logo
الدور الفرنسي في سوريا على إيقاع المتغيّرات!

الدور الفرنسي في سوريا على إيقاع المتغيّرات!

الجمهوريةمنذ 6 أيام

وانطلاقاً من هذه النظرة التاريخية في علاقة باريس ودمشق، ومعرفة الأولى بدقائق الديموغرافيا السورية، والعوامل الجيوسياسية التي تحملها على صوغ مقاربة جديدة في التعامل مع الواقع المستجد بعد سقوط نظام بشار الاسد، فإنّ الرئيس إيمانويل ماكرون حرص على فتح الباب أمام الرئيس الانتقالي لسوريا أحمد الشرع ومحاورته في شأن مستقبل العلاقة بين البلدين، خصوصاً انّ الأخير- وعلى رغم من الحذر الذي أشاعه وجوده على رأس السلطة في عاصمة الأمويين- يحظى بدعم أميركي مباشر، مصحوباً بحرص على تغيير «اللوك» الذي أثّر عليه، وإبرازه وجهاً مدنياً متقدّماً ليس فيه اي أثر من صورة «الجولاني». ولكن لفرنسا في سوريا تاريخاً من التواصل مع الأقليات فيها، عندما كانت تتشكّل ملامح الدولة فيها، وكانت يومها مقسّمة إلى مناطق عدة، وهناك وثائق تؤكّد مطالبة زعماء العلويين بالالتحاق بـ»دولة لبنان الكبير»، ومطالبات أخرى مماثلة من فاعليات مسيحية، لكن خيار السير بسوريا الواحدة الموحّدة هو الغالب.
ويقول مصدر ديبلوماسي واكب محادثات ماكرون ـ الشرع، إنّ الأول لم يكتم خوفه على مصير الأقليات الإسلامية والمسيحية، خصوصاً بعد الأحداث التي وقعت في الساحل السوري وطاولت العلويين والمسيحيين، وتلك التي تعرّض لها الدروز في جرمانا وصحنايا والسويداء، عدا ما أصاب المواطنين الشيعة في مناطق عدة وأدى إلى تهجير كثيرين منهم، وإنّ الرئيس الفرنسي شدّد على أمرين:
الاول، الحرّيات العامة. والثاني، حماية الأقليات.
ويضيف هذا المصدر، أنّ فرنسا ترى وجوب إعطاء الشرع فرصة، وتسهيل مهمّته، لأنّ المطلوب منه ليس القبض على زمام السلطة في كل أنحاء البلاد فحسب، بل لجم التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي لا تزال خارجة عن قبضتها، وحملها على الانخراط في أجهزة الدولة وإداراتها، والسير بمنطقه بعيداً من إيديولوجيتها المتعددة.
وتشدّد باريس على ضرورة منح الشرع فرصة السعي إلى تثبيت سلطته في سوريا، وعدم مواجهته بالتشكيك، وإطلاق أحكام مسبقة في حقه، لأنّ مرحلة ما بعد الاسد ستكون صعبة ومعقّدة على غير مستوى وصعيد، وأنّ كل تقدّم في سوريا سينسحب إيجاباً على لبنان، وأنّ تسليم ماكرون الشرع الوثائق الخاصة بالحدود اللبنانية - السورية التي ترقى إلى العام 1920، وتزويد الجانب اللبناني نسخة منها، هو من باب مساعدة البلدين على تجاوز المشكلات الحدودية المزمنة بينهما، ومساعدتهما في ضبط التهريب وإسقاط كل أسباب الشكاوى التي تتذرّع بها بعض الجهات ومنها إسرائيل لتبرير اعتداءاتها على لبنان. ويبدو أنّ الطريق سالكة حالياً بين باريس ودمشق، بدليل حصول الشركة العالمية CMA - CGM التي يملكها فرنسي- لبناني من أصل سوري، على التزام تشغيل محطة الحاويات في مرفأ اللاذقية لمدة ثلاثين سنة، لأنّ مثل هذا الأمر لا يمكن أن يتمّ بمعزل عن الحسابات السياسية آلانية والبعيدة المدى. وإذا كانت باريس تدرك أنّ سوريا الجديدة دخلت في المدار الأميركي، وأنّ الرئيس دونالد ترامب يتابع ملف التطورات فيها ويدرس حدود اهتمام واشنطن بها، فإنّها تجد أنّ ثمة فسحة لها تمكّنها من الحضور في المشهد السياسي- الاقتصادي- الأمني فيها، ولذلك قرّرت التهيئة للعودة الديبلوماسية إلى دمشق، ومهّدت لها ببعثة فرنسية يرأسها السفير جان باتيستا فيفر، تتابع الشأن السوري من مكاتب خُصّصت لها في مقر السفارة الفرنسية في بيروت، على أمل الانتقال إلى العاصمة السورية بعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون للمنطقة، والتي ستشمل لبنان وسوريا، في حال كانت نتيجة الزيارة إيجابية، وإذا لم تطرأ معوقات غير متوقعة. ومن دلائل حرص فرنسا على أن تبقى سوريا بلد التنوع، زار سفيرها في لبنان هيرفيه ماغرو أركان الطائفة العلوية في طرابلس في حضور ممثلين عن النازحين العلويين إلى العاصمة الثانية بعد فرارهم من الساحل السوري على إثر المجازر التي حلّت بهم، واستمع إلى معاناتهم، واعداً بنقل ما تناهى إليه إلى دولته الحريصة على الحرّيات وضمان حقوق الأقليات. إنّ فرنسا تسعى إلى تثبيت موطئ قدم لها في منطقة الشرق الاوسط، وسع ما تسمح به قدراتها، في ضوء المتغيّرات التي حصلت في المشهد الإقليمي، خصوصاً في لبنان وسوريا، والتي هي نتاج الحرب الإسرائيلية على الأول وسقوط نظام الحكم في الثانية، وما تلاه من اعتداءات صهيونية، ومحاولات قضم لوحدتها الجغرافية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فرنسا تستقطب استثماراً أجنبياً قياسياً
فرنسا تستقطب استثماراً أجنبياً قياسياً

ليبانون 24

timeمنذ 19 ساعات

  • ليبانون 24

فرنسا تستقطب استثماراً أجنبياً قياسياً

في محاولة لتقديم صورة مشرقة عن مستقبل الاقتصاد الفرنسي، يُعلن الرئيس إيمانويل ماكرون يوم الإثنين عن استثمارات أجنبية بقيمة 37 مليار يورو (41.4 مليار دولار) خلال قمة "اختر فرنسا" التي تجمع كبار قادة الأعمال في قصر فرساي ، وهي أعلى قيمة تُسجَّل منذ إطلاق القمة عام 2018. وتأتي هذه الخطوة وسط تباطؤ اقتصادي محلي وتحديات خارجية، من بينها الرسوم الجمركية الأميركية المُعلّقة حالياً والتي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ، إلى جانب عجز عام متفاقم ونمو منخفض. وقال وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد إن الاستثمارات تمثل "إعادة نشر للقوة الصناعية الفرنسية"، مشيراً إلى أن 17 مليار يورو من إجمالي المبلغ تم الإعلان عنها سابقاً في قمة للذكاء الاصطناعي في فبراير. على الرغم من انخفاض الاستثمار الأجنبي في أوروبا للعام الثاني على التوالي، بحسب تقرير لشركة " إرنست آند يونغ"، حافظت فرنسا على موقعها كأول وجهة أوروبية للاستثمار الأجنبي، وإن كان بعدد مشاريع أقل وفرص عمل محدودة. (بلومبيرغ)

فيديو "مثير للجدل".. إردوغان يحرج ماكرون: "تشبث بأصابعه فترة طويلة"
فيديو "مثير للجدل".. إردوغان يحرج ماكرون: "تشبث بأصابعه فترة طويلة"

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 أيام

  • القناة الثالثة والعشرون

فيديو "مثير للجدل".. إردوغان يحرج ماكرون: "تشبث بأصابعه فترة طويلة"

انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... شهدت قمة المجتمع السياسي الأوروبي في ألبانيا واقعة "غريبة"، جمعت بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. أظهرت الكاميرات خلال اللقاء الموقف المحرج المثير للجدل الذي تعرض له ماكرون، بعد مصافحته إردوغان، حيث تعمد الأخير إمساك إصبع الرئيس الفرنسي لفترة طويلة بعد ما يقرب من مرور 12 ثانية. وقد أثارت الحادثة تفاعلا واسعا والكثير من "الجدل" على وسائل التواصل الاجتماعي، لاسيما أن ماكرون حاول إفلات إصبعه دون جدوى. ولم يصدر أي تعليق رسمي من الجانبين حول الحادثة حتى الآن. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

بالفيديو... شاهدوا ما فعله اردوغان بالرئيس الفرنسيّ!
بالفيديو... شاهدوا ما فعله اردوغان بالرئيس الفرنسيّ!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 3 أيام

  • القناة الثالثة والعشرون

بالفيديو... شاهدوا ما فعله اردوغان بالرئيس الفرنسيّ!

انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال قمة المجموعة السياسية الأوروبية في عاصمة ألبانيا أمس، بالإمساك بإصبع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولم يتركه. وكتب عن ذلك الصحفي التركي إبراهيم هاسكولوغلو على منصة التواصل الاجتماعي X، وقال: "بعد أن وضع ماكرون يده على يد أردوغان، لم يترك الرئيس التركي إصبع نظيره الفرنسي". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store