
متى تنتهي الحروب في الشرق الأوسط؟
تنتهي الحروب في حالتين، حسب ما يقوله لنا التاريخ، في الحالة الأولى عندما يكون هناك انتصار واضح لطرف على الطرف الآخر، بحيث يقوم الطرف الأول بسحق قدرة الطرف الثاني العسكرية، وأيضاً المعنوية والاقتصادية.
في الحالة الثانية عندما تشعر الأطراف الداخلة في الحرب بأنها لا تستطيع سحق الطرف الآخر كلياً عسكرياً، وبالتالي تذهب إلى الحلول الوسطى.
في التاريخ الحديث، الغرب بالتحالف مع روسيا الاشتراكية شل بشكل كامل قوات هتلر في ألمانيا، وبالتالي اضطرت ألمانيا أن تستسلم، دون قيد أو شرط، كما فعلت في الحرب العالمية الأولى.
في الحالة الثانية، تنتهي الحروب عندما يرى الأطراف المشتركة فيها أنها لا تستطيع أن تنزل هزيمة كاملة لأسباب متعددة، منها القوة النارية، ومنها القوة البشرية، ومنها الجغرافيا، فتركنا من خلال وسطاء إلى الحلول الوسطى، هذا ما حدث بين مصر في حكم أنور السادات وإسرائيل في حكم مناحيم بيغن.
عندما نقرأ مذكرات الرئيس السادات المعنونة (البحث عن الذات) نجد عبارة لافتة إلى أنه ذهب إلى طريق السلام، لأنه يعرف أن إسرائيل تختزن رؤوساً نووية، وأن أمريكا في ظهر إسرائيل مهما حدث، وفي تطور أي صراع ضد إسرائيل لن تتأخر عن استخدام ترسانتها النووية، حيث يكون الأمر وقتها أن قربت هزيمتها (عليّ وعلى أعدائي)، واستطاع من خلال العمل السياسي، الذي اتسم بالذكاء، أن يحقق عودة الأراضي التي احتلتها إسرائيل، في مقابل معاهدة سلام بارد، إن صح التعبير.
العواطف العربية وقتها كانت ضد فكرة السادات، وتم صراع فكري وسياسي طويل المدى ومكلف، إلا أنه بعد فترة وقعت الأردن، الشريك الآخر في الحدود مع إسرائيل، اتفاقية وادي عربة، والتي وضعت أيضاً حداً للصراع الرسمي بين الأردن وإسرائيل.
وتوجه قطاع سياسي في إسرائيل إلى حلول وسطى أيضاً مع الفلسطينيين، وعادت منظمة التحرير إلى الداخل الفلسطيني، ثم تطور الأمر إلى ما يعرفه الجميع حتى وصلنا إلى 7 أكتوبر 2023.
ترى إيران أنها قد استهدفت في الحرب الأخيرة، وأنها لم تبدأ الحرب، وهذا صحيح تكتيكياً، وهناك رأي يقول، إن إيران قد سلحت وشجعت ومولت قوى ما تحت الدولة في الجوار، من أجل مشاغلة إسرائيل عن بعد.
بنت إيران استراتيجيتها، التي تم الإعلان عنها، لتكرر أنها تحارب خارج حدودها، حتى لا تصل الحرب إلى حدودها. الآن كما يقول المثل (وقع الفأس في الرأس)، أي أصبحت الحرب على الأراضي الإسرائيلية، والأراضي الإيرانية مباشرة دون وكلاء!
كلا الطرفين، حسب موازين القوى، لا يمكن لأحدهما أن يتغلب على الآخر، لا إيران باستطاعتها محو إسرائيل، ولا إسرائيل باستطاعتها أن تتغلب على إيران، لأسباب عديدة، منها الجغرافيا، وأيضاً تصميم الدفاع عن الأراضي الإيرانية، المخرج الوحيد هو التفاوض، أي الذهاب إلى مكان وسط، ولكن المعضلة هنا هي السلاح النووي.
ومن الواضح أن القوى الدولية، سواء كانت الصين أو روسيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة، لا ترغب بأن ترى إيران نووية عسكرياً، ولا حتى الجوار، وهذه الرغبة تتعاضد مع الرغبة الإسرائيلية، إيران أعلنت أكثر من مرة أنها لا ترغب أيضاً في التسلح النووي، إلا أن بعض التقارير تقول إن السلوك الذي تقوم به يؤشر إلى أن الهدف هو ذاك في نهاية المطاف، هنا الشكوك عالية المستوى تفرز عدم اليقين.
الحل هو اتفاقية تقرر مستوى ما يجب على إيران الاحتفاظ به من وقود نووي للأعمال السلمية، وما يجب التخلص منه، والذي قد يكون سبباً في شكوك تتعاظم بأنها تتجه إلى عسكرة هذه المادة.
لا مناص سوى أن تصل الأطراف إلى تلك الحلول، وبالتالي فإن إطالة الحرب هي خسارة فادحة للأطراف المشتركة فيها، وأيضاً للإقليم.
على عكس ما يرى البعض أن هناك إمكانية بتغيير الأنظمة من الخارج، وأيضاً على عكس ما يرى البعض أنه بالقوة وحدها يمكن إخضاع الشعوب، تلك أوهام ثبتت أكثر من مرة، منذ فيتنام وحتى أفغانستان، مروراً بالعراق، أنها شعوذة.
حاولت قوى خليجية، مباشرة أو مداورة، إيصال مثل هذه الرسائل إلى الأطراف المتشابكة، إلا أن الكثير من العواطف، وربما الكثير من الأوهام، قد وقفت أمام تبين الرؤية الواضحة، من أن الصراع العسكري هو خسارة - خسارة لا أكثر. وطرحت الفكرة العربية القديمة- الجديدة (حل الدولتين)، للخروج من أزمات الشرق الأوسط المزمنة.
ننتظر الأيام المقبلة لنرى إذا ما أمكن أن تتلازم الحكمة والشجاعة، كلاهما معاً يستطيعان أن يجدا حلاً مُرضياً لجميع الأطراف، في واقع يقول لنا، إن حروباً لا تنهي المشكلات، ولكنها تؤسس لمشكلات أخرى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
"أكسيوس": ترامب لا يريد مواصلة ضرب إيران إلا في هذه الحالة
وحسبما نقل "أكسيوس" عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين فإن ترامب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا عقب ضرب المنشآت الإيرانية "أن هدفه التالي هو التوصل لاتفاق مع إيران". كذلك فقد ذكر مسؤول أميركي للموقع أن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف "بعث رسالة إلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبلغه فيها أن العملية الأميركية ضربة واحدة". وأضاف المسؤول الأميركي أن "ويتكوف أكد لعراقجي أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى إلى حل دبلوماسي وتريد من إيران العودة إلى المفاوضات بعد ضرب المنشآت النووية". وكانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" قد نقلت عن مصادر إسرائيلية قولها إن إسرائيل ستقبل بوقف إطلاق النار إذا أوقف المرشد الإيراني إطلاق النار وقال إنه يريد إنهاء الحرب. وأضافت الصحيفة نقلا عن المصادر أن تل أبيب ترغب بإنهاء الصراع بأسرع وقت وربما هذا الأسبوع وأنها لا تريد حرب استنزاف، لكنها مستعدة لذلك. كما وقالت المصادر إن إسرائيل ترى فرصة ضئيلة للدخول في مفاوضات لاتفاق نووي حاليا وخاصة وأنها نجحت في تدمير مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم الإيراني المخصب. وعلى الصعيد العسكري، قالت المصادر للصحيفة إن إيران تملك الآن نحو مئتي منصة إطلاق صواريخ ونحو ألف وخمسمئة صاروخ.


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
مصادر: إسرائيل تقبل إنهاء الحرب إذا أوقف خامنئي إطلاق النار
وأضافت الصحيفة نقلا عن المصادر أن تل أبيب ترغب بإنهاء الصراع بأسرع وقت وربما هذا الأسبوع وأنها لا تريد حرب استنزاف، لكنها مستعدة لذلك. كما وقالت المصادر إن إسرائيل ترى فرصة ضئيلة للدخول في مفاوضات لاتفاق نووي حاليا وخاصة وأنها نجحت في تدمير مئات الكيلوغرامات من اليورانيوم الإيراني المخصب. وعلى الصعيد العسكري، قالت المصادر للصحيفة إن إيران تملك الآن نحو مئتي منصة إطلاق صواريخ ونحو ألف وخمسمئة صاروخ. وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر إسرائيلي قوله إن إسرائيل "تعتقد أن الرسائل التي بعثتها إيران عقب الهجوم الأميركي (لا تبشر بالخير)". ونقلت "هآرتس" عن المصدر قوله إن إسرائيل "تأمل أن يتغير موقف خامنئي من إجراء محادثات بعد الضربات الأميركية". ولم يستبعد المصدر "احتمال التصعيد في الأيام المقبلة إذا شرعت إيران في تنفيذ تهديداتها باستهداف المواقع الأميركية". وكان المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون قد قال خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الأحد، إن الولايات المتحدة أنقذت العالم من كارثة نووية. وأوضح دانون أن "إيران استخدمت المفاوضات للتمويه لكسب وقت لبناء صواريخ وتخصيب اليورانيوم. وأضاف: "تكلفة عدم التحرك كانت لتصبح كارثية. هذا هو ما يبدو عليه آخر خط دفاع عندما تفشل كل الخطوط الأخرى". وشدد على أنه "إذا أصبحت إيران دولة نووية كان ذلك سيصبح حكما بالإعدام".

خليج تايمز
منذ 2 ساعات
- خليج تايمز
20 قتيلاً و 52 جريحاً حصيلة هجوم كنيسة دمشق
سوريا: ارتفاع حصيلة قتلى هجوم كنيسة دمشق إلى 20 قتيلاً و 52 جريحاً نشرت في: الأحد 22 يونيو 2025، 8:30 مساءً بقلم: وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) / رويترز صورة: أشخاص وعناصر إنقاذ يتفقدون الأضرار في موقع هجوم انتحاري مُبلغ عنه في كنيسة مار إلياس بمنطقة الدويلة في دمشق يوم الأحد. الصورة: وكالة الأنباء الفرنسية. قالت وزارة الصحة السورية إن هجومًا على كنيسة في دمشق يوم الأحد أودى بحياة 20 شخصًا، حسبما أفادت وسائل الإعلام الرسمية، مما رفع حصيلة سابقة للدفاع المدني بلغت 15 قتيلاً. جاء في بيان لوزارة الصحة نقلته وكالة الأنباء الرسمية سانا: "ارتفع عدد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة مار إلياس في منطقة الدويلة بدمشق إلى 20 قتيلاً و 52 جريحًا". أول هجوم انتحاري في دمشق بعد سقوط الأسد يمثل الحادث أول تفجير انتحاري داخل دمشق منذ الإطاحة ببشار الأسد على يد تمرد للمعارضة في ديسمبر. وقالت وزارة الداخلية السورية إن الانتحاري كان عضواً في منظمة متطرفة. وأضافت الوزارة في بيان أن الانتحاري دخل الكنيسة، وفتح النار ثم فجر سترته الناسفة. ابق على اطلاع بأحدث الأخبار. تابع "كي تي" على قنوات الواتساب. وقال مصدر أمني، طلب عدم الكشف عن هويته، إن رجلين تورطا في الهجوم، أحدهما فجر نفسه. أظهر بث مباشر من الموقع للدفاع المدني السوري، "الخوذ البيضاء"، مشاهد دمار من داخل الكنيسة، بما في ذلك أرضية ملطخة بالدماء ومقاعد كنيسة محطمة ومبانٍ متصدعة. وقد أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي قاد الهجوم ضد الأسد قبل توليه السلطة في يناير لمرحلة انتقالية، مرارًا وتكرارًا أنه سيحمي الأقليات خلال فترة ولايته. إدانات دولية ودعوات للحماية فرنسا تدين الهجوم أدانت وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم "البغيض والإرهابي". وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف ليموين التزام فرنسا بـ "انتقال في سوريا يسمح للسوريين، بغض النظر عن دينهم، بالعيش بسلام وأمان في سوريا حرة وموحدة وتعددية ومزدهرة ومستقرة وذات سيادة". "اتخاذ إجراء فوري" قالت وزارة الخارجية اليونانية في بيان: "ندين بشكل لا لبس فيه التفجير الإرهابي الانتحاري الشنيع الذي استهدف كنيسة مار إلياس للروم الأرثوذكس في دمشق، سوريا". "نطالب السلطات الانتقالية السورية باتخاذ إجراءات فورية لمحاسبة المتورطين وتنفيذ تدابير لضمان سلامة المجتمعات المسيحية وجميع الجماعات الدينية، مما يسمح لهم بالعيش دون خوف."