
مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري.. جسر يربط المملكة بالعالم
ومن هذا المنطلق أُسس مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري في عام 2003م تحديدًا في يوم الرابع والعشرين من شهر يوليو، والذي كان في السابق يحمل اسم " مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني "، وفي حقيقة الأمر كلمتي التواصل الحضاري لم تأتِ هكذا من تلقاء نفسها، بل تم تسمية المركز بهذا الاسم خصيصًا لأنه في السابق كان المركز مهتمًا بقضايا وطنية واجتماعية وثقافية وتربوية، كما أنه يُعنى بصياغة خطاب إسلامي معتدل، ويساعد في تعزيز المشاركة المدنية داخل المملكة.
أما الآن ترجع تسميته بسبب تركيز المركز على التواصل الحضاري الخارجي والداخلي، أي تعزيز الحوار مع العالم بما يتماشى مع رؤية 2030 التي شنتها المملكة مع التركيز أيضًا على تعزيز الهوية الوطنية، والتسامح بين الشعوب، والأهم إبراز الصورة الحقيقية للمجتمع السعودي الوسطي والمنفتح.
فاليوم أصبحنا في عصرٍ تتلاشى المسافات فيه بفعل التكنولوجيا والانفتاح المتسارع، لذا أصبح من الضروري التشييد بالحوار الحضاري لنضمن بالفعل تعايشًا سلميًا والتفاهم بين مختلف الشعوب لنبتعد كل البعد عن زمن العولمة ونواجه التحديات المشتركة بروح التعاون مع الحفاظ على حق الاختلاف وقبول التنوع بين الدول بوصفه مصدرًا للقوة لا للصراع.
كما أن أهداف مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري لم تنتهِ بعد؛ فبجانب إبراز الصورة الحقيقية للسعودية أمام العالم وتعزيز التفاهم الحضاري، يسعى المركز إلى تصحيح المفاهيم الخاطئة عن المملكة وشعبها من خلال مبادرات وبرامج تواصل إعلامية ومهنية كبرنامج " جسور التواصل " وبرنامج " سفير للتواصل الحضاري "، وأيضًا برنامج " نسيج " لتعزيز التعايش المجتمعي و" إثنينية التواصل ".
بالإضافة إلى تمكين وتأهيل الشباب والمرأة والخبراء السعوديين لينقلوا صوت المملكة وقيمها إلى العالم أجمع، وكذلك التعاون مع المؤسسات الإقليمية والدولية، وتوظيف أدوات الاتصال والإعلام والثقافة ليتم من خلالها دعم السعودية كمكانة إقليمية ودولية كبيرة، وأيضًا دعم أهداف رؤية المملكة 2030 ليتم تعزيز الهوية الوطنية في سياق عالمي.
ولم تنتهِ رؤية المركز وأهدافه إلى هذا الحد، بل حرص على تنظيم لقاءات وطنية تجمع بين مختلف مكونات المجتمع الفكرية، والمذهبية، والمناطقية، وحرص على مواجهة التطرف والتعصب بشتى الطرق، وتقديم ورش عمل ودورات تدريبية في كلًا من المدارس والجامعات والقطاعات الحكومية والخاصة، كما ساعد في نشر ثقافة الحوار في المجتمع السعودي وبالتالي ارتقى الفكر وتقدمنا للأمام.
أما على المستوى الدولي؛ استطاع مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري خلال الأعوام الماضية أن يرسخ حضور المملكة القوي عالميًا، وذلك حدث عن طريق باقة كبيرة من الإنجازات الدولية الملموسة، حيث قام المركز بتنظيم عشرات الندوات واللقاءات في العديد من المدن والعواصم حول العالم بالشراكة مع مراكز مرموقة ومؤسسات أكاديمية بهدف مناقشة قضايا التفاهم بين مختلف الثقافات ومواجهة أي صورة نمطية عن المملكة.
كما قام المركز بإطلاق برنامج " الوفود الزائرة " بغرض استضافة شخصيات ثقافية وإعلامية من مختلف الدول حول العالم ليتيح لهم فرصة الاطلاع والتعرف عن قرب على المجتمع السعودي الحديث وتجربته الحضارية، ومن أهم اللقاءات التي كانت داعمة للمركز؛ اللقاء الحواري لملك المملكة المتحدة تشارلز عندما كان وليًا للعهد أثناء زيارته لمدينة الرياض في يوم السبت الموافق 16 من شهر مارس لعام 2013م.
حيث مجدّ الملك تشارلز الدور الكبير الذي قام به الملك عبد الله بن عبد العزيز –طيب الله ثراه- في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وقدرّ الجهود الكبيرة التي قدمتها المملكة لترسخ في عقولنا وعقول العالم أجمع أهمية الحوار بين مختلف الثقافات والحضارات، كما أبدى إعجابه بالزيارة التي خاضها إلى مكتبة الملك عبد العزيز العامة ورؤية بعض المقتنيات المتعلقة بالأميرة أليس عند زيارتها للسعودية لأول مرة، مما جعل برنامج الوفود الزائرة جزء مهم في توطيد العلاقات بين المملكة ودول العالم بأكمله.
بالإضافة إلى أن المركز أسهم بالفعل في بناء جسور حقيقية مع العديد من المجتمعات من خلال تعاونه مع منظمات دولية مثل: اليونسكو والإيسيسكو، والعديد العديد من المؤتمرات العالمية والمشاريع المشتركة والحملات الإعلامية الرقمية لدعم وتعزيز ثقافة التسامح، والتعايش المشترك.
وفي نهاية الحديث سيظل مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري شاهد حي على التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على إرثها الإسلامي والثقافي العريق، وتعزيز قيم التواصل والتفاهم، فمن خلال المركز سنرسم اليوم صورة حقيقية لمجتمع سعودي متجدد يعتز بهويته ويُشيد جسورًا من الثقة والتفاهم والسلام مع شعوب العالم أجمع لنثبت أن التواصل الحضاري ركيزة أساسية نعكس من خلالها رسالتنا الإنسانية التي تتجاوز الحدود لنصنع أثرًا إيجابيًا في نهاية المطاف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
اتهام كردي لبغداد بـ«التملص» من الاتفاقات المبرمة
أعلن رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أمس (الأحد)، مجدداً، أن حكومته «مستعدة لتسليم النفط المنتج إلى الحكومة الاتحادية مقابل تأمين الرواتب وحصة الإقليم من الموازنة المالية الاتحادية السنوية». وقال: «لقد توصلنا إلى اتفاق مع بغداد بشأن الرواتب، وبعد مرور شهرين، عادوا مجدداً للتملص من الاتفاق، وأرسلنا وفوداً جديدةً للتفاوض مرة أخرى». لكنه أشار إلى أن «الهجمات الإرهابية بالطائرات المسيرة المفخخة التي تستهدف الحقول النفطية في إقليم كردستان ستخفض معدل الإنتاج، ونأمل ألا يكون ذلك ذريعة لعدم إرسال الرواتب». وتحاجج بغداد في المقابل بعدم التزام كردستان معظم الاتفاقات المبرمة بشأن تسليم وارداتها النفطية المحددة إلى شركة «سومو» الاتحادية، كما تحاجج بأنها دفعت للإقليم مستحقاته المالية المخصصة بالموازنة الاتحادية وضمنها مرتبات الموظفين. وكانت الحكومة الاتحادية، أعلنت، الخميس الماضي، عن «اتفاق وشيك» مع كردستان إلا أن ذلك لا يزال بعيد المنال على ما يبدو.


الأنباء السعودية
منذ 2 ساعات
- الأنباء السعودية
عام / محافظ حفر الباطن يستقبل سفير مملكة تايلند لدى المملكة
حفر الباطن 25 محرم 1447 هـ الموافق 20 يوليو 2025 م واس استقبل صاحب السمو الأمير عبدالرحمن بن عبدالله بن فيصل محافظ حفر الباطن بمكتبه اليوم، سفير مملكة تايلند لدى المملكة دام بونتام. وجرى خلال الاستقبال تبادل الأحاديث الودية. // انتهى//15:05 ت مـ 0092


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
سوريا... الانتصار والامتحانات القاسية
في الأزماتِ الدامية التي تعصف أحياناً ببلداننا، نجد أنفسَنا أمام حقيقةٍ مرة. بلادُنا مصابةٌ بجروح عميقةٍ وتنام على آبارٍ من المخاوف. وغالباً ما يميل المرءُ إلى تجميل صورةِ بلاده من حبّه لها. يميل إلى الإنكار. ويمكن العثورُ على الميل نفسِه لدى السُّلطاتِ الحاكمة. فالاعترافُ بعمق المخاوفِ يضع أصحابَ القرار أمام مَهمةٍ صعبة من قماشةِ إعادة نظرٍ عميقةٍ تشبه إعادةَ التأسيس. وتقول التجاربُ إنَّ التعايشَ بين المختلفين ليس مَهمةً سهلة على الإطلاق. قَبولُ حقِّ الآخر المختلف المقيمِ تحت السَّقف نفسِه مَهمةٌ شائكة. القَبولُ بحقّ الاختلافِ يعني أنَّه لا بدَّ من تنازلاتٍ لجعل بناءِ الجسور ممكناً، وأنَّه لا بدَّ من الاستماعِ العميق إلى ما يقلقُ الشريكَ ويجعلُه يجدُ الضَّمانةَ في سلاحِه، أو الفصيل المسلّح الذي يمثل جماعتَه. والعبور من زمن الفصائل إلى زمنِ الدولة ليس سهلاً. يحتاج إلى توافر شروطٍ سياسيةٍ واقتصادية وثقافية أيضاً. لا يمكنُ فرضُ ثقافةِ الزِّيّ الموحَّدِ في مجتمع متعددٍ ينهل أفرادُه من ينابيعَ مختلفةٍ، ويقرأون في كتبٍ مختلفة، ويتحسَّسون دائماً نسبتَهم السُّكانيةَ وحصتهم في القرار. لم تتوفرْ لشعوبٍ كثيرة فرصةَ رسم خرائطِها بحبرِها وإرادتها. رُسمت خرائطُ كثيرةٌ بحبرِ القوى العظمى وعلى قاعدة تقاسمِ مناطقِ النفوذ. هذه الحقيقة تجعل بعضَ المكوّنات تميل أحياناً إلى خريطةٍ أصغر أو أكبر. وتفيد التَّجاربُ بأنَّ القفزَ من الخرائطِ محفوف دائماً بأخطارٍ كثيرة. الحكمُ المتسلّطُ ليس حلاً. يكبح أصواتَ المكونات أو بعضِها، لكنَّه يضاعف التوترَ الذي يعتمل في داخلها ويجعله يتحيَّنُ فرصةَ التَّعبير عن نفسه. أقلقتِ الاشتباكاتُ الدامية التي شهدتها محافظةُ السويداء، السوريين الذين خافوا من أن تصابَ مسيرةُ استعادةِ الدولة بعطب كبير، خصوصاً بعد ما جرى سابقاً في السَّاحل والمخاوف من خطرِ الصّدام أيضاً مع الأكراد. أقلقتِ الاشتباكاتُ أيضاً جيرانَ سوريا وكلَّ الدول المعنية التي رأت في نهجِ الرّئيس أحمد الشرع فرصةً لوضع سوريا على طريق الاستقرارِ والبحث عن الازدهار. والقلقُ مبرَّر، ذلك أنَّ أيَّ عودةٍ إلى انفراط العقد السوري ستكون وخيمةَ العواقب على سوريا ومحيطها، وربَّما على العالم أيضاً. سوريا المستقرة المعتدلة تشكّل فرصةً لبناء جدار ضد التَّطرفِ والإرهاب. ودعماً لسوريا هذه تبلورَ الاحتضانُ العربيُّ والدوليُّ الواسعُ للرئيس الشرع. ضاعفَ قلقَ الدَّاخل والخارج عدوانُ إسرائيلَ على رموزٍ سياديةٍ سورية في دمشق، وبذريعة الدّفاعِ عن الدّروز وفرضِ صيغةٍ تجعل الجنوبَ السُّوريَّ منزوعَ السلاح. وثمة من يعتقد أنَّ إسرائيلَ تشعر بانزعاج شديد من الاحتضان الواسعِ للشرع، وأنَّ مطلبَها الحقيقيَّ هو سوريا ضعيفة في مركز القرارِ فيها. ثم إنَّ ظهورَ سوريا مستقرة ومعتدلة سيعيد طرحَ حقوقها في استعادةِ مرتفعات الجولان. لا غرابة أنْ تشهدَ سوريا الجديدة امتحاناتٍ قاسية. الإرثُ أكثرُ من ثقيل. لم تعِشْ سوريا في العقود الماضية في ظلّ دولة طبيعية، أو شبهِ طبيعية. كانت تعيش في ظلّ رجل قويّ يديرها عبرَ أجهزة الاستخبارات التي التهمت دورَ الحزبِ والحكومة معاً. ولم يكُنْ باستطاعة المكوّناتِ التعبيرُ عن مطالبها أو مخاوفها، لأنَّ ذلك يعرّضُها لضربات بلا رحمة. وتحت عباءةِ الخوف من التعبير والمجاهرة كان الغضبُ يتنامى ويتربَّص. ومنذ هبوبِ «الربيع العربي» على نظامِ الأسد الثاني كانت سوريا تعيش عمليّاً بلا دولة، وعلى وقع الدّم والبراميل والميليشيات. وإذا أضفنَا إلى ما سلف فرارَ ملايين السوريين من بلادهم، ومعاناة من بقيَ من التّدهور الاقتصادي والفقر وغياب الخدمات، تكتمل الصورة. لم يكُن متوقعاً أن تتصدَّى حكومة الشرع في حفنةِ شهور لمَهمَّاتٍ تحتاج إلى قرارات صعبةٍ وإمكاناتٍ لم تتوافر بعد. بدت في صورةِ من يتلمَّس طريقَه وسط رؤى مختلفة للمستقبل حتى داخل الفريقِ الذي أسهم في إطاحةِ حكمِ بشار الأسد. وكانَ على الشرع أن يُبحرَ وسطَ هذا كلِّه، ولم يكُنِ الجنوحُ إلى الاعتدال سهلاً وبلا أثمان. سألت رجلاً يرافق الأحداثَ السورية عن قربٍ بحكمِ موقعه. قالَ كلاماً يستحقُّ التَّبصر فيه. اعتبر أنَّ «الوضع الحالي في سوريا وُلد من انهيار النّظام أكثر ممَّا ولد من انتصارِ المعارضة. انهيار الجيش السُّوري في حلب وأخواتِها يُذكّر بانهيار الجيش العراقي في الموصل. إنَّ الغرضَ من تحرُّك المعارضة في اتجاهِ حلب كانَ تحريكَ الجمود الذي كانَ قائماً، وإيفادَ رسالةٍ إلى الأسد أنَّ عليه العودة إلى التفاوض. فُوجئ المهاجمون بانهيارِ الجيشِ السُّوري وعدمِ رغبته في المواجهة». وأضاف أنَّ «الشرعَ نفسَه لم يكن يعتقد أن طريقَ دمشق مفتوحةٌ أمامه. الدَّولة التركية لم تكُن تتوقَّع سقوطَ الأسد. وكانَ باستطاعة الأسد وقفَ التَّدهور لو نطق بالعبارةِ التي كانت مطلوبة منه وهي: أنَا موافق على لقاء إردوغان. لو قالَها لما شجعت تركيا الشّرع على التَّقدم نحو دمشق. بدلاً من قولِها قال الأسدُ إنَّ إردوغان كاذبٌ ولا يمكن الوثوقُ به، ويريد توظيفَ لقاء القمَّةِ في حساباتِه الداخلية. تلك العبارةُ قتلت نظامَ الأسد». بعد إعلانِ وقف النار في السويداء، قالَ المبعوث الأميركي إنَّ «على كل الفصائل إلقاء سلاحِها». والحقيقة أنَّ الانتقالَ من زمن الفصائلِ إلى زمن دولةِ القانون حاجةٌ سوريَّةٌ مُلِحَّة. لا خيارَ أمام سوريا غير سلوكِ طريق الدولةِ الطبيعية، دولةِ المواطنةِ والمؤسساتِ تحت سقفِ وحدة الأرض والتساوي بين المواطنين والحوار الوطني العميق تحت سقفِ الشرعية وحقّ الاختلاف في ظلّ القانون.