logo
مسلسل "لام شمسيّة": دراما عن التحرش بالأطفال تترك المشاهدين في صدمة

مسلسل "لام شمسيّة": دراما عن التحرش بالأطفال تترك المشاهدين في صدمة

BBC عربية١٩-٠٣-٢٠٢٥

"أرجوك لا تمت، أنا أحبك!"، رسالة أرسلها الطفل يوسف بالإنجليزيّة عبر واتساب إلى "عمو وسام"، صديق والده المقرب، المتهم بالتحرّش به.
تصاعدت أحداث المسلسل المصريّ "لام شمسية" بسرعة، وبات حديث مواقع التواصل الاجتماعي وهو لا يزال في الحلقة الرابعة فقط؛ فالموضوع مخيف للأهالي: التحرش بالأطفال.
بداية القصة: قلق يملأ المنزل
تبدأ ملامح القلق بالتسلل إلى أجواء منزل هادئ تعيش فيه نيللي (أمينة خليل) وزوجها طارق (أحمد صلاح السعدني)، تزامنا مع تحضيرات عيد ميلاد يوسف، ابن طارق من زواج سابق.
طفل في عامه التاسع، تفضحه تصرفاته الغريبة أمام زوجة أبيه: يربط معطفه حول خصره رافضاً ارتداءه كزملائه؛ يتجنب الاحتفال بعيد ميلاده؛ وتنذر نوبات غضبه وسلوكه العنيف بما هو أخطر.
وسط هذه الأجواء، ينتهي عيد الميلاد بعراك بين يوسف وأحد الأطفال، ليظهر صديق العائلة المقرب وسام (محمد شاهين) لاحقاً محاولاً الاطمئنان عليه، إلا أن نظرات نيللي من خلف زجاج غرفة يوسف تغيّر كل شيء.
عندما تفتح الباب عليهما، تجد مشهداً مريباً: وسام يحتضن الطفل بشكل غير مريح، بحسب وصفها.
تصرخ، يشتد التوتر، وينتهي المشهد بضرب الأب طارق لصديقه، الذي يُنقل وهو في حالة حرجة إلى المستشفى، بينما ينتهي طارق في قسم الشرطة.
بعد عرض الحلقة الثالثة من المسلسل، حيث تصاعد الأحداث بسرعة، برزت موجة من التفاعل مع المسلسل على وسائل التواصل الاجتماعي، مع تفصيل للمشاهد والأحداث وتحليل للكثير منها.
كتبت آلاء رأفت، وهي كاتبة مصرية، على منصة فيسبوك عن المشهد الذي أظهر لحظة انتفاض الطفل يوسف المفاجئ بين ذراعي وسام، ما فتح باب التساؤلات حول حقيقة ما يجري خلف الأبواب المغلقة.
وقالت إن تصرف يوسف كان مؤشراً على تعرضه لشيء يفوق قدرته على الاستيعاب، مشيرة إلى أن الأطفال لا يستطيعون إدراك التناقض بين شخص يمنحهم الأمان وبين كونه مصدر أذى.
وربطت آلاء بين هذه الحالة وأعمال تناولت صدمات مشابهة، مثل الدراما الأمريكية The Perks of Being a Wallflower لعام 2012، وأشارت إلى ما ورد في كتاب "الجسد يتذكّر The Body Remembers" حول أن "الذاكرة قد تنكر، لكن الجسد لا ينسى"، في إشارة إلى الآثار التي تظل محفورة في سلوك الضحية رغم محاولات الإنكار.
"وسام" المدرس المثالي و"يوسف" الضحية الصامتة
لكن وسام لم يكن مجرد صديق للعائلة، بل هو "المعلم المثالي" الذي كان يقدم ليوسف دروساً خصوصية في اللغة العربية.
مشهد آخر في المسلسل يكشف عن حديث بين نيللي وصديقاتها، حيث تُثني الأمهات على التحسن الملحوظ في مستوى يوسف اللغوي، وتشيد نيللي بوسام وتعرّفه على باقي الأمهات، اللاتي يطلبن منه أن يعطي أولادهن دروساً خصوصية أيضاً.
هنا تظهر براعة النص في تسليط الضوء على زاوية أكثر خطورة: كيف يمكن لمتحرش أن يجد لنفسه مداخل موثوقة للوصول إلى الأطفال والانفراد بهم تحت غطاء اجتماعي آمن كـ"دروس خصوصية"، لتكون هذه النقطة بمثابة جرس إنذار آخر ضمن حبكة المسلسل.
عبّرت إحدى المعلقات على منصة "إكس" عن هذه الفكرة قائلة إن المسلسل قدم المتحرش بعيداً عن الصورة النمطية المعتادة، فهو ليس مدمناً ولا شخصاً مهمشاً أو معزولاً عن المجتمع، بل أستاذ جامعي، متزوج، وأب، وقريب من العائلة، ويُعامل كأنه فرد منها؛ الخطر قد يكون أكثر قرباً مما نظن.
وفي السياق ذاته، كتبت فرح عوض، وتعمل في المجال الإنساني، تعليقاً قالت فيه إنهما عملت مع عدد من الأطفال مروا بظروف تشبه إلى حد كبير ما يعرضه "لام شمسية".
وأوضحت أن "نصف الحالات تقريباً التي قابلتها كانت تعكس نفس النمط: متحرش من داخل الدائرة القريبة للطفل، سواء كان الأب، أو أحد الأقارب، أو صديقاً للعائلة، في ظل غياب الوعي أو تجاهل الأهل".
ورغم تطور الأحداث، يرفض يوسف الإدلاء بأي كلمة عمّا جرى، مكتفياً بصمته وعيونه الممتلئة بالخوف، في أداء تمثيلي لافت للطفل علي البيلي الذي جسّد دوره بشكل جيد.
لكن ما هزّ الجمهور كثيرا كانت رسالة يوسف التي بعثها إلى وسام، يستجديه فيها ألا يموت، بعد أن ضربه أبوه، ويخبره بأنه يحبه، في مشهد يترك تساؤلات مؤلمة عمّا يدور في رأس يوسف، وعن الصراع النفسي الذي قد يعيشه الأطفال الذين يتعرضون للتحرش من أقرب الناس إليهم.
طرحت سارة الفيومي عبر فيسبوك تساؤلاً يعكس قلق عدد من المتابعين، إذ كتبت: "اللي بفكر فيه دلوقتي إن فيه طفل في المشهد... قالوله إيه طيب؟! هل فهموه المشهد عن إيه؟!"، في إشارة إلى المشهد الذي يظهر فيه المتحرش وهو يحاول استدراج الطفل. وأعربت عن تأثرها قائلة: "أنا فعلاً منهارة ومبقدرش أتحمل أي حاجة فيها إساءة للأطفال".
التساؤلات التي أثيرت من قِبل الجمهور بشأن كيفية حماية الطفل الذي يؤدي دور يوسف دفعت مخرج العمل كريم الشناوي إلى التوضيح عبر منشور رسمي على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي.
نشر الشناوي مقطع فيديو من كواليس تصوير المسلسل، يوثّق زيارة مستشارة متخصصة في حماية الطفل إلى موقع التصوير؛ حيث عقدت جلسات مع فريق العمل وقدمت إرشادات واضحة حول كيفية إدارة المشاهد الحساسة التي يشارك فيها الطفل، مع ضمان عدم تعريضه لأي ضغط نفسي أو ضرر محتمل.
وفي تعليقه على الفيديو، شدد الشناوي على أن المسلسل التزم منذ اليوم الأول بمعايير صارمة فيما يخص التعامل مع الأطفال داخل موقع التصوير، قائلاً: "كنا حريصين على توفير بيئة آمنة ومهنية للطفل بطل العمل، من خلال الاستعانة بخبراء حماية الطفل منذ مرحلة التحضير للمسلسل وحتى أثناء التصوير".
وأضاف: "الطفل لم يتعرض لأي مشاهد أو نصوص صادمة بشكل مباشر، وتم التعامل مع المواقف الحساسة بطريقة تحترم حالته النفسية وتضع سلامته فوق كل اعتبار"، مشيراً إلى أن تصوير بعض المشاهد تم بتقنيات إخراجية تُظهر ما يحتاجه العمل درامياً دون أن يشهد الطفل الوقائع الكاملة كما تظهر للمشاهد على الشاشة.
وأكد الشناوي أن "المسلسل لم يكن فقط مسؤولية فنية، بل كان هناك وعي كامل بأن العمل يتناول قضية حساسة تتطلب عناية مضاعفة في طريقة تصويرها ومعالجة أبعادها النفسية، خاصة فيما يتعلق بحماية الطفل الذي يؤدي الدور".
قصة نشيد المسلسل
يتكرر ظهور يوسف خلال المسلسل وهو يتدرب على حفظ "نشيد" عن اللام الشمسية واللام القمرية.
لام شمسية لام قمرية.. واحدة نقولها واحدة خفية
القمرية زي ما هي.. زي الباب والعين والقلب
والشمسية متخبية زي السر وزي الذنب
والقمرية لام منطوقة.. موجودة في كل الأحوال
والشمسية لام مسروقة.. مش كل المكتوب يتقال
النشيد كتب بلغة بسيطة كأنها درس مدرسي، لكنه يحمل بين طياته إسقاطاً واضحاً على واقع المسلسل: هناك "أشياء خفية" لا تُقال، و"ذنوب" تُوارى خلف الأبواب المغلقة.
في تعليق على فيسبوك، أشار مايكل زكي إلى أن نشيد "لام شمسية" لخص بذكاء رسالة المسلسل، قائلاً: "الشمسية متخبية زي السر وزي الذنب... تشبيه يحترم عقولنا ويشير للمشكلة دون صدمة بصرية". واعتبر زكي أن المسلسل يعالج موضوعاً صعباً لطالما تجنبت الدراما المصرية تناوله.
وأشاد بموقف المخرج كريم الشناوي، بعدما قرأ منشوره الذي أوضح فيه وجود خبيرة حماية الأطفال سارة عزيز في موقع التصوير، لضمان بيئة آمنة للطفل بطل العمل، وتدريب فريق العمل على التعامل الحساس مع الأطفال.
وختم زكي تعليقه قائلاً: "بسبب حلقة واحدة فقط، شاهدت كمّاً من النقاشات والبوستات التي ترفع وعي الأهل حول هذه القضايا، وهذا من أجمل ما رأيته منذ سنوات في مجال التوعية المجتمعية".
"كل العناصر بتكمل بعض" هكذا علقت كاتبة العمل مريم نعوم على النشيد الذي يحمل اسم المسلسل، موضحة أنه من تأليف الشاعر مصطفى إبراهيم، وكتب خصيصاً للمسلسل، كما كشفت الكاتبة عبر حسابها الرسمي على فيسبوك أن اسم مسلسل "لام شمسية" اقترحته السيناريست سمر عبد الناصر خلال واحدة من جلسات التطوير أثناء مشاركتها في كتابة ومعالجة الشخصيات.
الجمهور بين الصدمة والإشادة
حتى الآن، بُثّت أربع حلقات فقط من مسلسل "لام شمسية"، لكن ذلك كان كافياً لفتح نقاش واسع حول قضية التحرش بالأطفال في العالم العربي، والتي لطالما تجنبتها الدراما العربية أو اكتفت بالإشارة إليها من بعيد.
بقالب درامي مشوّق وإيقاع بطيء يُصعّد التوتر تدريجياً، يكشف المسلسل عن خيوط قصة معقدة تمزج بين الغموض والإثارة والدراما النفسية، ويضع المشاهد أمام معضلة أخلاقية واجتماعية شائكة.
ومع تصاعد الأحداث، انقسمت آراء الجمهور والنقاد وحتى الفنانين حول جرأة المسلسل وقسوته، حيث اعتبره البعض محركاً لصدمة أو مشاعر ثقيلة لدى الناجين من التحرش من المشاهدين، وفي هذا الإطار، توجهت ميرنا مجدي عبر فيسبوك برسالة مباشرة للمشاهدين، خاصة لمن قد يختبرون صدمة أو مشاعر ثقيلة أثناء متابعة المسلسل. وكتبت: "لو حسيت في أي وقت بثقل أو trigger أو flashbacks، وافتكرت حاجة حصلت ومش عارف تخرج منها، تعالوا نفكر نفسنا بشوية خطوات تساعد".
وقدّمت ميرنا مجموعة من النصائح لمتابعي "لام شمسية" للتعامل مع المشاعر الصعبة، أبرزها: تقبّل المشاعر وعدم إنكارها، تذكير النفس بعدم الشعور بالذنب، التحدث مع شخص آمن، استخدام تقنيات التهدئة مثل لمس الأرض أو العد البصري للعناصر المحيطة، والحفاظ على التنفس العميق.
وختمت برسالة دعم واضحة: "اختار صحتك النفسية... لو متوقع إن المسلسل ممكن يتعبك، اتفرج مع حد أو خليه لوقت تاني. أنت مش لوحدك، ومش مذنب".
بالتوازي مع الجدل الدائر حول المسلسل، أطلقت الكاتبة مريم نعوم نداءً عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، طالبت فيه الجمهور بالتوقف عن تحميل الطفل بطل العمل فوق طاقته النفسية، وكتبت: "أنا بكتب البوست ده بصفتي أم مش سيناريست... أرجوكم ماتحملوش الطفل بطل المسلسل أكتر من طاقته بالبوستات اللي فيها أسئلة مربكة أو تعليقات بتوصم الشخصية اللي بيلعبها أو تحليلات غير علمية".
وأضافت: "الطفل ده أشجع من ناس كتير قوي... أرجوكم نمسك نفسنا شوية عن الرغبة في إننا ننزل بوستات فيها تعليقات أو أسئلة ممكن تكون مؤذية حتى لو النية طيبة".
واختتمت منشورها بالتأكيد على أن الإجابات ستتضح مع تطور الأحداث قائلة: "الهدف الجماعي أهم بكتير من التعليقات الفردية اللي ضررها هيكون أكبر بكتير من نفعها في اللحظة دي... خاصة إن كل الأسئلة هيتجاوب عليها على مدار الأحداث.. لسه 13 حلقة!".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية
"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية

العربي الجديد

timeمنذ 7 ساعات

  • العربي الجديد

"فيسبوك" في سورية... الخوارزميات لا تلتقط الكراهية

مساء يوم الجمعة 24 يناير/كانون الثاني 2025، انتشرت على صفحات "فيسبوك" شائعةٌ حول عودة ماهر الأسد ، شقيق بشار الأسد ، إلى سورية. ترافقت هذه الشائعة بعدد آخر من الأكاذيب حول دعم روسي لهذه العودة، وتنسيق مع السعودية بغرض الاستيلاء على السلطة في سورية. تبين خلال 48 ساعة، أنه لا أساس نهائياً لأي من هذه الأخبار، لكن حالة من التوتر والحذر والتحفز، كانت خُلقت وتعزّزت وتراكمت تدريجياً. لم يمض وقت طويل حتى تحولت "الفوضى الافتراضية" على "فيسبوك"، إلى فوضى فعلية على الأرض، وقودها الناس والحجارة. بدأت الفوضى باعتداءات وقعت على حواجز ودوريات الأمن العام، موقعةً عدداً كبيراً من الضحايا تجاوز الـ100 خلال أيام قليلة، وتبعتها انتهاكات ومجازر ارتكبتها فصائل أودت بحياة 1676 ضحية مسجلة في الساحل السوري ، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، والتي ما تزال لجنة التحقيق التي شكلها الرئيس السوري أحمد الشرع تحقق فيها، ولم تعلن نتائجها حتى اللحظة، ومُدّد عملها ثلاثة أشهر إضافية. خلال مرحلة التوتر القصوى التي عاشها الساحل السوري في الأسبوعين الأولين من مارس/آذار الماضي، انتشر على "فيسبوك" كم هائل من الفيديوهات والصوتيات والصور حول الجرائم، جزء منها ينقل تلك الجرائم فعلاً بما فيها عمليات التحريض والشحن الطائفي، وجزء آخر يعود إلى فترات زمنية سابقة، وأحياناً إلى أماكن خارج سورية، رُوّجتْ على أنها حديثة. محاولة الربط بين الفوضى الواقعية التي جرت على الأرض السورية، والفوضى الإلكترونية على "فيسبوك"، ليس من باب "نظرية المؤامرة"، أو من باب القول إن المعركة الافتراضية تحولت إلى معركة واقعية من دون وجود أسس واقعية عديدة لتلك المعركة؛ ولكنها محاولة لقراءة دور "فيسبوك" في ما جرى. "لا أستطيع أن أتخيل حجم البارانويا التي ستصيبنا لو بدلاً من صوت الشكوى المبتذلة التي اعتدناها [على فيسبوك]، فجأة... ملأ آذاننا صمت مريب". بهذه الجملة، يختم محمد أنديل واحدة من حلقات برنامجه "أخ كبير"، بعنوان "فيمَ تفكر؟" (نُشرت عام 2019)، ويعالج فيها دور وسائل التواصل الاجتماعي عموماً، و"فيسبوك" خصوصاً، في الثورة المصرية، وفي تطور الأوضاع اللاحقة في مصر، والتي يكشف فيها بسخرية (وجدية أيضاً)، كيفية تحول "فيسبوك" من أداة للتمرد ولتلاقي الراغبين في التغيير مع انطلاق ثورات الربيع العربي، إلى جزء من أدوات الرقابة والقمع والتأطير، إلى جزء من النظام العام الحاكم، محلياً ودولياً. ورغم أن ما طرحه أنديل وغيره في ذلك التاريخ، ما يزال صحيحاً إلى هذا الحد أو ذاك، لكن المثال السوري، خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية بعد سقوط الأسد، يشير إلى أن الأدوار التي يمكن أن يلعبها "فيسبوك" أكبر وأخطر بمراحل. نركز على "فيسبوك" ضمن المثال السوري، لأنه موقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً بين السوريين، وفقاً لموقع فإن استخدام السوريين لمنصات التواصل الاجتماعي في مارس/آذار 2025، توزع كالآتي: 83.15% "فيسبوك"، و9.87% "إنستغرام"، و4.49% "يوتيوب"، و1.72% "إكس". ومن المعلوم أن "إنستغرام" بات ملكية لشركة ميتا العملاقة نفسها التي تملك "فيسبوك"، ومن غير المستغرب تالياً أن يستخدم خوارزميات مشابهة لتلك المستخدمة في "فيسبوك"، ما يعني أن ما يزيد عن 93% من استخدام السوريين لوسائل التواصل الاجتماعي، يخضع لخوارزميات مالك واحد هو "ميتا". تربط العديد من الدراسات الحديثة بين الخوارزميات التي يطبقها "فيسبوك" وبين ارتفاع مستوى السلبية وخطاب الكراهية والتحريض على العنف ضمن المنصة. في دراسة أجرتها جامعة كولومبيا الأميركية عام 2023، تمت معاينة مثال ميانمار، وأُثبت أن خوارزميات "فيسبوك" أسهمت في تأجيج عمليات التحريض والعنف. تتضمن الخوارزميات مجموعة من المعايير والتفضيلات التي تعزز من ظهور منشورات معينة وتقلل من ظهور أخرى. بين المعايير المعروفة، مستوى التفاعل، خاصة عبر التعليقات. المشكلة التي يخلقها هذا المعيار، هي أنه يدفع إلى الأعلى وآلياً كل المنشورات المثيرة للجدل وذات الطابع الحاد والاستقطابي والعنيف والتحريضي أيضاً، لأن هذا النوع من المنشورات يحوز عادة تفاعلاً كبيراً. لا تقف المشكلة عند حدود منشورات "الرأي" إنْ جازت التسمية، التي تتضمن آراء عنيفة وحادة، بل تتعداها لتشمل الأخبار الزائفة التي يمكنها أن تثير القلق والرعب، خاصة في حالات الاقتتال الأهلي الداخلي، وحالات الاحتقان الطائفي والديني والقومي، ما يمكن أن ينتج جرائم حقيقية على أرض الواقع، بوصفها ردة فعل على جرائم مزيفة تم تداولها بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي. بين الآليات الأخرى المعروفة ضمن خوارزميات "فيسبوك"، وتساهم في تعزيز الاستقطاب، الآلية المسماة "فلتر الفقاعة" (Bubble Filter). باختصار، تحبس الخوارزميات كلَّ مستخدم لـ"فيسبوك" ضمن فقاعة معينة على أساس تحليلها لمنشوراته واهتماماته وآرائه، فيعيش ضمن حلقة معزولة نسبياً مليئة بالآراء المشابهة لرأيه، ما يعزز من اعتقاده بصحة آرائه ورفضه للآراء الأخرى، بل الوصول إلى حد اعتبارها غير موجودة أساساً. هذه الآلية تسمى أيضاً غرفة الصدى (Echo Chamber)، إذ يسمع المستخدم صدى آرائه نفسها، عبر منشورات لآخرين تتطابق مع رأيه، يختارها "فيسبوك" ليظهرها أمامه على الصفحة الرئيسية. إعلام وحريات التحديثات الحية الغموض الإعلامي في سورية... من يوثق المجازر؟ محاولة البحث عن كيفية تأثير الخوارزميات التي يعتمدها "فيسبوك" على طبيعة التفاعل وطبيعة المنشورات الرائجة، قد يوقع الإنسان في وهم مفاده أن الخوارزمية التي يصنعها بالأساس مهندسون بشريون، تصبح هي نفسها المتحكم المطلق الصلاحية بعد وضعها في التطبيق. المقارنة بين المثال الفلسطيني والسوري، تكفي لدحض هذا الوهم؛ حين كان الأمر متعلقاً بالجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين واللبنانيين، فإن "فيسبوك" كان جاهزاً لتشغيل الخوارزمية لتتحسس أي منشور يتناول الموضوع، سواء كان كتابة أم فيديو أم صورة، ويقيّمه سريعاً، وفي حال كان "مخالفاً للمعايير"، أي معادياً لإسرائيل، يُقيّد وصوله أو يُحذف، ويُعاقب صاحب الحساب ضمن سلسلة من العقوبات المتصاعدة التي قد تصل إلى إلغاء الحساب نهائياً. في الحالة السورية، خاصة خلال فترة المجازر في الساحل السوري في شهر مارس الماضي، سمح "فيسبوك" بنشر فيديوهات تتضمن مشاهد قتل دموية وتعذيب وإذلال وخطابات طائفية وخطابات كراهية وتحريض. باختصار، فقد سمحت المنصة الزرقاء بنشر محتوى يتضمن كل أنواع المخالفات المفترضة في "معايير مجتمع فيسبوك"، وأغمضت الخوارزمية عينيها تماماً، ولم تتدخل بأي شكل من الأشكال في منع نشر خطابات الكراهية، بل بقيت الآليات الترويجية ضمن الخوارزمية فعالةً بالطريقة المعتادة نفسها؛ أي إن "فيسبوك" لم يكتف بعدم منع فيديوهات العنف الدموي في الساحل السوري مثلاً، بل سمح بترويجها وانتشارها نتيجةً للتفاعل العالي معها. بدأت صفحات سورية كثيرة في الأسابيع الأخيرة، بإغلاق إمكانية التعليق على منشوراتها، رغم أن هذا الأمر يضر كثيراً بمدى رواج ووصول منشورات تلك الصفحات. ولكن هذا الأمر جاء تعبيراً عن أن الاستقطاب والتخوين ولغة الكراهية التي تسود في التعليقات قد وصلت إلى حدود لا تطاق، وإلى حدود يصبح فيها من يفتح منشوراته للتعليق مسؤولاً أمام ضميره وأمام أبناء بلده عن المساهمة في تأجيج الكراهية، فضلاً عن التدخلات الإسرائيلية الإلكترونية المكشوفة وغير المكشوفة، التي تنشط كثيراً في الدفع نحو تحريض السوريين بعضهم ضد بعض على أسس طائفية ودينية وقومية. بناء على ذلك كله، يمكن، من دون تردد كبير، أن نصنف "فيسبوك" بوصفه واحداً من أخطر أعداء السوريين، بمختلف انتماءاتهم ومشاربهم وآرائهم السياسية والفكرية.

إصابة شخص في إطلاق نار بمبنى تابع لـ"سي آي إيه" في فرجينيا
إصابة شخص في إطلاق نار بمبنى تابع لـ"سي آي إيه" في فرجينيا

العربي الجديد

timeمنذ 16 ساعات

  • العربي الجديد

إصابة شخص في إطلاق نار بمبنى تابع لـ"سي آي إيه" في فرجينيا

قالت شبكة "أن بي سي نيوز" الأميركية إن شخصاً أصيب بالرصاص في مبنى تابع ل وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في فيرجينيا. وأكد متحدث باسم "سي آي إيه" أن سلطات إنفاذ القانون تعاملت مع حادث أمني خارج مقر "سي آي إيه". وأضاف المتحدث: "وقع حادث أمني استجابت له جهات إنفاذ القانون خارج مقر وكالة المخابرات المركزية". ولفت متحدث باسم شرطة فيرفاكس لشبكة "إيه بي سي نيوز" أن الحادث وقع حوالى الساعة الرابعة صباحًا (08:00 بتوقيت غرينتش). وأعلنت وكالة المخابرات، في منشور على منصة إكس، أن البوابة الرئيسية لمجمع وكالة المخابرات المركزية في لانغلي كانت مغلقة، ووجهت الموظفين إلى البحث عن طرق بديلة. وجاء حادث إطلاق النار بعد مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية على يد مسلح في وسط مدينة واشنطن مساء الأربعاء. ولم ترد أي مؤشرات على وجود صلة بين الحادثين. أخبار التحديثات الحية مقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية بإطلاق نار بواشنطن وكانت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم قد أعلنت مقتل اثنين (رجل وامرأة) من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، ليل الأربعاء - الخميس، في حادث إطلاق نار قرب متحف التراث اليهودي في العاصمة الأميركية. وأشارت تقارير إلى أن إطلاق النار وقع بالقرب من شارعي إف - ثيرد في شمال غرب واشنطن، وهي منطقة تقع أيضاً بالقرب من مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب المدعي العام الأميركي. وبحسب مصادر شبكة "إن بي سي"، استجابت فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب التابعة لمكتب التحقيقات الاتحادي للحادث، الذي وقع بالقرب من مقر شرطة العاصمة. (رويترز، العربي الجديد)

ما تعرفه واشنطن عن إلياس رودريغيز المشتبه به بقتل موظفَي السفارة الإسرائيلية
ما تعرفه واشنطن عن إلياس رودريغيز المشتبه به بقتل موظفَي السفارة الإسرائيلية

العربي الجديد

timeمنذ 16 ساعات

  • العربي الجديد

ما تعرفه واشنطن عن إلياس رودريغيز المشتبه به بقتل موظفَي السفارة الإسرائيلية

حددت الشرطة الأميركية هوية منفذ إطلاق النار قرب متحف التراث اليهودي في واشنطن، ليل الأربعاء- الخميس، وذكرت أن المشتبه به هو إلياس رودريغيز من شيكاغو، ويبلغ من العمر 30 عاماً، فيما قالت رئيس الشرطة في العاصمة، باميلا سميث، إن المشتبه به شوهد وهو يسير ذهاباً وإياباً خارج المتحف قبل عملية إطلاق النار التي أسفرت عن مقتل رجل وامرأة من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وأكدت الشرطة أنه لم يكن معروفاً لديها إلياس رودريغيز، وأنه لا يوجد شيء في ماضيه قد يجعله هدفاً للمراقبة الأمنية. ونفت تلقيها أي معلومات استخباراتية عن تهديد إرهابي أو جريمة كراهية محتملة قبل إطلاق النار. وقالت سميث إن شرطة العاصمة لم تتوصل بأي معلومات استخبارية "تخص أي نوع من الأفعال الإرهابية أو جرائم الكراهية"، رداً على سؤال حول وجود أي مؤشرات لدى الشرطة بإمكانية وقوع حادث مماثل. وأضافت أن شرطة واشنطن لم يسبق لها أن تعاملت مع رودريغيز، موضحة "لا نرى أي شيء في ماضيه قد يجعلنا نضعه على رادارنا في هذا الوقت". رصد التحديثات الحية نار الاتهامات بشأن إطلاق النار في واشنطن تكوي إسرائيل من الداخل وبحسب ما أوردته وسائل إعلام أميركية، نقلاً عن سميث، فإن رودريغيز بدأ في ترديد " فلسطين حرة ، حرة" بعد إيقافه. من جهته، قال نائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي أي)، دان بونجينو، في منشور على منصة "إكس" إنه يعتقد أن ما جرى الليلة الماضية "هو فعل من العنف الموجه". ونقلت قناة "واغا تي في" المحلية عن شخص وصفته بأنه شاهد عيان داخل المتحف قوله إن المشتبه به جاء هارباً إلى المبنى بعد إطلاق النار، وتم تقديم المساعدة له في البداية. *A witness to the shooting of the 2 Israeli embassy employees in Washington* — Maria Maalouf (@bilarakib) May 22, 2025 وقال في تصريحه: "لقد سمح حارس الأمن لهذا الشخص بالدخول. أتصور أنهم كانوا يعتقدون، والمطر يغمر جسده، بأنه حقاً في وضع صعب، وبأنه في حالة صدمة، وبعض الأشخاص المشاركين في الفعالية جلبوا له الماء، وجعلوه يجلس وسألوه إن كان بخير؟ هل تم إطلاق النار عليك؟ ما الذي حدث؟". وأضاف أنه اكتفى بالرد عليهم: "فليتصل أحدكم بالشرطة". وتابع: "بعد مرور نحو 10 دقائق وبعدما وصل عناصر الشرطة قال: "أنا فعلت ذلك"، وقال: "سيدي أنا غير مسلح". وأضاف الشاهد ذاته أن المشتبه به رفع يديه وأخرج كوفية حمراء من جيبه وبدأ يردد شعارات فلسطين حرة. وأشار إلى أنه واصل ترديد فلسطين حرة بعد إيقافه وسحبه إلى خارج المبنى. *A witness to the shooting of the 2 Israeli embassy employees in Washington* — Maria Maalouf (@bilarakib) May 22, 2025

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store