
لماذا لم يشفع الفوز بالدوري الأوروبي لبوستيكوغلو في البقاء بتوتنهام؟
دائماً ما يشهد عالم كرة القدم كثيراً من الإثارة والتشويق، ودائماً ما يكون هناك قدر كبير من المشاعر والانفعالات، وهذا هو الأمر الذي يخلق جاذبية كرة القدم، ويجعل من الصعب للغاية على القائمين على اللعبة اتخاذ القرارات. لقد قاد أنجي بوستيكوغلو توتنهام لأحد أعظم الانتصارات في تاريخ النادي، عندما قاده للفوز بلقب الدوري الأوروبي في بلباو.
كانت هذه أول بطولة يحصل عليها النادي منذ 17 عاماً، وكانت أول بطولة أوروبية للنادي منذ 41 عاماً. من السهل الشعور بالامتنان تجاه بوستيكوغلو، بعدما قاد «السبيرز» إلى هذا الفوز التاريخي، لكنَّ السؤال الحقيقي ينبغي ألا يكون: ما شعورك تجاه بوستيكوغلو بعد نهاية المباراة النهائية للدوري الأوروبي؟ بل ينبغي أن يكون: ما شعورك تجاهه قبل بداية اللقاء وقبل الفوز باللقب؟ في الواقع، لا يُعقل أن يُغير أي شخص رأيه بشأن بقاء بوستيكوغلو من عدمه، بناءً على أداء مانشستر يونايتد السيئ في المباراة النهائية، وهدفٍ لعب الحظ دوراً كبيراً فيه بعدما اصطدمت الكرة بلوك شو.
وعندما قال بوستيكوغلو إنه دائماً ما يفوز بشيءٍ ما في موسمه الثاني، كان المنطق الكامن وراء ذلك هو أن الأمر يستغرق كل هذا الوقت حتى يستوعب اللاعبون فلسفته التدريبية ويطبِّقونها داخل الملعب. فهل شعرنا بأي شيء من هذا في بطولة الدوري الأوروبي؟ وهل شعرنا بأن توتنهام يتطور بمرور الوقت نتيجة استيعاب اللاعبين أفكار المدير الفني الأسترالي؟
على العكس من ذلك تماماً، رأينا، خلال المباريات التي فاز فيها توتنهام على آينتراخت فرنكفورت في ربع النهائي، وعلى بودو/ غليمت في نصف النهائي، ثم على مانشستر يونايتد في النهائي، أن الفريق لم يلعب بطريقة بوستيكوغلو كما فهمناها، بل لعب بحذر دفاعي وترك الكرة للمنافسين، واعتمد على الهجمات المرتدّة السريعة. من جهة، يجب الإشادة ببوستيكوغلو لأنه غيَّر طريقة اللعب في تلك المباريات، وإن كان ذلك يعود بالأساس إلى أن طريقة الضغط العالي المكثف التي يُفضلها بوستيكوغلو لم تعد ممكنة بسبب إصابة كثير من اللاعبين، وإنهاك باقي اللاعبين. لكن من جهة أخرى، فإن هذا الأمر يُنهي أي جدل حول ما إذا كان الفوز ببطولة الدوري الأوروبي جاء نتيجة عملية تطوير مستمرة.
ربما يرى البعض أن بوستيكوغلو كان سيحقق نتائج جيدة في الدوري الإنجليزي الممتاز، الموسم المقبل، بعدما أصبح مديراً فنياً عملياً يغيِّر طريقة اللعب وفق متطلبات كل مباراة. وعلاوة على ذلك، لم يكن محظوظاً بسبب الإصابات التي لحقت عدداً كبيراً من اللاعبين الأساسيين للفريق، مع الإقرار بأن طريقة لعبه ربما كان لها دور مباشر في تلك الإصابات الكثيرة، كما كان يقود فريقاً شاباً يفتقر إلى الخبرات. لكنَّ رئيس النادي دانيال ليفي لم يكن يثق بقدرة بوستيكوغلو على تطوير الفريق بمرور الوقت. ويأخذنا هذا إلى طرح السؤال التالي: بعدما شاهدنا باريس سان جيرمان وهو يسحق إنتر ميلان، في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، كيف كان دفاع توتنهام تحت قيادة بوستيكوغلو سيواجه هذا الهجوم الناري للفريق الباريسي في كأس السوبر الأوروبي، خلال أغسطس (آب) المقبل؟
الفوز ببطولة الدوري الأوروبي لم يمنع توتنهام من إقالة بوستيكوغلو (أ.ف.ب)
ومع ذلك، يجب التعامل بحذر مع الحالات السابقة في كرة القدم: لا يوجد سبب لافتراض أن ما حدث مع مدير فني معين، في نادٍ معين، في ظل مجموعة معينة من الظروف، سيتكرر بالضرورة مع مدير فني مختلف، في نادٍ مختلف، في مجموعة مختلفة من الظروف. لكن ما حدث مع إريك تن هاغ يُلقي بظلاله على الأمور: لم يكن توتنهام يتحمل أن يجد نفسه في الموقف الذي وجد مانشستر يونايتد نفسه فيه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عندما أقال المدير الفني الهولندي بعد ثلاثة أشهر فقط من السماح له باختيار اللاعبين في فترة الانتقالات الصيفية، وهو الأمر الذي عطَّل مسيرة الفريق لموسم آخر.
وهناك سوابق مماثلة مع توتنهام نفسه: رحل خواندي راموس بعد ثمانية أشهر من نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة في عام 2008، وماوريسيو بوكيتينو رحل بعد خمسة أشهر ونصف من نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2019. كان توتنهام تحت قيادة راموس يتذيل جدول ترتيب الدوري، في حين كان الفريق يحتل المركز الرابع عشر تحت قيادة بوكيتينو. وقد دفع ليفي ثمناً باهظاً لإقالتهما في فصل الخريف.
وفي عالم كرة القدم، إذا كانت هناك شكوك فمن الأفضل أن تتخذ قراراً بشأنها. لقد أوفى بوستيكوغلو بوعده عندما قال إنه يفوز بشيء ما في موسمه الثاني -وإن كان فوز توتنهام ببطولة الدوري الأوروبي يعود الفضل فيه إلى حد كبير إلى امتلاك النادي لموارد أكبر بكثير من معظم الأندية في المسابقة- لكن إقالة بوستيكوغلو بعد عامين من تعيينه أكدت الشعور بنهاية هذه الدورة.
السؤال إذن هو: ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ يُفضل توتنهام التعاقد مع مدير فني يتمتع بخبرة كبيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أمر مفهوم تماماً. ومن الواضح للجميع أن الدوري الإنجليزي الممتاز أقوى بكثير من باقي الدوريات الأخرى، وهو الأمر الذي يتضح من خلال تعليق برونو فرنانديز حول شعور روبن أموريم بالدهشة من قوة فريق مثل إيبسويتش تاون! ومن المؤكد أن هذا الأمر يُمثل ضغوطاً كبيرة يمكن أن تُثقل كاهل المديرين الفنيين، وبالتالي تفضِّل الأندية التعاقد مع مدربين لديهم خبرة كبيرة في هذه المسابقة القوية.
ومع ذلك، يبقى هناك شعور بالخوف من عدم قدرة المدير الفني على الارتقاء إلى مستوى التوقعات، خصوصاً أن مستويات التدقيق والتوقعات في توتنهام أعلى بكثير من تلك الموجودة في برينتفورد أو فولهام مثلاً. ولا شك في أن هناك إقالة أخرى في الخريف تجعل ليفي يشعر بالقلق: إقالة نونو إسبيريتو سانتو، الذي استمرت ولايته 17 مباراة فقط على مدار أربعة أشهر. لم يكن سانتو يبدو أبداً كأنه الشخص المناسب لتولي قيادة السبيرز، وقد تأثرت سمعته بشكل كبير لكونه ليس الخيار الأول، أو حتى الثاني، أو الثالث، لهذا المنصب.
وحتى كتابة هذه السطور، يبدو توماس فرانك المرشح المفضل لدى توتنهام، لكن ذلك يتطلب دفع تعويضات لبرينتفورد تتجاوز 10 ملايين جنيه إسترليني. من المعروف عن ليفي أن لديه استعداداً للدخول في مفاوضات مطولة، لكنّ هذه حالة تستدعي إعطاء الأولوية للحل السريع، حتى لو كلّف الأمر النادي بضعة ملايين أكثر مما هو متوقع.
وقد عبَّر عدد من الجمهور بالفعل عن استيائهم من أن توتنهام لا ينبغي أن يستعين بمدير فني من برينتفورد، وهو أمرٌ سخيف بالنظر إلى العمل الذي قام به فرانك (أنهى برينتفورد الموسم في المركز العاشر في الدوري، رغم أنه يحتل المركز التاسع عشر في قائمة أعلى فاتورة أجور للاعبين في الدوري)، وكيف سارت الأمور مع المديرين الفنيين الكبيرين اللذين تعاقد معهما توتنهام في السنوات الأخيرة: جوزيه مورينيو وأنطونيو كونتي.
ووجه اتحاد مشجعي توتنهام الشكر إلى بوستيكوغلو على «الليلة المذهلة» في بلباو، لكنه أقر بأن نتائج الدوري كانت «بعيدة جداً» عن التوقعات. وذكر اتحاد مشجعي توتنهام في بيان: «قلقنا الآن هو أنه يبدو أننا سنشهد تغييراً آخر في المسار، وهذا أصبح أمراً معتاداً منذ رحيل ماوريسيو بوكيتينو في 2019». وأضاف: «يمكننا أن نتمنى فقط أن يكون الاتجاه الصحيح جرى اتخاذه، وأن المدرب الجديد سيحظى بدعم كامل من المجلس وكل من في النادي للبناء على اللقب الذي حققه بوستيكوغلو». وتابع: «سيحتاج المدرب الجديد إلى التمويل لبناء فريق قوي قادر على المنافسة في عدة جبهات في الوقت نفسه. نتمنى التوفيق لمن يتم تعيينه. مشجعو توتنهام تذوقوا طعم المجد ولا نرغب في الانتظار 17 عاماً أخرى للمزيد».
جماهير توتنهام الفرِحة بلقب الدوري الأوروبي تشعر بقلق من استمرار تغيير مدربي الفريق (أ.ف.ب)
كان بوستيكوغلو قد قال في بيان بعد إقالته: «واجهت تحديات كثيرة وصخباً كبيراً نتيجة محاولة تحقيق ما عدَّه الكثيرون مستحيلاً». وأضاف: «عندما أتأمل فترة تدريبي لتوتنهام، يغمرني شعور بالفخر. ستظل فرصة قيادة أحد أندية كرة القدم الإنجليزية العريقة وإعادة المجد الذي يستحقه، محفورتين في ذاكرتي طوال حياتي». وتابع: «إن مشاركة هذه التجربة مع كل من يُحب هذا النادي بصدق، ورؤية أثرها عليهم، هو أمر لن أنساه أبداً. كانت تلك الليلة في بلباو تتويجاً لعامين من العمل الجاد والتفاني والإيمان الراسخ بالحلم».
هل كانت إقالة بوستيكوغلو الخيار الوحيد أمام ليفي (غيتي)
لكن بوستيكوغلو ترك مشكلة كبيرة لمن سيخلفه في منصبه، سواءً من حيث طريقة اللعب أو الإنجاز الذي حققه. فإذا بدأ المدير الفني الجديد مسيرته ببطء، فستكون هناك شكاوى فورية من عدم قدرته على الاستفادة من الفوز بالدوري الأوروبي، وأن الفريق لم يعد يلعب كرة ممتعة كتلك التي كان يقدمها تحت قيادة بوستيكوغلو. لكن هل الفوز ببطولة الدوري الأوروبي كان أهم من إنهاء الموسم في المركز السابع عشر والتعرض للخسارة في 22 مباراة في الدوري الموسم الماضي؟ وبالتالي، فمن المؤكد أن ليفي رأى أن الفوز ببطولة الدوري الأوروبي مجرد حدث عابر وليس مؤشراً على مستقبل باهر. وبناءً على هذا المنطق، كان التغيير هو الخيار الوحيد!
* خدمة «الغارديان»
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرجل
منذ 31 دقائق
- الرجل
صراع القارات في مونديال الأندية.. مواجهات حاسمة اليوم
في أجواء عالمية مشتعلة، تتواصل اليوم الأحد 15 يونيو 2025 منافسات بطولة كأس العالم للأندية، المقامة في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تُستكمل مباريات الجولة الأولى بثلاث مواجهات منتظرة، تجمع أندية من أوروبا وأميركا الجنوبية وأوقيانوسيا، ضمن نسخة موسعة تضم 32 فريقًا. قمة أوروبية لاتينية في المجموعة الأولى تنطلق منافسات المجموعة الأولى بصدام مرتقب بين نادي بورتو البرتغالي، أحد أبرز الأندية الأوروبية، ونظيره بالميراس البرازيلي، بطل كوبا ليبرتادوريس ثلاث مرات. وتُعد المواجهة اختبارًا قويًا لكلا الفريقين الساعيين لحصد نقاط البداية في مجموعة يُتوقع أن تكون متوازنة ومفتوحة على كل الاحتمالات. باريس سان جيرمان يلاقي أتلتيكو مدريد صراع القارات في مونديال الأندية.. مواجهات حاسمة اليوم - @PSG_English أما في المجموعة الثانية، فتتجه الأنظار إلى واحدة من أبرز مواجهات الدور الأول، حيث يلتقي باريس سان جيرمان الفرنسي، بطل دوري أبطال أوروبا، مع نادي أتلتيكو مدريد الإسباني، في لقاء يُوصف بأنه قمة تكتيكية تجمع مدرستين مختلفتين في كرة القدم، وسط ترقب جماهيري واسع لما ستؤول إليه هذه المواجهة. وفي المجموعة الثالثة، يخوض نادي بايرن ميونيخ الألماني، أحد المرشحين البارزين للقب، أولى مبارياته أمام فريق أوكلاند سيتي النيوزيلندي، الذي يملك حضورًا ثابتًا في البطولات الدولية رغم تواضع المنافسات المحلية في أوقيانوسيا. ورغم احترام النادي البافاري لمنافسه، فإن الفوارق الفنية تصب لصالحه بشكل واضح. مواعيد مباريات اليوم (بتوقيت السعودية ومصر): - بايرن ميونيخ × أوكلاند سيتي – الساعة 19:00 - باريس سان جيرمان × أتلتيكو مدريد – الساعة 22:00 - بورتو × بالميراس – الساعة 01:00 فجر الإثنين ومع انطلاقة هذه المواجهات، تتضح تدريجيًا معالم المنافسة في أولى جولات البطولة، وسط سعي مستمر من كبار القارة العجوز وأبطال أميركا الجنوبية لحجز مقاعدهم مبكرًا في الأدوار المتقدمة من مونديال الأندية.


الاقتصادية
منذ 2 ساعات
- الاقتصادية
"ثمانية" التابعة لـ "SRMG" تفوز بحقوق بث بطولات كرة القدم السعودية
فازت شركة "ثمانية للنشر والتوزيع"، التابعة للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، بحقوق النقل الحصري لبطولات كرة القدم السعودية، وفقا لـ"اقتصاد الشرق مع بلومبرغ". تشمل الحقوق كل من دوري روشن، وكأس الملك، وكأس السوبر، ودوري يلو، وذلك لكامل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك بدءاً من موسم 2025 /2026 وحتى نهاية موسم 2030/ 2031. لم تفصح المجموعة، المالكة لقناة الشرق الإخبارية، عن الأثر المالي المحتمل للصفقة في هذه المرحلة، لكنها أكدت أنها ستعلن عن أي تطورات جوهرية فور توفرها، بما في ذلك توقيع عقد الترخيص الحصري مع الرابطة.


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
الكأس الذهبية: 4 أسماء جديدة تقتحم تشكيلة الأخضر
تشهد تشكيلة المنتخب السعودي لكرة القدم المتواجدة في الولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في الكأس الذهبية 2025 تواجد أربع لاعبين لم يسبق لهم المشاركة بقميص الأخضر حتى هذه اللحظة. من المتوقع أن يظهر خلال مجريات البطولة ثلاثة من الأربعة لاعبين خلال مباريات المنتخب السعودي في دور المجموعات والتي سيواجه فيها منتخبات هايتي و أميركا و ترينيداد وتوباغو. ويتكون الرباعي الشاب الذي ينتظر مشاركته الاولى بقميص الأخضر من محمد بكر لاعب وعبدالرحمن الصانبي لاعبي نادي الأهلي، ومهند آل سعد لاعب نادي نيوم، و همام الهمامي لاعب نادي الاتحاد. وقد تشهد البطولة مشاركة الثلاثي محمد بكر و همام الهمامي ومهند أل سعد حيث يعد الأخير من الأسلحة الهجومية الجديدة المنتظرة في الشارع السعودي مع غياب قائد المنتخب سالم الدوسري بسبب المشاركة مع الهلال في كأس العالم للأندية 2025. وتشير التوقعات الأولية أن المنتخب السعودي سيلعب بطريقة هجومية أكثر خلال المباريات الثلاث التي سيلعبها في الكأس الذهبية لتجهيز أكبر عدد ممكن من اللاعبين للملحق الآسيوي المؤهل إلى نهائيات كأس العالم 2026. وكان هيرفي رينارد قد قال بعد الخسارة من منتخب استراليا في جدة: هذا جيل جديد من اللاعبين، لديهم الموهبة وأنا سعيد بالعمل معهم و متفائل بالمستقبل واتمنى أن أكون أمامكم في أكتوبر (تشرين الأول) ونحن متأهلين لكأس العالم.