logo
ابتكار جديد.. إسفنجة قادرة على امتصاص الملوثات من الماء

ابتكار جديد.. إسفنجة قادرة على امتصاص الملوثات من الماء

الشرق السعودية٠٦-٠٢-٢٠٢٥

طوَّر باحثون من جامعة نورث وسترن الأميركية إسفنجة متخصصة قادرة على إزالة الملوثات، مثل النفط والفوسفات والمعادن من المياه، مع إمكانية إعادة استخدامها، واستخراج الموارد ذات القيمة التي تم جمعها.
ويمكن أن يوفر هذا الابتكار حلاً فعالاً ومنخفض التكلفة لمشكلة تلوث المياه، خاصة في المناطق التي تعاني من تصريف النفايات الصناعية والزراعية، وجرى تصميم الإسفنجة لتكون قادرة على امتصاص الملوثات بشكل انتقائي، ثم إطلاقها عند تعريضها لظروف كيميائية محددة.
وفي الدراسة المنشورة في دورية "إنڤيرونمينتال ساينس آند تكنولوجي" Environmental Science & Technology، أظهر الباحثون أن الإسفنجة نجحت في خفض تركيز الملوثات في المياه من 0.8 جزء في المليون إلى مستويات غير قابلة للكشف، كما أظهروا إمكانية إعادة استخدام الإسفنجة لعدة دورات دون فقدان كفاءتها.
امتصاص الملوثات
تتكون الإسفنجة من مادة السليلوز، وهي مادة طبيعية قابلة للتحلل وذات مسامية عالية، وهذه المسامية توفر مساحة سطح كبيرة تسمح بامتصاص كميات كبيرة من الملوثات، كما أنها مغطاة بجزيئات نانوية مصممة خصيصاً لجذب أنواع معينة من الملوثات، كالمعادن مثل النحاس والزنك والفوسفات، إذ إن لهذه الجزيئات النانوية تقارب كيميائي مع الملوثات المستهدفة، ما يعني أنها ترتبط بها بشكل انتقائي.
وعند وضع الإسفنجة في الماء الملوَّث، تقوم الجزيئات النانوية على سطحها بالارتباط بالملوثات الموجودة في الماء.
على سبيل المثال، ترتبط الجزيئات المخصصة للمعادن بأيونات النحاس والزنك، بينما ترتبط الجزيئات المخصصة للفوسفات بأيونات الفوسفات، وبفضل المسام الكثيرة في الإسفنجة، يتم امتصاص الملوثات بسرعة وكفاءة، ما يقلل من تركيزها في الماء إلى مستويات غير قابلة للكشف في بعض الحالات.
بعد امتصاص الملوثات، يمكن إطلاقها من الإسفنجة عن طريق تغيير الظروف الكيميائية المحيطة بها، ويتم ذلك من خلال تعديل درجة الحموضة للمحلول الذي توضع فيه الإسفنجة.
وعند خفض درجة الحموضة يتم إطلاق المعادن مثل النحاس والزنك، وعند رفع درجة الحموضة يتم إطلاق الفوسفات، وتسمح هذه العملية باستعادة الملوثات بشكل انتقائي، مما يتيح إعادة استخدامها كموارد ذات قيمة بدلاً من التخلص منها.
ويقول الباحثون إن أحد الجوانب المهمة لهذا الابتكار قدرته على استعادة المعادن والفوسفات، إذ يمكن إعادة استخدامها بدلاً من فقدانها في البيئة.
ومن خلال تغيير درجة الحموضة، تمكَّن الباحثون من إطلاق النحاس والزنك أولاً، ثم الفوسفات لاحقاً إذ تسمح هذه العملية بفصل الملوثات واستعادتها بشكل انتقائي، ما يفتح الباب أمام إعادة استخدامها في الصناعات المختلفة.
الحفاظ على الموارد الطبيعية
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة، فيناياك درافيد، إن هذه التقنية يمكن أن تكون بمثابة "سكين سويسري قادر على التكيّف مع أنواع مختلفة من الملوثات وإمكانية إعادة استخدامها مراراً وتكراراً".
وبعد النجاح في المختبر، يخطط الفريق لتطبيق التقنية في سيناريوهات واقعية، إذ تختلف تركيزات الملوثات بشكل كبير. ومن شأن هذا مساعدتهم على تحديد السعة القصوى للإسفنجة، وفعاليتها في البيئات الطبيعية، كما يعتزم الفريق التعاون مع باحثين آخرين في جامعة نورث وسترن لتعزيز جهود تنظيف المسطحات المائية.
ولا يقدم هذا الابتكار حلاً لتلوث المياه فحسب، بل يساهم أيضاً في الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال استعادة المعادن والفوسفات، التي تُعد موارد محدودة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية إعادة استخدام الإسفنجة تجعلها خياراً اقتصادياً مقارنة بالتقنيات الحالية التي تكون غالباً باهظة التكلفة، ولا يمكن استخدامها إلا مرة واحدة.
وتقول المؤلفة الأولى للدراسة، كيلي ماتوسزيفسكي، الباحثة في جامعة نورث وسترن: "لا يمكننا الاستمرار في التخلص من هذه المعادن الثمينة.. نحتاج إلى فهم كيفية تفاعلها وإيجاد طرق لاستخدامها بشكل فعَّال".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هيثم الغيص: ماذا تعني عبارة "طاقة خضراء" حقا؟
هيثم الغيص: ماذا تعني عبارة "طاقة خضراء" حقا؟

الاقتصادية

time٢٥-٠٣-٢٠٢٥

  • الاقتصادية

هيثم الغيص: ماذا تعني عبارة "طاقة خضراء" حقا؟

إذا كنا نقصد بـ"خضراء" غياب انبعاثات الغازات الدفيئة فعلينا احتساب البصمة الكربونية الكاملة لمصدر الطاقة المستقبل يجب أن يتسع لجميع مصادر الطاقة، بغض النظر عن اللون، ونحن بحاجة إلى حلول، لا شعارات تحقيق إمدادات طاقة آمنة تسهم في خفض الانبعاثات يتطلب فهماً واقعياً لجميع أنواع الطاقة ومشتقاتها بعض مصادر الطاقة تُوصف بأنها "خضراء"، لكن هذا المصطلح أو الشعار قد يخفي الحقائق المرتبطة بالطاقة. من الضروري أن نتعمق في فهم ما تعنيه كلمة "خضراء" فعلاً . إذا كان المقصود بـ"خضراء" هو غياب . أما استخراج المعادن الأساسية مثل النحاس والليثيوم والنيكل والكوبالت، والتي تُعد ضرورية لتوربينات الرياح والألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم أيون، فيتطلب عمليات تعدين كثيفة، تُخلّف انبعاثات كبيرة من الغازات الدفيئة . عادةً ما يُروج لشعار "كهربة كل شيء" كوسيلة لتحقيق التحول الأخضر. لكن في 2024، بلغ توليد الكهرباء من الفحم مستوى قياسياً غير مسبوق في التاريخ البشري. ونتيجة لذلك، سجلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية من محطات الطاقة العاملة بالفحم . التأثير البيئي لمصادر الطاقة إذا كان المقصود بـ"خضراء" هو التوافق مع الطبيعة، فإن من المهم أخذ التأثير البيئي الكامل لمصدر الطاقة في الحسبان. غالباً ما تبدأ عملية بناء توربينات الرياح على اليابسة أو محطات الطاقة الشمسية بإزالة الغطاء النباتي، وهو ما قد يتضمن اقتلاع الأشجار أو إزالة الصخور أو تغيير طبيعة الأرض. في بعض الحالات، تُستخدم المتفجرات الصناعية لهذا الغرض. كما أن إقامة التوربينات وتسييج الأراضي حول محطات الطاقة الشمسية قد يُعطّل المواطن الطبيعية ومسارات الهجرة الخاصة بالحيوانات . أما إذا كان مفهوم "الأخضر" يتعلق بسهولة عمليات إعادة التدوير، فيجدر التذكير بأن العمر الافتراضي لتوربينات الرياح يراوح بين 20 و25 عاماً، بينما يبلغ نحو 30 عاماً للألواح الشمسية . بحسب صحيفة نيويورك تايمز، توقع مهندسون أن تخلّف شفرات التوربينات نفايات مطمورة في المكبات بأكثر من 43 مليون طن بحلول 2050. وقدّرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن النفايات السنوية الناتجة عن الألواح الشمسية بعد نهاية عمرها الافتراضي قد تصل إلى نحو 60 إلى 78 مليون طن متري بشكل تراكمي بحلول 2050. تحتوي الألواح الشمسية على معادن ثقيلة سامة تصنفها بعض الحكومات على أنها نفايات خطرة، ويجب التخلص منها وفق إرشادات صارمة وجداول زمنية محددة . صحيح أن الابتكار التكنولوجي يسهم في تحسين قابلية تدوير التوربينات والألواح الشمسية، وقد أُحرز تقدم يُحسب في هذا المجال، إلا أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أشار إلى أن العالم يواجه أزمة متنامية في إدارة النفايات. والقدرة على التدوير لا تعني بالضرورة أن الشيء سيُعاد تدويره بالفعل، أو أنه لن ينتهي به المطاف في مكب نفايات . لِمَ تُوصف مصادر طاقة بـ"خضراء"؟ هنا يُطرح السؤال: لماذا يُطلق وصف "خضراء" على بعض مصادر الطاقة؟ الكلمة بسيطة، لكنها قادرة على تصوير مصدر الطاقة كحل سحري لتحدي المناخ، الأمر الذي يتطلب معه طرح أسئلة إضافية. فالكلمة توحي بأن مصدر الطاقة مثالي وخالٍ من العيوب، لكن لا وجود لمصدر طاقة يمكن وصفه بهذه الطريقة . قد يغفل هذا الشعار التعقيدات والقرارات الصعبة التي يتعين على صناع السياسات اتخاذها عند الموازنة بين أولويات تنموية متنافسة. كما يُضفي طابعاً أخلاقياً على مصادر الطاقة، ومن ثمّ يُقلل من شأن الفوائد التي يمكن أن تُقدمها مصادر لا تعتبر "خضراء" بالمعنى التقليدي . من المهم التأكيد على أن الألواح الشمسية وتوربينات الرياح تُعد تقنيات متميزة، وهي عنصر ضروري في مزيج الطاقة، خصوصاً في ظل التوقعات تحقيق مستقبل آمن للطاقة، ويجعل الطاقة في متناول الجميع، ويعالج فقر الطاقة، ويسهم في خفض الانبعاثات، يتطلب فهماً واقعياً لجميع أنواع الطاقة، وما تنتجه من مشتقات، وما يمكن أن تُقدمه فعلاً . فهل مصطلح "خضراء" يركّز بشكل ضيق على عدد محدود من أنواع الطاقة، ويتيح للبعض أن يتجاهل بسهولة مزايا أنواع أخرى؟ أم لعلنا بحاجة للتخلي عن هذا المصطلح كلياً؟ المستقبل يجب أن يتسع لجميع مصادر الطاقة، بغض النظر عن اللون الذي تُصنّف به. نحن بحاجة إلى حلول، لا شعارات . خاص بـ "بلومبرغ"

علماء كاوست يرصدون الخطوات الأولى لتفكك الحمض النووي DNA
علماء كاوست يرصدون الخطوات الأولى لتفكك الحمض النووي DNA

صحيفة مكة

time٢٥-٠٣-٢٠٢٥

  • صحيفة مكة

علماء كاوست يرصدون الخطوات الأولى لتفكك الحمض النووي DNA

للمرة الأولى شهد العلماء اللحظة التي يبدأ فيها الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) بالتفكك، في خطوة أساسية تمكّنه من أداء دوره بوصفه جزيئاً حاملاً للشيفرة الوراثية لكل أشكال الحياة. وتوثّق هذه الدراسة الجديدة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، التي نُشرت في مجلة 'نيتشر'، هذه اللحظة الفارقة التي يبدأ فيها الحمض النووي في التفكك، مما يتيح حدوث سلسلة العمليات اللاحقة في عملية تضاعف الحمض النووي. وتسلط هذه المشاهدة المباشرة الضوء على الآليات الأساسية التي تمكّن الخلايا من نسخ مادتها الوراثية بدقة، وهي عملية جوهرية للنمو والتكاثر. وباستخدام تقنية المجهر الإلكتروني بالتبريد (cryo-EM) وتقنيات التعلم العميق، رصد مختبرا أستاذ الكيمياء الحيوية المساعد في كاوست، البروفيسور ألفريدو دي بيازيو، وأستاذ العلوم البيولوجية، البروفيسور سمير حمدان، تفاعل إنزيم الهيليكاز الحلزوني (Simian Virus 40 Large Tumor Antigen) مع الحمض النووي، ليقدما أوضح وصف حتى الآن لأولى خطوات تضاعف الحمض النووي، من خلال 15 حالة ذرية توضّح كيف يجبر إنزيم الهيليكاز الحمض النووي على التفكك. ويُعد هذا الإنجاز نقلة نوعية ليس فقط في مجال أبحاث الهيليكاز، بل أيضاً في دراسة ديناميكيات الإنزيمات بدقة ذرية. وعلى الرغم من إدراك العلماء منذ وقت طويل لأهمية الهيليكاز في عملية تضاعف الحمض النووي، إلا أنهم "لم يكونوا على علم بكيفية تعاون كل من الحمض النووي وإنزيمات الهيليكاز وجزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) في دورة منسّقة لدفع عملية التفكك"، بحسب دي بيازيو. ومنذ أن كشف العالمان واطسون وكريك في عام 1953 عن التركيب الحلزوني المزدوج للحمض النووي، بدأ المجتمع العلمي بفهم آلية تخزين المعلومات الجينية ونسخها. ولكي يتم نسخ الحمض النووي، لا بد أولاً من فك هذا الحلزون إلى شريطين منفصلين. عند ارتباط الهيليكاز بالحمض النووي، يبدأ في "إذابة" الروابط الكيميائية التي تُبقي الحلزون المزدوج مترابطاً، ثم يعمل على فصل الشريطين ليسمح لبقية الإنزيمات باستكمال عملية النسخ. وبدون هذه الخطوة الأولية، لا يمكن للحمض النووي أن يُنسخ، ما يجعل من إنزيمات الهيليكاز بمثابة "آلات" نانوية بحكم صغر حجمها. وإذا اعتبرنا أن إنزيمات الهيليكاز "آلات" نانوية، فإن وجزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) هو "الوقود" الذي يمدها بالطاقة. فكما يُشغّل احتراق الوقود محركات السيارات، فإن استهلاك ATP – وهو ذاته الجزيء الذي يحرّك عضلات الجسم – يحرّك ستة "مكابس" داخل الهيليكاز لتقوم بفك الحمض النووي. وقد كشفت الدراسة أن استهلاك ATP يُقلل القيود الفيزيائية، مما يسمح للهيليكاز بالتقدم على شريط الحمض النووي وفك المزيد من الحلزون المزدوج. وبهذا يعمل استهلاك جزيء الطاقة ATP كمفتاح يزيد من "العشوائية" أو "الاضطراب" في النظام، مفسحاً المجال أمام الهيليكاز للتحرك بحرية. وأضاف دي بيازيو "إن الهيليكاز لا يستخدم جزيء الطاقة ATP لفصل شريطي الحمض النووي دفعة واحدة، بل من خلال سلسلة من التغيرات البنيوية التي تُزعزع استقرار الروابط تدريجياً، وتؤدي إلى فصلهما. إن احتراق جزيء ATP، أو تحلّله المائي، يشبه عمل النابض في مصيدة الفئران، حيث يدفع الهيليكاز إلى الأمام، ويشطر شريطي الحمض النووي". ومن بين أبرز ما كشفه علماء كاوست هو أن اثنين من الأنزيمات الحلزونية يعملان في وقت واحد على إذابة الحمض النووي في موقعين مختلفين، لبدء عملية تفككه. وبحكم طبيعة التركيب الكيميائي للحمض النووي، لا تستطيع الآلات النانوية التحرك إلا في اتجاه واحد على شريط واحد من الحمض النووي. ومن خلال ارتباطها بموقعين في آن واحد، تتمكّن إنزيمات الهيليكاز من تنسيق عملية التفكك في اتجاهين وبكفاءة طاقية فريدة من نوعها. وتابع دي بيازيو"تُظهر هذه الكفاءة أن دراسة نسخ الحمض النووي ليست مجرد محاولة للإجابة عن أسئلة علمية جوهرية حول الحياة، بل تجعل من إنزيمات الهيليكاز نماذج لتصميم تقنيات نانوية مستقبلية". واختتم قائلاً "من منظور التصميم، تمثل الأنزيمات الحلزونية (الهيليكازية) أنظمة ميكانيكية ذات كفاءة طاقية عالية. ويمكن للآلات النانوية المصممة باستخدام مفاتيح تعتمد على العشوائية أو الاضطراب أن تستفيد من آليات مماثلة لتأدية مهام معقدة تعتمد على القوة".

علماء كاوست يرصدون الخطوات الأولى لتفكك الحمض النووي DNA
علماء كاوست يرصدون الخطوات الأولى لتفكك الحمض النووي DNA

الحدث

time٢٤-٠٣-٢٠٢٥

  • الحدث

علماء كاوست يرصدون الخطوات الأولى لتفكك الحمض النووي DNA

للمرة الأولى، شهد العلماء اللحظة التي يبدأ فيها الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) بالتفكك، في خطوة أساسية تمكّنه من أداء دوره بوصفه جزيئاً حاملاً للشيفرة الوراثية لكل أشكال الحياة. وتوثّق هذه الدراسة الجديدة من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، التي نُشرت في مجلة 'نيتشر'، هذه اللحظة الفارقة التي يبدأ فيها الحمض النووي في التفكك، مما يتيح حدوث سلسلة العمليات اللاحقة في عملية تضاعف الحمض النووي. وتسلط هذه المشاهدة المباشرة الضوء على الآليات الأساسية التي تمكّن الخلايا من نسخ مادتها الوراثية بدقة، وهي عملية جوهرية للنمو والتكاثر. وباستخدام تقنية المجهر الإلكتروني بالتبريد (cryo-EM) وتقنيات التعلم العميق، رصد مختبرا أستاذ الكيمياء الحيوية المساعد في كاوست، البروفيسور ألفريدو دي بيازيو، وأستاذ العلوم البيولوجية، البروفيسور سمير حمدان، تفاعل إنزيم الهيليكاز الحلزوني (Simian Virus 40 Large Tumor Antigen) مع الحمض النووي، ليقدما أوضح وصف حتى الآن لأولى خطوات تضاعف الحمض النووي، من خلال 15 حالة ذرية توضّح كيف يجبر إنزيم الهيليكاز الحمض النووي على التفكك. ويُعد هذا الإنجاز نقلة نوعية ليس فقط في مجال أبحاث الهيليكاز، بل أيضاً في دراسة ديناميكيات الإنزيمات بدقة ذرية. وعلى الرغم من إدراك العلماء منذ وقت طويل لأهمية الهيليكاز في عملية تضاعف الحمض النووي، إلا أنهم "لم يكونوا على علم بكيفية تعاون كل من الحمض النووي وإنزيمات الهيليكاز وجزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) في دورة منسّقة لدفع عملية التفكك"، بحسب دي بيازيو. ومنذ أن كشف العالمان واطسون وكريك في عام 1953 عن التركيب الحلزوني المزدوج للحمض النووي، بدأ المجتمع العلمي بفهم آلية تخزين المعلومات الجينية ونسخها. ولكي يتم نسخ الحمض النووي، لا بد أولاً من فك هذا الحلزون إلى شريطين منفصلين. عند ارتباط الهيليكاز بالحمض النووي، يبدأ في "إذابة" الروابط الكيميائية التي تُبقي الحلزون المزدوج مترابطاً، ثم يعمل على فصل الشريطين ليسمح لبقية الإنزيمات باستكمال عملية النسخ. وبدون هذه الخطوة الأولية، لا يمكن للحمض النووي أن يُنسخ، ما يجعل من إنزيمات الهيليكاز بمثابة "آلات" نانوية بحكم صغر حجمها. وإذا اعتبرنا أن إنزيمات الهيليكاز "آلات" نانوية، فإن وجزيء الطاقة أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) هو "الوقود" الذي يمدها بالطاقة. فكما يُشغّل احتراق الوقود محركات السيارات، فإن استهلاك ATP – وهو ذاته الجزيء الذي يحرّك عضلات الجسم – يحرّك ستة "مكابس" داخل الهيليكاز لتقوم بفك الحمض النووي. وقد كشفت الدراسة أن استهلاك ATP يُقلل القيود الفيزيائية، مما يسمح للهيليكاز بالتقدم على شريط الحمض النووي وفك المزيد من الحلزون المزدوج. وبهذا يعمل استهلاك جزيء الطاقة ATP كمفتاح يزيد من "العشوائية" أو "الاضطراب" في النظام، مفسحاً المجال أمام الهيليكاز للتحرك بحرية. وأضاف دي بيازيو "إن الهيليكاز لا يستخدم جزيء الطاقة ATP لفصل شريطي الحمض النووي دفعة واحدة، بل من خلال سلسلة من التغيرات البنيوية التي تُزعزع استقرار الروابط تدريجياً، وتؤدي إلى فصلهما. إن احتراق جزيء ATP، أو تحلّله المائي، يشبه عمل النابض في مصيدة الفئران، حيث يدفع الهيليكاز إلى الأمام، ويشطر شريطي الحمض النووي". ومن بين أبرز ما كشفه علماء كاوست هو أن اثنين من الأنزيمات الحلزونية يعملان في وقت واحد على إذابة الحمض النووي في موقعين مختلفين، لبدء عملية تفككه. وبحكم طبيعة التركيب الكيميائي للحمض النووي، لا تستطيع الآلات النانوية التحرك إلا في اتجاه واحد على شريط واحد من الحمض النووي. ومن خلال ارتباطها بموقعين في آن واحد، تتمكّن إنزيمات الهيليكاز من تنسيق عملية التفكك في اتجاهين وبكفاءة طاقية فريدة من نوعها. وتابع دي بيازيو"تُظهر هذه الكفاءة أن دراسة نسخ الحمض النووي ليست مجرد محاولة للإجابة عن أسئلة علمية جوهرية حول الحياة، بل تجعل من إنزيمات الهيليكاز نماذج لتصميم تقنيات نانوية مستقبلية". واختتم قائلاً "من منظور التصميم، تمثل الأنزيمات الحلزونية (الهيليكازية) أنظمة ميكانيكية ذات كفاءة طاقية عالية. ويمكن للآلات النانوية المصممة باستخدام مفاتيح تعتمد على العشوائية أو الاضطراب أن تستفيد من آليات مماثلة لتأدية مهام معقدة تعتمد على القوة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store