
بعد انتهاء مراجعة صندوق النقد الخامسة: إصلاحات مصر تواجه اختبار الاستدامة والشفافية
اختتم صندوق النقد الدولي مؤخرًا مراجعته الخامسة لاتفاق
التسهيل الائتماني الممتد
مع مصر، فاتحًا الباب أمام صرف شريحة تمويل جديدة بقيمة 1.3 مليار دولار، إلا أن خلف هذا التطور المالي تقبع أسئلة أعمق تتعلق بمدى جدية الحكومة المصرية في تنفيذ
الإصلاحات الهيكلية
المتفق عليها، ومدى التزامها بمبدأ الشفافية في علاقتها مع مؤسسة الإقراض الدولية.
ورغم تصريح المدير التنفيذي بالصندوق محمد معيط أن "الموافقة على تمويل المرونة والاستدامة أمر إيجابي للغاية، وتم الاتفاق على المستهدفات الأساسية للتمويل وسيتحدد قريبًا التفاصيل المتعلقة' وهو الأمر المحفوف بالشكوك من أن تلحق المراجعة الخامسة بالرابعة من حيث الغموض والتكتم على التفاصيل، حيث يعتقد متابعون بأن معيط، الذي كان وزيراً لمالية مصر وممثلاً لها في المفاوضات مع الصندوق، كوفئ بمنصبه في الصندوق، على أدائه خلال توليه وزارة المالية، وتلبية شروط الصندوق الصعبة، كما يعتقد البعض بأن له دوراً في تقريب وجهات النظر بين الصندوق ومصر.
مطالب صندوق النقد: إعادة تشكيل دور الدولة الاقتصادي
خلال اجتماعات البعثة التي عقدت بالقاهرة في مايو/ايار الجاري، ناقش مسؤولو الحكومة المصرية مع بعثة الصندوق، برئاسة إيفانا فلادكوفا هولار، سلسلة من القضايا الجوهرية، من أبرزها مستقبل الدعم، واستدامة النمو، وأطر الحوكمة، فضلًا عن الالتزام بتسريع وثيقة "سياسة ملكية الدولة" التي تنص على انسحاب تدريجي وشفاف للدولة من عدد من القطاعات الاقتصادية لصالح القطاع الخاص.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لوسائل إعلام محلية، فإن الصندوق شدد على ضرورة تحقيق تقدم ملموس في برنامج الطروحات، وإرساء جدول زمني واضح للانسحاب الحكومي من الأنشطة الاقتصادية، وهي النقطة التي كانت موضع تحفظ دائم من قبل خبراء الصندوق في مراجعات سابقة، ولا سيما بسبب تباطؤ وتيرة بيع الأصول وتفاوت ممارسات المنافسة داخل السوق المصري.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
اقتصاد بلا هوية... موازنة مصر في قبضة الديون ومشاريع بلا عائد
ولا يخفي الصندوق موقفه من استمرار التوسع الحكومي في المشروعات الاقتصادية، معتبراً أن ذلك يقوض فرص القطاع الخاص، ويضعف قدرة الاقتصاد على تحقيق النمو المستدام. ولذلك، كانت سقوف الاستثمارات العامة – التي وضعتها الحكومة عند تريليون جنيه – من أبرز النقاط التي تمحورت حولها المناقشات، إلى جانب سقوف الدين العام التي تهدف إلى حماية الموازنة من الانزلاق إلى عجز هيكلي.
الصلابة في وجه العواصف: اختبار للقدرة على الصمود
بدا واضحًا أن صندوق النقد ينظر إلى الظرف الدولي – بتقلباته الجيوسياسية والاقتصادية – باعتباره اختبارًا لمدى صلابة الاقتصاد المصري بعد سنوات من الإصلاحات. فبين اضطرابات سلاسل الإمداد، وضغوط أسواق الغذاء والطاقة، والتغيرات المناخية، تجد الحكومة المصرية نفسها مطالبة بإثبات أن المكاسب الاقتصادية ليست هشة، بل قابلة للاستدامة.
وفي هذا السياق، تم التطرق إلى دعم الوقود، أحد أبرز بنود الإنفاق العام وأكثرها إثارة للجدل، إذ واصلت الحكومة في مارس الماضي تطبيق خطة الإلغاء التدريجي للدعم، عبر رفع أسعار المحروقات بنسبة وصلت إلى 14.8%، سعيًا للوصول إلى نقطة استرداد التكلفة قبل نهاية العام، كما وعد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي. لكن هذه الإجراءات، وإن كانت متسقة مع توصيات صندوق النقد، تعيد فتح نقاشات محلية حول أثرها الاجتماعي، خاصة في ظل عودة التضخم إلى الارتفاع خلال الأشهر الأخيرة، ما يفاقم من أزمة القدرة الشرائية للفئات الأكثر فقرًا.
التمويل الأخضر: محور "نُوفّي" في واجهة الإصلاح
بعيدًا عن الجوانب المالية البحتة، ناقشت بعثة الصندوق أيضًا إجراءات مصر للحصول على تمويل جديد ضمن "صندوق الصلابة والاستدامة" بقيمة 1.3 مليار دولار، وهو تمويل يركّز على دعم جهود الدولة في التكيّف المناخي والتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون. وفي هذا الإطار، عرضت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رانيا المشاط، محاور التقدم في المنصة الوطنية للمشروعات الخضراء "نُوفّي".
وأشارت إلى أن المنصة جذبت تمويلات للقطاع الخاص بنحو 3.9 مليارات دولار خلال عامين لمشروعات طاقة متجددة بقدرة 4.2 غيغاوات، مع خطة للوصول إلى 10 غيغاوات بقيمة استثمارية مستهدفة تبلغ 10 مليارات دولار. ومن بين أبرز مشروعات هذه المنصة، محطة لتحلية مياه البحر بالعين السخنة، وتوسعة محطة طاقة الرياح في الزعفرانة، واتفاقات جديدة مع شركة "سكاتك" النرويجية لإنشاء محطة طاقة شمسية بقدرة 1 غيغاوات لصالح مجمع الألمنيوم في نجع حمادي.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
مصر تعمق علاقتها مع روسيا: شراء مزيد من الحبوب وإنشاء محطات للغاز
هذه المبادرات وضعتها الوزارة في قلب جهود الاستدامة الاقتصادية والبيئية، في ظل التزام مصر بخطة المساهمات المحددة وطنيًّا (NDCs) واستراتيجية التغير المناخي 2050، وفقًا للوزارة. كما أشارت المشاط في كلمة اليوم أمام مجلس الشيوخ حول الخطة الاقتصادية للعام المالي 2025/2026، إلى أن الخطة ترتكز على مواصلة الدولة تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكليّة بمحاوره الثلاثة، والتي تشمل تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال لزيادة مشاركة القطاع الخاص، ودعم الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر
غياب الشفافية: غموض يحيط بالمراجعة الرابعة
رغم التقدم في المراجعة الخامسة، يبقى الغموض يكتنف تفاصيل المراجعة السابقة، التي أُنجزت في مارس/آذار الماضي، وأتاحت لمصر سحب 1.2 مليار دولار، ليصل مجموع ما سُحب حتى الآن إلى أكثر من 3.2 مليارات دولار، أي نحو 40% من إجمالي القرض المتفق عليه البالغ 8 مليارات دولار.
لم يُنشر تقرير خبراء الصندوق الخاص بالمراجعة الرابعة، رغم مرور شهرين على إنجازها، ما اعتبرته المبادرة المصرية للحقوق الشخصية خرقًا لشرط الشفافية الذي يفرضه الصندوق على الدول المقترضة. ويُعتقد أن التأخير جاء بطلب من الحكومة المصرية، ربما بسبب ما تضمنته الوثيقة من شروط إضافية لم تُعلَن، على غرار ما حدث في المراجعة الثالثة.
وتشير المبادرة إلى أن "التقدم المختلط" في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، كما وصفه الصندوق، يعكس استمرار التردد الحكومي في تفكيك سيطرة الدولة – خاصة القوات المسلحة – على الأنشطة الاقتصادية، وهو ما يجعل إصلاحات المنافسة غير مكتملة. فوفق المبادرة، لا يمكن مساواة شركات قطاع الأعمال العام بالكيانات العسكرية التي تتمتع بمعاملة خاصة وحصانة من الرقابة.
من جانب آخر، لا تقتصر المخاوف حول فعالية الإصلاحات المصرية، على الجانب الهيكلي فحسب، بل تمتد أيضًا إلى إدارة برنامج القرض نفسه. ففي حين تؤكد الحكومة التزامها الكامل بتوصيات الصندوق، تواصل التحفظ على نشر الوثائق الرسمية للمراجعات، وتبقي الرأي العام، والبرلمان، وكذلك بعض مؤسسات الدولة في حالة من الضبابية، وفقًا للمبادرة.
وأشارت المبادة إلى أنه في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تنفيذ إجراءات حساسة – كخفض الدعم ورفع الأسعار – لا تتاح للمواطنين أو الخبراء معلومات دقيقة تمكنهم من تقييم الأثر الحقيقي لهذه السياسات أو مساءلة صانعي القرار بشأنها.
الخطوة التالية: تقرير في انتظار توقيع المجلس التنفيذي
بناء على نتائج الاجتماعات الأخيرة، من المتوقع أن يُرفع تقرير بعثة الصندوق إلى المجلس التنفيذي خلال الأسابيع المقبلة، تمهيدًا لإقرار صرف الشريحة الجديدة من التمويل. وإذا سارت الأمور من دون تأجيل جديد، فقد تحصل مصر على التمويل البالغ 1.3 مليار دولار بحلول يونيو/حزيران. لكن المسار لا يخلو من المطبات. فإذا ما رأى الصندوق أن التقدم لا يزال غير كافٍ في ملفات الإصلاح الهيكلي، أو أن الحكومة تتباطأ في الوفاء بالتزاماتها، فقد يطلب زيارة أخرى، أو يُرجئ التمويل حتى إشعار آخر.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
مصر تتجه للاقتراض عبر الصكوك وتمدد مهلة التيسيرات الضريبية
وتعكس مراجعات صندوق النقد مع مصر تناقضًا جوهريًّا بين متطلبات الاستقرار الاقتصادي الكلي التي تفرضها المؤسسات المالية الدولية، والحاجات الاجتماعية المحلية التي تتأثر مباشرة بقرارات تقشفية صارمة. وفي حين تسعى الحكومة المصرية لطمأنة شركائها الدوليين بالتزامها بالمسار الإصلاحي، تبقى الثقة الشعبية معلقة، ولا سيما في ظل غياب الشفافية حول تفاصيل تلك الإصلاحات وتأثيراتها على الحياة اليومية للمصريين.
وما زال مستقبل العلاقة بين القاهرة وصندوق النقد مشروطًا ليس فقط بمدى قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها، بل أيضًا بمدى استعدادها لإدارة هذا التحول الاقتصادي بعدالة ووضوح – وهي المعادلة الأصعب.
(الدولار= 50.1 جنيهاً تقريباً)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 14 دقائق
- القدس العربي
انخفاض أسعار النفط مع تقييم المتعاملين تأثير محادثات أمريكا وإيران على المعروض
لندن – رويترز: انخفضت أسعار النفط أمس الثلاثاء مع تقييم المتعاملين لتأثير محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا والمفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران على الإمدادات وللطلب الفعلي القوي خلال شهر أقرب استحقاق في آسيا والتوقعات الحذرة تجاه الاقتصاد الصيني. وبحلول الساعة 1502 بتوقيت غرينتش، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي 42 سنتاً أو 0.6 في المئة إلى 65.12 دولار للبرميل. كما نزلت العقود الآجلة لخام القياس الامريكي (غرب تكساس الوسيط) 26 سنتاً أو 0.4 في المئة إلى 62.72 دولار للبرميل. ونقلت وسائل إعلام إيرانية رسمية أمس الأول عن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي قوله إن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة «لن تفضي لأي نتيجة» إذا أصرت واشنطن على وقف طهران عمليات تخصيب اليورانيوم تماماً. وجدد المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف يوم الأحد التأكيد على موقف واشنطن بأن أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يجب أن يتضمن وقف تخصيب اليورانيوم الذي يشكل مساراً محتملاً نحو تطوير قنابل نووية. وتقول طهران إن أغراض برنامجها النووي سلمية بحتة. وقال أليكس هودز، المحلل في شركة «ستون إكس»، إن تعثر المحادثات أضعف الآمال في التوصل إلى اتفاق كان من شأنه أن يمهد الطريق لتخفيف العقوبات الأمريكية ويسمح لإيران بزيادة صادراتها النفطية بما يتراوح بين 300 ألف و400 ألف برميل يومياً. وتلقت الأسعار دعما من توقعات ارتفاع الطلب الفعلي على المدى القريب في ظل تحقيق قطاع التكرير في آسيا هوامش أرباح جيدة. وقال المحلل لدى شركة «سبارتا كوموديتيز»، نيل كروسبي «بدأت دورة الشراء الآسيوية بداية معتدلة، لكن الهوامش القوية وانتهاء أعمال الصيانة من المتوقع أن يكونا من عوامل الدعم». وأظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن أن هوامش أرباح مجمع التكرير في سنغافورة، وهي مؤشر إقليمي رائد، تجاوزت ستة دولارات للبرميل في المتوسط خلال مايو/أيار ارتفاعاً من 4.4 دولار للبرميل في المتوسط خلال أبريل/نيسان. وتترقب الأسواق محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا لتحديد اتجاه تدفقات النفط الروسي مما قد يؤدي إلى تخمة في المعروض ويؤثر سلبا على الأسعار. وقال محللو بنك «آي.إن.جي» الهولندي في مذكرة للعملاء «تركز أسواق الطاقة على محادثات السلام المحتملة وقد يؤدي التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف إلى تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا». في الوقت نفسه، أدى تخفيض وكالة «موديز» التصنيف الإئتماني للديون السيادية الأمريكية إلى إضعاف التوقعات الاقتصادية لأكبر مستهلك للطاقة في العالم ومنع أسعار النفط من الارتفاع. وكانت الوكالة قد خفضت التصنيف الإئتماني للديون السيادية لأمريكا درجة واحدة يوم الجمعة، مشيرة إلى المخاوف بشأن ديون البلاد المتزايدة البالغة 36 تريليون دولار. وتعرضت أسعار الخام لضغوط إضافية بسبب البيانات التي أظهرت تباطؤ نمو الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم. وتوقع محللو «بي.إم.آي» في مذكرة للعملاء انخفاض استهلاك النفط في عام 2025 بنسبة 0.3 في المئة متأثرا بتباطؤ في مختلف فئات المنتجات النفطية. وأضاف المحللون «حتى لو اعتمدت الصين إجراءات تحفيزية، قد يستغرق الأمر بعض الوقت لإحداث تأثير إيجابي على الطلب على النفط».


العربي الجديد
منذ 21 دقائق
- العربي الجديد
الفيليبين تضع شرطاً مقابل شراء الأسلحة الإسرائيلية
بلغ النزاع بين الفيليبين والصين حول بحر الصين الجنوبي طاولة الحكومة الإسرائيلية، إذ يُصر الفيليبينيون على أن تعترف إسرائيل رسميًا بسيادتهم على المجال البحري المتنازَع عليه، مقابل استمرار التعاون العسكري بين البلدين. وتُظهر إسرائيل، من جهتها، "حيادًا" في هذا الصراع، لكن شركات الصناعات الأمنية الإسرائيلية هي من تدفع ثمن هذا الحياد، بحسب ما أوردته صحيفة "كلكاليست" الاقتصادية، اليوم الثلاثاء، إذ ربطت وزارة الدفاع الفيليبينية توقيع صفقات تسليح جديدة باعتراف سياسي إسرائيلي بالسيادة الفيليبينية. ووفق الصحيفة، فإن العلاقات بين إسرائيل والفيليبين شهدت توسعًا في العقد الأخير عبر صفقات تسليحية بمليارات الدولارات، شملت تزويد مانيلا بمنظومة "سبايدر" الدفاعية من إنتاج شركة "رفائيل"، ومدافع "أتموس"، وطائرات مسيّرة من إنتاج "إلبيت سيستيمز"، وسفن حربية بقيمة 200 مليون دولار. وحتى في صفقة شراء طائرة تنفيذية للرئيس السابق رودريغو دوتيرتي، بلغت قيمتها 40 مليون دولار، تم التعاقد مع الصناعات الجوية الإسرائيلية لطائرة Gulfstream G280. وتولى بونغ بونغ ماركوس رئاسة الفيليبين خلفًا لدوتيرتي قبل عامين، بينما اعتُقل الأخير في مارس/ آذار الماضي في مطار مانيلا بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية، منها القتل خارج نطاق القانون وتحريض الجيش على اغتصاب نساء. وكان دوتيرتي قد زار إسرائيل عام 2018، والتقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، واستُقبل رسميًا من الرئيس الإسرائيلي آنذاك رؤوفين ريفلين. وخلال الزيارة، أعلن دوتيرتي عزمه تزويد جيش بلاده حصريًا بأسلحة إسرائيلية، لكونها لا تفرض قيودًا سياسية أو حقوقية كالتي تفرضها شركات تسليح أخرى. وتعود جذور الأزمة الأخيرة إلى توجيه وزارة الأمن الإسرائيلية شركات السلاح إلى تلبية طلبات جيش الاحتلال أولًا، في ظل الحرب على قطاع غزة، وتأجيل تسليم الطلبيات الدولية. وقد رفضت شركة "إلبيت سيستيمز" تسليم شحنات إلى الفيليبين ضمن صفقات سابقة، ما دفع مدير عام الوزارة حينها، ورئيس الأركان الحالي، أيال زامير، إلى زيارة مانيلا في محاولة لتطويق الخلاف، إلا أن مهمته باءت بالفشل. اقتصاد دولي التحديثات الحية غزة تضع صناعة الأسلحة الإسرائيلية في عين العاصفة ونقلت الصحيفة عن مصادر في قطاع الصناعات الأمنية أن الفيليبين تطالب منذ أشهر بإعلان سياسي رسمي، من رئيس الحكومة أو وزير الخارجية، يعترف بسيادتها على بحر الصين الجنوبي، على غرار اعتراف إسرائيل بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في وقت سابق. وأكد مصدر أمني إسرائيلي رفيع أن "مانيلا مصمّمة على هذا الاعتراف، وترى أنه شرط مسبق لأي صفقة سلاح جديدة". ورغم هذا الجمود، تستمر الصفقات الموقعة سابقًا، لا سيما اتفاق مع "أحواض بناء السفن الإسرائيلية" لتزويد البحرية الفيليبينية بتسع سفن قتالية من طراز شلداغ MK-5 المزوّدة بنظام Typhoon من إنتاج "رفائيل"، بقيمة تُقدَّر بنحو 200 مليون دولار، على أن تُسلّم السفينة التاسعة الشهر المقبل. وبحسب التقديرات، بلغ متوسط مشتريات الفيليبين من الأسلحة الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة نحو 400 مليون دولار سنويًا. وتُقدَّر إمكانات السوق الفيليبينية بمليارات الدولارات، ضمن خطة تحديث موسعة للجيش الفيليبيني. في المقابل، قال مصدر أمني مطّلع إن الطلبات المقدّمة من شركات التصنيع العسكري إلى وزارتي الأمن والخارجية لحل الأزمة لم تلقَ تجاوبًا، مضيفًا أن "المستوى السياسي في تل أبيب لا يُعير القضية اهتمامًا". فيما حذر مصدر آخر من أن "السوق الأمني لا يحتمل الفراغ، وإن لم ننافس فيه، فستنقض شركات من الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا لملء هذا الفراغ"، مؤكدًا أن ترسيخ الحضور في سوق كهذه يتطلب سنوات من الجهد. من جهتها، انتقدت الخبيرة الإسرائيلية في شؤون المحيطَين الهندي والهادئ، وعضو "منتدى ديبورا"، لورين داغان-آموس، ما وصفته بـ"رؤية إسرائيل السطحية" للأزمة، قائلة: "الفيليبين تبالغ في توقعاتها، لكن إسرائيل تتعامل مع هذا الملف من منظور متخلف، يعكس ضعفًا في الفهم الاستراتيجي". وأضافت: "في وقت يشعر فيه الفيليبينيون بعزلة متزايدة بسبب تصاعد النزاع مع الصين وتسارع التسلّح الصيني، تبدو إسرائيل غير مبالية، رغم الاهتمام الفيليبيني الواضح بتعزيز العلاقة بين البلدين".


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
ترامب يتسبب في استقالة منتج برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني
أعلن منتج برنامج "60 دقيقة" التلفزيوني الشهير بيل أوينز، الثلاثاء، استقالته بسبب الهجمات التي طاولت استقلاليته في الأشهر الأخيرة في ظلّ معركة قانونية يخوضها الرئيس دونالد ترامب ضدّ البرنامج. "60 دقيقة"، الذي يُعتبر جوهرة التاج بالنسبة لشبكة "سي بي إس نيوز" المملوكة لشركة باراماونت، برنامج أسبوعي عريق غطّى الشؤون الجارية في الولايات المتحدة منذ بُثّ للمرة الأولى في 1968. لكنّ البرنامج يخوض حالياً نزاعاً قضائياً حادّاً مع ترامب. وأعلن منتج البرنامج والصحافي المخضرم استقالته في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلها إلى فريقه واطّلعت عليها وكالة فرانس برس، وقال في الرسالة إنّه "خلال الأشهر الماضية، اتّضح لي أيضاً أنّه لن يُسمح لي بإدارة البرنامج كما كنتُ أُديره دائماً من أجل اتخاذ قرارات مستقلة بناء على ما هو مناسب لـ60 دقيقة وما هو مناسب للجمهور". وأضاف: "من هنا، وبما أنّني دافعتُ عن هذا البرنامج -وما نمثّله- من كلّ الجوانب وبكلّ ما أوتيتُ من قوة، فإنّني أتنحّى جانبا حتى يتمكّن البرنامج من المضي قدماً". إعلام وحريات التحديثات الحية ترامب في حرب ضد الإعلام الأميركي التقليدي وأضحى برنامج "60 دقيقة"، الذي يجذب نحو عشرة ملايين مشاهد أسبوعياً، هدفاً رئيسياً لهجوم ترامب على وسائل الإعلام. وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2024، رفع الملياردير الجمهوري دعوى قضائية ضدّ "60 دقيقة"، متّهماً إياه بالتلاعب بمقابلة أجراها البرنامج مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ونفت شبكة " سي بي إس " بشدّة هذه الاتهامات التي وصفها معلّقون بأنّها لا أساس لها. وواصل البرنامج بثّ تحقيقات تنتقد إدارة ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض. وردّاً على هذه التحقيقات، دعا ترامب إلى إلغاء "60 دقيقة"، بينما أشار مستشاره الملياردير إيلون ماسك إلى أنّه يأمل بأن تصدر بحق فريق هذا البرنامج التلفزيوني أحكام بالسجن لفترات طويلة. واشتدّ الخلاف بين الطرفين على خلفية سعي "باراماونت"، الشركة الأم لشبكة سي بي إس نيوز، إلى الاندماج مع "سكاي دانس"، وهو أمر يجب أن يوافق عليه أولاً رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية بريندان كار الذي يعتبر من أنصار ترامب. ويسعى ترامب للحصول على تعويض مالي من "سي بي إس نيوز" بقيمة 20 مليار دولار بسبب مقابلة هاريس. وتتحدّث أوساط إعلامية عن إمكانية التوصّل إلى تسوية بين ترامب والشبكة التلفزيونية بشأن هذا النزاع، لكنّ أوينز تعهّد بـ"عدم الاعتذار" إذا ما تمّ التوصل إلى تسوية كهذه. (فرانس برس)