logo
الارتباك العالمي الجديد

الارتباك العالمي الجديد

العرب اليوم٠٢-٠٤-٢٠٢٥

تعوَّدنا أن يكون الحديث عن «النظام العالمي الجديد» بين فترة وأخرى؛ وفي العادة فإن ما يقال يكون له قدر -زاد أو قلَّ- من الصحة لأن التكنولوجيا خرجت بنا من ثورة صناعية إلى أخرى؛ أو أن قوة عظمى مثل الصين لم يعد هناك شك في عظمتها؛ أو أن العالم قد تغير لأن الجنوب بات مستقلاً؛ أو أن وباءً ألمَّ بالعالم فلم يعد ما بعده مماثلاً لما كان قبله. والحقيقة هي أنه بعد كل ما سبق فإن العالم يتغير كل لحظة مثلما تتغير الدنيا بين النهار والليل؛ وأن يكون هذا التغيير جديداً أو لا فهذه مسألة أخرى يصبح التقدير فيها مثل الجمال الذي تقديره في العيون. ما لا يمكن التوافق عليه بعد هو أن النظام العالمي ليس بالضرورة أن يكون جديداً، أو أنه لا يكون جديداً بالمرة، وإنما يكون مرتبكاً صعب الفهم والقياس، والتغيير فيه ملتهب ومفزع. فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت فترة ارتباك كبرى انتهت إلى مجزرة عالمية استُخدمت فيها القنابل النووية لأول وآخر مرة في التاريخ. الارتباك يحدث عادةً في المراحل الانتقالية التي لا تُحتسب ما بين النظام القديم والآخر الجديد، ولكن الانتقال من مرحلة إلى أخرى لا يكون محسوساً، كما أن قياس التغيير لا يكون دقيقاً؛ وهناك دائماً في الأول والآخر أن الإنسان لديه صفة «الإنكار» للتغيير بصفة عامة، و«الاستكانة» إلى أن التاريخ يعيد نفسه؛ أو أنه دائماً لا يوجد جديد تحت الشمس!
هذه المرة فإن مصدر الارتباك مرصود بقوة؛ ومن الجائز أو تكون بدايته غزو روسيا لأوكرانيا في 2022، حيث انكسرت الحلقة التاريخية لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة والتسليم بالنظام العالمي للعولمة. لم يكن كافياً غزو روسيا قبل ذلك لجورجيا في 2008، ثم ضمها إقليم القرم الأوكراني في 2014 للتبشير بأن روسيا عازمة على العودة مرة أخرى إلي مائدة الدول العظمى. لم يكن كافياً أن عدداً من الدول الكبرى التفَّت حول منظومة «بريكس BRICS» لأنها لم تُسفر أكثر من شعار سك عملة عالمية جديدة والدعوة إلى مراجعة منظمة التجارة العالمية في ضم دول أخرى لضمان عالمية الجمع. ولم يكن كافياً أن تركيباً أكثر حدَّة مثل «CRINK» الذي يضم الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وجميعها نووية أو ساعية بجدية لامتلاك السلاح النووي؛ والأهم أنها جميعاً تشكل موضوعاً للعقوبات الأميركية والغربية بشكل أو أخر.
ما جعل الارتباك جلياً هو ألا يكون التغيير قائماً على نشوء محور مضاد فقط، وإنما على ارتباك المحور الذي يقاس عليه الغرب؛ وهو ما نجم قطعياً عن انتخاب دونالد ترمب لقيادة الولايات المتحدة. الارتباك الأعظم يجري داخل أميركا ذاتها ولم يكن ذلك نتيجة اضطراب في العملية الانتخابية ذاتها، بل لعلها كانت الأكثر سلاسة في العقود الأخيرة، ولكن الأهم كان ما نتج عنها من ظهور في عمليات الانتقام. الأخطر الدخول في تحديات دستورية في سوابق غير مسبوقة؛ وبدلاً من توازن السلطات تجري المواجهة بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية؛ ويحدث العكس عندما تستسلم السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية نتيجة ولاء الحزب الجمهوري وتسليمه بالسمع والطاعة للرئيس المنتخب؛ ويحدث كل ما هو خطير في ساحة تقليم أظافر الحكومة الفيدرالية ومجمع المؤسسات المستقلة. ورغم أن ذلك يفتح في حد ذاته بوابة الارتباك العظيم، عندما يكون التغيير الجذري جارياً داخل «الوتد» الأساسي للنظام العالمي؛ فإن سلوكياته المرتبكة تجاه العالم لا تقل أهمية: الفاتحة المنهجية إزاء الجيران المباشرين -كندا والمكسيك- وإزاء حلفاء النظام العالمي ما بعد الحرب العالمية وانتهاء الحرب الباردة -الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلنطي- والتخبط الدائم إزاء القوى الأخرى -الصين وروسيا- بين عقد الصفقات وابتزاز المزايا الاستراتيجية، والتأرجح الجاري ما بين رفض الحرب ووعود السلام ثم التدخل العسكري المباشر، يضاف إلى كل ذلك ضعف آلية صنع القرار الاستراتيجي؛ حيث الارتباك في كل ذلك يظهر عندما يجري نقل الأسرار الحربية عبر قنوات المراسلة المفتوحة!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أسعار الذهب عالميا تتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر
أسعار الذهب عالميا تتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر

رؤيا

timeمنذ 5 ساعات

  • رؤيا

أسعار الذهب عالميا تتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر

ارتفاع الذهب في المعاملات الفورية إلى 3299.79 دولارًا للأونصة يتجه الذهب لتسجيل أفضل أداء أسبوعي له منذ أوائل أبريل، مدعومًا بتراجع الدولار الأمريكي وتصاعد المخاوف بشأن أوضاع المالية العامة في الولايات المتحدة، ما عزز الإقبال على المعدن النفيس كملاذ آمن. وارتفع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% ليصل إلى 3299.79 دولارًا للأونصة، بحلول الساعة 00:14 بتوقيت غرينتش. كما صعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة مماثلة لتسجل 3299.60 دولارًا، وفقًا لبيانات وكالة "رويترز". وارتفع الذهب بنحو 3% منذ بداية الأسبوع، ليكون في طريقه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل الشهر الماضي، مدفوعًا بهبوط مؤشر الدولار بأكثر من 1% خلال الفترة ذاتها، ما جعل الذهب أرخص بالنسبة للمشترين من حائزي العملات الأخرى. مخاوف الدين الأمريكي تدعم الذهب وساهم في ارتفاع المعدن الأصفر إقرار مجلس النواب الأمريكي، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، مشروع قانون ضخم للضرائب والإنفاق من شأنه تنفيذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترمب، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي الأمريكي. وينتقل مشروع القانون حاليًا إلى مجلس الشيوخ، الذي يملك الجمهوريون فيه أغلبية ضئيلة بـ53 مقعدًا مقابل 47 للديمقراطيين. وتأتي هذه التطورات في وقت يُنظر فيه إلى الذهب كأداة تحوّط مفضلة خلال فترات عدم اليقين المالي والسياسي. توترات إقليمية تضيف إلى الزخم وفي سياق متصل، صرّح نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الولايات المتحدة ستكون مسؤولة قانونيًا عن أي هجوم "إسرائيلي" محتمل على المنشآت النووية الإيرانية، في أعقاب تقرير نشرته شبكة "سي.إن.إن" الأمريكية تحدث عن استعدادات إسرائيلية لشن ضربات على إيران، ما زاد من التوترات الإقليمية وأسهم في دعم أسعار الذهب. أسعار المعادن النفيسة الأخرى وفي باقي المعادن، استقرت أسعار الفضة في المعاملات الفورية عند 33.07 دولارًا للأونصة. وارتفع البلاتين 0.1% إلى 1082.47 دولارًا، بينما تراجع البلاديوم بنسبة 0.3% إلى 1012.00 دولارًا للأونصة.

مشروع الضرائب الضخم لترمب يجتاز عقبة «النواب»
مشروع الضرائب الضخم لترمب يجتاز عقبة «النواب»

Amman Xchange

timeمنذ 7 ساعات

  • Amman Xchange

مشروع الضرائب الضخم لترمب يجتاز عقبة «النواب»

واشنطن: «الشرق الأوسط» اجتاز مشروع قانون الضرائب، الضخم، الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عقبة مجلس النواب، بعد أيام من الجدل بين مختلف فصائل حزبه الجمهوري، ممهداً الطريق لأول انتصار تشريعي كبير في ولايته الثانية. فقد صوّت مجلس النواب، الذي يُسيطر عليه الجمهوريون، بأغلبية 215 صوتاً مقابل 214، لصالح المشروع الذي يزيد على ألف صفحة. وقال ترمب عبر منصته «تروث سوشال» إن «القانون الكبير والجميل أُقرّ في مجلس النواب. إنه بلا شك أهم نص تشريعي سيتم التوقيع عليه في تاريخ بلدنا». وتضمن التشريع تدابير مثيرة للجدل من شأنها أن تُقلص بشكل كبير اثنين من برامج شبكة الضمان الاجتماعي الرئيسية في البلاد، برنامج «ميديكيد» وقسائم الطعام، إلى جانب توقعات بزيادة الدين الفيدرالي وإرهاق الاقتصاد. وستُضيف التعديلات الضريبية 3.8 تريليون دولار إلى الدين العام على مدى عقد من الزمن، وفقاً لتحليل أجراه مكتب الموازنة في الكونغرس، في حين سيُخفَّض تمويل «ميديكيد» بنحو 700 مليار دولار، وبرنامج قسائم الطعام بقيمة 267 مليار دولار. وكان هذا التشريع محور معركة شرسة بين المُشرّعين الجمهوريين في الأيام الأخيرة. ورغم تمريره في مجلس النواب، لا يزال أمام التشريع معركة شرسة متوقعة في مجلس الشيوخ قبل أن يصل إلى مكتب ترمب.

رويترز: ترمب يقترب من توقيع أوامر لتعزيز إنتاج الطاقة النووية
رويترز: ترمب يقترب من توقيع أوامر لتعزيز إنتاج الطاقة النووية

خبرني

timeمنذ 10 ساعات

  • خبرني

رويترز: ترمب يقترب من توقيع أوامر لتعزيز إنتاج الطاقة النووية

خبرني - قالت أربعة مصادر مطلعة إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ربما يوقع الجمعة على أوامر تنفيذية تهدف إلى تعزيز قطاع الطاقة النووية من خلال تسهيل الإجراءات التنظيمية التي تتعلق بالموافقات على المفاعلات الجديدة ودعم سلاسل إمدادات الوقود. وفي ظل أول ارتفاع في الطلب على الكهرباء منذ عقدين بسبب توسع أنشطة الذكاء الاصطناعي، أعلن ترامب حالة طوارئ في مجال الطاقة في أول يوم له في منصبه. ويقول وزير الطاقة كريس رايت إن السباق لتطوير مصادر للكهرباء ومراكز البيانات اللازمة للذكاء الاصطناعي هو "مشروع مانهاتن 2"، في إشارة إلى البرنامج الضخم الذي عملت عليه الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية لتطوير قنابل ذرية. وجاء في مسودة ملخص للأوامر أن ترامب سوف يفعّل قانون الإنتاج الدفاعي الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة لإعلان حالة طوارئ وطنية على خلفية اعتماد الولايات المتحدة على روسيا والصين في الحصول على اليورانيوم المخصب ومعالجة الوقود النووي ومدخلات المفاعلات المتقدمة. ويوجه الملخص أيضا الوكالات إلى التصريح لمنشآت نووية جديدة وتحديد مواقع لها وتبسيط الإجراءت اللازمة لبنائها. ولم يرد البيت الأبيض على الفور على طلب للتعليق. وقد يخضع نص وصياغة مسودات الأوامر التنفيذية لتغييرات متكررة. وكانت الولايات المتحدة أول مطور للطاقة النووية ولديها أكبر قدرة نووية في العالم، إلا أن الصين تشهد حاليا أسرع نمو لهذا المصدر من الطاقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store