logo
رسوم ترامب المرتقبة تزيد الضغوط على سوق النحاس العالمية

رسوم ترامب المرتقبة تزيد الضغوط على سوق النحاس العالمية

الجزيرةمنذ 11 ساعات
تُثير الرسوم الجمركية الأميركية الاضطرابات في صناعة النحاس العالمية البالغة قيمتها 250 مليار دولار، بينما يترقب القطاع الرسوم المقترحة على المعدن قبل أقل من أسبوعين من موعد تطبيقها، حسبما ذكرت أكبر شركة منتجة للنحاس في العالم.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب هذا الشهر، إنه سيفرض رسومًا جمركية بنسبة 50% على النحاس ابتداء من أول أغسطس/آب، لكنه لم يوضح ما إذا كان هذا سيُطبق على المعدن المُكرر أو المنتجات شبه المُصنّعة أو خام النحاس، ما أثار تساؤلات لدى عمال المناجم والمستخدمين الصناعيين.
ونقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن ماكسيمو باتشيكو، رئيس شركة كوديلكو، المملوكة للدولة في تشيلي، والتي تعد موردًا رئيسيًا للولايات المتحدة، إن حالة عدم اليقين هذه يصعب التعامل معها.
تهديد الصناعة الأميركية
وقال باتشيكو: "يشعر عملاؤنا ببعض القلق، وهم بحاجة إلى فهم إلى أين سينتهي كل هذا"، مضيفًا أن التجارة الحرة "قيّمة لكلا الطرفين"، وأن تشيلي سعيدة بتزويد الولايات المتحدة بمزيد من النحاس المُكرر لدعم التصنيع المحلي.
وأعرب المسؤولون التنفيذيون عن مخاوفهم بشأن الرسوم الجمركية المخطط لها على المعدن، وحذر المحللون من أنها ستهدد الصناعات الأميركية الرئيسية، من السيارات الكهربائية إلى مراكز البيانات والدفاع.
لدى تشيلي اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، وتستحوذ على أكثر من 60% من واردات أميركا من النحاس المكرر.
وقال باتشيكو، في إشارة إلى نوع من المعادن المكررة يُستخدم في صناعة الأسلاك والقضبان: "إذا كانت الولايات المتحدة ترغب حقًا في تطوير تصنيع منتجات النحاس، فمن الواضح لنا أنها ستحتاج إلى مزيد من كاثودات النحاس".
وفي حين تنتج الولايات المتحدة بعض خام النحاس، إلا أنها لا تمتلك طاقة صهر كافية لتكرير جميع المواد التي تستهلكها، سيكون من الصعب استبدال المعدن المكرر المستورد بسرعة بالإنتاج المحلي، لأن بناء المصاهر يستغرق عادةً عدة سنوات.
يأتي خطر فرض الرسوم في الوقت الذي تكافح فيه صناعة النحاس عالميًا لتعزيز إمدادات المناجم، في ظل انخفاض درجات الخام وارتفاع التكاليف، ما يجعل تطوير مناجم جديدة أمرًا مكلفًا.
بالنسبة لشركة كوديلكو، تُمثل الولايات المتحدة 11% من مبيعات الكاثود.
وقال باتشيكو: "لا نفهم ما تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه بهذا الإعلان".
وتساءل محللون عمّا إذا كان البيت الأبيض سيُخفّض مستوى تعريفات النحاس، أو يُقدّم إعفاءات تُخفّف من تأثيرها، وقد تراجعت الولايات المتحدة عن العديد من مبادرات التعريفات الجمركية ، ما أدى إلى ما يُسمى بتداولات "تاكو" في الأسواق، وهو اختصار لعبارة "ترامب دائمًا ما يتراجع Trump always chickens out".
وقد تفرض الولايات المتحدة رسومًا على المنتجات شبه المصنعة مثل الأسلاك والأنابيب والأشرطة، لكنها قد تسمح بدخول النحاس المُكرّر بلا رسوم جمركية إضافية.
وقالت مديرة برنامج أمن المعادن الحيوية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن ، غريسلين باسكاران: "إذا دخلت تعريفات [النحاس] حيز التنفيذ، فسيكون تأثير الدومينو (انتقال التأثير) على المستخدمين النهائيين -مثل مراكز البيانات وقطاع السيارات- قويًا للغاية".
وأضافت أنه "بمجرد أن تشعر الصناعة المحلية بتأثير التعريفات الجمركية، فمن المرجح جدًا أن يتم إعادة النظر فيها، لأنها تهدد أجندة النمو [الأميركية]".
من المتوقع أن يصل حجم سوق النحاس العالمية إلى 362.28 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 5.6% خلال الفترة المتوقعة.
بلغ إنتاج النحاس العالمي 23 مليون طن متري في عام 2024.
تعتبر تشيلي أكبر دولة منتجة للنحاس في العالم، حيث تنتج 23% من مجمل الإنتاج العالمي بواقع 5.3 ملايين طن متري.
كما تعد تشيلي أكبر مصدرة لخام النحاس في العالم عام 2024 بقيمة 30.1 مليار دولار.
وتعتبر الصين أكبر مستورد للنحاس في العالم بواقع 59.94 مليار دولار وفق بيانات العام 2023.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟
ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟

الجزيرة

timeمنذ 37 دقائق

  • الجزيرة

ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟

يوم الاثنين 14 يوليو/ تموز 2025، ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحوّل جذري في نهجه تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا. فقد أعلن عزمه إرسال وحدات إضافية كبرى من منظومات الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، في وقت تتعرض فيه مدنها لهجوم يومي متوسط يتجاوز 100 طائرة مسيّرة وصاروخ روسي. وذكرت تسريبات من البيت الأبيض أنه سأل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مكالمة هاتفية سابقة عن نوع الأسلحة الهجومية التي تحتاجها كييف لضرب موسكو مباشرة. كما أطلق ترامب أقوى تهديد بالعقوبات حتى الآن، مقترحًا فرض تعريفة جمركية ثانوية بنسبة 100٪ على الدول التي تشتري النفط الروسي، في حال لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار خلال 50 يومًا، أي بحلول 3 سبتمبر/ أيلول. لكن رغم لهجته المتشددة، فإن هذه التصريحات لم تُحدث تغييرًا ملموسًا. فقد سخر مسؤولون روس من حديثه عن ضرب موسكو. أما شحنات الدفاع الجوي، ورغم أهميتها، فإن إيصالها بالكميات التي تحدث عنها ترامب سيستغرق شهورًا عديدة. لم تُحرّك تهديدات ترامب بالعقوبات أسواق الطاقة، رغم أن مثل هذا الإجراء يُعادل محاولة حصار ثالث أكبر منتج للنفط في العالم. لكن التغيّر في موقف ترامب تجاه روسيا لا ينبغي أن يكون مفاجئًا. فرغم ما يظهر من إعجابه الشخصي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن رؤيته للمصالح الإستراتيجية الأميركية تتعارض جذريًا مع رؤية بوتين. فترامب يريد تصدير المزيد من الغاز الأميركي، بينما يسعى بوتين لتعويض خسارته للأسواق الأوروبية بتصدير الغاز الروسي عبر أسواق بديلة. يهتم ترامب بغرينلاند لموقعها على طرق الشحن القطبية مستقبلًا، بينما تعتمد روسيا على طريق قطبي منافس لتعزيز دعم الصين لها. يريد بوتين السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموارد المعدنية الأوكرانية، ويريد ترامب الشيء ذاته ولكن لحساب واشنطن. وكان ترامب قد تراجع، ولو متأخرًا، عن تعهده الأولي بإنهاء النزاع في يوم واحد، وهو ما أقرّ لاحقًا بأنه كان مبالغة. كما أن عداءه القديم لزيلينسكي، والذي يعود إلى فضيحة محاولته ابتزاز الرئيس الأوكراني لصالح حملته ضد بايدن (التي أدت إلى مساءلته للمرة الأولى في الكونغرس)، قد خفّ بعد أن وافقت كييف على شراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع واشنطن بشأن الموارد المعدنية. وقد أدرك ترامب أن بوتين لا يتفاوض بنية صادقة. إذ لم تحقق مفاوضات السلام بين كييف وموسكو في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران أي تقدم، بل حضرها الطرفان فقط لإرضاء ترامب وكسبه إلى صفّهما. ولعل إدراك ترامب هذا جاء بعدما رفع بوتين سقف مطالبه خلال تلك المفاوضات. فقد أصرّ على السيطرة على كل المناطق الأوكرانية الجنوبية والشرقية التي يدّعي ضمّها، رغم أنه لم يفرض سيطرته الكاملة عليها، بل وأضاف مطلب إنشاء "منطقة عازلة" في شمال أوكرانيا أيضًا. حتى الآن، لم تُحدث تغيّرات ترامب تأثيرًا حقيقيًا لسببين: أولًا، لأن تهديده بفرض رسوم جمركية على النفط الروسي لا يبدو جديًا من تلقاء نفسه. فترامب حذر دائمًا من ارتفاع أسعار النفط، وسبق أن انتقد علنًا القفزة في أسعار النفط عقب ضرباته لإيران في يونيو/حزيران. وثانيًا، لأن فرض رسوم جمركية ثانوية لم يُثبت فاعليته سابقًا. فترامب استخدم تهديدًا مماثلًا ضد صادرات فنزويلا في مارس/ آذار، ورغم تراجعها مؤقتًا، فإنها عادت للارتفاع بعدما زادت بكين مشترياتها منها. وفي ظل الحرب التجارية بين ترامب والصين، والتي شهدت تهديدات أميركية بفرض رسوم تفوق 100٪، فإن من غير المرجح أن تهتم بكين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، بتهديد مماثل. قرار ترامب بإمهال موسكو حتى 3 سبتمبر/ أيلول ربما يعقّد تمرير مشروع قانون في مجلس الشيوخ يفرض عقوبات إضافية على روسيا، رغم أن 83 من أصل 100 عضو في المجلس يشاركون في رعايته. كما أن قيادة الحزب الجمهوري في مجلسَي الشيوخ والنواب حذرة من إغضاب ترامب، الذي يطالب بسيطرة شبه مطلقة على سياسات حزبه. ومع أن ترامب دفع الأوروبيين إلى الاعتراف علنًا بأن دعمهم لكييف مكلف – وقد تجاوز دعمهم الجماعي ما قدمته الولايات المتحدة حتى قبل بداية ولاية ترامب الثانية – فإن المعدات والتكنولوجيا الأميركية ستظل أساس قدرة أوكرانيا على المقاومة أو تغيير مسار الحرب. غير أن إيصال الأسلحة الجديدة وتدريب القوات الأوكرانية على استخدامها سيستغرق وقتًا. وسيتوجب على ترامب تغيير نهجه. فلا يمكن للولايات المتحدة أن تضغط اقتصاديًا على روسيا لإجبار بوتين على التفاوض بجدية بمفردها، بل يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأطراف، وهو ما يصعب تحقيقه عندما تتصادم واشنطن مع حلفائها وشركائها. فيما يتعلق بالقيود الإضافية على صادرات النفط الروسي، فإن فرص ترامب لإقناع موسكو قليلة. لكن مثل هذه القيود قد تدفع الهند لتغيير موقفها. إذ تحوّلت نيودلهي من مشترٍ هامشي للنفط الروسي قبل الغزو الشامل إلى ثاني أكبر سوق له، ويشكل الآن 40٪ من وارداتها. وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري قال الأسبوع الماضي إن بلاده لن تغيّر موقفها، مشيرًا إلى أنها التزمت بقيود سابقة مثل سقف أسعار النفط الذي أقرته إدارة بايدن بالتعاون مع مجموعة السبع في 2022. وكان الغرض من هذا السقف هو السماح باستمرار تدفق النفط الروسي، ولكن مع الحد من عائداته، تفاديًا لاضطراب السوق. وهو منطق لا يزال يُحاكيه ترامب، وسبق أن دعمته وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لتأمين "صفقات" نفطية للهند والأسواق النامية. لكن الوزير الهندي أضاف أن بلاده قد تعيد النظر في موقفها إذا كان هناك اتفاق دولي على تغيير نمط شراء النفط الروسي. إذا أراد ترامب أن تكون تهديداته لموسكو موثوقة، فعليه أن يتبنى نهجًا دوليًا. بعض الخطوات يسهل اتخاذها. فبينما تتردد إدارة ترامب في فرض عقوبات جديدة، تقود بروكسل ولندن جهود استهداف "الأسطول الخفي" الروسي المستخدم للالتفاف على العقوبات وسقف الأسعار، وتقترحان حزمًا جديدة من العقوبات تشمل تعديل سقف أسعار النفط حين تكون الأسعار منخفضة. وقد أقرّ الاتحاد الأوروبي حزمتين من العقوبات خلال الأشهر الستة الماضية، آخرها في 18 يوليو/ تموز، ويُفترض أن يسارع ترامب إلى اعتماد الإجراءات نفسها. إذا استطاعت أوروبا أيضًا دعم فرض رسوم جمركية ثانوية أو غيرها من العقوبات على مشتري النفط الروسي، فإن ذلك سيزيد فاعلية الإجراء. كما يستطيع ترامب استهداف صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية عبر إدراج شركة "نوفاتك"، المصدّر الرئيسي، في قائمة العقوبات. لم تُقدِم أوروبا على هذه الخطوة حتى الآن، بل أعلنت فقط عن نيتها التوقف عن الشراء تدريجيًا بحلول نهاية العام المقبل. لكن بما أن سوق ناقلات الغاز المسال أصغر بكثير من سوق ناقلات النفط، فإن العقوبات الأميركية السابقة على مشاريع الغاز المسال الروسية كانت أصعب في التحايل عليها. الاقتصاد الروسي يئنّ أخيرًا تحت وطأة حرب بوتين وكل العقوبات الناتجة عنها. وتشير التقارير إلى أن البنوك الروسية بدأت مناقشات أولية بشأن شروط إنقاذها من قبل الدولة. ومع هذه المعاناة، تدّعي روسيا أنها سيطرت على بلدة في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط أوكرانيا)، وهو ادعاء تنفيه كييف ولم يُتحقق منه بعد. ويمكن لترامب أن يؤثر فعليًا في مسار الحرب إذا تخلى عن مقاومته السماح لأوكرانيا بضرب البنية التحتية للطاقة الروسية. ترامب قد يكون أعلن عن نهج جديد تجاه روسيا، لكن ما إن كان هذا النهج سيتجاوز حدود الخطاب، يعتمد على مدى استعداده للعمل مع الشركاء والحلفاء، وتحمله تبعات هذا الضغط.

هل انقلب ترامب على بوتين؟
هل انقلب ترامب على بوتين؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

هل انقلب ترامب على بوتين؟

يوم الاثنين 14 يوليو/ تموز 2025، ألمح الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحوّل جذري في نهجه تجاه الحرب الروسية على أوكرانيا. فقد أعلن عزمه إرسال وحدات إضافية كبرى من منظومات الدفاع الجوي إلى أوكرانيا، في وقت تتعرض فيه مدنها لهجوم يومي متوسط يتجاوز 100 طائرة مسيّرة وصاروخ روسي. وذكرت تسريبات من البيت الأبيض أنه سأل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مكالمة هاتفية سابقة عن نوع الأسلحة الهجومية التي تحتاجها كييف لضرب موسكو مباشرة. كما أطلق ترامب أقوى تهديد بالعقوبات حتى الآن، مقترحًا فرض تعريفة جمركية ثانوية بنسبة 100٪ على الدول التي تشتري النفط الروسي، في حال لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار خلال 50 يومًا، أي بحلول 3 سبتمبر/ أيلول. لكن رغم لهجته المتشددة، فإن هذه التصريحات لم تُحدث تغييرًا ملموسًا. فقد سخر مسؤولون روس من حديثه عن ضرب موسكو. أما شحنات الدفاع الجوي، ورغم أهميتها، فإن إيصالها بالكميات التي تحدث عنها ترامب سيستغرق شهورًا عديدة. لم تُحرّك تهديدات ترامب بالعقوبات أسواق الطاقة، رغم أن مثل هذا الإجراء يُعادل محاولة حصار ثالث أكبر منتج للنفط في العالم. لكن التغيّر في موقف ترامب تجاه روسيا لا ينبغي أن يكون مفاجئًا. فرغم ما يظهر من إعجابه الشخصي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن رؤيته للمصالح الإستراتيجية الأميركية تتعارض جذريًا مع رؤية بوتين. فترامب يريد تصدير المزيد من الغاز الأميركي، بينما يسعى بوتين لتعويض خسارته للأسواق الأوروبية بتصدير الغاز الروسي عبر أسواق بديلة. يهتم ترامب بغرينلاند لموقعها على طرق الشحن القطبية مستقبلًا، بينما تعتمد روسيا على طريق قطبي منافس لتعزيز دعم الصين لها. يريد بوتين السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموارد المعدنية الأوكرانية، ويريد ترامب الشيء ذاته ولكن لحساب واشنطن. وكان ترامب قد تراجع، ولو متأخرًا، عن تعهده الأولي بإنهاء النزاع في يوم واحد، وهو ما أقرّ لاحقًا بأنه كان مبالغة. كما أن عداءه القديم لزيلينسكي، والذي يعود إلى فضيحة محاولته ابتزاز الرئيس الأوكراني لصالح حملته ضد بايدن (التي أدت إلى مساءلته للمرة الأولى في الكونغرس)، قد خفّ بعد أن وافقت كييف على شراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع واشنطن بشأن الموارد المعدنية. وقد أدرك ترامب أن بوتين لا يتفاوض بنية صادقة. إذ لم تحقق مفاوضات السلام بين كييف وموسكو في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران أي تقدم، بل حضرها الطرفان فقط لإرضاء ترامب وكسبه إلى صفّهما. ولعل إدراك ترامب هذا جاء بعدما رفع بوتين سقف مطالبه خلال تلك المفاوضات. فقد أصرّ على السيطرة على كل المناطق الأوكرانية الجنوبية والشرقية التي يدّعي ضمّها، رغم أنه لم يفرض سيطرته الكاملة عليها، بل وأضاف مطلب إنشاء "منطقة عازلة" في شمال أوكرانيا أيضًا. حتى الآن، لم تُحدث تغيّرات ترامب تأثيرًا حقيقيًا لسببين: أولًا، لأن تهديده بفرض رسوم جمركية على النفط الروسي لا يبدو جديًا من تلقاء نفسه. فترامب حذر دائمًا من ارتفاع أسعار النفط، وسبق أن انتقد علنًا القفزة في أسعار النفط عقب ضرباته لإيران في يونيو/حزيران. وثانيًا، لأن فرض رسوم جمركية ثانوية لم يُثبت فاعليته سابقًا. فترامب استخدم تهديدًا مماثلًا ضد صادرات فنزويلا في مارس/ آذار، ورغم تراجعها مؤقتًا، فإنها عادت للارتفاع بعدما زادت بكين مشترياتها منها. وفي ظل الحرب التجارية بين ترامب والصين، والتي شهدت تهديدات أميركية بفرض رسوم تفوق 100٪، فإن من غير المرجح أن تهتم بكين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، بتهديد مماثل. قرار ترامب بإمهال موسكو حتى 3 سبتمبر/ أيلول ربما يعقّد تمرير مشروع قانون في مجلس الشيوخ يفرض عقوبات إضافية على روسيا، رغم أن 83 من أصل 100 عضو في المجلس يشاركون في رعايته. كما أن قيادة الحزب الجمهوري في مجلسَي الشيوخ والنواب حذرة من إغضاب ترامب، الذي يطالب بسيطرة شبه مطلقة على سياسات حزبه. ومع أن ترامب دفع الأوروبيين إلى الاعتراف علنًا بأن دعمهم لكييف مكلف – وقد تجاوز دعمهم الجماعي ما قدمته الولايات المتحدة حتى قبل بداية ولاية ترامب الثانية – فإن المعدات والتكنولوجيا الأميركية ستظل أساس قدرة أوكرانيا على المقاومة أو تغيير مسار الحرب. غير أن إيصال الأسلحة الجديدة وتدريب القوات الأوكرانية على استخدامها سيستغرق وقتًا. وسيتوجب على ترامب تغيير نهجه. فلا يمكن للولايات المتحدة أن تضغط اقتصاديًا على روسيا لإجبار بوتين على التفاوض بجدية بمفردها، بل يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأطراف، وهو ما يصعب تحقيقه عندما تتصادم واشنطن مع حلفائها وشركائها. فيما يتعلق بالقيود الإضافية على صادرات النفط الروسي، فإن فرص ترامب لإقناع موسكو قليلة. لكن مثل هذه القيود قد تدفع الهند لتغيير موقفها. إذ تحوّلت نيودلهي من مشترٍ هامشي للنفط الروسي قبل الغزو الشامل إلى ثاني أكبر سوق له، ويشكل الآن 40٪ من وارداتها. وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري قال الأسبوع الماضي إن بلاده لن تغيّر موقفها، مشيرًا إلى أنها التزمت بقيود سابقة مثل سقف أسعار النفط الذي أقرته إدارة بايدن بالتعاون مع مجموعة السبع في 2022. وكان الغرض من هذا السقف هو السماح باستمرار تدفق النفط الروسي، ولكن مع الحد من عائداته، تفاديًا لاضطراب السوق. وهو منطق لا يزال يُحاكيه ترامب، وسبق أن دعمته وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لتأمين "صفقات" نفطية للهند والأسواق النامية. لكن الوزير الهندي أضاف أن بلاده قد تعيد النظر في موقفها إذا كان هناك اتفاق دولي على تغيير نمط شراء النفط الروسي. إذا أراد ترامب أن تكون تهديداته لموسكو موثوقة، فعليه أن يتبنى نهجًا دوليًا. بعض الخطوات يسهل اتخاذها. فبينما تتردد إدارة ترامب في فرض عقوبات جديدة، تقود بروكسل ولندن جهود استهداف "الأسطول الخفي" الروسي المستخدم للالتفاف على العقوبات وسقف الأسعار، وتقترحان حزمًا جديدة من العقوبات تشمل تعديل سقف أسعار النفط حين تكون الأسعار منخفضة. وقد أقرّ الاتحاد الأوروبي حزمتين من العقوبات خلال الأشهر الستة الماضية، آخرها في 18 يوليو/ تموز، ويُفترض أن يسارع ترامب إلى اعتماد الإجراءات نفسها. إذا استطاعت أوروبا أيضًا دعم فرض رسوم جمركية ثانوية أو غيرها من العقوبات على مشتري النفط الروسي، فإن ذلك سيزيد فاعلية الإجراء. كما يستطيع ترامب استهداف صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية عبر إدراج شركة "نوفاتك"، المصدّر الرئيسي، في قائمة العقوبات. لم تُقدِم أوروبا على هذه الخطوة حتى الآن، بل أعلنت فقط عن نيتها التوقف عن الشراء تدريجيًا بحلول نهاية العام المقبل. لكن بما أن سوق ناقلات الغاز المسال أصغر بكثير من سوق ناقلات النفط، فإن العقوبات الأميركية السابقة على مشاريع الغاز المسال الروسية كانت أصعب في التحايل عليها. الاقتصاد الروسي يئنّ أخيرًا تحت وطأة حرب بوتين وكل العقوبات الناتجة عنها. وتشير التقارير إلى أن البنوك الروسية بدأت مناقشات أولية بشأن شروط إنقاذها من قبل الدولة. ومع هذه المعاناة، تدّعي روسيا أنها سيطرت على بلدة في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط أوكرانيا)، وهو ادعاء تنفيه كييف ولم يُتحقق منه بعد. ويمكن لترامب أن يؤثر فعليًا في مسار الحرب إذا تخلى عن مقاومته السماح لأوكرانيا بضرب البنية التحتية للطاقة الروسية. ترامب قد يكون أعلن عن نهج جديد تجاه روسيا، لكن ما إن كان هذا النهج سيتجاوز حدود الخطاب، يعتمد على مدى استعداده للعمل مع الشركاء والحلفاء، وتحمله تبعات هذا الضغط.

تسارع بناء مخيمات المهاجرين في أميركا بعد تمويل من الجمهوريين
تسارع بناء مخيمات المهاجرين في أميركا بعد تمويل من الجمهوريين

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

تسارع بناء مخيمات المهاجرين في أميركا بعد تمويل من الجمهوريين

أفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية تسابق الزمن لبناء مخيمات للمهاجرين في جميع أنحاء البلاد بعد تلقيها تمويلا جديدا بقيمة 45 مليار دولار. وتستهدف الوكالة زيادة الطاقة الاستيعابية لمراكز الاحتجاز من 40 ألفا إلى 100 ألف سرير بحلول نهاية العام. وأضاف التقرير، نقلا عن وثائق اطلعت عليها الصحيفة الأميركية، أن الوكالة تعطي الأولوية للمخيمات الواسعة النطاق في القواعد العسكرية وسجون إدارة الهجرة والجمارك، بما في ذلك موقع بسعة 5 آلاف سرير في فورت بليس بولاية تكساس ومواقع أخرى في كولورادو وإنديانا ونيوجيرسي. وقال التقرير إن كبار المسؤولين الأميركيين في وزارة الأمن الداخلي، بمن فيهم وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، عبروا عن تفضيلهم لمراكز الاحتجاز التي تديرها الولايات الجمهورية والحكومات المحلية بدلا من شركات السجون الخاصة. ولم يرد البيت الأبيض ووكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك على الفور على طلب رويترز للتعليق. وقالت نويم الأسبوع الماضي إنها تجري محادثات مع 5 ولايات يقودها الجمهوريون لبناء مواقع احتجاز أخرى مستوحاة من منشأة "أليجيتر ألكاتراز" في فلوريدا. وقالت نويم في مؤتمر صحفي في فلوريدا دون أن تسمي أيا من الولايات "لدينا عدد من الولايات الأخرى التي تستخدم بالفعل منشأة ألكاتراز نموذجا لكيفية الشراكة معنا".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store