
العنوسة... المشكلة والحل!
وهي قضية ظلم البنت حتى تتحول إلى عانس بعد ان فاتها قطار الزواج لأسباب قد تكون وجيهة... ولكن أكثر الأسباب واهية مع كل أسف، خصوصاً بعد أن زادت الأعداد بشكل كبير خلال السنوات الماضية في المجتمعات العربية وبعض الدول نسب العنوسة فيها صادمة، وهناك العديد من الرسائل التي تصل لنساء متضررات من العنوسة.
وهناك مجموعات تتبنى العنوسة كخيار وتدعو له، وأهم الأسباب التي ساهمت في هذا التحوّل لديها هو شعور العديد من النساء بالاكتفاء الذاتي، نتيجة توفر الوظيفة، وأصبحت الحياة المستقلة أكثر سهولة، وكل ما يردنه متاح من دون عناء، والقدرة على تحقيق الاستقرار المادي من دون الحاجة إلى شريك حياة.
وزادت نسب العنوسة عندما تركنا العمل بالهدي النبوي الشريف الذي يقول «إذا جاءكم مَنْ ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير»، وتمسكنا بعادات وتقاليد بل وقدمناها في كثير من الأحيان على وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم.
وإذا كانت دخول أغلب الشباب بالكاد تكفي لبناء أسرة بسبب ارتفاع المصاريف، نأتي ونطلب مبالغ يعجز عنها وعن دفعها إلا من خلال القروض، ووضع العراقيل والشروط التعجيزية أمامه، فهذا بالطبع سيؤدي لعزوف الشباب عن الزواج، والبحث عن طرق أخرى منها الزواج من الأجنبيات.
وقد يكون تعدد الزوجات هو أحد المخارج لهذه المشكلة، وإن كانت هناك معارضة من البعض مع الأسف، ولكن هذا شرع الله تعالى.
وهناك أسباب كثيرة ساعدت على زيادة الأرقام بشكل كبير خلال السنوات الفائتة، مثل الظروف الاقتصادية وارتفاع تكاليف الزواج بشكل مبالغ فيه.
ولعل الحفلات والهدايا التي تسبق الزواج يزيد سعرها على المهر المقدم، والبعض من محدودي الدخل ولكن يكلف نفسه فوق طاقتها لدرجة أنهم يسافرون لدول أوروبية من أجل تجهيز العروس مما فاقم التكاليف، وهو ما يجعل الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج أو يؤجلونه.
ولعل وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في زيادة هذه الظاهرة، حيث تشاهد الفتيات حياة المشاهير من الصرف والبذخ، ويعتقدن أن هذه هي الحياة الطبيعية، مما يسبّب ضغطاً مجتمعياً يتمثل في شروط معينة للزواج مثل الرفاهية أو المستوى التعليمي أو الوضع المالي، ما يحد من فرص التوافق بين الطرفين.
وحتى نعالج مشكلة العنوسة، فهناك العديد من الحلول والدور يشترك فيه الجميع الأسرة والمجتمع ووسائل الإعلام، فمن الحلول الاقتصادية تخفيض المهور وتيسير متطلبات الزواج، ودعم الشباب المقبلين على الزواج، وتوفير سكن مناسب وإيجاد حل لطوابير الانتظار لبيت الأحلام.
ومن الحلول الاجتماعية، التوعية عبر الإعلام والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام أن الزواج شراكة وليس صفقة، وتقديم استشارات نفسية واجتماعية للمقبلين على الزواج وتقديم الدورات لهم. ودور الأسرة في تشجيع الأبناء على الزواج المبكر إذا توافرت القدرة. واحترام خيارات الأبناء وعدم التسبّب في تأخير زواجهم بسبب الطموحات أو التوقعات الزائدة.
ومن الحلول الدينية، نشر الوعي بأهمية الزواج في الإسلام كوسيلة للعفاف والاستقرار، والتركيز على الكفاءة في الدين والخلق بدل المال والمكانة.
يقول الأديب علي الطنطاوي «يا أيها الشباب عجلوا بالزواج فإنكم لا تطيعون الله بعد إتيان الفرائض وترك المحرمات بأفضل من الزواج، يا أرباب الأقلام، ويا أصحاب المنابر، اجعلوا الزواج من أول ما تعملون له وتسعون لتيسيره، والله يوفقكم ويجزل ثوابها».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 2 أيام
- الرأي
ومن سيصدقني يا خديجة؟!
بين جبال مكة... قلب يرتجف... لم يكن محمد بن عبدالله، يعرف أن تلك الليلة ستقسم حياته إلى زمنين... في غارٍ ضيقٍ في أعلى حراء، كان قلبه ينبض بأسئلة لا صوت لها: من أنا؟ ولماذا هذا العالم معتمٌ إلى هذا الحد؟ كيف ينام الناس في حضن أصنام لا تتكلم، ولا تعطي، ولا تمنع؟ لماذا الظلم وسحق الضعفاء؟ هناك، حيث لا أنيس إلا الصمت، جاءه الصوت: «اقرأ!» ارتجف الجسد... ارتجف النبض... حتى الجبل نفسه أحسّ أن في الصخر حياةً ترتعش. «ما أنا بقارئ!» ولم تكن هذه فقط كلمة العجز، بل صرخة الإنسان في وجه المستحيل: كيف أقرأ وأنا ابن الصحراء، لم أتعلم من أحد، ولا كتب عندي ولا أقلام؟! الصوت يعود... والرهبة تزداد... «اقرأ باسم ربك الذي خلق...». هنا بدأ الكون كله يتغير في عيني محمد -صلى الله عليه وسلم-... لم يعد مجرد رجل يبحث عن معنى، بل صارت كل ذرة في جسده مرآة للغيب؛ من أين جاء هذا الكلام؟ من يصدّقني لو قلت إنني سمعت صوت السماء؟ عاد للبيت... وما أصعب العودة إلى البيت حين لا تعود كما خرجت! طرق الباب على خديجة، لكنه لم يعد زوجها الذي عهدته، بل رجل رأى ما لا يُرى، وسمع ما لا يُسمع. «زملوني... زملوني...». كانت يداه ترتجفان، وصدره يعلو ويهبط كمن خرج من قاع البحر... تنظر إليه خديجة بقلق ودهشة: - «ما بك يا ابن عبدالله؟» - «لقد خِفت على نفسي... جاءني جبريل... قال لي: اقرأ!» وهنا... يختصر محمد -صلى الله عليه وسلم- كل قلق النبوة في سؤال واحد: «ومن سيصدقني يا خديجة؟!» مشاعر الإنسان... لا مشاعر النبي فقط، في تلك اللحظة لم يكن محمد النبي، ولا الرسول المبعوث، بل كان الإنسان الذي يواجه أكبر اختبار: هل أنا مجنون؟ هل كل ما عشته من صدق وأمانة واحتمال وصبر كان فقط ليقال عني في النهاية: أصابه شيء من الجن؟ كان يتذكر أيام فقد أمه، وأيام اليتم عند جده، وساعات الرعي وحيداً في بادية بني سعد، ثم ليالي التأمل الطويل في حراء... كل هذا ليواجه الآن شكوك مكة كلها! وفي عيني خديجة... وجد الجواب: - «والله لا يخزيك الله أبداً...» خديجة لم ترَ جبريل، ولم تسمع الوحي، لكنها رأت في عيني محمد -صلى الله عليه وسلم- صدقاً لا يخطئه قلب. كانت أول من صدق، أول من صدّر الطمأنينة، أول من قال له: «لا... أنت لست مجنوناً. أنت صادقٌ أمينٌ، تصل الرحم، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم...» وفي تلك الليلة، بدأ تاريخ جديد... من بيت صغير في مكة، إلى كل بيت فوق الأرض. من رجل متحنث في غار... إلى أمة من مليارين! من كان يظن أن ذاك الرجل الذي احتضنته خديجة بين يديها، سيصبح اليوم قدوة لأكثر من ملياري إنسان؟ من كان يظن أن تلك الدموع المرتجفة ستصبح نوراً يفيض على قلوب لا نهاية لها؟ كل نبي، وكل مرسل من الله، يبدأ بصدى سؤال كهذا: «من سيصدقني؟». ويكون الجواب دائماً في صدق التجربة، وفي عمق الألم، وفي الأمانة مع النفس. محمد -صلى الله عليه وسلم- خرج من الغار مرتجفاً، لكنه لم يخرج وحده. معه حملت خديجة ثقله، وسار معه أبوبكر، وأحبّه علي، وآمن به بلال... ثم صبر على السخرية، والاتهام، والإيذاء. لم يأتِ النصر في يوم وليلة. بل في كل ليلة كان ينام فيها على يقين بأن الله أصدق من قريش، وأن قلب خديجة أحن عليه من كل مكة. اليوم، يردد المسلمون الشهادتين في كل قارة... واسم محمد -صلى الله عليه وسلم- الأكثر ليس فقط في بلاد المسلمين ولكن أيضاً في بلاد الإنكليز. لكن الحقيقة أن كل إسلام جديد هو صدى لتلك اللحظة الأولى، حين وقف محمد -صلى الله عليه وسلم- أمام خديجة وقال: «ومن سيصدقني يا خديجة؟!». وكل مؤمن جديد يردد في سره السؤال نفسه، ويجد الجواب في عيني أمٍّ، أو صديق، أو زوجة أو قلب يصدق وينصت للحق. هكذا بدأت الرحلة... وهكذا تستمر... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر... وكل ما لا يُراد به وجه الله يضمحل.


الأنباء
منذ 2 أيام
- الأنباء
من خاف الله أخاف الله منه كل شيء
رأس الحكمة مخافة الله، وهي الحصن الحصين والمنجية من نار وقودها الناس والحجارة، بإذن الله، وقد قال الحسن البصري، رحمه الله: «من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن خاف الناس أخافه الله من كل شيء»، فبمخافته ننال العزة والمنعة والكرامة والهيبة، وبها نستدل على كل خير، تأملوا قول المولى عز وجل (رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه) (البينة - 8)، وكذلك قوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) (الطلاق - 2 و3). وقد قال حكيم: أتم الناس عقلا أشدهم خوفا لله تعالى، وقال آخر: خف الله كأنك تراه، فإن لم تره فإنه يراك، ولا يمنعنا ذلك من حسن الظن بالله، فحسن الظن بالمولى عز وجل مبدأ أساس في الإسلام، وهي عبادة وجدانية عظيمة، تنعكس على سلوكنا وتجعلنا أكثر تفاؤلا وسعادة واطمئنان، فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم، يقول الله تعالى (أنا عند ظن عبدي بي...) إن الخوف من الله ورجاء رحمته وعفوه واجب يلزم العبد التحلي بهما، فالعاقل الكيس لا يأمن مكر الله ولا يقنط من رحمته، فكما أن من صفاته الرحمة والعفو والمغفرة، فمن صفاته أيضا أنه ينتقم وأنه شديد العقاب (نبئ عبادي أني أنــا الغفور الرحيم وأن عذابي هــو العذاب الأليم) (الحجر- 49 و50). إن مخــافة الله سراج القلب وما فارق خوف الله قلب أحد إلا خرب، وإنما يهاب المرء على قدر هيبته الله، وكل أحد إذا خفته هربت منه إلا الله إذا خفته هربت إليه، وسبحان الله فكل الخوف خوف إلا مخافة الله فإنها سكينة وطمأنينة، وفي الختام يقول الإمام الشافعي رحمه الله: خف الله وارجوه لكل عظيمة ولا تطع النفس اللجوج فتندما وكن بين هاتين من الخوف والرجا وأبشر بعفو الله إن كنت مسلما ودمتم سالمين.


الجريدة
منذ 3 أيام
- الجريدة
أهلاً وسهلاً... ورحم الله الصينيين!
لهذا العنوان قصة طريفة في الموروثات اليمنية، فحواها أن امرأة من مدينة صنعاء تزوجت في بداية سبعينيات القرن الماضي برجلٍ من مدينة حجَّة - وتبعد حوالي 125 كيلومتراً عن الأولى- وكانت تشتاق لرؤية أهلها كثيراً، ونظراً لوعورة الطريق لم يكن باستطاعتها زيارتهم، أو باستطاعتهم زيارتها، بين الحين والآخر، ولكن عندما افتتحت طريق (صنعاء – عمران – حجَّة)، التي أنجزها الصينيون كانت أسرتها تزورها، وكانت تلتقيهم فرحةً وتقول: «أهلاً وسهلاً... ورحم الله الصينيين»، أي رحم الله الشهداء الصينيين الذين قضوا نحبهم في شق هذه الطريق الجبلية الوعرة وذات المخاطر الكبيرة. وقد احتفى كتاب «حصاد وزارة الأشغال العامة خلال عشرين عاماً (1962 – 1982م)» بذكر هذه الطريق، التي أنجز تخطيطها وتنفيذها فريق فني من جمهورية الصين الشعبية، حيث ابتدأ العمل فيها بشهر يناير 1975م، وتم الانتهاء منها في ديسمبر 1981م، وبلغت كلفتها حينذاك 218 مليون ريال يمني، لتعد أحد إنجازات الثورة اليمنية المهمة، فقد ربطت العاصمة صنعاء بمدينة النصر (حجَّة)، وتمَّ شقها عبر مناطق جبلية وعرة وفي غاية الصعوبة. ويصف هذه الطريق قبل شقها وتعبيدها الأستاذ شائف الحسيني في كتابه «رحلة الشوق والحنين»، بالقول: «كانت الطريق وعرة جداً، وكلما سار بنا (البابور– شاحنة كبيرة) مسافة تزداد وعورتها تباعاً، ويتمثل ذلك في عقباتٍ صاعدة، ومنحدراتٍ خطيرة، فقد كنت أشعر بالخوف والتوتر الشديد من أن ينزلق هذا البابور المتهالك ويودي بنا إلى وادٍ من تلك الوديان السحيقة التي نشاهدها يميناً ويساراً من فوق سطحه، فكانت رحلة مليئة بالمتاعب والعناء والخوف». وحقيقة هذه الطريق المرعبة مازالت حتى بعد تعبيدها مصدر قلقٍ لكل العابرين منها، وتحديداً في منطقة الخُذالي، حيث نُحتت من أصل الجبل. الجدير بالذكر أن الصينيين كانوا من أوائل الشعوب التي وقفت مع اليمن، حيث تركوا بصماتهم البيضاء في كل محافظاته، وبذلوا عرقهم ودماءهم، وحياتهم أيضاً، لاسيما في مشاريع الطرق – شريان الحياة – وكان أولاها طريق صنعاء – الحديدة، والتي لايزال يطلق عليها اليمنيون «الطريق الصينية»، ويبلغ طولها 231.46 كيلومتراً، وتم تنفيذها ابتداء من نوفمبر 1958م، وافتتحت في يناير 1962م، تحت إشراف وزارة المواصلات الصينية التي بعثت 519 شخصاً على التوالي إلى اليمن لمسح واختيار الخط، ووضعت تصميم الطريق، وبدأت الفرقة الصينية لخبراء الطرق العمل فيها في فبراير 1959م، وكانت هذه الطريق الأولى العامة التي بنتها الصين في منطقة غربي آسيا وشمال إفريقيا. ومن الصعب نسيان قصص التضحية وحُب العمل، والتحدي والمخاطرة، التي قدَّمها الأصدقاء الصينيون عند إنجازهم هذا المشروع الحيوي، وباستخدام أدواتٍ بدائية وأبسط مُعدات المسح والشق والسفلتة، ليخلد أسماء فنيي وعمال ومهندسي المشروع بأحرفٍ من نور في سجل التاريخ، ولن ينسى اليمنيون استشهاد المهندس العام للمشروع/ تشانغ تسي شيوا أثناء عمله، وهو في سن 39 عاماً، وتم دفنه مع أكثر من 60 شهيداً صينياً في مقبرة الشهداء الصينيين الواقعة في منطقة عصر– إحدى ضواحي العاصمة صنعاء – الذين وافاهم الأجل وهم يؤدون العمل في هذه الطريق، وقد تم عمل نصب تذكاري لذكراهم. * صحافي يمني