logo
الأردن ما بعد الإخوان: تفكيك الإخوان في ظرف إقليمي ملتهب

الأردن ما بعد الإخوان: تفكيك الإخوان في ظرف إقليمي ملتهب

كواليس اليوم٢٥-٠٤-٢٠٢٥

دوسلدورف/أحمد سليمان العُمري
لم يكن قرار الحكومة الأردنية بتفكيك جماعة الإخوان المسلمين بعد 80 عاما من النشاط السياسي والدعوي في البلاد حدثا عابرا في سياق سياسي عادي، بل جاء في لحظة إقليمية استثنائية؛ تُواجه فيها الأردن ضغوطا متشابكة: حرب إبادة على غزّة، وتصاعد دور المقاومة الفلسطينية، واشتعال التوترات الأمنية في الضفة الغربية، وقد تزامن القرار مع إعلان الأجهزة الأمنية ضبط خلية لتصنيع أسلحة محلية الصنع، حيث أكّد بيان النيابة العامة أن بعض المتورّطين هم أعضاء في الجماعة، لكن التحقيقات أثبتت أن التصرّف فردي ولم يُنسّق مع الإخوان.
ورغم أن دعم المقاومة لا يُعدّ جريمة في السياق الأردني «الشكلي»، إلّا أن الحكومة استخدمت الحادثة كذريعة لتصفية الجماعة، عبر قرار قضائي سريع تبعه إعلان من وزارة الداخلية بحلّ الإخوان المسلمين ومصادرة ممتلكاته.
هذا التحول الاستراتيجي يطرح تساؤلات عن مستقبل المشهد السياسي الأردني، خاصّة في ظل غياب بديل واضح لملء الفراغ.
صراع السرديات وتجييش الرأي العام
أثار القرار انقساما حادا في الرأي العام، فمن ناحية، روّجت الحكومة عبر منصّات إعلامية موالية ورقمية لسردية تربط الإخوان بالتمويل المشبوه والعنف، مستشهدة بتقارير أمنية عن صلات لبعض أعضاء الجماعة بجماعات مسلّحة. ومن ناحية أخرى فالقرار يمثّل انتكاسة للحريات السياسية بالمُطلق، وإغفال حقيقة أن جماعة الإخوان ضمّت خلال مسيرتها في الأردن قيادات تاريخية شاركت في إصلاحات كثيرة، مثل عبد المجيد الذنيبات، كما تجاهل الخطاب الحكومي دور الجماعة التاريخي في الحوارات الوطنية، كاتفاقية الميثاق الوطني (1991).
وبما يتعلّق بحزب جبهة العمل الإسلامي لم توجه له اي تُهم رسمية، ولم تُحرّك النيابة العامّة دعوى ضده، ما يعني أن أي إجراء محتمل لا يزال ضمن دائرة التقديرات القانونية، وليس الحقائق القضائية.
من يملأ الفراغ؟
تفكيك جماعة الإخوان لا يهدد الاستقرار السياسي فحسب، بل يُنذر بكارثة اجتماعية، فقد قدّمت الجماعة لعقود خدمات اجتماعية وتعليمية وصحية بديلة للدولة؛ في المدن وفي المناطق المهمّشة. وتقدّر تكلفة تعويض هذه الخدمات بنحو 1.5 مليار دولار، وفقا لبرقية صادرة عن السفارة الأمريكية في عمّان تشرين الأول/أكتوبر 2009، وهذه مبالغ تفوق قدرة الحكومة على تحمّلها في ظل أزمة اقتصادية طاحنة.
الفراغ الناجم عن حلّ الجماعة قد يفتح الباب لجماعات مُتطرّفة، كما حدث في مصر بعد حظر الإخوان عام 2013، حيث ظهرت جماعات مثل «أنصار بيت المقدس» في سيناء، وفقا لتقرير «معهد واشنطن» (2021). وفي الأردن نفسها، سبق أن شهدت العاصمة الأردنية عمّان عام 2005 أعمالا إرهابية، حيث نفّذت مجموعة عدّة عمليات إرهابية على فندق (غراند حياة، فندق راديسون ساس وبار ديز)، راح ضحيته 57 مدنيا، من بينهم المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد، وإصابة أكثر من 110 آخرين.
هذا الحدث شكّل صدمة وطنية، وأكّد أن الفراغ في الحقل العام، سواء أمنيا أو سياسيا، يمكن أن يكون بيئة خصبة للتطرّف. والحديث هنا لا يتعلّق بالفراغ الأمني وحده، بل بالفراغ المجتمعي والسياسي الذي قد ينجم عن تغييب جماعة حاضنة سياسيا واجتماعيا ودينيا كحركة الإخوان المسلمين، وهي التي تمثّل صمام أمان لاحتواء تيارات شبابية واسعة داخل إطار سلمي ومنظّم.
الدروس الإقليمية
في تونس، حين أسقط الشعب النظام الديكتاتوري لزين العابدين بن علي عام 2011، اختار – في أول انتخابات حرّة – حركة النهضة لتكون المعبّر عن آماله في الحرية والكرامة والتنمية، فقد شكّل إدماج النهضة في المشهد السياسي حينها تجربة نادرة لاحتواء العنف في المراحل الانتقالية، لكنها انهارت لاحقا تحت ضغط أزمات الشرعية والاستقطاب السياسي.
على النقيض، خاض حزب «العدالة والتنمية» المغربي تجربة مماثلة، لكن تراجعه الانتخابي عام 2021 جاء نتيجة فشله في تحقيق المطالب الاقتصادية، لا بسبب إقصاء أمني. وفي المقابل، قدّمت تجربة حزب «العدالة والتنمية» التركي نموذجا مختلفا، إذ تحوّل إلى شريك أول في الحكم، تحت قيادة رجب طيب أردوغان، عبر مشروع اقتصادي وتنموي طموح؛ ساعد في استقرار تركيا وخلق قاعدة شعبية صلبة.
قيادات حملت الوطن
لا يمكن تجاهل دور شخصيات مثل عبد اللطيف عربيات، رئيس البرلمان الأردني الأسبق والقيادي البارز في جماعة الإخوان المسلمين، الذي قاد إصلاحات تعليمية واجهت انتقادات من داخل النظام نفسه. هذه القيادات مثّلت جسرا بين التيار الإسلامي والدولة، وإبعادها يفقد النظام شركاء في مواجهة التطرّف.
ما بين مطرقة الأمن وسندان الشرعية
إذا كان الأردن جادا في دعم فلسطين، فالخطوة الأولى ليست حلّ جماعة الإخوان المسلمين، بل مراجعة الاتفاقات الاقتصادية مع إسرائيل، مثل «اتفاقية الغاز»، التي تُدرّ على الاحتلال أرباحا سنوية تُقدّر بـ 300 مليون دولار.
السؤال الأهم: هل تستطيع الدولة تعويض عمل الإخوان السياسي، فضلا عن الخدمات الاجتماعية دون تفجير أزمات خانقة خطيرة؟ التجارب الإقليمية تُجيب: الفراغ السياسي لا يُملأ إلا بدمج التيارات، لا بإقصائها.
إذا كان الهدف الحقيقي من القرار هو حماية الأمن الوطني، فإن الحلّ لا يكمن في القمع، بل في النظر للأسباب الجذرية التي تدفع الشباب نحو الإخوان، فبدلا من هدم الآلية الديمقراطية يمكن التوجيه نحو الإصلاح والتعليم ونشر الوعي، مما يُحاصر الجماعة في معاقلها التقليدية، ونهجها القويم يكمن في الوعي.
وهذه هي المعضلة حكوميا في المصالحة مع التيار الإسلامي، الممكن حلّها عبر إعادة إنتاج حكومة في شكل تنافسي سوي ووازن للنهوض بالوطن، فالتاريخ يُعلّمنا أن الإقصاء يزيد بالشرخ الاجتماعي والسياسي، وأن الاستقرار الحقيقي يُبنى بالضمائر لا بالقمع والإقصاء.
reundliche Grüße
Ahmad Al Omari
أحمد سليمان العمري

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ابتدائية فاس تسدل الستار على قضية شبكة نصب تقودها محامية.. أحكام بالسجن تصل إلى أربع سنوات
ابتدائية فاس تسدل الستار على قضية شبكة نصب تقودها محامية.. أحكام بالسجن تصل إلى أربع سنوات

مراكش الآن

timeمنذ 36 دقائق

  • مراكش الآن

ابتدائية فاس تسدل الستار على قضية شبكة نصب تقودها محامية.. أحكام بالسجن تصل إلى أربع سنوات

أسدلت المحكمة الابتدائية بفاس، يوم الثلاثاء 20 ماي 2025، الستار على فصول ملف قضائي شغل الرأي العام المحلي والوطني، يتعلق بتفكيك شبكة للنصب والاحتيال الخطير قادتها محامية مسجلة في هيئة فاس، رفقة أربعة شركاء آخرين. وقد تورطت هذه الشبكة في تنفيذ عمليات نصب واسعة النطاق استهدفت مواطنين ورجال أعمال، مستولية على مبالغ مالية ضخمة. وقد قضت غرفة الجنح التلبسية بالسجن النافذ لمدة أربع سنوات في حق المحامية 'أ. ل'، التي اعتبرتها المحكمة العقل المدبر لجميع عمليات النصب. وقد استغلت المحامية، وفقًا للتحقيقات، غطاء شركة تجارية وهمية لإبرام صفقات خيالية تتعلق ببيع سيارات وشاحنات بأسعار تقل بكثير عن أثمان السوق الحقيقية، مستدرجة بذلك الضحايا. كما أصدرت المحكمة أحكامًا متفاوتة في حق باقي أفراد الشبكة؛ حيث حكمت على كاتبة المحامية، المدعوة 'ل. ب'، بسنتين حبسًا نافذًا. فيما أدين المتهم 'ع. ح' بسنة ونصف حبسًا نافذًا، أما الدركي السابق والشريك الخامس، فنالا حكمًا بالسجن سنة واحدة نافذة لكل منهما. وتعود تفاصيل هذه القضية إلى تحريات معمقة باشرتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس، وذلك بناءً على شكايات متعددة وردت إليها. وقد أفضت هذه التحريات إلى تفكيك الشبكة بعد أسابيع من البحث الدقيق، حيث تبين أن أفرادها تمكنوا من الاستيلاء على مبالغ مالية تجاوزت 16 مليون درهم (حوالي 1.6 مليون دولار أمريكي). وجرى تحصيل هذه المبالغ من ضحايا تم استدراجهم عبر وعود زائفة بالحصول على مركبات جديدة أو مستعملة مصدرها مزادات عمومية أو شركات لكراء السيارات بأسعار مغرية. وكشفت التحقيقات أن المتورطين عمدوا إلى تقاسم العائدات الإجرامية فيما بينهم، قبل أن تنجح عناصر الأمن في إيقافهم وتقديمهم للعدالة.

مهرجان 'كان'.. أسانج يرتدي قميصا عليه أسماء نحو 5 آلاف طفل قتلوا في غزة
مهرجان 'كان'.. أسانج يرتدي قميصا عليه أسماء نحو 5 آلاف طفل قتلوا في غزة

كش 24

timeمنذ 5 ساعات

  • كش 24

مهرجان 'كان'.. أسانج يرتدي قميصا عليه أسماء نحو 5 آلاف طفل قتلوا في غزة

شارك مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان أسانج، في مهرجان "كان" السينمائي مرتديا قميصا يحمل أسماء 4 آلاف و986 طفلا فلسطينيا قتلوا في القصف الإسرائيلي في قطاع غزة. وقبيل عرض فيلم وثائقي يسرد قصة حياته تحت عنوان The Six Billion Dollar Man "الرجل الذي كان يساوي ستة مليارات دولار"، وقف أسانج إلى جانب زوجته ستيلا أسانج، على درج قصر المهرجانات مرتديا قميصا يحمل على ظهره عبارة كبيرة كتب عليها: "Stop Israel- أوقفوا إسرائيل"، في خطوة حملت رسالة سياسية قوية وواضحة. وقالت صحيفة "humanite" الفرنسية إن هذه الخطوة تظهر أن "نضال أسانج الطويل من أجل الحقيقة لا يزال ثابتا وفاعلا". وأسانج صحفي وناشط أسترالي، واشتهر بكونه مؤسس موقع "ويكيليكس"، المنصة التي نشرت منذ عام 2006 ملايين الوثائق السرية، بما في ذلك تقارير عسكرية ودبلوماسية أميركية، ما أدى إلى جدل عالمي واسع. بدأ أسانج حياته المهنية كمبرمج ومخترق، وشارك في العديد من المشاريع البرمجية قبل أن يؤسس ويكيليكس. وكان هدفه المعلن هو كشف الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، وتمكين الصحافة من لعب دور رقابي فعال على الحكومات والمؤسسات القوية. أشهر ما نشره ويكيليكس كان في عام 2010، عندما كشف عن وثائق مسربة تتعلق بالحروب في العراق وأفغانستان. وتضمنت تلك التسريبات شريط فيديو يُظهر مروحيات أمريكية تقتل مدنيين عراقيين. في عام 2012، لجأ أسانج إلى سفارة الإكوادور في لندن طلبا للجوء السياسي، هرباً من تسليمه إلى السويد على خلفية اتهامات بالاعتداء الجنسي، وهي تهم ينفيها ويعتبرها ذات دوافع سياسية تهدف في النهاية إلى تسليمه للولايات المتحدة، حيث كان يواجه اتهامات بالتجسس ونشر وثائق سرية. ظل أسانج في السفارة لمدة سبع سنوات، حتى سحبت منه الحماية الدبلوماسية عام 2019، فاعتقلته الشرطة البريطانية. ومنذ ذلك الوقت، خاض معارك قانونية ضد تسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث يواجه اتهامات بموجب قانون التجسس الأمريكي قد تؤدي إلى عقوبات بالسجن لعشرات السنين. في يونيو 2024، تم الإفراج عن أسانج بعد صفقة قانونية مع السلطات الأمريكية، سمحت له بالمغادرة دون قضاء عقوبة طويلة، ليعود إلى الحياة العامة. ويواصل حاليا نشاطه السياسي والإعلامي، ويعتبر رمزا عالميا لحرية الصحافة وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات.

الأمم المتحدة-الصحراء المغربية.. وفد مغربي هام يشارك في المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 في تيمور الشرقية
الأمم المتحدة-الصحراء المغربية.. وفد مغربي هام يشارك في المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 في تيمور الشرقية

العيون الآن

timeمنذ 6 ساعات

  • العيون الآن

الأمم المتحدة-الصحراء المغربية.. وفد مغربي هام يشارك في المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 في تيمور الشرقية

العيون الآن. يشارك وفد مغربي هام في أشغال المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، المقرر تنظيمه ما بين 21 و23 ماي الجاري في ديلي، بتيمور الشرقية. ويرأس الوفد المغربي السفير الممثل الدائم للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة بنيويورك، عمر هلال، وسفير جلالة الملك في جاكرتا، رضوان الحسيني. كما يضم الوفد العديد من المسؤولين بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وكذا نائب رئيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية. وسيشكل هذا المؤتمر مناسبة للوفد المغربي من أجل إطلاع أعضاء اللجنة وباقي المشاركين على مستجدات قضية الصحراء المغربية، لاسيما دينامية الدعم الدولي المتزايد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي أضحت تحظى بتأييد أزيد من 117 بلدا، أي ما يفوق 60 بالمائة من الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. كما سيبرز الوفد المغربي الدعم الدولي المتنامي للاعتراف بمغربية الصحراء، من خلال تأكيد العديد من البلدان لمواقفها، من بينها عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي، وهما فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، التي تقوم بصياغة قرارات المجلس بشأن قضية الصحراء المغربية. وسيسلط الضوء، كذلك، على التقدم الملموس الذي تشهده الأقاليم الجنوبية بفضل النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 2015، بميزانية فاقت 10 ملايير دولار، والذي بلغ معدل إنجازه مستويات متقدمة. وسيكون هذا المؤتمر أيضا فرصة يذكر خلالها الوفد المغربي بمسؤولية الجزائر الثابتة في استمرار هذا النزاع، من خلال الكشف عن دورها التاريخي والسياسي بصفتها طرفا معنيا، كما تؤكد ذلك قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار رقم 2756 الذي تم اعتماده في أكتوبر 2024. من جانب آخر، يشارك في هذا المؤتمر اثنان من منتخبي الصحراء المغربية، يتعلق الأمر بكل من السيدة غلا بهية عن جهة الداخلة-وادي الذهب، والسيد امحمد أبا عن جهة العيون-الساقية الحمراء، بدعوة من رئيسة اللجنة، كما دأبت على ذلك منذ سنوات

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store