
هل باتت طريق التطبيع معبَّدة بين سوريا وإسرائيل؟
تثبت التطوّرات المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة أن خريطة الشرق الأوسط يُعاد رسمها على نار هادئة حيناً، وعلى نار الحروب المشتعلة أحياناً أخرى، وما كان مستحيلاً في الأمس القريب بات ممكناً في المستقبل الوشيك. فمن كان يتصوّر أن «سوريا الممانِعة»، في الشكل على الأقلّ، إبّان حكم «الأسد الفار»، تتقدّم الآن في عهد «الشرع المنفتح» بخطى ثابتة على طريق التطبيع مع إسرائيل، التي باتت سالكة ومعبّدة أكثر من أي وقت مضى.
فقد كشف الإعلام العبري كما الغربي قبل أيام النقاب عن محادثات مباشرة عُقدت بين تل أبيب ودمشق في باكو، عاصمة أذربيجان، شارك فيها من الجانب الإسرائيلي مسؤولو مجلس الأمن القومي ورئيس شعبة العمليات في الجيش اللواء عوديد بسيوك، الذي يُعَدّ الرجل الثالث في التسلسل الهرمي في الجيش، ومن الجانب السوري ممثلون عن الحكومة السورية وُصفوا بالمقرّبين من الرئيس السوري، وبحضور مسؤولين أتراك، بحكم أن لقاءات بسيوك تُعتبر جزءاً من المحادثات التي أجرتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مع أنقرة في شأن الوضع في سوريا، ولما للاستخبارات التركية من دور فاعل في الميدان الأمني السوري.
مكاسب أمنية واقتصادية
المحادثات بين الطرفين السوري والإسرائيلي لن ترقى بطبيعة الحال إلى مفاوضات الحلّ النهائي، أي أنها لن تشمل هضبة الجولان التي احتلّت الدولة العبرية نحو ثلثي مساحتها في «حرب الأيام الستة» عام 1967، قبل أن تضمّها إلى أراضيها عام 1981، والتي يُفترض أن تكون شرطاً سورياً محورياً لأي عملية تطبيع، بل إن جلّ ما يرنو إليه الشرع من مشروع التطبيع، مكاسب أمنية تتمثل بوقف الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية وإعادة الاستقرار إلى الجنوب السوري وانسحاب الجيش الإسرائيلي من هناك ومن المواقع التي احتلّتها الدولة العبرية في الآونة الأخيرة في المنطقة العازلة عقب سقوط نظام الأسد، مع تسليم سلطات دمشق ببقاء الإسرائيليين في بعض النقاط الأمنية الثابتة وقد تكون دائمة في الجنوب السوري بعد التطبيع، بينما تكمن مصالح تل أبيب في التطبيع بضمان بقاء منطقة منزوعة السلاح في جنوب دمشق، وبادعائها بحماية المكوّن الدرزي في سوريا، حرصاً على العلاقة التاريخية «الوطيدة» مع دروز إسرائيل.
كذلك، يطمح الشرع إلى أن يفتح له التطبيع مع تل أبيب أبواب الغرب الاقتصادية على مصراعيها، ويسمح بتدفّق المساعدات المالية الدولية ويطلق العنان للاستثمار الغربي والخليجي في المدن السورية المتعطّشة لضخّ أموال خارجية في عروق الاقتصاد المتهالك منذ عشرات السنين.
أثمان سياسية باهظة
غير أنّ لهذا التطبيع، إن كُتبت له الحياة، أثماناً سياسية داخلية باهظة قد يدفعها الشرع من رصيده الإسلامي والشعبي، خصوصاً في ظلّ انتفاء وجود بيئة شعبية سورية حاضنة للتقارب مع الدولة العبرية، حيث إن أي سلام مع إسرائيل كان يُعدّ من المحرّمات السياسية والأيديولوجية في قاموس مَن تبقّى مِن شعب «محور الممانعة»، بيد أنه في ميزان الشرع أيضاً، هناك أهمية كبيرة لرضا «العم سام» عليه من خلال التطبيع، ولولا هذا الرضا لما تمكّن أصلاً من الإطاحة بحكم آل الأسد المتجذّر لأكثر من خمسة عقود، ولما وصل إلى سدّة الرئاسة الانتقالية. وخير دليل على رضا قاطن البيت الأبيض ومباركته الشرع، لقاؤه به في الرياض الأسبوع الماضي وإشادته به وإبداء إعجابه به كمقاتل، فضلاً عن إعلانه من المملكة رفع العقوبات عن «سوريا الجديدة»، على مسامع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
إذاً، تأتي اللقاءات التي لم تَعُد سرّية بين عدوّي الأمس إسرائيل وسوريا، وسط فوالق زلزالية جيوسياسية تضرب منطقة الشرق الأوسط برمّتها، وفي سياق إقليمي متحوّل، تجهد فيه الدولة العبرية لتوسيع دائرة الدول العربية المُطبِّعة معها، مستفيدةً من حاجة سوريا الجديدة الملحّة للدعم الدولي، وهي الدولة الوليدة المثخنة بجراح حرب داخلية دامية، وبسنين اقتصادية عجاف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ 2 ساعات
- ليبانون ديبايت
"وصمة عار"... ترامب: حرب أوكرانيا كان يجب أن تظل شأناً أوروبياً
أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء أمس الاثنين، أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل في الصراع الأوكراني، معتبرًا أن النزاع كان يجب أن يظل "قضية" تخص أوروبا وحدها. وفي تصريحات أدلى بها للصحافيين في البيت الأبيض، أضاف ترامب: "أعتقد أن شيئًا ما سيحدث، وإذا لم يحدث، فسأتنحى جانبًا وسيستمرون هم. هذه القضية هي قضية أوروبية، ويجب أن تظل أوروبية. لكننا (تدخلنا) لأن الإدارة الأميركية السابقة اعتقدت أنه من الضروري التدخل، وكان انخراطنا أكبر من أوروبا نفسها، سواء من حيث المال أو كل ما قدمناه". وتابع ترامب قائلاً: "لقد خصصنا مبالغ ضخمة، أعتقد أنها قياسية لدولة أجنبية. لم نشهد مثل هذا الإنفاق من قبل: أسلحة وأموال. أما أوروبا، فقد قدمت كثيرًا، لكنها لم تقترب مما قدمناه. ربما خصصنا ثلاثة أضعاف ما قدمته أوروبا. وهذا أمرٌ مخزٍ بكل بساطة، وهذه القصة برمتها وصمة عار". وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة التزمت بتخصيص أكثر من 180 مليار دولار لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022. وفي سياق آخر، أكد ترامب عدم وجود عسكريين أميركيين على الأرض في أوكرانيا، مشيرًا إلى أن هذا الأمر لم يحدث في الماضي ولن يحدث في المستقبل. وقال: "ليس لدينا جنود على الأرض هناك، ولا يمكن أن يكون لدينا قوات على الأرض، لكن لدينا نصيب كبير في الصراع. والمبلغ المالي الذي استثمرناه كان جنونيًا، إنه رقم قياسي". من جهة أخرى، كشف ترامب عن إجراءه اتصالًا هاتفيًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث إمكانية حل الصراع في أوكرانيا. ووصف الرئيس الأميركي نظيره الروسي بـ "الرجل اللطيف"، قائلًا في حفل عشاء لمجلس أمناء مركز "جون كينيدي للفنون المسرحية": "أجريت محادثة قصيرة مع رجل لطيف يُدعى بوتين. أجرينا محادثة جيدة وأحرزنا تقدماً". بدوره، وصف بوتين المحادثة بأنها "ذات معنى وصريحة ومفيدة للغاية"، مشيرًا إلى أنها استمرت لأكثر من ساعتين. وأعرب عن امتنانه لترامب لمساهمته في استئناف المفاوضات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا.


الديار
منذ 3 ساعات
- الديار
ترامب: لا عقوبات جديدة على روسيا لأن هناك فرصة للتسوية في أوكرانيا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه لن يفرض عقوبات جديدة على روسيا، لأنّ هناك فرصة لتسوية الصراع في أوكرانيا. وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض، اليوم الثلاثاء، في توضيح حول أسباب عدم فرض إدارته عقوبات جديدة على روسيا: "لأنني أعتقد أن هناك فرصة لتحقيق شيء ما". كما أعرب ترامب عن ثقته بحدوث تغيرات بشأن تسوية الصراع في أوكرانيا، مضيفاً: "أعتقد أنّ شيئاً ما سيحدث، وإذا لم يحدث.. فسأنسحب". وعمّا إذا كانت أوكرانيا تبذل ما يكفي من الجهد لوقف إطلاق النار، قال ترامب: "أفضل أن أجيب عن هذا السؤال خلال أسبوعين.. لا أستطيع أن أقول نعم أو لا". ورفض الرئيس الأميركي التلميحات التي تفيد بأنّ "روسيا ليست في عجلة من أمرها" لاتخاذ إجراء لتسوية الصراع الأوكراني، وأوضح: "أعتقد أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد سئم هذا الوضع المستمر منذ 3 سنوات". وأمس الاثنين، ذكر المكتب الإعلامي للكرملين، أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتصل بنظيره الأميركي من مركز "سيريوس" التعليمي. وأمس الاثنين، أكّد الرئيس الأميركي، أنّ "روسيا وأوكرانيا ستبدآن على الفور مفاوضات نحو وقف إطلاق النار"، وقال عقب مكالمة أجراها ترامب مع نظيره الروسي لبحث مساعي إنهاء الحرب في أوكرانيا واستمرّت لأكثر من ساعتين إنّ "المكالمة سارت على ما يرام". وفي السياق، صرّح المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، قبل أيام، بأنّ عقد لقاء محتمل بين الرئيس الروسي ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعتمد على مدى التقدم الذي تحرزه المفاوضات بين وفدي البلدين، مشيراً إلى أنّ هذا اللقاء قد يُعقد في حال التوصل إلى اتفاقات معينة. ويوم الجمعة الماضي، انطلقت الاجتماعات بين روسيا وأوكرانيا في تركيا، للمرّة الأولى منذ العام 2022، بناءً على اقتراح الرئيس الروسي.


ليبانون 24
منذ 3 ساعات
- ليبانون 24
مقترح جديد يعيد احتمال التفاوض بين طهران وواشنطن
أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي ، ومساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية، كاظم غريب آبادي، أن طهران تلقت مؤخرًا مقترحًا بشأن جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة ، وهي حالياً بصدد تقييمه من قبل الجهات المختصة. وفي تصريح للتلفزيون الإيراني ، أوضح آبادي أن المقترح لا يزال قيد الدراسة، دون أن يقدّم أي تفاصيل إضافية عن محتواه أو الجهة التي تقدّمت به. في هذا السياق، أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أن الجولة الجديدة من المحادثات يُتوقّع أن تُعقد في العاصمة الإيطالية خلال عطلة نهاية الأسبوع الحالي، أي يومي السبت والأحد، في ظل استمرار التوتر بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني. وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ، إسماعيل بقائي، قد صرّح مساء الإثنين أن لا موعداً أو مكاناً محدداً تم الاتفاق عليه حتى اللحظة، مشيرًا إلى أن بلاده لا تزال تدرس المقترح بعناية، نظراً لـ"المواقف الأمريكية المتناقضة والمتغيرة باستمرار"، بحسب تعبيره. وأكد بقائي أن طهران لن تندفع نحو مفاوضات جديدة قبل التأكد من جدية الطرف الأمريكي، معتبرًا أن التقلب في المواقف يعرقل أي تقدم فعلي في المسار التفاوضي. من جهتها، شدّدت المتحدثة باسم البيت الأبيض ، كارولين ليفيت، على أن الولايات المتحدة أبلغت طهران بشكل واضح أن تخصيب اليورانيوم يُعدّ "خطًا أحمر" لا يمكن القبول به ضمن أي اتفاق. وأضافت أن الإدارة الأمريكية المقبلة، بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب في حال عودته، ستتبنى نهجًا أكثر صرامة تجاه الملف النووي الإيراني. وتأتي هذه التطورات في وقت يتسم بتصاعد الحذر بين الجانبين، خصوصًا مع إصرار إيران على استمرار عمليات التخصيب، حتى في ظل الحديث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق. (ارم نيوز)