
وزير الخارجية السوري يتعهد بتدمير مخزون الأسلحة الكيميائية، واعتصام في السويداء ضد الإدارة الجديدة
تعهد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، الأربعاء، بتدمير مخزونات الأسلحة الكيميائية، التي تراكمت في عهد الرئيس السابق بشار الأسد.
جاء ذلك خلال اجتماع المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي.
ويُعد الشيباني أول ممثل عن سوريا، يلقي كلمة، أمام المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
وقال الشيباني أمام المندوبين "برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، يمثل أحد أحلك الفصول، في تاريخ سوريا والعالم".
وأضاف:"برنامج الأسلحة الكيميائية الذي أنشئ في عهد الأسد، ليس برنامجنا، لكن رغم ذلك، فإن التزامنا هو تفكيك ما تبقى منه، ووضع حد لهذا الإرث المؤلم".
كانت إسرائيل، التي شنت مئات الغارات الجوية، على مواقع ومنشآت عسكرية، عقب الإطاحة بالأسد، قد أعلنت أن ضرباتها شملت الأسلحة الكيميائية المتبقية، "لمنع وقوعها في أيدي متشددين".
وأقر الشيباني بأن تلك الضربات تفرض تحديات إضافية، إلى جانب التحديات اللوجستية والتقنية والعملية.
وأضاف "نتيجة لذلك، لا يزال هناك حالة من عدم اليقين، بشأن الأسلحة الكيميائية، التي قد تكون ما زالت موجودة في سوريا". وتعهد بإعادة بناء مستقبل سوريا على أسس الشفافية والعدالة والتعاون مع المجتمع الدولي.
من جهته، قال المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو أرياس، في كلمة افتتاحية، إن الإطاحة بالأسد قدمت فرصة جديدة وتاريخية، لتوثيق مخزون الأسلحة الكيميائية، في سوريا وتدميره.
وكان أرياس قد التقى برئيس المرحلة الانتقالية السوري، أحمد الشرع، الشهر الماضي، في أول زيارة له إلى دمشق، منذ أطاحت الفصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام بالأسد.
وقال أرياس: "مع هذه الزيارة، بدأنا وضع أسس التعاون مع السلطات السورية الجديدة المبني على الثقة والشفافية".
مخزون الأسلحة الكيميائية
Reuters
ووافقت سوريا بضغط روسي وأمريكي عام 2013، على الانضمام إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والكشف عن مخزونها وتسليمه لتجنب شن الولايات المتحدة ضربات جوية.
جاء ذلك بعد اتهام القوات الحكومية آنذاك، بشن هجوم بالأسلحة الكيميائية، في ريف دمشق، أسفر عن مقتل نحو ألف شخص، رغم نفي السلطات السورية في حينه أن تكون قد استخدمت هذه الأسلحة.
وقالت الحكومة السورية، خلال عهد الأسد، إنها سلمت كامل مخزونها المعلن من الأسلحة الكيميائية، بغرض تدميره.
في المقابل، أعربت المنظمة عن مخاوف من أن ما صرحت به دمشق لم يكن المخزون الكامل وأنها أخفت أسلحة أخرى.
وخلال سنوات النزاع الذي اندلع عام 2011، تحققت المنظمة من أن الأسلحة الكيميائية اُستخدمت، أو يُرجح أنها استخدمت في 20 حالة في سوريا.
ووجد تحقيق أجرته الأمم المتحدة، أن نظام الأسد استخدم غاز الأعصاب السارين وبراميل الكلور المتفجرة خلال الحرب الأهلية، التي استمرت 13 عاماً، ما أسفر عن مقتل وإصابة الآلاف.
وعقب إطاحة فصائل معارضة منها هيئة تحرير الشام، بحكم الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، قالت منظمة حظر الأسلحة إنها طلبت من السلطات الجديدة تأمين مخزونها من هذه الأسلحة، مؤكدة أنها تواصلت مع دمشق، لتأكيد أهمية ضمان أمن المواد، والمنشآت المرتبطة بالأسلحة الكيميائية في البلاد.
تزايد الاغتيالات والتصفيات
وتواصلت علميات الاغتيال والتصفية الجسدية في سوريا منذ مطلع عام 2025، ليرتفع عدد ضحايا في محافظات سورية متفرقة إلى 343 شخصاً، بينهم 334 رجلاً، و7 سيدات، وطفلان، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشهد يوم الخميس واقعة اغتيال جديدة في مدينة حلب، حيث أقدم ثلاثة مسلحين مجهولين يستقلون دراجة نارية على إطلاق الرصاص مباشرة على شخص داخل مكتبه في حي صلاح الدين، ما أدى إلى مقتله على الفور، قبل أن يلوذوا بالفرار.
ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها المرصد، فإن القتيل كان متهماً بالتعامل مع النظام السابق.
وفي ريف حمص، شهدت قرية العقربية حادثة مماثلة، حيث اقتحمت مجموعة مسلحة منزل أحد المواطنين، مرتدين زياً مشابهاً لعناصر الأمن الداخلي، فيما اقتادوا صاحب المنزل إلى وجهة مجهولة. ليتم العثور على جثته بعد ساعات على طريق السماقيات، مصابة بخمس طلقات نارية.
وتأتي هذه العمليات وسط تصاعد التوتر الأمني في عدة مناطق، ما يثير مخاوف الأهالي من موجة اغتيالات جديدة تستهدف شخصيات بعينها في ظروف غامضة.
في الوقت نفسه، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأربعاء مقتل أربعة مدنيين على الأقل، خلال حملة أمنية شنتها قوات الأمن في مدينة اللاذقية في غرب سوريا، ومقتل سبعة آخرين في جنوب البلاد خلال يومين من الاشتباكات، بين مسلحين وقوات الأمن.
ونقل الإعلام الرسمي عن مصادر أمنية أن قوات الأمن أطلقت الثلاثاء حملة في حي الدعتور بمدينة اللاذقية، بعد تعرض عناصرها لكمين مسلح "نصبته مجموعات من فلول ميليشيات الأسد" ما أسفر عن مقتل اثنين منهم.
وأحصى المرصد مقتل أربعة مدنيين على الأقل في الحي، هما عاملا بناء في مبنىً قيد الإنشاء وحارسا مدرسة، مشيراً إلى عودة الهدوء الحذر إلى المنطقة، بعد اعتقال عدد من السكان والمطلوبين.
وأعلن الأمن العام من جهته القبض على عدد من الأشخاص المتورطين في الهجوم، وتحييد آخرين دون ذكر عددهم.
ونقلت وزارة الداخلية عن مدير إدارة الأمن العام في محافظة اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي "أنه بعد تلقي بلاغ حول ما جرى، تم تجهيز قوة أمنية خاصة وجمع المعلومات المتعلقة، والوصول إلى أحد عناصر الخلية الإجرامية ومداهمة وكرها بشكل فوري".
وأضاف أن "الخلية الإجرامية قامت بإلقاء القنابل على الدوريات الأمنية، ما أسفر عن إصابة عدد من العناصر". وقال: "ردّت قواتنا فوراً على مصادر النيران، وتمكنت من إلقاء القبض على عدة أشخاص، متورطين في هذه الأعمال الإجرامية، إضافة إلى تحييد عدد آخر".
وشهدت مدينة اللاذقية التي تقطنها نسبة كبيرة من الطائفة العلوية، في الأيام الأولى بعد إطاحة حكم بشار الأسد، توترات أمنية تراجعت حدتها في الآونة الأخيرة.
وما زالت تسجل هجمات عند حواجز تابعة للقوى الأمنية، من وقت إلى آخر، ينفذها أحياناً مسلحون موالون للأسد، أو عناصر سابقون في الجيش السوري، وفق المرصد.
انتهاء اشتباكات درعا واعتصام في السويداء
وفي جنوب سوريا انتهت الاشتباكات في درعا بينما شهدت مدينة السويداء اعتصاما حاشدا ضد الإدارة الجديدة في سوريا، حيث توافد المواطنون استجابة لدعوات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورفع المتظاهرون في السويداء رايات التوحيد ولافتات تندد بسياسات الحكومة الجديدة، معتبرين أن "الحكومة المؤقتة لا تسعى إلا للتمسك بالمناصب ولا يرونها تبني دولة" على حد قولهم.
وتجمّع المحتجون في ساحة الكرامة تعبيرا عن رفضهم للوضع الراهن، مطالبين بتغيير حقيقي في السياسات الحاكمة والعدالة في تمثيل الشعب، بحسب الدعوات على مواقع التواصل الاجتماعي.
في تطور موازٍ، أعلنت حركة "رجال الكرامة" عن تنسيق مع وزارة الداخلية لتفعيل دور الأمن الداخلي في المحافظة. وأوضحت الحركة أنه تم إرسال آليات خاصة بالأمن الداخلي إلى السويداء، حيث ستعمل فصائل المحافظة مع الداخلية على تنظيم الوضع الأمني بشكل أفضل.
وفي درعا انتهت العملية الأمنية التي أطلقتها قوى الأمن الداخلي التابعة لغرفة العمليات العسكرية ضد مجموعة مسلحة يقودها "محسن الهيمد"، المدعوم سابقاً من المخابرات العسكرية، في مدينة الصنمين بريف درعا، بعد اشتباكات عنيفة استمرت 24 ساعة.
مع انتهاء العملية، أُعلنت السيطرة على المدينة من قبل قوى الأمن الداخلي، بينما تبقى المنطقة في حالة توتر مستمر وسط تدابير أمنية مشددة.
وبلغت الحصيلة النهائية لضحايا الاشتباكات 15 قتيلا، بينهم 8 عناصر من الأمن الداخلي، 6 مسلحين محليين، بالإضافة إلى مقتل مدني وإصابة عدد من المدنيين بينهم نساء وأطفال.
وقالت قوات تابعة للسلطة الانتقالية إنها حاصرت المنزل الذي كان يتحصن فيه الهيمد وسط معلومات عن فراره إلى جهة مجهولة برفقة عدد من عناصره.
ووقعت هذه الاشتباكات بعد فشل المفاوضات ورفض الهيمد ومجموعته تسليم أنفسهم، ما أسفر عن نشوب قتال أدى إلى مقتل ثمانية عناصر من الأمن الداخلي وستة مسلحين محليين، بالإضافة إلى مقتل مدني، وإصابة عدد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن.
وبدأت الاشتباكات يوم الأربعاء، في مدينة الصنمين في ريف المحافظة الشمالي بين قوات الأمن ومجموعة مسلحة مرتبطة بالأمن العسكري السابق، واستمرت حتى يوم الخميس، وسط حالة من الذعر بين المدنيين القاطنين في مناطق الاشتباكات.
وفقاً للتقديرات، يبلغ عدد مجموعة الهيمد 200 ملسح، وكانت تتبع في السابق جهاز الأمن العسكري وقوات الأمن في نظام بشار الأسد، بحسب تقارير إعلامية.
وتنفذ قوات الأمن الداخلي حملة واسعة في المدينة بهدف "البحث عن مطلوبين وأسلحة"، ويقول المرصد إن الحملة جاءت غداة اشتباكات بين قوات الأمن والمجموعة نفسها، وأدت إلى مقتل ثلاثة من المسلحين، وإصابة ثلاثة مدنيين بينهم طفل بجروح، بحسب المرصد.
ونقلت الصفحة الرسمية لمحافظة درعا، على منصة تلغرام، عن مصدر في الأمن الداخلي قوله إن قوات الأمن تواصل العمليات العسكرية "لتطهير المنطقة من العناصر المسلحة".
ووصلت تعزيزات عسكرية صباحاً إلى المدينة، لمداهمة تجمعات المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون، وفق ما نقلت صفحة المحافظة عن المسؤول في الأمن الداخلي، عبد الرزاق الخطيب.
وأضاف أن الاشتباكات ما زالت على أشدها في بعض الأبنية بالحي الجنوبي الغربي للمدينة، وشكلت محافظة درعا مهد الاحتجاجات الشعبية، ضد السلطات في دمشق عام 2011. واستعادت قوات النظام السيطرة عليها في يوليو/تموز 2018، لكنها شهدت حالات من التوتر الأمني في السنوات الأخيرة.
ومنذ سيطرة السلطات الجديدة على الحكم في دمشق، سُجلت اشتباكات وحوادث إطلاق نار في عدد من المناطق، ويتهم مسؤولون أمنيون بعض المسلحين الموالين للحكم السابق بالوقوف خلفها.
ويشكل فرض الأمن وضبطه في عموم سوريا، أحد أبرز التحديات، التي تواجه رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، بعد نزاع مدمر بدأ قبل 13 عاماً وتشعبت أطرافه.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
٠٧-٠٦-٢٠٢٥
- موقع كتابات
قراءة للمصافحة التاريخية التي ألغت سيناريوهات إسرائيل لإشعال الحرب الأهلية السورية؟
في 14 أيار 2025، شهدت الرياض لقاءً دبلوماسيًا وصف بالتاريخي بين الرئيس الأمريكي 'ترامب' والرئيس 'الشرع'، زعيم هيئة تحرير الشام سابقا والقائد الفعلي حاليا وبعد انهيار وسقوط نظام 'بشار الأسد' وهذا اللقاء، الذي أعقبه رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا وإلغاء مكافأة ( 10 ) ملايين دولار عن رأس 'الشرع'، أثار الكثير من الجدل والتساؤلات حول تأثيره على التوازنات الإقليمية، خصوصًا في ظل التوغلات الإسرائيلية شبه المستمرة والقصف الطيران المدفعي والجوي . يُذكّر هذا الحدث بأحداث تاريخية مماثلة، مثل تهجير اليهود من العراق ومصر في منتصف القرن العشرين، حيث استُخدمت التفجيرات المفتعلة لدفعهم للهجرة عنوة إلى إسرائيل. اليوم، تشهد سوريا عمليات متكررة اغتيالات غامضة وتفجيرات مفتعلة ، مثل مقتل رئيس بلدية صحنايا بريف دمشق 'حسام ورور' مع ابنه رميا بالرصاص على يد مجهولين وبعد ساعات فقط من ترحيبه علنا بدخول قوات حفظ الأمن الى البلدة وبعد التوصل إلى اتفاق مبدئي يقضي بوقف إطلاق النار في جرمانا وأشرفية صحنايا بريف دمشق.وإنّ هذا الاتفاق جرى بحضور محافظي ريف دمشق، والسويداء، والقنيطرة، وعدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية و مشايخ من الطائفة الدرزية , وكذلك إلى جانب غارات إسرائيلية متكررة، غالبًا تحت ذريعة حماية الجالية الدرزية. فهل كان يمثل لقاء ترامب والشرع نقطة تحول مستقبلية بضمان السعودية في هذا السياق، أم أنه سيكون مجرد هدنة مؤقتة؟ على الأقل لفترة أربع سنوات قادمة من عمر ما تبقى من رئاسة سيد البيت الابيض وتعيد بعدها اسرائيل اخراج مخططاتها لاشعال فتيل الحرب الاهلية السورية ويكون رأس الحربة الطائفة الدرزية ومشايخها الذين يدورون في فلك الانفصال؟. في الأربعينيات والخمسينيات، شهد العالم العربي موجة هجرة جماعية لليهود من دول مثل العراق ومصر، حيث كان يعيش حوالي 900,000 يهودي قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948. في العراق، كانت الجالية اليهودية، التي بلغت 135,000 نسمة عام 1948، تواجه تمييزًا متزايدًا بعد إعلان الحركة الصهيونية جريمة يعاقب عليها بالإعدام. سلسلة تفجيرات استهدفت أماكن يهودية، مثل تفجير معبد مينارشا في دمشق عام 1949، الذي قتل 12 يهوديًا، أثارت الرعب بين ابناء الجالية. تقارير تشير إلى أن عملاء الموساد ربما كانوا وراء تفجيرات في بغداد عام 1950 لدفع اليهود للهجرة إلى إسرائيل، على الرغم من أن هذه الادعاءات تظل مثار جدل بين المؤرخين. في مصر، تعرضت الجالية اليهودية، التي ضمت حوالي 75,000 نسمة، لضغوط مماثلة، بما في ذلك تفجيرات استهدفت أحياءهم، مما ساهم في هجرة جماعية إلى إسرائيل ودول غربية. بحلول أوائل السبعينيات، استقر حوالي 650,000 يهودي من هذه الدول في إسرائيل، في تغيير ديموغرافي كبير أعاد تشكيل المنطقة. في سوريا، كانت الجالية اليهودية، التي بلغت 30,000 نسمة عام 1943، تواجه قيودًا صارمة بعد الاستقلال عن فرنسا عام 1944، بما في ذلك منع الهجرة إلى فلسطين ومصادرة الممتلكات. بعد حرب 1967، تصاعدت الأعمال العدائية ضد اليهود، مع أعمال شغب في دمشق وحلب، مما دفع الكثيرين للهجرة السرية عبر لبنان وتركيا. بحلول عام 2001، تقلص عدد اليهود في سوريا إلى أقل من 200، وفي 2024، لم يتبق سوى 9 أفراد، معظمهم من كبار السن. هذا التاريخ يُظهر كيف يمكن للتدخلات الخارجية والعنف الموجه أن يُعيد تشكيل صياغة ديموغرافيا المجتمعات. تُعد الطائفة الدرزية، المتمركزة بشكل رئيسي في محافظة السويداء جنوب سوريا، عنصرًا حيويًا في السياسة السورية والإقليمية. يبلغ عدد الدروز في سوريا حوالي 700,000 نسمة، وهم يشكلون حوالي 3% من السكان. خلال الحرب الأهلية السورية، برز الدروز كقوة اجتماعية وسياسية متماسكة، حيث حافظوا على حياد نسبي بين النظام والمعارضة، مع التركيز على حماية مناطقهم. إسرائيل، التي تضم حوالي 152,000 درزي في الجولان المحتل وشمال إسرائيل، استخدمت قضية حماية الدروز السوريين كذريعة لتدخلاتها العسكرية في سوريا. منذ عام 2011، نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية، مستهدفة مواقع عسكرية تابعة لإيران وحزب الله اللبناني، ولكنها غالبًا ما ربطت هذه العمليات بحماية الدروز من تهديدات محتملة وفي السنوات الأخيرة، شهدت مناطق ومدن محافظة السويداء احتجاجات شعبية ضد نظام الأسد، حيث طالب الدروز بإصلاحات سياسية واقتصادية. هذه الاحتجاجات، التي قادها نشطاء محليون، جعلت الدروز هدفًا للاهتمام الإقليمي. إسرائيل، التي تدعم الجالية الدرزية في الجولان، أبدت قلقًا علنيًا على مصير الدروز سوريا، لكن هذا القلق غالبًا ما يُنظر إليه كغطاء لأهداف استراتيجية، مثل إضعاف النفوذ الإيراني. تصريحات الرئيس 'الشرع' بعد لقائه بـ 'ترامب' ، والتي أكد فيها التزامه بحماية الأقليات بما في ذلك الدروز، قد تُضعف هذه الذريعة الإسرائيلية، مما يطرح تساؤلات حول مستقبل التدخلات العسكرية. منذ بداية الحرب الأهلية السورية، نفذت إسرائيل أكثر من 400 غارة جوية على الأراضي السورية، مستهدفة مواقع عسكرية ومستودعات أسلحة. إلى جانب الغارات، شهدت سوريا سلسلة من عمليات الاغتيال الغامضة التي استهدفت شخصيات اجتماعية وسياسية مؤثرة. من أبرز هذه الحوادث مقتل رئيس بلدية صحنايا في ريف دمشق 2025، رميًا بالرصاص على يد مجهولين، وبعد ترحيبه العلني بدخول قوات الأمن السورية الجديدة إلى المنطقة. هذه الحادثة، التي لم يُكشف عن مرتكبيها، أثارت شكوكًا حول دوافعها، خاصة في ظل تصاعد التوترات في ريف دمشق واسرائيل كما هو معروف تبرع في اغتيال الشخصيات الاجتماعية المؤثرة في مناطق تواجدها لان دائما يكون كلامهم مسموع وينصاع معظمهم الى توجهاته وهذا ما لا يعجب اسرائيل في ظل مخططاتها التوسعية بالمنطقة لذا التخلص منه في أقرب وقت ممكن سلاح الاغتيالات الصامت الذي تجيده بحرفية عالية جميع أجهزتها المخابراتي والامنية . صحيح أن عمليات الاغتيال هذه ليست جديدة في السياق السوري. في السنوات الماضية، استُهدف قادة عسكريون وسياسيون، غالبًا بضربات دقيقة تُنسب إلى إسرائيل أو أطراف أخرى. هذه العمليات تُثير تساؤلات حول أهدافها: هل تهدف إلى إضعاف البنية السياسية والاجتماعية في سوريا، أم أنها جزء من استراتيجية أوسع للحفاظ على عدم الاستقرار؟ التاريخ يُشير إلى أن مثل هذه العمليات كانت تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية، كما في حالة تفجيرات العراق ومصر في القرن الماضي، التي ساهمت في دفع الجاليات اليهودية للهجرة. وبما أن لقاء 'ترامب / الشرع' في العاصمة 'الرياض' جاء في وقت حرج، حيث تسعى سوريا لاستعادة استقرارها بعد سنوات من الحرب الاهلية المدمرة . و'الشرع'، الذي أعرب عن انفتاحه على حوار مستقبلي مع إسرائيل دون تطبيع فوري، شدد على حماية الأقليات، بما في ذلك الدروز، وهو موقف يتماشى مع تصريحات محافظ دمشق ماهر مروان، الذي دعا إلى علاقات ودية مع إسرائيل. اللافت أن الغارات الإسرائيلية توقفت مؤقتًا بعد هذا اللقاء، مما يشير إلى تأثير الدبلوماسية الأمريكية. ولكن السؤال يبقى من ضمن سياق العبارة : هل هذا التوقف يعكس تغييرًا استراتيجيًا نهائيا في السياسة الإسرائيلية، أم أنه هدنة تكتيكية مؤقتة لاستعادة الأنفاس ووضع خطط مستقبلية تكون اكثر فعالية في الخفاء وغير معروفة الدوافع ومن قام بها ؟ الرئيس 'ترامب'، الذي دعا 'الشرع' للانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، يبدو أنه يراهن على إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية. رفع العقوبات عن سوريا قد يُشجع على استقرار اقتصادي وسياسي، مما قد يُقلل من ذرائع التدخل الإسرائيلي. ومع ذلك، قضايا مثل احتلال الجولان وما تبقى من النفوذ الإيراني قد تكون احدى عقبات رئيسية أمام أي تقارب سوري-إسرائيلي. المصافحة التاريخية ترامب قد تمثل بداية لمرحلة جديدة في سوريا، لكنها لا تعالج جذور الصراع الإقليمي. التاريخ، من تهجير اليهود في العراق ومصر إلى التوغلات الإسرائيلية الحالية، يُذكّرنا بأن التدخلات الخارجية يمكن أن تُغير وجه المنطقة. الدروز، الذين يشكلون عنصرًا حيويًا في سوريا، يجدون أنفسهم بين مطرقة الحماية الإسرائيلية وسندان السياسات الإقليمية. عمليات الاغتيال، مثل مقتل رئيس بلدية صحنايا، تُبرز هشاشة الوضع الأمني. إذا أرادت سوريا الانتقال إلى مرحلة الاستقرار، فإن الدبلوماسية، كما تجسدت في لقاء الرياض، يجب أن تُترجم إلى حلول مستدامة تحمي جميع مكونات المجتمع السوري دون أي تمييز وتمنع تكرار المآسي التاريخية. ومن وجهة نظر استراتيجية طويلة الأمد، تفضّل إسرائيل رؤية سوريا مقسمة إلى كيانات طائفية ومذهبية ودينية صغيرة، على أن تكون دولة موحدة ومستقرة قادرة على لعب دور محوري في معادلة توازن القوى الإقليمية. فسوريا الموحدة، بقوتها السياسية والاقتصادية المستعادة، تشكل تحديًا محتملاً للهيمنة الإسرائيلية في المنطقة، خاصة في ظل النهج الجديد الذي تتبناه القيادة السورية الحالية . هذا النهج، الذي يتجنب الدخول في نزاعات مسلحة مباشرة مع إسرائيل، يركز على إحالة الصراع إلى المحافل الدولية في الوقت الراهن، مع تخصيص الجهود الوطنية لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. الهدف من هذه السياسة هو إعادة بناء سوريا كدولة قوية ومتماسكة، تترك للأجيال القادمة مهمة اتخاذ القرار بشأن مواجهة إسرائيل واستعادة الأراضي المحتلة، وفي مقدمتها هضبة الجولان، بما يضمن تحقيق أهداف وطنية مستدامة في سياق زمني ودبلوماسي مناسب. في هذا السياق، تسعى إسرائيل إلى عرقلة هذا المسار عبر استراتيجيات تهدف إلى إدامة التوترات الداخلية في سوريا، لاسيما في المناطق الجنوبية ذات الحساسية الاستراتيجية. وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من الإدارة الأمريكية، التي نصحت إسرائيل بالامتناع عن سياسات الاغتيالات والتفجيرات في المناطق الجنوبية، تستمر إسرائيل في اتباع نهج يهدف إلى إحداث شرخ بين الجالية الدرزية في جنوب سوريا والإدارة السورية الجديدة. هذا الشرخ يُعد، في نظر إسرائيل، بوابة محتملة لتأسيس كيان درزي منفصل يعمل كمنطقة عازلة بينها وبين سوريا الموحدة، مما يعزز أمنها الإقليمي ويُضعف الدولة السورية. لا تقتصر الاستراتيجية الإسرائيلية على تعزيز النزعات الانفصالية بين الدروز عبر تقديم نفسها كحامية لهم، بل تمتد إلى طرح مطالب دبلوماسية وعسكرية تهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الجيوسياسي في جنوب سوريا. من بين هذه المطالب، الدعوة إلى تحويل المناطق الجنوبية إلى منطقة منزوعة السلاح، حيث يُمنع انتشار الجيش السوري الجديد أو أي قوات عسكرية تابعة للدولة. إضافة إلى ذلك، تسعى إسرائيل إلى إغراء الدروز بفرص اقتصادية، مثل السماح لهم بالعمل داخل الأراضي الإسرائيلية، في محاولة لربطهم اقتصاديًا وسياسيًا بها، مما يعزز الانقسام الداخلي في سوريا. هذه السياسات، التي تتجاهل التحذيرات الأمريكية، تُظهر تصميم إسرائيل على استغلال الجالية الدرزية كأداة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، مستفيدة من التاريخ الطويل لاستخدام الأقليات في الصراعات الإقليمية. وبما أن العاصمة الرياض شكلت اولى المحطات الدبلوماسية البارزة والمهمة والتي تُشكل بداية لإعادة رسم التوازنات الإقليمية في سوريا، لكنها تواجه تحديات عميقة تتجلى في الجهود الإسرائيلية لإدامة الانقسامات الداخلية، خاصة عبر استغلال الطائفة الدرزية ومن ضمنهم الشيخ ' حكمت الهجري ' الذي أصبحت تصريحاته المثيرة للجدل تتناغم مع ما تصرح به اسرائيل في كل مناسبة . في هذا السياق، برز الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط كحجر عثرة أمام المخططات الإسرائيلية التوسعية التي تسعى إلى تأليب الدروز في جنوب سوريا ضد الحكومة الانتقالية الجديدة. مواقف جنبلاط الوطنية، التي عبر عنها خلال زيارته لدمشق ودعمه الصريح لوحدة سوريا، أكدت رفضه لمحاولات إسرائيل استغلال الأحداث الأمنية، مثل الاشتباكات في جرمانا وأشرفية صحنايا، لدفع الدروز نحو الانفصال أو الهجرة إلى مناطق قريبة من الحدود الإسرائيلية. هذه المواقف، التي حذرت من 'مكائد إسرائيل' ومشروعها 'التوراتي' لتفتيت المنطقة، عززت دوره كمدافع عن الوحدة الوطنية السورية، مما جعله عقبة رئيسية أمام أهداف تل أبيب. من منظور مستقبلي، فإن نجاح سوريا في استعادة استقرارها ووحدتها يتطلب تعزيز التماسك الاجتماعي والاقتصادي، والتصدي لمحاولات التقسيم التي تروج لها إسرائيل عبر ذرائع مثل 'حماية الدروز' أو اقتراح مناطق منزوعة السلاح في الجنوب. تصريحات الشيخ جنبلاط، التي شددت على أن الدروز جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، تدعم هذا المسار، وتُعزز من قدرة الحكومة الانتقالية على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. في الوقت نفسه، فإن التحذيرات الأمريكية المتكررة من سياسات الاغتيالات والتصعيد الإسرائيلي تُبرز دور الدبلوماسية الدولية في الحد من التوترات. لكن استمرار إسرائيل في استهداف شخصيات مؤثرة، كما في حادثة مقتل رئيس بلدية صحنايا، أو تعزيز النزعات الانفصالية، قد يُعيد المنطقة إلى دوامة عدم الاستقرار. يُتوقع أن تستمر سوريا في الاعتماد على دعم إقليمي من دول مثل تركيا وقطر والسعودية، التي أبدت تأييدها للحكومة الانتقالية، لتعزيز وحدتها الوطنية. في المقابل، ستحتاج القيادة السورية إلى استراتيجيات مبتكرة لدمج الأقليات، بما في ذلك الدروز، في مشروع وطني شامل يحول دون استغلالهم من قوى خارجية. إذا تمكنت سوريا من تحقيق هذا الهدف، مدعومة بمواقف قادة مثل جنبلاط، فقد تتمكن الأجيال القادمة من مواجهة التحديات الإقليمية، بما في ذلك استعادة الأراضي المحتلة مثل الجولان، عبر دبلوماسية قوية أو تحالفات استراتيجية. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر في ضمان أن تتجاوز المنطقة إرث الصراعات الطائفية والتدخلات الخارجية، لتفتح الطريق أمام مستقبل يقوم على السيادة الوطنية والتعايش السلمي وعلى الرغم من سعي إسرائيل إلى أن تكون الجهة الحصرية التي تتحكم في قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، بهدف الحفاظ على نفوذها الإقليمي واستمرار حالة 'الفوضى المفيدة' في سوريا، ولكن إعلان الرئيس الأمريكي المفاجئ عن رفع العقوبات، بدعم من السعودية وتركيا، أثار استياء إسرائيل، التي رأت في هذا القرار تهميشًا لدورها الاستراتيجي. بالاضافة الى تصريحات ترامب الإعلامية، التي عكست تذمرًا واضحًا من حكومة بنيامين نتنياهو، أكدت أن مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية، التي تُقدَّر بتريليونات الدولارات من الاستثمارات الخليجية، تتقدم على رغبة إسرائيل في التحكم بمسار السياسة الإقليمية في الوقت نفسه، فإن التحذيرات الأمريكية المتكررة لإسرائيل من مغبة الاستمرار في سياسات الاغتيالات والتفجيرات تُشير إلى محاولات لاحتواء التصعيد وضمان استقرار المنطقة. لكن إذا استمرت إسرائيل في سعيها لتقسيم سوريا عبر استغلال الأقليات مثل الدروز، فقد تُعرض المنطقة لموجة جديدة من عدم الاستقرار، مما يُعيق جهود السلام الإقليمي. المستقبل، إذن، يتوقف على مدى التزام الأطراف الدولية والإقليمية بحلول دبلوماسية تحترم وحدة سوريا وسيادتها، وتضع حدًا لدورة العنف والتدخل التي أثقلت كاهل المنطقة لعقود. إن تحقيق هذا الهدف لن يكون ممكنًا إلا من خلال تعاون دولي يضع مصالح الشعوب فوق الأجندات الضيقة، مما يفتح الباب أمام سوريا مستقرة قادرة على استعادة مكانتها في المنطقة. ومع ذلك، فإن النهج السوري الجديد، الذي يركز على التنمية وبناء مؤسسات الدولة، قد يشكل تحديًا لهذه الاستراتيجية الإسرائيلية على المدى الطويل. من خلال تعزيز التماسك الاجتماعي وحماية الأقليات، بما في ذلك الدروز، تسعى القيادة السورية إلى إفشال محاولات التقسيم. إذا نجحت سوريا في تحقيق استقرار اقتصادي وسياسي، فإن الأجيال القادمة قد تمتلك القدرة على مواجهة التحديات الإقليمية، بما في ذلك استعادة الأراضي المحتلة، عبر وسائل دبلوماسية أو عسكرية، حسب متطلبات العصر. وفي هذا السياق، يبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن الدبلوماسية الدولية، بقيادة الولايات المتحدة، من كبح جماح السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى تقويض وحدة سوريا، أم أن المنطقة ستظل رهينة الصراعات الجيوسياسية التي تعيد إنتاج الانقسامات التاريخية؟ قد تكون المصافحة التاريخية قد ألغت سيناريوهات التي اعتدتها إسرائيل لإشعال فتيل الحرب الاهلية ولكن ليس بصفة نهائية ولكن بصفة مؤقتة فقط لحين ذهاب ما تبقى من اربع سنين عجاف للرئيس 'ترامب'؟


الزمان
٣١-٠٥-٢٠٢٥
- الزمان
وزير الخارجية السعودي: سنكون إلى جانب سوريا في إعادة الإعمار
دمشق (أ ف ب) – أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان السبت من دمشق أن بلاده ستكون في مقدم الدول التي تقف الى جانب سوريا في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي، مشيرا الى أن الرياض وقطر ستقدمان دعما ماليا لموظفي القطاع العام. وتشكّل السعودية أبرز الداعمين للإدارة السورية الجديدة. وتأتي الزيارة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الرياض في أيار/مايو رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في خطوة تمهّد لبدء مسار التعافي الاقتصادي بعد 14 عاما من نزاع مدمّر. وقال بن فرحان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السوري أسعد الشيباني 'نؤكد أن المملكة العربية السعودية ستظلّ في مقدم الدول التي تقف الى جانب سوريا في مسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي'. وأضاف أن بلاده 'ستقدّم بمشاركة دولة قطر دعما ماليا مشتركا للعاملين في القطاع العام'. وأشار الى رغبة لدى مستثمرين في المملكة للعمل في سوريا، والى أن وفودا اقتصادية سعودية ستزور دمشق قريبا، لافتا الى أن 'العمل جار على بحث أوجه الدعم الاستثماري والتعاون الاقتصادي والتجاري' بين البلدين. والتقى بن فرحان الذي ترأس وفدا اقتصاديا سعوديا رفيع المستوى الرئيس أحمد الشرع، كما زار برفقة الشيباني المسجد الأموي في دمشق حيث أدّى الصلاة. وشكّلت السعودية وجهة أول زيارة للشرع إلى الخارج بعد تولّيه الحكم. كما سدّدت مع قطر، الديون المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي والبالغة نحو 15 مليون دولار. وأعرب الشيباني خلال المؤتمر الصحافي عن امتنان بلاده 'للدور الذي قامت به المملكة خصوصا في موضوع رفع العقوبات' الأميركية. وأعلن دخول البلدين في 'مرحلة قوية من التعاون الاستثماري والاقتصادي المشترك'، مشيرا الى 'مبادرات استراتيجية تهدف الى إعادة البنى التحتية وإنعاش الزراعة وإعادة تدوير عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل حقيقية للسوريين'. وتعوّل دمشق على دعم حلفائها والمجتمع الدولي من أجل إطلاق مسار التعافي الاقتصادي وعملية إعادة الاعمار، بعد الحرب التي أودت بأكثر من نصف مليون سوري. وفُرضت العقوبات بمعظمها ردّا على قمع السلطات السابقة بقيادة بشار الأسد الانتفاضة الشعبية التي بدأت سلمية في العام 2011 قبل أن تتحوّل الى نزاع مسلّح. وأنهكت سنوات النزاع الاقتصاد السوري واستنزفت مقدراته. وقدّرت الأمم المتحدة في تقرير أصدرته في شباط/فبراير مجمل خسائر الناتج الإجمالي المحلي بنحو 800 مليار دولار.


شفق نيوز
٢٤-٠٥-٢٠٢٥
- شفق نيوز
هل يدفع لتحرك دولي؟.. اتهامات للجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية وتصاعد الانتهاكات
شفق نيوز/ أعلنت الولايات المتحدة رسميًا عن نيتها فرض حزمة عقوبات على الحكومة السودانية، عقب اتهامها باستخدام أسلحة كيميائية خلال العمليات العسكرية لعام 2024. القرار، الذي صدر بموجب 'قانون الرقابة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وإنهاء الحروب' لعام 1991، يستند إلى تقرير رسمي رفع إلى الكونغرس في 15 أبريل، خلص إلى أن السودان انتهك التزاماته بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي يُعد طرفًا فيها. غاز الكلور في ميادين الصراع: أدلة وتداعيات القرار الأمريكي جاء تتويجًا لتحقيقات صحفية وأمنية أشارت إلى تورط الجيش السوداني في استخدام محتمل لغاز الكلور، وهو من الغازات المحظورة دوليًا، خلال معاركه مع قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها الصادر في يناير، نقلاً عن أربعة مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى، أن الهجمات جرت على الأقل في مناسبتين. أم درمان والصالحة: عنف عرقي ممنهج وتكتيكات ترهيب على الأرض، يتفاقم الوضع الإنساني بشكل خطير في مدينة أم درمان، وخاصة في ضاحية الصالحة، التي باتت مسرحًا لانتهاكات موثقة. تقارير صادرة عن هيومن رايتس ووتش ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تحدثت عن أعمال قتل جماعي ذات طابع عرقي، استهدفت مدنيين من مجموعات غير عربية، منذ سيطرة الجيش والكتائب الإسلامية على المنطقة قبل أشهر واتهمت الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري الديمقراطي الجيش السوداني بارتكاب 'جريمة إبادة' في الصالحة، استنادًا إلى شهادات عن تصفيات ميدانية ممنهجة؛ كما وثقت منظمة العفو الدولية استخدام الجيش لمنازل المدنيين كتحصينات عسكرية، ما عرض السكان لمخاطر كبيرة، في خرق واضح لقوانين النزاعات المسلحة. وفي حادثة اخرى ، أسفرت ضربات بطائرات مسيرة في ساحة دار السلام بأمبدا عن مقتل ما لا يقل عن 120 مدنيًا. في الوقت ذاته، أثارت تقارير متداولة، حول استخدام محتمل لأسلحة كيميائية في تلك المناطق أيضا دعوات دولية لإجراء تحقيق مستقل، أبرزها من مركز راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان. عسكرة التشدد الديني: ظهور كتائب متطرفة وجرائم مرعبة تصاعدت المخاوف مع تورط وحدات عسكرية ذات طابع أيديولوجي متطرف في القتال، مثل 'كتيبة البراء بن مالك'، التي وثق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها (ACLED) استخدامها أساليب مستمدة من تنظيم داعش، منها الإعدامات العلنية بهدف بث الرعب في صفوف المدنيين. وفي فبراير 2025، تداولت وسائل الإعلام مقطع فيديو صادم من مدينة الأبيض يظهر جنودًا يلوحون برؤوس بشرية مرددين شعارات عنصرية، ما أثار إدانات واسعة على المستويين الإقليمي والدولي. هذه الممارسات ساهمت في تفاقم أزمة النزوح، حيث وصل عدد النازحين داخليًا إلى 8.8 مليون شخص، إضافة إلى 3.5 مليون لاجئ في دول الجوار حتى فبراير الماضي. الرد الدولي: مطالبات بالمحاسبة وإنهاء دوامة الإفلات من العقاب وسط تصاعد الفظائع، دعت الولايات المتحدة ومعها عدد من المنظمات الحقوقية الدولية إلى تحرك عاجل لوقف الانتهاكات. وطالبت هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة بفتح تحقيقات شفافة ومستقلة حول مزاعم ارتكاب جرائم حرب، خصوصًا في أم درمان وضواحيها. ويبدو أن السودان يواجه لحظة حاسمة في تاريخه الحديث، حيث تُهدد الانتهاكات الموثقة بنسف الجهود الأممية الرامية لتحقيق تسوية سياسية شاملة، في ظل تدهور إنساني غير مسبوق وغياب آليات فعالة للمحاسبة.