
ما الذي يمنع الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات جماعية على إسرائيل؟
ومنذ بداية يونيو (حزيران) الماضي، تقدمت هولندا وقبلها السويد بطلب من المفوضية للتحقيق فيما إذا كانت إسرائيل تحترم البند الثاني من اتفاقية الشراكة الأوروبية معها التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2000. وينص البند الثاني منها على ضرورة احترام الطرفَيْن الحقوق الإنسانية والمبادئ الديمقراطية. وفي 23 من الشهر نفسه، أكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، في التقرير الصادر عنها، أن إسرائيل «تنتهك التزاماتها فيما يتعلق بحقوق الإنسان (في غزة) والمنصوص عليها في البند الثاني من اتفاقية الشراكة».
وحتى يوم الاثنين الماضي، لم تكن المفوضية قد اتخذت أي إجراء أو قرار بحق إسرائيل رغم تجاوز أعداد القتلى في القطاع 60 ألفاً، وهي أرقام تتبناها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية. كذلك، فإن ما لا يقل عن ألف قتيل سقطوا منذ بداية عملية توزيع الأغذية التي تقوم بها منظمة أميركية-إسرائيلية يديرها عسكريون أميركيون قدامى.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس مستقبلاً في رام الله الجمعة وزير خارجية ألمانيا يوهان فادفول الذي تُعد بلاده من أشد أنصار إسرائيل داخل الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
من هنا، فإن مقترح المفوضية الأخير يُعدّ أول خطوة عملية جماعية من جانب الاتحاد الأوروبي. لكن المقترح يحتاج إلى موافقة أكثرية معززة من الأعضاء البالغ عددهم 27 عضواً، وهذا ليس بعد أمراً محسوماً. ويعني عملياً أن المقترح سيُطرح على التصويت، ويُفترض أن يحظى بموافقة 15 دولة (من أصل 27)، وأن تمثّل ما لا يقل عن 65 في المائة من عدد سكان الاتحاد. وثمة اعتقاد أن الاقتراح سيُقر عندما يُطرح على التصويت؛ إذ حتى اليوم، ثمة أربع دول أعلنت معارضتها، بينها ألمانيا وإيطاليا، وهي تضم على الأرجح التشيك والمجر. ويمكن للنمسا أن تلتحق بها. وتجدر الإشارة إلى أن أصواتاً أوروبية تطالب بإجراءات أشد إزاء إسرائيل، ومنها تجميد استفادتها من كامل برنامج «هورايزون أوروبا» البحثي العلمي، والمرصود له مبلغ 93.5 مليار يورو ما بين عامَي 2021 و2027.
كذلك فإن دولاً اقترحت تجميد الاتفاقية التجارية، بل كامل اتفاقية الشراكة بين الجانبَيْن. لكن إجراءات من هذا النوع لا يمكن أن تمر بسبب الدعم الأعمى الذي تتمتع به من الدول الداعمة لها التي تعول عليها لإجهاض أي إجراء تعدّه معادياً لها.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد لم يُدن يوماً ما تقوم به إسرائيل، رسمياً وجماعياً، في غزة. والتدبير الواحد الذي أُقر جماعياً يتناول اتخاذ عقوبات «رمزية» بحق عدد من المستوطنين الذين يلجأون إلى العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية؛ الأمر الذي لم يوقف حركة الاستيطان قط ولا مضاعفة العنف الأعمى.
وقال مدير الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي، روس سميث: «لا يشبه هذا أي شيء شهدناه في هذا القرن. إنه يذكرنا بالكوارث التي حدثت في إثيوبيا أو بيافرا خلال القرن الماضي».
الأطفال ضحايا سياسة التجويع الإسرائيلية (رويترز)
تكمن أهمية المقترح في أن المفوضية تسعى لاستخدام البحث العلمي وسيلة ضاغطة على إسرائيل من خلال تعليق مشاركة واستفادة «الكيانات الإسرائيلية المشاركة في برنامج «مسرّع مجلس الابتكار الأوروبي»، وهو برنامج مخصص للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة التي تطوّر تقنيات متقدمة للاستخدامات المدنية والعسكرية، مثل الأمن السيبراني والمسيرات والذكاء الاصطناعي.
و«مسرع مجلس الابتكار» جزء أساسي من برنامج «هورايزون أوروبا»، ويتمتع بميزانية قدرها 10.1 مليار يورو للفترة الممتدة من 2021 إلى 2027. وقال مصدر في المفوضية إن الاختيار «مرده إلى أن إسرائيل تعتمد إلى حد بعيد، في حربها على غزة، على ما يوفره الذكاء الاصطناعي من جهة، ومن جهة ثانية على الإكثار من اللجوء إلى المسيّرات». ولأن إسرائيل استشعرت الخطر، فقد سارع رئيسها إسحاق هرتسوغ إلى القول: «سيكون من الخطأ الفادح أن يتخذ الاتحاد الأوروبي مثل هذه الإجراءات، خصوصاً في ظل الجهود الإنسانية المستمرة والمعززة التي تبذلها إسرائيل». ولم يُفهم عن أي «جهود» يتحدث هرتسوغ. ويتخوّف الأخير من أن تدبيراً مثل هذا «من شأنه الإساءة لصورة إسرائيل، وأن يكون فاتحة لتدابير عقابية أخرى». وأدانت وزارة الخارجية الإسرائيلية توصية المفوضية الأوروبية، ورأت أنها «خاطئة ومؤسفة وغير مبررة»، وأنها «لن تؤدي سوى إلى تقوية» حركة «حماس». وقالت إسرائيل إنها ستسعى للحيلولة دون تبني هذا الإجراء. وخوف إسرائيل التي تعاني، منذ أشهر خصوصاً بعد أن بدأت سلسلة الدول الأوروبية العازمة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، من عزلة دبلوماسية غير مسبوقة، أن تتطور الضغوط الأوروبية إلى درجة إلغاء اتفاقية التجارة أو الشراكة مع الاتحاد الأوروبي؛ مما ستكون له انعكاسات قوية على اقتصادها، كون الاتحاد شريكها الاقتصادي الأول.
المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال زيارة الأخير لبرلين في 12 مايو الماضي (أ.ب)
ليس سراً أن الانقسامات الأوروبية تحول دون تمكين الاتحاد من أن يقدم دوراً فاعلاً في حرب غزة وبشكل عام، بخصوص أزمات الشرق الأوسط. فمن جهة، ثمة دول أوروبية تريد اللجوء إلى تدابير قاسية تجاه إسرائيل؛ فالسويد التي اعترفت بالدولة الفلسطينية منذ عام 2015، تطالب بتجميد اتفاقية التجارة (التي هي جزء من اتفاقية الشراكة) مع إسرائيل. وكتب رئيس الوزراء السويدي، أولف كريسترسون، عبر منصة «إكس»، أن «الوضع في غزة مروع جداً، وتمتنع إسرائيل عن الالتزام بواجباتها الأساسية والاتفاقات بشأن المساعدات الطارئة. لذا تطالب السويد بتجميد الشق التجاري في اتفاقية الشراكة في أسرع وقت ممكن». وطلب نظيره الهولندي، ديك شوف، الشيء نفسه حال استمرار إسرائيل في انتهاك واجباتها الإنسانية.
أما سلوفينيا التي اعترفت بالدولة الفلسطينية ربيع العام الماضي (مع إسبانيا وآيرلندا والنرويج) فقد قررت، الخميس، فرض حظر على صادرات وواردات وعبور الأسلحة عبر أراضيها إلى إسرائيل. وسبق لها أن عدّت «وزيرَين إسرائيليين (وزير الأمن القومي بن غفير ووزير المالية سموتريتش) غير مرغوب فيهما» على أراضيها. وهذان الوزيران ممنوعان أيضاً، منذ الاثنين الماضي، من الدخول إلى هولندا. وأكدت سلوفينيا أنها «سوف تواصل الدعوة إلى اتخاذ إجراءات أكثر حسماً ضد الحكومة الإسرائيلية».
ومن جهتها، تعمل آيرلندا على إعداد تشريع يحظر التجارة مع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
حتى اليوم، ثمة 12 دولة داخل الاتحاد اعترفت بالدولة الفلسطينية التي يتعيّن أن تُضاف إليها فرنسا والبرتغال ومالطا ولوكسمبورغ وفنلندا التي ستُقدم على هذه الخطوة رسمياً الشهر المقبل، ما يعني أن الأكثرية المؤهلة (المعززة) أصبحت متوافرة للموافقة على إجراءات ضد إسرائيل.
لكن هذا التحول لا يعني أن الاتحاد أصبح مكسوب الولاء؛ إذ إن دولاً رئيسية، مثل ألمانيا وإيطاليا والنمسا، لن تنتهج هذا السبيل غداً، لأسباب متعددة (داخلية وخارجية)، مما سيمنع الاتحاد الأوروبي من التحدث بلغة واحدة إزاء أزمة رئيسية على حدوده الجنوبية. وتكفي الإشارة إلى ما صدر عن مارتن هوبر الأمين العام للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، عضو التحالف الحكومي الألماني، الذي جزم بأنه «من الوارد انتقاد الحكومة الإسرائيلية، لكن فرض عقوبات بين الأصدقاء غير وراد بالتأكيد».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 38 دقائق
- الشرق الأوسط
44 قتيلاً نصفهم من منتظري المساعدات بنيران إسرائيلية في غزة
قُتل 44 فلسطينياً على الأقل بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، الأحد، بينهم 22 قُتلوا قرب مراكز لتوزيع المساعدات، على أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا). وقال الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، في وقت سابق، إنه أحصى «9 شهداء وعشرات المصابين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز المساعدات في شمال غربي رفح»، حيث نُقلوا إلى مستشفى «ناصر» في خان يونس. فلسطينيون يجلسون بجانب جثة قُتلت في أثناء تجمع لتلقي المساعدات في غزة (إ.ب.أ) وأضاف أنه تم نقل «5 شهداء قرب مركز المساعدات قرب جسر وادي غزة» في وسط القطاع. وأكدت مستشفى «العودة» في مخيم النصيرات أنها استقبلت «5 شهداء و12 إصابة» جراء نيران الجيش قرب مركز توزيع المساعدات قرب جسر وادي غزة. وفي ساعة مبكرة من صباح الأحد تجمع آلاف الأشخاص قرب مراكز المساعدات في خان يونس ورفح، جنوب القطاع، وقرب جسر وادي غزة. فلسطينيون يحملون مساعدات دخلت غزة عبر إسرائيل في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ) وبحسب شهود عيان، أطلق الجنود الإسرائيليون النار باتجاه مئات الأشخاص الذين اقتربوا من نقطة حراسة عسكرية قرب بوابة مركز مساعدات في شمال غرب رفح، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال جبر الشاعر (31 عاماً) إن الجنود أطلقوا النار «على الناس، أنا كنت هناك. لم يشكل أحد أي خطر على الجنود. إنهم فقط يريدون القتل، هم (الجنود) يعرفون أننا نريد مساعدات غذائية لنطعم أطفالنا». وأشار إلى أن عدداً من الطائرات المسيرة حلّقت على ارتفاع منخفض في الأجواء. في هذه الأثناء، أفاد بصل أن 4 أشخاص قُتلوا في غارة نفذتها طائرة استطلاع إسرائيلية «استهدفت مجموعة مواطنين» في حي الشجاعية شرق غزة. في ساعة مبكرة من صباح الأحد تجمع آلاف الأشخاص قرب مراكز المساعدات في خان يونس ورفح (د.ب.أ) وأشار إلى أن أحد العاملين في جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» قُتل في غارة أخرى على مبنى في مدينة الأمل التابعة للجمعية في خان يونس.


صحيفة سبق
منذ 40 دقائق
- صحيفة سبق
الاحتلال يقتحم "الأقصى" 27 مرة ويمنع الأذان في "الإبراهيمي" 51 وقتًا الشهر الماضي
أفادت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في تقريرها الشهري الذي نقلته وكالة وفا، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى المبارك 27 مرة، ومنعوا رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي الشريف 51 وقتًا، خلال شهر يوليوالماضي، في تصعيد خطير يستهدف الأماكن المقدسة الإسلامية. وأشار التقرير إلى أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير أصدر تعليمات بالسماح للمستوطنين بالغناء والرقص في جميع أنحاء المسجد الأقصى، وليس فقط في المنطقة الشرقية، حيث شهدت باحاته طقوسًا تلمودية واستفزازات تحت حماية مشددة، بينها أداء فرقة موسيقية أغنية تحمل دعوات صريحة لهدم الأقصى وبناء "الهيكل" المزعوم. كما وثق التقرير اعتقال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين عقب خطبته في المسجد الأقصى، في محاولة واضحة لقمع الخطاب الديني الفلسطيني. وفي الحرم الإبراهيمي، أُبقيت عدة أبواب مغلقة، وتواصلت القيود على دخول المصلين والمؤذنين، إلى جانب استمرار رفع الأعلام الإسرائيلية والرموز التلمودية على سطح الحرم. وكشف الإعلام الإسرائيلي عن مساعٍ لنقل إدارة الحرم من بلدية الخليل إلى جهات استيطانية، ما يعد مساسًا خطيرًا بهويته الإسلامية. ودعت الوزارة المجتمع الدولي ومؤسساته إلى التدخل العاجل لحماية المقدسات، كما ناشدت الفلسطينيين تكثيف الرباط في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي لمواجهة محاولات التهويد.


الشرق الأوسط
منذ 40 دقائق
- الشرق الأوسط
غزة: 22 قتيلاً بنيران الجيش الإسرائيلي بينهم 16 من منتظري المساعدات
قُتل 22 فلسطينياً على الأقل بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، الأحد، بينهم 16 قُتلوا قرب مراكز لتوزيع المساعدات، على ما أعلن الدفاع المدني في غزة. وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل إنه أحصى «9 شهداء وعشرات المصابين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز المساعدات في شمال غربي رفح»، حيث نُقلوا إلى مستشفى «ناصر» في خان يونس. فلسطينيون يجلسون بجانب جثة قُتلت في أثناء تجمع لتلقي المساعدات في غزة (إ.ب.أ) وأضاف أنه تم نقل «5 شهداء قرب مركز المساعدات قرب جسر وادي غزة» في وسط القطاع. وأكدت مستشفى «العودة» في مخيم النصيرات أنها استقبلت «5 شهداء و12 إصابة» جراء نيران الجيش قرب مركز توزيع المساعدات قرب جسر وادي غزة. وفي ساعة مبكرة من صباح الأحد تجمع آلاف الأشخاص قرب مراكز المساعدات في خان يونس ورفح، جنوب القطاع، وقرب جسر وادي غزة. فلسطينيون يحملون مساعدات دخلت غزة عبر إسرائيل في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (د.ب.أ) وبحسب شهود عيان، أطلق الجنود الإسرائيليون النار باتجاه مئات الأشخاص الذين اقتربوا من نقطة حراسة عسكرية قرب بوابة مركز مساعدات في شمال غرب رفح، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال جبر الشاعر (31 عاماً) إن الجنود أطلقوا النار «على الناس، أنا كنت هناك. لم يشكل أحد أي خطر على الجنود. إنهم فقط يريدون القتل، هم (الجنود) يعرفون أننا نريد مساعدات غذائية لنطعم أطفالنا». وأشار إلى أن عدداً من الطائرات المسيرة حلّقت على ارتفاع منخفض في الأجواء. في هذه الأثناء، أفاد بصل أن 4 أشخاص قُتلوا في غارة نفذتها طائرة استطلاع إسرائيلية «استهدفت مجموعة مواطنين» في حي الشجاعية شرق غزة. في ساعة مبكرة من صباح الأحد تجمع آلاف الأشخاص قرب مراكز المساعدات في خان يونس ورفح (د.ب.أ) وأشار إلى أن أحد العاملين في جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» قُتل في غارة أخرى على مبنى في مدينة الأمل التابعة للجمعية في خان يونس.