logo
فيلم "أنورا".. هل تستحق "ساندريلا الفاسدة" 5 جوائز أوسكار؟

فيلم "أنورا".. هل تستحق "ساندريلا الفاسدة" 5 جوائز أوسكار؟

الجزيرة١٢-٠٣-٢٠٢٥

فاز فيلم "شكسبير مغرما" (Shakespeare in Love) بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم عام 1999، وكان السباق نحو الجائزة، في ذلك العام، يضم "الخيط الأحمر الرفيع" (The Thin Red Line) للمخرج تيرانس ماليك، و"إنقاذ الجندي رايان" (Saving Private Ryan) للمخرج ستيفن سبيلبيرغ.
قامت الدنيا ولم تقعد حينها، إذ تصعب المقارنة -من حيث المبدأ- بين الفيلم الفائز والتحفتين السينمائيتين اللتين حرمتا من الجائزة وتحولتا -فيما بعد- إلى أهم كلاسيكيات السينما الأميركية.
حاول النقاد والجمهور والمتابعون البحث عن تفسير، لكن الحدث مضى تاركا التاريخ حكما وحيدا، ليخلد "الخيط الأحمر الرفيع" كأعظم فيلم حربي في تاريخ السينما و"إنقاذ الجندي رايان" باعتباره ضحية حسابات خاطئة للقائمين على الجائزة.
ويتوه "شكسبير مغرما" في الزحام، لكنه يترك الباب مفتوحا أمام الشكوك المتصاعدة حول المعايير التي ينبغي توفرها في منح الجوائز الأرقى والأهم في عالم السينما.
ويأتي فوز فيلم "أنورا" (Anora) بـ5 من جوائز الأوسكار لعام 2025، والتي أعلنت قبل أيام، ليعيد طرح السؤال الكبير حول مدى استحقاق الأفلام التي يتوج صناعها على عرش السينما العالمية فور إعلان فوزهم أو ترشيحهم لها؟
ويمكن التشكيك في استحقاق "أنورا" للجائزة، لأسباب عديدة، لعل أهمها ذلك الإيقاع المزدوج للفيلم، والخلل الواضح في إعادة سرد الحكاية الشعبية التي احتواها بتحويل السندريلا من فتاة جميلة يتيمة طيبة، إلى فتاة ليل تبحث عن حياة مريحة عبر مراهق روسي ينتمي إلى أسرة ثرية.
حكاية أنورا والسندريلا
يقتحم صناع العمل الشوارع الخلفية لمدينة نيويورك الأميركية بحثا عن المهمشين والضعفاء الذين لا يجدون الفرص لحياة مريحة، وهناك تظهر أنورا (ميكي ماديسون) وتعمل كفتاة ليل.
وفي إحدى المهام يبتسم لها الحظ، إذ يقع في غرامها المراهق الروسي فانيا (مارك ايدلشتاين) ينحدر من والدين ثريين هما نيكولاي وغالينا زاخاروف، ويقرر الزواج منها، فتتغير حياتها تماما، لكن الخبر يصل إلى والديه، فيبدأ الصراع بين الأسرة التي قررت إنهاء الزواج، وأقنعت الابن، وبين أنورا التي تدافع عن حياتها الجديدة.
وقد حاول المخرج شون بيكر من خلال السيناريو الذي كتبه بنفسه تحديث حكاية السندريلا الكلاسيكية من خلال وضع بطلته في بيئة مليئة بالتحديات المختلفة تماما عن تلك التي واجهتها السندريلا الأصلية.
فبينما تعمل أنورا أو "آني" في سياق يخلو من الضوابط الإنسانية والأخلاقية والقيمية، فإن السندريلا كانت تعيش في منزل والدها، وتتعرض لاضطهاد زوجة أبيها، وبالتالي فالأحداث تقع ضمن سياق أسري.
قصة السندريلا هي تقليديا حكاية الأمل والسحر وانتصار الفضيلة على الشدائد، أما في فيلم "أنورا"، فيتم نقل هذه القصة إلى بيئة منحطة، حيث قام شون بيكر -بلا رحمة- بتجريد الحكاية من العناصر الساحرة التي تميز القصة الأصلية، ليصبح الأمر أشبه بحادثة تصادم مروعة بين مركبتين، هما الواقع القاسي في الشوارع الخلفية بنيويورك، ومركبة الخيال المتأصل في قصة سندريلا، وبالتالي فإن النتيجة الطبيعية تظهر في صورة ارتباك للعمل ولمشاهد العمل.
لكن السؤال الجذري لا يتعلق فقط بمهنة أنورا ولكنه يبحث عن تاريخها، من أين جاءت وكيف اختارت أن تسقط في مستنقع لا أخلاقي؟ يكتفي بيكر بالنموذج دون تاريخ للشخصية، وفي المقابل فإن بناء شخصية السندريلا واضح في الأسطورة الشخصية، والتحولات التي نتجت عن وفاة والدتها وزواج والدها أيضا.
الإيقاع السردي المزدوج
لجأ صناع فيلم "أنورا" إلى تقسيم العمل إلى فيلمين من حيث التتابع، والإيقاع، فبدا للمشاهد أن هناك هيكلين سرديين، أولهما يتأمل بإشباع وإلحاح مبالغ فيه في تفاصيل حياة أنورا وعملها، ونجح شون بيكر في صنع تجربة قاسية وكئيبة تحول المشاهد إلى جزء منها.
وفي تناقض صارخ، يتغير النصف الثاني من الفيلم بشكل كبير في الأسلوب والإيقاع. عندما تتورط آني في علاقة مع شاب ثري يعرض عليها الهروب من حياتها الحالية.
يتبنى الفيلم منهجا دراميا رومانسيا تقليديا رغم الظروف المحيطة بالطرفين، فلدينا شاب عابث مدمن وفتاة ليل كطرفين يصعب تصديق نشوء علاقة عاطفية صادقة بينهما، ويعطل هذا الانتقال المفاجئ تدفق السرد، مما يخلق تجربة متناقضة للمشاهد. ويخلخل هذا التناقض اللوني والإيقاعي بين نصفي الفيلم تماسكه ويضعف تأثير القصة.
صنع التناقض بين الإيقاعين حالة من عدم القدرة على التركيز أو الانحياز لدى المتلقي، خاصة مع التطورات المأساوية في الجزء الثاني من الفيلم والمونتاج الذي يشبه إلى حد كبير مونتاج أفلام الحركة، وهو ما صنع حاجزا سميكا بين المشاهد والعمل، ومنعه من التطور العاطفي الذي بدأ في الجزء الأول.
يستثني المخرج شون بيكر إيقاع النصف الثاني من فيلمه من التسارع، ويقدم المشهد الرئيسي لعمله على متن طائرة، وتواجه خلاله آني -بطلة الفيلم- زوجها المنفصل عنها فانيا، وأمه المتسلطة، غالينا (داريا إيكاماسوفا)، ويجسد حوارهما قضية الفيلم حول القوة والاستقلالية والصراع الثقافي.
الاستقبال النقدي واتجاهات الصناعة
لم يحصل "أنورا" على جوائزه الخمس فجأة، بل سبقتها حملة استقبال هائلة مهدت لها في الإعلام، وخاصة الإعلام الهوليودي، وهو ما يستدعي إلى الذاكرة تلك الحملة التي سبقت فوز فيلم "مخلوقات بائسة" (Poor Things) للمخرج يورغوس لانثيموس بالأوسكار العام الماضي، والغريب أن بطلتي العمل كانتا تعملان في المهنة نفسها "فتاة ليل"!
وينضم إلى القائمة عدد كبير من الأفلام التي تؤكد أن هوليود تميل كثيرا إلى القصص التي تركز على "فتيات الليل"، وغالبا ما تكافئ مثل هذه الأعمال بإشادة النقاد والجوائز. من الممثلة جانيت غاينور في فيلم "ملاك الشارع" (Street Angel) في 1928 إلى إيما ستون في "مخلوقات بائسة" (Poor Things) سنة 2024.
وإذا كان أداء ميكي ماديسون لدور "أنورا" الذي شهد ثناء لا حد له قد غطى على أزمة الفيلم الهيكلية في إيقاعه ومعالجته الفنية، فإن فوزها بأوسكار أفضل ممثلة كان يكفي دون تتورط أكبر مؤسسة سينمائية في العالم في منح جائزة أفضل فيلم أيضا للعمل نفسه، أما وقد منحت الجائزة للفيلم والممثلة، فإن معايير الأوسكار نفسها تحتاج إلى إعادة نظر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

4 أفضل عمل الأفلام يتدفقون على هولو
4 أفضل عمل الأفلام يتدفقون على هولو

أخبار قطر

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • أخبار قطر

4 أفضل عمل الأفلام يتدفقون على هولو

closeVideo فوكس نيوز فلاش أعلى عناوين الترفيه عن 7 أيار / فوكس نيوز فلاش أعلى الترفيه والمشاهير العناوين هنا. تحقق من ما هو النقر اليوم في الترفيه. لا شيء يتحول مملة فيلم ليلة في مثيرا تماما مثل جودة الفيلم العمل. في حين أن العديد من يتحول إلى هولو أن الإفراط في مشاهدة التلفزيون المفضلة لديك ويظهر بعض الأحيان ننسى أن شعبية خدمة البث لديها مجموعة رائعة من الأفلام في المكتبة. من بين تلك المجموعة هي بعض من الأكثر إثارة العنف و القلبية أفلام الحركة في هذا النوع. إذا كنت من محبي الخيال العلمي أو التاريخ أو الحديث حكايات من الانتقام ، هولو لديه شيء للجميع في محاولة لتلبية حاجتهم إلى مشاهدة بعض جيدة من الطراز القديم عمل السينما من الراحة من منازلهم. النساء الحوامل في خطر الفيروس ؟ لمساعدتك على خطة المقبل فيلم الليلة التي سوف أترك لكم الغوص لتغطية وراء الأريكة الخاصة بك أدناه ملخصا أفضل 5 أفلام الحركة حاليا يتدفقون على هولو: ''كتاب إيلي '' دينزل واشنطن النجوم في مرحلة ما بعد المروع الغربية, 'كتاب إيلاي.' (وارنر بروس) هذا 2010 فيلم مثالية لكل من يبحث عن جيد في مرحلة ما بعد المروع الغربية مع كل عمل والعنف أي شخص يمكن التعامل معها. بطولة الجهات المعروفة مثل دينزل واشنطن, ميلا كونيس و غاري أولدمان, 'كتاب إيلاي' يلعب مثل أبطأ وأكثر الارض 'ماكس المجنون.' الفيلم يركز على الدؤوبة البعثة من رجل يدعى ايلي من الرحلات سيرا على الأقدام عبر القفار التي اعتادت أن تكون الولايات المتحدة 30 عاما بعد وقوع كارثة نووية. أثبت مهارة في كل بقاء بمفرده أخذ على مساحات كبيرة من اليأس اللصوص. عندما تصل إلى مدينة يحكمها رجل يدعى كارنيجي أن هاجس الحصول على يديه على كتاب معين ، ايلي المخاوف أنه نفس الكتاب انه تم تكليف مع تقديم إلى الساحل الغربي في جميع التكاليف. فيروس كورونا: كيف تختلف البلدان التي ردت على اندلاع ؟ ما يلي هو مغامرة يرى ايلي محاولة لدرء كارنيجي محاولات عديدة لسرقة الكريمة له كتاب كما انه لا يزال له من المستحيل تقريبا السعي الغربية. 'باتريوت' ميل جيبسون النجوم في ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم 'باتريوت.' (سوني بيكتشرز) ميل جيبسون النجوم في هذه رشح لأوسكار 2000 التاريخية فيلم الخيال أثناء الثورة الأمريكية. في حين جيبسون هو نجم الفيلم ، فإنه يمكن أيضا تباهى ممتاز العروض من النجوم المشاركين هيث ليدجر, Jason Isaacs, دونال لوغ وغيرها الكثير. الفيلم يحكي قصة النقيب بنجامين مارتن ، المخضرم من الحرب الفرنسية الهندية الذي يرفض في البداية الانضمام إلى زملائه في ولاية كارولينا الجنوبية المقيمين في ارتفاع ضد الحكم البريطاني خوفا من آخر حرب دموية. ومع ذلك ، عند ابنه البكر ينضم إلى الجيش القاري عن غير قصد يجلب المعركة إلى منزل عائلته ، مارتن على العودة إلى القتال في محاولة مجانا منزله من المستبد الحكم البريطاني. على وجه التحديد, من الكولونيل وليام تافنجتون من الجيش البريطاني ، من دون إفساد أي شيء ، البغيض إلى مارتن المنزلية. هي حزم من فيروس كورونا-ضرب الصين آمنة التعامل معها ؟ في حين أن الفيلم هو فقط مقتبس عن الأحداث التاريخية ، فإنه يقوم بعمل رائع من تتبع الثورة الأمريكية من البداية حتى النهاية المريرة حين يحكي قصة عاطفية من الرجل يائسة أن تكون خالية من الصراع. 'الموت' بروس ويليس النجوم في طبعة جديدة من 'الموت.' (MGM) غير أن تكون ارتباك مع الأصل 1974 فيلم من بطولة تشارلز برونسون ، 2018 طبعة جديدة من 'رغبة في الموت' من بطولة بروس ويليس هو أخذ الحديث على قصة كلاسيكية من الانتقام و التنظيمات التي من المؤكد أن إرضاء سعيكم عمل جيدة المحتوى. الفيلم يلي بول كيرسى جراح الذين يعيشون في شيكاغو أن مأساوي يفقد زوجته أثناء اقتحام منزل من قبل مجرمين أيضا أن يترك ابنته في غيبوبة. الحزن المنكوبة ، بول يحاول قصارى جهده للحصول على الشرطة من أجل حل القضية ، ولكن التقدم بطيء جدا بالنسبة له. وقال انه في نهاية المطاف يسرق بندقية ويبدأ إلى الشوارع و يطلق علامته التجارية الخاصة من العدالة الأهلية. ما مدى خطورة الفيروس ؟ فيلم كلاسيكي الانتقام حكاية أن يتبع الفيلم الأصلي إلى حد ما دقيق ولكن بالتأكيد يأخذ يتحول في اتجاه لتحديث القصة. 'مهمة مستحيلة: تداعيات' توم كروز النجوم في الدفعة السادسة في 'مهمة مستحيلة' امتياز 'تداعيات.' (Chiabella جيمس/الصور قصوى Skydance طريق AP) في مثال هولو تقدم أكثر محتوى الفيلم من الناس يدركون ، 2018 اقبال و الدفعة السادسة في الانتخاب ، 'مهمة مستحيلة: تداعيات' متاح تيار على منصة شعبية. بالنسبة لأولئك غير مألوف, أفلام التعامل مع المستحيل البعثات القوة (صندوق النقد الدولي) و أعلى من المنطوق ، إيثان هانت ، لعبت توم كروز. لسنوات فائقة منظمة تجسس قد أحبطت مختلف المروع التهديدات في جميع أنحاء العالم, الفيلم السادس هو استثناء. انقر هنا للحصول على فوكس نيوز التطبيق عندما جماعة إرهابية مطاردة وزمرته تعاملت في السابق مع تنظيم صفوفهم ومحاولة الحصول على الأسلحة النووية ، ومطاردة فريقه فشل في المحاولات الأولية لوقفها. عندما عميل جديد يتم إحضارها إلى الفريق الذي لديه القليل جدا من التسامح أو احترام الطريق الأسطوري وكيل وفريقه تعمل عادة. كما المعقد مطاردة قائمة من الحلفاء تتضاءل كما يصبح من الواضح أن الإرهابيين لم أكثر من تجميع صفوفهم ، أنها تسلل بعض من أعلى منظمة في العالم.

'جرائم مانسون'.. قائد طائفة جذاب مزج الجريمة بالموسيقى والغناء والحرية
'جرائم مانسون'.. قائد طائفة جذاب مزج الجريمة بالموسيقى والغناء والحرية

الجزيرة

time٣٠-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

'جرائم مانسون'.. قائد طائفة جذاب مزج الجريمة بالموسيقى والغناء والحرية

'أنا رجل آلي ومن حولي عائلتي ثمة وقت للعيش فالزمن ملح ذائب يا له من عجب أن تعيش كل هذا الاضطراب والإحباط والشك هل تستطيع يوما أن تعيش بلا ألاعيب؟' من أغاني ألبوم 'مانسون' 1970 لا شك أن التعامل مع الجريمة بكل أشكالها في كثير من المجتمعات الرأسمالية، قد أدى إلى نوع من التعاطي المعتاد مع كون الجريمة تسير في موازاة التحولات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك التحولات الثقافية، واختلاف الوعي والمنظور الفكري، ونشأة عوامل متعددة مستحدثة، تتعلق بعلاقات وأخلاقيات، صارت تتشكل تباعا، وتشكل ملامح سلوك الجيل في كل حقبة زمنية. من هنا يمكننا النظر إلى هذا الوثائقي الجديد الذي يغوص فيه المخرج الكبير 'إيرول موريس'، وهو أحد أبرز أعلام السينما الوثائقية في العالم، ويتعمق هنا في جريمة الستينيات والسبعينيات التي هزّت المجتمع الأمريكي، وكان عنوانها الأبرز رجل يدعى 'تشارلز مانسون' (1934-2017)، جمع ما بين الغناء والتأليف الموسيقي والدعوة للتمرد والفوضى، وبين الجريمة والعنف والهوس الديني الممتزج بهوى طائفي وعرقي، اجتذب به كثيرا من الأتباع. كانت أمريكا تموج في حقبة استثنائية، تتعالى فيها موجات الحريات المدنية وحركات السود، ممثلة في حركة 'الفهود السود' الثورية الشهيرة، وخلال ذلك نمت الحركات الاجتماعية السلوكية الأكثر تطرفا، ممثلة في جماعات 'الهيبيز'، وكانت أمريكا الرسمية غارقة في وحل حرب فيتنام (1955-1975). كان دوي الرصاصات التي أُطلقت على الرئيس 'جون كينيدي' عام 1963 ما يزال يدوي عاصفا بالمجتمع بأسره، لتكتمل تلك الفوضى العارمة، التي كان المخرج 'إيرول موريس' محقا في جعلها عنوانا لهذا الفيلم الإشكالي، الذي يتعمق في كثير من الظواهر؛ ألا وهو 'الفوضى.. جرائم مانسون' (Chaos: The Manson Murders). ظواهر ضربت المجتمع الأمريكي خلال حقبة تتراوح ما بين مطلع الستينيات ومطلع السبعينيات، لا سيما أن المخرج مولع بتشريح القضايا الإشكالية المعقدة التي تضرب المجتمع الأمريكي، أو تلك التي تشكل ذاكرته ووعيه الجمعي. فاز 'موريس' بجائزة الأوسكار عن فيلمه 'ضباب الحرب' (The Fog of War) عام 2004، وعشرات الجوائز العالمية الأخرى، وكنا قد راجعنا في هذا الموقع فيلمه الشهير 'أس أو بي' (Standard Operating Procedure) تحت عنوان 'عذابات سجن أبو غريب'، وهو فيلم جدير بالأهمية، استخدم الصور الفوتوغرافية للغوص في التعذيب الذي مورس على السجناء العراقيين، إبان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. أجواء الستين الملتهبة في أمريكا يوظف المخرج 'إيرول موريس' نسقا تعبيريا وشكلا بصريا يرتكز في ركنيه على الحقيقة التاريخية الوثائقية، بموازاة ضخ التفاصيل في شكل تدفقات مقسمة على عدد من الفصول، ولهذا نجده يستهل الفيلم بمشهد افتتاحي وثائقي صادم، عن امرأة حامل في الشهر الثامن، تُقتل طعنا في جريمة تبعتها عدة جرائم، وهزّت ولاية لوس أنجلوس يومئذ. لكن الصدمة المضاعفة تمثلت في اكتشاف أن الضحية هي 'شارون بولانسكي' زوجة المخرج 'رومان بولانسكي'، وحين بدأت السلطات تحرياتها في المكان اكتشفت ضحايا آخرين من أصدقاء الضحية والمقربين منها. كانت جريمة طعن امرأة حامل وقتل الجنين في أحشائها عنوانا عريضا لحقبة مخيفة وغير مسبوقة، فيتوقف عنده السرد الوثائقي في استقصائه لتلك الحقبة المرعبة، التي صارت تجثم على صدور الأمريكان. كانت تلك الأجواء مشحونة وجدانيا، وفيها كثير من التأثر والمشاركة الصادقة لمحنة الضحايا وعائلاتهم، وكانت ترافقها حملة مسعورة، يتوقف الوثائقي عند أهم محطاتها، مبرزا كلمتي 'حرب' و'خنازير'، بوصفهما قاسمين مشتركين وكلمتين تكررتا وهما مكتوبتان بدم الضحايا على جدران مسرح الجريمة، وهو ما تكرر بعد ذلك على بعد أميال، وبعد وقت قصير من سلسلة الجرائم السابقة. هنا يمضي المخرج في توصيف طريقة ارتكاب الجريمة، مستعينا بما أتيح من وثائق، ومقابلة المدعي العام والشهود، في سرد استقصائي يتنقل بمرونة ورصانة بين كل تلك الوقائع، فيترك المشاهد في وسط دوامة لا نهاية لها من الدوافع الإجرامية، كما يقدم صورة مجتمع مطعون في وجدانه، وهو يعيش كل تلك الجرائم المتوالية. 'إنها الموسيقى والحركة والجاذبية التي لا أعرف سرها' أسست تلك الأرضية الإجرامية لتقديم شخصية استثنائية، ظهرت صورتها غلافا لمجلة 'لايف'، إنها صورة 'تشارلز مانسون' الذي سيصبح رمزا للعنف والجريمة، مصحوبا بولع شعبي في تتبع سيرته. وهذا ما يعزوه كاتب جرائمه وموثقها 'توم أونيل' إلى ولع شعبي بالغوص في عالم الخوف والمفاجآت، لا سيما مع شخصية استثنائية كـ'مانسون'، الذي صار يجمع بين قدرته الاستثنائية على استقطاب الأتباع من حوله، وكونه يعبر عن نفسه بالموسيقى والغناء، ثم ختم ذلك بنزعة إجرامية لها تخريج طوباوي مخادع، يربط الجريمة بالتطهير الديني والقدرات الخارقة. طبعت هذه المعطيات المثيرة الشكل البصري الذي اهتدى إليه المخرج في استخدام أسلوب التعليق الصوتي، الذي كان سائدا في تلك الحقبة، ناهيك عن شيوع الإطارات ذات الصبغة الحمراء، وانقسام الشاشة إلى قسمين وثلاثة أقسام وأكثر، وهي تحمل إنسانا يعلق أو يتحدث من جهة، ووثيقة رسمية أُفرج عنها من جهة أخرى. بعد ذلك يتتبع الفيلم بدقة مراحل تشكل فرقة من أتباع 'مانسون'، إنهم حشود من المريدين المطيعين لإرشاداته وقوانينه الصارمة، التي جعلته يتحكم بهم، وسوف يجيب هو عن سر جاذبيته وقدرته على استقطاب الناس، فيقول: إنها الموسيقى والحركة والجاذبية التي لا أعرف سرها، تلك التي تميزني. وهو ما يؤكده المدعي العام 'ستيفن كاي' بقوله إن ميزة 'مانسون' أنه ظهر في ظل موجة جارفة من التغيرات الاجتماعية والثقافية، وكان الغناء والموسيقى غطاء لتوليد حركة انتباه واقعية، ما لبث 'مانسون' أن مزجها بشعارات تقرب الناس من الخلاص الديني، فأدخل الأتباع والمريدين في نوع من الهوس الشخصي به، من خلال ذلك المزيج الغريب من هلوسات المخدرات، إلى إطلاق ألبومات الغناء والموسيقى، إلى محاضرات غسل الدماغ، إلى هجرة المجتمع والعيش في البرية، وهذه كلها استخدمها 'مانسون' لجلب أتباع جدد، ما لبثوا أن بدؤوا يتكاثرون من حوله تكاثرا ملحوظا. 'تشارلي وفتياته'.. نسوة خاضعات يتبعن صوت الإله وظّف المخرج تتابع الفصول في سرده الوثائقي، وكان جلّ ما أوردناه آنفا متضمَّنا في الفصل الأول 'إطلاق السراح'، وقد أوصلنا إلى أناس مستعدين للقتل بلا ندم ولا تردد، وبحسب ما يُطلب منهم، ثم وصولهم إلى نقطة أنهم لا يتذكرون كيف ولماذا قتلوا ضحاياهم، وإنما كانوا يعبرون عن طاعة مطلقة لمعلمهم الروحي، زعيم جماعة العبيد المطيعين المستعدين لتنفيذ الأوامر حرفيا. في قسم آخر من تلك السيرة، يُتتبع 'مانسون' وقد أمضى معظم عام 1967 في سان فرانسيسكو، في ذروة 'صيف الحب' والأزياء والترف واندفاع الشباب باتجاه عالم 'الهيبيين' الذين يتمركزون هناك، حيث يتكدس أكثر من 100 ألف إنسان لتقليدهم أو الإعجاب بهم، وخلال ذلك كانت 'عائلة مانسون' من أتباعه ومريدوه قد كبرت، وصار يُطلق عليهم 'تشارلي وفتياته'. كانت عنده فتيات محظيات ذوات طبيعة إجرامية، وكن يطعنه لدرجة أنهن لا ينطق إلا حين يخاطبهن، فقد كن خاضعات راضخات له ولإرادته، ويقلن إن صوته صوت الإله، وكان هو يردد: أنا لست إلا امرأ جاهلا خرج من الإصلاحية، لكن تلك الفتيات رأين فيّ شيئا لم أره في نفسي، فمثلا هنّ رأينني رجلا لطيفا، مع أنني لم أكن كذلك. يمتطي الوثائقي أداة مساعدة أخرى، كاشفا بُعدا آخر من أبعاد ذلك العالم المنغلق على نفسه، وذلك في شخصية الطبيب 'جولي ويست'، وهو خبير في التنويم المغناطيسي وغسل الدماغ، كان يستغل عيادته المجانية التي سماها 'عيادة الهيبيين'، لإجراء تجارب على المرضى. لم يكن ذلك إلا امتدادا لمشروع 'إم كيه ألترا' فائق السرية، الذي كانت تنفذه المخابرات الأمريكية بين 1953-1964، وهو مشروع استمر أكثر من 20 عاما، وكلف أكثر من 15 مليون دولار آنذاك، وكان يشتمل على التحكم بالعقول، وشمل تجارب في عدة جامعات ومراكز أبحاث. التجسيد الوثائقي لبرنامج الفوضى السرّي حدث تحول آخر واكب تلك المجموعة الاستثنائية، ألا وهو إقدامها –بأمر من 'تشارلي'– على قتل أحد المتأثرين بحركة 'الفهود السود'، ولهذا لم يكن هناك مناص من إعلان 'تشارلي' أن حركة النمور السود هم أعداء. تُظهر مشاهد وثائقية دهم الشرطة بأعداد هائلة عصابة 'مانسون'، وقد وجدت كوارث من سيارات مسروقة وأسلحة ومخدرات وفتيات قاصرات، واعتقلت الجميع، لكنها ما لبثت أن أخلت سبيلهم بعد 3 أيام. تزامن ذلك مع فوضى عارمة بعد اغتيال الرئيس الأمريكي 'جون كينيدي'، وهرب المشتبه به في الجريمة خلال نقله من السجن. في الفصل الرابع الذي حمل عنوان 'إلقاء القبض'، وبعد أربعة أشهر من التحري والتحقيقات، أُلقي القبض على المجموعة والرجل الذي يقدسونه، وكان التفسير السائد أنهم ليسوا إلا قبيلة 'هيبية'، أفسدتها موجة الحريات الصاخبة والاستثنائية لحركة الستينيات، حتى صاروا وحوشا بانضمامهم إلى مجموعات تعاونية، من نشاطاتها التظاهر ضد الحرب، ثم أصبحوا قتلة مسعورين لا يحترمون الحياة. وهنا، كانت 'سي آي أيه' قد أنشأت برنامج 'فوضى 1967″، وهدفه اختراق المجموعات اليسارية والحركات المناهضة للحرب، وحركة الفهود السود، والحركات والمنظمات اليسارية والاشتراكية والنسائية، باتجاه تعطيلهم وإبادتهم، حتى إن عام 1969 شهد توقعات اندلاع حرب أهلية. هل كانت الجرائم ذات غطاء حكومي؟ أثيرت نظرية المؤامرة بعد سلسلة الجرائم المروعة، والسلوك العدواني المختلط بالشعوذة والانحرافات السلوكية، وأثيرت أسئلة جدية يسلط الوثائقي الضوء عليها، وخلاصتها سؤال محدد هو: هل كل ما جرى كان من تدبير الحكومة الفيدرالية بإطلاق يد 'مانسون' وعصابته لترويع المجتمع؟ لقد كان من أهم الخلاصات التي توقف عندها الوثائقي، هو القول إن ذلك الزلزال الذي أحدثه 'مانسون' وعصابته في المجتمع لم يكن إلا تحذيرا جديا وصارخا موجّها إلى النخبة والمشاهير، من مغبة مساندة اليسار، أو جماعات الحريات المدنية، أو المناهضين للحرب، وكذلك تيارات مثل الفهود السود. 'لا أستطيع التخلص من أفكاره وصوته' يُستهل الفصل الخامس 'المحاكمة' بدخول 'مانسون' المحكمة، وعلى جبينه علامة الصليب، وكذلك تفعل نساؤه وتكررن ما يقول، وحتى النسوة اللاتي كنّ في الخارج كانت له سيطرة عجيبة عليهن، أذهلت المجتمع الأمريكي، كما أذهلت الرئيس 'جونسون' نفسه. وها هو ذا يردد: إن عالمي عالم حزين، وكل شيء فيه يفضي إلى الجنون. كان ذلك في يناير/ كانون الثاني 1971، وكانت مساحة واسعة من الرأي العام لا ترى 'مانسون' إلا دمية استغلته الدولة، وكانت وقائع غرفة المحاكمة تتحدث عن رجل كان يلقي خطابا أو موعظة عن الحروب العرقية بعد كل عشاء، وكان أتباعه المتزايدون معزولين يؤمنون بالهرج والمرج، وكان كل منهم يردد: لا أستطيع التخلص من أفكاره وصوته الذي يلاحقنا، ونسمعه بلا انتهاء. تقول إحدى تابعاته قبل إسدال الستار على قصته: لقد تجاوزت نقطة اللاعودة، ومهما حاولت الخروج من عالمه أجد نفسي عاجزة، لقد شل إرادتي تماما. هنالك أسرار غامضة تجعله يتحكم بعقلك، ويجعلك إنسانا آليا مطيعا طاعة عمياء مطلقة، ينفذ ما يريد.

نساء حرب فيتنام في السينما.. حضور خجول في هوليود وأدوار رئيسية بالرواية المحلية
نساء حرب فيتنام في السينما.. حضور خجول في هوليود وأدوار رئيسية بالرواية المحلية

الجزيرة

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • الجزيرة

نساء حرب فيتنام في السينما.. حضور خجول في هوليود وأدوار رئيسية بالرواية المحلية

في أحد المشاهد الأولى لفيلم "سترة معدنية كاملة" (Full Metal Jacket) للمخرج ستانلي كوبريك، تظهر فتاة ليل فيتنامية تسوّق خدماتها لجنود أميركيين بعبارة "أنا أحبك منذ وقت طويل". تُعد هذه الفتاة أول شخصية نسائية تظهر في الفيلم، لكنها تظهر للحظة عابرة فقط، وفي منتصف العمل تقريبا. ويتكرر ذات الغياب النسائي في فيلم فرانسيس فورد كوبولا الشهير "القيامة الآن" (Apocalypse Now) حيث لا تظهر النساء إلا بعد مرور ساعة كاملة، حين تُنزل مروحية 3 فتيات على مسرح نُصب وسط قاعدة عسكرية لتسلية الجنود، في مشهد يستمر لدقائق معدودة فقط. ورغم أن حرب فيتنام ألهمت صناعة بعض من أكثر الأفلام السينمائية رسوخا في ذاكرة هوليود بالسبعينيات والثمانينيات، عبر أسماء مثل كوبريك وكوبولا وأوليفر ستون، فإن الشخصيات النسائية في هذه الأفلام غالبا ما كانت غائبة أو هامشية، باستثناءات نادرة مثل فيلم "العودة إلى الوطن" (Coming Home) الذي حازت بطله جين فوندا على جائزة الأوسكار. وتركزت معظم هذه الأفلام على تجريد الرجال من إنسانيتهم بسبب الحرب، في حين اقتصرت الشخصيات النسائية على أدوار داعمة للقصص الذكورية. وفي المقابل، قدّمت السينما الفيتنامية عن الحرب روايات من منظور النساء، حيث برزت قصص الأرامل والأمهات والشابات اللواتي تحملن عبء الحفاظ على الأسرة والمجتمع في غياب الرجال. وفيما يلي طرق مختلفة استخدمتها أفلام حرب فيتنام الكلاسيكية في توظيف الشخصيات النسائية لسرد رواياتها: النساء بين الوطن والجبهة في فيلم "صائد الغزلان" (The Deer Hunter) للمخرج مايكل تشيمينو، الذي يتناول قصة 3 أصدقاء من بلدة صناعية صغيرة في بنسلفانيا يذهبون إلى الحرب ويعودون منها محطَّمين نفسيا، كان هناك حيز بسيط لشخصية نسائية هي "ليندا" التي أدت دورها ميريل ستريب. وكانت "ليندا" خطيبة "نيك" (كريستوفر والكن) ثم دخلت لاحقا في علاقة مع صديقه "مايكل" (روبرت دي نيرو). ورغم أن الدور كان محدودا وهشا نسبيا، فإن أداء ستريب المبهر جعل الشخصية أكثر حضورا مما خُطط له في الأصل، رغم أن الهدف الأساسي للدور كان دعم سردية الشخصيات الذكورية. وفي المقابل، قدّم فيلم "العودة إلى الوطن" (Coming Home) للمخرج هال آشبي صورة مغايرة، إذ روى القصة من منظور أنثوي حقيقي حيث تقع "سالي هايد" (فوندا) زوجة جندي مارينز في حب محارب قديم مقعد (جون فويت) أثناء عملها التطوعي في مركز إعادة التأهيل. ويعلق توني بوي، الذي يدرس مادة "سينما حرب فيتنام" بجامعة كولومبيا، قائلا "إنه الفيلم الهوليودي الوحيد عن حرب فيتنام الذي يُروى بالكامل من منظور شخصية نسائية". فتيات المسرح وضحايا الحرب كانت رحلة "القيامة الآن" إلى الشاشة ملحمة بحد ذاتها، ورغم عظمة العمل الفني، فإن الشخصيات النسائية فيه لم تتجاوز الكومبارس: قرويات يركضن هربا من الرصاص والقنابل، أو يُقتلن بوحشية دون مبرر واضح. ثم تأتي مشاهد فتيات العروض الراقصة، حيث يُنزَلن على المسرح وسط هتافات وتصفيق الجنود الأمريكيين، في مشهد يجسد تداخل الجنس بالحرب. وتفسر لان دوانغ، الأستاذة المساعدة لدراسات السينما بجامعة جنوب كاليفورنيا، هذه المشاهد بالقول "كان كوبولا يربط بين الجنس والرجولة والحرب، خاصة عبر تقديم الأميركيات البيض كجزء من أسطورة الفحولة الأميركية". وتضيف "هذه الرجولة المتفجرة بالهرمونات تُعد أميركية بقدر ما هي فطيرة التفاح". العدو منزوع الإنسانية في فيلم "فصيلة" (Platoon) لأوليڤر ستون، الحائز على جائزة الأوسكار، تظهر النساء باعتبارهن ضحايا مباشرة للعنف الأميركي. وفي مشهد مروّع، يعتدي الجنود على قرويين فيتناميين، وفيهم نساء، وسط صراخ الجندي المثالي "كريس" (تشارلي شين) الذي يحاول التدخل قائلا "إنها إنسانة!" لكن الجنود يردون عليه بلامبالاة "أنت لا تنتمي إلى فيتنام، يا رجل". إعلان ويشير توني بوي إلى أن "النساء في هذا الفيلم يظهرن أساسا بوصفهن ضحايا صامتات للعنف الذكوري". وفي فيلم "ضحايا حرب" (Casualties of War) للمخرج براين دي بالما، تتحول فتاة فيتنامية إلى محور القصة بعد أن يختطفها جنود أميركيون، ويغتصبونها، ثم يقتلونها. ورغم أن الفيلم مستند إلى قصة حقيقية فإن الفتاة لا تُمنح عمقا سرديا، وتظل شخصيتها محدودة بالمأساة التي تتعرض لها. ويقول بوي "هذه الفتاة تعاني، ثم تعاني أكثر، ثم تموت.. هذا هو كل قوسها السردي". امرأة مقاتلة.. لمسة كوبريك الإنسانية في فيلم "سترة معدنية كاملة" يعود كوبريك ليقدّم مشهدا مغايرا. ففي إحدى معارك الفيلم، يُصدم الجنود حين يكتشفون أن القناص الذي يوقع بهم هو فتاة صغيرة بضفيرتين. وتصارع الفتاة الموت وهي تتوسل لهم "اقتلوني" فيستجيب الجنود لطلبها. ورغم تقديم شخصيات نمطية لفتيات الليل بالفيلم، يرى بوي أن كوبريك عبر هذه القناصة الشجاعة قدم "لمسة إنسانية واعترافا ضمنيا بشجاعة النساء في الحرب". بالسينما الفيتنامية: النساء في المركز بخلاف السينما الأميركية، كان للنساء دور محوري في أكثر من نصف الأفلام الفيتنامية عن حرب فيتنام. من أبرز الأمثلة: "الطفلة الصغيرة من هانوي" (The Little Girl of Hanoi) – 1974: للمخرج هاي نينه، الذي يحكي قصة فتاة تبحث عن أسرتها وسط دمار الحرب. "عندما يأتي الشهر العاشر" (When the Tenth Month Comes) – 1984: للمخرج دانغ نيات منه، الذي يتناول قصة امرأة تخفي خبر مقتل زوجها عن والد زوجها المريض حفاظا على سلامته النفسية. وتقول لان دوانغ "هذه الشخصيات النسائية تجسد صورة الأنثى الوطنية: جميلة، معذبة، ومخلصة" لكنها تحذر من أن تحويل النساء إلى رموز وطنية يمكن أن ينتقص من تعقيدهن الإنساني. أوليفر ستون وتحوله المتأخر كان أوليفر ستون أحد المخرجين القلائل الذين اعترفوا علنا بمحدودية تمثيل النساء في أفلامه المبكرة عن فيتنام، مؤكدا أن فيلم "فصيلة" كان سردا ذكوريا مقصودا. غير أن تحوله ظهر جليا في فيلم "السماء والأرض" (Heaven & Earth) سنة 1993، الذي يروي قصة لي لي، الفيتنامية التي عانت الاغتصاب والتعذيب خلال الحرب قبل هجرتها إلى كاليفورنيا مع زوجها الأميركي. وقال ستون عن هذا التحول "النقد حول طريقة تصويري للنساء كان في محله. ولا يزال أمامي الكثير لأتعلمه.. ليس فقط عن النساء، بل عن كل شيء". وقد أهدى الفيلم إلى والدته جاكلين ستون، اعترافا بتأثيرها العميق عليه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store