logo
سواعد وطنية تزرع الوعي وتحصّن بيئة الحرم والمشاعر المقدسةالحج بين قدسية العبادة والحفاظ على البيئة

سواعد وطنية تزرع الوعي وتحصّن بيئة الحرم والمشاعر المقدسةالحج بين قدسية العبادة والحفاظ على البيئة

الرياضمنذ 4 أيام

التقنيات الحديثة.. ابتكارات تصنع الفرق
يُعد الحج واحدًا من أعظم الشعائر الإسلامية وأركان الإسلام الخمسة، حيث يجتمع المسلمون من شتى بقاع الأرض في زمانٍ ومكانٍ واحد لأداء مناسك تعبّدية تعبّر عن التوحيد والخضوع لله عز وجل، حاملين أرواحهم إلى الله، وأمنياتهم إلى السماء مناجين الله بها.
ومع هذا التزايد المستمر في أعداد الحجاج سنويًا، برزت الحاجة إلى النظر في الجوانب البيئية لهذا التجمع البشري الضخم، لما له من تأثيرات مباشرة على الموارد الطبيعية والنظام البيئي.
ومن هنا تبرز أهمية ربط فريضة الحج بمفاهيم الاستدامة البيئية، التي تعني استخدام الموارد بشكل يُحافظ عليها للأجيال القادمة، ويقلل من الأضرار البيئية الناتجة عن النشاطات البشرية، حيث إن السعي لتحقيق حج مستدام بيئيًا لا يعكس فقط الالتزام بالشريعة في عبادتنا، بل ينسجم أيضًا مع مبدأ الاستخلاف في الأرض، ويعزز من وعي الحاج بمسؤوليته تجاه البيئة، بدءًا من تقليل النفايات، مرورًا باستخدام وسائل نقل صديقة للبيئة، وصولًا إلى ترشيد استهلاك المياه والطاقة، حيث أن هذه التحديات البيئية الضخمة تتطلب تخطيطًا محكمًا وإجراءات مدروسة لتحقيق التوازن بين أداء الشعائر والحفاظ على البيئة.
استدامة بيئية تقودها المملكة
لا تكتفي المملكة بالنجاح في جوانب التنظيم الأمني والإداري، بل تخطو خطوات نوعية نحو ترسيخ مفهوم «الاستدامة البيئية في الحج»، إدراكًا منها بأن حماية البيئة ضرورة لا تقل أهمية عن أي جانب آخر في إدارة هذا الحدث الاستثنائي.
وعلى صعيدٍ ذي صلة، تظهر جهود المملكة جليّة وواضحة في إدارة هذا الحدث الضخم، حيث ان «قطار المشاعر المقدسة» أحدث نقلة نوعية كبيرة بتقليص الحاجة إلى عشرات الآلاف من الحافلات، مما ساهم في تقليل الانبعاثات وتحسين جودة الهواء، ولم تتوقف المبادرات عند هذا الحد، بل شملت كذلك استخدام الطاقة النظيفة، واعتماد الحافلات الذكية، وتنفيذ مشاريع مبتكرة كتقنية تبريد الطرق، وكلها خطوات تؤكد على أن المملكة تتبنى الاستدامة كمسار استراتيجي، وليس مجرد خيار.
ورغم هذا التقدم اللافت، فإن الحفاظ على البيئة لا يمكن أن يكون مسؤولية جهة واحدة فقط، بل هو التزام جماعي تشارك فيه الدولة والحاج معًا، حيث أن العادات اليومية التي قد تبدو بسيطة كالإفراط في استهلاك المياه أثناء الوضوء، أو ترك المخلفات بعد تناول الوجبات، أو شراء ملابس تُستخدم ليوم أو يومين ثم تُرمى تُسهم مجتمعة في تشكيل أثر بيئي متراكم لا يمكن تجاهله، لا من الناحية الأخلاقية ولا من الزاوية العملية.
وفي السياق ذاته، تحدثت د. سحر مبارك الحامدي -استشارية استدامة بيئية تخصص البيئة والتنمية المستدامة من الجامعة الاسكندنافية بالسويد- حول أهمية الاستدامة البيئية في الحج، مؤكدة أن هذا المفهوم يتجاوز مجرد حماية الموارد، بل يعني ضمان جودة استمراريتها لما يزيد عن مئة عام، وفق ما ورد في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبيّنت أن هذا يتطلب وعيًا عميقًا ومسؤولية مشتركة تبدأ من الفرد وتُستكمل بالمؤسسات.
وأكدت أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- تبنّت مشاريع نوعية لتحقيق هذا الهدف، مثل تبريد الطرق، استخدام الطاقة النظيفة، قطار المشاعر، والتطبيقات الذكية التي تسهّل خدمات الحجاج.
وأضافت لذلك قائلة: «ينبغي أن نُحفّز الالتزام البيئي من خلال مبادرات مثل جائزة لأفضل خمسين خيمة خضراء، تلتزم بالنظافة وتطبيق المعايير البيئية، وتُنشر نتائجها عالميًا لتشجيع التنافس الإيجابي»، وأضافت أن الاستفادة من تصميم البيت الحرام بتنظيم الخيام بشكل دائري متدرج، واستخدام إضاءة الفلورنس الصديقة للبيئة، من الحلول الذكية التي تحترم المكان وتحمي الإنسان.
توعية قبل الوصول
تبرز الحاجة إلى تعزيز الوعي البيئي لدى الحجاج كضرورة ملحّة، ولا سيما مع التوجه الوطني الطموح نحو تحقيق الاستدامة في جميع القطاعات، ومنها قطاع الحج والعمرة، حيث إن حماية البيئة لم تعد مسألة اختيار، بل أصبحت ركيزة أساسية في إدارة هذا الحدث الاستثنائي الذي يجمع بين قداسة المكان واحتشاد الملايين في وقت واحد.
وتماشياً مع رؤية المملكة 2030، التي يقودها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- تتبنى المملكة نهجاً متكاملاً لترسيخ مفهوم «الاستدامة البيئية في الحج»، والذي يجمع بين التقنية الحديثة، والتخطيط الذكي، والتوعية المؤثرة، بهدف تحويل الحج إلى تجربة روحية وبيئية في آنٍ واحد.
حيث أكدت المملكة في أكثر من مناسبة أن الجانب البيئي لموسم الحج أصبح أولوية استراتيجية، ليس فقط لحماية المقدسات، بل أيضًا للحفاظ على البيئة الطبيعية المحيطة، وضمان استدامة الخدمات للأجيال القادمة، وهو توجه يعكس حرص القيادة الرشيدة على أن تظل المملكة نموذجًا عالميًا في الجمع بين القيم الدينية والممارسات البيئية المتقدمة.
وفي هذا السياق، تحدث أسامة إسماعيل - مدير أول للاستدامة - حول الوسائل التي يمكن استخدامها لتوعية الحجاج بيئيًا، قائلاً «تبدأ التوعية من اللحظة الأولى التي يقرر فيها الحاج أداء المناسك، أي قبل حتى أن تطأ قدمه الأراضي المقدسة. ومن هنا، يمكن الاستفادة من الحملات الرقمية الموجهة بلغات متعددة، وذلك بالتعاون مع جهات معنية مثل وزارة الحج والعمرة، وزارة البيئة، والمراكز الإسلامية المنتشرة في مختلف دول العالم.»
وأضاف: «إن من الوسائل الفعّالة أيضًا دمج الرسائل البيئية داخل تطبيقات الحج الرسمية، بحيث تصل إلى الحجاج على شكل تنبيهات ذكية تذكّرهم بترشيد استخدام المياه، وتشجعهم على فرز النفايات، وتدعوهم لتقليل استهلاك الموارد بشكل عام.»
وتابع أسامة حديثه مشيرًا إلى أن جهود التوعية لا تقتصر على الوسائل الرقمية، بل يمكن تعزيزها ميدانيًا من خلال اللافتات التوعوية في مناطق الحجاج، والشاشات التفاعلية داخل الفنادق والمخيمات، بالإضافة إلى توزيع مواد إرشادية مبسطة تسهل الفهم وتوسّع من أثر الرسالة.
وأشار أسامة إلى أهمية الدور التوعوي الذي يمكن أن يضطلع به المرشدون الدينيون، قائلاً: «إن إشراكهم في توصيل الرسالة البيئية بلغة دينية مؤثرة سيكون له أثر بالغ، إذ يمكن ربط مفاهيم النظافة والحفاظ على البيئة بمبادئ الطهارة والامتثال لأوامر الله، ما يضفي على السلوك البيئي بُعدًا روحانيًا مقنعًا وعميقًا.»
وعلى صعيدٍ ذي صلة، يشير أسامة إلى أن تعزيز ثقافة المسؤولية البيئية لا يقتصر على توعية الحجاج فقط، بل يبدأ من تخطيط الجهات المنظمة لهذا الحدث الاستثنائي.
وأوضح في حديثه قائلاً «السر في نجاح هذا التوجه يكمن في الدمج الذكي بين التخطيط البيئي المدروس والرسائل التوعوية المؤثرة، إذ تستطيع الجهات المعنية – وعلى رأسها وزارة الحج والعمرة وهيئة تطوير مكة – إدماج معايير الاستدامة في كافة تفاصيل التخطيط اللوجستي، بدءًا من تصميم أماكن السكن المؤقت باستخدام مواد قابلة لإعادة التدوير، وانتهاءً بإدارة الطاقة والمياه والنفايات بأساليب ذكية ومستدامة.»
كما نوّه في حديثه إلى أن تمكين الحجاج من تبني ممارسات صديقة للبيئة هو عامل حاسم في بناء ثقافة بيئية مستمرة، قائلاً: «يمكننا على سبيل المثال تشجيع الحجاج على استخدام عبوات المياه القابلة لإعادة الاستخدام بدلًا من البلاستيكية، وخلق نوع من المنافسة الإيجابية من خلال تخصيص حوافز رمزية للمخيمات التي تلتزم بأعلى معايير النظافة، والفرز السليم للنفايات.»
واختتم أسامة حديثه بالتأكيد على أن نجاح هذه الجهود يتطلب تكامل الأدوار بين الدولة والفرد، مشددًا في قوله على أن «تحقيق بيئة مستدامة في الحج ليس مسؤولية جهة بعينها، بل هو عمل جماعي يترجم القيم الإسلامية في صورة ممارسات حضارية، تحافظ على طهارة المكان وكرامة الإنسان.»
تقنية تخدم الاستدامة البيئية
شهد موسم الحج في السنوات الأخيرة تحولًا نوعيًا في تبنّي الابتكارات التقنية التي تهدف إلى دعم الاستدامة البيئية، وذلك ضمن إطار تطبيق حلول ذكية تسهم في تقليل الأثر البيئي ورفع كفاءة الخدمات المقدمة.
ومن أبرز هذه الابتكارات بطاقة الحج الذكية «نسك»، التي تُعد أحد المحاور الرئيسة في هذا التحول، إذ تتيح هذه البطاقة تحديد هوية الحاج، وتحتوي على بياناته الصحية والسكنية ومعلومات التنقل، مما يقلل بشكل كبير من استخدام الورق، ويُسهم في تحسين تنظيم الحشود والحد من التكدس، وبالتالي تقليل التلوث الناتج عن الازدحام وسوء إدارة الحركة.
كما تم تطبيق السوار الذكي الذي يمكّن من مراقبة الحالة الصحية للحجاج بشكل لحظي، من خلال قياس مؤشرات مهمة كأكسجين الدم ونبضات القلب، ويُعد هذا السوار أداة فاعلة تتيح للفرق الطبية سرعة الوصول إلى الحاج وتقديم المساعدة له في الحالات الطارئة، مما يعزز من السلامة العامة خلال موسم الحج.
إضافة إلى ذلك، برز دور الروبوتات الذكية التي استُخدمت في عمليات التعقيم داخل الأماكن المغلقة، إلى جانب توزيع عبوات مياه زمزم دون تلامس. وهذا الاستخدام الفعّال للتقنية لا يسهم فقط في تسهيل الخدمة، بل في الحفاظ على بيئة صحية وآمنة، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الأعداد الكبيرة للحجاج.
وفي إطار ذلك تحدث سعد بن شنار ـ المهندس الزراعي - حول أبرز التحديات التي قد تواجه استخدام التكنولوجيا في تحقيق أهداف الاستدامة البيئية خلال موسم الحج، مبينًا أن هذه الابتكارات رغم فوائدها الكبيرة، إلا أنها لا تخلو من بعض العقبات التي تستدعي الانتباه والمعالجة.
ومن بين هذه التحديات أوضح بن شنار في حديثه قائلاً «إن من أبرز هذه التحديات هي ضعف الوعي الرقمي لدى شريحة من الحجاج، ولا سيما كبار السن أو القادمين من دول تفتقر إلى بنية تحتية رقمية متقدمة، مما قد يصعّب عليهم التعامل مع التطبيقات والمنصات الذكية المستخدمة في تنظيم الخدمات». وأشار أيضًا بن شنار قائلاً «إن الازدحام وكثافة المستخدمين قد تُشكل ضغطًا كبيرًا على الشبكات والخوادم، وخاصة مع استخدام ملايين الحجاج لنفس التطبيقات في وقتٍ واحد، مما قد يؤثر على فاعلية الأنظمة الذكية ويحد من أدائها في لحظات حرجة».
نموذج عالمي مستدام
لا يمكن الحديث عن الاستدامة في الحج دون التوقف عند أحد أبرز عناصر نجاحها، وهي المشاركة المجتمعية من شباب وشابات وطننا، حيث أصبح التطوع البيئي مشهداً مألوفاً في موسم الحج، إذ نرى اليوم شباباً وشابات من مختلف مناطق المملكة يتأهبون لخدمة البيئة في المشاعر المقدسة، ويشاركون في حملات تنظيف، ويوزعون عبوات صديقة للبيئة، ويقدّمون التوعية للحجاج بلغات متعددة، حيث يُعد هذا الحضور النشط لا يقل أهمية عن دور الجهات الرسمية، بل يُعد تجسيداً لوعي جماعي متنامٍ بأن حماية بيئة الحج مسؤولية الجميع.
وفي موازاة هذا الحراك المجتمعي، لعبت التقنيات الذكية دوراً محورياً في تطوير العمل البيئي ورفع كفاءته. فالذكاء الاصطناعي والطائرات المسيرة غيّرا المشهد تماماً، إذ أصبح من الممكن رصد مواقع النفايات خلال دقائق، وتوجيه فرق التنظيف بسرعة وفعالية، لتجعل من إدارة البيئة عملية دقيقة، مدروسة، وسريعة الاستجابة.
وعلى خطٍ موازٍ لذلك، لا يمكن إغفال جهود التشجير التي تُعد من المبادرات البيئية الرائدة في الحج، فقد توسّعت زراعة أشجار النيم في عرفات ومزدلفة، وهي المبادرة التي بدأت كفكرة رمزية بسيطة، ثم تحوّلت إلى مشروع استراتيجي واسع النطاق، وهذه الأشجار لم تكتفِ بتجميل المكان فحسب، بل ظللت مئات الآلاف من الحجاج، وساهمت في خفض درجات الحرارة وتحسين جودة الهواء، وعلى صعيدٍ ذي صلة يُبرز ياسر الجميعة ـ خبير ومدرب معتمد في مجال البيئة والمياه والزراعة ـ رؤية شمولية حول مفهوم الاستدامة البيئية في موسم الحج، قائلاً «الاستدامة البيئية ليست فكرة مثالية، بل هي ضرورة عملية في زمن تتسارع فيه مؤشرات التغير المناخي، وأن المحافظة على طُهر المكان لا يعني فقط أن نُنظّفه، بل أن نُديره بحكمة، ونعيشه باحترام».
وفي سياق حديثه، يشير الجميعة إلى البُعد التربوي والتوعوي الذي يمكن أن يحمله الحج المستدام، قائلاً «لعل أجمل ما يمكن أن نراه مستقبلاً، هو أن يتحول الحاج نفسه إلى سفير بيئي يعود إلى بلده وهو يحمل وعياً جديداً، لا يتعلق فقط بكيفية أداء المناسك، بل بكيفية احترام الأرض التي وقف عليها، والهواء الذي تنفّسه، والماء الذي طهّره». ويتابع الجميعة حديثه موضحًا أن روحانية الحج تزداد عمقًا حين تتكامل القيم الدينية مع السلوك البيئي، قائلاً «الحج رحلة روحانية عظيمة، لكن جمالها لا يكتمل إلا حين تتّسق الروح مع الجسد، والدين مع الضمير، والعبادة مع احترام الأرض».
ويؤكد الجميعة على أهمية تحويل هذه الرؤية إلى نموذج عالمي يحتذى به قائلاً «إننا أمام فرصة حقيقية لأن يكون الحج نموذجاً عالمياً للعيش المستدام، تُدرّس فيه البيئات كيف توازن بين قداسة المكان ونقاء الممارسة، فكل قارورة ماء لا تُهدَر، وكل شجرة تُزرع، وكل ضوء يُطفأ عند عدم الحاجة، هو جزء من عبادة أوسع لا تُرى بالعين، لكنها تُسجل في ميزان الوعي».
رسائل إعلامية تدعم البيئة
تسهم منصات الإعلام التقليدي والرقمي بدور تكاملي فاعل في تعزيز الوعي البيئي لدى الحجاج، سواء قبل موسم الحج أو أثناءه، بهدف ترسيخ الممارسات المستدامة والحفاظ على قدسية ونقاء البيئة في الأماكن المقدسة، ويأتي هذا الدور تماشيًا مع توجهات المملكة في دمج الاستدامة ضمن مختلف جوانب موسم الحج، حيث أصبحت الرسائل الإعلامية البيئية أحد الأعمدة الأساسية في نشر ثقافة الوعي البيئي. ومن جانبٍ آخر، قبل أن يصل الحاج إلى الأراضي المقدسة، تبدأ جهود التوعية البيئية عبر قنوات متعددة، حيث تتعاون الجهات المعنية مع وسائل الإعلام لتقديم محتوى تثقيفي متنوع يشرح أهمية الحفاظ على البيئة خلال مناسك الحج، وتُطرح هذه الرسائل بطرق مبسطة وواضحة، تجمع بين المعلومات العلمية واللمسة الإنسانية، لتكون أقرب ما تكون إلى وجدان الحاج مهما كانت خلفيته الثقافية أو التعليمية، وتُبث هذه الرسائل من خلال التلفزيون، والإذاعة، والصحف، والمنصات الرقمية، وكذلك عبر الشبكات الاجتماعية التي أصبحت الواجهة الإعلامية الأوسع انتشارًا.
وتتزايد فاعلية هذا الدور عندما يتم دمج الرسائل البيئية بالمحتوى التفاعلي، الذي يشمل مقاطع الفيديو، والمقالات التوضيحية، والرسوم البيانية، وكل ذلك بلغة سهلة تراعي تنوع جمهور الحجاج، ولا يقتصر دور الإعلام هنا على المؤسسات فحسب، بل يتسع ليشمل المؤثرين على مواقع التواصل، الذين يتم التعاون معهم لتقديم الرسائل البيئية بشكل جذاب وشخصي، يضمن وصولها إلى أكبر عدد ممكن من الحجاج حول العالم، كما تستضيف البرامج التلفزيونية والإذاعية خبراء في مجال البيئة، يقدمون إرشادات دقيقة للحجاج، ويردّون على تساؤلاتهم لتقريب المفاهيم وتحفيز الالتزام. وفي هذا السياق تحدث البروفيسور تركي بن عبد المحسن بن عبيد ـ الباحث الأكاديمي - موضحًا أن المحتوى الرقمي يشكل أداة واعدة وفعالة في تعزيز وعي الحجاج البيئي، خاصة عند تصميمه بشكل جذاب، ودمجه مع حملات التوعية التقليدية، إلى جانب توفير بيئة داعمة تسهّل تطبيق السلوكيات المستدامة. وأضاف بن عبيد أن سهولة الوصول إلى المحتوى وسرعة انتشاره، إضافةً إلى تنوع أشكاله من فيديوهات ورسوم وصور تفاعلية، تساهم وبشكل كبير في إيصال الرسائل البيئية إلى الحجاج في الوقت المناسب وبطرق تناسب مختلف شرائحهم.
علاوة على ذلك، لفت بن عبيد إلى أن ما يُميز هذا النوع من التوعية هو القدرة على تخصيص الرسائل بحسب اللغة والموقع الجغرافي، مما يجعل التوجيه أكثر تأثيرًا وواقعية، خاصة حين يكون مدعومًا بمحتوى عملي كخرائط أماكن جمع النفايات أو محطات إعادة التدوير.
كما وأوضح بن عبيد في حديثه أن التفاعل الذي توفره المنصات الرقمية عبر التعليقات والمشاركة يعزز الشعور بالمسؤولية الجماعية ويشجع على تبنّي سلوكيات إيجابية.
ورغم ما سبق، لم يغفل بن عبيد عن ذكر التحديات التي تواجه هذا النوع من التوعية، كضعف الاتصال بالإنترنت في بعض المواقع، وتعدد اللغات والثقافات، فضلاً عن كثافة المعلومات التي قد تُضعف من تأثير الرسائل البيئية، وفي هذا الصدد أشار بن عبيد إلى أن المحتوى وحده لا يكفي دائمًا لتغيير السلوكيات العميقة، بل يجب أن يترافق مع بيئة محفّزة، وبنية تحتية تدعم التطبيق، وربما حتى تحفيزات بسيطة لتعزيز الالتزام. واختتم بن عبيد حديثه مشددًا على أهمية تطوير محتوى رقمي عالي الجودة، بسيط ومباشر، مع التركيز على التعاون مع المؤثرين الرقميين، ودمج الرسائل البيئية في البرامج الإرشادية الخاصة بالحج، إلى جانب تقييم الأثر بطرق منهجية لتطوير الحملات بشكل مستمر وفعّال.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عيادات طبية لخدمةضيوف خادم الحرمين
عيادات طبية لخدمةضيوف خادم الحرمين

الرياض

timeمنذ 28 دقائق

  • الرياض

عيادات طبية لخدمةضيوف خادم الحرمين

تولي وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد اهتمامًا بالغًا بصحة وسلامة ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- للحج والعمرة والزيارة لعام 1446هـ، والبالغ عددهم 2300 حاج وحاجة من أكثر من 100 دولة حول العالم، وذلك منذ لحظة وصولهم إلى أراضي المملكة. وفي هذا الإطار، جهزت الوزارة عيادات طبية متكاملة بجميع الأدوات والتجهيزات، مدعومة بطواقم طبية متخصصة، إلى جانب تخصيص سيارات إسعاف لنقل الحالات الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة، وذلك تنفيذًا لتوجيهات القيادة الرشيدة وحرصها الدائم على توفير أفضل سبل الرعاية الصحية لضيوف الرحمن. وزُوّدت العيادات بالأجهزة الطبية الحديثة، مثل أجهزة قياس ضغط الدم، ونسبة السكر، ومستوى الأوكسجين، إلى جانب جهاز استنشاق البخار العلاجي، ومجموعة متكاملة من الأدوية العلاجية والوقائية، لضمان سرعة الاستجابة ومتابعة الحالات الصحية ميدانيًا وعلى مدى الساعة. وتقدم العيادات خدماتها لجميع الضيوف، مع اهتمام خاص بكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، وتشمل خدماتها الفحص الطبي، والإرشاد الصحي، والتثقيف الوقائي، بما يسهم في تعزيز الوعي الصحي بين الحجاج.

خدمة الحجاج.. التزام إنساني
خدمة الحجاج.. التزام إنساني

الرياض

timeمنذ 28 دقائق

  • الرياض

خدمة الحجاج.. التزام إنساني

يتوافد ملايين المسلمين من مختلف بقاع الأرض في كل عام إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، فرضه الله على كل مسلم مستطيع مرة واحدة في العمر، وفي هذا السياق تتبنى المملكة مشروعًا حضاريًا وإنسانيًا لخدمة الحجاج منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، من خلال توفير منظومة متكاملة من الخدمات اللوجستية، الصحية، الأمنية، والتقنية خلال موسم الحج، بما يضمن أداء الشعائر بكل يسر وسلامة، ومع تعاقب العهود، ومن خلال رؤية واضحة، وخطط محكمة، وجهود لا تتوقف، استمرت في التصاعد، لتواكب التغيرات العالمية، وتستجيب لتطلعات الحجاج المتزايدة في كل موسم، وخدمة الإسلام والمسلمين. وفي هذا الإطار، تتبنى المملكة نموذجًا تشاركيًا فاعلًا يجمع بين القطاعين العام والخاص، بهدف تقديم خدمات شاملة ومتكاملة لضيوف الرحمن، وتشارك في هذه المنظومة شركات وطنية ودولية متخصصة، تعمل جنبًا إلى جنب مع الوزارات والهيئات الحكومية لتوفير خدمات تشمل الإعاشة، الإسكان، النقل، والإرشاد، في ظل إشراف ومتابعة دقيقة من الجهات التنظيمية لضمان الالتزام بالمعايير والجودة. جهود تفوق التوقعات وتعكس صورة مشرّفة عن خدمة ضيوف الرحمن نظام طبي متكامل في إطار رسالتها الدينية والإنسانية، تواصل المملكة تقديم خدمات صحية شاملة لضيوف الرحمن خلال موسم الحج، عبر نظام طبي متكامل يُعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم، وتشرف وزارة الصحة على تنفيذ خطة صحية متقدمة تهدف إلى الوقاية أولًا، والتدخل السريع عند الحاجة، لضمان سلامة الحجاج وتمكينهم من أداء مناسكهم في بيئة صحية وآمنة، حيث تقوم بتوفير خدمات صحية متعددة في مختلف مناطق الحج، وتشمل هذه الخدمات المستشفيات والمراكز الصحية المتوزعة في أنحاء المكان مجهزة بأحدث الأجهزة الطبية، بالإضافة إلى العيادات الميدانية المتنقلة التي تنتشر في مواقع مختلفة مع الفرق الطبية المتخصصة، والمتطوعين الصحيين، بهدف تقديم الرعاية الصحية الوقائية والعلاجية للحجاج في أسرع وقت ممكن. ومن هذا المنطلق، أشارت غلا إبراهيم بن جميعة، مسؤولة سلامة وصحة مهنية في تصريحها حول الخدمات الصحية التي تُقدّم للحجاج خلال موسم الحج إلى أن الرعاية الصحية التي يحصل عليها الحجاج تشمل جوانب العلاج، الوقاية، والتوعية، وأضافت أن المملكة تسعى لتوفير رعاية صحية شاملة من خلال شبكة واسعة من المراكز الصحية والمستشفيات المنتشرة في جميع المشاعر المقدسة، التي تعمل على مدار الساعة لتلبية احتياجات الحجاج، كما أكدت على أهمية توفير خدمات الترجمة لتسهيل التواصل مع الحجاج من مختلف الجنسيات، مما يسهم في حصولهم على الرعاية الطبية المناسبة بكل يسر وسهولة. وفيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحالات الطارئة وسط الزحام، أوضحت بن جميعة أن المملكة قد اتخذت إجراءات دقيقة لتنظيم العمل، حيث يتم التعامل مع الحالات الطارئة بسرعة عالية من خلال فرق إسعافية ميدانية موزعة في أماكن الازدحام. وأضافت أنه يتم التنسيق بين الجهات المختصة بشكل فعال لنقل الحالات إلى أقرب منشأة طبية، مع ضمان أن كل فريق يعرف دوره بدقة، مما يساهم في السيطرة على الطوارئ بسرعة وكفاءة. كما تحدثت عن دور المتطوعين في موسم الحج، حيث أكدت أنهم يلعبون دورًا إنسانيًا مهمًا في تقديم الدعم النفسي والإنساني للحجاج، وقالت بن جميعة: «المتطوعون لا يقدّمون المساعدة فحسب، بل يزرعون الراحة والطمأنينة في نفوس الحجاج، خاصة في حالة كبار السن أو الحجاج الذين يواجهون صعوبة في التواصل بسبب اختلاف اللغة»، وأضافت أن وجود المتطوعين بالقرب من الحجاج يخلق بيئة من الأمان والاهتمام، مما يترك أثرًا طيبًا في نفوسهم. وفيما يخص أهمية العمل التطوعي في الجانب الصحي خلال موسم الحج، أكدت بن جميعة أن المتطوعين يشكلون جزءًا أساسيًا في دعم الكوادر الطبية، حيث يساهمون في تخفيف العبء عنها ويرتفعون بجودة الخدمات المقدمة، وأوضحت أن المتطوعين يشاركون في توعية الحجاج، تقديم الإسعافات الأولية، وتنظيم الحشود، وهو ما يسهم في نجاح المنظومة الصحية في الحج، كما اعتبرت أن العمل التطوعي في خدمة ضيوف الرحمن يمثل شرفًا وأجرًا عظيمًا. وفي ختام حديثها، وجهت الشكر والتقدير لمملكتنا الغالية قيادةً وشعبًا على ما تبذله من جهود عظيمة في خدمة ضيوف الرحمن، مشيرة إلى أن ما تشهده المملكة من تنظيم ورعاية وعطاء خلال موسم الحج يفوق التوقعات ويعكس صورة مشرّفة عن هذا الوطن العظيم الذي اختصه الله بخدمة الحرمين الشريفين. خدمات غذائية عالية الجودة تسعى المملكة إلى تقديم خدمات غذائية عالية الجودة لضيوف الرحمن خلال موسم الحج، حيث تحرص على تلبية احتياجات الحجاج الغذائية مع مراعاة التنوع والكفاءة في توفير الوجبات على مدار أيام الحج في مختلف المشاعر المقدسة، تعتمد المملكة في تقديم الخدمات الغذائية على شراكات متكاملة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، حيث تشارك العديد من الشركات الوطنية المتخصصة في الإعاشة بتوفير وجبات غذائية عالية الجودة، إلى جانب مساهمة الجمعيات الخيرية في توزيع وجبات مجانية للحجاج، خصوصًا في المناطق المكتظة أو للفئات المحتاجة، مما يعكس روح التكافل والعمل المشترك في خدمة ضيوف الرحمن. بالإضافة إلى أن جميع مراحل إعداد وتوزيع الطعام تخضع لرقابة مشددة من قبل الفرق الرقابية التابعة لهيئة الغذاء والدواء، التي تتأكد من مطابقة الأطعمة للمواصفات الصحية، وسلامة عمليات النقل والتخزين، ويجري فحص العينات الغذائية باستمرار لضمان خلوها من أي ملوثات، كما يتم تدريب العاملين في مجال الإعاشة على أعلى معايير النظافة والسلامة الغذائية، ويُعد هذا الإجراء أساسيًا لضمان صحة وسلامة الحجاج خلال تأديتهم للمناسك. وفي خطوة تواكب التحول الرقمي، أطلقت وزارة الحج والعمرة منصة «نسك» التي تُعدّ من الأدوات الرقمية الحديثة التي تسهم في تسهيل وصول الحجاج إلى خدمات الإعاشة، من خلال هذه المنصة، يمكن للحجاج الاطلاع على خيارات الطعام المتاحة وتحديد وجباتهم المفضلة بناءً على احتياجاتهم الشخصية أو الصحية، كما تتيح المنصة إمكانية حجز الوجبات مسبقًا وضمان وصولها في الأوقات المناسبة مما يسهم في تنظيم وتسهيل عملية تناول الطعام. وفي هذا الصدد، تحدث ثنيان القثامي، متخصص ماجستير في إدارة الحج والعمرة عن أنواع الخدمات الغذائية المتوفرة للحجاج خلال موسم الحج، حيث ذكر أن من أبرز الخدمات هي الوجبات الجاهزة مسبقًا التي تكون غالبًا في منى بمشعر الخيام، مزدلفة، وعرفات، هذه الوجبات تقدم مغلفة أو معلبة بشكل صحي وسهلة التناول، وتشمل فطورًا، غداءً، وعشاءً، وتكون أحيانًا على شكل «بوكسات»، كما أضاف أن هناك الإعاشة الفندقية التي تقدم للحجاج المقيمين في فنادق مكة والمدينة، والتي تشمل بوفيهات مفتوحة أو وجبات تقدم داخل الغرف. وأشار القثامي إلى أن التموين الذاتي (الكاترينغ) هو خيار آخر تقدمه حملات الحج، حيث تتعاقد مع شركات متخصصة لتوفير الطعام، وقد تشمل هذه الشركات طهاة ومطابخ متنقلة تتبع معايير وزارة الحج، وأضاف أيضًا أن المطاعم المعتمدة والمراكز التجارية تنتشر في محيط الحرم والمشاعر المقدسة، وتخضع لإشراف صحي صارم. أما عن الخدمات الغذائية الطارئة، ذكر القثامي أن هذه الخدمات تُقدم من قبل الجهات الرسمية مثل الهلال الأحمر والدفاع المدني في حالات الطوارئ أو الكوارث، وأوضح أيضًا أن الخدمات الغذائية الخاصة لبعض الجنسيات تُقدم للحجاج من جنسيات مختلفة، مثل المأكولات الهندية، الباكستانية، الإفريقية، أو الأندونيسية، بالإضافة إلى الوجبات النباتية أو الخالية من مسببات الحساسية، وذكر أيضًا أن الماء والمشروبات يتم توفيرها بشكل واسع، حيث يتم توزيع ملايين العبوات من ماء زمزم والمياه المعدنية، بالإضافة إلى محطات توزيع مياه وعربات متنقلة للمياه الباردة. وفيما يتعلق بتنسيق توزيع الوجبات على الحجاج في الوقت المناسب، أوضح القثامي أن هذا التنسيق يتم عبر منظومة دقيقة ومعقدة تشارك فيها عدة جهات حكومية وخاصة، وأكد أن وزارة الحج والعمرة هي المسؤولة عن التنظيم العام للحج، بما في ذلك تنسيق خدمات الإعاشة، وتفرض اشتراطات ومعايير على الشركات المقدمة للغذاء، كما أن أمانات المدن، مثل أمانة العاصمة المقدسة، تتابع الجانب الصحي والبيئي وتصدر التصاريح لمطابخ الإعاشة، وتراقب الهيئة العامة للغذاء والدواء جودة وسلامة الأغذية، بينما تتولى المؤسسات الأهلية للطوافة وحملات الحج تنفيذ الخدمات المباشرة بما فيها التوزيع وفق جداول محددة، وتساهم قوات أمن الحج والدفاع المدني في تنظيم حركة السير لضمان وصول المواد الغذائية في الوقت المناسب. أضاف القثامي أن التوزيع يتم عبر تخطيط مسبق يشمل وضع خطط دقيقة حسب عدد الحجاج في كل مخيم أو حملة، بما في ذلك توقيت الوجبات، ونقاط التوزيع، وطرق النقل، وأوضح أيضًا أن الوجبات تُوزع وفق جداول زمنية محددة تتزامن مع أوقات الصلاة والتنقل بين المشاعر، وتُستخدم شركات الإعاشة مراكز تحضير معتمدة لتجهيز وتغليف الوجبات، حيث تستخدم وسائل نقل مبردة للحفاظ على حرارة الطعام وسلامته، أما فرق التوزيع الميداني، فتعمل على تسليم الوجبات داخل المخيمات أو وضعها في نقاط تسليم محددة لكل مجموعة. أكد القثامي أن هناك اهتمامًا خاصًا بتوفير وجبات غذائية خاصة لبعض الفئات مثل كبار السن ومرضى السكري وأصحاب الحالات الصحية الأخرى، وقال إن الوجبات المقدمة لكبار السن غالبًا ما تكون سهلة الهضم وخفيفة على المعدة، كما أن هناك وجبات خاصة لمرضى السكري منخفضة السكر والكربوهيدرات البسيطة، بالإضافة إلى وجبات خالية من الصوديوم لمرضى الضغط وأمراض القلب. تسهيل التنقلات تسعى المملكة دائمًا لتوفير أرقى الخدمات للحجاج من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك خدمات النقل التي تُعد من العناصر الأساسية في تسهيل تنقلات الحجاج بين المشاعر المقدسة، أحد أبرز وسائل النقل التي تقدمها المملكة هي الحافلات ويتم تجهيزها بمرافق متطورة لضمان راحة الحجاج، سواء كانوا في طريقهم من مكة المكرمة إلى منى وعرفات أو في التنقل بين المشاعر الأخرى، تتسم هذه الحافلات بالكفاءة، حيث يتم تنظيم جداول زمنية دقيقة لنقل الحجاج. إلى جانب الحافلات، توفر المملكة قطارات الحرمين كوسيلة نقل سريعة وفعالة بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، يشتهر قطار الحرمين بسرعته العالية، مما يسهم في تقليل الوقت المستغرق في التنقل بين المشاعر، ويخفف الضغط على الطرق البرية التي تشهد عادة ازدحامًا شديدًا خلال موسم الحج، ويتميز بتوفير جميع وسائل الراحة مثل تكييف الهواء والمقاعد المريحة. تأمين وجبات غذائية متنوعة وآمنة في هذا السياق، أفاد مركز الاتصال المؤسسي بأن النقل يُعد أحد ركائز الحج الأساسية، حيث يمر ضيف الرحمن بعدة مراحل للتنقل من مقر سكنه وحتى انتهائه من أداء شعيرة الحج، وأكد أن الدولة بقيادتها الرشيدة تسعى إلى رفع كفاءة وتجويد جميع الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن، ومن ضمنها خدمات النقل، مشيرًا إلى أن الجهود تُبذل سنويًا لتطوير هذه الخدمة وتسهيل التنقل في جميع المسارات، سواء من المنافذ أو بين المدن أو في المشاعر أو لزيارة المسجد الحرام. وأوضح المركز أن المملكة وفرت عبر النقابة العامة للسيارات حافلات لنقل ضيوف الرحمن بأعلى المواصفات وأفضل المعايير الممكنة، كما أشار إلى الدور الكبير الذي تلعبه التقنيات الحديثة في تحسين تجربة النقل، مستعرضًا عددًا من التطبيقات المرتبطة بمركز معلومات النقل، مثل خريطة التتبع الحية التي تعكس بيانات ما يزيد على 22 ألف حافلة، وتطبيق «ضيف التشغيل» الذي يعكس بيانات النقل الترددي، و»ضيف مرشد» المخصص لمتابعة أعمال المرشدين، بالإضافة إلى أداة البلاغات وتطبيق «زوار مكة» الذي يخدم ضيوف الرحمن في تنقلاتهم من وإلى المسجد الحرام. وفي الختام، شدد مركز الاتصال المؤسسي على أهمية تنوع وسائل النقل، لما له من دور في تحقيق رضا ضيوف الرحمن، من خلال توفير خيارات متعددة تتناسب مع احتياجاتهم ورغباتهم في التنقل. تيسير التواصل تعتبر خدمات الإرشاد اللغوي من الركائز الأساسية التي تساهم في تسهيل رحلة الحج لضيوف الرحمن، حيث يتوافد ملايين الحجاج من مختلف الجنسيات، ما يفرض ضرورة توفير خدمات توجيهية وإرشادية بلغات متعددة لضمان تيسير التواصل. وفي نفس الصدد، تولي المملكة اهتمامًا خاصًا بتدريب المرشدين اللغويين بحيث يتم تأهيلهم ليس فقط للحديث بلغات متعددة، بل أيضًا لفهم ديناميكيات موسم الحج ومتطلبات الحجاج، ويتم تدريبهم على كيفية التعامل مع الحجاج في الحالات المختلفة، من تقديم الدعم الروحي والنفسي إلى تقديم معلومات دقيقة حول الشعائر الإسلامية. وانطلاقًا مما سلف، تحدثت خديجة أبو الحسنات، مترجمة ومرشدة في موسم الحج عن الجهود المبذولة لتسهيل التواصل مع الحجاج غير الناطقين بالعربية، أبرزها تجهيز فرق ميدانية من المترجمين والمُرشدين المدربين بلغات شائعة بين الحجاج، وذلك لدعمهم ومرافقتهم خلال تنقلهم في المشاعر المقدسة، وأضافت أبو الحسنات أنه تم تمكين فرق نسائية لتقديم خدمات الإرشاد والدعم للنساء الحاجّات، بما يراعي خصوصيتهن ويلبي احتياجاتهن في المخيمات، وكل هذا يتم بلغة الحاج. وتحدثت أبو الحسنات عن وجود فرق ميدانية متخصصة للإرشاد اللغوي تعمل على مدار الساعة لتقديم الدعم والترجمة الفورية، سواء في المشاعر المقدسة أو في مراكز الاستعلامات والمساعدة. وأوضحت أن الهدف من توفير مترجمين بلغات متعددة خلال موسم الحج هو تسهيل تجربة الحج للحجاج غير الناطقين بالعربية، وأشارت أن هذا يتم من خلال دعم الحجاج في فهم المناسك والإجراءات، وتقليل حالات الضياع وسوء الفهم، فضلاً عن تسهيل التواصل مع العاملين في المشاعر والجهات التنظيمية، وأضافت أن توفير المترجمين يساهم في ضمان وصول الرسائل التوعوية والتعليمية بلغاتهم، مما يعزز شعورهم بالأمان والطمأنينة. كما أشارت إلى جانب الترجمة البشرية، تعمل فرق الإرشاد اللغوي على إرشاد الحجاج باستخدام الخرائط التفاعلية، مما يسهم في توجيههم إلى المخيمات، أو مواقع الجمرات، أو مراكز الدعم عند الحاجة، وقالت أن هذه المبادرة تساهم في منع حالات الضياع الشائعة، خاصة بالنسبة لكبار السن أو الحجاج الذين يؤدون الحج لأول مرة، مما يسهل عليهم التنقل داخل المشاعر بيسر ووضوح. وفيما يتعلق باللغات التي يتم التركيز عليها لتغطية احتياجات الحجاج، أكدت أبو الحسنات على التركيز على اللغات الأكثر شيوعاً بين الحجاج، مثل: الأردو، البنغالية، البشتو، الملايو، الفارسية، الفرنسية، التركية، الهوسا، الأندونيسية، بالإضافة إلى عدة لغات أفريقية وآسيوية أخرى حسب الحاجة. تنظيم ورعاية وعطاء سكن ميسر وفي إطار العناية الشاملة التي توليها المملكة لتجربة الحاج في كل مراحل رحلته، يأتي السكن كأحد أهم العناصر التي تسهم في راحة الحاج واستقراره أثناء تأدية المناسك، وفي هذا الجانب، قال الدكتور خالد بن صالح العامودي، مستشار وزير الحج والعمرة سابقًا، «أن وزارة الحج والعمرة أطلقت 6 باقات متميزة للحجاج هذا العام عبر منصة «نسك حج»، المنصة الموحدة لحجز وإدارة رحلة الحاج إلى الحج» ، مشيرًا إلى أن هذه الباقات خُصصت لخدمة الحجاج من أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا وبعض دول آسيا وأفريقيا، حيث تلبي هذه الباقات احتياجات الحجاج المتنوعة وتعزز تجربتهم على جميع المستويات، كما أكد أن الباقات صُممت بطريقة تسهل للحجاج عملية الاختيار، مع ضمان توفير خدمات تتناسب مع اختلاف خياراتهم من حيث جودة الخدمة والأسعار. واختتم العامودي حديثه بالتأكيد على أن خدمات السكن المقدمة تسهم بشكل واضح في تأدية نسك الحج بكل يسر وسهولة، نظرًا لما يجده الحاج من حسن الاستقبال وكرم الضيافة وسهولة الوصول، وأضاف أن مشروع نقل حقائب الحاج من مقر بلده إلى مسكنه يُعد من أكبر الأدلة على تطوير وتجويد الخدمات سنويًا، بما يخدم الحاج ويسهل له أداء نسكه، تنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، اللذين يحرصان على بذل الغالي والنفيس لخدمة ضيف الرحمن، وحث الجهات الحكومية على تقديم مبادرات تسهم في راحة الحجيج لتأدية مناسكهم بكل يسر وسهولة.

«منى» تتوشح البياض بخدمات نوعية
«منى» تتوشح البياض بخدمات نوعية

الرياض

timeمنذ 29 دقائق

  • الرياض

«منى» تتوشح البياض بخدمات نوعية

ليست ككل مدن العالم، هي مدينة استثنائية، تجمع أطياف وعرقيات وجنسيات لمختلف دول العالم، تذوب فيها الفوارق في أيام معلومات هي أيام الحج، ليشهدوا منافع لهم. جولة "الرياض" قبيل أيام قليلة من يوم التروية، وهو يوم الثامن من ذي الحجة، بدت لنا منى، وكأنها عروس متزينة بأحلى حلل البياض، وسط جاهزية كبيرة لخدمات الجهات المعنية في الحج، من جهات حكومية، وخيرية، وتطوعية، وخاصة، ولوجستية. جولتنا بدأت من مدخل منى الجنوبي، المرتبط بطريق المسجد الحرام، حيث الساحات الكبيرة التي تنتشر على جانبيها محلات شركات التغذية والعصائر والقهوة، وانتشار أمني كبير للطواقم الأمنية. منشأة الجمرات المشروع الضخم والمفخرة السعودية التي تذهل حجاج دول العالم سنوياً والذي يمتد بطول 950 متراً وعرض 80 متراً، بدأ جاهزاً بعد تفريغ مركبات العاملين المنتدبين، والانتهاء من أعمال النظافة لأرضياته، وتفريغه أيضاً من الآليات والمعدات الثقيلة. الجسر المغطى بمضلات علوية ومراوح التكييف المصاحب للرذاذ لتقليل درجة الحرارة، وعدد من السلالم المتحركة، وكاميرات للمتابعة لتعزيز آليات التحكم في تدفقات حركة الحجيج إلى جانب اللوحات والمنشآت الإرشادية والتوعوية والخدمات الإعلامية التوعوية جاهز لاستقبال 300 ألف حاج في الساعة الواحدة. عمال يضعون اللمسات الأخيرة، وسيارات الأمن بمختلف تخصصاتها تجوب المكان، وسيارات نقل البضائع تأخذ مكانها ضمن سلاسل الإمداد لتغذية منافذ البيع هذه هي أبرز الملامح في منى أمس. الملفت في منى اللمسات الجديدة في المشاريع النوعية ومنها، تلوين مسارات الطرق الرئيسية بألوان محددة لمزيد من تعريف الحجاج، ومجمعات دورات المياه المطورة، والمحلات التجارية الموسمية، والشبكات الأرضية الجديدة لخدمات الصرف والكهرباء والمياه. لن نتجاوز إطار الحقيقة إذا قلنا إن معدل الافتراش للمخالفين سيكون لأول مرة في تاريخ الحج هو معدل "صفري" مما سينعكس على تحركات أليات ومركبات وفرق خدمات الصحة والأمن والإسعاف والنقل الحكومية والخاصة، نظراً لقطف ثمار الحملات الأمنية الاستباقية التي شملت معظم أحياء مكة المكرمة والتي تقطنها العمالة والحجاج المخالفون لنظام الإقامة والعمل والحج والعمرة والزيارة. الجهة الشمالية من منى وتحديداً منطقة المجازر كانت هي الأخرى في حالة استنفار تام لاستكمال الدفعات الأخيرة من مواشي الحج من الأضاحي والهدي، مع تواجد ألاف العمال من الجزارين والبيطريين والعمال لأخذ مواقعه في المجازر العملاقة. وبدت مواقع العمل الطويلة مثل مشاريع بناء الأبراج السكنية تجمع بقايا معدات البناء والتشييد، لتهيئة المواقع المجاورة لها امام حركة الحجاج وفرق الخدمات الأرضية. وتؤكد الملامح الأولية ومؤشرات الأداء العام على أن حج هذا العام أظهر نجاحات مسبقة، محورها رفع العبء عن المرافق الخدمية، بصد منافذ المخالفين والمتحايلين لأداء الحج بدون تصريح. ملمح أخير ظهر لـ"الرياض" اتحاد وائتلاف كل السعوديين من كل مناطق المملكة في صورة وطنية تفيض بالانتماء والفخر والاعتزاز، لفتيان وشباب وكبار سن، اجتمعوا من كل انحاء بلاد الحرمين، ليقفوا وقفة رجل واحد في مواقف الشرف لخدمة ضيوف بيت الله الحرام.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store