
د هايل عبيدات يكتب.. هيكلة ديمغرافية الشرق الاوسط والدم
تبلغ مساحة الشرق الأوسط 8 ملايين كيلومتر مربع، ويغطي من مصر وحتى أفغانستان شرقاً، ويضم 16 بلداً عربياً وإسلامياً بتفاوت واضح في السكان والدخل القومي، إضافة إلى تنوع المذاهب والعرقيات. وعلى الدوام تشكل منطقة الشرق الأوسط محط أطماع الدول الكبرى والاستعمارية. وتميزت شعوب المنطقة، والتي عانت كثيراً من مخططات التجزئة والانفصال، بتاريخ متكرر من النضال والرفض والاحتجاج لتلك المشاريع.
وتفوح الآن رائحة الدم مما يحدث في السويداء، والتي قد تتبعها درعا لتأمين انخراط إسرائيل في قالب المنطقة الجديد، وهو درة الحدث وجوهره، تماشياً مع مخططات وتجارب التفكيك وإعادة التركيب التي يتقنها التاريخ الاستعماري، بما فيه العثماني. ويبدو أن حدود المنطقة متحركة ولم تستقر بعد، ومنذ حرب الخليج الأولى (1980 العراقية الإيرانية) لم يجف دم خارطة المنطقة.
ويبدو أن الإخوان المسلمين، الحاضنة الأم للتيارات الإسلامية الأخرى، أبدت استعدادها للمشاركة في إطار سياسي مع الأقليات الدينية في سوريا بعد رحيل النظام السابق، متناسين صدمة التجربة العثمانية، ومتجاهلين العقل الجمعي والتحرري الذي جاءت به الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف الحسين بن علي بعد انسحاب الأتراك العثمانيين عام 1918 من المشرق العربي.
وقد اختار الدروز والعلويون أن يصبحوا جزءاً من الإطار الجديد ضمن أغلبية سنية، استجابة لمنطق الضرورة وعدم العودة إلى العهد العثماني، ولكن الجميع بعد ذلك غرق في عقدة إحياء المفاهيم الإسلامية والقومية، بل والقطرية الضيقة.
وعصفت بالمنطقة اقتتالات وحروب داخلية وإقليمية لعبت بها دول الاستعمار الحديث دوراً مهماً في التجزئة والتهجير وعدم الاستقرار وضياع الحقوق. وتشير عدة تقارير عالمية إلى وجود تحوّل ديموغرافي من شأنه إعادة تشكيل التنمية الاقتصادية على مدى عقود قادمة، وأن الصورة المؤلمة تجلت مبكراً في حرب 1948 وتهجير 70% من سكان فلسطين، وكانت أكثر قبحاً في حرب الإبادة والتجويع في غزة، ومحاولات اليأس لتهجير سكان القطاع، والتي رفضها الأردن قيادة وشعباً.
بل استمرت جهود الدولة الأردنية بكل مكوناتها، وبقيادة جلالة الملك، في استمرار الجسر الجوي والبري لنقل المساعدات الإنسانية والغذائية والصحية حتى قبل يومين. وتأتي لعبة خلط الأوراق ضمن مفاهيم "يهودية الدولة" وكم طفلاً سيولد لليهود وللفلسطينيين في المستقبل، في ظل تراجع الخصوبة لدى المرأة اليهودية. هذا ما أدركه شمعون بيرس مبكراً، وصاحب فكرة "شرق أوسط جديد" عندما تنبأ بوصول سكان فلسطين وإسرائيل إلى 20 مليون نسمة، سيكون نصفهم من العرب، والذي أدى إلى التنوع السكاني اليهودي غير المتلائم، وتشجيع الهجرات من دول الاتحاد السوفيتي سابقاً وغيرها، والذي أوصل بن غفير وسموتريتش – أصحاب دعوات الترانسفير – للتحكم بالقرار والاستيطان في حكومة نتنياهو المتطرفة.
وبعد اندلاع أحداث السويداء المؤسفة والتدخل الإسرائيلي، ما حصل هو مقدمة لأحداث تتبعها درعا، ويأتي كحلقة من مشروع بدأ في باكو في أذربيجان، يستهدف الوجود العربي، وحلقة جديدة لصراع نفوذ تركي – إسرائيلي – أمريكي، برعاية بريطانية وتغييب لنفوذ عربي. حيث ستتقدم إسرائيل إلى ريف درعا ودرعا والسويداء، وصولاً لتسليم الراية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتوسيع رقعة المنطقة العازلة وصولاً إلى الشرق السوري والساحل السوري، وخروج تركيا ومشروعها من سوريا.
وأعتقد أن الدولة الأردنية تدرك جيداً المشهد القاتم والتحديات التي تواجه الهلال السني في حال نجاح المشروع الصهيوني الدموي، والذي يبدأ في حيفا مروراً بدرعا والسويداء، وصولاً للمنطقة الكردية، والذي يهدد الأردن والخليج. ومن هنا تأتي أهمية وجود مشروع عربي سياسي، وعدم الاكتفاء بالدور الخدماتي والتدفق المالي.
ويمتلك الأردن عدة أوراق استراتيجية في الجنوب السوري (درعا، السويداء، حوران) تستطيع الدولة الأردنية الرهان عليها لتشكل مفتاحاً للحل قبل تمدد المشروع الإبراهيمي، والذي بات يشكل تهديداً للتذويب وفرط الكيان العربي، ودخول إسرائيل بحدودها الكبرى إلى الحضن العربي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جفرا نيوز
منذ يوم واحد
- جفرا نيوز
40 ألفًا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
جفرا نيوز - أدى آلاف المواطنين الفلسطينيين صلاة الجمعة، في رحاب المسجد الأقصى المبارك - الحرم القدسي الشريف بمدينة القدس المحتلة في ظل الإجراءات العسكرية المشددة التي تفرضها سلطات الاحتلال على الوصول إلى المسجد الأقصى. وقدرت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس في بيان، أن نحو 40 ألف مصل، أدوا الجمعة في رحاب المسجد الأقصى. وأفادت دائرة الأوقاف بأن قوات الاحتلال عرقلت وصول المصلين إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة عبر بابي العامود والأسباط، ودققت في هوياتهم، وأوقفت عددًا من الشبان ومنعتهم من الدخول إلى المسجد. كما أدى مستوطنون متطرفون يهود رقصات وغناء استفزازي عند باب الأسباط، بالتزامن مع توافد المصلين للمسجد الأقصى لأداء صلاة ظهر الجمعة . وأضافت دائرة الأوقاف، أن قوات الاحتلال احتجزت خطيب المسجد الأقصى، قاضي قضاة مدينة القدس إياد العباسي أثناء خروجه من المسجد الأقصى، على خلفية تطرقه إلى الوضع الإنساني المتفاقم في قطاع غزة خلال درس الجمعة، قبل أن تفرج عنه. وتواصل قوات الاحتلال فرض قيود مشددة على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى خاصة خلال أيام الجمعة.


جفرا نيوز
منذ يوم واحد
- جفرا نيوز
إسرائيل تفرج عن مستوطن قتل فلسطينياً
جفرا نيوز - قضت محكمة إسرائيلية الجمعة، بالإفراج عن مستوطن إسرائيلي متهم بقتل ناشط فلسطيني بارز خلال مواجهة جرى توثيقها بالفيديو في الضفة الغربية المحتلة. ويظهر في التسجيل المصور الذي التقطه شاهد فلسطيني، المستوطن "ينون ليفي، وهو يلوح بمسدس ويشتبك مع مجموعة من الفلسطينيين العزل، وشوهد وهو يطلق رصاصتين دون أن يظهر الفيديو مكان إصابتهما. وأكد شهود أن إحدى الرصاصات قتلت "عودة الهذالين (31 عاماً) بينما كان يقف بعيداً عن موقع الاشتباك، وهو مدرس لغة إنجليزية وأب لثلاثة أطفال، وهو أحد المشاركين في إنتاج فيلم وثائقي فاز بجائزة أوسكار لعام 2025 " لا أرض أخرى" . ووقعت المواجهة الاثنين الماضي في قرية "أم الخير" بالضفة الغربية، وهي المنطقة التي ظهرت في فيلم "لا أرض أخرى" الوثائقي الحائز على جائزة أوسكار الذي يعرض عنف المستوطنين والحياة تحت الحكم العسكري الإسرائيلي. وقال الجيش الإسرائيلي إنه لا يزال يحتفظ بجثمان الهذالين، مشترطاً تسليمه للعائلة فقط إذا وافقت على دفنه في "مدينة قريبة" بحجة منع الاضطرابات العامة. قتل الناشط الفلسطيني، عودة هذالين، مساء الإثنين أمام مركز مجتمعي في الضفة الغربية المحتلة، وذلك في منطقة وثقها فيلم "لا أرض أخرى"، حسب صديقه ومخرج الفيلم، باسل الأدرى. وفي قرارها الذي اطلعت وكالة أسوشيتد برس (أ ب) على نسخة منه، كتبت القاضية هافي توكر، أنه "لا خلاف" على أن ليفي أطلق النار في القرية ذلك اليوم، إلا أنها ذكرت أنه ربما كان يتصرف بدافع الدفاع عن النفس، وأن المحكمة لم تستطع إثبات أن طلقاته هي التي قتلت الهذالين. وقالت القاضية إن "ليفي لا يشكل خطراً يبرر استمرار إقامته الجبرية، لكنها منعته من التواصل مع سكان القرية لمدة شهر".


جفرا نيوز
منذ 2 أيام
- جفرا نيوز
فتح: نرفض تطاول حماس على الأردن ومصر
جفرا نيوز - عبّرت حركة فتح، الجمعة، عن رفضها القاطع للتصريحات العدائية والتطاول السياسي والإعلامي الصادر عن بعض قيادات حركة حماس تجاه كل من الأردن ومصر. وأكّدت حركة فتح في بيان، أن هذه التصريحات لا تمثل موقف الشعب الفلسطيني، ولا تخدم قضيته الوطنية العادلة، بل تسيء إلى علاقاتنا العربية الأصيلة، وتُضعف الإجماع القومي الداعم لنضالنا المشروع. وقالت، لقد كانت مصر والأردن على الدوام سندا حقيقيا لشعبنا الفلسطيني في مختلف مراحل نضاله، منذ نكبة عام 1948؛ مرورا بكل المحطات الوطنية المفصلية، وقد قدّمتا تضحيات جسامًا، واحتضنتا ملايين الفلسطينيين، ودافعتا عن حقنا في الحرية والاستقلال في المحافل الدولية كافة. وأكّدت أن أي إساءة للدولتين لا تخدم سوى الأجندات الانقسامية والمشاريع الخارجية التي تسعى لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وتشتيت وحدة الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية، وإن الحركة تميز جيدا بين الاختلاف السياسي الداخلي المشروع، وبين المساس بعلاقاتنا مع الدول العربية التي لطالما كانت صمام أمان للقضية الفلسطينية والمصير الوطني. وجددت تقدير الدور الكبير والمستمر لمصر برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي في دعم جهود وحدة الصف العربي والمنعة الفلسطينية، ورفع الحصار عن أهلنا في قطاع غزة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في المحافل كافة. كما حيّت الأردن، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، على دوره التاريخي في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودعمه الثابت لحل الدولتين، وحق شعبنا في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967. ورفضت فتح ارتهان تنظيم الإخوان الخارج عن إرادة الأمة وأمنها القومي ارتهانا جليا لقوى خارجية تسعى لإصدار شهادة براءة لذمة الاحتلال من خلال التنكر لدور كل من مصر والأردن، وكيل الاتهامات لأي من الحليفين الأوثق والأقرب لشعبنا جغرافيا. ودعت إلى احترام وتقدير دور الدول العربية التي تقف معنا وقفتها مع نفسها بما يشمل الجهود المقدرة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج والمغرب العربي؛ وهي عمقنا الحضاري والقومي الذي لن تسمح فتح بقلقلة عرى ارتباطنا به أو انفصام عنه يندرج لا قدر الله في استحقاق اصطفافات مشبوهة لا تنتج سوى الخسران والخراب. ودعت حركة فتح جميع القوى الفلسطينية إلى تحكيم العقل، والتوقف عن الخطاب التحريضي، والالتزام بالمسؤولية الوطنية الجامعة، واحترام العلاقات التاريخية مع العمق العربي الأصيل: "فلسطين بحاجة إلى وحدة وطنية حقيقية، لا إلى تصفية حسابات تُسعد خصومنا وتخذل أحلام شعبنا".