زيارة لاكروا بمفعول مضاعف.. دعم اليونيفيل ورسائل ما قبل التجديد
مع اقتراب موعد التجديد السنوي لقوات الطوارئ الدولية المعززة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، اكتسبت زيارة وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان ـ بيار لاكروا إلى لبنان أهمية استثنائية، ليس فقط من ناحية توقيتها، بل لما تمثله من رسالة واضحة حيال التزام الأمم المتحدة الثابت بالسلام والاستقرار في جنوب لبنان، وسط واقع إقليمي بالغ التوتر وتحديات أمنية متسارعة.
أتت هذه الزيارة في سياق جولة إقليمية مقررة، لكنها تحمل دلالات لبنانية خاصة، إذ تندرج ضمن العد العكسي للتجديد المنتظر لولاية «اليونيفيل»، في لحظة سياسية دقيقة تمر بها البلاد، وتترافق مع تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
لم تكن زيارة لاكروا مجرد محطة بروتوكولية، بل انطوت على أبعاد سياسية وأمنية وإنسانية عميقة، جسدتها لقاءاته مع كبار المسؤولين اللبنانيين، إضافة إلى قيادة «اليونيفيل» وزملائه من عناصر حفظ السلام، في لحظة انتقالية تشهد تسليم القيادة من الجنرال الاسباني أرولدو لاثارو إلى خلفه الجنرال الايطالي ديوداتو أبانيارا، في خضم وضع ميداني هش.
وقد حرص لاكروا، في هذا السياق، على الاطلاع المباشر على الواقع الحدودي عبر زيارته مناطق لبنانية قريبة من الخط الأزرق تضررت بشدة من الحرب الاسرائيلية الأخيرة، في خطوة تحمل طابع التقييم الميداني للمخاطر الداهمة، كما حملت في طياتها تعاطفا مع المجتمعات المتأثرة من النزاع، ورسالة تضامن دولية لا تخلو من بعد سياسي ضاغط في وجه من يسعى لتقويض الاستقرار.
وفي بعد آخر لا يقل دلالة، شكلت جولة لاكروا البحرية على متن إحدى سفن قوة «اليونيفيل» البحرية قبالة ساحل الناقورة، مؤشرا على حرص المنظمة الدولية على متابعة العمليات العسكرية والأمنية البرية والبحرية على حد سواء، في إطار المهام الموكلة إلى البعثة بموجب القرار 1701، وهو القرار الذي يبقى ركيزة الحضور الدولي في الجنوب، وضمانة الحد الأدنى من التوازن الأمني الهش.
واستنادا إلى مصدر ديبلوماسي في بيروت، قال لـ«الأنباء» انه «بدا واضحا أن لاكروا يحمل رسالة مزدوجة، من جهة تأكيد الدعم الدولي المتواصل لليونيفيل بوصفها عنصرا أساسيا في تثبيت وقف الأعمال العدائية وتفادي الانزلاق إلى حرب شاملة، ومن جهة أخرى التشديد على أن الهدوء النسبي القائم لا يمكن الركون إليه أو اعتباره استقرارا دائما، بل هو هدوء دقيق ومشروط وقابل للتآكل في أي لحظة إذا لم تستكمل المسارات السياسية والأمنية الداعمة له.
وقد عكس مضمون لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين هذه الحقيقة، إذ تم التشديد على ضرورة التمسك بتفاهمات القرار 1701 وتفعيل التعاون القائم بين اليونيفيل والجيش اللبناني، الذي يشكل العمود الفقري لأي استراتيجية ناجعة لحفظ الأمن في الجنوب».
تكمن أهمية الزيارة أيضا في إعادة التأكيد الأممي على الحاجة إلى بيئة سياسية داعمة ودينامية حكومية تواكب عمل البعثة، في ظل ظروف ميدانية ومناخات إقليمية لا تحتمل التراخي أو الغموض.
واستنادا إلى المصدر الديبلوماسي نفسه «فالرسالة واضحة: لا يمكن تحميل اليونيفيل وحدها عبء الاستقرار، بل المطلوب شراكة متكاملة مع الدولة اللبنانية، تشريعيا وأمنيا وشعبيا، في ظل محيط يغلي على خطوط التماس المختلفة، من فلسطين المحتلة إلى الجولان، وايران وما بعدها».
كما لم يغفل لاكروا التعبير عن التقدير العميق لجهود جنود حفظ السلام في بيئة معقدة، محفوفة بالمخاطر اليومية، سواء من ناحية الاستهداف المباشر أو من ناحية القيود المفروضة على تحركاتهم. وهو بذلك يعيد تسليط الضوء على أهمية حماية البعثة وتسهيل مهامها، بوصفها حاجة دولية ولبنانية في آن، وليس عبئا أو أداة ضغط، كما يسوق البعض في حملات ظرفية لا تصمد أمام الوقائع.
في المحصلة، أكد مصدر سياسي رفيع لـ«الأنباء» انه «يمكن اعتبار زيارة لاكروا بمثابة تمهيد ديبلوماسي وأمني لإعادة تثبيت الحضور الدولي في جنوب لبنان، ورسالة تحذير من خطر انفراط الهدوء عند أول شرارة إقليمية، ما لم يتم تحصينه بخطوات لبنانية داخلية جدية، وبقرار دولي واضح يكرس استمرارية اليونيفيل بصيغتها الحالية، من دون إضعاف أو تعديل يهدد توازن الردع القائم بصعوبة منذ أعوام. فالمعادلة دقيقة، والوقت ضيق، والخط الأزرق لا يحتمل المساومة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 22 دقائق
- النهار
غزة تحت الضربات الإسرائيلية... قصف منازل وحصيلة الضحايا ترتفع
أعلن الدفاع المدني الفلسطيني مقتل 12 فلسطينياً بنيران الجيش الإسرائيلي السبت، غالبيتهم قرب مركزين للمساعدات في وسط وجنوب قطاع غزة. وقال الناطق باسم الجهاز محمود بصل لوكالة "فرانس برس": "نقل إلى المستشفيات 12 شهيداً وعشرات المصابين بنيران وغارات قوات الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم 8 شهداء من منتظري المساعدات". ولفت بصل الى نقل "5 شهداء و15 مصاباً" إلى مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، إثر إطلاق القوّات الإسرائيلية النار في اتجاههم، حيث كانوا يتجمّعون على طريق صلاح الدين الرئيسي قرب مفترق نتساريم قرب مركز للمساعدات في منطقة جسر وادي غزة وسط القطاع. ولفت إلى "4 إصابات خطيرة" بين الجرحى، مشيراً إلى أن آلاف المواطنين تجمّعوا في ساعة مبكرة من صباح السبت في محاولة للحصول على بعض المواد الغذائية من مركز المساعدات المدعوم من الولايات المتحدة. وتدير هذه المراكز "مؤسسة غزة الإنسانية" التي ترفض الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية التعاون معها. وبدأت المؤسسة توزيع المساعدات نهاية ايار/مايو، لكن العملية تتخلّلها مشاهد فوضى وحوادث دامية. ومنذ نهاية ايار/مايو، قتل 450 شخصاً واصيب نحو 3500 خلال محاولاتهم الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات في غزة، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لـ"حماس". واشار بصل أيضاً إلى "3 شهداء على الأقل وأكثر من 20 إصابة بنيران قوات الاحتلال قرب دوار العلم قرب مركز المساعدات الأميركي" في شمال غرب رفح جنوب القطاع. ونقل الضحايا والمصابون إلى مستشفى "ناصر" بخان يونس. وأوضح أن المستشفى نفسه استقبل "شهيداً وعدداً من الإصابات في غارة جوية إسرائيلية صباح (السبت) في شارع الطينة" في خان يونس. وأورد بصل أن "3 مواطنين أشقاء من عائلة عبيد استشهدوا في غارة جوية إسرائيلية صباح اليوم استهدفت منزلاً في منطقة المنصورة" في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. ونقل القتلى والمصابون إلى مستشفى "المعمداني" في البلدة القديمة في مدينة غزة. ونسف الجيش الاسرائيلي بالمتفجّرات أكثر من عشرة منازل في مناطق الشجاعية والزيتون والتفاح في شرق مدينة غزة، وشنّ الطيران الحربي سلسلة غارات جوية عنيفة ليلاً وصباح السبت في غزة وجباليا وبيت لاهيا في شمال القطاع، بحسب بصل. وفي اتّصال مع "فرانس برس"، رفض الجيش التعليق على الأمر حتى الآن. وأعلنت "سرايا القدس" - الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" - السبت "تدمير جرافة عسكرية صهيونية من نوع D9 بعبوة برميلية في منطقة السناطي" شرق مدينة خان يونس. وأضافت السرايا أنّها أطلقت "قذائف هاون وصواريخ من نوع 107 باتجاه جنود وآليات الجيش الإسرائيلي المتوغلين غرب بيت لاهيا وشرق مخيم جباليا" في شمال القطاع غزة. واندلعت الحرب في قطاع غزة عقب هجوم غير مسبوق نفّذته حركة "حماس" ضد الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفر عن مقتل 1219 شخصاً معظمهم من المدنيين، وفق تعداد لـ"فرانس برس" يستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية. وتردّ إسرائيل منذ ذلك الوقت بحرب مدمّرة قتل فيها 55908 أشخاص في قطاع غزة غالبيتهم مدنيون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحّة التابعة لـ"حماس". ومنذ 18 آذار/مارس الماضي حين انهارت هدنة هشّة استمرت لشهرين، أحصت وزارة الصحة 5599 قتيلاً فلسطينياً.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
بعد الهجوم على المفاعلات الإيرانية.. مخاوف من رد عسكري على القواعد الأمريكية بالمنطقة
في تصعيد غير مسبوق للحرب الإيرانية –الإسرائيلية، أعلنت الولايات المتحدة، صباح اليوم الأحد، تنفيذ ضربات جوية مركزة استهدفت منشآت نووية إيرانية في كل من فوردو ونطنز وأصفهان. وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عبر منصته "تروث سوشيال"، نجاح العملية، مشيرًا إلى أن الطائرات الأمريكية انسحبت من الأجواء الإيرانية فور إتمام المهمة. وتأتي هذه الضربات بعد تقييم من قبل إدارة ترامب بأن المسار الدبلوماسي مع طهران بلغ طريقًا مسدودًا، ما استدعى اللجوء إلى الخيار العسكري لمنع إيران من مواصلة برنامجها النووي. وأفاد ترامب بأن قاذفات B-2 الشبح، المجهزة بقنابل خارقة للتحصينات، ألقت حمولة كاملة على منشأة فوردو، واصفًا العملية بأنها "واحدة من أعقد العمليات العسكرية في العالم". وبحسب موقع "أكسيوس"، يشكل هذا التدخل الأمريكي المباشر تحولًا استراتيجيًا كبيرًا في سياسة واشنطن حيال طهران، إذ أنهى سياسة الحذر التي اتبعها رؤساء أمريكيون سابقون وفضلوا من خلالها تفادي التصعيد المباشر مع إيران. ويرجّح مراقبون أن تؤدي الضربات الأمريكية الأخيرة إلى ردود فعل إيرانية عنيفة، قد تستهدف القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة، وهو ما يثير قلقًا متزايدًا بشأن احتمال اتساع رقعة النزاع ليشمل أطرافًا إقليمية ودولية أخرى. ويرى محللون أن هذه التطورات قد تمثل بداية مرحلة جديدة من الصراع في الشرق الأوسط، تُنذر بتبعات عسكرية وسياسية واسعة، مع تلاشي آمال العودة إلى الاتفاق النووي، وتزايد احتمالات المواجهة الإقليمية المفتوحة. وطالبت البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، اليوم الأحد، بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، على خلفية الضربة العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة ضد منشآت نووية داخل إيران. وجاء الطلب الإيراني بعد ساعات من إعلان ترامب أن مقاتلات بلاده نفذت "هجومًا ناجحًا للغاية" على منشآت فوردو ونطنز وأصفهان، ضمن عملية عسكرية تهدف إلى "تدمير قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم". وفي رسالة رسمية وجهتها البعثة الإيرانية إلى مجلس الأمن الدولي، طالبت طهران بعقد اجتماع عاجل "حفاظًا على السلم والأمن الدوليين"، لبحث ما وصفته بـ"العمل العدواني السافر وغير القانوني"، داعية المجلس إلى "إدانته بأشد العبارات واتخاذ جميع التدابير اللازمة في إطار المسؤوليات الموكلة إليه بموجب ميثاق الأمم المتحدة". وفي تصريحات لاحقة خلال كلمة متلفزة، وجه ترامب تحذيرًا مباشرًا للقيادة الإيرانية، قائلًا: "إما أن يكون هناك سلام أو مأساة بالنسبة لإيران أكثر بكثير من التي شهدناها في الأيام الثمانية الماضية". واعتبر ترامب أن نجاح العملية العسكرية يمثل رسالة واضحة بأن الولايات المتحدة قادرة على تنفيذ عمليات دقيقة في عمق إيران، مع الحفاظ على سلامة قواتها. وأضاف ترامب: "جميع الطائرات في طريق العودة للوطن بسلام. نهنئ محاربينا الأمريكيين العظماء"، مشيدًا بكفاءة الجيش الأمريكي في تنفيذ العمليات المعقدة.


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
إدانات دولية واسعة للعدوان الأميركي على إيران: تهديدٌ مباشر للسلام والأمن الدوليين
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن استخدام الولايات المتحدة القوة ضد إيران يُعدّ تصعيدًا خطيرًا في منطقة تقف على حافة الهاوية، مشدّدًا على أن هذا الهجوم يشكّل تهديدًا مباشرًا للسلام والأمن الدوليين. وقال غوتيريش إن "هناك خطرًا متزايدًا من أن يخرج هذا الصراع عن السيطرة بسرعة، مع عواقب وخيمة على المدنيين والمنطقة والعالم". وفي أولى ردود الفعل الدولية، أدانت فنزويلا بشدة ما وصفته بـ"العدوان الأميركي غير القانوني وغير المبرّر والخطير للغاية" ضد المنشآت النووية الإيرانية، معتبرة أنه تصعيد غير مسؤول قد يُطلق العنان لعواقب وخيمة على الاستقرار العالمي. من جهته، استنكر الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل بشدة الضربة الأميركية على المنشآت الإيرانية، محذرًا من أنّها تمثّل تصعيدًا خطيرًا ينذر بتبعات كارثية. كما أدانت وزارة الخارجية في تشيلي الهجوم الأميركي لما يشكله من تهديد خطير للأمنين الإقليمي والدولي، داعية إلى ضبط النفس والعودة إلى المسارات الدبلوماسية. في السياق نفسه، اعتبر المكتب السياسي لحركة "أنصار الله" في اليمن أن "العدوان الأميركي الغاشم والجبان الذي استهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية يأتي في سياق الدعم الإجرامي اللامحدود الذي تقدمه واشنطن للكيان الصهيوني في جرائمه بحق الأمة". وشدد البيان على أن هذا العدوان لن يُثني إيران عن مواصلة خطها الجهادي التحرّري ضد الولايات المتحدة و"إسرائيل". من جانبها، أدانت حركة "حماس" بأشد العبارات ما وصفته بـ"العدوان الأميركي السافر" على أراضي وسيادة الجمهورية الإسلامية، مؤكدة أنّه يُعدّ تصعيدًا خطيرًا، وانسياقًا أعمى خلف أجندات الاحتلال الصهيوني، وانتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا للسِّلم والأمن الدوليين. وحمّلت "حماس" الإدارة الأميركية وحكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التداعيات المحتملة لهذا التصعيد. كذلك، أدانت لجان المقاومة في فلسطين، وحركة المجاهدين، "العدوان الأميركي الهمجي الغادر"، واعتبرتا أنه يستدعي "موقفًا موحّدًا من جميع أحرار الأمة لردع المعتدين المستكبرين".