
مؤتمر مجموعة السبع: قوى الهيمنة والجنوب العالمي
فلسطين اليوم
الكاتب: خالد بركات
في كل عام، تجتمع الدول الصناعية السبع الأكثر ثراءً وتأثيرًا في المنظومة الرأسمالية العالمية تحت عنوان «التنسيق الدولي» و«معالجة التحديات المشتركة». الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، واليابان، يجتمعون في منتجعات فاخرة وقلاع تاريخية، يتبادلون الخطابات المنمقة حول «السلام»، «الاستقرار»، و«النمو الشامل». لكن الحقيقة التي تتوارى خلف الأضواء والمؤتمرات الصحفية هي أن هذه المجموعة ليست سوى أداة ناعمة لتجديد الهيمنة الغربية الاستعمارية على العالم، وتحديدًا على شعوب الجنوب العالمي.
ويحرص هؤلاء في العادة على عدم عقد قمتم داخل المدن حتى لا تضطر إلى مواجهة مظاهرات شعبية حاشدة من قبل قوى يسارية ونشطاء الدفاع عن البيئة وأنصار فلسطين بسبب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة منذ أكثر من 20 شهراً فيما تتورط هذه الدول في دعم وتمويل الكيان الصهيوني ومؤسساته.
تركيبة استعمارية بلباس جديد
تعود جذور "مجموعة السبع" إلى سبعينيات القرن الماضي، حين اجتمعت القوى الصناعية الغربية لمواجهة الاتحاد السوفياتي وتنسيق سياساتها الاقتصادية في وجه الأزمات، لكن من اللحظة الأولى، لم تكن المجموعة سوى استجابة نُخبوية للمحافظة على النظام الرأسمالي العالمي، وتوجيه دفة الاقتصاد الدولي بما يخدم مصالح الشركات الكبرى والدول الإمبريالية، فهذه الدول هي نفسها التي بنت ثرواتها عبر قرون من الاستعمار، العبودية، والحروب الاستعمارية. واليوم، تُعيد إنتاج علاقاتها التسلطية من خلال أدوات أكثر "أناقة" مثل التجارة الحرة، القروض المشروطة، والمساعدات الموجّهة
تغييب الجنوب وتكريس التبعية
لا يملك الجنوب العالمي – بأفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية، والعالم العربي – أي تمثيل أو تأثير داخل مجموعة السبع، رغم أنه يشكّل الغالبية البشرية على الكوكب، ورغم أنه الأكثر تأثّرًا بسياسات هذه المجموعة. بل إن ما يُطرح من قضايا في قمم G7 مثل «الأمن الغذائي»، «التنمية»، أو «تغير المناخ»، لا يتم إلا من زاوية مصالح الدول الغنية، وكأن شعوب العالم الأخرى مجرد "مواضيع للإدارة" وليست شركاء في القرار
تتخذ الدول السبع القرارات التي تمس حياة المليارات دون أي مساءلة، وتفرض على الدول النامية وصفات اقتصادية كارثية عبر أدوات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وهذه السياسات ليست محايدة، بل تخدم مصالح رأس المال الغربي وتُجهض مشاريع التنمية المستقلة، وتقود إلى خصخصة التعليم والصحة، وتجفيف القطاع العام، وتحويل الدول إلى أسواق ومصادر خام خاضعة للنهب. ناهيك عن فرض شروطها السياسية عبر بوابة الاقتصاد.
روسيا وتجميد العضوية: الديمقراطية على طريقة الغرب الاستعماري
حتى عام 2014، كانت روسيا عضوًا فيما كان يُعرف بمجموعة الثماني (G8) إلى جانب الدول الصناعية السبع الكبرى. إلا أن ضمّها لشبه جزيرة القرم – ضمن صراع جيوسياسي طويل الجذور في الفضاء السوفييتي السابق – قوبل بردّ فعل غربي حاد، تمثّل في تجميد عضويتها وإعادتها إلى موقع "العدو التقليدي" في العقلية الاستعمارية الغربية. لكن ما لم يُذكر هو أن روسيا لم تُقصَ بسبب "خرق القانون الدولي" فحسب – فمثل هذه الخروقات تُرتكب يوميًا من قبل حلفاء الغرب دون أي عقوبة – بل لأنها خرجت عن الدائرة الأمريكية وبدأت في تشكيل محور دولي مستقل، سواء في التعاون مع الصين، أو دعمها لقوى مناهضة للهيمنة الغربية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
تجميد عضوية روسيا لم يكن تعبيرًا عن "قيم ديمقراطية"، بل خطوة في سياق إعادة رسم خريطة الاصطفاف العالمي وفقًا لمصالح رأس المال الغربي، وتذكير لأي دولة طموحة بأن الخروج من بيت الطاعة الأمريكي يعني العزل، العقوبات، والحصار الإعلامي والسياسي. إنها نفس القواعد التي تُطبّق على فنزويلا، إيران، كوبا، أو أي بلد يسعى للاستقلال الفعلي عن مراكز القوة الغربية
ازدواجية المعايير وصناعة الأعداء
لا يمكن الحديث عن مجموعة السبع دون التوقف عند الازدواجية الأخلاقية والسياسية الصارخة في خطابها. فهي تدّعي احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، لكنها تدعم جرائم الحرب الإسرائيلية، تحمي العدوان الأمريكي، وتفرض العقوبات الجماعية على شعوب بأكملها – من كوبا إلى سوريا إلى فنزويلا – لأنها فقط تجرأت على الحفاظ على استقلالها.
اليوم، تضع المجموعة في سلّم أولوياتها "احتواء الصين"، و"عزل روسيا"، و"منع التحول في ميزان القوى الدولي"، بما يكشف أن هدفها الحقيقي ليس الاستقرار، بل الحفاظ على التفوق الغربي بأي ثمن، ولو أدى ذلك إلى إشعال الحروب، كما نرى في أوكرانيا، وغدًا ربما في شرق آسيا أو الشرق الأوسط.
تزعم الدول السبع أنها تقود العالم في مواجهة التغير المناخي، لكنها ترفض الاعتراف بمسؤوليتها التاريخية عن الكارثة البيئية. وتروّج لمشاريع "التحول الأخضر" بشرط أن تبقى دول الجنوب مجرد مورّد للمواد الخام والطاقة البديلة، لا شريكًا في الإنتاج والتوزيع. بل تُستخدم شعارات مثل "التمكين"، و"الحوكمة الرشيدة"، و"مكافحة الفقر" كأدوات ضغط سياسي وابتزاز اقتصادي، تخفي وراءها أطماعًا جديدة بثوب إنساني
في وجه هذه المنظومة الاستعمارية المعولمة، تبرز ضرورة بناء تحالفات جنوب-جنوب، وتفعيل أدوات المقاومة الاقتصادية والسياسية والثقافية. المطلوب ليس الانخراط في مسرحيات "الإصلاح من الداخل"، بل تفكيك البنى السياسية والاقتصادية التي ترسّخ التبعية، والانحياز إلى خيارات التحرر الشعبي، والاقتصاد التضامني، والسيادة الوطنية
تستضيف كندا اليوم قمة مجموعة السبع في منتجع كاناناسكيس بجبل روكي، تحت رئاسة رئيس الوزراء مارك كارني الذي تولّى مهام الرئاسة منذ 1 يناير 2025
ويستفيد المضيف من هذه اللحظة لعرض 'جدول أعمال سلام وأمن عالمي'، تشمل تعزيز أمن الطاقة، واستقرار السلاسل الحيوية، والتسريع في التحول الرقمي بالذكاء الاصطناعي. لكن التوازن الذي يسعى إليه كارني هش، إذ عليه أن يضمّن روح "التضامن الغربي" مع إعادة الضغط على روسيا، رغم تباين المواقف داخل المجموعة، وأن يحافظ على وحدة خرقاء بعدما قرر عدم إصدار بيان ختامي موحّد، وهو ما مثّل سابقة سياسية تنبيهاً على الانقسامات وسط تصاعد النزاعات العالمية. كما أن هذه القمة تعقد في ظل جرائم الحرب الصهيونية في غزة والحرب الدائرة بين إيران والكيان الصهيوني
بالإضافة إلى ذلك، أثارت استضافة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وسط خلافات مع الجالية السيخية في كندا استياءً محلياً، وهو ما عكست احتجاجات راديكالية واتهامات بتطييع المصالح الاقتصادية على حساب القيم الإنسانية. كما تتصاعد أصوات مؤثرة للتحذير من سياسات ومواقف ترامب الذي باتت تراه كتلة شعبية كبيرة بوصفه بلطجي يثير انقسامات داخل مثل هذه التكتلات ويسعى لفرض شروطه على حلفاء الولايات المتحدة.
مجموعة السبع ليست نادياً للتعاون الدولي، بل تجسيداً لاستمرار النظام الرأسمالي المتوحش بلغة ناعمة، والردّ عليها لا يكون بالدعوات ولا البيانات، بل بالمقاومة، والمقاطعة، وبناء عالم جديد تُحدّده إرادة الشعوب لا إرادة المستعمرين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين اليوم
منذ 6 ساعات
- فلسطين اليوم
مؤتمر مجموعة السبع: قوى الهيمنة والجنوب العالمي
فلسطين اليوم الكاتب: خالد بركات في كل عام، تجتمع الدول الصناعية السبع الأكثر ثراءً وتأثيرًا في المنظومة الرأسمالية العالمية تحت عنوان «التنسيق الدولي» و«معالجة التحديات المشتركة». الولايات المتحدة، بريطانيا، كندا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، واليابان، يجتمعون في منتجعات فاخرة وقلاع تاريخية، يتبادلون الخطابات المنمقة حول «السلام»، «الاستقرار»، و«النمو الشامل». لكن الحقيقة التي تتوارى خلف الأضواء والمؤتمرات الصحفية هي أن هذه المجموعة ليست سوى أداة ناعمة لتجديد الهيمنة الغربية الاستعمارية على العالم، وتحديدًا على شعوب الجنوب العالمي. ويحرص هؤلاء في العادة على عدم عقد قمتم داخل المدن حتى لا تضطر إلى مواجهة مظاهرات شعبية حاشدة من قبل قوى يسارية ونشطاء الدفاع عن البيئة وأنصار فلسطين بسبب حرب الإبادة الجماعية التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة منذ أكثر من 20 شهراً فيما تتورط هذه الدول في دعم وتمويل الكيان الصهيوني ومؤسساته. تركيبة استعمارية بلباس جديد تعود جذور "مجموعة السبع" إلى سبعينيات القرن الماضي، حين اجتمعت القوى الصناعية الغربية لمواجهة الاتحاد السوفياتي وتنسيق سياساتها الاقتصادية في وجه الأزمات، لكن من اللحظة الأولى، لم تكن المجموعة سوى استجابة نُخبوية للمحافظة على النظام الرأسمالي العالمي، وتوجيه دفة الاقتصاد الدولي بما يخدم مصالح الشركات الكبرى والدول الإمبريالية، فهذه الدول هي نفسها التي بنت ثرواتها عبر قرون من الاستعمار، العبودية، والحروب الاستعمارية. واليوم، تُعيد إنتاج علاقاتها التسلطية من خلال أدوات أكثر "أناقة" مثل التجارة الحرة، القروض المشروطة، والمساعدات الموجّهة تغييب الجنوب وتكريس التبعية لا يملك الجنوب العالمي – بأفريقيا، آسيا، أمريكا اللاتينية، والعالم العربي – أي تمثيل أو تأثير داخل مجموعة السبع، رغم أنه يشكّل الغالبية البشرية على الكوكب، ورغم أنه الأكثر تأثّرًا بسياسات هذه المجموعة. بل إن ما يُطرح من قضايا في قمم G7 مثل «الأمن الغذائي»، «التنمية»، أو «تغير المناخ»، لا يتم إلا من زاوية مصالح الدول الغنية، وكأن شعوب العالم الأخرى مجرد "مواضيع للإدارة" وليست شركاء في القرار تتخذ الدول السبع القرارات التي تمس حياة المليارات دون أي مساءلة، وتفرض على الدول النامية وصفات اقتصادية كارثية عبر أدوات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وهذه السياسات ليست محايدة، بل تخدم مصالح رأس المال الغربي وتُجهض مشاريع التنمية المستقلة، وتقود إلى خصخصة التعليم والصحة، وتجفيف القطاع العام، وتحويل الدول إلى أسواق ومصادر خام خاضعة للنهب. ناهيك عن فرض شروطها السياسية عبر بوابة الاقتصاد. روسيا وتجميد العضوية: الديمقراطية على طريقة الغرب الاستعماري حتى عام 2014، كانت روسيا عضوًا فيما كان يُعرف بمجموعة الثماني (G8) إلى جانب الدول الصناعية السبع الكبرى. إلا أن ضمّها لشبه جزيرة القرم – ضمن صراع جيوسياسي طويل الجذور في الفضاء السوفييتي السابق – قوبل بردّ فعل غربي حاد، تمثّل في تجميد عضويتها وإعادتها إلى موقع "العدو التقليدي" في العقلية الاستعمارية الغربية. لكن ما لم يُذكر هو أن روسيا لم تُقصَ بسبب "خرق القانون الدولي" فحسب – فمثل هذه الخروقات تُرتكب يوميًا من قبل حلفاء الغرب دون أي عقوبة – بل لأنها خرجت عن الدائرة الأمريكية وبدأت في تشكيل محور دولي مستقل، سواء في التعاون مع الصين، أو دعمها لقوى مناهضة للهيمنة الغربية في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. تجميد عضوية روسيا لم يكن تعبيرًا عن "قيم ديمقراطية"، بل خطوة في سياق إعادة رسم خريطة الاصطفاف العالمي وفقًا لمصالح رأس المال الغربي، وتذكير لأي دولة طموحة بأن الخروج من بيت الطاعة الأمريكي يعني العزل، العقوبات، والحصار الإعلامي والسياسي. إنها نفس القواعد التي تُطبّق على فنزويلا، إيران، كوبا، أو أي بلد يسعى للاستقلال الفعلي عن مراكز القوة الغربية ازدواجية المعايير وصناعة الأعداء لا يمكن الحديث عن مجموعة السبع دون التوقف عند الازدواجية الأخلاقية والسياسية الصارخة في خطابها. فهي تدّعي احترام القانون الدولي وحقوق الإنسان، لكنها تدعم جرائم الحرب الإسرائيلية، تحمي العدوان الأمريكي، وتفرض العقوبات الجماعية على شعوب بأكملها – من كوبا إلى سوريا إلى فنزويلا – لأنها فقط تجرأت على الحفاظ على استقلالها. اليوم، تضع المجموعة في سلّم أولوياتها "احتواء الصين"، و"عزل روسيا"، و"منع التحول في ميزان القوى الدولي"، بما يكشف أن هدفها الحقيقي ليس الاستقرار، بل الحفاظ على التفوق الغربي بأي ثمن، ولو أدى ذلك إلى إشعال الحروب، كما نرى في أوكرانيا، وغدًا ربما في شرق آسيا أو الشرق الأوسط. تزعم الدول السبع أنها تقود العالم في مواجهة التغير المناخي، لكنها ترفض الاعتراف بمسؤوليتها التاريخية عن الكارثة البيئية. وتروّج لمشاريع "التحول الأخضر" بشرط أن تبقى دول الجنوب مجرد مورّد للمواد الخام والطاقة البديلة، لا شريكًا في الإنتاج والتوزيع. بل تُستخدم شعارات مثل "التمكين"، و"الحوكمة الرشيدة"، و"مكافحة الفقر" كأدوات ضغط سياسي وابتزاز اقتصادي، تخفي وراءها أطماعًا جديدة بثوب إنساني في وجه هذه المنظومة الاستعمارية المعولمة، تبرز ضرورة بناء تحالفات جنوب-جنوب، وتفعيل أدوات المقاومة الاقتصادية والسياسية والثقافية. المطلوب ليس الانخراط في مسرحيات "الإصلاح من الداخل"، بل تفكيك البنى السياسية والاقتصادية التي ترسّخ التبعية، والانحياز إلى خيارات التحرر الشعبي، والاقتصاد التضامني، والسيادة الوطنية تستضيف كندا اليوم قمة مجموعة السبع في منتجع كاناناسكيس بجبل روكي، تحت رئاسة رئيس الوزراء مارك كارني الذي تولّى مهام الرئاسة منذ 1 يناير 2025 ويستفيد المضيف من هذه اللحظة لعرض 'جدول أعمال سلام وأمن عالمي'، تشمل تعزيز أمن الطاقة، واستقرار السلاسل الحيوية، والتسريع في التحول الرقمي بالذكاء الاصطناعي. لكن التوازن الذي يسعى إليه كارني هش، إذ عليه أن يضمّن روح "التضامن الغربي" مع إعادة الضغط على روسيا، رغم تباين المواقف داخل المجموعة، وأن يحافظ على وحدة خرقاء بعدما قرر عدم إصدار بيان ختامي موحّد، وهو ما مثّل سابقة سياسية تنبيهاً على الانقسامات وسط تصاعد النزاعات العالمية. كما أن هذه القمة تعقد في ظل جرائم الحرب الصهيونية في غزة والحرب الدائرة بين إيران والكيان الصهيوني بالإضافة إلى ذلك، أثارت استضافة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وسط خلافات مع الجالية السيخية في كندا استياءً محلياً، وهو ما عكست احتجاجات راديكالية واتهامات بتطييع المصالح الاقتصادية على حساب القيم الإنسانية. كما تتصاعد أصوات مؤثرة للتحذير من سياسات ومواقف ترامب الذي باتت تراه كتلة شعبية كبيرة بوصفه بلطجي يثير انقسامات داخل مثل هذه التكتلات ويسعى لفرض شروطه على حلفاء الولايات المتحدة. مجموعة السبع ليست نادياً للتعاون الدولي، بل تجسيداً لاستمرار النظام الرأسمالي المتوحش بلغة ناعمة، والردّ عليها لا يكون بالدعوات ولا البيانات، بل بالمقاومة، والمقاطعة، وبناء عالم جديد تُحدّده إرادة الشعوب لا إرادة المستعمرين.


فلسطين أون لاين
٠٥-٠٦-٢٠٢٥
- فلسطين أون لاين
الاحتلال يضرب النظام المالي الفلسطيني بمداهمات مراكز الصرافة في الضفة الغربية
غزة/ رامي محمد تشهد الضفة الغربية المحتلة موجة تصعيد غير مسبوقة باستهداف الاحتلال الإسرائيلي للمؤسسات المالية الفلسطينية، في خطوة تُعد هجومًا ممنهجًا على البنية الاقتصادية الوطنية. فقد شنّت قوات الاحتلال خلال الأشهر الماضية عشرات المداهمات العسكرية التي طالت محالّ الصرافة وتجارة الذهب، تحت ذريعة واهية بتمويل "نشاطات غير قانونية"، في تجاهل فاضح للقانون الدولي والأنظمة المالية المعمول بها عالميًا. ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه الممارسات ليست سوى محاولة مباشرة لخنق الاقتصاد الفلسطيني وتدمير ركائزه، من خلال تجفيف موارده النقدية وشلّ قدرته على الاستمرار، في مشهد ينذر بانهيار مالي وشيك. وطالب هؤلاء الخبراء سلطة النقد الفلسطينية بالتحرك الفوري على الساحة الدولية، وتقديم شكاوى رسمية إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، للضغط على الاحتلال ووقف هذه الاعتداءات التي تهدد النظام المالي الفلسطيني بأكمله. وأوضح د. هيثم دراغمة، الاختصاصي الاقتصادي، أن الاحتلال نفّذ منذ مطلع عام 2024 أكثر من 60 مداهمة لمكاتب صرافة منتشرة في مدن الضفة، وصادر خلالها ما يزيد على 35 مليون شيكل من أموال المواطنين والمؤسسات، دون أي إجراءات قانونية أو قضائية، في عمليات وصفها بأنها "سطو مسلح بغطاء رسمي". وأضاف دراغمة لـ "فلسطين أون لاين": "تتم هذه الاقتحامات بآليات عسكرية، دون أوامر تفتيش أو رقابة قانونية، مما يزرع الخوف والارتباك بين أصحاب رؤوس الأموال والمتعاملين، ويقوّض الثقة بالنظام المالي الفلسطيني". وبحسب بيانات رسمية، تُمثّل مكاتب الصرافة أكثر من 30% من حجم التحويلات النقدية اليومية داخل الأراضي الفلسطينية، بينما تعتمد غالبية الأسر الفلسطينية على التحويلات من الخارج لتأمين احتياجاتها المعيشية، ما يجعل استهداف هذه المؤسسات ضربة مباشرة للأمن المالي والاجتماعي. وفي السياق ذاته، شدد د. نور أبو الرب، الاختصاصي الاقتصادي، على أن الهجمة الإسرائيلية تستهدف بشكل مباشر تقويض ثقة المواطنين بالقطاع المالي، وإحداث شلل في الحركة التجارية، خاصة في المدن الكبرى مثل رام الله ونابلس والخليل، التي تُعد أعمدة الاقتصاد الفلسطيني. وأشار أبو الرب لـ"فلسطين أون لاين" إلى أن تعطيل عمل مكاتب الصرافة سيؤدي إلى شلل في صرف الرواتب، وتعطيل المعاملات المالية، وتجميد التحويلات النقدية التي تصل شهريًا إلى أكثر من 250 مليون دولار، ما يضع الاقتصاد الفلسطيني أمام كارثة وشيكة. وحذّر أبو الرب من تداعيات استمرار هذا النهج، الذي سيتسبب في انسحاب رؤوس الأموال، وتزايد التداول النقدي خارج الإطار الرسمي، مما يُفقد سلطة النقد أدوات الرقابة، ويخلق بيئة خصبة للتضخم والفوضى الاقتصادية. وأكدت سلطة النقد أن مكاتب الصرافة مرخّصة وتخضع لرقابة صارمة، وتلتزم بمعايير الشفافية ومكافحة غسل الأموال وفق المعايير الدولية. ونفت السلطة بشكل قاطع المزاعم الإسرائيلية، وناشدت المؤسسات المالية الدولية بالتدخل. المصدر / فلسطين أون لاين


معا الاخبارية
١٠-٠٤-٢٠٢٥
- معا الاخبارية
مقترح مصري جديد لإبرام صفقة تبادل ووقف إطلاق النار
بيت لحم معا- كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الخميس أن بلاده قدمت مقترحا جديدا لإسرائيل وحماس لإبرام صفقة تبادل. وقال وزير الخارجية إن الجانبين يتشاوران حاليا بشأن مقترح يهدف إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين والاسرى الفلسطينيين. وأضاف عبد العاطي أن " الجهود مستمرة مع كافة الأطراف ، وهم على اطلاع بتفاصيل المقترح المصري". "نأمل أن تقبل الأطراف هذا الاقتراح حتى نتمكن من الدخول في مرحلة من التهدئة تسمح بالإفراج عن عدد من الاسرى من الطرفين وتمنح سكان قطاع غزة بعض مساحة التنفس بعد هذه الحرب الرهيبة" وأكد وزير الخارجية المصري أن الجهود المصرية تبذل بالتنسيق الوثيق مع قطر، ولن تتوقف حتى تنجح في تحقيق وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، والعودة إلى اتفاق وقف إطلاق النار. وحينها فقط، بحسب العاطي، سيكون بمقدور الأطراف الدخول في مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق. وبالتوازي مع جهود الوساطة في صفقة الأسرى، تجري محادثات أيضاً بشأن خطة إعادة إعمار غزة التي قدمتها مصر. وتقدر قيمة الخطة التي عرضت في القمة العربية في الرابع من مارس/آذار بنحو 53 مليار دولار، ومن المقرر أن تستمر لمدة خمس سنوات. وبحسب التقارير فإن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الخطة. وأضاف عبد العاطي أن مصر على تواصل يومي مع الأمم المتحدة ومكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش والبنك الدولي واليابان والاتحاد الأوروبي وكل الجهات الإقليمية والدولية ذات الصلة بشأن خطة إعادة الاعمار . وقال إن مصر تنتظر وقف إطلاق النار لتحديد موعد عقد مؤتمر حول خطة إعادة الاعمار وجمع التمويل اللازم لها. أوضح وزير الخارجية المصري أن "وقف إطلاق النار سيؤدي إلى هدنة على الأرض ووقف كامل للحرب، وهو ما سيؤدي إلى تنفيذ مشاريع التعافي في المرحلة الأولى، ثم عمليات إعادة التأهيل على مرحلتين، وفقا للجدول الزمني للخطة". واكد عبد العاطي موقف مصر من خطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم: "الموقف المصري واضح، وهو الرفض التام لأي خطة لطرد الفلسطينيين من أراضيهم، سواء بالقوة أو طواعية. هذا أمر مرفوض".