
ترامب يهدد بوتين.. ماذا حدث بينهما؟
وذكرت تسريبات من البيت الأبيض أنه سأل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مكالمة هاتفية سابقة عن نوع الأسلحة الهجومية التي تحتاجها كييف لضرب موسكو مباشرة.
كما أطلق ترامب أقوى تهديد بالعقوبات حتى الآن، مقترحًا فرض تعريفة جمركية ثانوية بنسبة 100٪ على الدول التي تشتري النفط الروسي، في حال لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار خلال 50 يومًا، أي بحلول 3 سبتمبر/ أيلول.
لكن رغم لهجته المتشددة، فإن هذه التصريحات لم تُحدث تغييرًا ملموسًا. فقد سخر مسؤولون روس من حديثه عن ضرب موسكو. أما شحنات الدفاع الجوي، ورغم أهميتها، فإن إيصالها بالكميات التي تحدث عنها ترامب سيستغرق شهورًا عديدة.
لم تُحرّك تهديدات ترامب بالعقوبات أسواق الطاقة، رغم أن مثل هذا الإجراء يُعادل محاولة حصار ثالث أكبر منتج للنفط في العالم.
لكن التغيّر في موقف ترامب تجاه روسيا لا ينبغي أن يكون مفاجئًا. فرغم ما يظهر من إعجابه الشخصي بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن رؤيته للمصالح الإستراتيجية الأميركية تتعارض جذريًا مع رؤية بوتين.
فترامب يريد تصدير المزيد من الغاز الأميركي، بينما يسعى بوتين لتعويض خسارته للأسواق الأوروبية بتصدير الغاز الروسي عبر أسواق بديلة.
يهتم ترامب بغرينلاند لموقعها على طرق الشحن القطبية مستقبلًا، بينما تعتمد روسيا على طريق قطبي منافس لتعزيز دعم الصين لها. يريد بوتين السيطرة على أكبر قدر ممكن من الموارد المعدنية الأوكرانية، ويريد ترامب الشيء ذاته ولكن لحساب واشنطن.
وكان ترامب قد تراجع، ولو متأخرًا، عن تعهده الأولي بإنهاء النزاع في يوم واحد، وهو ما أقرّ لاحقًا بأنه كان مبالغة. كما أن عداءه القديم لزيلينسكي، والذي يعود إلى فضيحة محاولته ابتزاز الرئيس الأوكراني لصالح حملته ضد بايدن (التي أدت إلى مساءلته للمرة الأولى في الكونغرس)، قد خفّ بعد أن وافقت كييف على شراكة إستراتيجية طويلة الأمد مع واشنطن بشأن الموارد المعدنية.
وقد أدرك ترامب أن بوتين لا يتفاوض بنية صادقة. إذ لم تحقق مفاوضات السلام بين كييف وموسكو في مايو/ أيار ويونيو/ حزيران أي تقدم، بل حضرها الطرفان فقط لإرضاء ترامب وكسبه إلى صفّهما.
ولعل إدراك ترامب هذا جاء بعدما رفع بوتين سقف مطالبه خلال تلك المفاوضات. فقد أصرّ على السيطرة على كل المناطق الأوكرانية الجنوبية والشرقية التي يدّعي ضمّها، رغم أنه لم يفرض سيطرته الكاملة عليها، بل وأضاف مطلب إنشاء "منطقة عازلة" في شمال أوكرانيا أيضًا.
حتى الآن، لم تُحدث تغيّرات ترامب تأثيرًا حقيقيًا لسببين:
أولًا، لأن تهديده بفرض رسوم جمركية على النفط الروسي لا يبدو جديًا من تلقاء نفسه. فترامب حذر دائمًا من ارتفاع أسعار النفط، وسبق أن انتقد علنًا القفزة في أسعار النفط عقب ضرباته لإيران في يونيو/حزيران.
وثانيًا، لأن فرض رسوم جمركية ثانوية لم يُثبت فاعليته سابقًا. فترامب استخدم تهديدًا مماثلًا ضد صادرات فنزويلا في مارس/ آذار، ورغم تراجعها مؤقتًا، فإنها عادت للارتفاع بعدما زادت بكين مشترياتها منها.
وفي ظل الحرب التجارية بين ترامب والصين، والتي شهدت تهديدات أميركية بفرض رسوم تفوق 100٪، فإن من غير المرجح أن تهتم بكين، أكبر مشترٍ للنفط الروسي، بتهديد مماثل.
قرار ترامب بإمهال موسكو حتى 3 سبتمبر/ أيلول ربما يعقّد تمرير مشروع قانون في مجلس الشيوخ يفرض عقوبات إضافية على روسيا، رغم أن 83 من أصل 100 عضو في المجلس يشاركون في رعايته. كما أن قيادة الحزب الجمهوري في مجلسَي الشيوخ والنواب حذرة من إغضاب ترامب، الذي يطالب بسيطرة شبه مطلقة على سياسات حزبه.
ومع أن ترامب دفع الأوروبيين إلى الاعتراف علنًا بأن دعمهم لكييف مكلف – وقد تجاوز دعمهم الجماعي ما قدمته الولايات المتحدة حتى قبل بداية ولاية ترامب الثانية – فإن المعدات والتكنولوجيا الأميركية ستظل أساس قدرة أوكرانيا على المقاومة أو تغيير مسار الحرب. غير أن إيصال الأسلحة الجديدة وتدريب القوات الأوكرانية على استخدامها سيستغرق وقتًا.
وسيتوجب على ترامب تغيير نهجه. فلا يمكن للولايات المتحدة أن تضغط اقتصاديًا على روسيا لإجبار بوتين على التفاوض بجدية بمفردها، بل يتطلب الأمر نهجًا متعدد الأطراف، وهو ما يصعب تحقيقه عندما تتصادم واشنطن مع حلفائها وشركائها.
فيما يتعلق بالقيود الإضافية على صادرات النفط الروسي، فإن فرص ترامب لإقناع موسكو قليلة. لكن مثل هذه القيود قد تدفع الهند لتغيير موقفها. إذ تحوّلت نيودلهي من مشترٍ هامشي للنفط الروسي قبل الغزو الشامل إلى ثاني أكبر سوق له، ويشكل الآن 40٪ من وارداتها.
وزير النفط الهندي هارديب سينغ بوري قال الأسبوع الماضي إن بلاده لن تغيّر موقفها، مشيرًا إلى أنها التزمت بقيود سابقة مثل سقف أسعار النفط الذي أقرته إدارة بايدن بالتعاون مع مجموعة السبع في 2022.
وكان الغرض من هذا السقف هو السماح باستمرار تدفق النفط الروسي، ولكن مع الحد من عائداته، تفاديًا لاضطراب السوق. وهو منطق لا يزال يُحاكيه ترامب، وسبق أن دعمته وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لتأمين "صفقات" نفطية للهند والأسواق النامية.
لكن الوزير الهندي أضاف أن بلاده قد تعيد النظر في موقفها إذا كان هناك اتفاق دولي على تغيير نمط شراء النفط الروسي.
إذا أراد ترامب أن تكون تهديداته لموسكو موثوقة، فعليه أن يتبنى نهجًا دوليًا.
بعض الخطوات يسهل اتخاذها. فبينما تتردد إدارة ترامب في فرض عقوبات جديدة، تقود بروكسل ولندن جهود استهداف "الأسطول الخفي" الروسي المستخدم للالتفاف على العقوبات وسقف الأسعار، وتقترحان حزمًا جديدة من العقوبات تشمل تعديل سقف أسعار النفط حين تكون الأسعار منخفضة.
وقد أقرّ الاتحاد الأوروبي حزمتين من العقوبات خلال الأشهر الستة الماضية، آخرها في 18 يوليو/ تموز، ويُفترض أن يسارع ترامب إلى اعتماد الإجراءات نفسها.
إذا استطاعت أوروبا أيضًا دعم فرض رسوم جمركية ثانوية أو غيرها من العقوبات على مشتري النفط الروسي، فإن ذلك سيزيد فاعلية الإجراء. كما يستطيع ترامب استهداف صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية عبر إدراج شركة "نوفاتك"، المصدّر الرئيسي، في قائمة العقوبات.
لم تُقدِم أوروبا على هذه الخطوة حتى الآن، بل أعلنت فقط عن نيتها التوقف عن الشراء تدريجيًا بحلول نهاية العام المقبل. لكن بما أن سوق ناقلات الغاز المسال أصغر بكثير من سوق ناقلات النفط، فإن العقوبات الأميركية السابقة على مشاريع الغاز المسال الروسية كانت أصعب في التحايل عليها.
الاقتصاد الروسي يئنّ أخيرًا تحت وطأة حرب بوتين وكل العقوبات الناتجة عنها. وتشير التقارير إلى أن البنوك الروسية بدأت مناقشات أولية بشأن شروط إنقاذها من قبل الدولة.
ومع هذه المعاناة، تدّعي روسيا أنها سيطرت على بلدة في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط أوكرانيا)، وهو ادعاء تنفيه كييف ولم يُتحقق منه بعد. ويمكن لترامب أن يؤثر فعليًا في مسار الحرب إذا تخلى عن مقاومته السماح لأوكرانيا بضرب البنية التحتية للطاقة الروسية.
ترامب قد يكون أعلن عن نهج جديد تجاه روسيا، لكن ما إن كان هذا النهج سيتجاوز حدود الخطاب، يعتمد على مدى استعداده للعمل مع الشركاء والحلفاء، وتحمله تبعات هذا الضغط.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
التقلبات السياسية والاقتصادية تمحو 320 مليار دولار من أرباح الشركات العالمية
أفقدت حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي الشركات العالمية أكثر من 300 مليار دولار من أرباحها منذ عام 2017، وفق دراسة حديثة. وأظهرت دراسة أجرتها شركة إرنست آنيونغ بارثينون EY-Parthenon، الاستشارية، ونقلت جانبا منها صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن ما يقرب من 3500 شركة مدرجة عالميا، تتجاوز إيراداتها السنوية مليار دولار، خسرت ما مجموعه 320 مليار دولار من أرباحها خلال فترات التقلبات الجيوسياسية والكلية. تحولات كلية وقال رئيس قسم الاقتصاد الكلي والجيوستراتيجية إرنست آند يونغ بريطانيا ، ماتس بيرسون: "بعد سنوات من انخفاض أسعار الفائدة والاستقرار الجيوسياسي النسبي، فإن موجة من التحولات الكلية -من التوترات التجارية إلى الصراعات العالمية- تعني الآن أن السياسات الحكومية والأحداث العالمية لها تأثير أكبر على القيمة والأرباح مقارنة بعقود عديدة". وجدت الدراسة أنه خلال السنوات الثلاث الماضية -وهي فترة اتسمت بعودة التضخم، والهجوم الروسي على أوكرانيا، وانهيار سوق السندات البريطانية، وحرب إسرائيل على غزة، وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض – حدث ما يقرب من 40% من التغيرات في القيمة الإجمالية لمؤشر "فوتسي 100" البريطاني في أيام شهدت أحداثا اقتصادية أو جيوسياسية كبرى. وتراجعت أرباح شركة واحدة من كل 4 شركات من أصل حوالي 3500 شركة عالمية خضعت للدراسة بنسبة 5% أو أكثر بين عامي 2017 و2024، وذلك على أساس أرباح ما قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك خلال السنوات الثلاث الماضية. وتعرضت الشركات الصينية لأكبر صدمة في الأرباح، حيث تكبدت 40% من أصل 833 مجموعة خضعت للتحليل في البلاد خسائر مجتمعة بلغت 73 مليار دولار في الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، وقال بيرسون إن تراجع أرباح الشركات الصينية تركز بشكل كبير في شركات قطاعات العقارات والصلب والبناء. الشركات البريطانية وحسب التحليل، كان أداء الشركات البريطانية أفضل، رغم أن مجموعة أصغر بكثير من 100 شركة استوفت حد الإيرادات المطلوب للدراسة، وشهدت 14 شركة فقط انخفاضا ملحوظا في هامش الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك، بخسارة إجمالية بلغت 2.5 مليار دولار في الأرباح خلال فترة السنوات الثلاث. مع ذلك، تكيفت بعض الشركات جيدا مع المشهد الكلي المتغير، وتمكنت من تعزيز أرباحها لتتفوق على نظيراتها في القطاع. ووجدت الدراسة أن مجموعة واحدة فقط من كل 10 مجموعات عالمية حققت هامش أرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك في الربع الأول من عام 2014 تمكنت من الحفاظ عليه حتى عام 2024. ومن بين الشركات البريطانية التي تمكنت من تجاوز تقلبات الاقتصاد الكلي ومواصلة زيادة أرباحها، شركة نكست للأزياء، ومجموعة كرودا للكيميائيات، وشركة ريو تينتو للتعدين، ومجموعة سبيراكس للهندسة. وفي الولايات المتحدة ، تشمل الشركات التي زادت أرباحها قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك مقارنة بنظيراتها، شركة كاتربيلر الرائدة في الصناعة، وشركة "يو بي إس" للخدمات اللوجستية، وشركتي الأدوية فايزر وميرك، ومجموعة جونسون آند جونسون للمستهلكين. وقال بيرسون إن الشركات التي تمكنت من حماية هوامش ربحها أو تحقيقها "نجحت في تنويع محافظها الاستثمارية، وإدارة قاعدة تكاليفها، وتحديد وفهم مختلف التغييرات في السياسات، وتحديث حوكمتها لتعكس عالما مختلفا".


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
مليار دولار صادرات روسيا من الذهب والمعادن الثمينة إلى الصين
ارتفعت صادرات روسيا من المعادن الثمينة إلى الصين بنسبة 80% خلال النصف الأول من عام 2025، لتصل قيمتها إلى مليار دولار أميركي، وفقا لما كشفته بيانات لوكالة بلومبيرغ. ووفقا لتقرير نشرته الوكالة، فقد قفزت واردات الصين من الخامات والمركزات المعدنية الروسية -بما في ذلك الذهب والفضة- مدفوعة بارتفاع الأسعار العالمية للذهب بنسبة بلغت 28% منذ بداية العام، وذلك على خلفية التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والمواجهات التجارية، إلى جانب زيادة الطلب من البنوك المركزية وصناديق المؤشرات المتداولة. روسيا خارج الأسواق الغربية وتعد روسيا ثاني أكبر منتج للذهب في العالم، بإنتاج سنوي يتجاوز 300 طن، إلا أنها لا تزال ممنوعة من الوصول إلى مراكز التداول الغربية الكبرى مثل لندن ونيويورك، وذلك منذ حربها مع أوكرانيا التي اندلعت عام 2022. وأوضحت بلومبيرغ أن بنك روسيا، الذي كان يُعتبر في السابق أكبر مشترٍ للذهب بين البنوك المركزية ، لم يستأنف بعد عملياته الشرائية واسعة النطاق، مما جعل السوق الصينية واحدة من القنوات القليلة المتبقية للصادرات الروسية في هذا القطاع. الطلب المحلي الروسي يرتفع وإلى جانب السوق الصينية، سجل الطلب المحلي على المعادن الثمينة في روسيا مستويات قياسية خلال عام 2024، إذ لجأ الروس إلى الذهب لحماية مدخراتهم من التقلبات المالية. وتُظهر هذه الظاهرة -حسب التقرير- أن التوجّه نحو المعادن الثمينة لا يقتصر فقط على الحكومات والمؤسسات، بل يشمل أيضا المستهلكين الأفراد داخل روسيا. وفي سياق موازٍ، أشارت بلومبيرغ إلى أن شركة "إم إم سي نوريلسك نيكل بي جي إس سي"، وهي إحدى أكبر شركات إنتاج البلاديوم والبلاتين في العالم، كثّفت صادراتها إلى السوق الصينية هذا العام. وسجّلت أسعار البلاديوم ارتفاعا بنسبة 38%، في حين قفز سعر البلاتين بنسبة 59% منذ بداية 2025، ما زاد العوائد المحتملة لصادرات هذه المعادن الإستراتيجية.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
ما المواد "المتطرفة" التي أقرت روسيا تغريم الباحثين عنها؟
موسكو– اعتمد مجلس الدوما الروسي في قراءته الثانية بجلسة عقدها في 17 من الشهر الجاري تعديلات تفرض غرامة على البحث عن مواد "متطرفة بشكل واضح" على الإنترنت، وكذلك استخدام برامج تجاوز الحجب "في بي إن" (VPN). ومن المقرر بعد القراءة الثالثة إحالة التعديلات للنظر فيها بمجلس الاتحاد، ثم ترفع إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتوقيع. وفي حال اعتماد الوثيقة، ستدخل المادة الجديدة من "قانون المخالفات الإدارية" حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر/أيلول 2025. وتُبلغ قيمة الغرامات المفترضة على المواطنين من 38 إلى 62 دولارا للمخالفة الواحدة. أما الترويج لبرامج تجاوز الحجب، فتتوزع مخالفاتها كالتالي: للمواطنين من 625 إلى ألف دولار. للمسؤولين حتى 1875 دولارا. الشركات والمؤسسات حتى 6250 دولارا. ووفقا للقانون الاتحادي "بشأن مكافحة النشاط المتطرف"، تشمل المواد المتطرفة ما يلي: المنشورات التي تدعو إلى القيام بأنشطة متطرفة. المواد التي تُبرر العنف، والتحريض على الكراهية العرقية، وتدمير النظام الدستوري. الأعمال والمؤلفات المتعلقة بحزب "العمال الاشتراكي الوطني الألماني"، و"الحزب الفاشي الإيطالي"، بالإضافة إلى خطابات وصور قادة المنظمات التي صنفتها محكمة نورمبرغ على أنها "إجرامية". المواد التي تُبرر أو تُعزز التفوق القومي أو العرقي، وكذلك التي تحرض ضد جماعات عرقية أو اجتماعية أو دينية. ومن المقرر أن تُدرج هذه المنشورات في "القائمة الاتحادية للمواد المتطرفة" التي تُشرف عليها وزارة العدل، والتي تضم حاليا 5473 مادة، تشمل نصوصا ومواد صوتية ومرئية. توضيحات وأشار أحد واضعي التعديلات السيناتور الروسي أرتيم شيكين، في تعليقات له، إلى أن الغرامة ستطبق فقط على الإجراءات المتعمدة من جانب المستخدم للوصول إلى محتوى محظور، والتي تشمل، على سبيل المثال، عمليات البحث المتعددة عن نفس المادة أو مناقشة محتوى محظور في الدردشات وشبكات التواصل الاجتماعي. ووفقا له، لن تُعتبر الانتقالات العشوائية أو النقرات المفردة أو تصفح الصفحات المشكوك فيها مخالفة، كما أنه يمكن الطعن في الغرامات غير القانونية، مشيرا إلى أن استخدام خدمات رفع الحجب "في بي إن" (VPN) بحد ذاتها لا يعتبر مخالفة إلا إذا كان مرتبطا بالوصول إلى مواقع ومواد محظورة. تعزيز الأمن الرقمي يقول الخبير القانوني نيقولاي ماروزوف، إن التعديلات الجديدة تهدف إلى زيادة كفاءة تنظيم الفضاء المعلوماتي والحد من إمكانيات تجاوز الحظر الحالي على زيارة بعض موارد الإنترنت ومنع تأثير الشبكات "المتطرفة" على المستخدمين. وأوضح ماروزوف للجزيرة نت أن العقوبة المطبقة حاليا في روسيا على توزيع المواد المتطرفة، والمتمثلة في المسؤولية الإدارية مع فرض غرامة بسيطة أو اعتقال إداري، بالإضافة إلى إجراءات الحجب التي تنفذها هيئة الرقابة على الاتصالات الروسية لا تمنع توزيع المواد غير القانونية المحظورة. ويضيف أن هذه المواد لا تحتوي على أفكار هدامة فحسب، بل قد تتضمن أيضا أنواعا مختلفة من التعليمات لتحضير وتنفيذ "هجمات إرهابية وتخريبية". وحسب رأيه، ستصبح هذه التعديلات أداة إضافية في مكافحة توزيع واستخدام المواد المحظورة، بالإضافة إلى الحد من العواقب المتمثلة في ارتكاب الجرائم والجنح والأعمال الإرهابية. ولفت الخبير القانوني إلى أنه لا ينبغي للمواطنين أن يخشوا الغرامات على المعلومات التي تصل إلى حساباتهم عن طريق الخطأ عبر خوارزميات غير خاضعة للرقابة، كما لن تُفرض المسؤولية على التعرّف غير الطوعي على المحتوى المحظور، ولكن فقط إذا بحث المستخدم عمدا عن مواد متطرفة. وتابع بأنه يمكن مصادرة الأجهزة للتحقق من عمليات البحث فقط إذا كانت هناك أسباب وجيهة لذلك، على سبيل المثال، لجمع الأدلة للمحكمة، إذ قد يُطلب من المشتبه بهم في انتهاك القانون تسليم أجهزتهم. ثغرات وتساؤلات من جانبه، قال عالم الاجتماع فلاديمير كوشيل، إن التعديلات تعاني من قائمة من الثغرات والنواقص؛ فتطبيق التعديلات مستحيل من دون انتهاك حقوق المواطنين. ويضيف كوشيل في حديث للجزيرة نت أن قائمة "المواد المتطرفة" يتم تحديثها بشكل شبه يومي، فكيف يُمكن للشخص أن يُدرك حدوث تغيير، متساءلا كيف عليه أن يعرف بحصول تغييرات أو إضافات. وقال إنه إذا بحث شخص، على سبيل المثال، في الصباح، عن كتاب أو معلومة لم تكن في لحظتها تعتبر متطرفة، ثم أصبحت كذلك في وقت الغداء، فكيف سيعلم مسبقا بأن هذه المادة أو تلك تُصنّف على أنها متطرفة؟ الأمر ليس واضحا تماما، حسب قوله. إضافة لذلك، لفت المتحدث إلى أن التعديلات تُعقّد عمل الصحفيين والباحثين الذين قد يشيرون إلى مواد متطرفة عند كتابة مقالاتهم. ويورد مثالا على ذلك بأنه عندما يتم الاستشهاد بحالات يدرس فيها العاملون في وسائل الإعلام شخصية مجرم يُصنف على أنه متطرف، ولهذا الغرض يطلعون على المواد المنشورة على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، فهل يعني ذلك أن الذين يدرسون المتطرفين والإرهابيين أصبحوا من وجهة نظر التعديلات الجديدة مجرمين؟ ويسأل كوشيل: هل سيُغرّم الأطفال إذا شاهدوا -عن طريق الخطأ- "مواد متطرفة" في مشاركات منشورة، أو كتبوا "في بي إن" في شريط البحث؟ إعلان وحسب رأيه، يجب إصدار مرسوم حكومي يوضّح آلية تطبيق القانون؛ إذ تتضمن القائمة الفدرالية للمواد المتطرفة في الوقت الراهن 5473 مادة، تتراوح بين محتوى عنيف يتضمن مقاطعَ فيديو لجرائم قتل مهاجرين وأشخاص من جنسيات مختلفة وأخرى لعملاء أجانب، وصورا عن التفوق العرقي، ورسومات تحمل صلبانا معقوفة، وغيرها. فهل ينبغي على كل مواطن الاطلاع على هذه القائمة؟