logo
الروائي الهندي بانكاج ميشرا وعالم ما بعد الإبادة في غزة

الروائي الهندي بانكاج ميشرا وعالم ما بعد الإبادة في غزة

الجزيرة١٦-٠٣-٢٠٢٥

يعتبر الروائي وكاتب المقالات الهندي التقدمي، بانكاج ميشرا، أحد أبرز مفكري هذا الجيل وأصواته المناهضة للاستعمار والرأسمالية والعنصرية والهيمنة الغربية. وقد نشرت له عدة أعمال روائية وثقافية وفكرية تدور حول هذه القضايا المحورية.
وقد صدر له مؤخرا، عن دار نشر فيرن البريطانية في 300 صفحة، كتاب جديد بعنوان "العالم بعد غزة". ويعيد الكتاب صياغة الصراع الدائر حول فلسطين وتأطير جذوره التاريخية وانقسام الاستجابة العالمية حوله وتداعياته الأخلاقية والجيوسياسية.
النظام العالمي والهولوكوست
يلفت الكتاب إلى أن النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، في نواح كثيرة منه، قد تشكّل استجابة للمحرقة النازية (الهولوكوست) وفظائع الحروب الأهلية النهائية التي أصبحت في الوجدان السياسي والأخلاقي الغربي، معيارا للفظائع والإبادة الجماعية النموذجية، وتسيطر ذكراها على كثير من تفكير الغرب.
لكن الأهم أنها شكلت مبررا أساسيا لـ"حق" الكيان الصهيوني في الوجود و(الدفاع عن نفسه!). لكن أجزاء أخرى من العالم، مزقتها صراعات ومذابح جماعية، لا تسلّم بـ"فرادة" الهولوكوست و"استثنائيته" التاريخية والأخلاقية، حتى لو كانت فظائعه البشعة كذلك.
روتينيا، يتم استدعاء المخاوف من تكرار الهولوكوست لتبرير سياسات إسرائيل ضد الفلسطينيين. وبالنسبة لـ"الشعوب السمراء"، بتعبير المؤرخ والسوسيولوجي الأميركي وليم إدوارد دي بويس (1868-1963)، فإن ذاكرة هذه الشعوب التاريخية الرئيسة تجارب مؤلمة عاشوها تحت العبودية والاستعمار.
إعلان
ويعتقد ميشرا أن قضية القرن الـ20 المركزي هو تصفية الاستعمار والتحرر من احتلال الرجل الأبيض. ويذكّر ميشرا بـ:
"أن أجزاء كبيرة من العالم لديها ذاكرة ثقافية وذاكرة تاريخية لفظائع ارتكبتها القوى الغربية هناك، وأدت في الواقع إلى تكوين هويتهم الجامعة. وهذه هي الطريقة التي يرون بها أنفسهم في العالم".
ويخلص ميشرا لأن الاستعمار الأوروبي بأفريقيا، والحروب المدمرة بآسيا، والإبادة الجماعية في الشرق الأوسط مؤخرا، قد شكَّلوا حياة مليارات البشر.
الإبادة والاستقطاب
يتناول الكتاب أساسا حرب الإبادة الحالية في غزة، والاستقطاب في ردود الفعل تجاهها، كنقطة انطلاق لإعادة تقييم واسعة لسرديتين متنافستين من القرن الماضي:
رواية الشمال العالمي انتصارا للرأسمالية الليبرالية على الشمولية والنازية والشيوعية.
رواية الشعوب السمراء بالجنوب العالمي الداعية للمساواة العرقية والتحرر من الاستعمار الغربي.
وفي حين يتحول توازن القوى في العالم، ولم يعد الشمال العالمي يتمتع بمصداقية أو سيطرة مطلقة، من الأهمية فهم كيف ولماذا فشل شمال العالم وجنوبه في التحدث مع بعضهما.
مع انهيار الأساسات والمعالم القديمة، لا يمكن إلا لتاريخ جديد -بتوكيدات حادة الاختلاف- أن يعيد توجيه العالم، وتظهر الآن وجهات نظر عالمية إلى النور.
وفي أطروحة موجزة وقوية ومحددة، يتعامل ميشرا مع الأسئلة الأساسية التي تطرحها أزمتنا الراهنة، ومنها:
إن كانت بعض الأرواح أهم من غيرها؟! ولماذا يتم تبني سياسات هوية مبنية حول ذكريات المعاناة واسعة النطاق؟ ولماذا تتكثف العداوات العنصرية عشية اندلاع موجة اليمين المتطرف بالغرب، مما يهدد باندلاع حريق عالمي؟
في هذا السياق، يُعدُّ كتاب "العالم بعد غزة" دليلا أخلاقيا لا غنى عنه لماضينا وحاضرنا ومستقبلنا"، ولقي الكتاب ترحيبا واستحسانا لدى المثقفين والمفكرين التقدميين. فاعتبرته الكاتبة اليسارية اليهودية الكندية نعومي كلاين"شجاعا ومحفزا، ومفكرا وأخلاقيا، وصارما وموسعا للعقل".
ووجده الكاتب الأميركي ومحرر عمود سابق في نيويورك تايمز أناند غيريدهاراداس: "عملا منتصرا للتعاطف في صراع استقطابي".
واعتبره المؤرخ البريطاني بيتر فرانكوبان: "كتابا مليئا بالعاطفة والغضب والوضوح". مشيرا لأن "ميشرا أحد الأصوات المهمة في جيلنا".
وقال الروائي الليبي هشام مطر: "يُظهِر هذا الكتاب المهم والمُلِح للغاية ميشرا، أحد أكثر كتابنا ذكاء وشجاعة، في ذروة قوته وبراعته".
الصدمة والتحول
إن ميشرا وافد متأخر نسبيا على قضية فلسطين. كان مفتونا بأبطال إسرائيل، وليس بأبطال العرب، عندما نشأ في الهند؛ حتى إنه كان لديه صورة على جدار حجرته لموشيه ديان، وزير الحرب الإسرائيلي خلال حرب 1967. وجاء تحوله خلال زيارة عام 2008 إلى فلسطين المحتلة، حيث صُدم عندما شهد الإذلال الذي يتعرض له سكان الضفة الغربية.
وكتب ميشرا: "لم يكن هناك ما يجهزني (لتحمل رؤية) الوحشية والبؤس الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي"، "الجدار المتعرج وحواجز الطرق العديدة.. المقصود منها تعذيب الفلسطينيين في أرضهم.. الشبكة الحصرية عنصريا تتكون من الطرق الأسفلتية اللامعة وشبكات الكهرباء وأنظمة المياه التي تربط المستوطنات اليهودية غير القانونية بإسرائيل".
والأمر الحاسم هو أنه شعر برابطة عرقية قوية مع العرب. فـ"هنا"، كتب ميشرا، "كان هناك تشابه لا أستطيع إنكاره". كانوا "أناسا يشبهوني". وبهذا الارتباط -وجودهم المشترك على جانب البشرة السمراء والذي حدده دي بويس باعتباره "خط اللون"- حدد ميشرا أوراق اعتماده وأصول انتقاده.
لقد حررت الهند نفسها من تفوق العرق الأبيض الغربي، لكن الفلسطينيين "يعانون الآن كابوسا اعتبرناه أنا وأسلافي وراءنا".
إن شرور الاستعمار الغربي تشكل أساس هذا التحليل. يقول ميشرا:
كانت النازية، من هذا المنظور، مجرد امتداد للاستعمار، استقدمه هتلر من ممارسات الاستعمار الأوروبي إلى أوروبا القارية، وتدفقت المحرقة بشكل طبيعي من الإبادات الجماعية الأخرى التي ارتكبها البيض بأنحاء العالم.
"تجيير الهولوكوست صهيونيا"
الغريب أن ذكرى الهولوكوست لم تُخلَّد إلا قليلا بعد الحرب. ويستشهد ميشرا بالفيلسوفة الألمانية الأميركية اليهودية حنا أرندت (1906-1975) وآخرين؛ فيقول إن الهولوكوست لم تصبح تجسيدا لقضية سياسية لصالح الصهيونية إلا لدى محاكمة آيخمان عام 1961، حيث أصبحت إسرائيل أو زعمت أنها الدولة الوحيدة التي تضمن سلامة اليهود.
وفي الوقت نفسه، كان القادة الإسرائيليون يصورون العرب على نحو متزايد باعتبارهم متعاونين مع النازيين، ويهددون بإبادة جماعية جديدة.
ويقول ميشرا إن الذاكرة الجماعية للهولوكوست "لم تنبع عضويا مما حدث بين عامي 1939 و1945 فحسب، بل بُنيت متأخرة، وبشكل متعمد للغاية غالبا، ولأغراض سياسية محددة". والآن، يرى كثيرون أن ذكراها "حُرِفت لتمكين القتل الجماعي" الإسرائيلي ومنح إسرائيل الحصانة.
ويكتب أن "دائرة متزايدة الاتساع" من الناس بأنحاء العالم " ترى إسرائيل استعمارا استيطانيا قاسيا ونظاما عنصريا يهوديا يدعمه سياسيون غربيون من اليمين المتطرف ورفاقهم من الليبراليين".
ولا شك أن الصهاينة سيعتبرون فكرة استغلال المحرقة سياسيا والتلاعب "عمدا" بذكراها معاداة للسامية (عداءً وكراهية لليهود). ويوضح أنه في حالة إسرائيل، يستخدم القادة الصهاينة هذا السرد حول المحرقة سلاحا من خلال ربط سلامة ووجود دولة إسرائيل بالدفاع ضد شرور الهولوكوست.
وبعبارة أخرى، تستغل الدولة الصهيونية معاناة الملايين لصالح الأقوياء.
"إن كلمات الساسة مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخطاب أشخاص مثل جو بايدن الذي يصر على أن أي شخص يهودي في العالم لن يكون آمنا إذا لم تكن إسرائيل آمنة. وربطُه مصير ملايين اليهود خارج إسرائيل بمصير دولة إسرائيل باستمرار، لا أستطيع أن أفكر في أي شيء أكثر معاداة للسامية من ذلك. ومع ذلك، يواصل هؤلاء الساسة فعل ذلك، وهذا يعرض السكان اليهود في أماكن أخرى للخطر".
رفع الصوت عاليا
يُعتبر كتاب ميشرا امتدادا لمقاله المفصلي في مارس/آذار 2024 بمجلة "لندن ريفيو أوف بوكس" المرموقة، وقد أراد بهما التعقيب على فاجعتين، أخلاقية وفكرية، أصابتا العالم في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول:
– الفاجعة الأولى، عمليات القتل والتدمير والإبادة التي ارتكبتها إسرائيل بشكل متعمّد للغاية في غزة بدعوى الدفاع عن النفس.
– الفاجعة الثانية، محاولات بذلها أنصار إسرائيل بالغرب، صحافيون وساسة ورجال أعمال، للتعتيم على حقائق جلية جدا لا تتعلّق بعدوان إسرائيل فقط، بل بتاريخها الطويل من احتلال الأراضي الفلسطينية، وتوسّعها الاستيطاني المستمر بالضفة الغربية، وتقويضها الحركات الفلسطينية السلمية.
وهو مجرد كاتب لا أكثر، ولا يمكنه فعل الكثير إزاء ممارسات مخزية من تعتيم وإغفال ومراوغة، تورّط فيها كتاب وصحافيون، إلا رفع الصوت عاليا، سعيا لكشف قضايا اعتُبرَت طويلا من المحرمات، ويُعاقَب عليها بشدّة في الفضاء العام بالغرب الجماعي.
إذن إن هدف الكتاب تعميق هذه المسألة أكثر، لاستطلاع الطرق التي تُصنَع من خلالها الذاكرة العامة عن المحرقة بإسرائيل وألمانيا والولايات المتحدة، وتوظيفها لتبرير نهج إسرائيل التوسّعي عُنفا وتدميرا وإبادة، ودراسة الدور المشهود لـ"ثقافات الذاكرة" بالمجتمعات، ولماذا تُعدّ أحداث غزة مؤشر انحلال عالمي واسع للمعايير الأخلاقية والسياسية، سيطول انتظار التعافي منه.
لون البشرة
في إحدى فقرات الكتاب، يورد ميشرا عبارة كتبها جورج أورويل عام 1945 حول أن فلسطين "مسألة متعلّقة بلون البشرة"، أي البعد العرقي والعنصري في قضية فلسطين، بل إن زعيم حركة استقلال الهند، موهندس غاندي، رأى الوضع هناك من المنظور نفسه كذلك.
ويؤكد ميشرا أن فلسطين بنهاية المطاف قضية ذات ارتباط عميق بلون البشرة منذ أن تواطأ الصهاينة الأوروبيون مع القوة الإمبريالية البريطانية لاستيطانها واقتلاع أهلها.
لقد أبدى أشخاص مثل غاندي تعاطفا مع الحركة الصهيونية إبان سنوات الهولوكوست، لكنهم توجسوا جدا من مساعيها لإقامة دولة عبر الدعم العسكري البريطاني. ذلك أن غاندي وقادة آسيويون وأفارقة آخرون كانوا يخوضون معاركهم الخاصة ضد أوروبيين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض.
وبعد عقود عديدة، ردّد الزعيم نيلسون مانديلا والأسقف ديزموند توتو صدى هذه الفكرة، عندما أصبحت إسرائيل حليفا وثيقا لنظام الفصل العنصري (أبارتهايد) في جنوب أفريقيا.
واليوم تقود جنوب أفريقيا المعارضة الدولية ضد النظام اليميني المتطرف في إسرائيل، رغم الضرر الكبير الذي يلحق بمصالحها الاقتصادية، وتتلقّى دعما تلقائيا (فطريا) من دول كثيرة عانت تبعات العنصرية والإمبريالية.
والآن، بوصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بأميركا على رأس نظامٍ يؤمن صراحة بتفوق العرق الأبيض، وتصاعُد نفوذ العنصريين أمثاله بأوروبا، وتواطؤ هذه القوى على موقف يستهدف ويعادي المهاجرين ذوي البشرة السمراء، ومع الخوف العنصري للغرب من الصين وكرهه لها، يُنظر إلى فلسطين بشكل متزايد كقضية تتعلق بلون البشرة، أكثر حتى من السابق.
الاستعمار ولحظة تأسيس الكيان
من القضايا التي يطرحها الكتاب أن تأسيس إسرائيل في فلسطين حدث في لحظة مواجهة القوى الاستعمارية الأوروبية تحدّيا من الشعوب الخاضعة لها. وجرى التضحية بحقّ الفلسطينيين في تقرير مصيرهم لصالح مشروع استيطاني استعماري بمسمى حق اليهود في تقرير مصيرهم على أرض ليست لهم ولا ينتمون إليها، فيما كانت شعوب مُستعمَرة بمختلف أنحاء العالم تسعى إلى الحرية.
لقد كان دور القوى الغربية مشينا للغاية منذ البداية، إذ كان التعصّب ضدّ اليهود متأصلا بمختلف أنحاء أوروبا الغربية بحلول أواخر ثلاثينيات القرن الماضي. وهكذا تواطأ معظم أوروبا مع النازيين في قتل 6 ملايين يهودي خلال الهولوكوست.
وكانت دول الحلفاء على دراية بما يحدث منذ البداية، لكنها قلّلت من أهميته، بل رفضت حتى استقبال اللاجئين اليهود. وكان البريطانيون بخاصة مخادعين للغاية. وحتى بعد اندلاع المحرقة، رفضت الولايات المتحدة فتح أبوابها للاجئين اليهود.
ثم أقام الغرب إسرائيل بذريعة أن تكون ملاذا لشعب مضطهَد بشدّة وغير مرغوب به لدى الغرب ذاته! من المهمّ أن نتذكّر ذلك عن إسرائيل بقدر أهمية أن نعرف أن الكثير من الصهاينة كانوا مجرد مستعمرين أوروبيين، لا سيما مع معاملة إسرائيل للفلسطينيين اليوم، في تكرارٍ قاتم للتاريخ الحديث، فهؤلاء الصهاينة بيادق يمكن الاستغناء عنها على رقعة الشطرنج الجيوسياسية.
ثقافات الذاكرة وخطاب المظلومية
لقد قامت أميركا بدور محوري في تحويل المحرقة النازية (الألمانية) إلى آليةٍ للتوسع والاستيطان الإسرائيلي، وتحويل مصير ضحايا النازية الرهيب إلى واقع قاد، بحسب الكاتب الإسرائيلي بوعز إيفرون (1927-2018)، لانفلات إسرائيل من "أيّ قيود أخلاقية، لأن من هو مُهدَّد بالإبادة يرى نفسه معفيا من أيّ اعتبارات أخلاقية قد تقيد مساعيه (التي يزعم أنها) لإنقاذ نفسه".
يلاحظ ميشرا أنه كان للشعوب المهاجرة إلى أميركا دورا محوريا في تشكيل معالم عدة دول قومية، من الهند إلى أيرلندا. لكن الارتباط اليهودي-الأميركي بإسرائيل كان تاريخيا الأكثر أهمية وتعددا للأوجه.
وشمل مستويات مختلفة، سياسية واقتصادية وفكرية وعاطفية، جامعا فئات متناقضة: أصوليين مسيحيين وملحدين متطرفين ويساريين علمانيين وأباطرة وادي السيليكون وأعداء السامية العنصريين. ويستدعي هذا الارتباط كافة المشاعر والتحيزات.
فالمتعصّبون أشباه الأمّيين يتطلعون لمعركة نهاية العالم (هرمغدون وعودة المسيح)، وأصحاب التعليم العالي يلتمسون معنى في الفراغ الروحي للحياة المادية الأميركية بالتماهي مع إسرائيل.
ورغم أن لدى الدول القومية "سردياتها" التي تكسبها شرعية ذاتية، ليس هناك دولة تشكّلت ديباجاتها ومبرراتها الروحية والنفسية بحدثٍ كما تشكّلت ديباجات إسرائيل حول الهولوكوست، سعيا لأجل ترسيخ ذكرى معاناة الأسلاف عمدا في نفوس الأجيال القابلة للتأطير والتجنيد، وتُستغل لارتكاب أسوأ فظائع البشر.
في الهند، يحاول القوميون الهندوس احتذاء النموذج الإسرائيلي وديباجاته ومبرراته، فهم يصعّدون خطاب مظلومية الهندوس، ويبثّون الإسلاموفوبيا وكراهية المسلمين والأقلّيات الأخرى في نفوس الشباب الهندوسي.
ويجادل هذا الكتاب ضد ثقافات الذاكرة التاريخية (المزعومة) لأنها تدمّر الحسّ الأخلاقي الفردي والنسيج الاجتماعي ناهيك عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
قطيعة مع التاريخ!
في ختام الكتاب، تقدير كبير ومستحق لطلاب الجامعات وغير الطلاب أيضا الذين شاركوا في الاحتجاجات المناهضة لحرب الإبادة في غزة، والتي مثلت صحوة عالمية كبرى شملت العالم الثالث والجنوب العالمي وخاصة عواصم وحواضر أوروبا وأميركا الشمالية، في إشارة إلى أن "غزة دفعت كثيرا من الناس إلى الاعتراف بحقيقة المشاكل المتجذّرة في مجتمعاتهم".
وأظهرت مواقف هؤلاء الطلاب ونشاطاتهم أنهم ربما أفضل من فهم ما وصفه المؤلف أنه "قطيعة نهائية مع التاريخ الأخلاقي للعالم منذ ساعة الصفر في العام 1945".
فقد كانت الاحتجاجات التي قاد الطلاب معظمها ضد تدمير غزة أكبر حركة احتجاجات منذ الاحتجاجات ضد حرب فيتنام في الستينيات، وقوبِلت بموجات قمع صارمة، في حين يتخذ ترامب حاليا إجراءات انتقامية أشد ضد المعارضة العادية.
بيد أن المتظاهرين أظهروا أن ترامب لم يأتِ من فراغ؛ وأن هذه الشخصية الغوغائية المتقلبة جاءت خلَفا لرئيس متشيخ مشوّش ذهنيا يحيط به وصوليون ومنافقون؛ وأن السقم والعفن يتخلل الدول والمجتمعات التي تدعم الإبادة فقط، بل تجني مكاسب مادية منها.
وانتشرت صدمة الوعي الأخلاقي الأولى هذه في أوساط طلاب لم تُفسدهم المصالح الضيقة وأطماع الحياة المهنية، ولم ينخرطوا في الفساد المستشري. إن هؤلاء الطلّاب يُضيئون بصيص أمل في ظلام هذه المرحلة، الأمل بأن ضمائرنا ربما لم تنحرف ولم تفسد بالكامل.
ويقول ميشرا إن دافعا داخليا جارفا قاده إلى تأليف هذه الكتاب، محاولا التغلب على موجة من مشاعر اليأس والإحباط انتابته وأمثاله، رغم أنه لم يعد متأكدا حتى من أنه سيؤلف كتابا آخر. فالظروف العصيبة التي اجتاحت العالم، وقد لا يتجاوزها قبل سنوات طويلة، تقتضي غالبا نسقا تفاعليا آخر مع العالم.
لقد قال ميشرا ما استطاع قوله، وربما آن الأوان لإفساح المجال أمام الأجيال الناهضة لتدلي بدلوها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟
ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟

الجزيرة

timeمنذ 4 أيام

  • الجزيرة

ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟

في تصريح للرئيس الأميركي السابق جو بايدن في أكتوبر/تشرين الأول 2022 قال: "لم نواجه احتمال وقوع كارثة هائلة من هذا النوع منذ عهد كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية ، إنه (بوتين) لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية أو الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية، لأن أداء جيشه، ضعيف للغاية". جاء هذا التصريح في سياق مخاوف غربية واضحة من استخدام الروس للسلاح النووي خلال الحرب مع أوكرانيا، ولذلك كان دعم حلف الناتو لأوكرانيا محسوبا خطوة بخطوة، بهدف واحد وهو عدم استثارة الروس لأي رد فعل نووي. لكن الأمر لا يقف عند حد الحرب الأوكرانية، فقد كان السلاح النووي طوال الوقت أهم وسيلة للتفاوض لدى الروس. تاريخ طويل للخوف لفهم أعمق لتلك النقطة يمكن أن نتأمل وثيقة من 6 صفحات نشرتها الحكومة الروسية في الثاني من يونيو/حزيران 2020 تحدد منظورها بشأن الردع النووي، وعنونت رسميا المبادئ الأساسية لسياسة الدولة للاتحاد الروسي بشأن الردع النووي، وفيها يعتبر التهديد الروسي بالتصعيد النووي أو الاستخدام الفعلي الأول للأسلحة النووية هو سلوك من شأنه أن يؤدي إلى "خفض تصعيد" النزاع بشروط تخدم روسيا. لكن في هذا السياق، تعتبر روسيا الأسلحة النووية وسيلة للردع حصرا، وتضع مجموعة من الشروط التي توضح تلك النقطة، فيكون الحق في استخدام الأسلحة النووية ردا على استخدام الأسلحة النووية أو أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها، أو هجوم من قبل الخصم على المواقع الحكومية أو العسكرية الحساسة في الاتحاد الروسي، والذي من شأنه أن يقوض أعمال رد القوات النووية، أو العدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية عندما يكون وجود الدولة نفسه في خطر. على الرغم من أن هذا يعد تخفيفا لسياسة روسيا النووية المتعلقة بالردع، إلا أنه لا يزال مراوغا ويمكن أن تستخدم أي من تلك الشروط لتعني أي شيء على الأرض. في الواقع، يرى العديد من المحللين والعلماء في هذا النطاق -من الجانب الأميركي والأوروبي- أن روسيا -ومن قبلها الاتحاد السوفياتي – طالما اتبعت عقيدة تدمج الأسلحة النووية في التدريبات العسكرية الخاصة بها، ما يشير إلى أنها قد تعتمد بشكل أكبر على الأسلحة النووية، يظهر هذا بوضوح في تقارير تقول إن التدريبات العسكرية لروسيا بدت كأنها تحاكي استخدام الأسلحة النووية ضد أعضاء الناتو. لهذه العقيدة تاريخ طويل متعلق بأن السلاح النووي هو أفضل الطرق في حالات الضعف، فحينما تراجع الاتحاد السوفياتي سياسيا وعسكريا خلال الحرب الباردة ، ثم مع انهياره، كان الضامن الوحيد بالنسبة للروس هو السلاح النووي، بحيث يمثل أداة ردع رئيسة. لكن إلى جانب كل ما سبق، هناك سبب إضافي أهم يدفع بعض المحللين للاعتقاد أن روسيا تضع استخدام السلاح النووي في منطقة الإمكانية، وهو متعلق بتحديث سريع وكثيف للترسانة النووية. الثالوث النووي أجرى الاتحاد السوفياتي أول تجربة تفجيرية نووية في 29 أغسطس/آب 1949، أي بعد 4 سنوات من استخدام الولايات المتحدة للقنبلة الذرية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية ، اختبر الاتحاد السوفياتي نسخته الأولى من القنبلة النووية الحرارية عام 1953، ومنذ ذلك الحين نما المخزون السوفياتي من الرؤوس الحربية النووية بسرعة، بشكل خاص خلال الستينيات والسبعينيات وبلغ ذروته عام 1986 بحوالي 40 ألف رأس حربي نووي. بحلول الستينيات، كانت روسيا قد طورت ثالوثا من القوات النووية مثل الولايات المتحدة الأميركية: الصواريخ الباليستية العابرة للقارات "آي سي بي إم إس" (ICBMs)، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات "إس إل بي إم إس" (SLBMs)​​، والقاذفات الثقيلة المجهزة بأسلحة نووية. وتسمى هذه المجموعة من أدوات الحرب بالأسلحة النووية الإستراتيجية، أي تلك التي تتمكن من الضرب على عدو يبتعد عن الدولة مسافة كبيرة (الضرب عن بعد). على مدى أكثر من نصف قرن، انخرطت روسيا في اتفاقات ومعاهدات تخفّض من أعداد الرؤوس الحربية النووية الخاصة بها، لذلك منذ الثمانينات انخفضت أعداد الرؤوس الحربية الروسية إلى حوالي 6 آلاف فقط، لكن في مقابل هذا الخفض في الأعداد اهتمت روسيا بسياق آخر يقابله، وهو تحديث الترسانة بالكامل. في ديسمبر/كانون الأول 2020، أفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الأسلحة والمعدات الحديثة تشكل الآن 86% من الثالوث النووي لروسيا، مقارنة بنسبة 82% في العام السابق، وأشار إلى أنه يتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 88.3% خلال عام واحد، وصرح أن وتيرة التغيير في جميع المجالات الحاسمة للقوات المسلحة سريعة بشكل غير عادي اليوم، مضيفا: "لو قررت التوقف لثانية واحدة، ستبدأ في التخلف على الفور". ذراع روسيا الطويلة يبدو هذا جليا في نطاقات عدة. على سبيل المثال، تواصل روسيا حاليا سحب صواريخها المتنقلة من طراز "توبول" (Topol) بمعدل 9 إلى 18 صاروخا كل عام، لتحل محلها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من النوع "يارس-24" (RS-24). اختبرت روسيا يارس لأول مرة عام 2007 وتم اعتماده من قبل قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية عام 2010، وبدأ إنتاجه خلال نفس العام. واعتبارا من عام 2016، تتضمن الترسانة الآن ما يزيد على 147 صاروخا من هذا النوع، منها 135 يمكن أن يوضع منصة متحركة (عربة مكونة من 16 عجلة) و12 منصة ثابتة. مدى يارس يصل إلى 12 ألف كيلومتر (هذا يساوي عرض دولة مثل مصر 12 مرة)، ويمكن أن يحمل 6 -10 رؤوس نووية بقوة تتراوح بين 150- و500 كيلوطن لكل منها، والصاروخ السابق توبول كان يحمل رأسا حربيا واحدا. كذلك صمم يارس للتهرب من أنظمة الدفاع الصاروخي حيث يقوم بمناورات أثناء الرحلة ويحمل شراكا خداعية وبالتالي لديها فرصة لا تقل على 60-65% لاختراق الدفاعات المضادة، وتؤهل التقنية "ميرف" (MIRV) هذا الصاروخ لحمولة صاروخية تحتوي على العديد من الرؤوس الحربية، كل منها قادر على أن يستهدف هدفا مختلفا. ويصيب يارس الهدف بدقة تكون في حدود 100-150 مترا من نقطة الهدف فقط، كما أن إعداد الصاروخ للإطلاق يستغرق 7 دقائق، وبمجرد أن تكون هناك حالة تأهب قصوى، يمكن لصواريخ يارس مغادرة قواعدها عبر السيارات التي تجري بسرعة 45 كيلومترا في الساعة، ثم العمل في مناطق الغابات النائية لزيادة قدرتها على التخفي. إله البحار أحد الأمثلة التي يُستشهد بها على نطاق واسع أيضا هي "ستاتوس-6" (Status-6) المعروف في روسيا باسم "بوسايدون" (Poseidon) (إله البحار)، وهو طوربيد طويل المدى يعمل بالطاقة النووية والذي وصفته وثيقة حكومية روسية بشكل صارخ بأنه يهدف إلى إنشاء "مناطق التلوث الإشعاعي الواسع التي قد تكون غير مناسبة للنشاط العسكري أو الاقتصادي أو أي نشاط آخر لفترات طويلة من الزمن"، السلاح مصمم لمهاجمة الموانئ والمدن لإحداث أضرار عشوائية واسعة النطاق. بدأ السوفيات تطوير هذا السلاح عام 1989 ولكن توقف الأمر بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة وكذلك مع سياسات نزع السلاح النووي. ومع ذلك، عادت روسيا لتطوير هذا السلاح، وفي عام 2015 تم الكشف عن معلومات حول هذا السلاح عمدا من قبل وزارة الدفاع الروسية. وبحسب ما ورد من معلومات عنها، يبلغ مدى هذه المركبة 10 آلاف كيلومتر، ويمكن أن يصل إلى سرعة تحت الماء تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة). هذا أسرع بكثير من قدرة الطوربيدات الحربية المعتادة على السفر. علاوة على ذلك، من المخطط أن يعمل بوسايدون على أعماق تصل إلى ألف متر؛ مما يجعل من الصعب اعتراضها، بل ويعتقد أنه يمكن لهذه القطعة التقنية المرعبة أن تعمل تحت صفائح الجليد في القطب الشمالي، هنا يصعب جدا اكتشافه والاشتباك معه. ومن المقرر أن يبدأ بوسايدون في العمل الفعلي داخل الترسانة النووية الروسية خلال أعوام قليلة. نار من توبوليف قاذفة القنابل الإستراتيجية فوق الصوتية ذات الأجنحة متعددة الأوضاع "توبوليف تي يو-160" كانت أيضا واحدة من مكونات أحد أطراف الثالوث النووي التي تم تطويرها مؤخرا. وعلى الرغم من أن هناك العديد من الطائرات المدنية والعسكرية الأكبر حجما إلا أن هذه الطائرة تعد الأكبر من حيث قوة الدفع، والأثقل من ناحية وزن الإقلاع بين الطائرات المقاتلة. ويمكن لكل طائرة من هذا الطراز حمل ما يصل إلى 40 طنا من الذخائر، بما في ذلك 12 صاروخ كروز نوويا يتم إطلاقها من الجو. وبشكل عام، يمكن أن تحمل القاذفات من هذا النوع أكثر من 800 سلاح. كانت هذه الطائرة آخر قاذفة إستراتيجية صممت من طرف الاتحاد السوفياتي، إلا أنها لا تزال تستخدم إلى الآن. أضف لذلك أن هناك برنامجين محدثين متميزين لتطوير الطائرة توبوليف يتم تنفيذهما في وقت واحد: برنامج أولي يتضمن "تحديثا عميقا" لهيكل الطائرة الحالي لدمج محرك من الجيل التالي، بالإضافة إلى إلكترونيات طيران جديدة وملاحة ورادار حديث يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبرنامج آخر يتضمن دمج أنظمة مماثلة في هياكل جديدة تماما للطائرة. وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أعلنت روسيا أن أحدث نسخة من توبوليف تي يو-160 (يسميها الناتو بلاك جاك) قد انطلقت من كازان مدعومة بمحركات "إن كيه-32-02" (NK-32-02) الجديدة، مع قوة دفع تبلغ 55 ألف رطل، ويعد هذا المحرك أكبر وأقوى محرك تم تركيبه على الإطلاق في طائرة عسكرية. استغرقت الرحلة الأولى للقاذفة المحدثة مع المحركات الجديدة ساعتين و20 دقيقة، وسافرت على ارتفاع 6 آلاف متر، المحرك الجديد يرفع نطاق الطائرة بحوالي ألف كيلومتر. يارس وبوسايدون وتحديثات قاذفة القنابل توبوليف هي أمثلة قليلة من حالة كبيرة من التطوير تمر بها الترسانة النووية الروسية، إلى جانب ذلك تعمل روسيا على تنويع نطاق التطوير، فهي لا تعمل فقط على السلاح النووي الإستراتيجي (الذي يضرب العدو البعيد)، بل أيضا هناك خطوات واسعة في تطوير السلاح النووي اللإستراتيجي (التكتيكي)، وهو إصطلاح يشير إلى الأسلحة النووية التي صممت لاستخدامها في ميدان المعركة مع وجود قوات صديقة بالقرب وربما على أراض صديقة متنازع عليها. مخزون روسيا من بين مخزون الرؤوس الحربية النووية الروسية، هناك ما يقرب من 1600 رأس حربي إستراتيجي جاهز للضرب، حوالي 800 رأس منها على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وحوالي 624 على الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، وحوالي 200 في قاذفات القنابل الإستراتيجية. إلى جانب ذلك يوجد حوالي 985 رأسا حربيا إستراتيجيا آخر في المخزن، وحوالي 1912 رأسا حربيا غير إستراتيجي (تكتيكي). بالإضافة إلى المخزون العسكري للقوات العملياتية، هناك حوالي 1760 من الرؤوس الحربية المتقاعدة ولكنها ما زالت سليمة إلى حد كبير تنتظر التفكيك وإعادة التشغيل، ما يجعل إجمالي المخزون حوالي 6 آلاف- 6300 رأس حربي، علما أن هذه فقط هي أرقام تقديرية، حيث لا تعلن الدول عن العدد الحقيقي لرؤوسها الحربية النووية. إذن الخلاصة أن برامج التحديث النووي الروسية، مع زيادة عدد وحجم التدريبات العسكرية، والتهديدات النووية الصريحة التي تلقي بها ضد دول أخرى (فما حدث في حالة أوكرانيا 2022 ليس جديدا)، والعقيدة الروسية المتعلقة بالسلاح النووي؛ كلها أمور تسهم جميعها في دعم حالة من عدم اليقين بشأن نوايا روسيا النووية. ويرى المحللون أن روسيا أبعد ما تكون عن استخدام السلاح النووي حاليا، لسبب واحد وهو أن الجيش الروسي مستقر نسبيا ولا يواجه أية تهديدات وجودية في الحرب الحالية، ومن ثم نشأت فكرة تقول إن الحرب في وجود "السلاح النووي" ممكنة، لكن في سياق ألا تزيد مساحة المعارك، والضرر المتعلق بها، عن حد معين يضع الروس في توتر. لكن على الجانب الآخر، "فعدم اليقين" كان هدف الروس الدائم في كل الأحوال، لأنه -في حد ذاته- سلاح ردع رئيسي بالنسبة لهم، وعلى الرغم من أن الأوكرانيين تلقوا المساعدات، إلا أن الروس واصلوا تقدمهم في سياق "قبة" حماية سببها الأساسي هو السلاح النووي.

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة
بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة

جريدة الوطن

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الوطن

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة

مدريد- الأناضول- أكّد الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل أن «إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة، ونصف القنابل التي تسقط على القطاع مصدرها أوروبا). وشدّد أن «إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، مشيرا إلى أن أوروبا تشهد «أكبر عملية تطهير عرقي منذ الحرب العالمية الثانية»، بهدف إنشاء «منتجع سياحي» بعد القضاء على الفلسطينيين.

80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون
80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون

الجزيرة

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون

برلين- احتفلت ألمانيا أمس الخميس بالذكرى 80 لنهاية الحرب العالمية الثانية ، وهو حدث تاريخي تحييه برلين والعديد من الدول الأوروبية باعتباره "يوم التحرير" وهزيمة النازية أمام الحلفاء (الاتحاد السوفياتي ، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا). وأعلنت هذا العام يوم الذكرى عطلة رسمية في العاصمة فقط. وشكل خطاب المستشار الألماني الأسبق ريتشارد فون فايتسكر عام 1985 لحظة مفصلية في تقييم هذا اليوم، عندما قال "إن 8 مايو/أيار هو يوم التحرير على يد الجيش السوفياتي، لأن الألمان لم يكونوا قادرين على تحرير أنفسهم بأنفسهم، بل احتاج التحرير إلى قوة خارجية جاءت من هذا الجيش وقوى التحالف الغربية". يقول إيفالد كونيغ الخبير في الشؤون الدولية، للجزيرة نت، إنه من الضروري التفريق بين جمهوريتي ألمانيا الغربية والشرقية، ففي الوقت الذي حاولت فيه ألمانيا الغربية معالجة آثار الحرب والاستفادة من الدروس، قامت الشرقية بمنع الفاشية وإعلان نفسها دولة معادية لها، لكنها بذلك أخفقت في معالجة آثار الحرب وهذا دليل واضح على صعود حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي للأجانب في الولايات الشرقية. تحذير ألقى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير خطابا أمام البوندستاغ (البرلمان) بمناسبة هذه الذكرى، وأكد أن "المعرفة التي نستخلصها من ماضينا تلزمنا نحن الألمان باتخاذ مواقف واضحة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ومعاداة السامية، وحرب العدوان الروسية ضد أوكرانيا، وانتهاك أميركا للقيم. إن النظام والتعاون الدوليين، والالتزام بالديمقراطية والمصالحة الذي قدمه لنا ضحايا الحرب وأعداؤها السابقون كان لمصلحة الجميع وجلب السلام والازدهار بعد عام 1945". أما توم غولر، الصحفي المتخصص في السياسة الخارجية والأمنية، فقال للجزيرة نت إن الشعب الألماني يرى أن 8 مايو/أيار بمنزلة تحذير بأن مثل هذه الحرب لا ينبغي أن تندلع مرة أخرى. ويرى أن المهمة الآن تقع على عاتق الحكومة ببذل كل ما بوسعها -عسكريا ودبلوماسيا- لمنع وقوعها في أوروبا. ورغم مرور 8 عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن العالم اليوم يعج بالنزاعات المسلحة بشكل غير مسبوق. ويقول الخبير كونيغ إن هذا الواقع يضع أوروبا أمام تحدّ جديد، خاصة مع الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم معرفة آلية التعامل الصحيحة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويضيف "ولا نعلم إلى أين ستسير الأمور في سوريا، ولا كيف سينتهي الوضع في غزة في ظل السوداوية الحالية نتيجة السياسة التي تتبعها إسرائيل، وهناك أيضا مخاوف من اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان"، مشيرا إلى ضعف أوروبا في التأثير الفعلي على السياسة الخارجية في ظل الهيمنة الأميركية، وكذلك الغموض تجاه ردود الفعل المحتملة من الصين. جرائم الحلفاء لم يكن الثامن من مايو/أيار يوما للتحرير بالنسبة للنساء الألمانيات؛ فقد ظل موضوع الاغتصاب الجماعي لهن من قبل جنود القوى المنتصرة من المحرمات لفترة طويلة. وفقط قبل نحو 10 سنوات، وفي الذكرى 70 لنهاية الحرب، بدأت بعض الكتب في تناول موضوع العنف الجنسي ضد الأطفال والنساء الألمانيين. ورغم أن الحلفاء حرروا سجناء معسكرات الاعتقال وألمانيا من الاشتراكية الوطنية، فإنهم ارتكبوا أيضا جرائم بحق حوالي 900 ألف فتاة وامرأة. ومع اقتراب نهاية الحرب وفي الأسابيع التي تلت "التحرير"، أصبحت عمليات الاغتصاب شائعة في المدن الألمانية. ففي برلين وحدها، كان الخوف من الجنود الروس كبيرا لدرجة أن 3881 امرأة انتحرن في أبريل/نيسان 1945 فقط. ويؤكد الباحث غولر وقوع قرابة 100 ألف حالة اغتصاب على يد جنود "الجيش الأحمر" في برلين. من جهتها، دعت رئيسة البوندستاغ، يوليا كلوكنر، إلى إيلاء مزيد من الاهتمام لمعاناة النساء في الحروب. وقالت في كلمتها أمام البرلمان إن "النساء والفتيات اضطررن إلى تحمل قدر هائل من المعاناة والاعتداء الجنسي أثناء الحرب وبعدها، وهذا الأمر يتم التغاضي عنه في الغالب". وأضافت أن قمع معاناة النساء "ببساطة" في المجتمع الألماني بعد الحرب أدى إلى إطالة أمد معاناتهن، مطالبة بإعطائهن مساحة في الذاكرة الجماعية، والاعتراف بمعاناتهن و"بالقوة المذهلة" التي أظهرنها في النضال من أجل البقاء، وبمساهمتهن الحاسمة في إعادة الإعمار. آثار التقارب يرى بعض الخبراء أن التقارب الأميركي الروسي قد ينعكس إيجابا على القارة الأوروبية، لأن العداء الذي نشأ بين الولايات المتحدة وموسكو بعد الحرب العالمية الثانية جلب معه العديد من المخاطر على مدى عقود. وكانت ألمانيا من أكثر الدول تأثرا به، إذ انقسمت بين هذين المعسكرين. ويقول الصحفي الألماني غولر إن آثار معاناة الألمان من هذه المواجهة لا تزال محسوسة حتى اليوم، فبعد 35 عاما من إعادة التوحيد لا يزال الحديث عن الألمان الشرقيين والغربيين شائعا، وحتى التقسيم السياسي الناتج عن تشكيل الكتلة الروسية في وجه الولايات المتحدة ما زال قائما. ولذلك، لا يمكن لألمانيا إلا أن ترحب بالتقارب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. لكن الخبير إيفالد كونيغ يحذر من أن هذا التقارب قد يتغير فجأة، موضحا أن قرارات ترامب لا يمكن التنبؤ بها، فقد يمتدح الرئيس الروسي اليوم ويهاجمه في اليوم التالي. لذلك، ينظر الأوروبيون إلى هذا التقارب بريبة، ويأملون في الوقت نفسه ألا تتضرر العلاقات عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) أكثر. وبرأيه، يفرض هذا الوضع على أوروبا الاعتماد على قوتها الذاتية والتخلص من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، خاصة في ظل الشكوك حول مستقبل حلف الناتو. احتفل البرلمان الأوروبي بالذكرى 80 لهزيمة النازية، مستبعدا سفيري روسيا وبيلاروسيا. وجاء هذا القرار بناء على توصية من وزارة الخارجية الألمانية التي بررت ذلك بالخوف من أن تستغل موسكو هذه المناسبة وتربطها بشكل مسيء بحربها ضد أوكرانيا، بحسب ما قالت الخارجية. لكن كونيغ انتقد القرار، مؤكدا ضرورة الإبقاء على القنوات الدبلوماسية خاصة في الأوقات الصعبة. وأضاف أن التطورات الأخيرة الناتجة عن الحرب الأوكرانية لا تشير إلى قرب عودة العلاقات بين برلين وموسكو. أما توم غولر فيرى أن التطورات السياسية الأخيرة في واشنطن أصابت ألمانيا "بألم بالغ"، وجعلتها غير قادرة على الاعتماد على دعم الولايات المتحدة، ولا على تصرفات بوتين غير المتوقعة. ويؤكد أن إعادة التفكير في العلاقات مع القوتين الكبيرتين قد بدأت بالفعل في برلين، وتناقَش مع شركاء الاتحاد الأوروبي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store