السياحة تترقّب عودة الخليجيين إلى لبنان أما الاستثمار فـ"مشروط"
أعاد قرارُ دولة الإمارات العربيّة المتحدة رفع حظر السفر عن مواطنيها إلى لبنان، ابتداءً من يوم غد في السابع من أيّار الجاري، وبعد أربع سنوات من التجميد، إلى الواجهة الدورَ التاريخيّ لرؤوس الأموال الخليجيّة في تنشيط سوق العقار اللبنانيّ. وتعتبر أوساط الاستثمار أنّ السّوق العقاريّة ستكون أول القطاعات استقبالًا لتدفق الطلب الخليجيّ، ولا سيما في المناطق الجبلية التي يفضّلها الإماراتيون والكويتيون والسعوديون للإيجار الموسمي أو التملّك. غير أن هذا التفاؤل يبقى مشروطًا بإقرار الحكومة اللبنانيّة حزمة الإصلاحات المصرفية والنقدية التي بدأتها أخيرًا، لأن أي موجةٍ استثماريّة جديدة تحتاج إلى بيئةٍ قانونيّةٍ وآلية تحويل أموال شفافة. فهل يتحوّل هذا القرار السياسيّ إلى بادرة أملٍ اقتصاديّة؟ وما العوائق التي قد تكبح مكاسبه؟
زمن الذهب العقاري: ذاكرة الأرقام الخليجية
حتى عام 2010 كان المستثمرون الخليجيون – ولا سيّما السعوديون والكويتيون والإماراتيون – يمثّلون رافعة الاستثمار الأجنبيّ في لبنان. فبحسب قاعدة بيانات الأونكتاد، لامست تدفّقات الاستثمار الأجنبيّ المباشر نحو 2.7 مليار دولار سنة 2006، جاءت 95.9 في المئة منها من بلدانٍ عربيّة وفق إحصاءات IDAL. وبين 2007 و2010 وُجِّه قرابة 60 في المئة من هذه التدفّقات إلى القطاع العقاري تحديدًا، فتركّزت في مشروعاتٍ فندقيّة ومنتجعاتٍ ساحليّة وأبراج "سوليدير"، ونتيجةً لذلك قفز سعر المتر المربّع في وسط بيروت من عتبة 3 آلاف و500 دولار إلى نطاق 5.500 – 7.500 دولار، مقتربًا من متوسّط الأسعار في دبي آنذاك (نحو 6.500 دولار للمتر). وتظهر بيانات
لكنّ الصدمات المتلاحقة من اندلاع الحرب السوريّة في 2011، ثمّ الفراغ الرئاسي بين 2014 و2016، وتوتّر العلاقات اللبنانيّة-الخليجيّة – كبحت الطلب الخارجي؛ فتراجعت الأسعار الحقيقية بنحو 12.3 في المئة في 2014 وحدها. ومع تصاعد التوتّر الإقليميّ شدّدت دول الخليج قيودها: رفعت السعوديّة مستوى التحذير من السفر حتى مطلع 2019، فيما جمّدت الكويت منح التأشيرات للبنانيّين وأعلنت الإمارات حظرًا كاملًا على سفر مواطنيها في 2021، ما فاقم انكماش السيولة العقاريّة. وبانقطاع الزخم الخليجيّ، اتجه كثير من الخليجيين إلى تصفية أصولهم أو تجميدها. فيما تزامن لاحقًا المنع الخليجي مع الانهيار الماليّ في تشرين الأوّل 2019 وانفجار مرفأ بيروت (2020)، فدخلت السوق دورة تصحيح حادّة. ومع انعدام القروض السكنية وانهيار الليرة، أصبح 100 في المئة من المشترين نقدًا.
أول الغيث: ما الذي تغيّر الآن؟
إلّا أنّ انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل حكومة نواف سلام مهّدا لمصالحة خليجية متدرجة تُوِّجت بزيارة رئيس الجمهورية إلى أبو ظبي، حيث صدر القرار الإماراتي برفع الحظر، مع تلميحات سعودية وكويتية للحاق بالخطوة عينها قريبًا. وفي موازاة ذلك، سجّلت بيروت أول زيارة لوزير خارجية سعودي منذ عقد، مؤكدة انفتاحًا سياسيًا ينعكس اقتصاديًا.
في حديث إلى "المدن" يشرح رئيس مجلس العمل اللبناني في الإمارات شارل جحا ارتدادات القرار برفع الحظر عن الاقتصاد اللبناني: "بلا أدنى شكّ فإن قرار وقف حظر سفر المواطنين الإماراتيين إلى لبنان الذي صدر عن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بعد الزيارة الناجحة لرئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون، سيفتح آفاقًا جديدة من التعاون بين الدولتين. ونحن من جهتنا سيكون لنا الدور المحفز والمساعد لتسهيل وإيجاد السبل الكفيلة بنجاح أي استثمار في لبنان، لكن الدور الأساسي لا بد أن يكون للحكومة اللبنانية، التي عليها القيام بجميع الإصلاحات المطلوبة لجذب تلك الاستثمارات وخلق الحوافز والقوانين الكفيلة بحمايتها. نحن على ثقة تامة بأن دول الخليج، من خلال سياستها الاقتصادية المنفتحة، مستعدة لزيادة استثماراتها في لبنان، لكن الجدوى الاقتصادية من أي استثمار تبقى هي الأساس؛ ومن هنا نعوّل على حكومة الرئيس نواف سلام للإسراع في الإصلاحات ورسم سياسة شفافة لجذب تلك الاستثمارات، وبالتأكيد يبقى الأمن والقانون العادل أساسًا لتدفق الاستثمارات.
وعن انعكاساتِ القرارِ، يُضيف جحا: "الاستثمار في العقار أحد أهمِّ الاستثماراتِ، بل الأسهل والأسرع، إذا توافر الجوّ المناسب المُرتكِز إلى ما ذكرتُه سابقًا؛ حينها سيشهد السُّوق العقاريّ انتعاشًا وتطوّرًا".
ويُتابع: "القرار سيزيد من فُرَصِ التعاونِ وخلقِ الشراكات التجاريّة بين الشركاتِ وأصحابِ الأعمالِ اللبنانيّينَ والإماراتيّينَ والخليجيّينَ مستقبلًا. وما صدر خلال لقاءِ الرئيسَين من تأسيسِ مجلسِ أعمالٍ إماراتيّ-لبنانيّ لتعزيز التعاونِ الاقتصاديّ والاستثماريّ، والأهمّ توجيه صندوقِ أبو ظبي للتنمية لإرسال وفدٍ إلى لبنان لبحث مشاريعِ التعاونِ التنمويّ – هو أوّلُ الغيث نحو انطلاقةٍ مُثمرةٍ، لكن يَبقى الأساس خلق الأجواء الملائمة لبنانيًّا لوضعِ كلِّ ما بحث قيد التنفيذ".
وختم: "يبقى الاغترابُ اللبناني العمود الفقري للاستثمارِ في لبنان؛ وهو، مثل أي مستثمر خليجي أو أجنبي، ينتظر الإصلاحات الّتي تعمل عليها الحكومة ليتجرّأ على اتخاذ خطوات متقدمة في هذا المجال".
الإصلاح المصرفي شرطٌ مسبق
منذ تعيين الحاكم الجديد لمصرف لبنان ركزت السلطات على إعادة رسملة المصارف أو دمجها تحت طائلة الإقفال، فيما أقرّت الحكومة في نيسان 2025 مشروع قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي خطوة أساسية لاستعادة ثقة المودعين والمستثمرين. كذلك يناقش مصرف الإسكان رفع سقف القروض إلى 100 ألف دولار بفائدة مدعومة، ما قد يعيد الطلب المحلي بالتوازي مع الطلب الخليجي. لكن صندوق النقد الدولي ما زال يربط أي تمويل للبنان بتوحيد أسعار الصرف وإقرار قانون ضبط الرساميل، ما يجعل الإصلاح المالي عنصرًا حاسمًا في قرار المستثمر الخليجي بالدخول أو الاكتفاء بالسياحة قصيرة الأجل.
بالمحصّلة، مع رفع حظر السفر يلوح في الأفق احتمال عودة الرساميل الخليجية لتكون رافعة لدورة عقارية جديدة، وربما لقطاعات أوسع كالسياحة الطبية والتكنولوجيا المالية والطاقة المتجددة التي يتطلع إليها مستثمرون إماراتيون وسعوديون. غير أن ربيع الاستثمار هذا يظل مشروطًا بتعافي النظام المصرفيّ وتكريس الشفافية النقديّة، وبقدرة الحكومة على تحويل برامج الإصلاح من نصوص إلى مؤسّسات فاعلة. أما إذا تعطلت الإصلاحات مرة أخرى، فستبقى الطفرة العقارية ومضات موسمية تفتقر إلى استدامة تنموية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 36 دقائق
- سيدر نيوز
اليوم الأخير لإيلون ماسك.. ماذا حقق في البيت الأبيض؟
تنتهي مهام إيلون ماسك في إدارة ترامب بعد 129 يوماً مثيراً للجدل، قاد خلالها حملةً لخفض الإنفاق الحكومي بشكل غير مسبوق، مما أثار موجة واسعة من الانتقادات. في وقت سابق من هذا الأسبوع، نشر الملياردير المنحدر من جنوب إفريقيا، عبر منصته على موقع 'إكس'، رسالة شكر للرئيس ترامب على منحه الفرصة للعمل في وزارة الكفاءة الحكومية المعروفة اختصاراً بـ'دوج'. وكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معلناً عن مؤتمر صحفي سيعقد اليوم الجمعة في المكتب البيضاوي بحضور ماسك، قائلاً: 'اليوم هو يومه الأخير، ولكن في الحقيقة، لن يغادر أبداً، سيبقى دائماً معنا، يواصل دعمه لنا'. ورغم أنّ فترة ماسك في الحكومة لم تتجاوز أربعة أشهر، إلا أنّ تأثيره في وزارة كفاءة الحكومة أحدث هزة في عمل المؤسسات الفيدرالية، وامتدّ أثره إلى ما هو أبعد من واشنطن، ويصل إلى الساحة الدولية. منشار وزارة الكفاءة الحكومية انضمّ ماسك إلى البيت الأبيض بهدف واحد، وهو تقليص الإنفاق الحكومي إلى أقصى حدّ. وبدأت مهمته بهدف أوّلي بخفض الانفاق يما لا يقلّ عن تريليوني دولار، ثمّ تراجع الرقم إلى تريليون، قبل أن يُحدَّد أخيراً عند 150 مليار دولار. وحتى اليوم، تقول الوزارة إنها وفّرت نحو 175 مليار دولار من خلال بيع أصول، وإلغاء عقود إيجار ومنح، و'حذف مدفوعات احتيالية أو غير نظامية'، وتعديلات تنظيمية، وتقليص عدد موظفي الحكومة الفيدرالية بواقع 260 ألف موظف من أصل 2.3 مليون الذين يشكلون القوى العاملة الفدرالية. إلا أنّ تحليلاً أجرته بي بي سي لتلك الأرقام، أظهر نقصاً في الأدلة على بعض هذه الادعاءات. ترامب يحظى بدعم أغنى رجل في العالم، فما الذي يريده ماسك؟ لماذا يصطحب إيلون ماسك أطفاله إلى العمل؟ ماذا قال إيلون ماسك عن 'تحية هتلر' التي قام بها في حفل تنصيب ترامب؟ وقد أدت هذه السياسات إلى حالة من الفوضى في بعض الأحيان، منها ما دفع القضاء الفيدرالي إلى التدخل لوقف عمليات فصل جماعي، وإصدار أوامر بإعادة الموظفين إلى أعمالهم. وفي حادثة بارزة خلال شهر فبراير/شباط الماضي، اضطرت الإدارة إلى وقف تسريح مئات العاملين في 'الإدارة الوطنية للأمن النووي'، بينهم موظفون يشغلون مناصب بالغة الحساسية تتعلق بالترسانة النووية الأمريكية. وأقرّ ماسك نفسه بأنّ هذا النوع من الإجراءات لا يخلو من الأخطاء، وقال حينها: 'سنرتكب أخطاء'، وذلك بعد أن أقدمت وزارته على إلغاء برنامج مساعدات، ظنّاً منها أنّ المنطقة المستفيدة منها هي غزة الخاضعة لسيطرة حماس، بينما كانت المنطقة المستفيدة في الحقيقة في موزمبيق. كما أثار سعي وزارة 'دوج' للوصول إلى بيانات حكومية حساسة، خاصة تلك التابعة لوزارة الخزانة، جدلاً واسعاً، لاسيما وأنها تشمل معلومات خاصة بملايين الأمريكيين. ورغم الجدل، لا تزال سياسات خفض الإنفاق تحظى بدعم شريحة من الأمريكيين، حتى وإن تراجعت جراءها شعبية ماسك الشخصية. تداخل المصالح بين السلطة والمال أثار وجود ماسك، بصفته 'موظفاً حكومياً خاصاً' غير منتخب، ويمتلك شركات تربطها عقود كبيرة بالحكومة الأمريكية، تساؤلات حول إشكالية تضارب المصالح. إذ تشمل إمبراطورية ماسك للأعمال، شركات تتعامل مع حكومات داخل وخارج الولايات المتحدة، من أبرزها شركة 'سبيس إكس'، التي تصل قيمة عقودها الحكومية إلى نحو 22 مليار دولار، وفقاً لما قاله مديرها التنفيذي. كما اتهمه عدد من الديمقراطيين باستغلال منصبه في الحكومة، لتعزيز مصالح شركته 'ستارلينك' المتخصصة في خدمات الإنترنت الفضائي، وخاصة على الصعيد الدولي. كما تعرّض البيت الأبيض لانتقادات بعدما استعرض ماسك في مارس/آذار الماضي، سيارات تابعة لشركة 'تسلا'، التي يملكها، في حدائق البيت الأبيض، في خطوة اعتبرها البعض دعماً غير مباشر لشركاته. إلا أنّ كل من ماسك وترامب نفيا وجود أي تعارض في المصالح، أو أي إشكال أخلاقي في هذا السياق. هل دفع نحو عزلة أمريكية؟ برز التأثير العالمي لماسك ووزارته، بعد أن ألغت الإدارة أكثر من 80 في المئة من برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، عقب مراجعة استمرت ستة أسابيع، في حين تم نقل ما تبقى منها إلى وزارة الخارجية. وجاءت هذه الخطوة في إطار سياسة 'أمريكا أولاً' التي تتبناها إدارة ترامب، وتهدف إلى تقليص الإنفاق الخارجي. وقد أثرت التخفيضات على برامج إنسانية عديدة، في الوكالة المكلفة بمهام مثل اكتشاف المجاعة والتطعيم والمساعدات الغذائية في مناطق الصراع، وهي مسؤولة عن مطابخ جماعية في السودان الذي مزقته الحرب، ومنح تعليمية لفتيات أفغانيات هربن من طالبان، وعيادات مخصصة للمتحولين جنسياً في الهند. وبما أنّ الوكالة تُعد أداة أساسية من أدوات 'القوة الناعمة' الأمريكية، رأى بعض المحللين أنّ إضعافها يمثل تراجعاً في النفوذ الأمريكي على الساحة الدولية. نظريات المؤامرة والمعلومات المضللة لطالما وُجهت اتهامات لماسك وترامب من قبل منتقديهما بنشر نظريات مؤامرة لا أساس لها، لكنّ وجود ماسك في البيت الأبيض كشف إلى أي مدى يمكن أن تتسلل المعلومات المضللة إلى أروقة الحكم. فعلى سبيل المثال، روّج ماسك لنظرية لا تستند إلى أي دليل، مفادها أنّ احتياطي الذهب الأمريكي قد سُرق خلسة من 'فورت نوكس' في كنتاكي، بل واقترح بث زيارة مباشرة للمكان للتأكد من وجود الذهب. وأعاد ماسك مؤخراً نشر شائعات لا أساس لها تقول إنّ الأقلية الأفريقانية البيضاء في جنوب أفريقيا تتعرض لـ'إبادة جماعية'. وقد وصلت هذه الادعاءات إلى المكتب البيضاوي هذا الشهر، عندما قدّم ترامب للرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا مقاطع فيديو ومقالات زعم أنها توثق جرائم ضد الأفريقانيين، خلال لقاء كان من المفترض أن يخفف التوتر بين البلدين. انقسامات داخل إدارة ترامب كشفت الفترة التي قضاها ماسك في الحكومة، عن وجود توترات داخل إدارة ترامب رغم التصريحات العلنية التي تشدد على وحدة الصف. فبينما عبّر ترامب علناً عن دعمه المتكرر لماسك ووزارته، أشارت تقارير إلى وجود خلافات بين ماسك وبعض الوزراء الذين رأوا أنّ سياسة التقشف أضرت بوزاراتهم. وقال ترامب خلال اجتماع لمجلس الوزراء في فبراير/شباط الماضي: 'الجميع يحترم إيلون على ما يفعله، لكن بعضهم لديه تحفظات بسيطة. وإذا كان لديهم تحفظات، أريدهم أن يتحدثوا'. ثمّ التفت إلى الوزراء وسألهم مباشرة إن كان أحدهم غير راضٍ عن ماسك، لكن لم يتحدث أحد. وجاء الإعلان عن رحيل ماسك في نفس اليوم الذي بثت فيه شبكة سي بي إس الأمريكية، شريكة بي بي سي في الولايات المتحدة، مقابلة أعرب فيها ماسك عن 'خيبة أمله' من مشروع قانون الموازنة الجديد الذي وصفه ترامب بأنه 'ضخم وجميل'. ويشمل المشروع إعفاءات ضريبية بقيمة تريليونات الدولارات، إلى جانب زيادات في الإنفاق الدفاعي. وقال ماسك إنّ مشروع القانون 'يُقوّض' جهود وزارة الكفاءة الحكومية في تقليص الإنفاق، ما يعكس انقسامات أعمق داخل الحزب الجمهوري بشأن التوجه الاقتصادي.


بيروت نيوز
منذ ساعة واحدة
- بيروت نيوز
شراكة بمئة مليون دولار.. هكذا تساهم ميتا في تطوير القدرات القتالية الأميركية!
في خطوة غير متوقعة تعكس تحوّلاً في استراتيجية شركات التكنولوجيا الكبرى، دخلت شركة 'ميتا' المالكة لفيسبوك رسمياً إلى قطاع الصناعات الدفاعية، عبر شراكة استراتيجية مع شركة الدفاع الأميركية الناشئة 'أندوريل'. تهدف هذه الشراكة، التي تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار، إلى تطوير تقنيات متقدمة في مجالي الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي، ضمن مشروع أكبر تابع لوزارة الدفاع الأميركية 'البنتاغون'، تبلغ ميزانيته 22 مليار دولار. ويركز المشروع على تحسين القدرات القتالية والتكتيكية للجنود الأميركيين باستخدام أجهزة ذكية قابلة للارتداء. في هذه الشراكة، تتولى 'ميتا' تطوير برمجيات متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، بينما تركز 'أندوريل' على تصميم الأجهزة الميدانية، التي تشمل خوذات ونظارات تعتمد على تقنيات الواقع الممتد. تساعد هذه الأجهزة الجنود على رصد الطائرات المسيّرة من مسافات بعيدة، وكشف الأهداف المخفية في بيئات قتالية معقدة، إلى جانب تشغيل أسلحة متطورة مدعومة بأنظمة ذاتية التحكم. تعتمد هذه الأجهزة على تقنيات سبق لـ'ميتا' تطويرها لأغراض الواقع الافتراضي والمنصات الغامرة مثل 'كويست'، والتي يتم تعديلها حالياً لتتناسب مع متطلبات الحروب الحديثة. مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة 'ميتا'، أعرب عن فخره بهذا التحول، معتبرا أن ما قامت به شركته على مدار سنوات في تطوير الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز 'بات جاهزا الآن لخدمة الجنود الأميركيين الذين يحمون المصالح الوطنية للولايات المتحدة'. أما بالمر لاكي، مؤسس 'أندوريل' والرئيس السابق لشركة 'أوكولوس' التابعة لميتا، فقد أكد أن هذه الشراكة تفتح الباب أمام منتجات تكنولوجية عسكرية 'ستحوّل الجنود إلى مقاتلين متفوقين تقنياً على أي عدو محتمل'. هذا التوجه من زوكربيرغ أثار أيضا تساؤلات سياسية، خصوصا في ظل تقاربه الأخير مع شخصيات بارزة في معسكر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إذ تبرع بمليون دولار لحفل تنصيب ترامب، وعيّن مؤخرا دانا وايت، الرئيسة التنفيذية لمنظمة يو إف سي والمعروفة بولائها لترامب، في مجلس إدارة 'ميتا'. كما قلّصت الشركة برامج التنوع والاندماج التي كانت تدعمها في السابق، ما اعتبره مراقبون مؤشراً على انزياح سياسي واضح داخل واحدة من كبرى شركات وادي السيليكون.


ليبانون ديبايت
منذ 2 ساعات
- ليبانون ديبايت
15 مليون دولار تتحرك في الأسواق تحضيرا لموسم الحج
هذا العام العدد المخصص للبنان هو 6 آلاف حاج، بحسب ما أعلن محافظ جبل لبنان رئيس هيئة رعاية الحج والعمرة القاضي محمد مكاوي، في حين أن عدد المتقدّمين تجاوز 9 آلاف. ويشير أحد أصحاب الحملات المنظمة لرحلات الحج ل"ليبانون ديبايت"، الى أن "ظروف الحرب الإستثنائية هذا العام، أدت الى تراجع عدد الحجّاج الراغبين بأداء الفريضة من بلدات الجنوب والبقاع"، شارحا أن "كلفة رحلة الحج تتأثر ليس فقط بكلفة الإقامة في مكة المُكرّمة، بل أيضا بالمصاريف التي تطرأ على منظمي الحملة داخل الحرم، لتأمين الخدمات الأساسية للحجاج والذين يحرصون على تأمينها، حفاظا على صورتهم"الراقية" أمام زبائنهم الحجاج موسما تلو الآخر، لأن أي تقصير ينعكس سلبا عليها في المواسم اللاحقة". ويختم:"كلفة الفريق العمل المخصص لتسيير شؤون الحجاج في مكة، يؤثر على الكلفة الاجمالية للرحلة ، فإذا كان عدد الحجاج المقبولون لأداء الفريضة كبيرا، يضطر المسؤولين في الحملة إلى توظيف موظفين في مكة لمساعدتهم على تسيير شؤون الحجاج ما يزيد الكلفة، لأن السلطات السعودية تقبل بعدد معين من الموظفين الآتين من لبنان". بلغة الأرقام تبلغ كلفة الرحلة على الشخص الواحد نحو 5000 دولار، في حال كانت الإقامة في مكة في المساكن المخصصة للحجاج، ومن دون تأمين الطعام (يتولى الحاج تأمين طعامه بنفسه)، وتصل هذه الكلفة الى نحو 10 الف دولار إذا كانت الإقامة في فندق مع جميع الخدمات المرافقة. تصف الحاجة ألفت الأحمر كلفة الحج بأنها ""باهظة" ولذلك هي فريضة على كل مسلم لمن إستطاع إليها سبيلا"، معبرة عن أسفها "أن موسم الحج بالنسبة للكثير من منظمي الحملات مجرد تجارة، حيث التضارب كبير في الأسعار وتتراوح بين 4500 الى 15 الف دولار بحسب الحملات والتقديمات التي تؤمن للحجاج". تضيف:"إجمالا الخدمات التي تقدمها الحملات هي نفسها، فمن يريد حملة شاملة (الاقامة في فندق مع 3 وجبات ونقل بين مكة وجبل عرفة) تصل الكلفة الى 10 الاف دولار، في حين أن الإقامة في شقق للحجاج تقلّص الكلفة"، مشيرة إلى "تحضيرات أخرى على الحاج تأمينها في لبنان وهي الأضحية (الخاروف الذي يذبح عند وصوله) والضيافة في لبنان، مثل التمر والشوكولا والتذكارات والثياب المخصصة للحج وأغلب الحجاج يشترونها قبل سفرهم". وتختم:"هناك الكثير من الحجاج يحاولون جمع كلفة فريضة الحج لسنوات بسبب إرتفاعها، وهذا يشكل ضغطا على من يرغب بالحج وظروفه المادية لا تسمح له بذلك، خصوصا أنه ليس مضمونا أن يحصل الراغب بأداء الفريضة على تأشيرة الدخول الى المملكة العربية السعودية من المرة الاولى، لذلك الميزانية والاسعار تختلف من عام لآخر". بالنسبة للحاجة ضحى حراجلي، "أداء الفريضة كلّفها ما يزيد عن 9200 دولار،كما تقول ل"ليبانون ديبايت"، مشيرة إلى أن "هذا المبلغ مختلف عن إحتساب كلفة الضيافة والتذكارات في بيروت والتي تزيد عن ألف دولار في الغالب، وهذا مبلغ يفوق قدرات الكثير من حجاج تعرفهم، فإختاروا الإقامة في شقق مخصصة للحجاج في مكة لتوفير الكلفة، وإقتصدوا أيضا في التحضيرات لإستقبال الضيوف في بيروت، فإقتصرت الضيافة على التمر وشوكولا والقهوة وماء زمزم، من دون تقديم تذكارات لضيوفهم، كونها لم تكن في أساس التقاليد المرافقة لزيارات التهنئة بالحج في السنوات السابقة". يشير الخبير الإقتصادي الدكتور باسم البواب ل"ليبانون ديبايت" أن "عدد الحجاج اللبنانيين الذين يُقبلون لأداء فريضة الحج، هم نحو 7 آلاف شخص كل عام وهذا الموسم يحرك عدة قطاعات، الألبسة الخاصة بالحج والشوكولا والمواشي (النعاج التي تذبح كأضاحي)"، لافتا إلى أن "الحاج اللبناني يدفع كلفة التحضيرات لأداء الفريضة نحو 1000 دولار أي نحو 7 مليون دولار تتحرك داخل السوق اللبناني، أما كلفة الرحلة ككل بين لبنان والإقامة في المملكة العربية السعودية وثمن بطاقات السفر، فتتراوح بين 10 و 20 ألف دولار للشخص الواحد". ويختم:"فعليا موسم الحج يحرك السوق اللبناني بنحو 15 مليون دولار داخل لبنان، أما باقي المبالغ التي يدفعها فيستفيد منها الإقتصاد السعودي (إقامة و كلفة نقل..)، وبالتالي حجم الحركة مقبول بالنسبة للإقتصاد اللبناني ولكنه ليس كبيرا ".