logo
كارثة جديدة تلوح في الأفق.. حرائق ضخمة تجتاح أكبر الجزر الأميركية

كارثة جديدة تلوح في الأفق.. حرائق ضخمة تجتاح أكبر الجزر الأميركية

صوت لبنان٠٩-٠٣-٢٠٢٥

شهدت لونغ آيلاند، أكبر الجزر في الولايات المتحدة الأمريكية، أمس السبت، انتشارا كبيرا لحرائق الغابات دفعت لإجلاء السكان من منازلهم وسط تحذيرات جدية من خطورة الموقف.
وأعلنت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوكول حالة الطوارئ، مشيرة إلى أن الجهات الحكومية تعمل على احتواء الحرائق التي اندلعت بالقرب من منطقة "باين بارينز"، وهي منطقة غابات تضم عدة بلدات سكنية شرق نيويورك.
وقالت هوكول في تصريح لقناة "نيوز 12" المحلية: "الحرائق لا تزال خارج السيطرة حتى الآن"، مضيفة أن سكان منطقة ويستهامبتون تم إجلاؤهم، وقد تكون هناك حاجة لمزيد من عمليات الإخلاء إذا استمرت النيران في الانتشار.
وأوضحت هوكول أن المنازل ومصنعا كيميائيا ومستودعا لشركة "أمازون" معرضة للخطر بسبب تقدم النيران.
ونشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر ألسنة اللهب وهي تتصاعد في الهواء، بينما غطى الدخان الأسود الكثيف الطرق المحيطة.
وفي وقت لاحق، أصدرت بلدة ساوثهامبتون تحذيرا بعدم إشعال أي نيران ترفيهية بسبب ارتفاع خطر انتشار الحرائق، وذلك بالتزامن مع انتشار مقاطع الفيديو التي توضح حجم الكارثة.
وأكدت هوكول في بيان رسمي أن الحرس الوطني يقدم الدعم عبر المروحيات، بالتعاون مع أجهزة إنفاذ القانون المحلية. وقالت: "سلامة المواطنين هي أولويتي القصوى، وسأبذل كل ما في وسعي لحماية سكان لونغ آيلاند".
ولم تقدّر هوكول حجم الأضرار الناجمة عن الحرائق، لكنها أشارت إلى أن النيران تنتشر بسرعة كبيرة. وبحسب بيانات الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا، امتدت النيران والدخان على مسافة تقارب 3 كيلومترات على طول طريق "صنرايز هايواي"، مما أدى إلى إغلاق جزء من هذا الطريق السريع المؤدي إلى شرق لونغ آيلاند.
ووصلت النيران إلى مناطق قريبة من مطار "فرانسيس إس غابريسكي"، حيث أطلق الحرس الوطني مروحية للمساعدة في عمليات الإطفاء. وتم إخلاء القاعدة العسكرية القريبة كإجراء احترازي حوالي، وفقا للمتحدث الرسمي شيران كامبل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من الطفولة إلى فوهة المسدس: مفاجآت صادمة عن المشتبه به بقتل موظفي سفارة إسرائيل بواشنطن
من الطفولة إلى فوهة المسدس: مفاجآت صادمة عن المشتبه به بقتل موظفي سفارة إسرائيل بواشنطن

ليبانون ديبايت

timeمنذ 2 أيام

  • ليبانون ديبايت

من الطفولة إلى فوهة المسدس: مفاجآت صادمة عن المشتبه به بقتل موظفي سفارة إسرائيل بواشنطن

لدى المشتبه به المتهم بقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية تاريخ من النشاط السياسي، شمل إدانة نفوذ الشركات، الإجراءات العسكرية الأميركية، وانتهاكات الشرطة، وفقًا لمراجعة أجرتها شبكة CNN لمقابلات وكتابات مرتبطة به. في صفحة GoFundMe لعام 2017، التي تضم صورته، وُصفت شهادة منسوبة إلى إلياس رودريغيز كيف أشعلت مهمة والده في العراق، عندما كان في الحادية عشرة من عمره، شرارة صحوته السياسية وحشدته لمنع "جيل آخر من الأميركيين العائدين إلى ديارهم من حروب الإبادة الجماعية الإمبريالية". تُجري السلطات تحقيقات في أسباب إطلاق النار في وقت متأخر، الأربعاء، خارج متحف كابيتال اليهودي، حيث يُقال إن رودريغيز، البالغ من العمر 31 عامًا من شيكاغو، أخرج مسدسًا وقتل زوجين شابين، يارون ليشينسكي وسارة ميلغريم. صرخ قائلاً: "الحرية لفلسطين"، بينما احتجزته الشرطة. في شكوى قُدّمت إلى المحكمة الفيدرالية، الخميس، اتهم رودريغيز بالقتل وتهم أخرى، وقال المدعون إنه أخبر الشرطة أنه استلهم فكرته من طيار أميركي توفي العام الماضي بعد أن أشعل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن العاصمة، لفت الانتباه إلى الحرب في غزة، واصفًا إياه بـ"الشهيد". كما تحقق الشرطة في رسالة وُجّهت إلى حساب على منصة إكس (تويتر سابقًا) بعد وقت قصير من إطلاق النار، ويبدو أنها تحمل توقيع رودريغيز، تدعو إلى الانتقام العنيف ردًا على الحرب في غزة - وهي رسالة نُشرت مرارًا وتكرارًا على هذا الحساب. وأظهرت مراجعة أجرتها شبكة CNN لحساب @kyotoleather أنه مرتبط بحسابات أخرى تحمل اسم وصورة رودريغيز، ويتضمن ردودًا يخاطبه فيها مستخدمون آخرون باسمه. وأعربت الرسالة المنشورة، الأربعاء، عن الغضب إزاء "الفظائع التي يرتكبها الإسرائيليون ضد فلسطين"، وأشارت إلى "العمل المسلح" كشكل مشروع للاحتجاج - وهو "التصرف العقلاني الوحيد". وجاء في الرسالة: "ماذا يُمكن قوله أكثر في هذه المرحلة عن نسبة الأطفال المشوّهين والمحترقين والمنفجرين؟ نحن الذين سمحنا بحدوث هذا لن نستحق أبدًا غفران الفلسطينيين". نُشرت الرسالة على إكس حوالي الساعة 10 مساءً، الأربعاء، ولم يتضح من نشرها أو ما إذا كانت منشورًا مجدولًا مسبقًا قبل الحادث. في السنوات التي سبقت اعتقاله في واشنطن العاصمة هذا الأسبوع، تحالف رودريغيز علنًا مع عدة جماعات يسارية في منطقة شيكاغو. سعت صفحة GoFundMe، التي أُنشئت في آب 2017، لجمع التبرعات ليتمكن رودريغيز من حضور مؤتمر المقاومة الشعبية في واشنطن العاصمة، وهو فعالية احتجاجية مناهضة لترامب. وفي شهادة نُسبت إلى رودريغيز، كتب "كنت في الحادية عشرة من عمره عندما جلس والدي، وهو جندي في الحرس الوطني، مع عائلتنا ليُخبرنا أنه سيُرسل إلى العراق"، ووصف انزعاجه عندما عاد والده من مهمته حاملاً "تذكارات"، من بينها رقعة ممزقة من زي جندي عراقي، وكتب أنه شعر بنفور من السياسة الأميركية بسبب الحرب. ورفضت والدة رودريغيز، التي تواصلت معها CNN، التعليق على هذه القصة، وأكد الحرس الوطني الأميركي لـCNN أن رجلاً عُرف في السجلات العامة بأنه والد رودريغيز كان عضوًا في الحرس الوطني للجيش من 2005 إلى 2012، وخدم في العراق من تشرين الأول 2006 إلى أيلول 2007. وفي تشرين الأول 2017، حضر رودريغيز مظاهرة أمام منزل عمدة شيكاغو آنذاك، رام إيمانويل، احتجاجًا على إطلاق النار من قبل الشرطة وعلى محاولة نقل المقر الرئيسي الثاني لشركة أمازون إلى المدينة. قال رودريغيز لصحيفة "ليبراسيون"، وهي صحيفة صادرة عن حزب الاشتراكية والتحرير، التي عرّفت عنه كعضو فيها آنذاك، إن "الثروة التي جلبتها أمازون إلى سياتل لم تُشارك مع سكانها السود"، وأضاف أن "تبييض [أمازون] لمدينة سياتل عنصري بنيوي، ويشكّل خطرًا مباشرًا على جميع العاملين فيها". وفي كانون الثاني 2018، شارك رودريغيز في احتجاج آخر ضد أمازون في وسط مدينة شيكاغو، نظمته منظمة "أنسر شيكاغو"، وهي جماعة مناهضة للحرب، وصرح رودريغيز لصحيفة "نيوزي" في مقابلة مصورة: "إذا تمكنا من إبعاد أمازون، فسيكون ذلك نصرًا كبيرًا، ويُظهر قوة تكاتف الناس وقدرتهم على رفض أمور مثل التحديث الحضري". وفي بيان لشبكة CNN، صرح ائتلاف "أنسر" أن المنظمة لا تضم أعضاءً أفرادًا، وأنهم لا يرتبطون برودريغيز بأي شكل من الأشكال. وأضاف الائتلاف: "يبدو أنه حضر احتجاجات أنسر قبل 7 سنوات، ولسنا على علم بأي اتصال له منذ ذلك الحين. من الواضح أننا لا علاقة لنا بهذا الحادث ولا ندعمه". وقال نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، دان بونغينو، في منشور على موقع إكس، إن "مكتب التحقيقات الفيدرالي على علم بكتابات يُزعم أن المشتبه به كتبها، ونأمل أن نتلقى تحديثات بشأن صحتها قريبًا جدًا". تصف الرسالة التي تحمل اسم رودريغيز غضب الكاتب إزاء ما يُرى أنه تقاعس من جانب الحكومات الغربية والعربية عن وقف حرب إسرائيل على غزة، وتدعو إلى العمل المسلح، الذي تُشبّهه بأشكال الاحتجاج السلمي. وجاء في الرسالة: "العمل المسلح ليس بالضرورة عملاً عسكريًا... عادةً ما يكون مسرحًا واستعراضًا، وهي سمة مشتركة مع العديد من الأعمال غير المسلحة". وذكرت الرسالة أنه قبل سنوات، ربما لم يكن الأميركيون ليفهموا هجومًا عنيفًا باسم فلسطين - "كان مثل هذا العمل ليبدو غير مفهوم، وجنونيًا"، ولكن في ظل تزايد الضغط الشعبي لإنهاء الحرب في غزة، كتب الكاتب: "هناك العديد من الأميركيين الذين يعتبرون هذا العمل واضحًا للغاية، وهو، بطريقة غريبة، التصرف العقلاني الوحيد"، واختتمت الرسالة برسالة إلى والدي الكاتب وشقيقه، ووقعها "إلياس رودريغيز". وسبق أن دافع حساب "إكس" نفسه الذي نُشرت فيه الرسالة عن أساليب العنف، وعبّر عن آراء تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل. وردًا على منشور مستخدم آخر يدعم إطلاق النار على الآخرين ويصف العنف بأنه "جزء مقبول من الواقع"، ردّ الحساب: "متفق - العنف ليس بالضرورة أن يحدث، ولكن إذا حدث، فيجب أن يحدث". "ما الدليل الإضافي المطلوب على ضرورة القضاء التام على المستعمرة ومتمرديها بنهاية كل هذا؟"، هذا ما كتبه الحساب عن إسرائيل في منشور آخر ردًا على فيديو مُجمّع لمسؤولين حكوميين إسرائيليين يدعون إلى حصار شامل وقصف لقطاع غزة. وتُظهر منشورات وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو صُوّرت وسط حشود من الاحتجاجات في شيكاغو ضد حرب إسرائيل على غزة. وفي شيكاغو، عمل رودريغيز مؤخرًا أخصائيًا إداريًا في الجمعية الأميركية لمعلومات طب العظام، وفقًا لحساب على لينكد إن يحمل اسمه وصورته. وقالت رئيسة الجمعية، تيريزا هوبكا، في بيان مشترك مع رئيستها التنفيذية، كاثلين كريسون: "لقد صُدمنا وحزننا لمعرفة أن أحد موظفي الجمعية قد أُلقي القبض عليه كمشتبه به في هذه الجريمة المروعة". وكان رودريغيز يسكن في حي ألباني بارك، حيث أخبر أحد جيرانه شبكة CNN أنه صُدم من علاقة رودريغيز المزعومة بحادث إطلاق النار في واشنطن العاصمة. وقال جون فراي، البالغ من العمر 71 عامًا، إن رودريغيز عاش في الشقة المجاورة لشقته لمدة عامين تقريبًا مع امرأة، رغم أنه قال إنه لا يعرف طبيعة علاقتهما أو اسم المرأة، مضيفا: "كانا هادئين للغاية، وكانا ودودين للغاية"، لافتًا إلى أنه لم يتحدث قط مع رودريغيز في السياسة. وذكر فراي، مشيرًا إلى سنه: "لم نتحدث في السياسة قط، واليوم، أشعر بالندم لأنني لم أجرِ أي محادثة معه، لأنه كما ترون، لقد كنت موجودًا لفترة طويلة.. لا تُنهى الحرب بالبنادق والقنابل. تُنهى الحرب بالذهاب إلى الناس، وشرح الأمور لهم بصبر، وستعرف أن التصويت أقوى بكثير من الرصاصة أو القنبلة". كما كشفت التحقيقات أن منفذ الهجوم على السفارة الإسرائيلية في واشنطن مؤخرًا إلياس رودريغيز، نشر بيانًا معاديًا لإسرائيل قبل ساعات من هجومه الذي أدى لاستشهاد موظفين في السفارة. وقالت الشرطة إن رودريغيز البالغ من العمر 31 عامًا، كان يهتف "فلسطين حرة حرة" قبل لحظات من اعترافه بقتل الموظفين خارج متحف الكابيتول اليهودي في وقت متأخر من يوم الأربعاء. وبينما يحقق المحققون في الدافع وراء الحادثة، ركزت الشرطة على بيان من 900 كلمة يحمل اسم رودريغيز بدأ في الانتشار على الإنترنت فور اعتقاله. وبالإضافة إلى محاولة تحديد صحة الوثيقة، كانت السلطات تبحث في أجهزته الإلكترونية وتتحقق مما إذا كان قد تطرف ذاتيًا. ويبدو أن البيان مؤرخ في 20 أيار، أي قبل يوم من القتل، مما يشير إلى أن القتل كان عملاً احتجاجيًا سياسيًا أشعلته الحرب في غزة. وجاء في الوثيقة: "العمل المسلح ليس بالضرورة عملاً عسكريًا. عادة ما لا يكون كذلك. عادة ما يكون مسرحًا ومشهدًا، وهي صفة يشترك فيها مع العديد من الأعمال غير المسلحة.. أولئك المعارضين للإبادة الجماعية قد تنازلوا عن إنسانيتهم". وأضاف: "لكن اللا إنسانية أظهرت منذ فترة طويلة أنها شائعة بشكل صادم، وعادية، وبشرية بشكل مألوف. قد يكون الجاني حينها والداً محبًا، أو طفلًا بارًا، أو صديقًا كريمًا ومحسنًا، أو غريبًا لطيفًا، قادرًا على القوة الأخلاقية في الأوقات التي تناسبه وأحيانًا حتى عندما لا تناسبه، ومع ذلك يبقى وحشًا". وتابع: "الإنسانية لا تعفي أحدًا من المساءلة. كان يمكن تبرير العمل أخلاقيًا منذ 11 عامًا خلال عملية الجرف الصامد، في الوقت الذي أصبحت فيه على دراية شخصية بسلوكنا الوحشي في فلسطين. لكني أعتقد أن مثل هذا العمل كان سيكون غير مفهوم لمعظم الأميركيين، وسيبدو جنونيًا. أنا سعيد لأنه اليوم على الأقل هناك العديد من الأميركيين الذين يعتبرون هذا العمل واضحًا للغاية، وهو بطريقة غريبة، التصرف العقلاني الوحيد".

'ترامب الثّاني' في خليج جديد
'ترامب الثّاني' في خليج جديد

الشرق الجزائرية

time١٥-٠٥-٢٠٢٥

  • الشرق الجزائرية

'ترامب الثّاني' في خليج جديد

نايف سالم – الكويت بين أيّار 2017 وأيّار 2025، اختلَفَت دول الخليج جذريّاً بسياساتها واستراتيجياتها. في التاريخ الأوّل زارها 'ترامب الأوّل' لتثبيت الشراكات ونسج الصفقات الدفاعية والتجارية الكلاسيكية، فيما يزورها في التاريخ الثاني بأولويّات مختلفة، ربطاً بالتغيّرات العميقة في السياسات والتوجّهات لكلا الجانبين. من 'الاقتحام الخليجي' للذكاء الاصطناعي ضمن إرساء منظومة الحداثة، مروراً بسياسة 'إطفاء الحرائق' عبر 'تصفير المشكلات' تقريباً مع إيران وغير إيران والوساطات الكبرى (أوكرانيا والسودان مثلاً)، وصولاً إلى رسوخ الاتّفاقات الإبراهيمية بين بعض الدول الخليجية وإسرائيل، وثبات الموقف السعودي من قيام الدولة الفلسطينية شرطاً للتطبيع، يمكن استخلاص 3 اختلافات كبرى بين 2017 و2025. تتركّز كلّ أنظار العالم هذه الأيّام على دول الخليج التي اختارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتكون محطّته الخارجيّة الأولى في ولايته الثانية (2024 – 2028) كما كانت أيضاً في ولايته الأولى (2016 – 2020). لكنّ الفارق كبيرٌ بين المحطّتَين، إذ يحطّ 'ترامب الثاني' رحاله في أرضٍ وعلى أرضيّة مختلفة. المملكة العربية السعودية، بثقلها العالمي، تحتضن خامس قمّة أميركية- خليجية، بعد الأولى (أيّار 2015) والثانية (نيسان 2016) والثالثة (أيّار 2017) والرابعة (تمّوز 2022). سترسم هذه القمّة مسار الشراكة الاستراتيجية بين الخليج وأميركا لسنوات طويلة، ومن شأنها تثبيت علاقة الشراكة القائمة على المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة. لا يريد ترامب الحروب، وكذلك دول الخليج. يريد ترامب تدفّق المزيد من الأموال الخليجية إلى الولايات المتّحدة (تحت شعار أميركا أوّلاً)، ولا تُمانع دول الخليج ضخّ استثمارات جديدة في الشرايين الأميركية، مقابل الاستفادة من قدرات الشركات الكبرى، لا سيما ما يرتبط بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات واستكشاف الفضاء. يرغب ترامب بتهدئة الوضع في المنطقة وإبعاد شبح الحروب، ودول الخليج تدفع بقوّة باتّجاه إنهاء حرب غزّة وتعوّل على قدرة أميركا على تهدئة 'الثور الإسرائيلي الهائج'. تؤيّد أيضاً اتّفاقاً شفّافاً مع إيران يمنعها من حيازة السلاح النووي، وترتكز على علاقاتها 'الإيجابيّة بحذر' مع طهران، مقارنة بما كانت عليه في 2017، لمعالجة الملفّات الأخرى (الأنشطة الخبيثة). السّلاح والذّكاء وفق ذلك، يندرج إعلان وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عشيّة وصول ترامب، تأسيس شركة 'هيوماين' التي تهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي وإدارة حلوله وتقنيّاته، مع الاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة بين ثلاث قارّات. ربّما 'هيوماين' كانت محور الحوار 'الجانبيّ' بين محمّد بن سلمان وترامب وإيلون ماسك، الذي يرافق الرئيس الأميركي مع عدد من كبار الرؤساء التنفيذيّين في الشركات الأميركية الكبرى، مثل 'أمازون' و'بلاك روك' و'آي بي إم' و'بوينغ' و'دلتا إيرلاينز' و'أميركان إيرلاينز' و'يونايتد إيرلاينز' و'أوبر' و'كوكاكولا' و'غوغل'. كان الذكاء الاصطناعي أيضاً محور 'زيارة العمل' التي قام بها مستشار الأمن الوطني في الإمارات الشيخ طحنون بن زايد لواشنطن، في آذار الماضي، والتقى خلالها ترامب وكبار المسؤولين ورؤساء شركات عالمية، مع التركيز على آفاق الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدّمة. ستبقى صفقات السلاح الأميركية لدول الخليج قائمة وتتعزّز، لكنّ 'الذكاء الاصطناعي' سيتقدّم عليها. لم يعد يهمّ دول الخليج ترسانات الأسلحة بقدر ما يهمّها الاستثمار في المستقبل واحتضان 'بنوك البيانات' والبنية التحتيّة للذكاء الاصطناعي، تطبيقاً لرؤاها الاقتصادية والتنموية الطموحة (السعودية 2030، الكويت 2035، قطر 2030، البحرين 2030، عُمان 2040، الإمارات 2040). إطفاء النّيران المشهد في السياسة أيضاً مُختلف جذريّاً. لم تعد إيران الخطر الأساس والتهديد الأوّل في 2025. التفاهمات الثنائية بينها وبين بعض دول الخليج فعلت فِعلها. انكسار 'المحور' أجبَرَ الرؤوس الحامية في طهران على الانكفاء. بات ترامب يفاوضها ويريد 'صفقة التريليونات' التي فرشتها له علناً بأيدي وزير خارجيتها عباس عراقتشي ومستشار مرشدها علي لاريجاني. مع اتّخاذ العلاقات مع إيران منحى التهدئة والاستيعاب، تلتقي السياسة السعودية والخليجية مع الأميركية في الرغبة بإطفاء النيران المشتعلة في أكثر من مكان، مثل اليمن والسودان. وبات الوسيط الخليجي لا غنى عنه في الملفّات الكبرى، وبدا ذلك واضحاً في صفقات تبادل الأسرى المتلاحقة التي رعتها السعودية والإمارات، وفي الوساطة السعودية بين أميركا وروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا، و'منبر جدّة' الذي لا بديل عنه لإنهاء حرب السودان مهما طالت. تريد دول الخليج 'وأد' الحروب من أجل إطلاق 'عملاق التنمية'، بما ينعكس إيجاباً على اقتصاداتها وازدهاراً على جيرانها من دول المنطقة. وتولي أهميّة خاصّة لدعم سوريا ولبنان 'الجديدَيْن'، وإن لا يزالا تحت الاختبار، وتلعب دوراً إيجابياً كبيراً في دفع الولايات المتّحدة لمنحهما فرصة لالتقاط الأنفاس وإقران الأقوال بالأفعال، من خلال رفع أو تخفيف العقوبات والإجراءات المشدّدة، التي فُرضت عليهما إبّان حُكمَي بشّار الأسد و'الحزب'. الثّور الإسرائيليّ في العلاقات مع إسرائيل الوضع مختلف أيضاً. أكبر إنجازات ترامب في ولايته الأولى كان 'الاتّفاقات الإبراهيمية' التي أدّت إلى تطبيع العلاقات بين الدولة العبريّة وبعض الدول العربية، بينها دولتان خليجيّتان: الإمارات والبحرين. على الرغم من 'البهلوانيّات' الأميركية المتنوّعة، إبّان إدارة جو بايدن، لم تنجح واشنطن في 'حرف' الرؤية السعودية الثابتة عن مسارها: لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية. والآن فهمت إدارة ترامب مدى صلابة هذه الرؤية فأقرّت بالمعادلة الجديدة: مساعدة المملكة في طموحاتها النووية شيء والتطبيع شيء آخر. هنا لا تبتعد أيضاً الرؤية الخليجية عن الرؤية الأميركية. كلتاهما، لأسباب مختلفة، تريد وقف حرب الإبادة في غزّة. لكنّ الطرف الأميركي هو القادر حصراً على تهدئة 'الثور الهائج' المتمثّل بحكومة بنيامين نتنياهو الأكثر تطرّفاً في تاريخ الكيان، وإفهامه أنّ السلام يقوم على أسس واضحة، عنوانها 'الدولة الفلسطينية' التي تتشبّث السعودية بدعمها والدفع نحو إقامتها، مهما بلغت أعداد 'السموتريتشيّين' و'البن غفيريّين' في حكومات الدولة العبريّة.

قواعد اللعبة تتغير... "أوروبا الجديدة" في الشرق الأوسط؟
قواعد اللعبة تتغير... "أوروبا الجديدة" في الشرق الأوسط؟

ليبانون ديبايت

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • ليبانون ديبايت

قواعد اللعبة تتغير... "أوروبا الجديدة" في الشرق الأوسط؟

وفي هذا السياق، يرى الباحث د. خالد الحاج، في حديث لـ'ليبانون ديبايت'، أن "تلك الزيارة مثّلت لحظة فارقة في مسار التموقع السعودي على الساحة الدولية، وفتحت الباب أمام تحوّل نوعي في مفهوم العلاقة بين الرياض وواشنطن، من علاقة تقليدية إلى شراكة قائمة على الندية والمصالح المتبادلة، فالمملكة العربية السعودية تشهد تحولًا استراتيجيًا غير مسبوق في مقاربتها للسياسات الإقليمية والدولية، ما يرسّخ مكانتها كقوة صاعدة على الساحتين الإقليمية والعالمية". ويشير إلى أن "هذا التحول يأتي في إطار رؤية استراتيجية متكاملة تقوم على مبدأين أساسيين: "تصفير الأزمات الخارجية" و"تنويع الشراكات ومصادر القوة الوطنية"، وهو ما تنعكس ملامحه بوضوح في مشروع "رؤية 2030"، الذي لم يعد مجرد خطة تنموية داخلية، بل أضحى إطارًا لإعادة تعريف موقع المملكة في التوازنات الدولية المقبلة". ويوضح الحاج أن "البراغماتية أصبحت أداة رئيسية في إدارة الملفات الإقليمية الشائكة، وعلى رأسها العلاقة مع إيران، حيث عبّرت الرياض عن دعمها للمفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، آمِلةً أن تسهم نتائجها في تعزيز الاستقرار الإقليمي"، معتبرًا أن "هذا النهج يُظهر تحوّلًا نوعيًا من سياسة المواجهة إلى سياسة الاحتواء والدبلوماسية الذكية في إدارة النفوذ". وبرأيه فإن "المملكة تُدرك تمامًا طبيعة النظام الدولي الذي لا تزال الولايات المتحدة تتسيّده، إلا أنها باتت تُحسن التموضع فيه من موقع الندّ لا التابع". ويتوقف الحاج عند كيفية إدارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للعلاقة مع إدارتَي ترامب وبايدن، مشيرًا إلى أن "المملكة نجحت في تحقيق توازن دقيق واستثنائي يضمن مصالحها دون الارتهان لأي طرف". ويلفت إلى أن "الصفقات الاقتصادية والعسكرية الأخيرة بين السعودية والولايات المتحدة، والتي شملت مجالات الطاقة والتعدين والدفاع، تعكس هذا التموضع الجديد، وتدلّ على انتقال المملكة من الاعتماد على النفط كمورد وحيد، إلى الاستثمار في المعرفة، والتقنيات المستقبلية، والموارد البديلة". وفي السياق التكنولوجي، يوضح الحاج أن "توقيع وكالة الفضاء السعودية اتفاقية مع وكالة "ناسا" لتنفيذ مشروع 'كيوب سات' ضمن مهمة "أرتميس 2"، يشكل علامة فارقة في طموح المملكة لدخول مجالات الفضاء وتكنولوجيا الطقس الفضائي، كما يشير إلى أهمية مذكرات التفاهم بين وزارتي الدفاع السعودية والأميركية لتطوير الخدمات الصحية العسكرية، والتعاون القضائي بين وزارتي العدل في البلدين، معتبرًا أنها تُوسّع مفهوم الشراكة ليشمل البُنى المؤسسية والمجالات الحيوية، لا الاقتصادية والأمنية فقط". وفي ظل تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وأوروبا، وتراجع النفوذ الأوروبي في ملفات دولية عدّة، يعتبر الحاج أن "السعودية بدأت تُقدَّم كـ"أوروبا الجديدة" في الشرق الأوسط، ليس من حيث الجغرافيا، بل من حيث الدور، والرؤية، والجهوزية للمشاركة الفاعلة في صياغة النظام العالمي الجديد". ويضيف، أن "دولًا أوروبية تعاني من أزمات اقتصادية وهيكلية وتراجع في القرار السياسي، في حين تسير المملكة في اتجاه مغاير، إذ تستثمر في الذكاء الاصطناعي، والثورة الصناعية الرابعة، وتسعى إلى التحوّل إلى مركز علمي وتكنولوجي رائد في المنطقة". ويتوقّف أيضًا الحاج عند نقطة محورية، تتمثل في تعهد الولايات المتحدة بتقديم الدعم لتطوير القدرات النووية السلمية للمملكة دون ربطه بالتطبيع مع إسرائيل، معتبرًا أن هذه الخطوة تعبّر بوضوح عن تمكّن الرياض من استخدام أوراقها الجيوسياسية بفعالية وواقعية، وفرض شروطها من موقع الندية، لا التبعية". ويختم الحاج حديثه بالتأكيد على أن "المملكة العربية السعودية تدخل مرحلة جديدة من الحضور الدولي، تتداخل فيها الجغرافيا، والاقتصاد، والقوة الناعمة والصلبة، لترسم دورًا جديدًا لها، ليس فقط في المنطقة، بل على مستوى النظام العالمي الآخذ في التشكل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store