
ضوابط تصدير المعادن النادرة في الصين تُربك السوق العالمية والمحلية
وبينما لقيت هذه الخطوة ترحيباً استراتيجياً من دوائر صنع القرار في بكين، كانت نتائجها داخل الصين أكثر تعقيداً؛ إذ انعكست سلباً على الشركات المحلية المصنعة للمغناطيسات التي تعتمد على الأسواق الخارجية لتحقيق جزء كبير من عائداتها.
وفرضت الصين قيوداً على تصدير المعادن النادرة في أبريل (نيسان) الماضي، بوصفها رد فعل مباشراً على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة. وقد أدت هذه القيود إلى انخفاض صادرات المعادن النادرة بنسبة 75 في المائة خلال شهرَيْن فقط، مما أجبر شركات سيارات عالمية على تعليق خطوط إنتاج، في حين عانت شركات صينية من ارتفاع المخزون وصعوبة في التصريف المحلي.
وفي منشور لبورصة باوتو لمنتجات المعادن النادرة -المدعومة من الدولة- على منصة «وي تشات» الصينية، أُشير إلى أن الاتفاق الذي أُعلن بين الصين والولايات المتحدة في 27 يونيو (حزيران) لاستئناف تصدير المعادن النادرة «سيستغرق وقتاً لتطبيقه»، في ضوء تراكم المخزون في المستودعات وضرورة انتظار التراخيص الرسمية، حسب «رويترز».
وحسب بيانات السوق، تعتمد كبرى شركات إنتاج المغناطيسات المدرجة في البورصة على الصادرات بما يتراوح بين 18 و50 في المائة من إجمالي إيراداتها لعام 2024. لكن مع تراجع الطلب المحلي وضعف السوق الداخلية -خصوصاً في ظل حرب الأسعار بين شركات السيارات الكهربائية- وجدت هذه الشركات نفسها في وضع حرج، مع تقلص هوامش الربح وازدياد التكاليف التشغيلية.
وقالت رئيسة قسم تسعير المعادن في شركة «أرغوس»، إيلي ساكلاتفالا، إن «مبيعات الشركات الصينية تتعرّض للضغط من كلا الجانبين؛ فالتصدير متعطل والطلب الداخلي المتراجع»، مضيفةً أن «جزءاً مهماً من قاعدة العملاء الخارجية قد فُقد مؤقتاً دون وضوح بشأن توقيت استعادته».
وعلى الرغم من بعض التفاؤل في أسواق الأسهم مع انتعاش طفيف لأسهم شركات المغناطيسات المدرجة، يشير خبراء إلى أن هذا الارتفاع لا يستند إلى أساس واقعي. ووفقاً لرئيس قسم أبحاث المعادن الحرجة في شركة «تريفيوم تشاينا»، كوري كومبس، فإن التوقعات المستقبلية للسوق لا تُظهر أي مؤشرات على تعافٍ سريع أو مستدام، لا سيما مع استمرار الضبابية في السياسات التجارية والتراخيص التنظيمية.
وتُضاف إلى ذلك الطبيعة التخصيصية لمنتجات المغناطيس، التي تُصعّب من إعادة بيعها محلياً، ما يجبر الشركات على تخزين الشحنات في انتظار الموافقات الرسمية، وفقاً لأربعة مصادر صناعية رفضوا الكشف عن هوياتهم.
في ظل هذه البيئة الضاغطة، خفّض بعض المصنعين الصغار والمتوسطين إنتاجهم بنسبة 15 في المائة خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار). وبدأت بعض الشركات بإشارات إلى إعادة هيكلة، فقد أشارت شركة «باوتو تيانه ماغنتكس تكنولوجي»، المدرجة في بورصة لندن، إلى احتمال انخفاض صادراتها إذا استمر الوضع الدولي في التدهور.
أما شركة «يانتاي تشنغهاي ماغنتكس» فأعلنت أنها حصلت على تراخيص تصدير، مؤكدة أن الإنتاج يسير بصورة طبيعية، لكنها أحالت المستثمرين إلى إفصاحاتها المالية المقبلة لمزيد من التفاصيل.
ويرى مراقبون أن استمرار هذه الضغوط قد يؤدي إلى موجة اندماج في قطاع المغناطيسات، الذي يضم مئات المصنعين. ويقول الأستاذ المشارك في جامعة ولاية بويز، ديفيد أبراهام، إن «متطلبات التراخيص الجديدة تُعد تحولاً دائماً في هيكل الصناعة، مع ما تسببه من تأخيرات وتكاليف إضافية».
من منظور استراتيجي، قد لا تنظر الحكومة الصينية إلى هذا الاتجاه بقلق. إذ إن اندماج الشركات يُمكن أن يمنح السلطات رقابة أكبر على سلسلة التوريد، ويسهل إدارة الموارد النادرة وتوجيهها نحو الصناعات الحيوية. ويقول أبراهام: «لا أظن أن بكين ترى ذلك أمراً سلبياً؛ فالمزيد من الاندماج يساعد على التحكم في مصادر المواد وفهم مساراتها».
وتشكل ضوابط تصدير المعادن النادرة سلاحاً ذا حدَيْن بالنسبة إلى الصين. فعلى المستوى الجيوسياسي، تمنحها ورقة ضغط قوية في المفاوضات مع الغرب، لكنها داخلياً تضع عبئاً ثقيلاً على الشركات الصناعية التي تواجه بالفعل تباطؤاً اقتصادياً وتراجعاً في الطلب المحلي.
والأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تقييم ما إذا كانت هذه الاستراتيجية تحقق التوازن المطلوب بين المصالح الوطنية والمكاسب التجارية، أم أنها ستؤدي إلى إعادة رسم خريطة قطاع صناعي يُعد أحد أعمدة القوة التكنولوجية في الصين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 6 دقائق
- الاقتصادية
أسعار النفط ترتفع وسط ثقة في استيعاب السوق لزيادة إمدادات "أوبك+"
ارتفعت أسعار النفط بعدما زادت السعودية أسعار الخام الرئيسي إلى العملاء في آسيا، في خطوة اعتُبرت بمثابة تصويت بالثقة على قدرة السوق على استيعاب زيادة إمدادات "أوبك+". صعد خام "غرب تكساس" الوسيط بأكثر من 1% ليغلق دون 68 دولاراً للبرميل بقليل، مما محا الخسائر التي سجلها في وقت سابق، بينما أغلق خام "برنت" فوق 69 دولاراً للبرميل. سترفع شركة "أرامكو السعودية" سعر خامها القياسي "العربي الخفيف" بمقدار دولار واحد للبرميل، ليُباع بزيادة قدرها 2.20 دولار للبرميل فوق السعر المرجعي الإقليمي للعملاء الآسيويين في أغسطس، وذلك بحسب جدول تسعير من الشركة اطّلعت عليه "بلومبرغ". أدى هذا التحرك السعري إلى تجنب هبوط حاد في أسعار النفط، بعد قرار متزامن من ثماني دول في "أوبك+" بزيادة الإمدادات بوتيرة أسرع من المتوقع، من خلال إضافة 548 ألف برميل يومياً في أغسطس، مع توقع مزيد من الزيادات في سبتمبر. وقال أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في "ساكسو بنك" إن "قرار رفع الأسعار خلال موسم ذروة الطلب في الصيف يشير إلى أن الأسواق الفعلية لا تزال ضيقة، ما يوحي بأن البراميل الإضافية يمكن استيعابها في الوقت الحالي". وأضاف: "على المدى القصير، يبدو أن مخاطر الهبوط لأسعار الخام محدودة". في غضون ذلك، كشف الرئيس دونالد ترمب عن أول دفعة من الرسائل الموعودة التي تهدد بفرض معدلات رسوم جمركية أعلى على شركاء تجاريين رئيسيين، بما في ذلك فرض رسوم بنسبة 25% على السلع القادمة من اليابان وكوريا الجنوبية ابتداءً من الأول من أغسطس. وقد أرجأ هذا الموعد تاريخ 9 يوليو السابق، الذي كان محدداً لتطبيق الرسوم الجمركية بحسب كل دولة. اندفاع نحو العقود الآجلة أشار المتعاملون والمحللون أيضاً إلى أن قرار "أوبك+" بزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع من المتوقع، يبرز الأساسيات الصعودية في السوق، بما في ذلك الطلب المرن في الولايات المتحدة والصين، فضلاً عن بعض النقص الحاد في السوق الفعلية وسط موسم القيادة الصيفي. كما أن الزيادة الأكبر، تمثل تحولاً استراتيجياً بعيداً عن سنوات من كبح الإنتاج، نحو فتح الصنابير لاستعادة الحصة السوقية. وكان التحالف أعلن عن زيادات قدرها 411 ألف برميل يومياً لشهور مايو ويونيو ويوليو، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الوتيرة المخطط لها في البداية. وكان المتعاملون يتوقعون وتيرة مماثلة لشهر أغسطس. وسينظر التكتل في إضافة 548 ألف برميل يومياً أخرى في سبتمبر خلال اجتماعه المقبل في 3 أغسطس، وفقاً لما قاله مندوبون. وقال التحالف في بيان صدر يوم السبت، إن الزيادة استندت إلى "توقعات اقتصادية عالمية مستقرة وأسس سوق صحية حالياً". وقبل إغلاق التداول، اندفع المتعاملون نحو شراء العقود الآجلة للنفط، بعد أن أعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن هجوم استهدف سفينة تجارية كانت تبحر عبر البحر الأحمر، في أول ضربة لهم على سفن شحن تجارية منذ ديسمبر، ما أعاد إحياء علاوة المخاطر الجيوسياسية في السوق. وقد ظل النفط يتداول في نطاق ضيق نسبياً منذ توقف النزاع بين إسرائيل وإيران، الذي شهد ارتفاع خام "برنت" إلى ما فوق 80 دولاراً للبرميل. وقال روبرت ريني، رئيس بحوث السلع والكربون في "ويستباك بانكنغ كورب": "من الواضح أن أوبك+ تتفاعل مع فترة الضيق في أسواق الطاقة العالمية". وأضاف: "مع ذلك، هناك مخاطر هبوط لأسعار النفط مع تراجع الطلب الموسمي بعد الصيف".


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
اتفاق الرسوم الجمركية.. لقاء مرتقب بين وزير الخزانة الأميركي ونظيره الصيني
كشف وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الاثنين، أنه سيلتقي بنظيره الصيني خلال الأسبوعين المقبلين، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساعيها للتوصل إلى اتفاقات بشأن الرسوم الجمركية مع معظم دول العالم. وقال بيسنت في مقابلة مع قناة CNBC: "أعتقد أن هناك أموراً يمكننا القيام بها معاً إذا أراد الصينيون ذلك، لذلك سنناقش ما إذا كنا قادرين على تجاوز التجارة إلى مجالات أخرى". وفي سياق آخر صرح بيسنت، بأن الولايات المتحدة ستُصدر عدة إعلانات تجارية خلال الـ 48 ساعة القادمة، وذلك قبل الموعد النهائي الذي حددته الولايات المتحدة يوم الأربعاء لإتمام اتفاقيات التجارة. وأضاف بيسنت: "لقد غيّر الكثيرون موقفهم بشأن المفاوضات. لذا، كان بريدي ممتلئاً الليلة الماضية بالعديد من العروض الجديدة والمقترحات الجديدة"، مردفاً: "لذا، سيكون اليومان حافلين بالعمل". وذكر الرئيس الأميركي دونالد ترمب إن الولايات المتحدة ستبدأ بتسليم خطابات التعريفات الجمركية اعتباراً من الساعة 12:00 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (16:00 بتوقيت جرينتش)، الاثنين. ولم تُشكّل هذه الخطابات بالضرورة إنذاراً نهائياً، وفقاً لبيسنت. وقال: "إنها مجرد رسالة شكر لرغبتكم في التجارة مع الولايات المتحدة الأميركية. نرحب بكم كشريك تجاري، وهذا هو السعر، إلّا إذا رغبتم في العودة ومحاولة التفاوض". ورفض بيسنت التعليق على ما إذا كانت مفاوضات حول الملكية الجديدة لتطبيق "تيك توك" للفيديوهات القصيرة، والتي أعلن الرئيس ترمب أنها ستبدأ هذا الأسبوع، سترتبط بمحادثات التجارة. تقارب محتمل وأعلن الرئيس الأميركي، الجمعة الماضية، أنه يعتزم زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج في الصين أو استقباله في الولايات المتحدة. وقال ترمب على متن طائرة الرئاسة: "طلب مني أن أذهب إلى هناك، قد أذهب، أو قد يأتي هو (شي) إلى هنا". وكان ترمب وشي قد تحدثا في مكالمة هاتفية مطلع يونيو، أعلن بعدها ترمب أن نظيره الصيني "دعاه والسيدة الأولى لزيارة الصين، وقد قابلت الدعوة بالمثل". وقال ترمب حينها في منشور عبر منصة "تروث سوشيال": "كرئيسين لدولتين عظيمتين، نتطلع نحن الاثنان إلى هذه الزيارة". ونهاية الأسبوع الماضي، قال ترمب إن الولايات المتحدة توصلت إلى صفقة "جيدة" مع الصين، معرباً عن أمله في أن تكون مفيدة للجميع. واعتبر ترمب أن إقامة علاقة جيدة مع بكين أمر جيد جداً، منوهاً إلى أن لديه علاقة ممتازة مع الرئيس شي جين بينج، لكن في الوقت نفسه فإن بكين "ستدفع الكثير من الرسوم الجمركية". وذكر تقرير سابق لـ"بلومبرغ" أن إدارة ترمب تسعى إلى التواصل مع عدد من كبار رجال الأعمال لاستطلاع مدى اهتمامهم بمرافقته في زيارة محتملة إلى الصين هذا العام، بحسب ما أفاد به أشخاص مطلعون على الأمر، في مؤشر على احتمال تعزيز الروابط بين الاقتصادين، رغم الرسائل الأميركية المتكررة بشأن السعي إلى فصل الاقتصاد الأميركي عن بكين.


الاقتصادية
منذ ساعة واحدة
- الاقتصادية
تراجع الأسهم الأمريكية عند الإغلاق بسبب رسوم ترمب الجمركية
أغلقت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض اليوم بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض رسوم جمركية كبيرة على اليابان وكوريا الجنوبية وشركاء تجاريين آخرين، في حين تراجعت أسهم تسلا عقب إعلان رئيسها التنفيذي إيلون ماسك تأسيس حزب سياسي جديد في الولايات المتحدة. وخسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 0.77% ليغلق عند 6230.76 نقطة، بينما تراجع مؤشر ناسداك المجمع 0.89% إلى 20417.92 نقطة، وهبط مؤشر داو جونز الصناعي 0.95% إلى 44400.64 نقطة. وزادت خسائر البورصة بعد إعلان ترمب نسب الرسوم الجمركية على الواردات اليابانية والكورية الجنوبية، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأول من أغسطس المقبل. وتذبذبت الأسواق بشكل أكبر في وقت لاحق عندما أعلن ترامب فرض رسوم جمركية باهظة على كل من ماليزيا وكازاخستان وجنوب إفريقيا ولاوس وميانمار. وأنهى مؤشرا ناسداك وستاندرد آند بورز 3 جلسات الأسبوع الماضي على ارتفاعات قياسية، وجاءت أحدثها يوم الخميس بعد صدور تقرير قوي عن الوظائف. وقالت محللة الاستثمار لدى شركة مانولايف جون هانكوك للاستثمار في بوسطن إميلي رولاند: "أعطت الأسواق انطباعا بأن ذروة المخاطر المتعلقة بالرسوم الجمركية أصبحت خلفنا لكن عودة الرسوم إلى الواجهة تثير التوتر، كان المستثمرون يعيشون حالة من التفاؤل المفرط، لكننا الآن نشهد تراجعا قليلا". مشيرة إلى أن المستثمرين ربما يتمسكون ببعض الأمل في عدم استمرار الرسوم الجمركية إلى الأبد، وأضافت رولاند: "هذا هو النمط الذي نعيشه، الإعلان عن رسوم كبيرة ثم التراجع عنها قليلا، وربما تكون هذه هي المرحلة التالية من التفاوض المتقلب".