logo
المجددون.. محمد ماضي أبو العزائم، قاد الجهاد ضد الاحتلال الإنجليزي في مصر والسودان

المجددون.. محمد ماضي أبو العزائم، قاد الجهاد ضد الاحتلال الإنجليزي في مصر والسودان

فيتو٢٩-٠٤-٢٠٢٥

عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعثُ لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدِّدُ لها دينها".
ولم يشترط السيوطي أن يكون "المجدِّدُ" فردًا، بل يشمل كل من نفع الأمة وجدد لها شيئًا من أمور دينها ودنياها في أي مجال من المجالات، وأيده في ذلك ابن الأثير الجزري وشمس الدين الذهبي، وابن كثير الدمشقي، وابن حجر العسقلاني.
ولا يلزم أن تجتمع خصال الخير كلها في شخص واحد، بل قد يكون هناك أكثر من عالِمٍ في أكثر من مكان، في وقتٍ واحدٍ، أو أزمانٍ متفرقة، يتميز كل منهم بمزية في علم من العلوم الدينة والدنيوية، شريطة أن يكونوا جميعا مسلمين، مؤمنين، ملتزمين بهدي الدين الحنيف.
وهذا موجود، ولله الحمد، حتى قيام الساعة، فهناك من يتفوق في اللغة، والفقه، والتفسير، وهناك من يمتاز في العلوم الحديثة، كالطب والهندسة والتكنولوجيا، وغيرها.. وهناك من يدفع عن الإسلام شبهات الملحدين، والمتطرفين والمفرطين، ويصد هجمات المبطلين، والمنحرفين، وأعداء الدين.
أسس الطريقة العزمية عام 1311 – 1893م، وتعد من أكبر الطرق الصوفية في مصر والعالم الإسلامي.
اعتبره فوزي محمد أبو زيد، رئيس الجمعية العامة للدعوة إلى الله بمصر، من كبار المجددين.
هاجر جده الرابع إلى مصر، بعد انهيار دولة المرابطين في المغرب، فى مطلع القرن السابع الهجرى، واضطهاد أهل السنة.
واستقر بقرية محلة أبو على بمركز دسوق محافظة كفر الشيخ، وكان أبناؤه يشتغـلون بالتجارة، وعرف عنهم الجد والاستقامة.
والده عبد الله المحجوب ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين، وكان عالمًا ومحبًّا للعلماء، ولديه مكتبة تضم شتى العلوم والمعارف، وكان ببيته زاوية للصلاة، ومحلاًّ للضيافة وقاعة كبيرة للدرس ولقاء العلماء.
أمه آمنة الملقبة بالمهدية، وينتهى نسبها إلى سيـدنا الإمام الحسن.
مولده
ولد الإمام أبوالعزائم فى ليلة الاثنين 27 رجب سنة 1286هـ= 30 أكتوبر سنة 1869م، بمسجد سيدى زغلول بمدينة رشيد، حينما ذهبت والدته بصحبة والده وأخته الكبرى لزيارة مقام ذلك الولي، فى ليلة الإسراء والمعراج، فولدته بجوار الضريح.
نشأته
نشأ أبوالعزائم محبًّا للتشبه بالرجال فى السلوك والزى، حتى أنه كان محبًّا لارتداء العمامة، كما كان يصحب أشقاءه إلى مكتـب تحفيظ القرآن الكريم وهو فى حداثة سنه.
اشتهر بالفطنة والذكاء وحسن التصرف وسرعة البديهة، فلما بلغ ست سنين بدأ حفظ القرآن على يد الشيخ محمد القفاص، وأتمه ولما يتجاوز العاشرة، كما حفظ المتون على يد الشيخ عبد الرحمن عبد الغفار من علماء الأزهـر، فحفظ 'أقرب المسالك لمذهب مالك بن أنس'، وقسم العبادات من 'الموطأ'، ومن علم التوحيد 'متن السنوسية'، ومن النحو 'الأجرومية'، و'الألفية'، ومن علم الحديث 'المختصر' للإمام الزبيدي، كما درس علوم التوحيد، ودرس الفقه مع الشيخ محمد الخطيب.
وتلقى 'إحياء علوم الدين' للإمام الغزالي، و'قوت القلوب' لأبي طالب المكي، و'الشفاء' للقاضي عياض، و'سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم)' لابن هشام، و'الطبقات الكبرى' لابن سعـد على يد والـده وكذا الشيخ غانم الخشاب.
في الأزهر
توجه إلى القاهرة لمنزل شقيقه أحمد، فتعرف على الشيخ حسن الطويل، الذى شجعه على الالتحاق بالأزهر، فحصل على الشهادة الثانوية الأزهرية، ثم التحق بمدرسة دار العلوم الخديوية (كلية دار العلوم حاليًا)، وكانت تابعة للأزهر.
تلقى بالأزهر الفقه على مذهب الإمام مالك، والعقائد على أصول أهل السنة، والأخلاق على طريقة الإمام الغزالى، وتفسير القرآن وعلم الحديث رواية ودراية، وغير ذلك من العلوم الشرعية، وفى تلك الفترة بدأ يكتب شروحًا على بعض الأحاديث والآيات، وبعض أبيات نظمية ومواجيد قلبية، وصار ذكره قراءة القرآن، وتدبر معانيه، وفي أحاديث رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وسيرته الشريفة.
ثم تلقى عن أئمة الصوفية شرح مقامات اليقين وشرح الأوراد والأذكار، حتى أجيز فى كل من الشاذلية والقادرية والنقشبندية وطريق أحمد بن إدريس، وطريق الإمام الغزالي، وغيرها.
تخرج فى دار العلوم عام 1305ﻫ= 1888م وعمره 19 عامًا، وعمل فى البداية مدرسًا بمدرسة إدفو الابتدائية لمدة سنة، ثم انتقل إلى مدرسة الإبراهيمية الأولية، وعمل بها أربع سنوات، ثم انتقل إلى المنيا.
فى إدفو
كانت مدارس هذه البلدة خاوية من تلاميذها، حيث عمد أولياء الأمور إلى إخراج أبنائهم منها لاعتقادهم أن المدارس تفسد أخلاق النشء وتبعدهم كذلك عن الدين، وكان الآباء يقاطعون الدروس الدينية بالمساجد، فعمل أبوالعزائم جاهدًا على جذبهم للمسجد للصلاة وحضور دروسه الدينية، وبعد فترة قصيرة إذا بالآباء مواظبون على المساجد، والأبناء فى المدارس، وأقبل التلاميذ على المدرسة الابتدائية حتى امتلأت، مما اضطر ناظر المدرسة فى نصف العام أن يطلب من الوزارة توسعة الفصول لاستيعاب أعداد المتقدمين.
فى الإبراهيمية
انتقل إلى مدرسة الإبراهيمية الأولية فوجد كل ألوان المدنية فى هذه البلدة بما فيها من رغد العيش بينما المساجد مهجورة، فاغتم كثيرًا، وبدأ من بيوت الكبراء أمثال بيت محمد باشا أبى ذقن، ومحمد باشا علمى، وسكن فى منزل من منازله، وبدأ فى إلقاء دروسه بمسجد عبد العزيز سعد ومسجد محمد أبى ذقن ومسجد حفيظ ومسجد الشيخ صبيحي.
وكان يلقى دروسًا دينية يوميًّا بعد صلاة العصر بأكبر مساجد الإبراهيمية، فالتف حوله الأهالى، وكان حال المسجد أشبه بصلاة يوم الجمعة من كثرة روَّاده.
وكان يزور البلاد المجاورة فى وسط الأسبوع، فأصبح له تلاميذ كثيرون.
فى المنيا
عمل عامين بالمدرسة الابتدائية بمدينة المنيا فى أوائل أكتوبر 1894م= أواخر ربيع الأول 1311ﻫ، وكان عمره وقتذاك لا يتجاوز الخامسة والعشرين.
أشادت به مديرية التعليم بالمنيا فى نشرتها الدورية لعام 1973م، وذلك بمناسبة مرور مائة عام على إنشاء مدرسة المنيا الابتدائية الأميرية (1896-1973م)، تحت عنوان: "زوار المدرسة من العظماء":
'ومن أبرز مدرسيها المرحوم محمد ماضى أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية، كان مدرسا بها سنة 1310.
لاقت دعوته القبول من عامة الناس والاستجابة من كثير من الأغنياء وذوي الجاه، منهم على باشا شعراوى وحسين باشا سرى ومحمد بك موسى عبيد وغيرهم، واستجاب لهذه الدعوة أيضًا مدرس اللغة الفرنسية بالمدرسة وهو المسيو بلنتونى الذى أقبل هو وزوجته على الإسلام.
وفى سنة 1311هـ، بدأ أبوالعزائم يدعو إلى الله ويلقى دروسه بالمساجد، فأملى على تلاميذه آداب الطريق إلى الله، وأسس السير فيه، وأملى صيغًا فريدة من الصلاة على سيدنا رسول الله، وأطلق على جامعته التربوية الدينية اسم 'جماعة آل العزائم'.
فى الإبراهيمية مجددا
بعد أن أمضى عامين بالمنيا جاءه قرار النقل ثانية إلى الإبراهيمية، ولم يمض على نقله لنفس المدرسة، التى عمل بها من قبل، أكثر من ثلاثة أشهر حتى قررت وزارة المعارف غلقها وتحويل طلبتها إلى المدارس المجاورة لقلة عدد الطلبة بها.
الإمام أبو العزائم، فيتو
ترك أبوالعزائم عائلته بالإبراهيمية وسافر إلى القاهرة، وبعد أن صلى في مسجد سيدنا الحسين تقابل مع حسين بك رشدي، الذي كان مفتشًا بالمعارف، وذهب به إلى الوزارة، وأخبره بخلو وظيفة مدرس لمادة الدين ومادة اللغة العربية بمدرسة سواكن بالسودان، وأنه هو المرشح الوحيد لتلك الوظيفة لما يعلمه فيه من حب الجمهور له، واستلم أبوالعزائم قرار التعيين لهذه الوظيفة، ثم توجه هو والشيخ صبيحى إلى السودان فوصلاها فى 10 شعبان 1313ﻫ= 6 فبراير 1895م، في أواخر حكم المهدية بالسودان ليبدأ مرحلة جديدة من الجهاد.
فى السودان
كانت سواكن تعتبر من أكبر وأغنى مدن السودان، ولم يكتف بواجب وظيفته كمدرس، بل بادر إلى الدعوة لله تعالى فى المساجد والزوايا والمجتمعات العامة والخاصة والمناسبات والاحتفالات الدينية. ففيها قرأ البخارى لعلمائها وقسم العبادات من الموطأ.
وفى عام 1898م خضعت سواكن للاحتلال الإنجليزى.
وفى المدرسة الأميرية بسواكن أخذ يلقى على تلاميذه الدروس فى عظمة الجهاد والمجاهدين مبينًا دور الأمير عثمان دقنه فى محاربته الإنجليز وأعوانهم، مما جعل التلاميذ يتأثرون بذلك وتنمو فيهم الروح الوطنية والغيرة على الإسلام.
ومن المساجد التى كان يلقى الإمام فيها دروسه: مسجد تاج السر (نسبة إلى الشيخ تاج السر شيخ الطريقة المرغنية وقتذاك بشرق السودان)، فالتف حوله جمع كثير من أبناء سواكن، منهم الشيخ عبد الرحيم الحيدرى السواكنى، الذى كان نائبًا للطريقة المرغنية بمدينة سواكن.
وكان الإمام يرسل إلى المنطقة الجنوبية، التى تنتشر بها الوثنية، بعض أتباعه فى صورة تجار حاملين الملح نظرًا لعدم وجوده عندهم. فإذا أنسوا لهم كانوا يعرضون عليهم مبادئ الإسلام، وهنا تنبه الإنجليز إلى خطر أبي العزائم الذى أوفد أتباعه إلى تلك المنطقة التى تجوبها جيوش المبشرين، فكان ذلك من الأسباب التى أدت إلى نقله إلى مدينة أسوان.
إلى أسوان
تسلم عمله الجديد بأسوان أواخر جمادى الأولى 1316= 8 أكتوبر 1898، ومكث بها عامًا واحدًا.
اكتظ الجامع الكبير بأهل البلدة لسماع دروسه، وكان من بين تلاميذه: الشيخ محمود العقاد (والد الكاتب عباس محمود العقاد)، وماهر بك (والد على باشا ماهر وأحمد بك ماهر).
في سواكن ثانية
عاد الإمام إلى سواكن واستقر بها عامين جدَّد فيهما دعوته إلى الله، وكانت القبائل تتنافس على استضافته أثناء زياراته للمناطق الممنوعة بجنوب السودان، فلم يترك بقعة به إلا زارها وترك فيها أثرًا طيبًا، وكانت مراكز دعوته هناك أكثر من ثلاثين مركزًا يقوم عليها مريدوه.
إلى وادى حلفا
وفى حلفا، كان الناس مشتغلين بالملاهى عاكفين على ملاذ الدنيا واحتساء الخمر، منصرفين عن المسجد، فاهتم بتعمير مسجدها، وحث الناس على المسارعة فى الفضائل والنأى عن الرزائل، فدبت فيه روح اليقظة الإسلامية وتوافدت على المسجد جموعهم لسماع درسه.
وكان يلتقى بالناس فى مجالسهم ومنتدياتهم وعظهم، وكان أهل حلفا ودنقلة وشمال السودان يتسابقون إلى حلقاته العلمية حتى ضاق بهم المسجد، وزار بلادًا كثيرة فى شمال السودان بدعوات من مشايخ قبائلها، وجمع الله عليه رجالًا أبرارًا أتقياء تلقوا عنه أوراده وأذكاره وسلكوا طريقه.
إلى أم درمان
جاء الإمام إلى أم درمان وهي مثقلة بالجراحات، فقد كانت عاصمة الدولة المهدية، والتى سقطت بمعركة كررى على مشارف شمال أم درمان أمام الجيش الإنجليزى.
وكانت له حلقة علم فى مسجدها الجامع، حيث قرأ الموطأ وحكم ابن عطاء الله، وفى أم درمان اتصل الإمام وتعرف على كثير من الشخصيات الوطنية.
وكان يسعى لجامع أم درمان فيدرس به الفقه على مذهب الإمام مالك من بعد صلاة المغرب إلى ما قبل صلاة العشاء، ثم يدرس بعد صلاة العشاء درسًا خاصًا فى الحديث الشريف حتى ينقضى الثلث الأول من الليل، فيعود إلى منزله حيث يجد كثيرًا من العلماء المصريين من أئمة القوة العسكرية قد سبقوه إليه، وكذلك قاضى قضاة السودان الشيخ محمد شاكر، فيتدارسون القرآن ويتجاذبون أطراف الحديث فى أسرار الصوفية والقرآن الكريم إلى منتصف الليل، وبعد انصرافهم لا يبقى معه إلا نفر قليل، فيملي عليهم ما كانوا يحتارون فى فهمه.
وأثناء إقامته بأم درمان أصدر مجلة 'السعادة الأبدية' لسان حال الدعوة العزمية فى وادى النيل، والتى استمرت فى الصدور من عام 1903 حتى 1915م.
الانتقال إلى الخرطوم
انتقل أبوالعزائم من أم درمان إلى الخرطوم أستاذًا للشريعة الإسلامية بكلية غردون (جامعة الخرطوم حاليا)، وسكن ببرى نحو 10 سنوات.
وكانت له دروس بداره يلقيها بعد صلاة العصر. وفى مسجد الخرطوم الكبير كان له مجالس ذكر وعلم امتدت لما يقرب من عشر سنوات كان يدرس فيها تفسيره للقرآن الكريم 'أسرار القرآن' والموطأ والبخارى وقسم العبادات من مدونة مالك ابن أنس.
وبعد اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م، دعا الحاكم البريطانى فى السودان الموظفين والأهالى واستنجد بالعلماء وبعض الزعماء الدينيين للوقوف مع بريطانيا، مؤكدا أن البريطانيين أصدقاء الإسلام، فقام أبوالعزائم بتوعية المسلمين من شر الإنجليز، مبينًا أنهم يُمَوِّهُونَ على العامة بأنهم الدعاة إلى الله، ويلفتون المسلمين عن الواجب عليهم شرعًا وعقلًا من العلم والعمل للدنيا، لذا قاموا بالوشاية ضده عند الحكام الإنجليز وأوهموهم بأنه يعمل على تحطيم نفوذ الأئمة الدينيين والذين يعتمد عليهم الإنجليز فى الترويج لحكمهم لدى الأهالى، كما جندوا بعض أتباعهم للعمل كجواسيس لدى الإنجليز لينقلوا ما يدور فى مجالسه ودروسه، ولكن الله كان يقيض له من يدافع عنه.
كان كثيرًا ما يصطدم بإدارة الكلية، والحاكم العام 'ونجت' باشا، فتقرر نفي أبي العزائم إلى مالطا.
فغادر السودان فى عام 1915 عائدًا إلى مصر قبل أجازته السنوية بشهر.
في المنفى
وصل إلى الشلال عائدًا من السودان فإذا بالآلاف من تلاميذه، ومحبيه ومريديه من خيرة رجالات مصر، ينتظرونه، وكان فى الباخرة التى أقلته من حلفا إلى الشلال"ونجت" باشا، وتقابل مع "ونجت" تلاميذ أبي العزائمالمصريين، على رأسهم محمود سليمان باشا، ومحمود الشندويلى باشا، وأحمد باشا الشريعى، وحمد الباسل باشا، وكثيرون من أعلام الطب والمحاماة والعلماء والأعيان.
فطلب هؤلاء من الحاكم العام أن يكون نفى الإمام إلى بلدة المطاهرة بالمنيا بدلًا من جزيرة مالطا، فاتصل "ونجت" لاسلكيًّا بإنجلترا، وصوَّرَ لحكومته خطورة نفيه إلى مالطا فوافقوا.
وبمجرد وصوله إلى المطاهرة وصله خطاب وكيل حكومة السودان بعدم سفره ثانية إلى السودان، ومع أن إقامته كانت محددة فى منزله بالمطاهرة إلا أنه كان يتجول فى القرى والبلاد المجاورة، فقد توسط رئيس الوزراء، وكان محبًا للشيخ فى نشر تعاليمه وأفكاره.
وتحولت بلدة المطاهرة التى أمضى فيها الفترة ما بين عامي 1915 و1917م وما حولها إلى مدارس لأبي العزائم خرجت أعلام الوطنيين وأئمة المجاهدين.
وهناك قام بإصدار مجلة الفاتح التى استمرت فى الفترة من عام 1915م حتى 1920م، وطلب الأحباب نقل الشيخ للإقامة فى القاهرة، وفعلًا تمت الإقامة الجديدة، وكان منزله بمصر مقصد الوفود، ومحط أنظار سفراء الدول الإسلامية.
وكان إذا أقام احتفالًا دينيًا، تبادر القوات البريطانية بالتفتيش المستمر بأنحاء المنزل بحثًا عن وجود أسلحة أو منشورات أو أشخاص مشتبه فيهم.
دوره فى ثورة 1919
كان الشيخ يلتقى بالمفكرين والأدباء والزعماء السياسيين ومنهم سعد زغلول، وكان الرجال يجتمعون معه بعيدا عن الأضواء ثم نقلوا اجتماعاتهم للنادي الذى عُرف فيما بعد باسم "النادى السعدى".
ذهب سعد وصحبه إلى دار الحماية عقب مؤتمر الصلح فى باريس عام 1918 ليطالبوا بحقوق مصر فى الحرية والاستقلال، وطالبهم المندوب السامى بإبراز ما يثبت توكيلهم عن الأمة، فعاد علي باشا شعراوي وحمد باشا الباسل إلى مصر، وطلبا من الشيخ أن يجمع لهم توقيعات مريديه، فاستمهلهم أسبوعًا ليكون عندهم عشرات الألوف من العرائض الموقع عليها من المواطنين بعناوينهم.
وصدرت مقالاته التي نشرت بجريدة 'الأخبار' ومجلة 'السعادة الأبدية'، والتى كانت تندد بالاحتلال.
وضع أبوالعزائم مطبعته التى كانت تسمى 'المدينة المنورة' تحت تصرف سعد زغلول ورفاقه لتطبع لهم المنشورات السرية، فأسماها الثوار بمطابع 'اليد السوداء'.
ولما قامت ثورة 1919م، قبضت عليه السلطات البريطانية وأودع السجن، وكان معه ولده الأكبر أحمد محمد ماضى أبو العزائم الذى كان ملازمًا لوالده يشاركه نضاله ويشد أزره.
كان الإمام فى السجن كما كان خارجه، فلم يلبث أن صار السجن كله، مساجين وحراسًا وضباطًا، من أتباعه والمتحمسين لمبادئه.
وانتقلت أنباء النشاط العزمى إلى مسامع قادة الاحتلال، فذهب رسل باشا الذى يشغل حكمدار القاهرة ليتحقق من واقع الأمور بنفسه، فرأى أن جميع المسجونين ومعهم جميع جنود الحراسة بالسجن، ومن بينهم ضباطهم قد اكتظ بهم الفناء الأكبر للسجن صفوفًا يؤدون الصلاة خلف الشيخ الذى ختم الصلاة وانبرى يدعو أن يخلص الله الوطن من الاستعمار وأعوانه، والمصلون من خلفه يُؤَمِّنون، مما أثار ذعر رسل باشا واكتشف أن الإمام فى سجنه يشكل خطورة شديدة، فأمر بالإفراج عنه مع ابنه فورًا.
خرج ليستأنف سعيه، فأسس مجلة 'المدينة المنورة' عام 1920م، واستمرت في الصدور بعد انتقاله إلى جوار ربه.
موقفه من الخلافة
كان له موقف مؤيد لما سمي "الخلافة الإسلامية"، وناضل كثيرا لإعادة إحيائها، رغم المصائب التي ارتكبها العثمانيون في مختلف بقاع الدول الإسلامية، تحت شعار "الخلافة الإسلامية".. لكن جهوده الجبارة باءت بالفشل؛ لوقوف بريطانيا ضدها.
وفي ذات مرة، وبينما كان يؤدي فريضة الحج، وفي يوم عرفة اجتمعت الوفود بمسجد نمرة، واتفقوا على أن يلقى خطبة الجمعة الشيخ أبوالعزائم، والتمسوا ذلك من الملك عبدالعزيز فأجاب طلبهم، فقال لهم الإمام: "هذا مقام لا ينبغى إلا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، أو لخليفته"، فارتفعت أصواتهم جميعًا بالقول: 'قد أقمناك ورضيناك خليفة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم'، فخطب الإمام خطبة رائعة، وصلوا خلفه الظهر والعصر جمع تقديم.
وبعد عودة الإمام من المؤتمر إلى مصر جدد الاتصال بزعماء وملوك البلاد الإسلامية وخصوصًا رجال الهند، كما جدد الدعوة لقد مؤتمر إسلامي آخر بالقدس، وحددوا لذلك يوم 31 ديسمبر 1931 م، وحاولت السلطات البريطانية إفساد هذا المؤتمر ومنعت الحكومة المصرية إعطاء تأشيرة خروج للشيخ، كما رفضت سلطات الانتداب فى فلسطين السماح له بالدخول، وأراد أن يحصل على ترخيص بمقابلة زعماء الهند فى ميناء السويس، والذين كانوا على متن الباخرة المتجهة إلى لندن لحضور مؤتمر مع الحكومة البريطانية ثم توجههم بعد ذلك إلى حيفا، فمنعت الحكومة الباخرة من الوقوف فى ميناء بور توفيق، فلجأ إلى حيلة لمقابلة الوفود المشاركة، وكان على رأسهم أمين الحسينى مفتى فلسطين، والأمير شوكت على، والأمير محمد على، والدكتور محمد إقبال، وتشاور معهم فى شئون المسلمين وعقد مؤتمر القدس، ولم تعرف السلطات ذلك إلا بعد عودته للقاهرة.
وفاته
توفي في 27 رجب 1356هـ= 3 أكتوبر 1937م، ودُفن في مسجده بالقاهرة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محافظ الإسماعيلية يقدم واجب العزاء لأسرة الشهيد محمد سليمان
محافظ الإسماعيلية يقدم واجب العزاء لأسرة الشهيد محمد سليمان

مصرس

timeمنذ 22 دقائق

  • مصرس

محافظ الإسماعيلية يقدم واجب العزاء لأسرة الشهيد محمد سليمان

قدم اللواء أكرم جلال محافظ الإسماعيلية، واجب العزاء لأسرة الشهيد رائد طيار محمد السيد السيد سليمان، إبن منطقة عين غصين بالإسماعيلية. الذى استشهد أثناء تنفيذ النشاط التدريبي للقوات الجوية أمس الإثنين، حيث سقطت طائرة التدريب بإحدى مناطق التدريب نتيجة عطل فني واستشهاد طاقمها.وقدم محافظ الإسماعيلية، خالص التعازي لأسر الشهداء داعيًا الله عز وجل أن يتغمدهم بواسع الرحمة والمغفرة وأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان.رافق المحافظ خلال تقديم واجب العزاء، اللواء طارق محمود اليمني السكرتير العام المساعد لمحافظة الإسماعيلية، العميد وائل حمزة رئيس مركز ومدينة الإسماعيلية وعدد من القيادات التنفيذية والشعبية بالمحافظة.

وسط أجواء مبهجة..«الفجر »تشارك الحجاج فرحتهم لاستلام تأشيرة الحج بحضور محافظ سوهاج
وسط أجواء مبهجة..«الفجر »تشارك الحجاج فرحتهم لاستلام تأشيرة الحج بحضور محافظ سوهاج

بوابة الفجر

timeمنذ 32 دقائق

  • بوابة الفجر

وسط أجواء مبهجة..«الفجر »تشارك الحجاج فرحتهم لاستلام تأشيرة الحج بحضور محافظ سوهاج

قام اللواء دكتور عبد الفتاح سراج، محافظ سوهاج، اليوم، بتسليم تأشيرات وتذاكر السفر للفائزين في قرعة حج الجمعيات الأهلية للعام الجاري، وذلك خلال احتفالية نظمتها مديرية التضامن الاجتماعي، بحضور ياسر بخيت وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بسوهاج، ومحمد شوقي وكيل المديرية، وعدد من الحجاج الفائزين وأسرهم. وقدم المحافظ التهنئة للحجاج، متمنيًا لهم حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا، مطالبًا إياهم بالدعاء لمصر بأن يديم الله عليها نعمة الأمن والاستقرار، وللسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالتوفيق والسداد في قيادة البلاد وسط التحديات الراهنة. وأشار المحافظ إلى أهمية تيسير جميع الإجراءات اللازمة للحجاج، وتوفير أفضل سبل الراحة والرعاية لهم، مؤكدًا على توجيهاته المستمرة لمديرية التضامن الاجتماعي بمتابعة أوضاع الحجاج منذ لحظة مغادرتهم وحتى عودتهم سالمين. من جانبه، أوضح وكيل وزارة التضامن الاجتماعي، أن عدد المتقدمين لقرعة حج الجمعيات الأهلية هذا العام بلغ 1960 مواطنًا، وقد أسفرت القرعة عن فوز 360 حاجًا، مؤكدًا أن الحجاج سيغادرون إلى الأراضي المقدسة يوم 26 مايو الجاري، برفقة 8 مشرفين من المديرية والجمعيات الأهلية، لتقديم الدعم الكامل لهم طوال فترة أداء المناسك. وأضاف أن المديرية استعدت بشكل كامل لتوفير جميع الخدمات اللوجستية والطبية والإرشادية اللازمة، لضمان راحة الحجاج وسلامتهم خلال الرحلة المقدسة وحتى عودتهم إلى أرض الوطن.

البحرين تعزي مصر في ضحايا سقوط طائرة تدريب عسكرية
البحرين تعزي مصر في ضحايا سقوط طائرة تدريب عسكرية

مصرس

timeمنذ 36 دقائق

  • مصرس

البحرين تعزي مصر في ضحايا سقوط طائرة تدريب عسكرية

أعربت مملكة البحرين عن خالص تعازيها ومواساتها لجمهورية مصر العربية، في ضحايا حادث سقوط طائرة تدريب عسكرية تابعة للقوات الجوية المصرية، والذي أسفر عن استشهاد طاقم الطائرة نتيجة عطل فني مفاجئ. وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الخارجية البحرينية تضامن المملكة الكامل مع مصر في هذا المصاب الأليم، معربة عن تعاطفها مع أسر الشهداء وذويهم، وسائلة الله عز وجل أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يسكنهم فسيح جناته، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.وتأتي هذه الرسالة في إطار العلاقات الأخوية الوثيقة التي تجمع بين البلدين، والتأكيد المستمر على دعم البحرين لمصر في مختلف المواقف والظروف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store