logo
تسجيل نادر يهز الأسطورة.. متى فاوض عبد الناصر إسرائيل في السر؟

تسجيل نادر يهز الأسطورة.. متى فاوض عبد الناصر إسرائيل في السر؟

الجزيرةمنذ 6 أيام

مؤخرا، اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، وحتى خارجها، إثر نشر تسجيل منسوب إلى الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر يعود إلى شهر أغسطس/آب عام 1970، يجمعه مع نظيره الليبي معمر القذافي ، ولم يكن الجدل مرتبطا فقط بتاريخ التسجيل أو وقت ظهوره، بقدر ما تعلق بمحتواه، حيث ظهر فيه عبد الناصر "متقمِّصا" لشخصية خلفه محمد أ نور السادات الذي لطالما صُوِّرت ممارساته في السياسة الخارجية على أنها انقلاب تام وجذري على السياسات الناصرية.
لم تؤكد ولم تنفِ أي جهة رسمية مصرية صحته، لكن عبد الحكيم عبد الناصر، نجل الرئيس المصري الراحل، أكد صحة محتواه في حديث لصحيفة الشروق المصرية.
في التسجيل المنتشر يتحدث ناصر بصوت متهدج، ويحاول أن يشرح لنظيره الليبي أن الحرب الشاملة مع إسرائيل ومحاولة تحرير فلسطين من البحر إلى النهر هي سياسة مستحيلة عمليا، وأن الأفضل هو الانخراط في مبادرات السلام، وأخذ ما يمكن أخذه من الأراضي المحتلة عبر الاتفاقيات مهما كانت شروطها مُرَّة، منوِّها أن اليهود "متفوقون على العرب في كل شيء"، وفقا لما نُسب إليه في التسجيل المسرب.
أردف عبد الناصر بالقول إنه لو كان مكان ملك الأردن، وعُرض عليه أن يسترد الضفة الغربية ، حتى ولو كانت منزوعة السلاح، فإنه سوف يقبل ذلك، لأنه لا يوجد حل آخر، وأنه سئم من الانتقادات العراقية والسورية والجزائرية والفلسطينية واليمنية التي تريد منه أن يحارب ويسترد الأرض العربية كاملةً، وألا يقبل بأي تسوية صغيرة ترد له الأراضي المصرية المحتلة، وهو ما رآه ناصر ضربا من العبث كما يظهر في حديثه مع القذافي.
وأضاف ناصر، فيما يمكن تفسيره بأنه "تهكم" واضح، أنه في حال كانت هذه الأطراف "العربية" تريد الحرب الشاملة والقتال والتحرير، فلتذهب هي بنفسها وسوف يعطيهم هو 50 مليون جنيه مصري معونة لجهودهم، لكنه لن يرسل جنوده للقتال لأنه "يخاف على أولاده"، وأضاف قائلا: "احنا بنبعد (نحن نبتعد) عن العملية كلها، احنا بتوع (نحن أصحاب) الحل السلمي الانهزامي الاستسلامي، واتفضلوا الناس اللي عايزة (تريد) تحارب… واحنا مش هنتكلم (لن نتكلم) في المفاوضات إلا على سيناء بس (فقط)، ليس لنا دخل بالقضية الفلسطينية".
بدا عبد الناصر في تلك التسجيلات وكأنه يردد حججا مسوغة للاعتراف بإسرائيل، أو على الأقل للتعامل ببراغماتية معها، مختارا محاولة استرجاع الأراضي التي استولت عليها إسرائيل في حرب 1967 بمفاوضات السلام، لأنه لا يوجد حل آخر، نظرا لفرق القوة العسكرية الضخم، وهي نبرة أبعد ما تكون عن الصورة المتخيلة عن الرئيس المصري الأسبق، مردفا في حواره مع القذافي أن العرب لو ظلوا متمسكين بتحرير الأرض كاملة فلن يحدث إلا ما حدث في عام 1948 (عام النكبة) مرة أخرى، نظرا لفرق الإمكانيات، ولأن الموقف الدولي والدعم الأميركي في صالح دولة الاحتلال، ومن ثم فإن الحكمة تدعو إلى البدء بمحاولة استرجاع الأراضي المستولى عليها بعد (النكسة) بالمفاوضات، ثم بعد ذلك محاولة استرجاع الأراضي المفقودة خلال النكبة.
أثار التسجيل المنسوب لناصر العديد من التفسيرات المتباينة، بين مَن رأوا أنه يعبر عن تناقض بين خطاب الإدارة الناصرية المعادي لإسرائيل وبين سياساتها الحقيقية "الأكثر براغماتية"، وبين مَن يرون أن الحوار جاء في حقبة متأخرة من عُمْر عبد الناصر وحياته السياسية -قبل أقل من شهرين من وفاته-، وهي فترة عانى خلالها انكسارات الهزيمة ومرارات الخذلان العربي، وربما اليأس من قدرته على مضاهاة القوة الإسرائيلية المدعومة أميركيا.
غير أن التسجيل يفتح في الواقع ملفا أكثر عمقا حول طبيعة النظام الناصري نفسه ورؤيته للقضية الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وقبل هذا وذاك رؤيته وعلاقته بالولايات المتحدة الأميركية الداعمة الأكبر لإسرائيل، كما أنه يطرح العديد من الأسئلة التي ما زالت إجاباتها بحاجة لبحث ونظر أعمق حول السبب الحقيقي وراء ظهور هذا التسجيل في هذا التوقيت بالذات.
فهل حقا يُعبِّر هذا التسجيل عن تحول جرى بعد "النكسة" في موقف ناصر الراديكالي السابق من إسرائيل ومن الولايات المتحدة و"الإمبريالية" الغربية بشكل عام، أم أن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك؟ الحقيقة هي أننا لا يمكننا فهم هذا الملف بشكل معمق، واستكشاف الجذور البعيدة لهذا الخطاب الناصري غير المعتاد، إلا عبر محاولة فهم طبيعة علاقة "ثورة يوليو" بالولايات المتحدة منذ البداية ورؤيتها المبكرة لإسرائيل، بعيدا عن المقولات الجاهزة، وذلك من خلال الإبحار في تاريخ مركب ومعقد من الوثائق والشهادات.
رواية أخرى لـ"ثورة" الضباط
"إذا ظن الأميركيون أنهم يمكنهم التحكم فينا وفي سياستنا مقابل المعونة التي يعطوننا إياها، فأنا أقول لهم سنقلل من استهلاكنا في مقابل أن نحافظ على استقلالنا".
الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر في خطاب للشعب المصري
تبدو تلك اللهجة التي كان يتحدث بها الرئيس جمال عبد الناصر حول الولايات المتحدة الأميركية أمام الجماهير المصرية والعربية في ستينيات القرن العشرين مختلفة إلى حدٍّ بعيد عن اللغة التي كتب بها مقاله المنشور في مجلة "فورين أفيرز" الأميركية الشهيرة بتاريخ 1 يناير/كانون الثاني 1955 تحت عنوان "الثورة المصرية"، وذلك بعد عامين ونيف من إطاحة حركة الضباط الأحرار بالملكية المصرية، وتأسيس النظام الجمهوري بقيادة ناصر ورفاقه.
في ذلك المقال المطوَّل، سعى الرئيس عبد الناصر إلى طمأنة الولايات المتحدة بشأن توجهات النظام الجديد في البلاد، مؤكدا أن الولايات المتحدة إذا ما أمدّت مصر بالسلاح فإن القاهرة لن تسعى لبدء أي صراع مع إسرائيل، ومنوِّها كذلك بأن تلكؤ واشنطن في دعم الأنظمة الوطنية مثل نظام "ثورة يوليو"، وظنها بأن مثل تلك الأنظمة قد تكون بوابة للشيوعية، هو ما قد يمنح الشيوعيين الفرصة في السيطرة على الحركات التي تبدأ في البداية بوصفها حركات وطنية خالصة.
وشدَّد ناصر في مقاله على أن السبيل الوحيد لمنع "التسلل الشيوعي" إلى حركات الاستقلال الوطنية، سواء في مصر أو أفريقيا، هو أن تدعم الولايات المتحدة تلك الأنظمة التحررية الوليدة.
ليس هذا فحسب، بل إن ناصر اختتم مقاله المكتوب بالإنجليزية بكلمات ذات مغزى ولا تخلو من المعاني المبطنة، قائلا: "إن الاستقلال الحقيقي سيُمثِّل أفضل حائط صد ضد أي تسلل، سواء كان شيوعيا أو غيره، فالأحرار هم أشد المدافعين عن حريتهم، كما أنهم لا ينسون بسهولة مَن ساندهم في نضالهم من أجل الاستقلال"، في مغازلة لا تخطئها عين للدعم الأميركي.
بيد أن هذه اللغة "المتصالحة" مع الولايات المتحدة خفتت تماما في خطاب ناصر العلني الذي يمكن وصفه بأنه مناهض للولايات المتحدة في العموم، ولا نقصد هنا الخطاب السياسي البحت فحسب، ولكن حتى البروباغندا الشعبية الإعلامية التي عكسها الفن خلال تلك الحقبة.
يذكر المصريون على سبيل المثال أغنية "ابنك يقولك يا بطل" للمغني المصري الشهير عبد الحليم الحافظ والملقب بـ"مطرب الثورة"، ويأتي في كلماتها: "ابنك يقولك يا بطل هاتلي نهار.. ابنك يقولك يا بطل هاتلي انتصار.. ولا فيش مكان للأميركان بين الديار"، في تقريع واضح للولايات المتحدة كان من أهم سمات الخطاب القومي الناصري، الذي طالما ندد بالإمبريالية وجهر بالعداء للولايات المتحدة.
طبعا من المهم استدعاء السياق الذي طفت فيه تلك الصورة ونقصد بذلك مرحلة الستينات والقرب الناصري من المعسكر الشرقي، لاسيما بعد أن رفضت الولايات المتحدة تمويل السد العالي، فضلا عن مسار الاندفاع الوحدوي نحو سوريا والقومية العربية، ثم الهزيمة عام 67، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن صورة جمال عبد الناصر بوصفه زعيما قوميا "عروبيا" تشكَّلت جزئيا بفعل هذا الخطاب.
لكن هناك رواية أخرى غير سائدة، تتجاوز السياقات وتحولاتها، وتستعين بالكثير من المعلومات والوثائق، وتدّعي أن عبد الناصر لم يكن عدوا صريحا لأميركا كما يظهر، وأن واشنطن ربما رأت أن "ثورة الضباط" تخدم شيئا من مصالحها وقامت بالتواصل مع أطرافها حتى قبل أن يقوموا بحركتهم، وهي رواية ظلت قليلة الرواج عربيا حتى ثمانينيات القرن العشرين.
كان الصحافي والباحث المصري محمد جلال كشك (الذي كان مقربا من النظام الناصري في البداية قبل أن يتحول ضده لاحقا) من أوائل مَن طرحوا هذه الرواية عربيا في كتابه "كلمتي إلى المغفلين"، ثم بعد ذلك بشكل أكثر تفصيلا في كتاب "ثورة يوليو الأميركية".
في الكتابين، قدم كشك للقارئ العربي نظرية تربط بين "ثورة" يوليو 1952 وبين المخابرات الأميركية، ورغم أن تلك الرواية كانت حاضرة في المصادر والشهادات الأجنبية (الأميركية خصوصا) قبل ذلك، فإن رواجها أثار ضجة في العالم العربي، إذ خالفت التصورات واسعة الانتشار حول ناصر ونظامه، فحتى أعداء الناصرية في ذلك الحين من الاتجاهات المختلفة كان يمكنهم أن يتهموا عبد الناصر بالكثير من المثالب، لكن لن يصل أحد إلى مرحلة اتهام ثورته بأنها كانت جزءا من "مؤامرة أميركية" مزعومة.
رأى كشك أن الوثائق والشهادات الأميركية ضرورية للغاية لفهم "ألغاز" أساسية مرتبطة بصعود الناصرية، وهي وحدها القادرة على تقديم إجابات لأسئلة محيرة، فمن خلال استكشاف علاقة عبد الناصر بالولايات المتحدة، يمكن بحسب كشك فهم كيف نجح الضباط في الاستيلاء على السلطة بسهولة شديدة، ولماذا امتنعت القوات البريطانية عن التدخل ضد حركة الجيش آنذاك، ولِمَ انسحبت من السودان لاحقا، ناهيك بأسئلة أخرى مثل لماذا عارضت الولايات المتحدة حرب 1956 (العدوان الثلاثي) وضغطت على الدول المعتدية من أجل الانسحاب، وغيرها من الأسئلة التي لا يمكن حلها -بحسب كشك- إلا إذا فهمنا العلاقات "السرية" بين مجموعة جمال عبد الناصر في مجلس قيادة الثورة وبين الأجهزة الأميركية وعملها في المنطقة.
بيد أن ما طرحه كشك في كتابَيْه -بغض النظر عن آرائه الشخصية اللاحقة- لم يكن اتهاما مباشرا للرئيس جمال عبد الناصر وتنظيم الضباط الأحرار بالعمالة للولايات المتحدة كما قد يُفهم للوهلة الأولى، وإنما ما يطرحه هو أنه كانت هناك لعبة معقدة حاول فيها عبد الناصر ومجموعته أن يستفيدوا من الولايات المتحدة لتحقيق أهدافهم، حيث تقاطعت أفكار عبد الناصر وطموحاته مع طموحات الولايات المتحدة.
اعتمد كشك على قدر لا بأس به من تحليل الوثائق والشهادات، بما فيها شهادات أهم رموز الحقبة الناصرية الكاتب محمد حسنين هيكل المكتوبة باللغة الإنجليزية، ليُثبت أنه في الوقت الذي كان يعمل فيه عبد الناصر على وأد الحركة الوطنية والزج بالمثقفين والشباب والساسة في المعتقلات، فإن رفاقه كانوا قريبين من الولايات المتحدة.
لدرجة أن السفير البريطاني في مصر عندما كان يفشل في عقد لقاء مع مجلس قيادة الثورة وكان يلجأ للإدارة الأميركية لترتب له لقاءات مباشرة مع عبد الناصر، ولدرجة أنه حين استقر القضاء المصري على إعدام بعض اليهود المصريين المتورطين في فضيحة لافون (وهي خطة إسرائيلية سرية لتفجير أهداف محلية وغربية في مصر)، تواصل الرئيس الأميركي أيزنهاور مع عبد الناصر لوقف هذا الإجراء، لكن رد عبد الناصر كان أنه قد أعدم للتو بعض الإخوان المسلمين، ومن ثم لن يستطيع أن يوقف عمليات الإعدام بحق اليهود الذين تورطوا في تلك العملية الخطيرة.
استشهد كشك فيما طرحه ببعض المصادر الغربية التي يجب التعامل معها بحذر لاسيما أن بعضها كتبه رجال مخابرات، مثل كتاب "أميركا والثورة المصرية 1950-1957" لباري روبين، وكتاب "صعود وسقوط المخابرات الأميركية" لجون رافيلانغ، وشهادة ويلبر كرين إيفلاند رجل المخابرات المركزية الأميركية، ليدلل على أن علاقات عبد الناصر ومجموعته من الضباط الأحرار بالولايات المتحدة الأميركية قد بدأت بقوة منذ مارس/آذار 1952، وأن المخابرات الأميركية كانت قريبة للغاية من تنظيم الضباط الأحرار ودعمتهم وباركت سيطرتهم على السلطة، وأن غرض الولايات المتحدة آنذاك كان تفكيك النفوذ البريطاني والفرنسي في الشرق الأوسط وإحلال الهيمنة الأميركية بدلا منه، ومنع وصول حكم راديكالي شيوعي في بلد مركزي مثل مصر.
وبحسب كشك -وغيره من المؤرخين المصريين لحقبة ما قبل "ثورة 1952"- فإن مصر كانت حبلى ببذور ثورة تحلم بتحويل البلاد إلى مجتمع ديمقراطي وصناعي ومستقل، وأن "ثورة 1952" قد قضت على الحركة الوطنية المصرية وقضت معاها على ممكنات التنمية الذاتية، ومن ثم يرى كشك ومؤيدو رؤيته أن "حركة الضباط" لو كانت حركة وطنية خالصة مرتبطة الجذور بالحركة الوطنية الناشئة في البلاد منذ القرن التاسع عشر، ولو لم تكن قد بدأت طريق وصولها إلى السلطة بعلاقة مستترة مع وكالة المخابرات المركزية الأميركية، لما قضت على الرأسمالية الوطنية بشقَّيْها المادي والفكري، ولما قضت على الديمقراطية، ولم تكن لتتنازل فيما يتعلق بانفصال السودان الذي كان هناك إجماع وطني على كونه جزءا لا يتجزأ من الوطن.
وفي هذا الصدد، لا تفوتنا الإشارة إلى النظرية القائلة إن عبد الناصر ورفاقه كانوا مدفوعين بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال المصالح الأميركية في المنطقة، وقد طُرحت في كتاب مثير للجدل للمسؤول السابق في وكالة المخابرات الأميركية مايلز كوبلاند المسمى "لعبة الأمم" والصادر عام 1969. في الكتاب، زعم كوبلاند أن الولايات المتحدة بالفعل رأت في عبد الناصر في البداية فرصة جيدة لتصفية النفوذ البريطاني في المنطقة ومنع الصعود الشيوعي تمهيدا للزمن الأميركي.
لكن كوبلاند، بخلاف كشك ومروجي نظرية "ثورة يوليو الأميركية"، لم يدّعِ أن الولايات المتحدة هندست "الانقلاب العسكري" الذي قام به الضباط الأحرار، وإنما تحدث عن تأثير وتواصل مع المجموعة المركزية التي هندست الحركة قبل قيامها، وعن دعم أميركي اقتصادي وسياسي للنظام الوليد، بما في ذلك تقديم المشورة حول كيفية التعامل مع الإخوان المسلمين والشيوعيين من خلال استهداف قيادتهم بالسجن أو النفي وليس القتل، مع إعطاء قواعدهم الشعبية مساحة مضبوطة للحركة والتعبير. والحقيقة كما أسلفنا أن هذه المصادر كانت عرضة لمعارك كثيرة وتشكيك في مصداقيتها.
وربما من الجدير بالذكر هنا أنه حتى فيما يتعلق بملف دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبعيدا عن نظرية "ثورة يوليو الأميركية"، لا يبدو أن إدارة الرئيس عبد الناصر كانت صاحبة موقف عدائي راديكالي يتناقض مع موقف الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بهذا الملف بالأخص في الخمسينيات.
فكما تُظهر الوثائق، وكما يؤكد المؤرخ الإسرائيلي الشهير إيلان بابيه ، أستاذ العلوم الاجتماعية والعلاقات الدولية بجامعة إكستر البريطانية، فإن نظام الرئيس جمال عبد الناصر كان قد عقد مفاوضات سرية مكثفة مع دولة الاحتلال في خمسينيات القرن العشرين، وفي هذه المفاوضات كان عبد الناصر يقبل بوجود دولة الاحتلال، وإنما فقط لم يكن يقبل حجمها وطموحاتها التوسعية، وأن شرط هذا القبول بموافقة إسرائيل على عودة اللاجئين والتخلي عن النقب، لأنه يريد جسرا بريا بين مصر وبين بقية العالم العربي.
يشارك بابيه العديد من المؤرخين في العالم في وجهة نظرهم القائلة إن عبد الناصر لم يكن ينوي الدخول في حرب مع إسرائيل عام 1967، وهو ما يتوافق مع شهادة أحد أهم أعمدة النظام الناصري الصحافي المصري محمد حسنين هيكل، التي تفيد بأن عبد الناصر قد رفض أكثر من مرة محاولات إقناعه من أنظمة عربية أخرى بشن حرب مشتركة ضد الدولة الصهيونية.
ومع ذلك، يظل هناك لغز صعب الحل عند أصحاب نظرية "ثورة يوليو الأميركية" بمعناها الواسع، الذي يقول إن عبد الناصر ومجموعته قد وصلوا إلى الحكم بفضل تفاهمات مع الولايات المتحدة الأميركية، وإن علاقتهم بواشنطن كانت محددا أساسيا لهم في بوصلتهم، هذا اللغز هو أن ناصر دخل بالفعل في خلافات كبيرة حقيقية مع الولايات المتحدة، وأدخل مصر جزئيا في فلك الاتحاد السوفياتي إلى حدٍّ كبير، ورغم أنه تبنّى فكرة عدم الانحياز، فإنه كان أميل بشكل عام إلى المعسكر الشرقي.
إعلان
وبحسب كشك، فإن ما تسبب في إفساد العلاقات المصرية الأميركية في ستينيات القرن العشرين كان أن إسرائيل قد عملت بجد على إفساد العلاقات بين نظام ناصر وواشنطن، لأنها كانت مهتمة بألا تكون هناك دولة عربية في المنطقة لها علاقات بهذه القوة مع أميركا، وهو يرى أن إسرائيل نجحت في ذلك لأن العلاقة من البداية لم تكن صحية، حيث غلب عليها الخفاء والسرية، وأُديرت بواسطة أجهزة الاستخبارات، ومن ثم كان من السهل على دولة الاحتلال إفسادها من خلال التأثير على متغيرات أخرى في المشهد السياسي.
"لو لم تحدث هذه الثورة كانت الراية الحمراء سترتفع".
على مدار العقود القليلة الماضية، أُسيل الكثير من الحبر حول "العلاقات السرية" المزعومة بين تنظيم الضباط الأحرار وعلى رأسهم جمال عبد الناصر من جهة والمخابرات الأميركية من جهة أخرى، وفي هذا الجانب تبارى المصطفون مع التجربة الناصرية والكارهون لها في تقديم الأدلة والأدلة المضادة، لكن هناك شيء واحد يكاد يكون واضحا لجميع المؤرخين تقريبا، وهو أن علاقة الولايات المتحدة بتنظيم الضباط الأحرار قد شهدت شهر عسل في البداية، وأن أميركا كانت متفائلة تجاه تحرك الجيش الذي يُمثِّل الطبقة الوسطى المتنورة في البلاد.
وهناك أمر آخر يتفق عليه أغلب المؤرخين أيضا، وهو أن سياسة جمال عبد الناصر -على الأقل في البداية- حاولت أغلب الوقت ألا تستعدي الولايات المتحدة بشكل سافر، إذ حاول ناصر دائما أن يستفيد من الصراع الكبير بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، فيُطبِّق خطته الاقتصادية التي تُوصف بالاشتراكية، ويأخذ السلاح والدعم من الاتحاد السوفياتي في الوقت الذي يعتقل نظامه ويعذب الشيوعيين في القاهرة.
وفي الوقت نفسه الذي يتلقى فيه الدعم من الاتحاد السوفياتي، فإنه كان يحصل على معونة اقتصادية من الولايات المتحدة الأميركية (قبل عام 1956 وبعد عام 1962)، وكل هذا بفضل اللعب ببراعة على الحبال دون الاصطدام التام بقوة أو الوقوع التام في أحضان قوة أخرى.
يدعونا ذلك للعودة إلى الوراء بهدف محاولة فهم طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وحركة ضباط يوليو 1952. في بدايات عام 1952، كان المسؤولون عن الملف المصري في جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية يتابعون عن كثب تطور الأحداث في البلاد، ويشعرون بأن أمرا ضخما قد يحدث في هذا البلد المهم، ما دفع مسؤول الملف كيرميت روزفلت للهرولة إلى القاهرة لمراقبة التطورات هناك عن قرب.
كانت واشنطن حتى تلك اللحظة مقتنعة بأن عليها إرشاد الملك المصري فاروق لقيادة إصلاح من الداخل بهدف منع انهيار النظام وصعود الشيوعيين أو الراديكاليين، وقد أنصت الملك لطلبات واشنطن جيدا في مارس/آذار من ذلك العام، إذ قَبِل بتعيين أحمد نجيب الهلالي الإصلاحي في رئاسة الحكومة، لكن سخط وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على الملك فاروق قد بلغ مداه بحلول يونيو/حزيران بعدما أبعد الملك أحمد نجيب الهلالي، خاصة في ظل ما دار حول هذا الإبعاد من شبهات فساد طالت عمق دوائر الحكم.
في الوقت نفسه، يبدو من الشهادات المتعددة للمسؤولين الأميركيين عن الملف المصري آنذاك، سواء من مسؤولي السفارة الأميركية بالقاهرة أو المسؤولين الاستخباراتيين، أن واشنطن كانت تعلم جيدا بحركة الاضطراب داخل الجيش، إلى درجة أن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية قابلوا أفرادا محسوبين على تنظيم "الضباط الأحرار"، لكن هناك خلاف حول إذا ما كان جمال عبد الناصر كان واحدا من هؤلاء الذين قُوبلوا، حيث تشير الروايات الراجحة إلى أنه لم يكن كذلك.
فعلى سبيل المثال، يُصرّ بيل ليكلاند، وهو الملحق السياسي في السفارة الأميركية بالقاهرة طوال العام الذي سبق انقلاب 1952 وحتى بعده بعامين ونصف، على أن مَن قُوبلوا من الضباط الأحرار لم يكونوا من أعضاء الإدارة المركزية للحركة.
من جانبه، تتبع المؤرخ كمال خلف الطويل في كتابه "زيارة جديدة لتاريخ عربي.. عبد الناصر كما حكم" قصة العلاقات الأميركية بالضباط الأحرار، وخلص إلى أن عبد الناصر اختار علي صبري، الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية بعد ذلك، ليكون رسول الحركة لدى الأميركيين بحكم دراسته للعلوم العسكرية بالولايات المتحدة.
وبحسب تتبع خلف للتاريخ ووثائقه وشهاداته، فإن رسائل صبري "الناصرية" لمَن قابلهم من المسؤولين الأميركيين (قبل الثورة) كانت تدور حول أمرين أساسيين، أولهما التقليل من شأن حركة الضباط الأحرار، والثاني تأكيد خلو هذا التنظيم من الراديكاليين، وفي أحد لقاءات علي صبري مع الكولونيل ديفيد إيفانز، الملحق الجوي الأميركي بمصر "قبل الثورة"، أكد إيفانز لعلي صبري مباشرة أن الأميركيين لن يقفوا حجر عثرة أمام هذا التنظيم وطموحاته في الاستيلاء على الحكم ما دام لا يضم بين صفوفه الإخوان المسلمين أو الشيوعيين، بل إن الولايات المتحدة ستمنع بريطانيا من الوقوف حجر عثرة أمامهم إذا توفر هذا الشرط.
هناك ملاحظة لا يمكن إغفالها في هذا المقام، تتعلق بالمقال الذي كتبه الرئيس جمال عبد الناصر لـ"فورين أفيرز" في يناير/كانون الثاني 1955، ففي هذا المقال الذي نُشر بعد فترة قليلة من حل جماعة الإخوان المسلمين في مصر واعتقال عدد كبير من قياداتها وأعضائها، كان الرئيس ناصر يبسط أمام الرأي العام الأميركي إنجازات الثورة المصرية، مُفرِدا مساحة مهمة للحديث عن الإخوان المسلمين والشيوعيين تحديدا، إذ كتب في المقال إن أكبر أعداء الشعب داخليا هم الشيوعيون الذين يخدمون القوى الأجنبية، بالإضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين التي تسعى للوصول إلى الحكم من خلال الاغتيالات، بحسب قوله.
أفرد ناصر في مقاله مساحة كبيرة لوصم جماعة الإخوان، زاعما أن هدفها النهائي هو السلطة فقط، وفي سبيل غايتها تلك تنتهج أساليب متعارضة مع روح الإسلام ومع روح العصر، فهي -حسب قوله- لا تتبع نهج الإسلام القائم على التسامح ومراعاة حقوق الإنسان، وتعتمد التحيز والتعصب والإرهاب والكراهية المنظمة، في حين أن الإسلام على خلافها يُشكِّل من خلال تعاليمه جوهر الديمقراطية الحقيقية. أما فيما يخص الشيوعيين، فقد سعى ناصر من خلال المقال الموجه للنخبة الأميركية إلى التأكيد أن حركته الوطنية لن تسمح بـ"التسلل الشيوعي"، وأن على الولايات المتحدة أن تُعينها على ذلك من خلال الدعم.
ولم ينسَ ناصر في مقاله، الذي يخاطب الرأي العام لدولة يُنظر لها باعتبارها زعيمة ما يسمى بالعالم الحر وممثلة القيم الديمقراطية الغربية، أن يؤكد أنه يتمنى إزالة "القيود" التي وضعها نظامه في البلاد في أسرع وقت، مؤكدا أنه كان مضطرا لوضعها خوفا على الشعب من تسميم أفكاره من قِبَل تلك الجماعات وغيرها، وأن هدفه النهائي هو إقامة حكومة ديمقراطية وتمثيلية حقيقية، لكن هذا لن يحدث إلا بعد رفع مستوى معيشة وفكر الجماهير، وتحسين تعليمهم وتطوير وعيهم حتى يكونوا مؤهلين لفهم واجبات وحقوق المواطنة والديمقراطية، بحسب قوله.
وبالعودة إلى مسار الأحداث، ففي أعقاب نجاح "ثورة يوليو"، تلاقى الضباط الأحرار ورجلهم الأقوى الذي لم يكن قد ظهر للعامة بقوة بعد، جمال عبد الناصر، مع الولايات المتحدة الأميركية في شهر عسل واضح استمر على الأقل لمدة عام، كان النظام الجديد في مصر يريد فيه من أميركا أن تمنحه السلاح والدعم الفني والأمني، فضلا عن المساعدة في تصفية النفوذ البريطاني في مصر، وفي المقابل كانت واشنطن تريد من النظام الجديد اتخاذ إجراءات اقتصادية تصحيحية لسد المنافذ على الشيوعيين، بالإضافة إلى الصلح مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والدخول في حلف عسكري إسلامي حليف للغرب يمنع الخطر الشيوعي.
كما نرى، فإن رغبة واحدة عند كل طرف كانت مقبولة تماما عند الطرف الآخر، فمن ناحية لم تجد الولايات المتحدة غضاضة في المساعدة من أجل تصفية النفوذ البريطاني لإحلال نفسها مكانه، وكذلك لم يجد أعضاء النظام الجديد مشكلة مع فكرة الإصلاحات الاقتصادية.
بيد أنه، حسب بيل ليكلاند، سرعان ما بدأت العلاقات الأميركية مع "ثورة" يوليو في الانهيار، والسبب في ذلك يعود إلى أمرين أساسيين، الأول هو أن جمال عبد الناصر تيقن أن الولايات المتحدة الأميركية عازمة على ألا تمد مصر بالسلاح إلا إذا أبرمت القاهرة معاهدة سلام شاملة ومستقرة مع إسرائيل، والأمر الثاني أن الولايات المتحدة كانت في البداية تتصوّر إقامة حلف مواجه للشيوعية تكون مصر هي قاعدته، ومن ثم تقوم بتسليحها لحماية المنطقة من المد الشيوعي، لكنها رأت لاحقا أن هذا الحلف لا بد أن يكون أقرب إلى حدود الاتحاد السوفياتي، ومن ثم نشأ حلف بغداد الذي ضم العراق وتركيا وإيران وباكستان، وجرى على إثره تهميش دور مصر في الخطط الأميركية، وهو ما دفع العلاقة بين البلدين تدريجيا إلى حافة العداء.
على الأرجح إذن أن نظام الرئيس عبد الناصر لم يكن منذ البداية نظاما راديكاليا معاديا للإمبريالية بالمعنى الذي سُوِّق للجماهير فيما بعد، ويمكن القول إن هذا النظام كان يحمل بذورا "ساداتية" بالفعل في داخله حتى قبل تولي الرئيس السادات لزمام الأمور خلفا لناصر، وأن اللهجة التي ظهرت في حوار ناصر مع القذافي هي في الواقع كانت اللهجة المؤسسة والمحركة للنظام منذ البداية، وكان يمكن بالفعل أن يصل إلى معاهدة سلام مع إسرائيل منذ خمسينيات القرن الماضي، بل وكان يمكن أن يكون حليفا رئيسيا للولايات المتحدة ومشاركا في حلف مؤيد لها يحمي المنطقة من الشيوعية.
لا يعني ذلك قطعا التسليم لنظرية أن ثورة يوليو كانت "مؤامرة أميركية"، لكن المؤكد أن مصالح الضباط الأحرار حكام مصر الجدد ومصالح الولايات المتحدة تلاقت عند نقطة ما من التاريخ. ومن ثم فإن نظرة في الخلفية التاريخية العميقة للنظام الناصري لا تجعل حوار ناصر مع القذافي اكتشافا غريبا من نوعه وتحولا كبيرا ما بعد الهزيمة في 1967، بقدر ما يمكن قراءته في إطار رؤى عبد الناصر وسياساته منذ البداية، التي لم تتضمن بحال التخطيط لاسترداد فلسطين من البحر إلى النهر أو معاداة الولايات المتحدة جذريا، على عكس الصورة التي ترسخت لعقود في أذهان الجماهير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإمارات تعلن اتفاقها مع إسرائيل على إيصال مساعدات عاجلة لغزة
الإمارات تعلن اتفاقها مع إسرائيل على إيصال مساعدات عاجلة لغزة

الجزيرة

timeمنذ 29 دقائق

  • الجزيرة

الإمارات تعلن اتفاقها مع إسرائيل على إيصال مساعدات عاجلة لغزة

أعلنت الإمارات اتفاقها مع إسرائيل على السماح بتسليم مساعدات إنسانية عاجلة سترسلها إلى قطاع غزة. وجاء الاتفاق في اتصال هاتفي بين الشيخ عبد الله بن زايد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي ووزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر ، وفقا لوكالة أنباء الإمارات التي أكدت أن المساعدات ستلبي في البداية الاحتياجات الغذائية لحوالي 15 ألف مدني في غزة. كما ستشمل أيضا الإمدادات الأساسية للمخابز والمواد الضرورية لرعاية الرضع. وأشارت الوكالة إلى أن الشيخ عبد الله بن زايد أكد خلال الاتصال "على أهمية وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية إلى الشعب الفلسطيني في القطاع بشكل عاجل ومكثف وآمن ودون أي عوائق". وأضافت "بحث الجانبان الجهود الإقليمية والدولية لاستئناف اتفاق الهدنة، والتوصل إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن". وتصاعدت الضغوط الدولية على إسرائيل في الأيام الأخيرة مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شن هجوم عسكري جديد على غزة، في ظل حصار خانق ومنع لدخول المساعدات منذ مطلع مارس/ آذار الماضي. وتمنع إسرائيل دخول الإمدادات الطبية والغذائية والوقود إلى القطاع، مما دفع خبراء دوليين إلى التحذير من مجاعة تلوح في الأفق. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس أمس الثلاثاء إن اتفاقية التجارة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ستخضع للمراجعة في ظل الوضع "الكارثي" في قطاع غزة. وفي وقت سابق أمس، قال متحدث باسم مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في جنيف إن إسرائيل سمحت لحوالي 100 شاحنة مساعدات بدخول غزة. لكن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أكد في بيان أمس أن "الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح بدخول أي شاحنة مساعدات إنسانية وطبية ووقود بشكل تام منذ 2 مارس/آذار 2025". وأوضح المكتب أن غزة بحاجة إلى ما لا يقل عن 44 ألف شاحنة مساعدات خلال هذه الفترة لتلبية الحد الأدنى من احتياجات السكان الأساسية، وأكد أن القطاع بحاجة يومياً إلى إدخال 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود للمرافق الحيوية والطبية. ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى "التحرك العاجل لفتح المعابر وإدخال الغذاء والدواء والوقود إلى غزة، وإنقاذ مئات آلاف المدنيين قبل فوات الأوان". وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 175 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

ضربة قاسية للدعم السريع
ضربة قاسية للدعم السريع

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ضربة قاسية للدعم السريع

في تطوّر سياسي مفصلي، وفي سياق منعطف تاريخي حاسم، حيث تتدافع الأحداث وتتصارع الإرادات، أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، القائد العام للجيش، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، مرسومًا دستوريًا قضى بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا لمجلس الوزراء، موجهًا كل الجهات المختصة في الدولة بوضع المرسوم موضع التنفيذ. هذه الخطوة التي كانت محل انتظار وترقّب، أتت في لحظة حرجة من عمر الدولة السودانية، وسط مشهد سياسي وأمني بالغ التعقيد، ووسط دعوات ملحّة بضرورة ملء الفراغ الدستوري بسلطة تنفيذية ذات ولاية كاملة. إذًا فإن القرار جاء كبرق يخطف الأبصار في سماء غائمة بالحروب والتداخلات الإقليمية والدولية، ليكون بمثابة الإجابة عن سؤال ظل يتردد في أروقة السياسة وأذهان المواطنين: هل آن الأوان لإنهاء حالة "اللاحكومة" التي عاشها السودان طويلًا؟ لقد اعتادت البلاد خلال السنوات الماضية على نمط "التكليف" في قيادة العمل التنفيذي، حتى أصبح هو الأصل، فيما بات "التعيين بالأصالة" استثناءً نادرًا. فغالبًا ما يقود المشهد رئيس وزراء "مكلّف"، يتولى إدارة حكومة من وزراء "مكلّفين" كذلك، في مشهد يتكرر حتى فقد استثنائيته. لكن جوهر التكليف ليس إدارة حقيقية، بل هو تسيير مؤقت، أشبه بمحاولة الوقوف على أطلال حكومة لم تُبنَ بعد. فالتكليف يظل قاصرًا عن تحقيق الإرادة السياسية الكاملة، كسائق يقود سيارةً بفرامل يد مرفوعة، يتحرك ولكن ضمن مسار محدود وضيق. وهنا تظهر المفارقة الصارخة: فالبلاد تمر بأحلك ظروفها منذ الاستقلال، اقتصاد يترنّح، مؤسسات تنهار، وثقة شعبية تتآكل. فهل يكفي في هذا السياق تسيير المرحلة، أم نحن بحاجة إلى إرادة حكم، لا إدارة مؤقتة؟ إن الفرق الجوهري بين "المكلّف" و"المُعيَّن" يتجاوز التوصيفات القانونية إلى مضمون السلطة ذاتها. فـ"المُعيَّن" يتمتع بتفويض حقيقي وشرعية دستورية لاتخاذ قرارات إستراتيجية طويلة الأجل، بينما يظل "المكلَّف" يتحرك في هامش ضيق، ويفتقر للقدرة على الإقدام السياسي. إذًا، فإن تعيين رئيس وزراء بصلاحيات تنفيذية كاملة، هو خروج من مربع "التكليف"، نحو لحظة تأسيسية جديدة تعيد للدولة هيبتها، وتملأ الفراغ الذي استغلّه المتربصون. وفي ذات الوقت يبرز سؤال محوري: ماذا يعني هذا التعيين بالنسبة لمليشيا الدعم السريع التي تقاتل الحكومة السودانية والجيش، وكذلك ماذا يعني لحكومة المنفى المرتبطة بالمليشيا؟ ماذا يعني التعيين لـ"الدعم السريع"؟ لا يمكن فصل قرار تعيين رئيس وزراء في السودان عن الصراع الدائر مع مليشيا الدعم السريع، فالحرب لم تعد ميدانية بحتة، بل تحولت إلى معركة متعددة الأبعاد: سياسية، ودبلوماسية، وإعلامية. وفي هذا السياق، يأتي القرار ليعيد ترتيب الأوراق على المستويين؛ الإقليمي، والدولي، حيث يمنح الموقف السوداني الرسمي مزيدًا من المصداقية في المحافل الدولية، ويقطع الطريق على محاولات إضفاء الشرعية على ما يُسمى بـ"الحكومة الموازية". وإلى جانب دلالاته الدستورية، يُعد القرار بمثابة إغلاق لباب ظلّت أطراف خارجية تعبث به، في محاولات مكشوفة لإعادة عبدالله حمدوك، الذي ارتبط اسمه في أذهان الكثيرين بمشهد العجز وفقدان الإرادة. أما مليشيا الدعم السريع، فإن تشكيل حكومة بمرجعية واضحة وقيادة تنفيذية تتمتع بالشرعية، يمثل تطورًا سياسيًا يضيّق من خياراتها، ويمنح الموقف الرسمي السوداني تماسكًا أكبر على المستوى الدولي. لا يعني ذلك نهاية المواجهة، لكنّه بالتأكيد يعيد توازن المعركة إلى المربع السياسي، بعد أن ظل حكرًا على الميدان العسكري. وعلى صعيد التوازنات السياسية الداخلية، يجب على الحكومة الجديدة أن تعمل على بناء جسور من الثقة مع مختلف القوى السياسية والمجتمعية في السودان. ففي ظل حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها البلاد، قد ترى بعض الأطراف في هذا التعيين إقصاءً أو تهميشًا لدورها. لذا، فإن قدرة الحكومة على احتواء هذه المخاوف وإشراك أوسع قاعدة من السودانيين في جهود إعادة البناء ستكون حاسمة لتحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية. ومهما اختلف الناس حول الشخص المعيّن، فإن تعيين رئيس وزراء بصلاحيات تنفيذية، يعد خطوة تصحيحية طالما نادى بها الحريصون على معافاة الوطن وخروجه من نفق الحرب، وتثبيت السلطة المدنية بموجب أدوات فعل حقيقية. وجود سلطة تنفيذيّة ذات ولاية دستورية، يُضعف ادّعاء حكومة المنفى بتمثيل السودان سياسيًا. فتلك الحكومة، التي تشكّلت في سياقات استثنائية، كانت تُراهن على استمرار فراغ السلطة المركزية لفرض نفسها طرفًا في المشهدَين؛ الإقليميّ والدوليّ. منذ ترشيحه أول مرة في عام 2019 بدعم من المؤسسة العسكرية، لم يغب اسم الدكتور كامل إدريس عن التداول السياسي. يعود اليوم للواجهة في ظروف مختلفة، مدفوعًا بسيرته المهنية والدولية الواسعة، وبدعم من تيارات ترى فيه توافقًا مقبولًا إقليميًا، ووزنًا دوليًا يمكن البناء عليه. فهو شخصية ذات خلفية أكاديمية مرموقة، تقلّد رئاسة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، وترأس لاحقًا محكمة التحكيم والوساطة الدولية. كما حصل على ما يقارب 20 شهادة دكتوراه فخرية من جامعات دولية مرموقة. فيما يعتقد آخرون أن من تدفع به هي دوائر دولية تبحث عن مرونة سياسية أكثر من قدرة حقيقية على اتخاذ القرار. وعلى الصعيد الإقليمي والدولي، من المهم مراقبة مواقف الدول المؤثرة تجاه هذا التعيين. فبينما قد يلقى القرار ترحيبًا من بعض العواصم التي ترى فيه خطوة نحو الاستقرار، قد تتحفظ أخرى بناءً على مصالحها أو علاقاتها مع الأطراف الأخرى في الصراع. إن بناء دعم دولي موحد للحكومة الجديدة سيكون ضروريًا لتعزيز موقفها في المحافل الدولية وللحصول على المساعدات اللازمة في مرحلة ما بعد الحرب. ولعل الأهم من ذلك، أن الدكتور كامل إدريس أعلن – في خطوة غير مسبوقة – عن تنازله الكامل عن أي مخصصات مالية أو سكن من الدولة، والتزامه بالعمل تطوعًا، معلنًا عزمه على كشف ذمته المالية بالكامل قبل أداء القسَم، ومؤكدًا أن هذا النهج سيشمل كذلك طاقمه الوزاري المرتقب. في بلد أنهكته الامتيازات السياسية والفساد، فإن هذه الإشارات لا يمكن الاستهانة بها. غير أن هذا الترشيح لم يخلُ من الجدل، فبينما يرى أنصاره أنه رجل مؤسسات، وخبير دولي منضبط، ملم بتعقيدات الداخل والخارج، يرى منتقدوه أنه بلا تجربة تنفيذية حقيقية داخل السودان، ولا يمتلك قاعدة جماهيرية تُذكر. بعضهم يصفه بأنه "موظف علاقات عامة أممي"، يفتقر للاتصال العضوي بقضايا الناس، فيما يعتقد آخرون أن من تدفع به هي دوائر دولية تبحث عن مرونة سياسية أكثر من قدرة حقيقية على اتخاذ القرار. لكن واقع الحال، أن الخلاف حول إدريس هو انعكاس لأزمة أعمق: أزمة قيادة وتوافق في بلد يتقاذفه الاستقطاب، وتنهشه الحروب، وتُعطّل فيه المؤسسات. الجدل في جوهره مشروع، لكنه لا ينبغي أن يكون مبررًا لإسقاط فكرة تعيين رئيس وزراء بصلاحيات كاملة، أو التراجع عن خطوة إصلاحية بهذا الوزن. على قدر الثقة الكبيرة في خطط الجيش لإدارة حرب الكرامة والتحرير بكفاءة، يلاحظ تراجع في الثقة الشعبية تجاه بعض القرارات التنفيذية التي اتُخذت خلال الفترة الماضية، والتي شابها الارتباك أحيانًا وافتقرت للحس السياسي اللازم. إعلان ولذلك فإن نجاح المعركة السياسية يتطلب حكومة ذات كفاءة واستقلالية، تعمل بتنسيق إستراتيجي كامل مع قيادة الجيش، دون تدخل مباشر من العسكريين في التفاصيل التنفيذية. ومن هنا، فإن الحفاظ على مكتسبات الميدان يمرّ عبر إدارة مدنية راشدة، تملك أدوات التنفيذ، وتتحمّل مسؤولياتها بشجاعة موازية لتضحيات الأبطال في الجبهات. وعلى المستوى القانوني والدستوري، يأتي هذا التعيين في ظل وضع انتقالي معقد. من المهم أن تستند الحكومة الجديدة إلى أسس دستورية واضحة، وأن تعمل على تجاوز أي تحديات قانونية قد تعترض طريقها. إن بناء مؤسّسات الدولة على أسس راسخة يتطلّب احترام الإطار القانوني، والعمل على استكمال هياكل الحكم الانتقاليّ المتّفق عليها. كثير من الإنجازات العسكرية قد تذهب هدرًا بفعل قرارات سياسية مرتبكة أو أداء تنفيذي ضعيف. ومن هنا، فإن الحفاظ على مكتسبات الميدان يمرّ عبر إدارة مدنية راشدة، تملك أدوات التنفيذ، وتتحمّل مسؤولياتها بشجاعة موازية لتضحيات الأبطال في الجبهات. ولا يمكن إغفال التحديات الجسام التي يواجهها الدكتور كامل إدريس ومن أبرزها: إدارة الحرب: فالمعركة مع مليشيا الدعم السريع لم تحسم بعد، والجيش السوداني يحتاج إلى دعم سياسي كامل لتحقيق النصر. إنقاذ الاقتصاد: حيث يعاني السودان من انهيار اقتصادي غير مسبوق، مع ارتفاع جنوني للأسعار، وندرة في العملة الصعبة، وتراجع حادّ في قيمة الجنيه. استعادة الشرعية الشعبية: فثقة المواطن السوداني في الطبقة السياسية بلغت أدنى مستوياتها، مما يتطلب إصلاحات جذرية تبدأ بمحاربة الفساد، وإعادة بناء مؤسسات الدولة. التأثير على الوضع الإنساني: بالإضافة إلى هذه التحديات، يقع على عاتق الحكومة الجديدة مسؤولية جسيمة في التعامل مع الأزمة الإنسانية المتفاقمة في البلاد. إن ضمان وصول المساعدات للمحتاجين، وتوفير الأمن للمدنيين، وتهيئة الظروف لعودة النازحين واللاجئين، يجب أن يكون على رأس أولوياتها. إن وجود حكومة ذات شرعية يمكن أن يسهل تنسيق الجهود الإغاثية مع المنظمات الدولية والإقليمية. بيت القصيد.. البرنامج أهم من الشخص؟ في نهاية المطاف، فإن جوهر التقييم يجب أن ينصبّ على البرنامج لا الشخص. السودان يحتاج إلى إدارة أزمة شاملة، بخطة وطنية واقعية قابلة للتنفيذ، لا إلى رمزية أو شعارات فارغة. فلا أحد – مهما علا قدره – سيحظى بتوافق كامل، لكن يمكن لأي مسؤول أن يكسب الشرعية من خلال الأداء، والبرنامج، واستعادة ثقة الناس. كما لا ينبغي أن يتحول النقاش حول تعيين الدكتور كامل إدريس إلى جدل شخصاني بعيد عن جوهر الأزمة. فالسودان لا يحتاج إلى "بطل منقذ"، بل إلى خطة واضحة تقوده إلى بر الأمان. التعيين خطوةٌ مهمة، لكنها تظل حبرًا على ورق إذا لم تترجم إلى إنجازات ملموسة على الأرض. يجب أن يُفهم تعيين الدكتور كامل إدريس – بما له وما عليه- ضمن سياق سياسي أشمل، عنوانه: الخروج من حالة "اللاحكومة"، وإنهاء الفراغ الدستوري، والبدء في إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس حقيقية. إنها لحظة تأسيس يجب ألا تُهدر في الجدل حول الأشخاص. وإذا كان من كلمة ختام، فإن الشعب السوداني لا يبحث عن "منقذ فرد"، بل عن قيادة صادقة، تملك الإرادة، وتُنهي منطق التسيير والتكليف المؤقت، لتبدأ عهد الدولة الحقيقية. إن الشعب السوداني، الذي صبر طويلًا، لم يعد لديه متسعٌ من الوقت لانتظار الوعود. وبالنظر إلى المستقبل، تتعدد السيناريوهات المحتملة لمسار الأوضاع في السودان في ظل هذه الحكومة الجديدة. فبينما يحدونا الأمل في أن تكون هذه الخطوة بداية لعهد من الاستقرار وإعادة الإعمار، لا يمكن تجاهل التحديات الكبيرة التي لا تزال قائمة. إن قدرة الحكومة على تحقيق إنجازات ملموسة على الأرض، وبناء توافق سياسي واسع، والتعامل بفاعلية مع الأزمة الإنسانية، ستحدد ما إذا كنا أمام بداية عهد جديد أو فصل آخر من فصول الأزمة السودانية المتجددة. الإجابة ستأتي من الأفعال، والشعب السوداني يراقب من كثب. إعلان ويبقي السؤال الأكبر الآن: هل سنشهد بداية عهد جديد من الاستقرار، أم أننا أمام فصل آخر من فصول الأزمة السودانية المتجددة؟ الإجابة لن تأتي من الكلمات، بل من الأفعال.

رويترز: إيران تفتقر لخطة بديلة واضحة وستتجنب تصعيد التوتر
رويترز: إيران تفتقر لخطة بديلة واضحة وستتجنب تصعيد التوتر

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

رويترز: إيران تفتقر لخطة بديلة واضحة وستتجنب تصعيد التوتر

نقلت وكالة رويترز عن 3 مصادر أن القيادة الإيرانية تفتقر إلى خطة بديلة واضحة لتطبيقها في حال انهيار الجهود الرامية إلى حل النزاع حول برنامج إيران النووي المستمر منذ عقود، وذلك في ظل تعثر المحادثات بين واشنطن وطهران جراء التوتر المتصاعد بين الطرفين بشأن تخصيب اليورانيوم. في حين قال مسؤول إيراني كبير لرويترز إن طهران ستتجنب تصعيد التوتر مع استعدادها للدفاع عن نفسها. وقالت المصادر الإيرانية إن إيران قد تلجأ إلى الصين وروسيا في "خطة بديلة" إذا استمر التعثر. لكن في ظل الحرب التجارية بين بكين وواشنطن وانشغال موسكو بحربها في أوكرانيا، تبدو خطة طهران البديلة هشة، وفق رويترز. وفي السياق، أوضح مسؤول إيراني كبير أن الخطة البديلة لطهران هي مواصلة الإستراتيجية المعتمدة قبل بدء المحادثات، مشيرا إلى أن إيران ستتجنب تصعيد التوتر، وفي الوقت نفسه تبقى مستعدة للدفاع عن نفسها، لافتا إلى أن هذه الإستراتيجية تشمل أيضا تعزيز العلاقات مع الحلفاء مثل روسيا والصين. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي قوله، في وقت سابق أمس الثلاثاء، إن مطالب الولايات المتحدة بامتناع طهران عن تخصيب اليورانيوم "زائدة عن الحد ومهينة"، معبرا عن شكوكه إذا ما كانت المحادثات النووية ستفضي إلى اتفاق. إعلان وبعد 4 جولات من المحادثات التي تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات ، لا تزال هناك عديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات. ونسبت رويترز إلى مسؤولين إيرانيين ودبلوماسي أوروبي أن طهران ترفض نقل مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج أو الخوض في مناقشات بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية. انعدام الثقة وضمانات كما أن انعدام الثقة من كلا الجانبين وقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانسحاب من اتفاق عام 2015 مع القوى العالمية قد زاد من أهمية حصول إيران على ضمانات بأن واشنطن لن تتراجع عن اتفاق مستقبلي. وحتى في حال انحسار الخلافات بشأن التخصيب، فإن رفع العقوبات لا يزال محفوفا بالمخاطر. فالولايات المتحدة تفضل الإلغاء التدريجي للعقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي، في حين تطالب طهران بإزالة جميع القيود على الفور. وقد فُرضت عقوبات على عشرات المؤسسات الإيرانية الحيوية للاقتصاد منذ عام 2018، ومن بينها البنك المركزي وشركة النفط الوطنية. وقالت المصادر لرويترز إنه مع إحياء ترامب السريع لحملة "أقصى الضغوط" على طهران منذ فبراير/شباط الماضي، ومن ذلك تشديد العقوبات والتهديدات العسكرية، فإن القيادة الإيرانية "ليس لديها خيار أفضل" من اتفاق جديد لتجنب الفوضى الاقتصادية في الداخل. وقال مسؤول إيراني لوكالة رويترز إن الاقتصاد الإيراني لن يتعافى قبل رفع العقوبات وتمكين مبيعات النفط من الوصول إلى المستوردين. ونقلت رويترز عن دبلوماسيين ووثيقة أن كلّا من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ستفعّل آلية لإعادة فرض العقوبات على إيران إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة بحلول أغسطس/آب المقبل. ورجح مسؤول أوروبي كبير أن الأمر سيستغرق وقتا أطول من 18 شهرا في ظل وضع جيوسياسي أكثر تعقيدا الآن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store