقت سابق من الشهر الجاري، حيث ظهرت ادعاءات بأعمال انتقامية ضد العلويين، يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار. إن إخفاقات الإدارة الجديدة في المستقبل في إرساء إطار للتعايش ستثير مخاوف من أن نسختها من سوريا قد لا تختلف كثيرًا عن نموذج الأسد، بل ستقدم وجهًا جديدًا فحسب. سيكون هذا أسوأ سيناريو للسوريين.
في 29 يناير/كانون الثاني، أعلن الرئيس المؤقت الشرع انتهاء الثورة، مُعلنًا "بناء الدولة" أولوية جديدة. وتُعدّ إعادة بناء هياكل الدولة، إلى جانب رؤية حوكمة، أمرًا بالغ الأهمية، لا سيما في بلدٍ صُمّم فيه إطار الحكم لدعم ديكتاتورية الأسد.
مع ذلك، يبدو بناء المجتمع أكثر إلحاحًا وأهمية، نظرًا لما واجهه السوريون من هندسة ديموغرافية قائمة على أسس عرقية وطائفية لعقود. سيُمكّن النسيج الاجتماعي والانسجام الداخلي القيادة من الاستمرار ما لم يكن الهدف هو نسخة مُجددة من نظام البعث.
تُبرز أحداث اللاذقية ومناطق أخرى في سوريا الأهمية الحاسمة لعملية انتقالية سليمة تُنفَّذ بكفاءة. ولا يُمكن المبالغة في أهمية هذه العملية الانتقالية، إذ تلعب دورًا محوريًا في ضمان استقرار وأمن البلاد في المستقبل. ولا بد من توافر عدة عناصر أساسية لتحقيق انتقال ناجح، بما في ذلك طيف واسع من التشاور والمأسسة.
يجب أن يكون الانتقال بنفس أهمية التدابير الأمنية لسبب جوهري: اكتساب الشرعية في نظر الشعب. فالشرعية هي حجر الزاوية لأي حكومة ناجحة، وتُكتسب من خلال حوكمة شفافة وخاضعة للمساءلة وشاملة. ويتمثل جوهر هذا الانتقال في إيصال الرؤية طويلة المدى للأمن والاستقرار إلى الشعب، مع الانخراط في الوقت نفسه في إعادة إعمار البلاد.
يجب على الإدارة الجديدة أن تُظهر التزامها بتلبية توقعات السوريين التي طال تجاهلها، وأن تُظهر قدرتها على قيادة البلاد نحو مستقبل أكثر إشراقًا. ويشمل ذلك معالجة مظالم الماضي، وتعزيز المصالحة، وضمان شعور جميع المواطنين بالحماية.
سيبقى من يسعون لزعزعة استقرار البلاد ولن يبقوا مكتوفي الأيدي. لن تكفي التدابير الأمنية وحدها للتغلب على هذه العوامل المفسدة. إن معالجة الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار، كالصعوبات الاقتصادية، والتفاوت الاجتماعي، والحرمان السياسي، أمرٌ ضروري لبناء مجتمع أكثر مرونةً وتماسكًا.
في نهاية المطاف، سيعتمد نجاح المرحلة الانتقالية في سوريا على الجهود الجماعية لقادتها ومواطنيها وشركائها الدوليين. ومن خلال إعطاء الأولوية للتشاور والمأسسة وسيادة القانون، يمكن للإدارة الجديدة أن تمهد الطريق لمستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا وازدهارًا لجميع السوريين. إنها رحلة مليئة بالتحديات، ولكن بالعزيمة والالتزام، يُمكن تجاوز العقبات وتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.
خلال 4 أشهر تقريبًا، عزز الشرع سلطته. وفي الأشهر الأربعة المقبلة، عليه أن يثبت جدارته بالحكم. وفي حال فشله، تُواجه سوريا خطر الدخول في دوامة أخرى من عدم الاستقرار.
* نبذة عن الكاتب:
إردام أوزان دبلوماسي تركي متمرس يتمتع بخبرة 27 عامًا في الخدمة الدبلوماسية. وقد شغل العديد من المناصب البارزة، بما في ذلك منصبه الأخير كسفير لدى الأردن، بالإضافة إلى مناصب في الإمارات العربية المتحدة والنمسا وفرنسا ونيجيريا.
ولد في إزمير عام 1975، وتخرج بمرتبة الشرف من كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. واكتسب معرفة واسعة بالمشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الشرق الأوسط، حيث قام بتحليل تعقيدات الصراعين السوري والفلسطيني، بما في ذلك جوانبهما الإنسانية وتداعياتهما الجيوسياسية.
كما شارك في العمليات الدبلوماسية المتعددة الأطراف، وتخصص في مجال حقوق الإنسان والتطورات السياسية الإقليمية. وتشمل مساهماته توصيات لتعزيز السلام والاستقرار من خلال الحوار والتفاوض بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية. ويواصل حاليا دراساته عن الشرق الأوسط بينما يعمل مستشارا.

Try Our AI Features
Explore what Daily8 AI can do for you:
Comments
No comments yet...
Related Articles


Tahia Masr
3 hours ago
- Tahia Masr
في خطوة مفاجئة.. اتصالات مباشرة بين إسرائيل وسوريا حول الأمن
كشفت خمسة مصادر مطلعة لوكالة «رويترز»، الثلاثاء، عن إجراء اتصالات مباشرة ولقاءات وجهاً لوجه بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين في الأسابيع الأخيرة، في خطوة تُعد تطوراً غير مسبوق في العلاقات بين البلدين، اللذين لا تربطهما علاقات رسمية منذ عقود. وجاءت المحادثات في سياق جهود أمريكية لتشجيع الحكام الجدد في دمشق على الانفتاح نحو إسرائيل، وتزامنت مع تراجع ملحوظ في الغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية. قيادة سورية جديدة وخلفية أمنية وفقاً لمصدرين سوريين، وآخرين غربيين، ومصدر مخابراتي من دولة إقليمية، فإن الاتصالات المباشرة تُعتبر استكمالاً لمحادثات غير مباشرة جرت عبر وسطاء، بدأت بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر الماضي على يد «هيئة تحرير الشام». وأشارت المصادر، التي طالبت عدم الكشف عن هوياتها بسبب حساسية الموضوع، إلى أن الجانب السوري مثّله المسؤول الأمني البارز «أحمد الدالاتي»، الذي عُيّن محافظاً لمحافظة القنيطرة المتاخمة لهضبة الجولان المحتلة، قبل أن يُنقل مؤخراً لقيادة الأمن الداخلي في محافظة السويداء ذات الأغلبية الدرزية. من الجانب الإسرائيلي، لم تُكشف هويات المشاركين، لكن مصدرين أشارا إلى أنهم مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى، فيما تُعتبر الخطوة مفاجئة في ضوء التاريخ العدائي بين البلدين، لا سيما مع استمرار إسرائيل في اعتبار سوريا دولة معادية. رفع العقوبات وإرباك الاستراتيجية الإسرائيلية ألقى التقارب الأمريكي السوري بقيادة الرئيس دونالد ترامب بظلاله على المشهد، فبعد لقاء ترامب مع الرئيس السوري الجديد «أحمد الشرع» في 14 مايو الجاري، أعلن البيت الأبيض خططاً لرفع العقوبات عن دمشق، واصفاً الفرصة بـ«حقيقية لإعادة توحيد سوريا». ووفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز»، أدى التحوّل إلى إرباك الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، وتوقُّف شبه كامل للغارات الإسرائيلية التي كانت تستهدف مواقع سورية منذ أشهر. وكانت إسرائيل قد كثّفت عملياتها العسكرية في سوريا بعد سقوط الأسد، حيث نفذت أكثر من 700 غارة جوية بين ديسمبر الماضي ومايو الحالي، استهدفت أسلحة ثقيلة ومنظومات دفاع جوي، بل وضربات نادرة قرب القصر الرئاسي في دمشق. لكن هذه الحملة توقفت فجأة بعد اللقاء الأمريكي السوري، في خطوة وصفتها مصادر إسرائيلية بأنها "قلبت السياسة الإقليمية رأساً على عقب". دوافع إسرائيلية بين حماية الدروز ومصالح أمنية أعمق رغم تبرير إسرائيل لغاراتها بدعوى حماية الطائفة الدرزية في سوريا، التي تربطها علاقات وثيقة مع الدولة العبرية، فإن الغارات تجاوزت مناطق تواجد الدروز، ففي أبريل الماضي، قدّمت إسرائيل دعماً محدوداً للمقاتلين الدروز في السويداء إثر اشتباكات دامية، لكن مصادر عسكرية إسرائيلية أكدت أن الضربة القريبة من القصر الرئاسي في مايو كانت "تحذيراً للشرع". من جهة أوسع، يرى محللون أن إسرائيل تسعى لمنع تمركز جماعات معادية قرب هضبة الجولان، والحد من النفوذ التركي المتنامي في سوريا، خاصة بعد دعم أنقرة السياسي والعسكري لحكومة الشرع. وفي هذا الصدد، قالت «كارميت فالنسي»، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي: «كان التركيز على منع انتقال أسلحة استراتيجية من عهد الأسد إلى جماعات معادية». انتقادات خارجية وداخلية ومراجعة الاستراتيجية واجهت التحركات الإسرائيلية انتقادات دولية، حيث دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى احترام سيادة الدول المجاورة، قائلاً: «لا يُبنى الأمن بانتهاك السيادة». داخلياً، بدأ مسؤولون إسرائيليون بمراجعة جدوى الاستراتيجية الحالية. فبحسب «تمير هايمان»، الرئيس السابق لاستخبارات الجيش الإسرائيلي: "بعض الضربات نفذت بدافع الزخم، وليس التخطيط". وعود بالسلام والشكوك الإسرائيلية رغم تأكيد الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع على سعيه لـ«نظام مستقر وشراكة مع الغرب»، لا تزال إسرائيل متوجسة من خلفيته الموصولة بفصائل متشددة، حيث ووصف وزير الخارجية الإسرائيلي «جدعون ساعر» الحكومة السورية بأنها «جهادية ترتدي بدلات رسمية»، بينما حذّر يعقوب أميدرور، مستشار الأمن القومي السابق، من تكرار سيناريو الحوثيين على الحدود الشمالية.


El Aosboa
7 hours ago
- El Aosboa
طهران تتحدى.. أمريكا تفاوض إيران تحت التهديد بضرب مفاعلاتها النووية
أمريكا تفاوض إيران تحت التهديد بضرب مفاعلاتها خالد محمد علي انتهت، الجمعة الماضية، الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بشأن البرنامج النووي الإيراني، والتي عقدت في العاصمة الإيطالية روما، وأكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، أنها أحرزت «تقدماً غير حاسم». وكانت الجولة الخامسة قد شهدت حوارًا صعبًا، خصوصاً بعد تأكيد المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، في 18 مايو، على أن تخصيب إيران لليورانيوم يشكل «خطًا أحمر» للولايات المتحدة، مستبعدًا قبول تخصيب محدود، في موقف يعكس تشدداً أمريكياً مقارنة بإشارات سابقة. في الوقت الذي أكد فيه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، رئيس الوفد الإيراني في المفاوضات، أن المحادثات مع الولايات المتحدة معقدة وتتطلب المزيد من الجولات لاستكمالها، لكنه أشار إلى وجود إمكانية للتقدم من خلال المقترحات التي تقدم بها الوسطاء العمانيون. ووضع «عراقجي» شرطًا إيرانيا واضحا بقوله: «عدم وجود أسلحة نووية يعني وجود اتفاق، عدم التخصيب يعني عدم وجود اتفاق حان وقت اتخاذ القرار». التخصيب يحسم المفاوضات: ويُجمع المراقبون على أن موقف الطرفين من تخصيب اليورانيوم ومدى ما يقدمانه من تنازلات في هذا الشأن هو ما سيحسم نتائج المفاوضات فشلًا وانتهاء بالحرب، أو اتفاقًا ورفعًا للعقوبات الأمريكية عن إيران، حيث أجمعت تصريحات المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين على أن وقف تخصيب اليورانيوم في إيران شرط أساسي لأي اتفاق نووي جديد. وشدد مسؤولون أمريكيون على أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق يتيح لإيران الاستمرار في التخصيب، حتى للمستوى المنخفض، إلا في ظل ضمانات جديدة قد تشمل نقل المخزون المخصب إلى الخارج. كما وصفت إسرائيل برنامج طهران النووي بأنه تهديد وجودي، ودعت إلى إلغاء نشاطات التخصيب بالكامل. في المقابل تمسكت طهران بحقها في التخصيب لأغراض سلمية، حيث قال وزير خارجيتها عباس عراقجي: إن مطالبة أمريكا والغرب بإلغاء التخصيب جملةً وتفصيلاً أمر «غير مقبول تماماً» وسيقابل بالرفض. وطرحت مصادر غربية عدة اقتراحات بديلة لتزويد إيران بالوقود النووي دون الحاجة لمعاملها الداخلية، ومن الأفكار المطروحة تكوين «اتحاد إقليمي» لإثراء اليورانيوم يضم دولاً خليجية وإيران، بحيث تستورد إيران الوقود المخصب من هذا الاتحاد بدلاً من تخصيبه بنفسها. كما أكد مسؤولون أمريكيون أن إيران بإمكانها في إطار أي اتفاق جديد الاعتماد على واردات اليورانيوم المخصب من الخارج لتشغيل مفاعلاتها المدنية. وذكر ضمناً أن دولاً مثل روسيا أو حتى بنك الوقود النووي للوكالة الذرية في كازاخستان قد تلعب دوراً في توريد الوقود، رغم أن موسكو لم تؤكد تعاونها في هذا الخصوص. بعبارة أخرى، تتمحور الخطط المقترحة حول نقل المخزون الحالي لإيران إلى دولة ثالثة، والسماح لطهران بشراء وقود منخفض التخصيب من السوق الدولية بدلاً من عودتها للتخصيب محلياً. استعدادات إسرائيلية لضرب المفاعلات النووية: أوردت وسائل إعلام غربية معلومات استخباراتية أمريكية تفيد بأن إسرائيل تقوم بتحضيرات لضرب المنشآت النووية الإيرانية، حيث أفادت شبكة CNN الأمريكية، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، بأن فرص حصول إسرائيل على موافقة داخلية للقيام بضربة عسكرية على منشآت إيرانية قد زادت مؤخراً. ويرى هؤلاء الخبراء أن الهدف من التسريب هو توجيه رسالة ضمنية لطهران مفادها أن فشل المفاوضات سيقابله رد إسرائيلي عسكري، قد لا تتمكن واشنطن من منعه بالكامل. وهددت طهران مراراً باعتبار واشنطن شريكاً في أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية، وأكد وزير الخارجية ورئيس الوفد الإيراني المفاوض عباس عراقجي أن «أي ضربة إسرائيلية لأي من مواقع إيران النووية سينظر إليها على أنها مدعومة من الولايات المتحدة، والتي يجب أن تتحمل المسؤولية الكاملة لها. وكرر الحرس الثوري التهديدات نفسها، فلوح بأن إسرائيل ستحظى برد «مدمر وحاسم» إذا اعتدت على أي منشأة في إيران. بعبارة أخرى، حذرت إيران إدارة ترامب ضمنيًا من أنها ستعامل أي ضربة إسرائيلية في طهران وكأنها قامت بها واشنطن نفسها، وقد تتخذ طهران إجراءات رداً على ذلك ليس فقط ضد إسرائيل بل ضد القوات الأمريكية في المنطقة. وأبلغ قائد «مقر خاتم الأنبياء» التابع للحرس الثوري الجنرال غلام علي رشيد في تصريحاته أنه في حال وقوع اعتداء إسرائيلي على إيران، فإن هجوماً إسرائيلياً واحداً سيعتبر مدعوماً بالكامل من قبل أمريكا، وأنه سيستهدف القواعد والمصالح الأمريكية في المنطقة. وأضاف رشيد أن قوات الحرس ستضرب قواعد أمريكية «إذا ما تعرضت إيران لهجوم إسرائيلي». وذكر أيضاً أن «مصدر العدوان والإمكانات والقواعد المساعدة لإسرائيل في المنطقة» ستكون هدفاً مباشراً في حالة أي اعتداء. وقد رفعت نسبة التأهب في قواعد الحرس والطيران الإيراني بعد هذه التصريحات، مما يعكس جدية التهديد وتأكيد أن ضرب منشآت إيرانية سيُقابل برد يستهدف الوجود الأمريكي في المنطقة. وفي رد حاسم ضد التهديدات الأمريكية الإسرائيلية، شددت إيران على أن مسألة تصنيع السلاح النووي ليست مستبعدة مستقبلاً إذا شعرت بتهديد وجودي. وأقر مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى بقدرة البلاد التقنية على إنتاج سلاح نووي، ولكن نفوا أي نية فعلية لذلك، إذ يقول رئيس منظمة الطاقة الذرية محسن إسلامي: إن «إيران لديها القدرة الفنية على صنع قنبلة نووية ولكن هذا ليس على جدول الأعمال». ونوه بأنه مثلما ذكر مستشار خامنئي كمال خرازي، فإن لديهم الإمكانات لكنهم «لم يتخذوا أي قرار لصنع قنبلة». وهذه التصريحات تعكس موقف النظام الرسمي بأن إيران «ملتزمة سلمياً» في برنامجها النووي، وأن امتلاك القنبلة غير مطروح حالياً. وسعت طهران إلى تعزيز قدراتها الصاروخية والجوية مؤخراً، ففي أوائل مايو 2025 كشفت إيران رسمياً عن صاروخ باليستي بالوقود الصلب من طراز «الشهيد حاج قاسم» بمدى يصل إلى 1200 كلم، مزود برأس متفجر جديد وأنظمة ملاحة متقدمة للتحايل على أنظمة الدفاع الصاروخي. كما عرضت طهران نسخة مطورة من منظومة الدفاع الجوي Bavar-373 خلال مناورات عسكرية، يتضمن راداراً جديداً قادراً على تتبع أهداف عدة ويعمل بالتنسيق مع بطاريات S-300 الروسية لتحسين الدفاع على ارتفاعات عالية. وذكرت تقارير إيرانية أن منظومات صواريخ سطح - جو جديدة (كـ«صياد ۳») يتم تركيبها على مدمرات بحرية (مثل المدمرة "سهند")، لزيادة دفاع السفن ضد الطائرات والصواريخ. ويمكن القول: إن إيران تركز على تحديث منظوماتها الصاروخية الصلبة قصيرة ومتوسطة المدى، ورفع كفاءة دفاعاتها الجوية، بينما تتبنى تكتيكات التعتيم لإخفاء قدراتها. الحوثيون على خط النار: ونظرًا للترابط المعروف بين الحوثيين وإيران، فإن أي ضربات إسرائيلية على المفاعلات الإيرانية سيدفع بالضرورة الحوثيين إلى الاستمرار في استهداف المدن الإسرائيلية من ناحية، وحاملات الطائرات الأمريكية من ناحية أخرى. ويمتلك الحوثيون ترسانة كبيرة ومرنة من الصواريخ والطائرات المسيرة بعيدة المدى، التي يعززها بشكل كبير الدعم الإيراني المستمر، حيث تمكنهم هذه الترسانة من ضرب عمق الأراضي الإسرائيلية، كما أن مرونتهم الملحوظة في مواجهة العمليات المضادة الأمريكية والإسرائيلية الواسعة، تضمن استمرارهم كتهديد. وفي حال وقوع هجوم إسرائيلي (وربما أمريكي) على المنشآت النووية الإيرانية، فمن المؤكد أن يتم تفعيل الحوثيين كعنصر رئيسي في استراتيجية إيران الانتقامية، وسيكون دورهم الأساسي هو فتح «جبهة ثانية» ضد إسرائيل، مما يجهد دفاعاتها الجوية، ويخلق ضغطا نفسيا مستمرا، وهو ما من شأنه أن يفرض تكاليف كبيرة على إسرائيل ويعقد حساباتها الاستراتيجية. ويبقى رهان إيران على الدعم الحوثي فقط بعد التدمير شبه الكامل الذي لحق بحزب الله اللبناني، وأصبحت عودته للعمل العسكري شبه مستحيلة لقتل جميع قادته، وتدمير قواعده، وطرد ما تبقى من قواته من الجنوب اللبناني. وعلى الرغم من الشراكة الدفاعية بين إيران والصين، فإن غالبية المراقبين يستبعدون تحركا عسكريا صينيا مساندا لطهران في حال الاعتداء عليها، ودخولها في حرب شاملة مع إسرائيل وأمريكا. ووفقًا للأداء الصيني وسياقه التاريخي في هذا الشأن فإن الصين ستفضل دعم إيران دبلوماسيا وفي المحافل الدولية دون التقدم خطوة واحدة نحو الدعم العسكري لها. وهكذا يبدو أن إسرائيل تفاوض حماس تحت خط النار في الوقت الذي تفاوض فيه أمريكا إيران تحت التهديد بضرب منشآتها النووية ولكن عبر إسرائيل وبزعم أنها ترفض السماح بذلك حتى تتجنب ضرب قواعدها العسكرية التي تجاوزت 57 قاعدة موزعة على معظم الدول العربية وخاصة في منطقة الخليج وسوريا والعراق.


Nafeza 2 World
8 hours ago
- Nafeza 2 World
أخبار العالم : الهند توافق على برنامج لتصنيع أكثر المقاتلات الشبحية تطورا وسط الصراع مع باكستان
الثلاثاء 27 مايو 2025 12:30 مساءً نافذة على العالم - (CNN)-- أعلنت وزارة الدفاع الهندية، الثلاثاء، أن وزير الدفاع وافق على إطار عمل لبناء أكثر الطائرات الشبحية المقاتلة تطورا في البلاد، وسط سباق تسلح جديد مع باكستان، بعد أسابيع من النزاع العسكري بين الجارتين. وأضافت وزارة الدفاع الهندية أن وكالة تطوير الطيران الهندية الحكومية، التي تنفذ البرنامج، ستدعو قريبا شركات الدفاع إلى العمل على تطوير نموذج أولي للطائرة الحربية، التي سيتم تصميمها لتكون مقاتلة من الجيل الخامس ذات المحركين. ويعتبر هذا المشروع بالغ الأهمية للقوات الجوية الهندية، التي انخفض عدد أسرابها، والتي تتكون في الأساس من طائرات روسية وسوفيتية سابقة، إلى 31 من قوامها المعتمد البالغ 42 مقاتلة. في حين تعمل الصين القوة المنافسة لها على توسيع قوتها الجوية بسرعة. وتمتلك باكستان واحدة من أكثر الطائرات الحربية الصينية تطورا في ترسانتها، وهي J-10. وتواجه جيشا الهند وباكستان الجارتين المسلحتين نوويا، في أربعة أيام من القتال خلال الشهر الجاري، والذي شهد استخدام الطائرات المقاتلة والصواريخ والطائرات بدون طيار والمدفعية من قبل الجانبين، قبل أن يعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب وقف إطلاق النار. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها الجانبان طائرات بدون طيار على نطاق واسع، وتخوض القوتان الآسيويتان الآن سباق تسلح بالطائرات بدون طيار، وفقا لمقابلات أجرتها وكالة "رويترز" مع 15 شخصا، بينهم مسؤولون أمنيون ومديرون تنفيذيون في قطاع الصناعة ومحللون في البلدين. وذكرت وزارة الدفاع الهندية في بيان، أن الهند ستشترك مع شركة محلية في برنامج مقاتلات الشبح، ويمكن للشركات تقديم عروضها بشكل مستقل أو كمشروع مشترك، وأوضحت أن باب تقديم العطاءات سيكون مفتوحا للشركات الخاصة والحكومية. وفي مارس/آذار الماضي، أوصت لجنة دفاع هندية بإشراك القطاع الخاص في تصنيع الطائرات العسكرية لدعم قدرات القوات الجوية الهندية، وتخفيف العبء عن شركة "هندوستان أيرونوتيكس المحدودة" المملوكة للدولة، والتي تقوم بتصنيع غالبية الطائرات العسكرية الهندية. وسبق أن انتقد قائد القوات الجوية الهندية، المارشال عمار بريت سينغ شركة "هندوستان أيرونوتيكس" لبطء تسليمها طائرات "تيجاس" القتالية الخفيفة، وهي مقاتلة من الجيل 4.5، والتي ألقت الشركة اللوم في ذلك على شركة جنرال إلكتريك (GE.N) لتباطئها في تسليم المحركات، بسبب المشاكل في سلسلة التوريد التي تواجهها الشركة الأمريكية.