
لماذا يفتقدُ التشيّعُ العلامة محمد حسين فضل الله؟!
فضل الله الذي توفي قبل نحو 15 عاماً، كان يشدد على "مسؤوليَّة الإنسان في مواجهة الخرافات وتعزيز العقل"، معتبراً أن "علينا أن نقوم بثورة ضدّ الخرافات، وضدّ كلّ الأشياء التي ماتت مع الماضي".
هذا الموقف لدى العلامة محمد حسين فضل الله، مرده إلى أنه كان يرقب بقلق ازدياد الخطاب الطقوسي – الغرائبي في الأوساط الإسلامية بعامة، والشيعية بخاصة. وهو خطاب ابتعد عن روح الدين وقيمه العليا وغاياته السامية التي جاء الأنبياء من أجل تحقيقها، وراح يركز على الهامش، بل هامش الهامش، مبتكراً ممارسات لا علاقة لها بالدين، ومانحاً إياها هالة قدسية، تكبر شيئاً فشيئاً مع السنوات، وتستحيل وكأنها جزء من الشريعة، وهنا مكمن خطرها!
في آخر زيارة للمرجع فضل الله في مكتبه في ضاحية بيروت الجنوبية، قُبيل وفاته ببضعة أشهر، كان في حديثه إليّ مع الصديقين منصور النقيدان وحبيب آل جميع، صريحاً، مبدياً قلقه من سطوة التخلف الذي يتمدد، ومستفيضاً في حديثه عن عظم الخطر الحاصل نتيجة سكوت المرجعيات الدينية عن الممارسات غير العقلانية التي يقوم بها رهطٌ من الأتباع.
لقد كان فضل الله يؤمن بـ"الصدمة" كمنهجية للتغيير في العديد من المفاصل، وفي التفكير الماضوي لكي تخلخل بنيانه الصلب، وتدفع العقل نحو التفكير الحر. لا بد من أن تحدث صدمة لدى المجتمع، تقوده إلى الاستفاقة، والسؤال تالياً، وبالتالي الخروج من سيطرة الدعاة المروجين للخرافة والجهل.
في الزمن الحاضر، وإذ تنتشر مئات الفيديوات في وسائل التواصل الاجتماعي، لدعاة يروّجون لأساطير باسم الدين، أو يحثون على طقوس غير عقلانية باسم الشعائر الحسينية، وسط هذه الكثافة من الخطاب التسطيحي، يفتقد التشيعُ شخصية برجاحة عقل السيد محمد حسين فضل الله وجرأته وصراحته، هو الذي كان يشير إلى موضوع الخلل من دون خوف من أن يفقد جمهوره، أو أن يكيد له الخصوم!
هنالك كثيرٌ من العلماء اليوم يرفضون بصمتٍ الممارسات الرثة باسم "عاشوراء"، والغلو في الخطاب الحسيني، إلا أنهم لا يقفون بشجاعة في مواجهة هذه الظواهر التي تختطف التشيع وتحوله إلى مجرد مذهب طقوسي، على خلاف ما جاء في سيرة أئمة آل بيت النبي محمد، والذين كانت العديد من أحاديثهم تحث على إعمال العقل والتبصر والبعد عن الغلو.
العامةُ اليوم، والجمهور الغفير، صارت لهم سطوتهم التي يخشاها العلماء، لذا، لزمَ العديد من الفقهاء الحياد السلبي، وتركوا لأصحاب الخطاب التجيهيلي أن يمتطوا صهوة المنابر الحسينية، من دون مساءلة أو وضع حدود تحفظ الدين من الرثاثة التي يروج له هؤلاء الدعاة!
الأدهى، أن هنالك فقهاء يتبنون هذه الخطابات، ويستندون إلى أحاديث ضعيفة أو موضوعة، من دون التثبت من سندها، مغفلين الكليات الكبرى للدين والعقل.
هنالك شريحة واسعة من المسلمين الشيعة، ترفض هذه الخطابات التجهيلية، وتشمئزُ منها، وتنتقدها في المجالس الخاصة، وهنالك مثقفون وعلماء تحدثوا صراحة عنها في وسائل الإعلام؛ إلا أن صوت هؤلاء خفيض، والحاجة ماسة لفقهاء كبار مثل العلامة محمد حسين فضل الله، كي يعيدوا الاعتبار لمعنى الدين الإسلامي ومكانة العقل، ويحرروا التشيع المختطفَ من ربقةِ الخطباء والمنشدين القليلي العلم، المحدودي الخبرة، والفاقدين للبصيرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
في رحاب الجامع الأزهر.. الأمانة والمسئولية محور ندوة الأسبوع الدعوي التاسع
نظّمت اللجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، بالتعاون مع الجامع الأزهر، الندوة الرابعة ضمن فعاليات الأسبوع الدعوي التاسع، تحت عنوان: 'الأمانة والمسؤولية ودَورهما في صيانة الحقوق وأداء الواجبات'. وحضر اللقاء الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور أيمن الحجار، الباحث بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، وأدار الندوة الدكتور يوسف منسي، عضو أمانة اللجنة العليا لشؤون الدعوة. تأتي الفعالية في ضوء توجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وباعتماد فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر. الدكتور محمود الهواري: الأخلاق لا تقل منزلة عن العبادات وخلال كلمته، أكد الدكتور محمود الهواري، أن الأخلاق لا تقل منزلة عن العبادات، موضحًا أن المسلم كما يُطالَب بالصلاة والزكاة والصيام والحج، يُطالَب كذلك بطهارة القلب وحُسن الخلق والسلوك، مضيفًا أن الأمانة خلقٌ جوهري في الإسلام، وأن الناس اختزلوها في مجرد "الوديعة" في حين أن معانيها أوسع وأشمل. وبيَّن أن النبي ﷺ كان نموذجًا للأمانة في كل حالاته: في السلم والحرب، في الغضب والرضا، فاستحق لقب "الصادق الأمين" حتى قبل بعثته، موضحًا أن من صور الأمانة: أمانة العرض والكلمة، حيث قال ﷺ: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، مؤكدًا أن التخلق بالأمانة ضرورة في كل موقع ومجال. من جانبه، أوضح الدكتور أيمن الحجار، أن الأمانة أمرٌ رباني محبوب إلى الله، مستشهدًا بقوله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا"، وفي المقابل نهى الله تعالى عن الخيانة حيث قال:"إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كفور"، مبينًا أن التفريط في الأمانة ظلمٌ للنفس وللناس، مشددًا على أن اللسان أمانة، فكل كلمة تخرج من الفم تُعبر عن القلب، داعيًا إلى التفكير في رضا الله قبل النطق بأي كلمة. وأشار إلى أن الأبناء والأسرة والعلم أمانات، ينبغي رعايتها وأداء حقوقها، كما أن الأوطان أمانة يجب الحفاظ عليها والتصدي لمن يسعى لإضعافها بأفكار مغلوطة أو مدمرة. وفي كلمته التي أدار بها الندوة، أكد الدكتور يوسف منسي أن الأمانة مسؤولية عظيمة، وقد عرضها الله على السموات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وقبلها الإنسان رغم ثقلها، كما في قوله تعالى: "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"، لافتًا إلى أن القيم التي يتغنّى بها الغرب قد تُكتب وتُمحى، بينما الأمانة التي أمرنا الله بها هي جزء من الدين والعقيدة، مشيرًا إلى قوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ" [المؤمنون: 8]، موصيًا بترجمة الأمانة إلى واقع عملي، وسلوك يومي يعكس التمسك بهذا الخلق في القول والفعل. وتُختتم فعاليات الأسبوع الدعوي التاسع، الذي يُقام تحت شعار: "القيم الإسلامية حصن الأوطان ونبض الاستقرار"، يوم الخميس المقبل، وتشهد أنشطة متنوعة ولقاءات فكرية وندوات علمية يُحاضر فيها نخبة من كبار علماء الأزهر الشريف، بهدف ترسيخ القيم، وبناء وعي ديني وأخلاقي، يعزز استقرار المجتمع ويُحصّن الشباب من الانحرافات الفكرية.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
أمين الفتوى يحذر من تحول الأخلاق لسوق نخاسة على السوشيال
قال الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن من يبرر للظالم، ويزيف الحقيقة الواضحة، أو يحاول تلميع وجه المعتدي، إنما يشارك في الجريمة نفسها، ويخون القيم التي جاء بها الإسلام ورفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم أرنا الحق حقاً وأضاف «الورداني»، في تصريح له، أن دعاء النبي ﷺ: "اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه"، يُلزم الإنسان بأن يكون صادقًا في بصيرته، وألا يبيع الحقيقة بأي ثمن، مستشهدًا بقول الله تعالى: "بل الإنسان على نفسه بصيرة". الأخطر من سوق النخاسة وشدد على أن الأخطر من سوق النخاسة الذي باع فيه الناس أجسادهم، هو "سوق نخاسة القيم"، حين يتحول الإنسان إلى أداة لتزييف الأخلاق، وتبرير الباطل، وتبرئة المجرم، وتجريم الشريف، مضيفًا: "من يتحدث باسم الدين لتبرير العدوان، هو تاجر في الدين، يبيع الأخلاق كما تُباع البضائع في الأسواق". قول كلمة الحق وأشار الورداني إلى أن من يعجز عن قول كلمة الحق في وجه الظالم، وينسى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ربه: 'إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا'، قد فقد إنسانيته، مضيفًا: "من يحصن وجه الكيان المعتدي ويخدم روايته، هو شريك في استمرار هذه الجريمة". جعلوا من الدين سلعة وتابع: "لقد كشف الله سبحانه وتعالى حقيقة الكثيرين، وفضح من جعلوا من الدين سلعة، ومن الكرامة صفقة، ومن العدالة ورقة تفاوض، هؤلاء لم يعودوا يمثلون إلا أنفسهم، ولن يعجز الله عن أن يُظهر الحق مهما حاول البعض دفنه أو الالتفاف عليه"


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
الأزهري يهنئ نظيره الأردني بتجديد الثقة الملكية بتوليه حقيبة الأوقاف
هنأ الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، الدكتور محمد أحمد مسلم الخلايلة، وزير الأوقاف والشئون والمقدسات الإسلامية بالمملكة الأردنية الهاشمية، على تجديد ثقة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، به وزيرًا للأوقاف لفترة جديدة، سائلًا الله (عز وجل) له دوام التوفيق والسداد، ومزيدًا من النجاح في أداء رسالته الدعوية والوطنية. ويُعد الأستاذ الدكتور محمد الخلايلة من الرموز العلمية والدعوية البارزة، حيث حصل على وسام الملك عبد الله الثاني للتميز من الدرجة الثانية، تقديرًا لجهوده في الإفتاء، وإبراز صورة الإسلام المشرقة، وترسيخ قيمه الإنسانية النبيلة، ومفاهيم الوسطية والاعتدال. كما منحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، تقديرًا لعطائه المتميز في خدمة الفكر الوسطي والتعاون العلمي والدعوي بين البلدين.