
الشيخ قاسم: لن نقبل بتسليم سلاحنا من أجل إسرائيل
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا وحبيبنا وقائدنا أبى القاسم محمد، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والصالحين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا اللقاء هو في الذكرى السنوية الأولى لشهادة القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر، السيد محسن رضوان الله تعالى عليه.
سأتحدث عن السيد بالمناسبة، وكذلك في النهاية سنتعرض إلى الأوضاع السياسية العامة في بلدنا، مع بعض الملاحظات الصغيرة التي ستمر في الأثناء.
السيد فؤاد هو من مواليد بلدة النبي شيت البقاعية في سنة 1961، عاش في منطقة الأوزاعي فترة طويلة، وقاد مجموعة من الإخوة عددهم عشرة، كانوا يسمّون أنفسهم 'مجموعة الميثاق' أو 'مجموعة عهد العشرة'.
قبل سنة 1982 تعاهدوا على أن يواجهوا إسرائيل، وتعاهدوا على أن لا يبقى أحد منهم خارج الميدان، وأن يستشهدوا قُربة إلى الله تعالى، أي أن يكونوا في المواقع الأمامية التي يتعرض فيها الإنسان للشهادة.
الإخوة التسعة استشهدوا قبل السيد محسن، التاسع يعني يوجد ثمانية استشهدوا قديماً، والتاسع استشهد منذ حوالي 35 سنة، وهو الاستشهادي الشيخ أسعد برو. وبالتالي، فمنذ 35 سنة والسيد محسن ينتظر دوره في درجات الرقي والعلو في ساحة الميدان وساحة العطاء.
هذا الإنسان العظيم كان وَلائيًّا، عاشقًا لمحمد وآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ومن الذين آمنوا بالثورة الإسلامية المباركة بقيادة الولي الإمام الخميني قدَّس الله روحه الشريفة، وكان متعلقًا به أشد التعلّق، متعلقًا بأفكاره، بقناعاته، برسالته، بجهاده، بعطاءاته.
وبعد رحيل الإمام الخميني قدَّس الله روحه الشريفة، تسلّم القيادة الإمام الخامنئي دام ظله، ولي أمرنا جميعًا، ولي أمر المسلمين في هذه المرحلة وفي هذا الواقع، وهو كان أيضًا مسلمًا ومؤمنًا بهذه القيادة العظيمة.
السيد فؤاد هو من القادة المؤسسين في حزب الله، يعني يمكننا أن نقول هو من الرعيل الأول. وعندما نقول 'رعيل أول'، يعني من الذين كانوا موجودين قبل عام 1982، وفي 1982 بدأوا يشاركون في تكوين وتشكيل حزب الله.
هو من الرعيل الأول، وهو أول مسؤول عسكري لحزب الله بعد سنة 1982، أي عندما بدأت التشكيلات وبدأت القيادة، أصبح لدينا شورى، وأصبح لدينا إدارة لهذا العمل، واتفقنا على ذلك، وهو كان أول قائد عسكري.
كان دائمًا مع القادة الكبار العظام: الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه، السيد مصطفى بدر الدين رضوان الله تعالى عليه، الحاج إبراهيم عقيل رضوان الله تعالى عليه، الحاج علي كركي رضوان الله تعالى عليه.
كلهم كانوا مجموعة متعاونة مع بعضها، وكلهم من جيل واحد تقريبًا، ومن مدرسة واحدة، من رؤية واحدة، من إيمان واحد، يُظللهم السيد العزيز، العظيم، الأسمى، الأكبر، سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه.
هو القائد، وكان يقودهم، وكان دائمًا يتشاور معهم، ويجلس معهم في المجلس الجهادي، وكان يقدّم التوجيهات اللازمة والإدارة اللازمة.
قال تعالى في كتابه العزيز:
'أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ. لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ'.
هؤلاء القادة، والشهيد السيد فؤاد شكر رضوان الله تعالى عليه، هؤلاء من أولياء الله تعالى، ارتقوا، قدّموا ما عندهم، وصلوا إلى الرفيق الأعلى بما رغبوا وبما تمنّوا، يعني هم انتصروا حقيقة، ونالوا وفازوا ما أرادوا أن يحصلوا عليه.
قاد الشهيد السيد محسن مواجهات كفرا وياطر إثر اغتيال السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه، وهو الذي قاد مجموعة من المجاهدين عندما قرر الحزب أن يرسل مجموعة إلى البوسنة من أجل أن يُساند أصحاب الحق هناك، في سنة 1992.
نستطيع أن نقول إنه كان اليد اليمنى العسكرية لسماحة السيد رضوان الله تعالى عليه في عمليتي سنة 1993 وسنة 1996 في مواجهة العدوانين الإسرائيليين على لبنان.
هو مؤسس الوحدة البحرية في حزب الله، وشارك في إدارة ومتابعة ملف الاستشهاديين والتخطيط لهم، ومنهم هيثم دبّوق، وأسعد برو وآخرون.
هو مسؤول لمعاونية التخطيط العام في حزب الله، وكان مسؤولًا عن التخطيط لمواجهة أمريكا في المنطقة، ضمن لجنة ثقافية سياسية تعمل على هذا الاتجاه، واكب إدارة العمل الجوي، أي صناعة المُسيّرات ومتابعة هذه المُسيّرات.
أدار عملية تبادل الأسرى في عملية الأسيرين، وقاد عملية بناء القدرات الخاصة والاستراتيجية لحزب الله، وطوّرها بعد استشهاد الحاج عماد مغنية رضوان الله تعالى عليه.
من الأساسيين الذين عملوا لنصر تموز، ومن الأساسيين الذين عملوا لتحرير الجنوب، وكذلك يُشهد له في مواجهة تموز 2006، حيث بقي في غرفة العمليات 33 يومًا دون أن يغادرها، وكان دوره أساسيًّا في هذا الأمر.
منذ بدء 'طوفان الأقصى' هو يتابع ويدير العمليات اليومية.
منذ عشرة أشهر، كان على تواصل دائم مباشر مع سماحة السيد رضوان الله تعالى عليه، سيد شهداء الأمة، لأنه كان القائد العسكري المباشر، بمثابة رئيس الأركان في مواجهة هذا التحدي، إلى شهادته في 30 تموز سنة 2024، أي السنة الماضية.
نحن استعرضنا بعض ما كان يتميز به على المستوى العسكري، وعلى المستوى القيادي، لكن هناك ملاحظة مهمة يجب أن نعرفها:
هؤلاء القادة، لولا ميزاتهم الإيمانية، الثقافية، الرسالية، الولائية، لما وصلوا إلى هذا المستوى في العطاءات الجهادية والعسكرية.
السيد محسن كان لديه وعي ديني وسياسي، لديه ثقافة دينية واسعة، خصوصًا في السنوات العشر الأخيرة، حيث حاول أن يحصل بشكل إضافي في تفسير القرآن، في قراءة الكتب، في تحصيل المعلومات الثقافية المختلفة، في المسائل العقائدية والأخلاقية.
يتميّز بأنه كان يعرض المحاضرات المختلفة: السياسية والثقافية والتحليلية في مواقع مختلفة داخل الحزب، وحتى مع الجامعات والجامعيين والدكاترة والمهندسين، كان يهتم بعرض هذه المفاهيم.
هو كان يتواجد بين الناس، يحضر عاشوراء في مجمع سيد الشهداء، يلطم مع الذين يلطمون، يبكي مع الذين يبكون، يحضر في باحة عاشوراء، يرتاد المسجد بين الحين والآخر، كان يُحب أن يتواجد في هذه الأجواء الإيمانية.
هو يتميّز بصلة رحمه، باهتمامه بوالديه، وكذلك كانت له علاقة خاصة مع عوائل الشهداء.
دائمًا يستحضر الموت والشهادة في كلماته، ولا يسأل عن الدنيا.
السيد كان كريم النفس، وكان ارتباطه بالزهراء سلام الله تعالى عليها، وبالإمام الحسين عليه السلام، ارتباطًا مميزًا.
هو صَلب، ثابت، قوي، متين، جريء، لا يهتز، لديه معنويات عالية.
من مميزاته الخاصة أن فكره فكْر استراتيجي، لديه غنى بالأفكار والقناعات، ويطرح اقتراحات كثيرة، يعني إذا أردت أن تتحدث معه وتناقشه، يُجلسك ساعة وساعتين وثلاثة وأربعة بغزارة. وبالتالي، بتسلسل وبنقاش منطقي وموضوعي. سماحة السيد الأسمى قال في تأبينه: في النهاية الشهيد نال ما أحب، ولكننا عطَّلنا الهدف. هذا لن يمسّ بإرادتنا، ولا بعزمنا، ولا بقرارنا، ولا بتصميمنا، ولا بمواصلتنا الطريق.
أقول للسيد العزيز، السيد الذي حمل هذا اللقب المشرق، لقب الشهادة، أقول للسيد فؤاد: رحمك الله ورفع مقامك مع الشهداء والقديسين، مع سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله رضوان الله تعالى عليه، ومع كل من أحببت. وأعزي وأبارك لعائلته وإخوانه وأحبته، ولحزب الله، وللولي، ولكل من يعرفه ويؤمن بهذا الخط. إلى روحه وأرواح الشهداء نُهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.
لا بد أن نذكر الشهيد القائد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الحاج إسماعيل هنية رضوان الله تعالى عليه، لأنه استشهد في اليوم نفسه، يعني الشهيد السيد فؤاد مساءً، الشهيد إسماعيل هنية في طهران تقريبًا بعد الفجر، بعد منتصف الليل. وبالتالي، هذه الشهادة أيضًا كانت تعبّر عن هذا المسار الفلسطيني العظيم الرائد الذي استطاع أن يُغيّر في واقع الأمة، واستطاع أن يرفع القضية الفلسطينية إلى المقام الأول في العالم اليوم. إلى روح الشهيد هنية أيضًا نُهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة مع الصلاة على محمد وآل محمد.
وهنا لا بد أن نذكر غزة: غزة الصمود، غزة الإباء، غزة العطاءات، غزة التضحية. هناك درجة كبيرة جدًّا من الإجرام الوحشي البشري الذي لم يتبيّن مثله للعالم، وعلى الهواء مباشرة.
إسرائيل وأمريكا تمارسان الإجرام المنظّم يوميًا. يقتلون الأطفال والنساء، أكثر من 17 ألف طفل قُتل حتى الآن خلال هذه الفترة، خلال السنتين تقريبًا. هناك عمل إجرامي منظَّم بالتجويع: يدعون الناس إلى أخذ التموين ويقتلونهم، وهم لا يملكون شيئًا، وليس معهم شيء. أين يوجد مثل هذا الإجرام في العالم؟ قتل الأطفال، الضرب على الخيام، قتل الآمنين في بيوتهم، قتل النساء الحوامل، تجويع الأطفال، حليب الأطفال ممنوع. هذا عمل إجرامي كبير يُمارسه هذا العدو الإسرائيلي بدعم كامل من أمريكا، وتأييد كامل من أمريكا، من أجل إرغام هذا الشعب على الاستسلام. وهذا الشعب لن يستسلم، هذا الشعب لن يقبل إلا أن يحفظ الدماء التي سقطت وارتقت وأعطت قُربةً إلى الله تعالى.
أين هم العرب؟ أين هو العالم؟ أين هي حقوق الإنسان؟ أين هي الدول التي تدّعي أنها تحفظ حقوق الإنسان؟
المطلوب القيام بإجراءات عملية. كفانا بيانات، كفانا كلمات، كفانا ادعاءات بتأييد القضية الفلسطينية. كل هذا لا ينفع. الذي ينفع الآن هو أن يقف العالم وقفة واحدة بوجه إسرائيل: سياسيًّا، واقتصاديًّا، وعمليًّا، وفي رأينا، حتى عسكريًّا، ليمنع إسرائيل من هذا الطغيان الذي ينعكس على كل البشرية، ويؤثر على كل البشرية أيضًا.
أيضاً في هذا المجال لا بد من تحية خاصة للأسير المناضل المحرر جورج عبد الله، الذي وقف شامخًا وتحدى لمدة 41 سنة، ورفض أن يُوقّع ورقة بأنه يتخلى عن أفكاره مقابل أن يربح بعض السنوات التي حرموه منها وأبقوه في السجن، لأنه لم يقبل أن يُوقّع لهم ولو بالكلمات.
هذا المناضل الكبير هو جزء لا يتجزأ من مسيرة المقاومة المتنوعة، التي تحمل الأحزاب والقوى والمذاهب والقناعات والأفكار المختلفة، لكن تجتمع على أمر واحد، وهو تحرير فلسطين، وتحرير الأرض والكرامة، التي ستعود إن شاء الله بكل قوة وبكل عزيمة.
أهلًا وسهلًا بك يا جورج، أنت ستضيء إضاءة إضافية، إن شاء الله، بِجهادك الجديد على أرض لبنان، وعلى أرض هذا الوطن.
الآن، نتحدث عن الوضع السياسي الداخلي في لبنان. هناك سؤال طبيعي أن يُطرح: كيف نُقارب بناء الدولة في لبنان، وكيف نُعالج قضاياها؟ لأنه هناك ناس تتحدث عن طرق مختلفة لبناء الدولة، لا يُفهم عليهم أحيانًا، لا تعرف إن كانوا سيبنون الدولة أو سيسرقون الدولة! بطريقة الطروحات: هل سيبنون الدولة أو سيلغون مكونًا من قلب الدولة؟ هل سيبنون الدولة أو سيأخذون مكتسبات تجعلهم هم الذين يتحكمون ويسيطرون؟ لا يُفهم عليهم ماذا يريدون. سأوضح اليوم لكي أبيّن رؤيتنا لبناء الدولة.
انتخاب الرئيس، رئيس الجمهورية، فخامة الرئيس العماد جوزيف عون، حصل بعد سنوات من وضع الدولة المهترئ بشكل كبير، وخاصة ابتداء من 2019، بدأت الانهيارات تزداد في واقع الدولة، يعني ست سنوات تقريبًا، وضع الدولة مهترئ.
أثبتت المقاومة بأنها دعامة أساسية من دعائم بناء الدولة، بأدائها، وبتسهيل إخراج النتائج في انتخاب الرئيس والحكومة وما بعدهما. نحن نعمل كحزب الله على مسارين متوازيين مع بعضهما: مسار المقاومة لتحرير الأرض، وهذه لها أدواتها، وأساليبها، وإمكاناتها، وطرقها، وموجّهة حصرًا لمواجهة إسرائيل.
المسار الثاني: مسار العمل السياسي لبناء الدولة، من خلال تمثيل الناس، ومن خلال متابعة قضاياهم، والمشاركة في الحياة السياسية حتى تنهض هذه الدولة بأبنائها، ونحن من أبنائها. لا نُغلّب مسارًا على مسار، كل مسار له طريقه ومتطلباته وأهدافه. يمكن أحيانًا أن يَحمى مسار دون مسار آخر، يمكن يزداد العمل بمسار دون مسار آخر، حسب طبيعة الظروف الموجودة. لكن لدينا هذان المساران، لا نستطيع أن نربط بينهما بطريقة 'إمّا أن تختاروا هذا المسار أو ذاك'. يعني بعضهم يقول لنا: تعالوا إلى الدولة واتركوا المقاومة! لا يا أخي، ما هي ليست مسألة مقايضة. المقاومة ضد إسرائيل، بناء الدولة من أجل المواطنين. أنت عندما تقول: اتركوا إسرائيل وتعالوا إلى الدولة، يعني أنت تقول: دعوا إسرائيل تهاجم لبنان وتنهب المكتسبات التي تريدها! هذه ليست قناعتنا، ولا نحن نمشي بهذا الاتجاه.
هذه المقاومة كيف نشأت في لبنان؟ نشأت ردة فعل على الاحتلال الإسرائيلي، وسدّت فراغًا في قدرة الجيش، وأنجزت تحريرًا مضيئًا سنة 2000، وتتابع موضوع ردع إسرائيل وحماية لبنان بِبركة هذه المقاومة. وقلنا مرارًا وتكرارًا: هي ليست وحدها. هذه المقاومة مع الجيش والشعب، يعني هي لا تُصادر مكانة أحد، ولا عطاء أحد، ولا مسؤولية أحد. الجيش مسؤول وسيبقى مسؤولًا، ونُحييه على أعماله. والشعب مسؤول وسيبقى مسؤولًا، ونُحيّيه على هذا الالتفاف العظيم الذي أعطى قوة لهذه المقاومة. والمقاومة مسؤولة لأنها خيار، وعلى الذين اختاروها أن يقوموا بواجبهم فيها. الكل مسؤول. نحن لا نتحدث عن قاعدة أو عن ثلاثية لمجرد الشكل، لا، نتحدث عن مسؤولية حقيقية، ونؤمن بأنه كلّما قويت هذه الأطراف الثلاثة، واستطاعت أن تتعاون مع بعضها أفضل تعاون، كلما حققت إنجازات أفضل. وهذا ما رأيناه في حياتنا العملية.
جاءت معركة أولي البأس، واجهنا العدوان الإسرائيلي، وحصل بعد ذلك اتفاق، وأنا أُصر أن هذا الاتفاق الذي طلبته إسرائيل، طلبته في لحظة شعرت فيها أن التوازن يتطلب أن تذهب إسرائيل إلى الاتفاق. بمعنى أن إسرائيل اعتبرت مجرد أن يَقبل حزب الله بأن ينسحب من جنوب نهر الليطاني، هذا مكسب بالنسبة إليها، ومجرد أن يتقدم الجيش اللبناني ويستلم هذه المنطقة، هذا مكسب بالنسبة إليها تريده. وبالنسبة لحزب الله، مجرد أن تقول الدولة: نحن أصبحنا مسؤولين عن متابعة حماية الوطن، هذا مكسب لنا. أن تقول الدولة: نحن سنرعى اتفاق وقف إطلاق النار، وسنكون مسؤولين عن حماية الأهل والأصحاب وكل من هم في هذا البلد، نحن أيضًا نعتبر أننا حققنا مكسبًا.
بمعنى آخر، الاتفاق كان له مكسب لنا، وكان له مكسب للعدو الإسرائيلي، وهذا أمر طبيعي، لا يحصل اتفاق إلا إذا كانت الجهات المختلفة موافقة عليه. الدولة اللبنانية وافقت، ونحن ساعدنا الدولة اللبنانية في موافقتها على التنفيذ، ولكن إسرائيل لم تنفذ. هذا الاتفاق حصرًا في جنوب نهر الليطاني. أما إذا ربط البعض بين السلاح والاتفاق، أقول له: السلاح شأن لبناني داخلي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالعدو الإسرائيلي. هذا شأن داخلي.
بعد معركة أولي البأس استمر العدوان الإسرائيلي، لكن بوتيرة منخفضة، من أجل أن يضغط علينا ويضغط على لبنان. بدأوا يروجون بأن الحزب أصبح ضعيفًا، على قاعدة أنه لا يرد على هذه الاعتداءات. نحن قُلنا وعبّرنا بشكل واضح: عندما أصبحت الدولة مسؤولة وتعهدت بأن تتابع، لم نعد نحن مسؤولون بأن نتصدى نيابة عن الجميع في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي. الدولة كلها مسؤولة، يعني الشعب كله مسؤول، يعني القوى السياسية كلها مسؤولة، ليس فقط نحن وحدنا.
هذه مرحلة جديدة. اعتقدوا أن حزب الله أصبح ضعيفًا، لكن فُوجئوا، فُوجئوا بحضور حزب الله السياسي في تركيبة الدولة، وفُوجئوا بحضوره الشعبي، سواء في الجنوب اللبناني أو في التشييع المهيب الذي حصل لسيد شهداء الأمة، السيد حسن رضوان الله تعالى عليه، والسيد الهاشمي رضوان الله تعالى عليه، وكان تشييعًا مليونيا باهرًا.
فُوجئوا بالانتخابات البلدية، وحجم الحضور الموجود لحزب الله وحركة أمل، أي للمقاومة، في هذه الانتخابات، وفي النتائج التي حصلوا عليها.
رأينا أن كل ما حصل خلال هذه الفترة يدل على قوة وعنفوان وحضور ووجود لهذه المقاومة بكل الأبعاد: السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والصحية، والإيوائية، والبذل أمام الناس حتى يعودوا إلى بيوتهم، والمساعدة. كل هذه الأمور كانت دليل قوة. خرق الإسرائيلي الاتفاق، وهدد تهديدات مستمرة، وهذا كله في رأينا مسؤولية إسرائيل وأمريكا معاً، لأنهما متواطئتان مع بعضهما.
كل المطالبات التي حصلت خلال الفترة الماضية بتنفيذ إسرائيل للاتفاق فضحت إسرائيل، وفضحت أمريكا، لأنه ماذا يريدون أن يجيبوا؟
يقولون لهم: وقفوا الاتفاق ووقف إطلاق النار. يقولون لهم: سنرى الآلية والميكانيكية وطريقة المتابعة، هل نستطيع؟ لا نستطيع؟
يقولون في النهاية: جاء المندوب الأمريكي وقال: لا يوجد لدينا ضمانة. مع العلم أن هوكشتاين أعطى الضمانة الواضحة بأنه مسؤول عن أن يتابع تنفيذ الاتفاق من الجانب الإسرائيلي.
جاءت أمريكا إلى لبنان بإرسال مندوب، ما هي وظيفة المندوب؟ تبين أن وظيفة المندوب الأمريكي أن يصنع مشكلة للبنان، وأن يقلب الحقائق.
أمريكا لا تساعدنا، أمريكا تدمر بلدنا من أجل أن تساعد إسرائيل. بدل أن تكون المشكلة هي إسرائيل، أرادوا أن يقولوا بأن المشكلة هي حزب الله والمقاومة ولبنان. مع العلم أن المطلوب إيقاف العدوان، والمطلوب تنفيذ الاتفاق. لكنهم أرادوا أن يُحدثوا مشكلة لنا في داخل لبنان.
جاء باراك بالتهويل وبالتهديد بضم لبنان إلى سوريا، وبالتهديد أن لبنان لن يبقى على الخارطة، وأنه لن يكون محل اهتمام العالم، مستخدمًا في الوقت نفسه العدوان والتهديد بتوسعة العدوان.
فوجئ أن الموقف اللبناني الرسمي الوطني المقاوم، الذي يحرص على مصلحة لبنان، كان موقفًا موحدًا: فليتوقف العدوان، وبعد ذلك نُناقش كل الأمور.
هو تفاجأ. هو يعتبر أنه إذا جاء ضغط على الرؤساء، يُحدث مشكلة وفتنة ويدخل اللبنانيين ضد بعضهم. لكن هو لا يعرف بأن هؤلاء الرؤساء يعرفون وضع لبنان، خصوصية لبنان، تركيبة لبنان. ثم هم جاؤوا ليُعمّروا بلدًا، لا يستطيعون أن يعمروا بلدًا والعدوان مستمر، لا يستطيعون أن يعمروا بلدًا ويأتي أحد يطلب منهم أن يعطيهم قوة البلد وقدرة البلد. لا يستطيعون أن يعمروا بلدًا ويأتي الأمريكي ليفرض الوصاية التي يريدها من أجل أن يُعدم لبنان قوته وقدرته.
من يُريد أن يساعد لبنان، يدفع له أموالًا. من يريد أن يساعد لبنان، يساعده بقوانينه. من يريد أن يساعد لبنان، يحاول أن يعمل للإعمار. من يريد أن يساعد لبنان، يساعده باقتصاده. بينما الأمريكي القادم يأخذ من لبنان لمصلحة إسرائيل. هذا أمر غير ممكن.
اليوم، تطبيق الاتفاق من جهة لبنان، حقق أمن الشمال، شمال فلسطين. يعني إذا الإسرائيلي يقول إن لديه مشكلة في الشمال، طيب، ما الآن الأمن متحقق، صاروا ثمانية شهور، حققوا لنا الأمن عندنا في لبنان، لكي نرى: هل قطعت مرحلة معقولة تُبين أن إسرائيل لا أطماع لها في لبنان؟ هذا ما لم يفعلوه. لا، العدوان مستمر. العدوان لم يتوقف. أنا سأقول لكم أكثر من ذلك. هل تظنون أن الإسرائيليين واقفون عند النقاط الخمس لأنهم يريدون أن يبتزوا بها حتى يأخذوا مكاسب من لبنان؟ لا، هم واقفون عند النقاط الخمس لكي يساعدهم الأمريكي ويضغط على اللبنانيين وينزع السلاح كما يقولون، ويصبح لبنان بلا قدرة، فيتوسعون من النقاط الخمس، حتى يصلوا إلى عدة قرى موجودة لكي ينتشروا فيها، وتدريجيًا يجعلونها مستوطنات لاحقًا، وتدريجيًا يتدخلون بالسلطة السياسية في لبنان من أجل أن يفرضوا عليها ما يريدون. هذا هو المخطط الإسرائيلي. لا تظنوا أنهم باقون أمنيًا بخمس نقاط، مثل ما قال رئيس الحكومة. ما هم إن كانوا باقين في خمس نقاط أو لم يبقوا، يستطيعون أن يتجولوا في كل لبنان ويقتلوا من يريدون ويفعلوا ما يريدون. ما أقوله لك هو: لماذا هم باقون؟ هم باقون لأن هذه نقاط مقدمة للتوسع، وليست نقاطًا من أجل المساومة ولا التفاوض عليها.
لدينا تجربة سوريا. هذه هي سوريا. ماذا فعل الأمريكيون بسوريا؟ خربوها لسوريا، ماذا يفعل الأمريكيون الآن؟ تركوا الإسرائيليين يأخذون راحتهم، ويقتلون، ويفعلون، من أجل أن يرسموا الحدود والخارطة. طبعًا هم شجعوا على عمليات القتل والاغتيال، وشجعوا على مجازر السويداء، وشجعوا على قتل العلويين، وشجعوا على كل الأعمال المشينة التي حصلت بطريقة أو بأخرى.
لكن بعد ذلك، ماذا تبيّن؟ تبين أن الحدود ترسمها إسرائيل. ترسم الحدود الجغرافية وبدأت ترسم الحدود السياسية، وبدأت ترسم مستقبل سوريا، وإذا لم يعجبهم، يغيّرون رأيهم. قالوا الآن، من أجل فقط أن الأميركيين لديهم فكرة أنه قد يستقر هذا الحكم، أعطوه فرصة. وإلا هم لا يعتبرونه حُكمًا ثابتًا، ولا يعتبرون أن هذا الحكم سيستمر، ويعتبرون أن سوريا يجب أن تُقسَّم، ويريدون أن يطرحوا أفكارًا أخرى، وعلى كل حال، هم أخبر بالمنطقة، كما قال باراك لترامب.
نحن اليوم في لبنان معرضون لخطر وجودي. إن كنتم تظنون أن الخطر الوجودي متعلق بالمقاومة فقط، كلا يا أخي، الخطر وجودي على كل لبنان، على كل طوائف لبنان، على كل شعب لبنان. الخطر من إسرائيل، الخطر من 'الدواعش'، الخطر من الأميركيين الذين يرعون أن يكون لبنان أداة طيعة ليندمج في مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يريدونه.
نحن نواجه هذا الخطر، فلا تظنوا أنه خطر بسيط. البعض يناقش ويقول: طيب، وماذا في ذلك إذا نُزِع السلاح؟ ليست المسألة مسألة نزع سلاح يا أخي، المسألة مسألة خطر على لبنان، خطر على الأرض. انظروا ماذا يفعلون.
أنا أفهم أن يكون هناك عدوان مستمر وتكتيك بالعدوان على قاعدة أنهم ليأخذون شيئًا إضافيًا. طيب، ما معنى أن يستمرّ التجريف؟ ما معنى أن يستمرّ القتل؟ ما معنى أن يستمرّ تدمير البيوت؟ ما معنى أن يحاولوا منع أهل الحافة الأمامية من الوصول إليها؟ هذه كلها عناوين من عناوين التوسع، لا من عناوين الأمن الإسرائيلي الكاذب الذي يتحدثون عنه.
سأقولها لكم صراحة من الآخر حتى لا نُتعِبكم ولا نتعذّب، ولا يذهب أحد لتحليل الأمور يمينًا وشمالًا: لن نقبل أن يكون لبنان مُلحقًا بإسرائيل، والله لو اجتمعت الدنيا كلها من أولها إلى آخرها، والله لو ذهبنا جميعًا، والله لو قُتلنا ولم يبقَ منا أحد، لن تستطيع إسرائيل أن تهزمنا، ولن تستطيع إسرائيل أن تأخذ لبنان رهينة، ما دام فينا نفس حي، وما دمنا نقول: لا إله إلا الله، وما دمنا نؤمن بأن الحق يجب أن يُحمى، وأن دماء الشهداء يجب أن تُصان.
السلاح الذي معنا هو لمقاومة إسرائيل، لا علاقة له بالداخل اللبناني. السلاح الذي معنا هو قوة للبنان. ونحن نقول: نحن مستعدون لنناقش كيف يكون هذا السلاح جزءًا من قوة لبنان. لكن، لن نقبل أن يُسلَّم السلاح إلى إسرائيل.
اليوم، كل من يطالب بتسليم السلاح، يطالب عمليًا بتسليمه لإسرائيل. أمريكا تقول: أزيلوا الصواريخ، وأزيلوا الطيران المُسيّر، وسلّموا كله، سلّموا المتوسط، وسلّموا الخفيف بعد فترة من الزمن. طيب، لماذا يا حضرة براك؟ قال لأن هذا السلاح يخيف إسرائيل. إسرائيل تريد أمنها. افهموا بالعربية الواضحة: هذا الرجل يريد السلاح من أجل إسرائيل، لا من أجل ضبط الوضع الأمني في لبنان.
الحمد لله، الوضع الأمني في لبنان على أحسن ما يُرام مضبوط. الحمد لله هذا السلاح لا يظهر لأحد، وبالتالي غير متوفر في مواجهة أحد، ولن يكون متوفرًا في مواجهة أحد. الدولة اللبنانية تقوم بمهامها: لديها أمن داخلي، لديها أمن عام، لديها جيش، لديها قوى تعمل بشكل طبيعي. لا أحد ينافسها على حصرية السلاح من أجل الأمن الداخلي، وحتى الأمن في مواجهة إسرائيل، من هنا، لا يطلب أحد منا اعترافًا، ولا أحد يطلب منا صُلحًا، ولا استسلامًا، ولا من الشرفاء في لبنان الذين قال لهم الناس: 'إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم'، فزادهم إيمانًا، وقالوا: 'حسبنا الله ونِعم الوكيل'، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل، لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، والله ذو فضل عظيم. إنما ذلكم الشيطان يُخوّف أولياءه، فلا تخافوهم وخافونِ إن كنتم مؤمنين'. نحن قوم باعوا جماجمهم لله تعالى من أجل العزة والكرامة. نُطالب بحقنا في أرضنا، بتحرير أرضنا، بخروج المحتل. نعيش على أرضنا، ونموت على أرضنا. لن نعطيكم إعطاء الذليل، ولن نُقر لكم إقرار العبيد. نحن تربية الإمام الحسين، سلام الله تعالى عليه، الذي قال وكرّر: 'هيهات منا الذلة'.
ثم يخرج بعضهم ليقول: طيب، يا عمّ، ماذا لديكم؟ تبدون أقوياء جدًا، وتُهدّدون وتُصعّدون. لا، لا، نحن لا نُهدّد. نحن في موقع دفاعي، نقول: هذا الدفاع لا حدود له عندنا، حتى ولو أدّى إلى الشهادة. لأننا نحن مع إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة. حتى لو أدّى إلى الشهادة مهما كلفت، لأن مع الشهادة نصر، ونحن مطمئنون. ليس أننا ذاهبون إلى الشهادة ونرى الأفق مسدودًا، لا، ليس مسدودًا أبدًا. لا يتصوّر أحد أننا جميعًا ذاهبون ولن يعود أحد. لا، نحن يذهب منا ناس، ويبقى منا ناس، والانحراف لا يبقى، والاحتلال لا يبقى، والوصاية لا تبقى. هؤلاء لا يبقون، ونحن نبقى.
تسأل: ماذا لدينا؟ لدينا الإيمان بالله تعالى، وهذه قوة عظيمة. لدينا الإرادة والتصميم على المقاومة. لدينا حقّنا بأن نعيش على أرضنا، وسندافع بما نملك من قوة، وهذا اختيار بالنسبة إلينا. لن نُغيّر اختيارنا إذا لم يتعرف أحد علينا، ولم يعرفنا بعد، اعلموا أننا نبقى لأننا أصحاب الحق. طيب، إذا كان الإنسان لا يدافع عن حقه، فعن ماذا يدافع إذن؟ وهنا أود أن أقول لكم: الخطر الداهم هو العدوان الإسرائيلي، فلا تناقشوا ماذا نملك أو لا نملك، ناقشوا العدوان يا أخي، انصرفوا إلى العدوان، هذا العدوان يجب أن يتوقف. كل الخطاب السياسي في البلد يجب أن يكون لإيقاف العدوان، وليس لتسليم السلاح لإسرائيل. في هذه المرحلة، وحتى أوضح لكم أكثر: في هذه المرحلة، كل دعوة لتسليم السلاح والعدوان مستمر، هي دعوة لإعطاء إسرائيل سلاح قوة لبنان.
لا يلعب أحد معنا هذه اللعبة، لأننا لن نكون من يعطون السلاح لإسرائيل. والسلاح، أريد أن أقول لكم الآن هو ليس أولوية؟ الأولوية أن نذهب إلى الإعمار، إلى إلغاء العدوان. وهنا اسمحوا لي ولو بفكرة قد يراها البعض ثقيلة: الدولة لها حقوق وعليها واجبات. طيب، كل شيء فيه حقوق أعطيناها للدولة، كل شيء يُقوي الدولة قدمناه، حتى السلاح الموجود معنا كمقاومة هو من أجل قوة الدولة وليس لإضعافها. طيب، هل من حق الدولة أن تقول: 'أنا لا أستطيع أن أدافع عنكم، وإسرائيل متوحشة متغوّلة، وأنتم صحيح أعطيتموني كل شيء، وأنا لا أريد أن يكون لدي قوة، وسلّموني هذا السلاح حتى أضعه في المحرقة الإسرائيلية'؟ لا، هذا لا يُمكن. الدولة لا تُدار بهذه الطريقة. للدولة حقوق وعليها واجبات. كل حقوقها أعطيناها إياها، الآن يجب أن تقوم بواجباتها. على الدولة أن تقوم بواجبين كبيرين أساسيين:
أولًا: إيقاف العدوان بكل السُبل، بكل الطرق، دبلوماسية، عسكرية. يضعون خطة، ويتخذون قرارًا بأن يقف الجيش في وجه إسرائيل، ومعه المقاومة، أياً تكن الخطط التي يُريدون فعلها فليفعلوا ما يشاؤون، هم مسؤولون بالنهاية عن حماية المواطنين. لا يمكنك أن تقول للمواطنين: 'أنا لا أستطيع أن أحميكم، فتجرّدوا من السلاح، حتى تكونوا عرضة للقتل والقتال والتوسع الإسرائيلي'. لا أحد يستطيع أن يقول هذا. أين نعيش نحن؟
لذلك أول مهمة هي إيقاف العدوان. والمهمة الثانية: الإعمار. الإعمار مسؤولية الدولة. طيب، أمريكا تُضيّق علينا، وتمنع الدول العربية والإسلامية ودول العالم من مساعدتنا. فلتبحث الدولة عن طرق، ولو من موازنة الدولة، لأن هذه مسؤوليتها. سبعة أو ثمانية آلاف شقة تقريباً يمكن تعميرها بأربعين مليون دولار. ألا تستطيع الدولة تأمينهم؟ نعم، تستطيع. وتستطيع تأمين أشياء كثيرة. وتستطيع اتخاذ إجراءات. أتعلمون أنكم عندما تقومون بالإعمار، ماذا تفعلون؟ لا تظنوا أنكم تدفعون أموالًا لتخسروها. لا، عندما تدفع الأموال، يعمل العامل، ويأكل الفقير، وتتحرك الدورة الاقتصادية، ويحدث انتعاش، وتُفتح المحال، ويتحرّك التجار، ويعمل الناس. الإعمار ليس عملية خاسرة، بل عملية رابحة حتى اقتصاديًا، فضلًا عن أن عليكم أن تقوموا بواجباتكم الاجتماعية تجاه الناس، وأن تقوموا بواجباتكم تجاه هؤلاء المواطنين.
نحن لا نقبل الابتزاز. يبتزّوننا، ويقولون: 'لن نُعطيكم إلا إذا…'، إلا إذا ماذا؟ 'إلا إذا سلمتم سلاحكم لإسرائيل'! لن نسلّم لإسرائيل. وأكثر من ذلك، أقول لكم: كل من يطالب اليوم بتسليم السلاح، داخليًا أو خارجيًا أو عربيًا أو دوليًا، هو يخدم المشروع الإسرائيلي، مهما كان اسمه، ومهما كانت صفته، ومهما كان عنوانه، ومهما ادعى، لأننا نشرح لكم، انظروا إلى الوقائع. طيب، إذا أردتم الوصول إلى هذه النتيجة، فلتوقفوا العدوان.. قال بعضهم: 'الحزب لا يريد أن يتوقف العدوان، لأنه لا يعود لديه ما يفعله، ولا عمل له'. لا يا عزيزي، لدينا عمل كثير. أنتم أوقفوا العدوان. امنعوا الطيران من الجو. أعيدوا الأسرى. فلتنسحب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها. دعونا نرَ إن كان هذا المشهد سيستقر. بعد ذلك، خذوا منّا أفضل نقاش، و خذوا منّا تجاوب على أفضل أنواع التجاوب. لا تقولوا لنا الآن: 'نريد أن نعرف'، لا يا حبيبي. لا أستطيع أن أعرفك الآن وأن أقدم لك كل شيء، لأن الآن تريد أن تأخذ بعد الكرامة الباقية، لا نقدر.
اليوم، هناك خياران في لبنان: يوجد خيار اسمه السيادة، السيادة تعني حماية الوطن. خيار اسمه الاستقلال، يعني عدم الوصاية. أسمه التحرير، يعني رفض الاحتلال. هذا هو الخيار: خيار السيادة والاستقلال والتحرير.
وهناك خيار آخر اسمه: الوصاية، التي تتجلّى الآن في شكل أمريكي بنكهة عربية، والاستعباد مقابل الاستقلال، والاحتلال مقابل التحرير.
إذن، يوجد لدينا خيار آخر أسمه: خيار الوصاية والاستعباد والاحتلال.
بين الخيارين، نحن مع خيار السيادة والاستقلال والتحرير، وسنعمل للوصول إلى هذه النتيجة، وندعو الدولة إلى أن تحزم أمرها أكثر في مواجهة العدوان الإسرائيلي، وفي إعادة الإعمار.
حزب الله مصرّ على بناء الدولة، وتمكين المؤسسات، وتقوية الجيش، وتحمل الدولة لمسؤوليتها في الحرب والسلم، وبناء استراتيجية أمن وطني، واستراتيجية دفاعية. وندعو أيضًا الدولة وكل الشرفاء إلى العمل على كف يد دعاة الفتنة، وخُدّام المشروع الإسرائيلي.
فليعلم الجميع، وبصوت عالٍ جدًا: لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، ونحن من أبنائه. لن يكون لبنان لفئة دون أخرى، ولن نقبل أن يُخطّط أحدٌ لجعل لبنان ملحقًا بإسرائيل.
تعالوا نرفع هذا الشعار: فلنُخرج إسرائيل بوحدتنا، ولنعمر بلدنا بتكاتفنا. إذا استطعنا أن نقوم بهذا الأمر، نكون قد نجحنا.
ولنقل للعرب والأجانب: أهلًا بكم داعمين لإخراج إسرائيل، وإعمار البلد. وبهذا، تُحققون مصالحكم، وأيضًا مصلحة لبنان. وليس مُرحباُ بمن يريد خدمة إسرائيل ومشروع إسرائيل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 21 دقائق
- الرأي
لبنان قرّر سحب السلاح... وحزب الله «يَفتح النار»
- مجلس الوزراء كلّف الجيش وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية الشهر... ووزيران انسحبا اعتراضاً - قاسم يغمز من قناة عون: إذا كان أحد مضغوطاً أو محشوراً فلا يحشرنا معه لم يكن مجلسُ الوزراء اللبناني أَنْهى بعد جلستَه المفصليةَ التي اتخذ فيها قراراً تاريخياً بسحْبَ سلاح «حزب الله» قبل نهاية السنة وتكليف الجيش وضع خطة تطبيقية قبل نهاية أغسطس الجاري، حين عاَجَله الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بـ «نيرانٍ سياسية» أَرْدَت عملياً إرادةَ الدولة بوضْع هذه القضية على سكةِ المعالجة بما يَنسجم مع تعهّداتها تجاه الداخل والخارج، فاتحاً بذلك الواقعَ في «بلاد الأرز» على مجهولٍ - معلومٍ مدجَّجٍ بمَخاطر هائلة تشابَكَتْ فيها المَخاوف من طلائع الفوضى الـ بوليتيكو - أمنية مع الخشيةِ من موجاتٍ اسرائيلية حربية عاتية أو هبّة إجراءات دولية - عربية عقابية. فبينما كانت الحكومة منعقدةً في القصر الجمهوري في جلسة ترأسها الرئيس جوزاف عون، ومنكبّة على بحث بند حصرية السلاح بيد الدولة، وهو الاسم الحَركي لسحب سلاح «حزب الله» وسائر التنظيمات المسلّحة اللبنانية وغير اللبنانية، بعد تأخيره من رأس جدول الأعمال إلى آخِره، وقبل أن ينقشع «الخيطُ الأبيض من الأسود»، فرّغ قاسم عملياً الجلسةَ من جَدواها عبر ما بدا «مثلث برمودا» يُنْذر بابتلاع هذا الاستحقاق الذي يَستعجله المجتمعان العربي والدولي وإغراقه باحتمالين أحلاهما مُر: الصِدام الداخلي والحرب الاسرائيلية. وفي ختام اجتماع قصر بعبدا، أعلن رئيس الحكومة نواف سلام، تكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، بيد الجهات المحددة في إعلان الترتبيات الخاصة بوقف الأعمال العدائية (27 نوفمبر) وحدها وعرضها على مجلس الوزاء قبل 31 أغسطس لنقاشها وإقرارها». وقال «قرر مجلس الوزراء استكمال النقاش في الورقة التي تقدّم بها الجانب الأميركي» في شأن سحب سلاح «حزب الله»، إلى جلسة الحكومة يوم الخميس في 7 اغسطس (بعد غد)». وارتكز هذان القراران على حيثيات من «أ» إلى «ه» عددها سلام بعد الجلسة الحامية والماراثونية، وتبدأ من مضامين اتفاق الطائف، والبيان الوزاري، وخطاب القسم، واتفاق 27 نوفمبر، والمقترحات التي تقدّم بها الموفد الأميركي توماس براك. وأورد أن اتفاق 27 نوفمبر ينص (في مقدمته) على أن «القوات المصرح لها فقط بحمل السلاح في لبنان هي القوات المسلحة اللبنانية (الجيش)، وقوات الأمن الداخلي، ومديرية الأمن العام، والمديرية العامة لأمن الدولة، والجمارك، والشرطة البلدية». وقد انسحب وزيرا الثنائي الشيعي من الجلسة (حضر اثنان وتغيب آخران بداعي السفر) لعدم موافقتهم على قرار الحكومة في شأن حصر السلاح بيد الدولة. وكان قاسم سَحَبَ مسبقاً «الاعترافَ» بشرعية أي قرارٍ يَصدر بالتصويت عن الحكومة، بعدما ارتقى بقضية السلاح إلى مستوى العنوان «الميثاقيّ» الذي يقتضي التوافقَ العام ومناقشةً ضمن إطار «استراتيجية أمن وطني تتجاوز السلاح إلى وجوب الأخذ في الاعتبار تراكُم عناصر القوة للبنان»، وصولاً إلى اعتباره المقاومة «جزءاً من دستور الطائف (...) ولا يمكن لأمر دستوري أن يناقش بالتصويت بل بالتوافق، كملف الالغاء الطائفية وغيرها من المواضيع». كما أعلن لا حاسمة ونهائية لتسليم السلاح بموجب «ورقة الإملاءات» التي قدّمها براك، معلناً «اننا غير موافقين على أي اتفاقٍ جديد غير الاتفاق الموجود بين الدولة اللبنانية واسرائيل»، وداعياً مَن يطلبون وَضع جدول زمني لتسليم السلاح إلى «اعتماد جدول زمني لردع المعتدي والدفاع عن لبنان». وفي هجومٍ على الخارج «والضغوط بوقف التمويل، وما نفعه إذا أصبحنا عبيداً وأزلاماً»، غَمَزَ قاسم من قناة عون، معتبراً أنه «إذا كان أحد مضغوطاً أو محشوراً فلا يحشرنا معه»، وداعياً إلى «التنبه من دعاة الفتنة الداخلية» وجازماً «لن يحصل حل دون توافق داخلي (...) هذه المعركة اليوم إما يفوز بها كل لبنان أو يخسر فيها كل لبنان». وبدا أن كلام قاسم وَضَع بيروت في عنق زجاجةٍ حقيقياً كانت ملامحه خيّمتْ على الساعات العصيبة التي سبقتْ ورافقتْ انعقادَ الجلسة الحكومية، وزاد من وطأتها مساءً، وقبل حتى أن يكون اجتماع مجلس الوزراء انتهى، تحريكُ الشارع مجدداً بمَسيرات دعم للحزب والسلاح في الضاحية الجنوبية على النحو الذي أثار قلقاً عارماً من الانزلاق الى توتراتٍ على الأرض، خصوصاً في ضوء قفل الأمين العام «كل الأبواب» أمام لبنان الذي بات في وضع لا يُحسد عليه وهو «على رادارات» عواصم القرار التي كانت تنتظر مَسار الجلسة ليُبنى عليها. الدقائق الخمس الأخيرة وفي الدقائق الخمس الأخيرة قبل انعقاد الجلسة التي صحّ عنها القولُ إن ما بَعْدها ليس كما قَبْلها، بدا لبنان أشبه بـ «بلاد ما بين حربين»... أهلية يلوّح بها الحزب الرافض تسليم سلاحه في حال قررت الحكومة وَضْعَ جدول زمني صارم لنزعه، وحرب إسرائيلية للإجهاز على ما تبقى من ترسانة الحزب في حال أدارتْ الحكومةُ ظَهْرَها للتحذيرات «ما فوق عادية» بضرورة الانتظام في الشرق الجديد، وجعل لبنان دولة طبيعية. ولم يكن المُراقِبُ يحتاج إلى الكثير من العناء لاكتشاف حجم الوجوم الذي أصاب بيروت مع قلْب الساعة الرملية في الطريق إلى جلسة الحكومة... حَبْسُ أنفاس، وأعصاب مشدودة وطفرة إشاعات، وحمى توقعات، وبحر سيناريوهات، جنباً إلى جنب مع مشاوراتٍ ماراتونية خلف الستائر، وخلايا أزمة، وكأن فصلاً جديداً ومثيراً يُكتب من تاريخ لبنان. غالبية لبنانية، ومعها الشرق والغرب، وجدتْ في الجلسة، استحقاقاً مؤجَّلاً لطيّ صفحةِ الآلام عبر احتكار الدولة وحدها السلاح بعد الأكلاف الهائلة لوجود «جيشيْن» في البلاد وتوريطها بحروبٍ لا ناقة لها فيها ولا جمل، في حين أن الحزب يُمَتْرِسُ وحيداً خلف بيئةٍ «خائفة ومخيفة»، معلناً العصيان في رفْضه المحموم لخروج الجلسة بأيّ جَدْوَلَةٍ زمنية لتسليم سلاحه الذي جَعَلَه قضية وجودية. ... تنعقد، لن تنعقد، قد تنعقد، وربما لا. هكذا استمرت التسريباتُ عن مداولاتِ الكواليس حتى بلوغ موعد انعقاد الجلسة في الثالثة بعد الظهر وعلى جدول أعمالها السلاح بنداً أول. والأكثر إثارة كانت محاولات الحزب المُضْنية للمضي في «ركل القنينة»، على وهج التلويح بانفلات الشارع على غرار مَسيرات الدراجات النارية ليلاً في الضاحية الجنوبية. مسرح العمليات السياسي وارتسمتْ قبيل الجلسة اللوحةُ البالغةُ الحساسية والتعقيد التي شكّلت «مسرحَ العمليات» السياسي لمناقشةِ بندٍ لم يكن أحد يتصوّر أن بالإمكان مجرّد التفكير في أن يكون على طاولة مجلس الوزراء قبل «طوفان الأقصى» وما استجرّه من حربٍ أَنْهَكَتْ «حزب الله» وألحقتْ به جِراحاً عميقة، من رأس هرم القيادة، أي أمينه العام السيد حسن نصرالله، ناهيك عن «الدمار الشامل» لقرى الحافة الأمامية وتحويل الضاحية الجنوبية «خطَّ دفاعٍ» متقدّماً ما زالت تل ابيب تفعّله كلما ارتأت، وإبقائها على مساحة من جنوب لبنان تحت الاحتلال. وأمكن اختصار هذه اللوحة بالآتي: - تكرار المجتمع الدولي والعربي عبر قنواتٍ عدة أن أي مراوغة أو مراوحة في ما خص سحب السلاح، وفق جدول زمني واضحٍ، ستَعني إقفال النافذة التي أُبقيتْ مفتوحةً للبنان للنفاذ منها نحو ركبِ الدول المكتملة المواصفات والتي تستحقّ الدعمَ والإسناد في مسار النهوض والإعمار وترْكِ ضفة الدول الفاشلة. ولم يكن عابراً، استحضارُ بعضٍ من الإجراءات الزاجرة التي يمكن أن تُتخذ خارجياً بحق لبنان، السلطة أو مسؤولين، مثل فَرْضِ عقوباتٍ، وتضييق مالي، وعزلة شاملة، وغيرها من أدوات إعلان «نَفْضِ اليد» من «بلاد الأرز» وتَرْكها لمصيرها، محاصَرةً بـ «زنّار» مخاطر أكثرها ارتفاعاً توثّب اسرائيل لإكمال المَهمة التي تعتبر أنها لم تُنْهِها بين سبتمبر ونوفمبر الماضييْن. صمت... فخ؟ وفي السياق، تَوَجَّسَتْ أوساط مطلعة من الصمت الاسرائيلي المريب بإزاء ملف السلاح وبحثه حكومياً، مبديةَ خشيةً مزدوجة: من أن تكون تل أبيب تحضّر شيئاً أو تنصب فخاً عبر عملية إلهاء تتخفى خلف إيحاءٍ بأنها مرتاحة لوضعية «اليد الطليقة» في لبنان بما لا يجعلها بحاجة لاستدراج مواجهة أشمل قد تهزّ صورةَ الانتصار الذي تروّج له تجاه شعبها بحال استأنف الحزب ضرباته في العمق الاسرائيلي. ومن أن يكرر «حزب الله» سوء القراءة لِما يضمره بنيامين نتنياهو الذي كان فاجأ «محور الممانعة» برمّته مرات عدة بعد 7 اكتوبر 2023، من فتْحه «حرب الجبهات السبع»، وتسديده ضربات مَحَتْ كل الخطوط الحمر للحزب وقيادته، الأمر الذي مهّد لسقوط نظام بشار الأسد في سورية وصولاً لجعل إيران نفسها في مرمى النار. - ترويج الحزب لسرديةِ أنّ أي تخلٍّ «مجاني» عن «مكامن القوة» التي يشكلها السلاح والسماح بمناقشته قبل وقف اسرائيل اعتداءاتها واغتيالاتها وانسحابها من التلال الخمس وإطلاق الأسرى هو بمثابة رضوخ لأجندة اسرائيلية - أميركية والانجرار الى اتفاق جديد يُراد تنفيذه «من جانب واحد». الشارع على الخط - «تفعيل» الحزب ضِمناً خيار الشارع الذي تحرّك ابتداء من ليل الاثنين - الثلاثاء، خصوصاً في الضاحية والبقاع والجنوب بمسيراتٍ تحت عنوان رفض المساس بالسلاح مع تلميحٍ نافر حَمله شريطٌ بثّه «الإعلام الحربي» في السياق نفسه، واعتُبر بمثابة تخوينٍ لرئيس الجمهورية الذي قوبلتْ تسميته الحزب بالاسم في معرض ذكره (الخميس الماضي) المعنيين بتسليم السلاح إلى الجيش بغضبةٍ فاقَمَها توجّه عون إلى بيئته بأنكم «أشرف من أن تخاطروا بمشروع بناء الدولة، وأنبل من أن تقدّموا الذرائع لعدوٍّ يريد أن تستمر الحرب علينا». واستدعتْ هذه التحركات، والتي ترافقتْ مع إجراءات وقائية اتخذتْها القوى الأمنية في محيط منزل سلام وعلى «خطوط تماس» طائفية - سياسية (بين الضاحية ومحلة عين الرمانة مثلاً)، اتصالاتٍ استمرت طوال يوم أمس لتفادي الأسوأ، في ظل تقارير وإشاعاتٍ عن أن أي ذهابٍ للحكومة حتى النهاية في اتخاذ قرار في شأن السلاح لا يوافق عليه الثنائي الشيعي سيُقابَل بـ«ردٍّ في الشارع» حيث استُحضرت تجربة 7 مايو 2008 والتي أعقبت قراراً حكومياً في 5 مايو من العام نفسه يتعلّق باتصالات الحزب (سلاح الإشارة). المقداد... «طويلة على رقبتن»صراع الأولويات حسمه براك! في موازاة إعلان نائب «حزب الله» علي المقداد، عشية الجلسة، أن الاجتماع «ما كان لازم تصير، وكل مَن يطالب بسحب السلاح من المقاومة يتماهى مع المشروع الإسرائيلي - الأميركي» و«طويلة على رقبتن»، بلور النائب علي فياض بعد زيارته رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل أمس «الأولويات» وفق تراتبية «الانسحاب الإسرائيلي ووقف الأعمال العدائية وإطلاق الأسرى كمدخل لاطلاق مسار معالجة يتولى أمره اللبنانيون في ما بينهم». وارتكز الحزب في هذه التراتبية على خطاب الرئيس جوزاف عون عشية عيد الجيش والذي ذكّر بمضامين المذكّرة التي ردّ بها لبنان على ملاحظات الموفد الأميركي توماس براك على الجواب الأول لبيروت على مقترحه حول سحب السلاح، ليحاول الحزب انطلاقاً من ذلك الدفع نحو صيغة أعطاها عنوان «مناقشة ترسانته ومراعاة حفظ الاستقرار والمصلحة الوطنية شكلاً ومضموناً»، وهو ما انطوى على خشيةٍ من قرارٍ ليس فقط يجدول تسليم ترسانته بل يَسحب فعلياً الشرعية عن «المقاومة وسلاحها» ويحوّلها واقعياً ميليشيا ومجموعة «خارجة عن القانون». وكان برّاك عمد قبل نحو 48 ساعة من جلسة السلاح إلى تسليم لبنان ردّه الرسمي و«الأخير» على هذه المذكّرة بوصفه جواباً لا يحتمل «النقاش» وعلى طريقة «نفِّذ ولو اعترضتَ»، ومتراجعاً فيه حتى عن مبدأ الخطوة الخطوة، ومعتمداً تراتبية مُعاكِسة تماماً تبدأ بسحب سلاح الحزب وبعدها معالجة مسألة الحدود النقاط المتنازَع عليها على الحدود بين لبنان وإسرائيل وكذلك الترسيم مع سوريا، ثم مرحلة وقف النار والانسحاب من التلال الخمس وإطلاق الأسرى والإعمار. وقد شكّل ردّ براك محور بَحْثٍ على طاولة الحكومة بعدما فَرَضَ نفسه كسقفٍ لِما بات على المحكّ في حال «التلاعب» في مسألة المهل الزمنية أو إرجاء البتّ في أصل بند السلاح، وأصبح مُحدِّداً للخياراتِ المتاحة و«القابلة للحياة» ولإنقاذ لبنان من مأزق حُشر فيه، بحيث أن أي التفافٍ على هذا الجواب أو لعبٍ على الكلام أو محاولة شراء الوقت من جديد ستَعني أن بيروت كمَن«يُطلق النار على رأسه». علماً أن الموفد ، الذي غادر لبنان قبل نحو أسبوعين ولن يعود، كان حرص على سدّ أي ثغرةٍ قد تُستخدم من «بلاد الأرز» للتنصل من تنفيذ التزاماتها في ما خص سحب السلاح أو لإحياء منطق «نريد ولكننا عاجزون»، باشتراطه الموافقة المعلنة من «حزب الله» على تسليم ترسانته. «متاريس» داخل الحكومة ما عزّز «الأعصاب المشدودة» دعواتٌ لتحركاتٍ مضادة من مناهضين لـ«حزب الله»، بدت بمثابة محاولة لإحداث «توازن ردع» في حال عمد الحزب إلى استخدامِ ورقة الشارع، الأمر الذي وضع البلاد أمام ساعات عصيبة... - تَظهير ما يشبه «المتاريس» السياسية داخل الحكومة، قبل الجلسة، حيث أكد وزير الصحة ركان نصر الدين (محسوبٌ على «حزب الله») ردّاً على سؤال عن إمكان مقاطعة الحكومة بحال سار ملف السلاح بغير ما يشتهي الثنائي «سيُبنى على الشيء مقتضاه»، في مقابل تأييد الغالبية الساحقة من الوزراء الآخَرين سحب السلاح إنفاذاً للدستور واتفاق الطائف والقرارات الدولية والبيان الوزاري وخطاب القسم ودرءاً للمخاطر على البلاد. - ترافق ذلك مع معلوماتٍ عن أن وزراء «القوات اللبنانية» يركّزون على ضرورة حل التنظيمات غير الشرعية اللبنانية والفلسطينية ونزع سلاحها مع وجوب تحديد مدة زمنية أقصاها نهاية السنة ليكتمل التنفيذ، ومع تلويحٍ بضغوط قصوى ستمارَس وتشمل أيضاً وزير «الكتائب اللبنانية».


الرأي
منذ ساعة واحدة
- الرأي
سمو الأمير يعزي خادم الحرمين بوفاة الأميرة جواهر بنت مساعد
بعث سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، ببرقية تعزية إلى أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، عبر فيها سموه رعاه الله عن خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاة المغفور لها بإذن الله تعالى والدة صاحبة السمو الملكي الأميرة جواهر بنت مساعد بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود سائلا سموه المولى تعالى أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته ومغفرته ويسكنها فسيح جناته وأن يلهم الأسرة المالكة الكريمة جميل الصبر وحسن العزاء. م ص ع


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
دمشق تتواصل مع «الانتربول» لتسلّم بشار وماهر الأسد
أكد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خلال لقائه مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول في دمشق، اليوم، «انفتاح سوريا على أي مبادرات صادقة تدعم أمن المنطقة واستقرارها، شرط أن تحترم سيادتها وقرارها الوطني المستقل». وذكرت «وكالة سانا للأنباء» أن الشرع وباول بحثا «سبل تعزيز العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة»، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، ورئيس الاستخبارات العامة حسين السلامة. إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، اليوم، عزمها على تقديم مساعدات إنسانية أساسية بقيمة 1.7 مليون جنيه إسترليني (نحو 2.25 مليون دولار) لنحو 85 ألف متضرر من التصعيد الأخير في السويداء، جنوب سوريا الذي أسفر عن مقتل مئات الأشخاص وإصابة الآلاف في يوليو الماضي. في سياق ثانٍ، أكد رئيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا عبدالباسط عبداللطيف، أن دمشق ستلاحق كل من أجرم بحق الشعب «بمن فيهم حزب الله»، مضيفاً «نتواصل مع الإنتربول لتسليم بشار وماهر الأسد». وشدد عبداللطيف في حديث لـ«العربية.نت»، على التمسك بتحقيق العدالة الانتقالية، وإنشاء صندوق لتعويض ضحايا الانتهاكات، ومقاضاة كل من ارتكب انتهاكات من «النظام البائد». كما ألمح إلى احتمال محاسبة كل من دعم أو برر عمليات قتل الشعب السوري على مدى أكثر من 14 عاماً.