logo

هيثم الغيص: ماذا تعني عبارة "طاقة خضراء" حقا؟

الاقتصادية٢٥-٠٣-٢٠٢٥

إذا كنا نقصد بـ"خضراء" غياب انبعاثات الغازات الدفيئة فعلينا احتساب البصمة الكربونية الكاملة لمصدر الطاقة
المستقبل يجب أن يتسع لجميع مصادر الطاقة، بغض النظر عن اللون، ونحن بحاجة إلى حلول، لا شعارات
تحقيق إمدادات طاقة آمنة تسهم في خفض الانبعاثات يتطلب فهماً واقعياً لجميع أنواع الطاقة ومشتقاتها
بعض مصادر الطاقة تُوصف بأنها "خضراء"، لكن هذا المصطلح أو الشعار قد يخفي الحقائق المرتبطة بالطاقة. من الضروري أن نتعمق في فهم ما تعنيه كلمة "خضراء" فعلاً
.
إذا كان المقصود بـ"خضراء" هو غياب
.
أما استخراج المعادن الأساسية مثل النحاس والليثيوم والنيكل والكوبالت، والتي تُعد ضرورية لتوربينات الرياح والألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم أيون، فيتطلب عمليات تعدين كثيفة، تُخلّف انبعاثات كبيرة من الغازات الدفيئة
.
عادةً ما يُروج لشعار "كهربة كل شيء" كوسيلة لتحقيق التحول الأخضر. لكن في 2024، بلغ توليد الكهرباء من الفحم مستوى قياسياً غير مسبوق في التاريخ البشري. ونتيجة لذلك، سجلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية من محطات الطاقة العاملة بالفحم
.
التأثير البيئي لمصادر الطاقة
إذا كان المقصود بـ"خضراء" هو التوافق مع الطبيعة، فإن من المهم أخذ التأثير البيئي الكامل لمصدر الطاقة في الحسبان. غالباً ما تبدأ عملية بناء توربينات الرياح على اليابسة أو محطات الطاقة الشمسية بإزالة الغطاء النباتي، وهو ما قد يتضمن اقتلاع الأشجار أو إزالة الصخور أو تغيير طبيعة الأرض. في بعض الحالات، تُستخدم المتفجرات الصناعية لهذا الغرض. كما أن إقامة التوربينات وتسييج الأراضي حول محطات الطاقة الشمسية قد يُعطّل المواطن الطبيعية ومسارات الهجرة الخاصة بالحيوانات
.
أما إذا كان مفهوم "الأخضر" يتعلق بسهولة عمليات إعادة التدوير، فيجدر التذكير بأن العمر الافتراضي لتوربينات الرياح يراوح بين 20 و25 عاماً، بينما يبلغ نحو 30 عاماً للألواح الشمسية
.
بحسب صحيفة نيويورك تايمز، توقع مهندسون أن تخلّف شفرات التوربينات نفايات مطمورة في المكبات بأكثر من 43 مليون طن بحلول 2050. وقدّرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن النفايات السنوية الناتجة عن الألواح الشمسية بعد نهاية عمرها الافتراضي قد تصل إلى نحو 60 إلى 78 مليون طن متري بشكل تراكمي بحلول 2050. تحتوي الألواح الشمسية على معادن ثقيلة سامة تصنفها بعض الحكومات على أنها نفايات خطرة، ويجب التخلص منها وفق إرشادات صارمة وجداول زمنية محددة
.
صحيح أن الابتكار التكنولوجي يسهم في تحسين قابلية تدوير التوربينات والألواح الشمسية، وقد أُحرز تقدم يُحسب في هذا المجال، إلا أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أشار إلى أن العالم يواجه أزمة متنامية في إدارة النفايات. والقدرة على التدوير لا تعني بالضرورة أن الشيء سيُعاد تدويره بالفعل، أو أنه لن ينتهي به المطاف في مكب نفايات
.
لِمَ تُوصف مصادر طاقة بـ"خضراء"؟
هنا يُطرح السؤال: لماذا يُطلق وصف "خضراء" على بعض مصادر الطاقة؟ الكلمة بسيطة، لكنها قادرة على تصوير مصدر الطاقة كحل سحري لتحدي المناخ، الأمر الذي يتطلب معه طرح أسئلة إضافية. فالكلمة توحي بأن مصدر الطاقة مثالي وخالٍ من العيوب، لكن لا وجود لمصدر طاقة يمكن وصفه بهذه الطريقة
.
قد يغفل هذا الشعار التعقيدات والقرارات الصعبة التي يتعين على صناع السياسات اتخاذها عند الموازنة بين أولويات تنموية متنافسة. كما يُضفي طابعاً أخلاقياً على مصادر الطاقة، ومن ثمّ يُقلل من شأن الفوائد التي يمكن أن تُقدمها مصادر لا تعتبر "خضراء" بالمعنى التقليدي
.
من المهم التأكيد على أن الألواح الشمسية وتوربينات الرياح تُعد تقنيات متميزة، وهي عنصر ضروري في مزيج الطاقة، خصوصاً في ظل التوقعات
تحقيق مستقبل آمن للطاقة، ويجعل الطاقة في متناول الجميع، ويعالج فقر الطاقة، ويسهم في خفض الانبعاثات، يتطلب فهماً واقعياً لجميع أنواع الطاقة، وما تنتجه من مشتقات، وما يمكن أن تُقدمه فعلاً
.
فهل مصطلح "خضراء" يركّز بشكل ضيق على عدد محدود من أنواع الطاقة، ويتيح للبعض أن يتجاهل بسهولة مزايا أنواع أخرى؟ أم لعلنا بحاجة للتخلي عن هذا المصطلح كلياً؟ المستقبل يجب أن يتسع لجميع مصادر الطاقة، بغض النظر عن اللون الذي تُصنّف به. نحن بحاجة إلى حلول، لا شعارات
.
خاص بـ "بلومبرغ"

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مواد سيراميكية للبطاريات القادمة
مواد سيراميكية للبطاريات القادمة

سعورس

timeمنذ 2 أيام

  • سعورس

مواد سيراميكية للبطاريات القادمة

ابتكر علماء روس، بالتعاون مع زملائهم من الصين ، مواد سيراميكية جديدة لتطوير بطاريات صديقة للبيئة من الجيل الجديد، يمكن استخدامها حتى في الأجهزة المنزلية وأنظمة الطاقة المتجددة. ويشير المكتب الإعلامي لجامعة سخالين إلى أن البطاريات الصلبة، بعكس بطاريات الليثيوم أيون التقليدية لا تحتوي على إلكتروليتات سائلة، وبالتالي فهي أقل عرضة للحريق وأكثر مقاومة لتغيرات درجة الحرارة وأكثر متانة.

مواد سيراميكية للبطاريات القادمة
مواد سيراميكية للبطاريات القادمة

الوطن

timeمنذ 2 أيام

  • الوطن

مواد سيراميكية للبطاريات القادمة

ابتكر علماء روس، بالتعاون مع زملائهم من الصين، مواد سيراميكية جديدة لتطوير بطاريات صديقة للبيئة من الجيل الجديد، يمكن استخدامها حتى في الأجهزة المنزلية وأنظمة الطاقة المتجددة. ويشير المكتب الإعلامي لجامعة سخالين إلى أن البطاريات الصلبة، بعكس بطاريات الليثيوم أيون التقليدية لا تحتوي على إلكتروليتات سائلة، وبالتالي فهي أقل عرضة للحريق وأكثر مقاومة لتغيرات درجة الحرارة وأكثر متانة. ووفقا للمكتب، ابتكر العلماء في إطار البحث المشترك، مواد سيراميكية جديدة يمكن أن تشكل الأساس لمثل هذه البطاريات. وتجدر الإشارة إلى أن علماء من جامعة سخالين وجامعة الشرق الأقصى ومعهد شنغهاي للسيراميك شاركوا في هذه الدراسة. ويقول أوليغ شيتشالين، مدير مختبر بحوث المصادر الكهروكيميائية للطاقة المتجددة في جامعة سخالين: «تفتح دراستنا في مجال تركيب المواد الخزفية القائمة على أساس ZnFe2O4 آفاقا جديدة للتنمية المستدامة في مجال تخزين الطاقة. لقد ابتكرنا تقنيات تسمح بالحصول على مواد ذات خصائص كهروكيميائية عالية مع تجنب استخدام المواد السامة. وهذا أمر بالغ الأهمية للانتقال إلى تقنيات صديقة للبيئة.

علماء يعثرون على مصدر آخر للذهب في الكون
علماء يعثرون على مصدر آخر للذهب في الكون

الشرق الأوسط

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الأوسط

علماء يعثرون على مصدر آخر للذهب في الكون

يحاول علماء الفلك تحديد الأصول الكونية لأثقل العناصر، مثل الذهب، منذ عقود. والآن، يشير بحث جديد يستند إلى ملاحظات من بيانات أرشيفية لبعثات فضائية، إلى دليل محتمل: النجوم المغناطيسية أو (النجوم النيوترونية شديدة المغناطيسية)، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية. ويعتقد العلماء أن عناصر أخف وزناً مثل الهيدروجين والهيليوم، وحتى كمية صغيرة من الليثيوم، ربما وُجدت في وقت مبكر بعد الانفجار العظيم الذي كوّن الكون قبل 13.8 مليار سنة. ثم أطلقت النجوم المتفجرة عناصر أثقل مثل الحديد، التي اندمجت في النجوم والكواكب حديثة الولادة. لكن توزيع الذهب، وهو أثقل من الحديد، في جميع أنحاء الكون شكّل لغزاً لعلماء الفيزياء الفلكية. ويقول أنيرود باتيل، طالب الدكتوراه في الفيزياء بجامعة كولومبيا في نيويورك والمؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت، الثلاثاء، في دورية «مجلة الفيزياء الفلكية»، في بيان: «إنه (أصل الذهب) سؤال جوهري للغاية. إنه لغزٌ مُثير للاهتمام لم يُحل بعدُ». وفي السابق، كان يُربط إنتاج الذهب الكوني بتصادمات النجوم النيوترونية فقط. ورصد علماء الفلك تصادماً بين نجمين نيوترونيين عام 2017. وأطلق هذا الاصطدام تموجات في الزمكان، تُعرف باسم موجات الجاذبية، بالإضافة إلى ضوء من انفجار أشعة غاما. كما نتج عن هذا الاصطدام، المعروف باسم «كيلونوفا»، عناصر ثقيلة مثل الذهب والبلاتين والرصاص. وقد شُبّه «كيلونوفا» بأنه «مصنع» ذهب في الفضاء. ويُعتقد أن معظم اندماجات النجوم النيوترونية حدثت خلال مليارات السنين الماضية، وفقاً لإريك بيرنز، الباحث المشارك في الدراسة والأستاذ المساعد وعالم الفيزياء الفلكية في جامعة ولاية لويزيانا. لكن بياناتٍ قديمة، عمرها 20 عاماً، مأخوذة من تلسكوبات وكالة «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية، التي لم تكن قابلةً للفهم سابقاً، تُشير إلى أن التوهجات الصادرة عن النجوم المغناطيسية التي تشكلت قبل ذلك بكثير، خلال نشأة الكون، ربما وفرت طريقةً أخرى لتكوين الذهب، كما قال بيرنز. والنجوم النيوترونية هي بقايا أنوية النجوم المنفجرة، وهي كثيفة لدرجة أن ملعقة صغيرة من مادة النجم تزن مليار طن على الأرض. والنجوم المغناطيسية نوع شديد السطوع من النجوم النيوترونية، يتميز بمجال مغناطيسي قوي للغاية. ولا يزال علماء الفلك يحاولون تحديد كيفية تشكل النجوم المغناطيسية بدقة، لكنهم يفترضون أن النجوم المغناطيسية الأولى ظهرت على الأرجح بعد النجوم الأولى مباشرةً خلال نحو 200 مليون سنة من بداية الكون، أو منذ نحو 13.6 مليار سنة، وفقاً لبيرنز. وفي بعض الأحيان، تُطلق النجوم المغناطيسية كميات هائلة من الإشعاع بسبب «الهزات النجمية». وعلى الأرض، تحدث الزلازل لأن نواة الأرض المنصهرة تُسبب حركة في قشرة الكوكب، وعندما يتراكم الضغط الكافي، ينتج عنه حركة متقلبة، أو اهتزاز الأرض تحت قدميك. والزلازل النجمية مُشابهة، كما قال بيرنز. وأضاف بيرنز: «للنجوم النيوترونية قشرة ونواة فائقة السيولة». وأضاف: «الحركة تحت السطح تُسبب ضغطاً عليه، مما قد يُسبب في النهاية زلزالاً نجمياً. وتُنتج هذه الزلازل في النجوم المغناطيسية دفعات قصيرة جداً من الأشعة السينية. وهناك فترات يكون فيها النجم نشطاً بشكل خاص، مُنتجاً مئات أو آلاف التوهجات في غضون أسابيع قليلة». ووجد الباحثون أدلة تُشير إلى أن النجم المغناطيسي يُطلق مواداً خلال التوهجات العملاقة. ومن المُرجح أن التوهجات تُسخن وتقذف مادة القشرة بسرعات عالية، وفقاً لبحث حديث أجراه العديد من المشاركين في الدراسة. وقال باتيل: «لقد افترضوا أن الظروف الفيزيائية لهذا القذف الكتلي المتفجر كانت واعدة لإنتاج العناصر الثقيلة (مثل الذهب)». ويعتقد الباحثون أن التوهجات المغناطيسية العملاقة قد تكون مسؤولة عما يصل إلى 10 في المائة من العناصر الأثقل من الحديد في مجرة ​​درب التبانة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store